الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتـــدى الخـواطــر و النثـــــر > قسم الثنائيات الأدبية

قسم الثنائيات الأدبية قسم جديد يعنى بتوثيق الإبداعات الثنائية التي يقودها نخبة من الأقلاميين الأدباء.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-02-2012, 05:52 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبد السلام الكردي
الهيئة الإدارية
 
الصورة الرمزية عبد السلام الكردي
 

 

 
إحصائية العضو







عبد السلام الكردي غير متصل


افتراضي سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"

ثناية حوارية أدبية نثرية
بين الكاتب الاستاذ إبراهيم محمد شلبي
والكاتبة الأستاذة أميمة وليد
ذلك في إطار نشاطات فعالية "ثنائيات في الأدب" ضمن منتدى الخواطر والنثر وفي متصفح مستقل تحت عنوان
" سنابل من حقول الذاكرة"

تمنياتنا للجميع بدوام النجاح والتفوق والإبداع



للتعليق والمداخلة
من هنا
http://www.aklaam.net/forum/showthre...938#post358938






 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2012, 02:16 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إبراهيم محمد شلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم محمد شلبي
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم محمد شلبي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى إبراهيم محمد شلبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى إبراهيم محمد شلبي

افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"


"أنا العاشق السيئ الحظ"، فَمِنْ سوء الحظ أن تُفتَنَ بمرج ابن عامر!


على سفح من سفوح الصنوبر والسرو كانت ولادتي، حيث الخروب والسنديان يطلاّن بخجل شديد من بين الأشجار الأخرى. في الشرق وادٍ يشهد كرنفالا من الألوان، وفي الغرب سريسٌ يربّي في أحضانه الهليون، وفي الشمال انحدارات تتموّج ما بين أحراش كثّة وصخور جرداء، ومن الجنوب نصف هلال يطوّق خاصرة قريتي سهولا وهضابا وكروما تمتدُّ من الشرق إلى بيسان، ومن الغرب حتّى الكرمل، وبلاد الله نمشٌ في وجه ابن عامر.. وهناكَ وُلدتُ! فما أسوأ حظّ مَن يفتنُ بابن عامر!

هذا التاريخ الموبوء بحُبّ القمح، كيف ينشر الآن سمومَه في أوردتي؟ وأنا المثقوب الذاكرة أبحث في تمزّق ذاكرتي عمّا يرقع ثقوبها، أرتدّ فيها إلى الملامح الفطريّة الأولى؛ أوّل الكلام، أوّل العشب، أوّل الماعز، فخاخ العصافير، وجه أبي، نزق جدّي لأبي، جدّة لا أذكر سوى يوم موتها، عقود البيت الأول، منامات أخوتي، صباحات أمي، عطر جدّي لأمي وهندامه، مطبخ جدتي الأخرى، كثير من الزيتون، وكثير من اللوز، وأكثر أكثر من الطفولة المثقلة بالقمح والماشية!

"إضْحِكِتْ عَليكْ والـ... بيديك، والحنا بيديّي، سلامة عينيّي"، يااااااااااااااااه، كم كنتُ مدلّلا حينَها؟ كيفَ لم أعِ ذلك؟ لماذا لا يملك الآباء لغة على حجم عقولنا؟ "إضحكت عليك..." ويقهقه أبي، يا إلهي، كم أفتقد تلك الضحكة ونزقي الطفوليّ الذي نما معي ليصبَحَ جنونا زاهيا. في تلك الناحية من التلة حيث يشكّ الديدان في كرازم فخاخه، وينصبها في أكوام تراب الخلد، وينتظر مع الأغنام والماعز. لا أعلم! أكنتُ ألتصق به ليأخذني معه وهو الذي يجد في ذلك راحة من عناء العمل المضني طوال الأسبوع؟ هل كنتُ أعكّر خلوته مع أغنامه التي يحبّها بجنون إلى يومه هذا؟ أم كان يتعمّد أخذي معه ليجبلَني على حُبّ ابن عامر كساحرٍ تطاردُه لعنه؟ كلّ ما أذكره ربيع يموج بخضرته وأغنام وعصافير مقلية! يا إلهي!!! أكنّا نأكلُها حقا؟!


من أين أبدأ حكايتي؟ وَمِنَ الغريبِ أن تكون النهايات أسهل، وأقرب، ولربما أعجب، فلربما أستطيعُ الآنَ أن أموتَ مطمئنّا لولا فَراشاتي، وظباء قافيتي، فمن أين أبدأ حكايتي؟ من اللوز المثقل بالأطفال؟ من القمح المثقل بالحُبّ؟ من السنابل تحمل قلوبنا؟ من اللّهو الطفوليّ الفائر بأوردة المروج؟ من قبّرات الليل الصيفيّ بخيام الذرة والقطن؟ من أين وكيف وكلّي بكاء؟!






 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2012, 11:34 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أميمة وليد
إدارة المنتديات الثقافية
 
الصورة الرمزية أميمة وليد
 

 

 
إحصائية العضو







أميمة وليد غير متصل


افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"


من مخيمات الشتات كانت البدايات .. حيث الأسقف المنخفضة والنوافذ الباردة التي لا تنمو على شرفاتها أزهار ، حيث السواد عباءة تلف الأحلام والأمنيات ، والبياض عزيز لا تبصره الأعين إلا في بطاقة تحملها معك حيثما وليت وجهك شطر أمانيك لتذكرك دوما بأنك لاجئ .. لاجئ قد لا يتسع حلمه لأكثر من مسكن آمن ، ورغيف خبز ، وبطانية دافئة في ليالي الشتاء .


هناك حيث الوطن البعيد القريب يلوح ويختفي كبارق نجم في السماء ، تفتّحت عيناي لأبصر من حولي الأشياء قاتمة بلون الحياد ، لم أكن لأدرك وأنا أدرج بخطواتي المتعثرة الأولى أن أبواب الحياة كلها موصدة ، وأن دربي المسافر لن يكون يوما إلا على سكك الانتظار ، فلا بوصلة ترشدنا الطريق .. وليس ثمة طريق !


في البيت المتواضع الصغير على جانب الوادي ، نشأت طفلة مدللة ، لم تسبر عيناها رغم اتساعهما حقيقة الأشياء ، حول فراشي الدافئ تحوم فراشات .. عيون أمي تروي الحكايات ، وساعد أبي يحيل كل شيء بسيط من حولنا أداة حياة ، ومن قلب جدتي النابض بالقدس تذوقت حب الوطن عذبا آسرا لذيذًا ..


ما زلت أرفل بذكريات الطفولة كعروس تزهو بثوبها الأبيض الجميل ..
ناصعة طفولتي كبياض قلب أمي ..
ثرية رغم بساطة الحال كالعزيمة في ساعد أبي ..
شجية كأحاديث جدتي ..
خضراء كقلب الربيع رغم تعاقب الفصول دون أن نلتقي الربيع ..
مرارة وحلاوة ..
حلاوة ومرارة ..
فيض من الشوق ، ومزيد من الانتظار ..
أوراق متساقطة من شجرة العمر ، وصدور أرهقتها الزفرات ..
حلم عودة ما ينفك يداعب أرواحا ما استساغت اللجوء يوما ، ولا ارتضت الخيمة مسكنا ..
رائحة برتقالة حزينة تفوح في وطن حزين ، آن له منذ زمن أن يفتح ذراعيه مرحبا بأبنائه العائدين ..
أنشودة ثورية ما تزال أنغامها أصداء تبعث النشوة في رميم الروح ..
وأحلام طفولة وردية غافية على كتف ليل لا يزول بغيمة مسافرة تحط رحالها في القدس .

أمانٍ تستحيل على التحقيق .. وأمنيات معلقة بالريح بغد لا يضرب موعدًا للقاء .. كل ذلك أو يزيد إرثي الطفولي الحزين ..


فأينا يا صديقي أحق بالبكاء ؟!
ومن منا العاشق سيء الحظ يا ذاك المفتون بمرج ابن عامر ؟!







 
رد مع اقتباس
قديم 13-02-2012, 02:44 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
إبراهيم محمد شلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم محمد شلبي
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم محمد شلبي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى إبراهيم محمد شلبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى إبراهيم محمد شلبي

افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"

حين ألتهم وجع عينيّ بنهمٍ في مرآة صباحي، أحاول ألاّ أتجشأ حزني، فقد جعلتُ من "خلّيها بقلبي" شعارا حين رأيت أمي ذات يوم تخبّئ نكبتها عن عيون جاراتها وتقول: "في القلب تجرح ولا برّه تفضح"، لم يستوعب قِدرُ طفولتي حينها حجمَ وليمتها الباذخة الدمع، كلّ ما في الأمر أنّي ظننتُ الأمر لغزا.

الذاكرة المشوّشة تجعلني مرتبكا بين واقعية مفرطة ورمزية هشّة، وكمن يحاول أن يقترف جرم الكتابة تحزنني ذاتيّتي المغرقة، فأحتاج أحيانا أن أخلع جلدي وأتحدّث عن نفسي بضمير الغائب، فلربّما أخرجني ذلك من عقدة الحزن وتحوّلت أنا نفسي إلى غيري، صارت أناي هو.

أذكره ذلك الطفل، ولستُ أحدّثكِ عنهُ وحدك، هو حديث عابر بيني وبين نفسي على مسمع من الجميع، مسلسل أعرضه على شاشاتي مشاعا، برعاية لا أحد، لا تقطعه الإعلانات ولا تتخلّله الأخطاء التقنيّة والفنيّة، مجرّد عرض سيّئ البثّ والتقديم أتحدّث فيه عن طفل لا أدري إن كنته حقا أم كنت أحلم فيه!

أذكره ذلك الطفل، نحيل الجسم هزيل البنية مديد القامة، نزق كان على صغر سنّه، يحمل كثيرا من الأحلام، خيّالي بجنون، وشرس الردّود أحيانا، لكنّه خجول إلى حدّ يبدو معه أنه لا يملك ثقة بنفسه، ويكبت في قلبه حتى تنزف عينه، حتّى أنّه كاد ينال عقابا من معلّمته لولا أن أشفقت عليه حين رأت بوادر دمعة ترقرقت في عينيه، كان يمكن أن يقول لها: كنت بصحبة أبي الذي جاء ليزور المدرسة وهو قادم خلفي. لكنّه لم يقل، وترك ليعينيه أن تقولا: أنا لم أخطئ!

أذكره ذلك الطفل ساخطا في بيت كان يجد نفسه مضطرا فيه للقيام بمهام البنات لأنّ أخته الوحيدة حينها لم تبلغ من العمر عاما بعد، ولم يكن الأمر ليُعيب حقا، فكثيرا ما تباهى بقدرته على صنع القهوة للضيوف سامحا لأمه بمجالسة ضيوفها باسترخاء تامّ حين يقوم هو بمهام الضيافة، وكانت تطربه كلمات المباهاة التي يسمعها من أمه ومن الضيوف، لكنّه كان يرى في أمه وحشا حين تفرض عليه أن يقوم بتلك المهام أيّام العطل حين كان يودّ الهروب للّعب في الشارع مع الأولاد، وحين لم تكن إطراءات الضيوف تنهال على مسامعه بهجة وطربا. والحقّ أنّ ذلك لم يكن ليثير حنقه فعلا، لكنّ ما كان يثيره ويحبطه حقا هو المسؤولية التي أنيطت به دون أن ينبري لها من تلقاء نفسه: الإهتمام بماشية والده!

ما أسرع ما نتغيّر! كلّ ذلك الآن بات كنز جنونه، فالذاكرة تختلط ويتحوّل السخط إلى الرضا، وتتحوّل الكراهية حبّا، فهو الذي أفنى صباه وجزءًا من شبابه غير يسير في الرعي وخدمة الماشية أغناما وماعزا وأبقارا بات ينظر في عيون تلك الدواب كمن ينظر إلى صفحات قلبه، لربّما تولّد فيه شعور بالحنين حين يقارن تلك الأيام التي قضاها مهرولا خلف جدّه في سهول ابن عامر بأيامه هذه التي يقضيها مهرولا خلف رغيف الخبز حالما بلقاء من يحبّ! لربّما كان ذلك حقّا منبع حبّه لتلك التربة الخصبة، حين يتذكّر صيف البطيخ والشمام ورائحة النبع البارد وطعم اللوز في فمه المتحلّب. فلا عجبَ أن يتحوّلَ كرهُ الطفولة حبّ الرّجولة، كلّ ما في الأمر أن وعينا تغيّر فبتنا ننظر لأنفسنا كما نظر إلينا غيرنا ذات يوم.

ها هو الآن يعرّي نفسه غير خجل، وها هي الذاكرة تختلط، يتشابك الرقص بالبكاء، ينحاز لهذا آنًا ولذاك آنا، يرقص ويترك لهستيريا الرقص أن تسكب حرقة عبراته، ويحلّق في صوفيّة طفولته، يجمع الزعتر في عبّه كما كان يفعل جدّه تماما، الآن فقط يفهم لمَ كان جدّه يضع كلّ شيء في عبّ قمبازه الرائع، يمدّ يمناه في ثنية القمباز على الجهة اليسرى دوما، الآن يفهم، وها هو الآن في لحظة التجلّي تختلط الذاكرة وينكشف له اليقين، فيرقص، ويشبك الرقص بالبكاء، ولربّما حاول أن يجيبك أيّكما أحق بالبكاء، لكنّه الآن يرقص، فشاركيه، أو فتأمّليه.






 
رد مع اقتباس
قديم 13-02-2012, 09:11 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أميمة وليد
إدارة المنتديات الثقافية
 
الصورة الرمزية أميمة وليد
 

 

 
إحصائية العضو







أميمة وليد غير متصل


افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"


لنرقص إذن .. طائرين في فضائين مختلفين ، يغريهما البكاء بالرقص ، ولربما تعصف بهما الذكريات فيزداد رقصهما جنونا . وليختلط ضحكنا ببكائنا في صخب طفولي جميل ، ولتتراءى أحلام الطفولة من جديد .. ألوانا قزحية تسر الناظرين !


هناك في المخيم حيث اللاجئون يتدثرون ظلال الوطن الغائب ويؤمنون أن العلم حنطة الفقراء المشردين ، زادهم الذي سيواصلون به الطريق ، تذكرتهم التي يقطعونها ليركبوا قطارات الوقت وصولا إلى محطة الحلم الجميل .. هناك أذكرني طفلة يدفعها ساعد أمها التي تحب إلى مقاعد الدرس للمرة الأولى .. ملامح الدهشة تعلو وجهها الندي ، وانعكافات علامات الاستفهام توجه أحلامها الطفولية نحو فضاء جديد !


سأحدثك الآن عن تلك الطفلة البريئة ذات الملامح الفلسطينية الهادئة ، سأرسم تفاصيلها بالحرف الطري وهي تطالع صفحات الحياة في مخيمات اللجوء بعينين يثور فيهما بحر من العسل والحليب المسفوك في شوارع الاغتراب ، تمتد يداها الصغيرتان ليلا في محاولة يائسة لقطف النجوم ، تربكها النظرات الفضولية صباحا وهي تدرج إلى المدرسة بخطواتها الصغيرة تاركة للريح أن تعبث بجدائلها –لكم أحبت جدائلها!- ، تطربها كلمات الإطراء من معلمة عشقتها حد التعلق الجذل المجنون .. وما زالت ملامحها الطاعنة في التبعثر ماثلة إلى اليوم في مخيلتها ، ما زالت دموعها التي كانت تفر صباحا من عينيها مع نغمات النشيد الوطني الفلسطيني تغري تلك الطفلة بحمل منديلها الصغير لتمسح الدمع عن وجنتين مجعدتين كجذع زيتونة مقدسية عتيقة، ربما لم تسعفني مدارك الطفولة لأدرك حينها سر بكائها ، ربما لم يحلق بي الخيال لاستشراف أعوام قادمة طويلة من الخيبة نقترف فيها الدمع ، ولكنني وددت حقا لو واتتني الجرأة لكف مدامعها .


كثيرا ما كانت تضبطني معلمتي وأنا أقف مكانها في الصف حال انشغالها عنا ، فتعانقني نظراتها في صمت ، وابتسامة الرضى في عينيها تقول لي :
"يوما ما ستشرق شمس أحلامك حتى يضيق بك الظل .. ستطرقين بكفيك الدقيقتين حدود الغيم ، حينها ستدركين صغيرتي أن الحياة مشرعة ابوابها بالأمل ، وستنجحين حتما في زرع شتلات الورد الأبيض على شرفات النور"


هاأنذا و قد تحقق الحلم ، افتح نوافذ صباحي لمعانقة وجوه البراعم ، فلا أجد النور، وأعجز عن تسكين جزع نفسي ، تخنقني رائحة الكتب والطباشير ، أتغافل وأمضي ،ربما هو قدرنا أن نحب ما نكره ، ونكره ما نحب !!


ما زلت ترقص ابراهيم ؟ سأشاركك الرقص إذن على خشبة أخرى من مسارح هذه الحياة .. بيد أنه ذات الإيقاع : المطرب المؤلم في آن !






 
رد مع اقتباس
قديم 14-02-2012, 09:52 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
إبراهيم محمد شلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم محمد شلبي
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم محمد شلبي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى إبراهيم محمد شلبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى إبراهيم محمد شلبي

افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"


أرقُصُ... أرقُصُ... لا زلت..

إيقاعي مضطربٌ مثل مطر تلعب فيه الريح، وإحساسي بالرقص لا يختلف عن إحساسي بالماء: أتجنّبُ جليدَه، وأحيد من غليانه... وأرقص...

في قصّة لا عنوان لها اسمي، طفل على حواف دلاله يربى، يغفل عن كلّ لذّاته ويجمع حبوب الألم ويخزنها لشتاء الهرم، وفي رجولته تتحوّل مثل قمح بعد وابل، أخضرُ قلبي، مزهرٌ وجعي، ولذّة الماضي حنينُ الحاضر يا أميم!

كوني دوريا حذرا على نافذة بيتي، ومن هناك تربّصي بقمح ذاكرتي، واحملي من قشّها ما يكفي لبناء عشّك، ولكن؛ لا تبخلي عليّ بلحنك الصباحيّ الرطب، فصيف قلبي يحتاج ربيع صوتك.

ذاكرتي لا تحمل الأرقام، مثقوبة كالناي، ولذلك أنسى دوما تواريخ رحلتي وأرقام الحافلات ومواعيد القطارات، وتبقى الصور جُلّ ما أحمل: ماشيةٌ تغدو وتروح مع الشمس في مرج ابن عامر، خيمة حاكتها أنامل جدّي من الخيش وأمور أخرى، مسلّةٌ في يدّه، قمبازه الذي لا زال يأسرني وأحلم بلبس مثله، محاصيل لا حصر لها، أوبة أبي المسائية، لعب الطفولة، ووووو... هل أنتِ معي الآن؟ مثقل بالعدّ أنا!

كبرتُ على هامش نزواتي، لم أدرك العمر! لكنّني أدركت معنى الأرض، وحفظت أسماء أبنائها وبناتها، واليوم، في كلّ سفر وارتحال، أبدأ بتسميتهم وأنا أقود سيّارتي: هذا قمح، قطن، برسيم، ذرة، شعير، جزر.... وتعجب منّي زوجتي، أسألها مستنكرا: ألا تستطيعين تمييز هذه المحاصيل من قريب أو بعيد؟! تجيبني بالنفي، فأجيب ساخرا باكيا: "يا حوينتُه اللي مش فلاّح"!

هل كنت أدرك أن نقمة الطفولة هي نعمة الرجولة؟ أكذبُ إن قلت نعم.
لا؛ لم أكن أعرف.

للرقص الآن نكهة أخرى، فإن كنتِ تجيدين الرقص فهاتي يدك، فهذا أوان الانصهار في دبكة عرس، تلك التي منعني خجلي من الانصهار بها حتّى تزوّجت، فأتقنتها متأخرّا، وبتّ أشعر أن عليّ أن أعوّض كلّ ما فاتني منها في أعراس الطفولة والصبا. لماذا يتشابكون مثل القمح في سنبلة؟ أمنها درسوا فنون الرقص والدبكة؟ ورقصة جدّي التي لم يعد يرقصها أحد بعد أن مات جميع من كانوا أو كنّ يتقنّها تقريبا، وعجز الباقون على الحياة عن الرقص، من يبعثها من مرقد الراحلون الآن؟ ما أعجب أن ترتحل رقصة معهم!

إن كنتِ مثلي، مدّي زيتونك نحوي، فهو أخبر منّا بالبقاء، وأصبر على الشقاء، ويتقن جيّدا، أكثر منّا، فنون الفراق واللقاء.






 
رد مع اقتباس
قديم 14-02-2012, 08:53 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أميمة وليد
إدارة المنتديات الثقافية
 
الصورة الرمزية أميمة وليد
 

 

 
إحصائية العضو







أميمة وليد غير متصل


افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"


ما أرحب صدر أمنا الأرض .. وما أحن فؤادها! في قلبها ينثر الندى أحلامه ، ومن جفنيها تتفتح أكمام الزهر .. وعلى يديها يكبر أمل وتنتفض حياة !

دفقها الآسر سر أزلي يتماوج فوق حقول القمح ، ويهفو طوعا نحو مروج الزعتر ، النبض الرائع فيها -وإن كان حزينا آنا- يخلق في قلب الأشياء جميعا أسطورة حب سحري ..

تلهمنا الأرض دروسا في العشق ..
تعكس على مرايا أرواحنا نثار الضوء ومساقط الوهج ..
تسكب فينا ألق الفصول فننتشي طربا ونتمايل راقصين .

وما الأرض إلا فلسطين ، أو هي سيدة الأرض كما أرادها درويش ، يستحق محبوها الحياة ، وينهلون منها ما يكفي لردم فجوات الذاكرة ، يعلقون أمانيهم الجميلة على أغصان الكروم ، ويلونون صباحاتهم بحروف اسمها ، يستعيرون من فمها القصيدة فترقص المعاني وتنتشي الحروف .

أما أبناؤها الغائبون عنها مثلي فيتشكلون كالغيم ، ويشتهون كم يشتهون أن يمروا بحلمهم المثقل على أرضها فيمطروا ، يمتطون جياد الذاكرة علها تصهل يوما على عتباتها ، يعزفون على أوتار نبضهم بكائية الشوق ويرقصون ..

وتسألني : إن كنت أجيد الرقص ؟!

هاك يدي ابراهيم .. أعدني طفولتي الأولى ، ازرعني في حضن الحقل ، وامنحني رائحة القمح ، علمني كل الأسماء ، اضبط ايقاع نبضي على حب القدس ، ثم اصطحبني إلى مواسم الفرح الممزوجة بأغاني الفلاحين وزقزقة عصافير الصباح ، ولننصهر في دبكة ، نتشابك مثل القمح في سنبلة ، ونحيي رقصة جدك .

هاك يدي ، انفض عنها غبار الزمن ، عطرها بعبق الطفولة ، ولنعدو طفلين في سهولها ينسجان من الغيوم أثواب الفرح ، علني ألقي عن كتفي حقيبة اللجوء فتزهو لوحات حياتي باللون الوردي .








 
رد مع اقتباس
قديم 15-02-2012, 11:15 AM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
إبراهيم محمد شلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم محمد شلبي
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم محمد شلبي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى إبراهيم محمد شلبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى إبراهيم محمد شلبي

افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"

يرتّبنا الوقت في حقيبة سفره مثل الثياب، يترك ما فاض منّا في الخزانة، ويمنح بعضا للفقراء المحتاجين، ويسلب آخرين أعزّ ما ملكوا. يحملنا ويمضي.

في نشوة الترحال والإرهاق نتمزّق مثل حقيبة أثقلها حمل الملابس والوقت، ننسى أنّ نجدّد أنفسنا بالراحة والنوم، نعصي جفون ساعاتنا قدر المستطاع، نحتال كي لا نكبر، ونخشى أن نشيخ في نومنا، ونحلم.

الوقت لصّ محتال يعرف كيف يسرق عمرنا بإرادتنا، نسلمّه أرواحنا كما تسلّم عروس جسدها ليلة الزفاف، نرقص ونبتهل لسيّد اللّذّات الزائفات أن يمنح ليلنا سوادا أطول قليلا، ويدركنا فيضان نهر العمر في غفلة، كأنْ لم نكن نعلم، ونبدأ رحلة العدّ التنازليّ، ونعود حتمًا للطفولة.

طفولتي مرج ابن عامر يا أميم!
طفولتي قمباز جدّي.

لم أدرك ما يذاع في نشرات الأخبار، لم يسحرني ذلك الصندوق الخشبيّ سوى برسومه المتحرّكة، وتركتُ لفلسطين أن تنبت في قلبي مثل عشب في جدار بيت هُجّرَ ساكنوه. لم تراودني ظنون الراحلين، ولا تندّرتُ بحكايا اللجوء ولا قصص الهروب، القصف والتخريب لم يكن ليُريعني، وهكذا؛ كبرت مثل عصفور مدلّل، لكنّ قمح سنابلي نمّى بقلبي ما يُريد: حُبّ البلاد.

لماذا جدّي بالذّات وأنا الروح المعلّق في أبي؟ ألأنّني أخشى فراقه اليوم وأنا أراه ثوبا في حقيبة الزمن المتأهّب للقفز دوما كالغزال؟ ألأنّه من آثار النكبة ويعلّم التاريخ أبجدية التدوين والتلقين المضمّخ بالبراءة والدماء؟ أم فيه مرآة قيامتي يوم أبعث من جديد؟ هو كلّ شيء، وهو في حقيبة الوقت المسافر أيّ شيء، ولربّما كان هواءً أو لا شيء، وهو عندي الآن مناط راحلتي حين أرتدّ بفكري للطفولة.

هاتي يدك إذن لنرتدّ لتلك الطفولة سويا، لنعيد ذاكرة المكان إلى الزمان، فلنتحوّل معا إلى صورة في بؤرة آلة تصوير، ولتكن خلفية رقصنا فلسطين: بيدر قمح في حزيران، جبالٌ ترفع القدس للأعلى، فلاحون يحملون غيم تشرين، ظلال زيتون وتين، صبّار يُشهد الأرض على فلسطينيّتها، وغزالات تسابق الريح.

ولكن!
ما فائدة الرقص ويدان متشابكتان لا تقويان على حمل ذكرى؟ الرقص كلّه محض ذكرى، محض فكرة، هُيام في دائرة الإيقاع لنحتال فيه على الوقت ونقنع الساعات أنّا نقرّر ما نريد، وبأنّا نفعل ما نريد، ونحن نعلم ضعفنا، ونحتال لحمل الشمس في قيظ آب، أطفالا كنّا، نجمع ما تفتّق من لوز على غصون الصيف، نحمل تعبنا وضحكنا ونقنع اللوز ليستعدّ لدورة أخرى جديدة، نهدر طفولتنا في جمع اللوز، نشعر بالهرم بداخلنا، ونستشعر قيد الأبوّة حين ترغمنا على عمل الفلاحة، أجرنا أجر زهيد، لكنّنا كنّا نعدّ اللوز لدورة أخرى، ونستهلك دورتنا الوحيدة.

الآن أعلم كيف يكون الرقص من غير رقص أو حراك، يكفي أن يغمض جفني على صورة قبل خمسة وعشرين عاما أو يزيد، وأتذكّر قول مالك بن الريب:

يقولون: لا تبعد، وهم يدفنوني .... وأينَ مكان البُعْد إلاّ مكانيا؟






 
رد مع اقتباس
قديم 15-02-2012, 08:30 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أميمة وليد
إدارة المنتديات الثقافية
 
الصورة الرمزية أميمة وليد
 

 

 
إحصائية العضو







أميمة وليد غير متصل


افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"




تنهدات سطرك .. قلبك المنقسم على كفيّ الوقت .. تلك الأضواء المنكسرة بقاع ذاكرتك .. وفواصل نبضك ، كل ذلك يدق جدران روحي بسؤال يتيم : كم عمرا نحتاج لنسترد ما فُقد منا ؟



على أطراف الصمت أقف ، وحينما أهمّ بالكلام تلهث ورائي اللغة متأرجحة بين دقائق اليوم وذاكرة الأمس ، فتنحني روحي كسنبلة مثقلة بالهم .



ليس ثمة مرج في طفولتي أحدثك عنه ، حتى الزهرات غادرت شرفات بيوتنا مذ غادرْنا الوطن ، أو غادرَنا الوطن ، لا أعرف يقينا من منا غادر الآخر ولكنني صحوت فما وجدت زهرا ولا تنشقت ياسمينا !



جدك الذي تحب ذكرني بجدتي التي أهوى ، تلك المقدسية المعتزة بفلسطينيتها رغم توالي النكبات ..



ما زالت جدتي إلى اليوم تصر أن تتكئ بكهولة تعبها على جدران وطن غائب ، ولا أعرف كيف يتسنى للفراغ أن يسند قامتها ! ما زالت تخبئ في جيوب ذاكرتها حبات زيتون وزهرة لوز وحفنة من تراب القدس ..



تجاعيدها المضمخة بعبق الوطن تزيد تقاسيمها جمالا ، وقلبها المشرق بالأمل يفيض محبة وحنانا !



أذكرها في ليالي كانون تمطر دفئا ، ولا تكف أبدا عن الحركة كأنها تصارع الليل وتحاول أن تدفع عن وجه حياتها ظلامه المتناثر ، حتى إذا طلع الفجر رأيتها تلضم من خيوط الصبح مسبحة ، ثم ترتدي الشمس ثوبا ، فينبت على كفيها خصب !



أذكرها وهي تدثرني وشاح الثقة ، تركل بتفاؤلها الهزيمة ، تعدني بيوم تشرق شمسه علينا في بيتنا العتيق تحت ظل زيتونة متشبثة مثلها بالحياة ..



والغريب أنها لا زالت متيقظة الأماني ، رأيتها منذ أيام ، سألتني عن صغاري مؤكدة أن في الشرفة المضيئة هناك غرب النهر متسعا للعبهم ورقصاتهم ، فهل يمكن لأكفهم الصغيرة المتشابكة حمل ذكرى عجزت كفانا المتشابكتان على بوابة الحلم عن حملها ؟! .



ما زالت جدتي ابراهيم ، تصدح بحلمها الحائر وهي ترد على كل من يهنئها بالعيد حينما يشرق العيد : "وانت من العايدين" فهل إلى عودة من سبيل ؟!







 
رد مع اقتباس
قديم 16-02-2012, 08:24 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
إبراهيم محمد شلبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم محمد شلبي
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم محمد شلبي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى إبراهيم محمد شلبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى إبراهيم محمد شلبي

افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"

سنبلةٌ في مرج بن عامر تلوّح للرّيح، تُنضِجُ حبوبَها على نار حزيران، وتفتحُ للقرويّين بوابات الرّقص: هذا موسم الأفراح.

لم تعتَدِ النجوم المتساقطة على أضواء الكشّافات بعد، ولا أدركت الرّيح سرّ مكبّرات الصوت، وحتّى الدراري لم تستطع التمييز بين قفزاتها الحذرة ورقصات القرويّين المتقافزة كحبات مطر في آذار على أوراق اللوز والعشب. في الكون سرّ منتهَك، نجمة خجلى تُزفّ إلى قمر ودود؛ حكاية مفضوحة التفاصيل.

لا بأس يا أميم إن حاولت انتقاء الأفضل من ذاكرتي المنهكة، فليس الآلم وحده ما يرسخ في دفاتر الذاكرة، وكلّ خربشات القدر على صفحاتها مختلطةُ الملامح، بعضها واضح وبعضها مبهم، فذاكرتنا كالماء، وتفاصيلنا كالأشياء: بعضها يطفو وبعضها يرسب، وبعضها يذوب. ولست –الآن- أكثر من مترجم، أحاول انتشال ما في قيعانها لأنسج لك منها قصة تليق بعينيك المتعطشتين للتفاصيل.

في قرية تفقد ملامح عذريّتها الزراعية، ما الذي يربط غلال حقولها بتزاوج قاطنيها؟! قلوب أهلها تنقسم مثل خلايا الرّوح، مثل مساحات حقولها بين الورثة، ومراعيها تضيق بفعل الزيتون واللوز اللّذين باتا يلتهمان مساحة قمحها بنهم شديد، وكلّما كبرت شبرا قلّت زنانير عجائزها الحمراء، واختفت الضفائر السوداء التي تُطلّ من تحت مناديلهنّ، ولم أعد أرى من وشم لحاهنّ سوى ما انطبع بذاكرتي من جدّة أبي، ومن الغريب أن أذكر بعض ملامحها أكثر من جدّتي نفسها، فكلّ ما أذكره منها خبز طابونها الذي صحبتني ذات فجر في ظلمة الغسق لتخبزه، ذاكرتي الشاحبة كقنديلها لم تحمل رائحة خبزها، ولكنّها حملت رائحة أرغفة أمي في أيّام الجمعة، رائحة كسرّ حزيران الذي يعلن مهرجان التزاوج بين نجوم الأرض وقمح السماء.

أحاول أن أسبر غور الدهشة في عينيك، أن أنتزع شهقة التساؤل منهما، فإن كنّا نزيلين في فندق الذاكرة، نحتسي قهوة الأمس على طاولة اليوم، فلا بأس أن تتشابك يدانا إذن، فلربما سرت إليّ شوارع مخيّمك، وسرت إليك حقول طفولتي من خلالهما، فلا زال المسرح يختصر المشهد ويختزل الحوار، ولا زلت أحتاج لبراعة في الإخراج كي تكتمل القصة.

من حزيران سرت بي قوافي الشعر والزجل مثل المصل في أوردة المريض، وكلّلت مقلتيّ بالدمع المخبّئ في كلّ عرس ليلة الحناء، "سبّل عُيونُه وِيـمَدّ ايْدُه يِحَنّولُه"، وأنا أحنّي الوجنتين بالدمع الخجول. "شَبّـ(ـن) صِغيّر وْكيف اهلُه سَمَحولُه؟"، مثلما سمحت لعينيّ بفضح رقّتي فَضَحَهُ العشق. وهكذا، نشأتُ على زجل الحادي في الزفة يرسم لمخيّلتي الصغيرة صورًا بالكلمات، وعلى ألحان يرغول أو مجوز يرقّق طباع النفس ويزيل أقنعة القسوة ويكشف عورات الدمع، فكبّرت على تقلّب شاعر يحمل وزر الحروف، ويحمّل الكلمات وزر جنونه، وبينهما ينحبُ مثل ثاكل كلّما جالت الريح بقصبات روحه.

أين قصبات روحك يا أميم؟ ففلسطينيّ في مخيّم، لا يملك أسرع من لحن ناي كي ينتقل من الشتات إلى الوطن، وفلسطينيّ في ابن عامر لا يحتاج لأكثر من لحن ناي كي ينتقل من الوطن إلى الشتات، وبين الريح والناي، نلملم ما يسقط من قمح، ونبذر في حقول ذاكرة أثقلها حزيران بالسنابل والمناجل والحداء.






 
رد مع اقتباس
قديم 16-02-2012, 09:06 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أميمة وليد
إدارة المنتديات الثقافية
 
الصورة الرمزية أميمة وليد
 

 

 
إحصائية العضو







أميمة وليد غير متصل


افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"


أنفاسي تتأرجح على سفوح الذكريات ، والحنين أبكم ، يتركني بلا لغة أو هوية ، متناثرة فوق سطور اللهفة ، لا أملك سوى ملامح الدهشة ، وبقايا عبق طفولي محبب ، أعطّر به أوردتي حينما يخذلني الفرح !


سأرتدي ثوب الطفولة ، وأرتدّ معك إلى زمن بعيد ، أعزف الحنين فيتراقص الوطن على خشبة الذاكرة وتزهو بالفرح مواسم الفلاحين !


سأرقص .. أرقص كنجمة تنفض عن كاهلها غبار العتمة والمنفى ، وسأنثني كما السنابل امتنانا للرياح التي حملتني في عزف ناي شجي إلى الوطن الجميل ، سأشهد معك هناك موسم التزاوج في حزيران مجردةً ذاكرتي من برد كانون ، مصغية بشغف إلى ابتهالات الحقول ، وأهازيج الأغاني ، وهمس المروج !


عيناي متعطشتان للتفاصيل ، نعم ، ويداي لا تكفان عن محاولة انتزاع الشوكة من قلب الذاكرة لتتراءى الخيالات وطنا خصبا أرقد على ضفافه ، وأنغرس في أرضه زيتونة تنزف دمعها زيتا مباركا يكاد يضيء ، يطارد ذيول الليل المهزوم !


حلمي أعياه السهر ، فامنحني وقتا لأغفو برهة في حقول طفولتك على حواف الأمل .. علها تكتمل الحكاية وتتضح التفاصيل .


هاأنذا الآن أحتسي معك قهوة الأمس على طاولة اليوم ، فتحلو من غير سكر ، أرقب بعينيك مرج ابن عامر طفلا يلهو في حضن الجليل ويلثم يد الجمال الممتدة نحوه من بيسان ، المح واردات العين بأثوابهن المطرزة يملأن جرار الصبر فيضا من كوثر الجنة ، أشهد كرنفال التزاوج بين نجوم الأرض وقمح السماء !


هاأنذا أشرب من نبع الحمى ماء الحياة براحتيك ، وأسمع زقزقة العصافير وهي تغازل الفجر ..


هاأنذا عاشقة أصعد الروابي وأطوي فيافي الحب ، أتنسم شذى نسيم القدس ، حيث الرحمات تتعانق مع الجمال في ربوعها ويرقصان سويا.

ها أنذا أبلغها بالحلم وبالشوق ، فأذرف الدمع عذبا على خد الصبح !

وأحلم .. أحلم لا زلت .







 
رد مع اقتباس
قديم 17-02-2012, 12:11 AM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
عبد السلام الكردي
الهيئة الإدارية
 
الصورة الرمزية عبد السلام الكردي
 

 

 
إحصائية العضو







عبد السلام الكردي غير متصل


افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"

للتعليق والمداخلة
من هنا

http://www.aklaam.net/forum/showthre...938#post358938







 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب" عبد السلام الكردي منتـــدى الخـواطــر و النثـــــر 18 22-02-2012 02:51 PM
سنابل من حقول الذاكرة"تعليقات" عبد السلام الكردي منتـــدى الخـواطــر و النثـــــر 51 22-02-2012 02:38 PM
الحب فى شعر فـــاروق جــويدة ابراهيم خليل ابراهيم منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 0 16-06-2008 11:25 PM
الحب والوطن فى شعر فاروق جويدة ابراهيم خليل ابراهيم منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 7 25-04-2008 01:03 AM
ولادة تفكك فلسفي جديد في لغة الشعر دراسة نقدية رحاب حسين الصائغ منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 1 18-08-2007 01:22 PM

الساعة الآن 01:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط