|
|
منتدى القصة القصيرة أحداث صاخبة ومفاجآت متعددة في كل مادة تفرد جناحيها في فضاء هذا المنتدى..فهيا لنحلق معا.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
27-04-2015, 12:01 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
رجل يعشش بذاكرتي
ما أبعد الأمس عن اليوم بمفهوم الزمن، و ما أقربه من دقات قلبي، يسكنني صوته الجهوري و بحته المنبعثة من رحم الحب. كثيرا ما تخاصمنا على مائدة العشاء؛ بسبب البصل الطازج الذي يغطي طبق الكسكسى، يلوح بحنجرته و يجهد حبه ليرغمني على تناولها، و كانت أمي هي حصني المنيع، لم يكن له قوة تنفذ نحوي و أنا تحت جناحيها. تراودني صورته رغما عني، يسقط وجهه من حقيبة الذكريات، و أنا ما بين نشوة و غصة أراوح فيهما الفرحة و الألم. كثيرا ما التهبت أذني؛ عندما كان يفركها لأستوعب كلماته، و هو يردد على مسامعي: -ألف جعل الله فيها ألفة .. باء فيها بركة .. حاء حكمة تنالها من كتاب الله، جيم جنة مآل عباد الله. صعب أن تعتصر الفرحة و البسمة في وجه الأطفال من براثن الفقر، كان كذلك هذا الرجل؛ ينتفض في وجهي كوردة تتحسس فراشة بريئة، يتفحصني في غفلة مني، و يرتدي التعب ليعريني من البؤس الذي حاصره. إنه رجل يجعلك تدرك؛ أنه من الصعب عليه حمله، و عليّ أيضا؛ فليس سهلا عليّ أن أركض معه و هو عاجز عن إضاءة الطريق. أن يعتمد على قامتي ليزاول المشي، و كأنه يتعلم الوقوف للمرة الأولى. -أنا في عالم آخر بني. إجابة أعلنت عن نفسها منتشية بالإرهاق، عندما كان صوتي يتسلل إليه من خلال مسامات أنينه. -هل آلمك العلاج الكيماوي.. رغم أن تلك الجلسة مر عليها أسبوعان، إلا أن تأثيراتها الجانبية كانت مؤلمة جدا. -بني لا تخف على الثور...الثور حراث. حتى و هو يعالج الألم و قسوة المرض، لم يكن ليخيفني أو يرهقني، بل تخيل عالما ليسبح فيه ؛ليبعدني و ينتشلني من مخاوفي. و هو يراجع دفاتر ارتجالاته و حكمه يبحث عن صفحة الأمل، كانت باهتة..باهتة..صفراء مثل رمال الصحراء..مرر جملة من النصائح و استسلم للنوم على المقعد الخلفي للسيارة، أو كهذا حاول إيهامي، رغم التقاطي لصراخه الصامت، و خطوات الألم تمشط صدره المتهالك. هذا الذي صاحب العواصف الثلجية، و عاند الشجر في ثباته، أدفعه مثل وليد على كرسي متحرك. رأسه تتدلى من على كتفيه، مثل بندول يرفض الإنتصاب عموديا. قبل مواصلة الجلسة الثانية، كان ملزما بالخضوع للفحص و الوقوف على مدى تحمله. أرشدنا ممرض نحو طبيبة لتقف على حالته الصحية. -لابد أن نوقف علاجه و سأحيلك إلى عيادة قريبة من مقر سكناك.. -و لكن... -أخرج والدك و تعال لنواصل الحديث، و أنصحك أن تجلسه في السيارة ليستريح، فمكوثه هنا سيتعبه كثيرا. بصعوبة كنت أتجاوز أروقة العيادة، لم تكن عاطفة أو شعورا يمر مثل ومضة برق، بل كان عمرا تورم بالأحلام المنتهية الصلاحية. و عشرة تقاسمنا فيه حلاوة الأيام و هزائم الوطن المتتالية.. -هل أنت مستعد أن أحدثك بصراحة. قلت: نعم، رغم اقتناعي بعدم تحضري لمثل هذه المواقف، تمنيت أن أستيقظ من الحياة. تأبطت إرشاداتها رغما عني، و استمعت لحديثها الذي كان يمسك قلبي ككلابة صدئة أفرغت فيه كامل سمها. في المساء و أنا خارج حدود الوجود، باغتتني زوجتي بحديثها عنه: -ثلاثة أيام و والدك يحكي لنا حكاية الجازية و ذياب الهلالي.. -هل يحفظها.. -بل و يحسن القص، ربما أحسن منك.. سارعت لأنال نصيبي من الإرث، هكذا هم الفقراء، نصيبهم ذكريات و قصص يغفو على وقع سردها الأطفال. لم أنل نصيبي، فقد كانت وصيته أن تقسم حكاياته على والدتي و زوجتي و أختي، و أكون أنا لأول مرة في حياتي مستعدا لجمع تركة بطريقة مغايرة، قد أقسمها بطريقة عادلة. آخر تعديل ربيع عبد الرحمن يوم 01-05-2015 في 02:43 AM.
|
|||
27-04-2015, 03:30 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
أحسنت يا صديقي |
|||
27-04-2015, 03:29 PM | رقم المشاركة : 3 | |||||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
دمت القاص الذي جمع ما تفرق فأمتعنا
|
|||||
01-05-2015, 02:45 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
سرقت روحي بتلك الشاعرية |
|||
01-05-2015, 06:15 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
وعدتها هناك بالعودة حين تغلغلت في كياني |
|||
03-05-2015, 11:37 AM | رقم المشاركة : 6 | |||||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
القدير بسباس عبد الرزاق
|
|||||
03-05-2015, 09:36 PM | رقم المشاركة : 7 | |||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
الأستاذ القدير محمود جمعة |
|||
03-05-2015, 09:38 PM | رقم المشاركة : 8 | |||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
الحبيب الصديق الأستاذ عبدالرحيم |
|||
03-05-2015, 09:47 PM | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
اقتباس:
كيف لا استاذي و نحن نتأثر و نؤثر، أليس كذلك؟ لذلك بعض النصوص تكون قريبة لنبضنا لأنها تلامس جزئية و ربما مقطعا كبيرا من حياتنا شكرا لحديثك العذب و الذي تلمست منه شوقك لوالدك أستاذي مثلي تماما نعيش على حبهم و تدفعنا وجوههم نحو الأمل و الحياة محبتي و تقديري |
||||
03-05-2015, 10:08 PM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
اقتباس:
ما أكثرنا بك أستاذي و أخي عدي ! قرأت و استمتعت كرمك مدرسة سوف نتعلم منها كيف نكون عطاء ين و كبارا ! قبلاتي أستاذي |
||||
03-05-2015, 10:43 PM | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
اقتباس:
الأستاذ الربيع المزهر عبير حديثك وصلني و لم تقف النت في وجهه ممتن لك أنا و سأبقى لأنك كنت من علمني طريقة الكتابة نفسا بنفس و كلمة بكلمة فوجودك في عالم الكتابة أصبح ضرورة على الأقل بالنسبة لي تقديري و محبتي الكبيرة |
||||
03-05-2015, 10:52 PM | رقم المشاركة : 12 | ||||
|
رد: رجل يعشش بذاكرتي
اقتباس:
تحليل جميل و رائع و غوص جميل بالنسبة لملاحظاتك ، و تلك الخاصة بذكر الأخت، و بعد معاودة القراءة وجدتك صائبا و دقيقا و لابد و أن أعمد للنص و أعدله تبقى الملاحظة الخاصة بجملة (هزائم الوطن) و التي لا أراها مؤثرة بمعنى غيابها لن يضعف و زيادتها لن تضيف، و كما قلت هي مغردة خارج السرب، فسأعمد إليها هي الأخرى و أنتزعها يبقى أنني لا أمتلك خاصية التعديل، و لكنني سأحفظها بين مسوداتي بجهازي كي لا تغيب عني و أعود لتحليلك و الوقوف على المقارنة بين القوة و ضعف شخصية الأب، و كثير من حديثك الذي رأيته درس و مراجعة في طريقة الكتابة أما حبي لتدخل الراوي ثم الإنسحاب، هي طريقة أحبها، كوسيلة اتشطير المعنى و ترسيخه، و صادق أنت في تلميحك لحبي لهذا التكتيك و إن كنت لا أعيه قبلا، و بذلك تعلمت الكثير من ردك شكرا أستاذي لتحليلك الرائع جدا و الذي أدهشني بقدر ما أسعدني محبتي و تقديري الكبير |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|