السودان والأفق الثوري المسدود...

[زياد هواش]

السودان والأفق الثوري المسدود...

إعادة اكتشاف السودان
2019-05-02
نهلة الشهال
رئيسة تحرير السفير العربي

محاولة قراءة موازية:

كما هو عليه الحال الاجتماعي والديني الغني والقلق في السودان مختزلا شرق وجنوب افريقيا كذلك هو حال العراق مختزلا جنوب وغرب آسيا كنموذج عربي مصغّر
وإيران أيضا كنموذج إقليمي أكبر ويتجه الى مصير السودان بخطى ثابته ونهائية وحيدة الاتجاه

وحتى يتم الكشف عن وثائق روسية_أمريكية تعود لما بعد الحرب العالمية الثانية او ما كان يُعرف خداعا بالحرب الباردة
من الواضح ان قرار تفكيك يوغوسلافيا قديم والامر نفسه ينطبق على السودان وليبيا وربما مصر عربيا وبالتوازي المخطط يجب ان يتضمن أفغانستان وإيران وتركيا واثيوبيا في الإقليم

في الوقت الذي تسقط فيه تونس في قبضة الأولغارش الأمريكي متمثلا بالعائلات المافيوية النيويوركية الخمس التي اشعلت الحراك السلمي التونسي من خلف الستار عبر عمال المرافئ
تسقط فيه بعض ليبيا في قبضة المافيا الإيطالية بشكل مباشر والبعض الاخر في قبضة الأولغارش العسكري الفرنسي المباشر

إذا ليبيا تتجه الى حاضر السودان اليوم او الى نموذج الدولتين في الوقت الذي تتجه فيه السودان الى حاضر يوغسلافيا اليوم او الى نموذج الدويلات ويبقى مستقبل الوضع في مصر ضبابيا عنوانه الرئيسي صراع الأرياف الفقيرة والضواحي المُعدمة والمدن المتخمة بمظاهر الأولغارش العسكري المتوحش

كما في تونس ومصر والجزائر وليبيا كذلك هو الحال في السودان
حراك شبابي حقيقي ممسوك من الخارج من البداية يزيح ديكتاتور تقليدي صوري ويستبدله بالإخوان المسلمين ثم لا يتأخر الأولغارش المحلي بقيادة الجيش في استعادة السلطة وبناء ديكتاتور أكثر فراغا وجوعا ووحشية من سابقه

قد تكون السودان اول من أسقط حكما عسكريا واوصل الاخوان الى السلطة في ثمانينيات القرن الماضي وقد تكون الجزائر ثاني من فعل ذلك بإخراج مختلف للغاية لأسباب مختلفة وخارجية بالتأكيد في حينها
ولكن القاعدة الذهبية بقيت واحدة وهي ثنائية الأولغارش القاتلة: (العسكريتاريا والاخوان)

في العام 2011 انطلق "الربيع الأولغارشي المتوحش" في المنطقة العربية والاقليم على ثوابت صحيحة وجماهيرية وشبابة ومخلصة وغير واعية ولأهداف خارجية استعمارية خطيرة وغير واضحة بالرغم من إعلانها أمريكيا من سفارتهم في بيروت تحت غطاء ثورة الأرز وتسميتها بـ "مشروع الفوضى الخلاقة العظيم"

لا شيء مختلف او جديد في حراك السودان او حراك الخرطوم وحتى حضور المرأة الفاعل ينسحب على واقع المنطقة الثورية العربية بعد العام 2011 ويعبر تماما عن حاجة ورغب وقدرة المرأة العربية على الخروج من المنزل ومن مظلة المجتمع الذكوري العنصري المتخلف وهي بذلك ثورة سلمية نسوية داخل حراك فوضوي

لا يريد ولا يستطيع الحراك في السودان ان يتجاوز معادلة العسكر والاخوان الذهبية
ولكن هل يستطيعون الوقوف في وجه القوى الإقليمية والخارجية في الوصول بالسودان الى نموذج يوغوسلافيا !
ما قد يبدو اليوم ثورة سلمية بابتسامة نسوية ناصعة البياض قد يكون غدا حربا ذكورية أهلية تقسيمية حمراء

قد يبدو التدخل السعودي والمصري والاماراتي واضحا ومباشرا في دعم العسكريتاريا السودانية المتنمرة والباقية او تحرق البلد والبعث السوداني الحاضن لها
ولكن هذا الدعم العربي المحدود التأثير بالفعل يقابله دعم إقليمي تركي وايراني واسرائيلي واثيوبي للإخوان والقاعدة وداعش واخواتها

القضية ليست في اسقاط حاخام بل حاكم عسكري مجوف بالفعل في كل مرة بل في اسقاط حكم العسكر والاخوان مرة واحدة والى الابد
كيف يمكن للسودان وبقية المتاهات الجمهورية العربية فعل ذلك !
اسلخوا جلودكم الطائفية والمذهبية والعرقية والسياسية والمناطقية وانتظروا نمو جلد وطني مشترك ونهائي

في السودان وفي بقية جمهوريات الموت العربية
الجيش الوطني السابق لم يعد جيشا ولم يعد وطنيا بل ميليشيا محلية ذات هوية متعفنة تستمد شرعيتها من الخوف من الإسلاميين الشركاء المستترين له
الجيش لم يعد يمثل الفقراء وأملهم في التنمية بل صار قوة الأغنياء الفاسدين او الأولغارش الذي يقمع الفقراء بوحشية

هل اسقط الحراك السوداني البشير !
بالتأكيد فعل
ولكن هل أسقط الحراك العسكريتاريا السودانية !
بالتأكيد لم يفعل
هل سيرفع يوما العرب شعارا ثوريا يقول بفصل الجيش والاخوان عن السياسة !
بالتأكيد لن يفعلوا ذلك
لماذا !
لأننا لسنا شعوبا ثورية بل قبائل عصبية
4/5/2019

صافيتا/زياد هواش

..