اتفقنا على ان نتقابل ككل يوم تحت شجرة ((النيمة )) داخل البيت المهجور الذي لا يمر من شارعه انسان إلا واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم .....والشيطان اذا تحسس وجودنا داخله استعاذ بالله من نفسه وأخذ صغاره وانصرف فى هدوء ، تجاذبنا اطراف الحديث ، ابحرت فى عينيها ، امسكت يدي تعد خطوطها تخطئ فتعيد ثم تخطئ فتعيد، دلفت متغزلا فى الليل على شعرها ،، وفجأة عم الصمت زواياها وقالت : ان كنت حبيبي فبيت ابي اقصى الحي تعرفه جيدا ولا يعرفك قم بزيارته ولو تفعل مايفعله الاطفال وكانو(يقرعون الجرس ثم يلوذون بالفرار ) وضعت نقطة على اخر السطر . لبست طرحتها ثم انطلقت مسرعة ، سمعت ضحكة كادت ان توقع طبلة اذني ، تقفيت اثرها ، واذا به شيطان اختبأ ولم يذهب مع اخوته وظل قابعا تحت حائط لم تكتمل ملامحها بعد ، يشاهد ماكان يدور بيننا ، قرأت كل السور التي احفظها ، وكل السور التي لا احفظها ، ذهبت الى المسجد احضرت مصحفا وضعته فى وسط البيت ،، ملقنا الشامتين درسا لم تضعه وزارة التربية والتعليم من ضمن مقرراتها ..ثم انطلقت قاصدا دار حبيبتي اجمع شظايا خاطرها المكسور ، وقررت ان اقطفها من ابيها ، قرعت الجرس ، فتح لي ابوها الطويل (الاشنب ) سلمت ، دخلت ، عرفته على نفسي ، اخبرته بأني اريد ان اشاركه ابنته ، باغتني بسؤال ماذا تعمل ؟؟ اجبته بأن سيرتي الذاتية فى كل المؤسسات والدوائر الحكومية ومازال القدر يتكلم وانا استمع ،، قال : لي استمع وانصت للأبد واعلم انه ليست لدينا فتاة للزواج ، نظرت اليه نظرة ليست بالقصيرة هممت باقتلاع شاربه الطويل ولحيته الكثه لو لا اني سمعتها تتنهد ، شسعت المسافة بيني وبين الامل ، لملمت ماتبقى من كرامتي وجمعت بقايا عزة نفسي وفضلات كبريائي وانصرفت والعبرات تنتحر على صدري ، حملت حقائبي فقد صار المقام فى الوطن ضرب من المستحيل ، قصدت اوربا فقد قيل انها أنثي حبلي بالمال لا تحتاج الا قبلة لتلد لك الثراء ولادة طبيعية ، وجدتها انثي فعلا ولكن عاهرة لا تمكنك من نفسها إلا بمقابل ، لم اجد احن واشفق من صناديق القمامة هي الوحيدة التي تحتضنني دون ان تزجرني ، وكنت لا اتأفف منها ابدا ، كنت امارس معها مايراه الجميع مقزز ، كـــــــــــافحت نــــــــــاضلت ، تحديت الشمس فى حزيران وجهنم فى تموز ، تحديت الاهوال فى تشرين تحديت الموت فى كانون القارص ، واخيرا وجدت وظيفة فى احد الفنادق المغمورة ، عملت فيها عامل نظافة ترقيت الى نادل ثم الى كبير عمال (مشرف) ثم وضعتني الادارة مع طاقم الاستقبال ، توسعت علاقاتي وكنت امازح المدير فى كل صباح قائلا (بأني يوما ما سأصبح المدير لهذا الفندق كان يبتسم ابتسامة عجزت عن فك طلاسيمها ويسرع الى مكتبه كأنه يستحيل حدوث هذا الشيئ ، وفعلا مرت الايام ، لم اصبح المدير ولكني اصبحت المالك للفندق .. تتطور المشروع واتسعت مساحاته الابداعية بعد جهد جهيد ، وتحول الفندق الى سلسلة فنادق عالمية . اصبحت من اثري الاثرياء ، شدني الحنين الي الوطن شدني الحنين الى البيت المهجور للنيمة والشيطان ، ولحبيبتي التي كان يعانقني طيفها كل ثانية ، ركبت الطائرة ، يجلس على يمني الشوق وعلى يساري اللهفة ،، وطئت قدماي ثري وطني بسلام ، دخلت الحي الذي اقطنه ، شعرت بالتعب والايدي المصافحة فى تزايد ، ذهبت البيت ، سألتهم عنها ؟ اجابوني بالصمت ، علمت انها ليست بخير ، هرولت الى منزلهم ، اخبروني بأنها انتحرت وقعت مغشيا علي ، افقت سألتهم مرة اخري علهم يقصدون شقيقتها استوعبت الامر ثم وقعت مغشيا علي مرة اخري ، سألتهم ولماذا قتلني معها ؟ قالوا ( عقد قرانها دون الرجوع اليها وفى ليلة الزفاف الاسود انتظر الجميع ان تخرج عليهم عروس كالقمر فخرجت عليهم جثه هامدة محمولة على الة حدباء ، انقلب الفرح الى ترح ، والتهاني الى تعازي ، وأكمل الحفل على المقابر . لم اتمالك نفسي انهمرت دموعي ، وابيضت عيناي من الحزن وانا كظيم ، وصرخت ماطعم الثراء بدونها وماطعم الحياة ان لم تكن فيها ، هدئوا من روعي ، اعطتني شقيقتها رسالة كانت قد تركتها لي قبل انت تفارق الحياة ،، فتحتها تسبقني اللهفة (((حبيبــــــــــــي مالحياة الا صد وحرمان وهجر واحزان ، والذي خلق العشق مافتحت قلبي لطارق الا انت وما اشرقت شمس بداخلي الا شمسك ،، اسد يطارد ضبع ليأكله ، وحوت يطارد سمكة يشهرها فى وجه الجوع ، وهكذا نحن ،، قدر يطارد انسان ليتحقق المحتوم ، واعلم ياحـــــــــبيبي اني لم انتحر كما يعتقد الجميع وانما سبقتك الي الجنة ، وقد سألت الله ان لايعاقبني على المطية التي امتطيتها وانا قاطعة طريقي الى الجنة ، كن على الموعد ياحــــــبيبي فقد عهدتك لا تخلف الميعاد )). انتهي كلامها يرحمها الله . ذهبت الى المقابر اهديها اشواق اثقلت كاهلي ، احتضنت قبرها بكل ما اوتيت من قوة دعوت لها الله ، قرأت لها الفاتحة ثم ذهبت ، والان اكتب هذه القصة وانا فى احضان مستشفي الامراض العقلية قسم الطوارئ والحالات المستعصية ...!!!!
29-09-2014, 02:01 AM
انا وحبيبتي والبيت المهجور
العرض العادي
