وجود مؤامرة معناه وجود أعداء يتواطئون على الحاق الأذى والضرر بأخرين، وذلك باسلوب المكر والكيد والاستدراج، فيضعون المخططات ويرسمون الأساليب التي تلزم لمباشرة التنفيذ . فالقول بوجود مؤامرة على أمة ما يعني وجود أعداء لها توفرت لديهم ارادة الحاق الأذى والضرر بها، كما يعني وجود المخططات والأساليب التي تلزم لمباشرة التنفيذ. هذا هو واقع المؤامرة بغض النظر عن معنى الكلمة لغة .
وكون الأمة الاسلامية محاطة بالأعداء ، وكون هؤلاء الأعداء لا ينفكون عن وضع المخططات ورسم الأساليب التي تهدف ليس فقط لالحاق الأذى والضرر بها وإنما لمحوها من الوجود ، كل ذلك يقطع بأن الأمة تتعرض لمؤامرة كبرى .
وفوق ذلك هناك العشرات بل المئات من المؤامرات التي تم تنفيذها على الأمة بالفعل، ونتائجها في الواقع الذي تعيشه الأمة اليوم ماثلة للعيان ، كما أن العشرات من المؤامرات هي قيد التنفيذ الآن ، والأعمال المتعلقة بتنفيذها نشاهدها ونحس بها كل يوم .
فالمؤامرة على هذه الأمة من قبل أعداء الاسلام واقع ملموس، لا ينكر وجوده إلا أعمى أو عدو .
أما العميان فإنهم لا ينكرون وجود مؤامرة إلا بسبب عماهم سواء أكانوا عمي البصر أو عمي البصيرة . وأما الأعداء فإنهم لا يكتفون بنفي وجود مؤامرة بل يهاجمون الفكرة ويهاجمون القائلين بها وذلك لسببين ، أولهما تضليل المسلمين عن حقيقة كونهم أعداء لهم ولدينهم حتى لا يتخذ منهم المسلمون موقف العداء ، وثانيهما تضليل الأمة الاسلامية عن مخططاتهم التي تستهدفها بوصفها أمة اسلامية، فلا تأخذ حذرها ولا تتحرك لاحباطها .
ولأجل صرف الأمة الاسلامية عن ادراك المؤامرات والمتآمرين ، عمد أعداء الاسلام عبر أبواقهم من العملاء والمأجورين إلى تشكيك الأمة بصفة الأعداء وبصفة الأعمال العدائية ، فصار العدو يوصف بالصديق والحليف، والاحتلال صار تحريرا ، والاستعباد حرية ، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها بناء واعمار، وأما هذا الواقع الملموس للمؤامرة فصار يوصف بأنه نظرية ، مجرد نظرية، وبات كل من يدرك ويصرح بوجود مؤامرة ومتآمرين يوصف بأنه واهم، وتوصف عقليته بعقلية المؤامرة !
وما يجب أن يُدرك هو أن هؤلاء العملاء والمأجورين يقومون بهذه الأعمال أولا خدمة لأسيادهم، وثانيا لأجل حماية أنفسهم، لأن خير وقاية لحماية الخائن هو نفي فكرة وجود الخيانة، فإذا سقطت فكرة وجود مؤامرة من أذهان الناس سقط معها فكرة وجود متآمرين .