مطلوب فورا نسخة أردنية من مجدي الدقاق.. وسي طنطاوي يتفقد التلفزيون تحت ازيز الطائرات

[احمد العتيبي]

مطلوب فورا نسخة أردنية من مجدي الدقاق.. وسي طنطاوي يتفقد التلفزيون تحت ازيز الطائرات

بسام البدارين

2011-02-03

بقدرة قادر تكون سلطة الحكومة في مصر موجودة وصلبة وقوية عندما يتعلق الأمر بإغلاق محطة الجزيرة في القاهرة لكن بقية مظاهر السلطة وتحديدا الأذرع الأمنية تذوب فجأة في كل أنحاء مصر بعد إنتشار الفوضى ونستمع نحن المشاهدين العرب لإستغاثات أهل 'ام الدنيا' عبر الفضاء.

تغرق مصر بالفوضى ويسيطر النهابون على الشوارع وتحرق المخافر وتفتح السجون ويسحل الناس بالشوارع وكل مظاهر السلطة المصرية تختفي لكنها تظهر فجأة لكي تغلق مكتب 'الجزيرة' التي ساهمت برأي رجال السلطة في تحريض الشعب المصري الذي ينام ستة ملايين من أولاده في المقابر قبل حتى تأسيس دولة قطر وليس ولادة 'الجزيرة' فقط.

إذن يعبر النظام المصري المتمسك بالسلطة عن إرادته الحرة عبر وضع الشمع الأحمر على بوابة مكاتب 'الجزيرة' ومنع مراسليها من ممارسة عملهم وكأن ذلك سيخفف من شأن الصدمة التي عشناها نحن عشاق مصر من خارج حدودها.

لذلك كان إغلاق مكتب الجزيرة التعبير اليتيم طوال أيام الأزمة عن سلطة القرار المصري وكمشاهد عربي تسمرت امام الشاشة طوال خمسة أيام أعقبت التعيينات التي قررها الرئيس حسني مبارك وانا أطرح السؤال التالي: أين رئيس الوزراء الجديد أحمد شفيق؟.. أين عمر سليمان؟.. أين حبيبي شخصيا حبيب العادلي؟.. لماذا لا يتحدث هؤلاء لشعبهم في لحظات الأزمة؟

بمناسبة الحديث عن العادلي لا تختزل ذاكرتي عنه إلا مشهد حشر عشرات المواطنين والسيارات بالقرب من مقر الجامعة العربية في القاهرة وقد كنت بين المحشورين وسألت ما الذي يحصل؟.. الجواب كان موكب العادلي سيمر قريبا من المكان وما استطعت تعداده من سيارات سبقت مركبة الرجل أو لحقت به 13 سيارة فقط.


هم بتوع الأمن راحوا فين

الزعيم عادل أمام إختصر المشهد برمته عندما سأله المذيع .. أستاز عادل هو إيه اللي حصل؟... أجاب الفنان المعروف: مش عارف.. يا جدعان هم بتوع الأمن راحوا فين؟.. الحزب الحاكم راح فين؟.

الوحيد الذي رصدته كاميرا العربية في الشارع هو محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الذي تطلبت جولته الإستعراضية أمام الكاميرات لخمس دقائق طلعات جوية بطائرات مقاتلة فوق رؤوس المعتصمين في ميدان التحرير... تخيلوا مصر العظيمة تحوم فوق رؤوس شعبها طائرات مقاتلة لغرض بسيط فقط هو إخافة الجمهور قبل ان يقوم الجنرال طنطاوي بجولة تفقدية يفترض انها طبيعية لفصيل من قواته يرابط أمام مبنى التلفزيون الضخم.

مباشرة بعد مشهد سي طنطاوي أطل على شاشة العربية وجه أحبه بمقدار ما أحب العادلي وهو مجدي الدقاق .. أطلق الرجل كلاما مسترسلا عن تفهمه لمشاعر المصريين ولمطالب الشارع ثم وبدون مناسبة تذكر ترك الحدث برمته ليجزل في مديح محطة 'العربية' التي قال أنها مهنية وموضوعية والشعب المصري يحترمها ويقدرها.

المذيع في العربية حاول عبثا وخجلا منع الدقاق ثلاث مرات من الإسترسال في المديح لكن دون فائدة فقد أصر الرجل على 'التنديد' ببعض المحطات الفضائية التي ساهمت بلا مهنية في ترويع الشعب المصري وتحريضه ولم تنشر إلا الشائعات والأكاذيب كما قال ويقصد طبعا 'الجزيرة'، وهو أمر تنبه له المذيع الشاب الذي تقدم بخجل ليقول 'أستاذ مجدي شكرا جزيلا لك .. نحن نقوم بواجبنا في التغطية ولا نعلق على ما تقوم به المحطات الزميلة'.

رفض الدقاق الصمت فاستمر في وصلته الغنائية التي تشتم محطة الجزيرة طبعا دون ذكرها بالإسم.


حاجة ملحة

بصراحة يلفت نظري الدقاق فهو الوحيد الذي يظهر على الفضائيات مدافعا عن النظام الرسمي المصري منذ سنوات طويلة وقد كنت أسأل الزملاء المصريين: ألا يوجد عند الأخوان غير الدقاق؟.. لماذا هو حصريا، أين بقية 'الشبيحة' من رموز الإعلام المصري السقيم على حد تعبير أمجد ناصر؟

الزملاء في الفضائيات يطالبوننا أحيانا باستعارة الدقاق للتحدث بإسم الحكومة الأردنية أيضا فالروايات الرسمية الأردنية لا تجد رموزا للدفاع عنها في الفضائيات في الكثير من الأحيان.. حاجتنا في عمان ملحة لنسخة من الدقاق فحكومتنا ترتكب يوميا عشرات الحماقات التي تحتاج لإمكانات رجل مثله لا نظير له في الإعلام الأردني رغم عمليات 'التسمين' التي تعرض لها الكثير من الزملاء على شكل إمتيازات من كل نوع لم يقبض النظام ولا مرة واحدة بدلا منها.

في مصر تنجح عمليات التسمين لبعض ركاب حافلة الإعلام المرعوب او المركوب على حد تعبير عبد الرؤوف الروابدة بإخراج نسخة أو إثنتين من طراز الدقاق.

لكن في بلادي استثمرت ملايين في جيوب وكروش بعض الإعلاميين وحَرمَنا القَدَر ولو من نسخة الدقاق واحدة حتى ان الحكومة الأردنية عندما تلتزّ (بمعنى تُجبَر) تبحث بصعوبة عن أحد 'أزلامها' الإعلاميين- وهم كثر لكن قليلي البركة- يمتلك مواصفات تؤهله للظهور على محطة فضائية أو في ندوة او مناظرة.

ثمة نكتة في هذا السياق إبتكرها صحافي مخضرم وهو يتحدث عن أول ثلاث قيادات في أهم مؤسسة للإعلام الرسمي محليا: رئيس مجلس الإدارة لا يعرف اللغة العربية ورئيس التحرير لا يجيد الإنكليزية ونائب رئيس التحرير لا يعرف لا عربية ولا إنكليزية.


الشعب مهيِّص

نعود قليلا للسياق المصري: ليس سرا ان البحث عن (الرواية الرسمية) خلال أحداث فوضى ممتع للغاية وهذه المتعة مارستها وأنا أطل بين الحين والاخر على رواية تلفزيون النيل المصري فكلما بثت الفضائيات مشاهد مثيرة للخراب والفوضى كنت أسترق السمع للنيل وهي تتفنن بلقاء هاتفي مع محافظ ما من جنرالات الحكم الإداري في الشقيقة الكبرى.

دوما وأبدا يقول المحافظ ما قاله عادل إمام في إحدى المسرحيات: مفيش طوابير على العيش .. المواصلات مؤمنة والشعب مهيِّص.

الشعب في بلادي أيضا مهيِّص عالآخر ولدرجة ان شرطة المرور وفي المسيرة التي شهدتها العاصمة عمان قدمت للمعارض الشرس الشيخ زكي بني إرشيد المرطبات بدلا من الهراوات كما قال أحد الزملاء.. هذه إذاً حالنا في العالم العربي؛ مرة مرطبات ومرة هراوات، وبين الأولى والثانية يمكننا إستذكار خطبة قس بن ساعده الشهيرة: كل ما فات فات وكل ما هو آت لابد آت.


* مدير مكتب 'القدس العربي' في الأردن