أنا ضد الاجبارات الناعمة : اكتب لنا كذا وكذا وإلا فأنت متكبر "ههههه كم اكره هذه اللغة السخيفة " ، الكتابة ليست متيسرة بسهولة ، كما أن القلم ليس بقرة تدر الحليب وقت الحاجة إليها ، الكتابة عملية إبداعية تولد تلقائية تمر بسلسة من المخاضات والتجارب حتى تصل الى مرحلة النضج الكامل ، وتحتاج الى حرية نفسية ، قبل أي حرية أخرى ، الكاتب الذي يخضع لعملية توجيه مباشر او غير مباشر ليس حر فيما يكتب ، وأنصح ممن يريدون أفكارا ناضجة في عملية النهوض الابتعاد عن لغة اكتب لنا ، أو فكر لنا كما نريد بالتحديد ، في ظل صراع الأفكار يحتاج القلم ، الكاتب ، المفكر ، إلى حرية القراءة ، وحرية الكتابة ، وأن يكون تفاعله مع الأفكار في مجرى التدافع وليد قناعاته التي ترسخت ،وليس وليد قناعات الآخرين .
فمن يكتب وفق قناعات الآخرين يرتدي أقنعتهم ، ولا يجيد التعبير عن أعماقهم ، وماذا يريدون ،ولقد اكتشفت أن أعظم الأفكار هي تلك التي نكتبها دون توجيه من أحد ، إن القناعات لدى الإنسان اختيار وليس إجبار ، وإذ كنت تريد أن توجه كاتب ما أو مفكر أو قلم ما للكتابة حول قضية لاتستخدم معه لغة مجبرة ، بقدر ما يكون توجيه تلقائي كاقتراح وليس كضرورة ، لأن ضررك سيكون في عملية الإجبار لا يختلف عن ضرر الذين يريدون تطويع الفكر والقلم لخدمة أهدافهم حتى وإن كان قصدك ساميا يخدم الفكرة العامة والناهضة.
ما الذي قاد الشهيد سيد قطب لأن يكون من أكبر منظري ومؤسسي المنهجية التربوية والفكرية لجماعة الإخوان المسلمون؟
إنها قناعاته ، وليس شيئا آخر غيرها ، حين كان يريد بعض الإخوان هجومه قبل التحاقه بالحركة منعهم الشهيد حسن البناء رحمة الله وقال هاجموا كل الأقلام إلا قلم الشهيد سيد قطب ، ذلك أن العمق الفكري الباحث عن الحقيقية والفطرة السليمة لديه جعلت الشهيد حسن البناء يستشرف مستقبله ، إن الذين يصيغون توجهاتهم في الحياة وفق قناعات فكرية وقيمية نابعة من ضمير حي لا يمكن أن يضلوا طريقهم إلى الحق ، والخير والصلاح في الأرض ، إن البحث عن المعنى الوجودي للإنسان يمر بسلسة من التجارب والاعتناقات الفكرية والقيمية ، وكلما تعمقت التجربة أكثر كان الإنتاج الفكري غزيرا وعميقا مقتحما ومكتشفا ، وأكثر عرضا للفكرة النقية وأصلب إيمانا بها وتشديدا على ضرورة التمسك بها ،والتاريخ خير شاهد على ما نقول