استثمار

[حسناء صلاح]

لي زمن أنبش تشابكات أعصابي بحثاً عمّا أكتبه تالياً، تطفو الصدقة في صميم الوعي، تلفت انتباهي.
أرأيتم كيف يعانق الماء ذرات الطين فتتناسق العناصر تبني أخضراً يورق حياة بكل لون؟ ماء الصدقة يروي الإيمان صدقاً و حقاً فينبت في النفس وارف الظلال .
و حكايتي مع الصدقة كتبها ربع قرن من الزمن حتى صارت الصدقة من مسلمات وجودي ، مزاج كياني، ما يتكرر بوعي و بغير وعي على مدى الأيام . غير أن كثيرين لا يعرفون الصدقة و أنها تود لو تعانق أيامهم تخبرهم سحرها ، توشوش في صدورهم حكايات عطاء المولى و مودة الكون .. لو أصغوا ...
********************
لمن يبحثون عن التغيير ..
أحاول كثيراً في الثبات ، أن يكون يومي ذو فروض لا أتعداها ، تغيرني نية الصدقة و كثيرًا مما حولي.
********************

[حسناء صلاح]

يسألني بينما يستكمل بيانات الإيصال :
باسم من أكتب تلك الصدقة ؟
يعرفني هذا الموظف و يعرف اسمي فحضوري عنده متكرر و ثابت قدر الإمكان .
أهم بذكر اسمي ثم تعتريني فكرة :
أصاب تضخم القلب والدي بألم يعصر صدره كل ليلة ، يكاد يخطف أنفاسه . يأخذه المساء لحافة الموت ثم يفتح له كوة ..
أنصت جيداً حتى اسمع اسمي بين شفتيه :
أركض مسرعة ، فأتناول دواء علاج الضغط من على طاولة بجوار فراشه و أدسها بين شفتيه و أتبعها قطرات الماء . يهبط ضغط الدم لطبيعته و ينساب الدم في الأوردة و الشرايين و تعود الحياة مسارها في جسمه .
و والدي شخصية كبيرة بحجم الحياة حين تمتلىء بكل الألوان و المتع و النجاح . لكن غضبه الشديد كلما أراد شيئاً عصر حياة البيت ، قتل أوقاتاً جميلة كان فيها الأب الحاني . أما مرضه فنبـّه أعصاب من حوله، يكاد يتوقف الهواء عن المرور عبر رئاتهم حتى يمنح والدي الحياة أولاً ، حفاظاً منهم على حياة تذوي قرب المرض .
لم ينجح الدواء لأبعد من تنظيم الضغط ريثما يرتفع في الليلة التالية يزحف تجاه حياته . ينادي والدي مجدداً، فأسرع و أناوله الدواء ، تنساب الحياة في جسده ،
أسأله : حاجة أخرى؟
_ لا . اذهبي للنوم .
لا أدري أيهما أخذ مني أكثر من الآخر ، عصبيته أم شقاؤه في جوار المرض ؟
أجيب سؤاله : باسم والدي و أسرته . و المال و الفكر والفعل لي بإذن الذي خلق .
يوقف الزحام مسار الشارع ، يأخذه تجاه الفوضى فيعطل مساري ، يلحقني التأخير و أنا عائدة للبيت و معه قلق شديد أن أغضب والدي فيزيده المرض حملاً .
أصل البيت و أنا أتردد في دخوله ، أنوي التسلل للداخل بعيداً عن نقده . يصر القدر أن نلتقي .
تنير ابتسامة وجهه : أ كان الطريق مزدحماً ؟
كيف أحس بي؟
_ أجل .
تبدد ابتسامته سحب غضب لوّث سماء عمرنا .

[حسناء صلاح]

ربي إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، عنواني الدائم هذه الأيام ..
فصل في حكاية القدر يمر عبري يبدأه موت والدي بالفشل الكلوي و الغسيل الكلوي فالموت لا يدق أبواب الأسباب مستئذناً .
يخلف لي الموت أمانة إخراج مال الزكاة . يقرر أخي شراء وحدة للغسيل الكلوي لمنفعة ذوي الحاجة من مرضى الفشل الكلوي ، حفظكم الله و عافاكم من هذا البلاء العظيم.
الشهر الأول :
لأخي صديق أمين يود لو يساهم في شراء الوحدة . أيام الشهر تمر عبر الاستفسار عن المستشفى الذي يوضع فيه الجهاز و الرخصة و الأطباء فيصلان للتفاصيل . يتجه المال لقصده : شركة تشتري جهاز ألماني للمرضى الفقراء.
الشهر الثاني و الثالث :
تعبرهما مفاوضات مع الشركة تنتهي باسم الجهاز و الموديل و السعر و عقد يلزم الشركة بشرائه قرب نهاية الشهر بعد اكتمال طلبات الأطباء و غيرهم .
الشهر الرابع و الخامس : انتظار ..
نهاية الشهر السادس:
اتصلت بصديق أخي للاِطمئنان على صحة مشروعنا المشترك فشكى لي تقاعس الشركة عن وضع طلب التوريد حتى ارتفعت الأسعار ، زاد السعر عن متناول يد المشترين فأعرضوا عن الشراء و بارت الصفقة ! أبلغت أخي فأحزنه خسارة ثواب عظيم و منفعة للبشر وددنا لو أنها مرت عبرنا .
الشهر التالي:
يعود تدبير الأمور إلي. أفتش عن أسباب الفشل ، ألمح واحدًا : أتساءل كيف ظننت أنني أفعل و أقدر و أن علاج الناس إليّ و منفعتهم بيدي ! كيف أزاح ذاك الهاجس تجارب لا تعد و لا تحصى ، محصلتها أن الأمر كله بيد الله ؟!
أزيح ركام المعرفة و ما لقنوه عقلي سابقاً سموه علماً وسموه بالثبات ، يتراءى الآن في ضوء المتغيرات الجديدة ، يتماوج و يتغير و يتلاشى في حضور ما هو خير منه.
أصلي مطولاً في سكينة ، تتلاشى نبضات أعصابي : بقايا أفكار و فتات أوهام و ضباب يعمي عين العقل فلا تبصر. يفرغ ذهني مما ليس شغله فيستقبل رسالة : الأمر لله من قبل و من بعد .
*****
وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفاً مسلماً و ما أنا من المشركين . ربنا الله النافع الضار الشافي ، العفو الغفور ، يا علام الغيوب ، اقضِ عنا الدين و أغننا من الفقر و اشفنا من المرض .
اللهم آمين عدد خلقك و رضى نفسك و زنة عرشك و مداد كلماتك .
صلاة و سلام على رسولك و أهله الكرام دائمين ملىء السماوات و الأرض و مابينهما .
*****

[فاطِمة أحمد]

صباح الخير أخت حسناء .. أهلًا بك هنا...

جميل أني رأيت الصدق فيما كتبت.. وقلما يلمع
ما شاء الله ... لكن
لديك حس أدبي يحتاج للوقوف منك أكثر
أنت بحاجة أن تحددي ماذا تريدين الكتابة قبل أن تبدأي
هل تريدين كتابة قصة أدبية، أو قصة وعبرة، أو يوميات، أو مقالة قصصية فكرية
القصص لأنها كانت محشوة بأشياء لا تفيد حبك القصة ولا تركز على التشويق ثم أختتمت بنصيحة وفائدة وليست قفلة .. جنحت بنا عن القص قليلا أو كثيرا في النهاية
تكديس أعمال كثيرة في موضوع واحد لا يعطيها حقها من النقد والتأمل والرأي
اكتبي... فهي قصص ستعودين إليها حتما لتكون مصقولة أكثر.. بعد أن تحددي نمط كتابتك
سعدت بالقراءة لك..تمنياتي الأجمل لقلمك.

[محمود جمعه]

أري نصوص إنسانية النزعة فى كتاباتك التي اتفق مع الاستاذة فاطمة أحمد فى كونها لم تنتمي إلى جنس أدبي محدد ، و أري أن لديك لغة جميلة و متدفقة لا ينقصها سوي أن توضع فى إطار أدبي محدد.
محبتي