الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-09-2009, 10:26 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي النّصارى في القرآن والتّفاسير

المعهد الملكي للدراسات الدينية

النّصارى
في القرآن والتّفاسير

تحرير
عواد علي
حسن البطوش
علاء الرشق

بإشراف
يوسف قزما خوري

دار الشروق للنشر والتوزيع

التمهيد

يضم هذا الكتاب 78 آية من القرآن الكريم تأتي على ذكر موضوع "النصارى", بما في ذلك الآيات التي ورد فيها ذكر "آهل الكتاب" وتشير إليهم .

لا غرو أن يهتم المسلمون بكتاب دينهم, ويعنوا عناية فائقة في تفسير آياته البيّنات, لأنه المرجع الأول والأساسي في شرح دقائق تشريعاتهم الزمنية وكل ما يتعلق بأمور دنياهم وآخرتهم .
لذلك نرى أنهم حددوا شروطا مفصلة لما يجب على المفسر أن يتحلى به من معرفة واسعة في جميع حقول العلوم ليتمكن من تأدية مهمة التفسير على أتم ما يرام .
إن العلماء, كما ذكر الزمخشري, بيّنوا أن على المفسر شروطا لا يحل لمن عري عنها التعاطي بالتفسير, وهي: "أن يعرف خمسة عشر علما على وجه الإتقان والكمال: اللغة, والنحو والتصريف, والاشتقاق, والمعاني, والبيان, والبديع, والقراءات, وأصول الدين, وأصول الفقه, وأسباب النزول, والقصص, والناسخ والمنسوخ, والفقه, والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم, وعلم الموهبة وهو علم يورثه الله سبحانه وتعالى لمن عمل بما علم. وهذه العلوم لا مندوحة لمفسر عنها, وإلا فعلم التفسير لا بدّ له من التبحر في كل العلوم".
راجين أن يسهم هذا الكتاب, أيضا, بمساعدة الباحثين بإلقاء بعض الضوء على دراسة موضوع "الديانات المقارنة" بالعمق المتوخى.

أول تموز 1998
يوسف قزما خوري

..

1

بسم الله الرحمن الرحيم

{صراط الذّين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين}
(سورة الفاتحة: رقم 1, الآية 7)

الطبري ج1 ص 106 _ 117
القول في تأويل قوله: (صراط الذّين أنعمت عليهم). إبانة عن الصراط المستقيم, أيُّ الصراط هو, إذ كان كلّ طريق من طرق الحق صراطا مستقيما.
فقيل لمحمد: قل يا محمد: إهدنا يا ربنا الصراط المستقيم, صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك, من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين. وذلك نظير ما قال ربنا جلّ ثناؤه في تنزيله: (ولو انّا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه الاّ قليل منهم ولو انّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشدّ تثبيتا. واذا لاتيناهم من لدنّا اجرا عظيما. ولهديناهم صراطا مستقيما. ومن يطيع الله والرّسول فاولئك مع الّذين انعم الله عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن اولئك رفيقا) النساء: 66_69.
قيل فالذي أمر محمد وأمّته أن يسألوا ربّهم من الهداية للطريق المستقيم, هي الهداية للطريق الذي وصف الله جل ثناؤه صفته. وذلك الطريق, هو طريق الذين وصفهم الله بما وصفهم به في تنزيله, ووعد من سلكه فاستقام فيه طائعا لله ولرسوله, ان يورده مواردهم, والله لا يخلف الميعاد.
(صراط الذّين أنعمت عليهم) النبيّون. وقيل: النبي ومن معه.
(أنعمت عليهم) المؤمنين. وقيل: المسلمين.
(غير المغضوب عليهم) والقَرَأَةُ مجمعة على قراءة "غير" بجر الراء منها.
فان قال قائل: فمن هم هؤلاء المغضوب عليهم, الذين أمرنا الله جل ثناؤه بمسألته ان لا يجعلنا منهم ؟
قيل: هم الذين وصفهم الله جل ثناؤه في تنزيله فقال: (قل هل أنبّكم بشرّ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت اولئك شرّ مّكانا واضلّ عن سواء السّبيل) المائدة: 60.
فأعلمنا جلّ ذكره ثمّة, ما أحلّ بهم من عقوبته بمعصيتهم إياه. ثم علمنا, منّة منه علينا, وجه السبيل إلى النجاة من أن يحلّ بنا مثل الذي حلّ بهم من المَثُلاث, ورأفة منه بنا.
(غير المغضوب عليهم), عن النبي, قال: هم اليهود.
(ولا الضّالّين) لا وجه لقوله إلا العطف على (غير المغضوب عليهم).
فتأويل الكلام _إذا كان صحيحا ما قلنا بالذي عليه استشهدنا_ إهدنا الصراط المستقيم, صراط الذين أنعمت عليهم, لا المغضوب عليهم ولا الضالين.
فان قال لنا قائل: ومن هؤلاء الضالون الذين أمرنا الله بالاستعاذة بالله أن يسلك بنا سبيلهم ونضلّ ضلالهم.
قيل هم الذين وصفهم الله في تنزيله فقال: (قل يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحقّ ولا تتّبعوا اهواء قوم قد ضلّوا من قبل واضلّوا كثيرا وضلّوا عن سواء السبيل) المائدة: 77.
(ولا الضّالّين), عن النبي, قال: هم النصارى.
فان قال قائل: اوليس ذلك أيضا من صفة اليهود ؟
قيل: بلى !
فان قال: كيف خصَّ النصارى بهذه الصفة, وخصَّ اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم ؟
قيل: كلا الفريقين ضُلّال مغضوب عليهم , غير أن الله جلّ ثناؤه وسم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به, إذا ذكره لهم أو اخبرهم عنه. ولم يسمّ واحدا من الفريقين إلا بما هو له صفة على حقيقته, وان كان له صفات الذّم زيادات عليه .

الزمخشري ج1 ص 68 _ 75
(صراط الذّين أنعمت عليهم) بدل من الصراط المستقيم وهو في حكم تكرير العامل كأنه قيل: أهدنا الصراط المستقيم, أهدنا صراط الذين أنعمت عليهم كما قال (للّذين استضعفوا لمن آمن منهم) الأعراف: 75.
(الذّين أنعمت عليهم) هم المؤمنون.
وأطلق الإنعام ليشمل كل إنعام لان من انعم الله عليه بنعمة الإسلام لم تبق نعمة إلا أصابته واشتملت عليه. وقيل هم أصحاب موسى قبل أن يغيروا, وقيل هم الأنبياء.
وقرأ ابن مسعود "صراط" من "أنعمت عليهم"
(غير المغضوب عليهم) بدل من الذين أنعمت عليهم, على معنى أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من غضب الله والضلال أو صفة على معنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله والضلال.
وقيل المغضوب عليهم هم اليهود لقوله عزّ وجلّ (من لّعنه الله وغضب عليه) المائدة: 60.
والضالون هم النصارى لقوله تعالى (قد ضلّوا من قبل) المائدة: 77.
فان قلت: ما معنى غضب الله ؟ قلت: هو إرادة الانتقام من العصاة وإنزال العقوبة بهم. فان قلت: ما هو الفرق بين عليهم الأولى وعليهم الثانية ؟ قلت: الأولى محلها النصب على المفعولية والثانية محلها الرفع على الفاعلية. فان قلت: لما دخلت لا في ولا الضالين ؟ قلت: لما في "غير" من معنى النفي كأنه قيل لا المغضوب عليهم ولا الضالين.
(آمين) صوت سمى به الفعل الذي هو "استجب" , كما أن (رويدا وحيهل وهلم) أصوات سميت بها الأفعال التي هي "أمهل وأسرع وأقبل".
وعن معنى آمين قال النبي: افعل. وقال النبي: لقنني جبريل عليه السلام آمين عند فراغي من قراءة فاتحة الكتاب وقال: انه كالختم على الكتاب", وليس من القرآن بدليل أنه لم يثبت في المصاحف. وعن الحسن لا يقولها الإمام لأنه الداعي.
وعن أبي حنيفة وعن أصحابه أنه يخفيها. وعند الشافعي يجهر بها.

الرازي ج1 ص 258 _ 263
في تفسير قوله (صراط الذّين أنعمت عليهم) فوائد:
الفائدة الأولى: في حد النعمة, وقد اختلف فيها, إذا عرفت حد النعمة فيتفرع عليه فروع...
الفائدة الثانية: قوله (اهدنا الصّراط المستقيم. صراط الذّين أنعمت عليهم) يدل على إمامة أبي بكر...
الفائدة الثالثة: قوله (أنعمت عليهم) يتناول كل من كان لله عليه نعمة, وهذه النعمة إما أن يكون المراد منها نعمة الدنيا أو نعمة الدين, ولما بطل الأول ثبت أن المراد منه نعمة الدين, فنقول: كل نعمة دينية سوى الإيمان فهي مشروطة بحصول الإيمان, وأما النعمة التي هي الإيمان فيمكن حصولها خاليا عن سائر النعم الدينية, وهذا يدل على أن المراد من قوله (أنعمت عليهم) هو نعمة الإيمان...
في قوله تعالى(غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين) فوائد:
الفائدة الأولى: المشهور ان المغضوب عليهم هم اليهود, لقوله تعالى (من لعنه الله وغضب عليه) المائدة:60 . والضالين: هم النصارى لقوله تعالى (قد ضلّوا من قبل واضلّوا كثيرا وضلّوا عن سواء السّبيل) المائدة: 77.
وقيل هذا ضعيف, لأن منكري الصانع والمشركين أخبث دينا من اليهود والنصارى, فكان الاحتراز عن دينهم أولى...
ويحتمل أن يقال: المغضوب عليهم هم الكفار, والضالون هم المنافقون...
الفائدة الثانية: لما حكم الله عليهم بكونهم ضالين امتنع كونهم مؤمنين, وإلا لزم انقلاب خبر الله الصدق كذبا, وذلك محال, والمفضي إلى المحال محال.
الفائدة الثالثة: قوله (غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين) يدل على أن أحدا من الملائكة والأنبياء عليهم السلام ما أقدم على عمل يخالف قول الذين أنعم الله عليهم, لأنه لو صدر عنه ذلك لكان قد ضل عن الحق, لقوله تعالى (فماذا بعد الحقّ الّا الضّلال) يونس: 32. ولو كانوا ضالين لما جاز الاقتداء بهم, ولا الاهتداء بطريقهم, ولكانوا خارجين عن قوله (أنعمت عليهم) ولما كان ذلك باطلا علمنا بهذه الآية عصمة الأنبياء والملائكة عليهم السلام.
الفائدة الرابعة: الغضب: وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليهم...
الفائدة الخامسة: قالت المعتزلة: غضب الله عليهم يدل على كونهم فاعلين للقبائح باختيارهم وإلا لكان الغضب عليهم ظلما من الله تعالى, وقال أصحابنا: لما ذكر غضب الله عليهم واتبعه بذكر كونهم ضالين دل على ذلك على أن غضب الله عليهم علة لكونهم ضالين, وحينئذ تكون صفة الله مؤثرة في صفة العبد, أما لو قلنا أن كونهم ضالين يوجب غضب الله عليهم لزم أن تكون صفة العبد مؤثرة في صفة الله تعالى, وذلك محال.
الفائدة السادسة: أول السور مشتمل على الحمد لله والثناء عليه والمديح له, وآخرها مشتمل على الذم للمعرضين عن الإيمان به والإقرار بطاعته, وذلك يدل على أن مطلع الخيرات وعنوان السعادات هو الإقبال على الله تعالى, ومطلع الآفات ورأس المخافات هو الإعراض عن الله تعالى والبعد عن طاعته والاجتناب عن خدمته.
الفائدة السابعة: دلت هذه الآية على أن المكلفين ثلاث فرق: أهل الطاعة, واليهم الإشارة بقوله: (أنعمت عليهم), وأهل المعصية واليهم الإشارة بقوله (غير المغضوب عليهم), وأهل الجهل في دين الله والكفر واليهم الإشارة بقوله (ولا الضّالّين).

ابن عربي ج1 ص 10 _ 11
(اهدنا الصّراط المستقيم), أي ثبتنا على الهداية, ومكنا بالاستقامة في طريق الوحدة, التي هي طريق المنعم عليهم بالنعمة الخاصة الرحيمية, التي هي المعرفة والمحبة, والهداية الحقانية الذاتية من النبيين والشهداء, والصديقين والأولياء, الذين شاهدوا أولا وآخرا, وظاهرا وباطنا, فغابوا في شهودهم طلعة وجه الباقي عن وجود الظل الفاني.
(غير المغضوب عليهم), الذين وقفوا مع الظواهر واحتجبوا بالنعمة الرحمانية والنعيم الجسماني, والذوق الحسي عن الحقائق الروحانية, والنعيم القلبي, والذوق العقلي, كاليهود إذ كانت دعوتهم إلى الظواهر والجنان, والحور والقصور, فغضب عليهم لأن الغضب يستلزم الطرد والبعد, والوقوف مع الظواهر التي هي الحجب الظلمانية غاية البعد.
(ولا الضّالّين), الذين وقفوا مع البواطن التي هي الحجب النورانية, واحتجبوا بالنعمة الرحيمية عن الرحمانية, وغفلوا عن ظاهرية الحق, وضلوا عن سواء السبيل, فحرموا شهود جمال المحبوب في الكل, كالنصارى إذ كانت دعوتهم إلى البواطن, وأنوار عالم القدوس, ودعوة المحمديين الموحدين إلى الكل, والجمع بين محبة جمال الذات, وحسن الصفات, كما ورد: "سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته, ويجعل لكم نورا تمشون به, اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا" فأجابوا الدعوات الثلاث كما جاء في حقهم يرجون رحمته ويخافون عذابه, يقولون: ربنا أتمم لنا نورنا. قالوا: ربنا الله.
ثم استقاموا فأثيبوا بالجميع على ما أخبر الله تعالى, جزاؤهم عند ربهم جنات عدن لهم أجرهم ونورهم, أينما تولوا فثم وجه الله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة.

البيضاوي ج1 ص 36 _ 41
(صراط الذّين أنعمت عليهم) بدل من الأول بدل الكل, على أن طريق المسلمين هو المشهود عليه بالاستقامة على آكد وجه وأبلغه لأنه جعل كالتفسير والبيان له فكأنه من البين الذي لا خفاء فيه أن الطريق المستقيم ما يكون طريق المؤمنين, وقيل الذين أنعمت عليهم الأنبياء, وقيل النبي وأصحابه, وقيل موسى وعيسى, قبل التحريف والنسخ, وقرىء صراط من أنعمت عليهم, والأنعام إيصال النعمة, وهي في الأصل الحالة التي يستلذها الإنسان, فأطلقت لما يستلذه من النعمة, وهي اللين.
(غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين) بدل من الذين على معنى أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب والضلال, أو صفة له مبينة أو مقيدة على معنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة, وهي نعمة الإيمان, وبين السلامة من الغضب والضلال...
فكأنه قال لا المغضوب عليهم ولا الضالين.
وقرىء ولا الضألين بالهمزة على لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين.
(آمين) اسم الفعل الذي هو استجب, وقال رسول الله عن معناه: افعل.
وليس في القرآن وفاقا لكن يسن ختم السورة به لقوله عليه الصلاة والسلام: علمني جبريل آمين عند فراغي من قراءة الفاتحة, وقال انه كالختم على الكتاب.

ابو حيان الأندلسي ج1 ص 146 _ 153
.. وروي عن المتصوفة (اهدنا الصّراط المستقيم) أقوال منها قول بعضهم اهدنا الصراط المستقيم بالغيبوبة عن الصراط, لئلا يكون مربوطا بالصراط, وقول "الجنيد" أن سؤال الهداية عند الحيرة من إشهار الصفات الأزلية, وهذه الأقوال ينبو عنها اللفظ, ولهم فيما يذكرون ذوق وإدراك لم نصل نحن إليه بعد, وقد شحنت التفاسير بأقوالهم, وقد رد "الفخر الرازي" على من قال أن الصراط المستقيم هو القرآن, أو الإسلام وشرائعه, قال: لأن المراد صراط الذين أنعمت عليهم من المتقدمين, ولم يكن لهم القرآن ولا الإسلام, يعني بالإسلام هذه الملة المختصة بتكاليف لم تكن تقدمتها, وهذا الرد لا يتأتى له إلا إذا صح أن الذين أنعم الله عليهم هم متقدمون,
(الّذين انعمت عليهم), واتصال "نا" بـ "اهد" مناسب لتعبد ونستعين لأنه لما أخبر المتكلم أنه هو ومن معه يعبدون الله ويستعينونه سأل له ولهم الهداية إلى الطريق الواضح, لأنهم بالهداية إليه تصح منهم العبادة ألا ترى أن من لم يهتد إلى السبيل الموصلة لمقصوده لا يصح له بلوغ مقصوده, وقرأ الحسن والضحاك صراطا مستقيما دون تعريف, وقرأ "جعفر الصادق" صراطَ مُستقيمٍ بالإضافة: أي الدين المستقيم, فعلى قراءة "الحسن" و "الضحاك" يكون (صراط الّذين) بدل معرفة من نكرة كقوله تعالى (وانّك لتهدي الى صراط مّستقيم. صراطا الله) الشورى: 52_53. وعلى قراءة الصادق وقراءات الجمهور تكون بدل معرفة من معرفة صراط الذين بدل شيء من شيء,
(الّذين انعمت عليهم), والمنعم عليه هنا الأنبياء, أو الملائكة, أو أمة موسى وعيسى الذين لم يغيروا, أو النبي , أو النبيون والصديقون والشهداء والصالحون, أو الأنبياء والمؤمنون, أو المسلمون, وقيل: أراد صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين انتزعوا ذلك من آية النساء..
(غيرِ) مفرد مذكر دائما,
(المغضوب عليهم) الغضب تغير الطبع لمكروه, وقد يطلق على الإعراض لأنه من ثمرته, لا حرف يكون للنفي وللطلب وزائدا,
(ولا الضّالّين) والضلال: الهلاك والخفاء, وقيل أصله الغيبوبة (في كتاب لا يضلّ ربّي ولا ينسى) طه: 52.
(ولا الضّالّين) لتأكيد معنى النفي لأن غير فيه النفي كأنه قيل لا المغضوب عليهم ولا الضالين, وقيل المغضوب عليهم: اليهود والضالون: النصارى, وقيل اليهود والمشركين, وقيل غير ذلك,
انقضى كلامنا في تفسير الفاتحة, وكره البعض ان يقال لها: أم الكتاب أو أم القرآن, وجوزه الجمهور.
وقيل: ان ما ورد من الأحاديث في فضل الفاتحة والكلام على هذا كله من باب التذييلات لا ان ذلك من علم التفسير إلا ما كان من تعيين مبهم أو سبب نزول أو نسخ بما صح عن رسول الله فذلك يضطر إليه علم التفسير.

الآلوسي ج1 ص 92 _ 98
(صراط الذّين أنعمت عليهم) قال الرازي بأن قوله تعالى يدل على الصراط المستقيم وهم المتقدمون من الأمم, وما كان لهم القرآن والإسلام, وفيه ما لا يخفى, والعجب كل العجب من هذا المولى أنه ذكر في أحد الوجوه المرضية عنده أن الصراط المستقيم هو الوسط بين طرفي الإفراط والتفريط في كل الأخلاق وفي كل الأعمال, وأكد ذلك بقوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمّة وسطا) البقرة: 143. فيا ليت شعري ماذا يقول لو قيل له لم يكن هذا للمتقدمين من الأمم, وتلونا عليه الآية التي ذكرها, وسبحان من لا يرد عليه.
وقيل المراد به معرفة ما في كل شيء من كيفية دلالته على الذات والصفات. وقيل المراد منه صراط الأولين في تحمل المشاق العظيمة لأجل مرضاة الله تعالى. وقيل العبادة لقوله تعالى (وان اعبدوني هذا صراط مستقيم) يس: 61. والقرآن يفسر بعضه بعضا وفيه نظر, وقيل هو الإعراض عن السوى والإقبال بالكلية على المولى. وقال الشيخ الأكبر هو ثبوت التوحيد في الجمع والتفرقة.
فمتى قال العامي أهدنا الصراط المستقيم أراد أرشدنا إلى الاستقامة على امتثال أوامرك, واجتناب نواهيك. ومتى قال ذلك احد الخواص أراد ثبتنا على ما منحتنا به...
وقد قرأ الحسن والضحاك وزيد بن علي صراطا مستقيما دون تعريف, وقرأ جعفر الصادق صراط المستقيم بالإضافة والمتواتر ما تلوناه (صراط الذّين أنعمت عليهم) بدل من الصراط الأول بدل الكل من الكل.
واستدل بعضهم على أن المغضوب عليهم هم اليهود, وعلى أن الضالين هم النصارى, والأولى بالاستدلال بالحديث لان المغضوب عليهم والضلال وردا جميعا في القرآن لجميع الكفار على العموم فقد قال تعالى (ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله) النحل: 106. وقال تعالى (انّ الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله قد ضلّوا ضلالا بعيدا) النساء: 167.

القاسمي ج2 ص 23 _ 30
... في قوله تعالى (صراط الذّين أنعمت عليهم) تصريح بان هنالك قوما تقدموا وقد شرع الله شرائع لهدايتهم, كما قال تعالى لنبيه يدعوه إلى الاقتداء بمن كان قبله من الأنبياء (اولئك الّذين هدى الله فبهديهم اقتده) الأنعام: 90. حيث بين أن القصص إنما هو للعظة والاعتبار.
وفي قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين) تصريح بان من دون المنعم عليهم فريقان: فريق ضل عن صراط الله, وفريق جاحده, وعاد من يدعو إليه, فكان محفوفا بالغضب الإلهي, والخزي في هذه الحياة الدنيا.
أن الفاتحة قد اشتملت إجمالا على الأصول التي يفصلها القرآن تفصيلا فكان إنزالها أولا موافقا لسنة الله تعالى في الإبداع.
وعلى هذا تكون الفاتحة جديرة بان تسمى "أم الكتاب".

محمد عبده ج1 ص 66 _ 72
(صراط الذّين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين)(قال الأستاذ) الصراط المستقيم هو الطريق الموصل إلى الحق, ولكنه تعالى ما بينه بذلك كما بينه في نحو سورة العصر, وإنما بينه إلى من سلك هذا الصراط كما قال في سورة الأنعام (فبهديهم اقتده) الأنعام: 90. وقد قلنا أن الفاتحة مشتملة على إجمال ما فصل الله في القرآن حتى من الأخبار, وأخبار القرآن كلها تنطوي في جمال هذه الآية.
(قال) فسر بعضهم المنعم عليهم بالمسلمين والمغضوب عليهم باليهود والضالين بالنصارى. ونحن نقول أن الفاتحة أول سورة نزلت كما قال الإمام علي وهو اعلم بهذا من غيره, لأنه تربى في حجر النبي وأول من آمن به, وان لم تكن أول سورة على الإطلاق فلا خلاف في أنها من أوائل السور, ولم يكن المسلمون في أول نزول الوحي بحيث يطلب الاهتداء بهداهم وما هداهم إلا من الوحي, ثم هم المأمورون بأن يسألوا الله أن يهديهم هذا السبيل سبيل من انعم الله عليهم من قبلهم, فأولئك غيرهم, وإنما المراد بهذا ما جاء في قوله تعالى (فبهديهم اقتده) وهم الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من الأمم السالفة.
فقد أحال على معلوم أجمله في الفاتحة, وفصله في سائر القرآن بقدر الحاجة. فثلاثة أرباع القرآن تقريبا قصص, وتوجيه الأنظار إلى الاعتبار بأحوال الأمم...
ومن هنا ينجلي للعاقل شان علم التاريخ وما فيه من فوائد... والقرآن ينادي بان معرفة أحوال الأمم من أهم ما يدعو إليه هذا الدين, (ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات) الرعد: 6.
وههنا سؤال وهو: كيف يأمرنا الله تعالى بإتباع صراط من تقدمنا وعندنا أحكام وإرشادات لم تكن عندهم, وبذلك كانت شريعتنا أكمل من شرائعهم, وأصلح لزماننا وما بعده ؟ والقرآن يبين لنا الجواب وهو أنه يصرح بأن دين الله في جميع الأمم واحد, وإنما تختلف الأحكام بالفروع التي تختلف باختلاف الزمان, وأما الأصول فلا خلاف فيها. قال تعالى (قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم) آل عمران: 64. وقال تعالى (انّا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنّبييّن من بعده) النساء: 163.
فالإيمان بالله وبرسله وباليوم الآخر, ترك الشر وعمل البر, والتخلق بالأخلاق الفاضلة, مستوفي الجميع.

جوهري ج1 ص 3 _ 22
(صراط الذّين أنعمت عليهم) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, وهم عظماء كل أمة وأشرافها, أو الذين أنعمت عليهم من الأمم وهم المسلمون.
(غير المغضوب عليهم) وهم اليهود.
(ولا الضّالّين) وهم النصارى.
وتبيانه أن يقال أن الصراط المستقيم يراد به هنا الطريق الوسط, وهو في علوم الأخلاق.
وقوله (غير المغضوب عليهم) بدل من الذين أنعمت عليهم, ولا في قوله (ولا الضّالّين) للتأكيد (آمين) اسم للفعل الذي هو استجب, وليس في القرآن بالاتفاق, ولكن يسن ختم السورة به.
... وكل نعمة مقدمة لما بعدها, فأعلاها العقل والحكمة, وأدناها المال الذي لا بد منه لحفظ الثلاثة بعده من الأصحاب والصحة والعقل, والمراد بالنعمة هنا أعلاها التي تقوى وتبقى بما قبلها.
وقد يراد بالمنعم عليهم المطيعون, وبالمغضوب عليهم العصاة, وبالضالين الجهال.
واعلم أن المنعم عليهم هم الأنبياء وورثتهم والمخلصون من بني آدم, وهم الذين نصبوا أنفسهم لهداية الناس وإرشادهم.

انتهى ما يتعلق بسورة الفاتحة: رقم 1, الآية 7.

قراءة متأنية: زياد هواش

..








 
رد مع اقتباس
قديم 04-09-2009, 10:28 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: النّصارى في القرآن والتّفاسير

ترغب مجلة بوهيميا الثقافية بتقديم نصوص هذا الكتاب الهام تباعا , بعد تكثيفها وتبسيطها , والتعقيب الهادئ على بعض النقاط الواردة فيها , على أمل تعميم الفائدة , والمساهمة في نشر دراسات دينية أكاديمية ايجابية مختصة وعلمية .

_ تتمنى المجلة على كل من يرغب في الاقتباس من النصوص , أو يرغب في إعادة نشرها أن يشير إلى المصدر .

تم النشر بعد الحصول على موافقة خاصة من الدكتور يوسف.ق.خوري


أسرة التحرير


..

http://www.bohemea.com/mag/index.php?option=com_content&task=view&id=297&Item id=1

..







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط