الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-01-2020, 05:07 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فوزي الديماسي
أقلامي
 
إحصائية العضو







فوزي الديماسي غير متصل


افتراضي في الشعر التونسي / مختارات شعرية

في الشعر التونسي / مختارات شعرية
( نص مفتوح / متقلّب )
بقلم : فوزي الديماسي / تونس

على سبيل التمهيد:

فعل الشعر لحظة إنصاته لحفيف الوجود الشّفيف في قيعان الذات ، كفعل النملة تحفر في الصخر.
هو العسر، والمكابدة ، والكدح ، والفعل العصيّ ، لا يمنح أبواب مدائنه للطارقين كلّ حين .
واللحظة الشعرية ، لحظة فارقة ، مفارقة ، تتمثل الكون وصداه ، وتحسن الإصغاء لهمسه ، وحفيفه ، ونجواه ، ثم تعيد داخل مملكتها الخفية هدمه ، وبعثه من جديد ، ومن بعد ذلك تخرجه على الناس في لغة تتزيا بزي متلبس بالرمزي .
في ظاهره على صفحة الكلمات ، يبدو - الشعر- فعلا إنسانيا خالصا ، نابعا من الوجدان ، مدركا لتلك اللحظة ومناخاتها ، ومحيطا بها ، عارفا بمنعطفاتها ، وفي أعماق جوهره لطقوس السحر أقرب ، وبه ألصق ، كفعل الكليم يوم الزينة هويّته ، وكما الماسك على الماء كنهه زمن تشكّله.
عوالمه ضبابية ، لا يفقهها المارون على جراحه ، ولا يفكّ غموضها إلاّ من تسلّح بعشق اللغة ، فتمثّل رقصها على أديم الوجود ، واستبطنه ، ومن هنا يمكن أن نجزم بأنّ الشعر كلام يختلف عن غيره بكونه لا "ينزلق " فوق الأشياء بل يعيد تأسيسها ، ويكشف عن أشياء وعلاقات مجهولة ، وهو ، في ذلك كلّه ، لا يتقبّل اللغة كنظام معطى منجزسلفا ويتصرّف فيه ، بل إنّه يعيد إليها مهمّتها الأولى ، ويؤصّلها من جديد ، فتستعيد حرارة فعلها وتلتقي من جديد بالسحر( 1) ، وهذا السحر في مهبّ الغواية إقامته ، والطريق منه، وإليه محفوفة بالضباب ، والمخاطر، والأحجيات ، والوجع . كما أنّ السّير على آثاره ضرب من ضروب التيه ، إذ يلقّننا بين يديه طقوس الموت ، وآيات مفارقة الطين ، والنّأي بمشاغلنا عن راهنية السؤال ، ثمّ يدفعنا دفعا رفيقا للقطع مع هواجس الذات المحايثة للذات البرّانيّة وهمومها ، ومشاغلها ، وأسئلتها . فيهدم فينا مدائن السكينة ليبني في الخيال من بعد ذلك مدائن أخرى ، وبحلّق بنا في فضاءات فوق الحسّ . أدواته في رحلته تلك لغة شفيفة ، محلّقة ، تمارس صلوات التجلّي في مناكب القصيد ، وتسبّح في ملكوت الخيال والتخييل بلسان مكثّف ، مختزل ، استعاري ، يرسم بماء الحال لوحة مشحونة قيلا ، ويراوح مكانه بين الحال والحدث في رحلة بحث دؤوب مضطرب عن مستقرّ ، ومستقرّه لا قرار له غير الترحال الدائم مآبا .

لغته تختزن بين جنبيها ملامح الكون المكتظّ بالأسئلة ، والحيرة ، والشكّ ، والدهشة ، فهي - أي اللغة - الوسيلة ، والمنطلق ، والمبتغى ، زادها في سفرها منها إليها قلق ينشد المرافئ ، فيطلبها ، ولا يدركها ، كلعبة الوجه والقفا حركتها ، وكما العود على البدء ترحالها . دائرية الهوى في هديرها ، وسكونها ، متقوقعة على ذاتها تتعشّقها ، تتخبّط في رحم الوجود / وجودها ، وتتهجّاه بلغة تمثّلت حضورها / المرجع ، وأدركته ، لتبني من بعد ذلك عوالمها ، بلغة من جنسها ، وبلسان من صنوها . إنّها - اللحظة الشعريّة - ضرب من ضروب الشطح الصوفي لحظة الولادة ، تحاور الكون على عتباته في نبرة موغلة في الشفافية ، توحي بتلك الرغبة المتوهّجة في تجاوز الاغتراب ، اغتراب الإنسان عن ذاته وواقعه اللاّمرئيّ ، محاولة أن تلغي الحدود الوهميّة القائمة بين الأنا والمطلق ، والخطاب الشعريّ إنّما يتنزّل في هذه الرّحاب (2) رحاب لا ضفاف لها ، ولا يحدّها حدّ ، ولا تدركها الأبصار ، بل بالبصيرة ندخل حلقاتها ، وبلغة القلوب نفقه لغتها ، ونقف على ملامح وجهها الخفيّ بالتماهي معها . فما هي باللّغو ، أو اللّهو ، أو الّلعب ، أو الزّينة ، وإنّما هي حياة شبيهة بحياة الناس ، رديفتها ، ساكنة ، ضاجّة ، هادئة ، مضطربة ، متقلّبة ، تحكي الإنسان وتحاكيه بما هي الإنسان في تفجّره ، واندفاعه ، واختلافه ، تظلّ في توهّج ، وتجدّد ، وتغيير ، إنّها شكل من أشكال اختراق التّقنين ، والتّقعيد إنّها بحث عن الذّات ، وعودة إليها (3) في حركة جدليّة تذرع الوجدان جيئة وذهابا ، لا تريم ، كثيرة السفر والترحال في تفاصيل الذات الجوانيّة ، ومفاصلها ، قلقة ، متلبّسة بالأوجاع ، أوجاع الشاعر ، وأحلامه ، ورؤاه ، ومفهومه للوجود ، وطرق إقامته فيه ، إذ إنّ الشاعر يقيم على الأرض على نحو شعريّ يتجلّى ذلك النّوع من الإقامة المتميّزة المتفرّدة ، في كونه يحيا مأخوذا بالغياب الكامن في الحضور ، منشغلا بالمرئيّ ليلتقط الخفاء الكامن فيه (4) وكذا فعل اللغة في تمثّل الصّمت ، كما الإنسان محاولا الإنصات لهديرالغياب ، وتدفّق الخيال . وتلمّس دروب الدهشة ، فتبدو حياتها ، كحياته ، كما لوأنّها حشد من الحيوات اجتمعت في حياة واحدة مكثّفة على نحو مدهش يتجّلى في كونها تنهض على إلغاء الحدود القائمة بين المعلوم والمجهول ، وتلك الفاصلة بين الخفاء والتجلّي (5)
- يتبع-

*****
الهوامش :
-1- في بنية الشعر العربي : محمد لطفي اليوسفي - دار سيرارس للنشر 1996 طبعة ثانية - ص 34
-2- نفس المصدر - ص157
-3-الشعريّة العربيّة . أدونيس - دار الآداب ط2سنة 1988- ص31
-4- لحظة المكاشفة الشعريّة اطلالة على مدارات الرّعب : محمد لطفي السوسفي - الدار التونسية للنشر سنة 1992- ص204
-5- نفس المصدر - ص 209






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:52 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط