التطورات الأخيرة في الصومال
يبدو أن ما عرضته أميركا على زعماء المحاكم من خلال الوسيط لم يحظ بقبول وترحيب عندهم، أو عند معظمهم. وحيث أن أميركا كانت قد اخترقت صفوفهم، وظهر ذلك من خلال توجيه محمد سياد إنذاراً لخروج القوات الإثيوبية خلال أسبوع، والذي قيل أنه لم يُشاور فيه زعماء المحاكم الأساسيين، والذين كان معظمهم خارج البلاد. حيث يبدو أنه تم إغراء أغلبهم بأداء فريضة الحج، أو الذهاب بزيارة خارج البلاد. مما هيأ الأجواء في ظل وجود فراغ قيادي، وضعف تماسك جبهة المحاكم لضعف تجانس مكوناتها، إضافة لضعف خبراتهم القتالية، كل ذلك وبوجود التصريحات النارية للوصول إلى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا قد هيأ الوضع لوجود مبرر قوي لدخول القوات الإثيوبية بغطاءٍ أميركي سياسيٍ مما أدى إلى ذلك الانهيار الكبير لقوات المحاكم.
فقد ذكر أحد القادة الميدانيين للمحاكم طلب عدم الكشف عن هويته أنه: "في الوقت الذي كنا فيه متمركزين في محيط مدينة بيداوة (مقر الحكومة الانتقالية) وكبدنا القوات الإثيوبية خسائر فادحة خصوصا في دينوناي (30 كم شرق بيداوة) فوجئنا بأن العاصمة في طريقها للسقوط بعد هزائمنا المتلاحقة في مدن مهمة مثل بلدوين وجوهر حيث شعرنا أن هناك قبائل تتخلى عنا ومن بينهم أحد وجهاء قبيلة الهوية أكبر القبائل الصومالية في الجنوب".
ويضيف المصدر نفسه فيقول: "الشيخ سياد هو الذي أعلن قرار الحرب على إثيوبيا (أعطى إثيوبيا مهلة أسبوعا للانسحاب) في وقت كان القادة الرئيسيون خارج البلاد، الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المجلس التنفيذي للمحاكم، والشيخ حسن ضاهر أويس رئيس مجلس شورى المحاكم اللذين عادا للبلاد قبل ساعات من سقوط مقديشو بطائرة خاصة. كما أن نائب رئيس مكتب الدفاع والأمن أبو المنصور مختار كان أيضا خارج البلاد في الحج مع مسؤول التوجيه المعنوي والاثنان من ذوي الخبرة الذين كانت مشورتهم مطلوبة قبل إعلان قرار الحرب مثلهم مثل العلماء الذين كان أغلبهم أيضا يؤدي فريضة الحج". والأغرب من هذا كله -يوضح القائد الميداني- "أن الشيخ سياد الذي أعلن قرار الحرب سافر بعد تصريحه الشهير لأداء الحج مع أسرته ولا زال خارج البلاد حتى الآن".
ويخلص هذا القائد الميداني قائلا: "لا أشك أن قادتنا مخلصون مثل الشيخ شريف شيخ أحمد والشيخ حسن ضاهر وغيرهم، ولكن هناك من نشك أنهم يعملون لدول عدوة للإسلام مثل أميركا بما في ذلك كل جهة لها علاقة بإرسال أهم قادتنا إلى الحج".
ويبدو أن أميركا تريد إشراك بعض زعماء المحاكم في الحكم، وبخاصة وأن جينداي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الإفريقية قد أثنت على تحقيق المحاكم للعدالة في مقديشو، ودعت إلى إشراك كافة الأطراف الصومالية في حكم البلاد بمن فيهم بعض زعماء المحاكم الإسلامية الذين يبدو أنه سيتم إخراجهم بوجه جديد يظهر فيه الاعتدال.