إنها سياسة أيها الساسة !!

[د.إيهاب فؤاد]

فكرت يوماً أن أُطلِّق الحديث عن السياسة والساسة أدام الله خيرهم،ولكنى وجدتني سأترك الحديث عن كل شئ،لأن الحديث عن ارتفاع الأسعار سياسة،والحديث عن الفساد الإداري سياسة،والحديث عن الإقتصاد وتردى وضعه سياسة، والحديث عن أحلام البسطاء سياسة، والحديث في الدين سياسة، فقلت إذا تركت الحديث عنها والكتابة في صلبها فهذا يعنى أن اكتم صوتي، وأن أحبس أنفاسي وهذا أيضاً سياسة، فربما يكون صمتي علامة رضا،فوجدتني لا أستطيع أن أعيش منفصم الشخصية،متقلب الحال والمزاج، ووجدت أن العيب ليس في الحديث عن السياسة ، والساسة، ولكنَّ العيب يكمن في أولئك الذين يتعاملون مع الناس بأخلاق السياسة التي جرى العرف على أنها وفى حدود فهمي الإجراءات و الطرق التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات من أجل المجموعات و المجتمعات البشرية . و مع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول و أمور الحكومات فإن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة و قيادتها و معرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة و التفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد ، بما في ذلك التجمعات الدينية و الأكاديميات و المنظمات،وجدتني أحرث في الماء،وأشعر أنني بفهمي هذا ربما أكون من كوكب غير كوكبنا، فهمنا أن السياسة تعنى المرونة واللين، ومنها جاء معنى السياسة في اللغة: مصدر ساس يسوس سياسة.
فيقال ساس الدابة أو الفرس إذا قام على أمرها من العَلَف والسقي والترويض والتنظيف وغير ذلك.
وظني أن هذا المعنى استقاه الناس ليقوموا على أمر الناس، وعلى كل ما يتعلق بشئون حياتهم ، وأمورهم الدنيا ، وما يتعلق بأمور الحكم، والناس، وأحوالهم، وأخبارهم، حتى تغير الوضع، وانكشفت السوءة ، وبان المستور،فوجدت السياسة على غير ما قرأنا، وسمعنا،لقد أضحت السياسة ألاعيباً، وخدعاً، وحيلاً، ومحاولة إيهام الناس بواقع غير الواقع الذي نعيشه، حتى أصبح الذي يصارح الناس بواقعهم المرير ليس بالسياسي الأريب، لأنه لا يداهن، وجدت أن أخلاق السياسة هي مربط الفرس في كل التعاملات، من قمة الهرم، إلى قاعدته، وتلاشت سياسة الأخلاق التي كانت تحكم الناس ردحاً من الزمن، كان الناس قديماً يحترمون ما يقولون، ويقدرون ما يوعدون به الناس،فإذا قال الواحد منهم كلمةً كانت عقداً وميثاقاً، وإذا وعد الواحد منهم كان ذلك ديناً في عنقه حتى يوفى، هكذا كانت سياسة الأخلاق، حتى تغير الحال، والمقال، والزمان، فغدت أخلاق السياسة هي الحكم ، وهى المسيطر، فإذا هب أحد ليعارض، و يننقد ما تقوم به الحكومة الرشيدة تُسن الأقلام، وتتبارى الصحف في تشويه معالمه، وإذا تحدثت الحكومة ،فحدث عن إنجازاتها و لا حرج، وكأنها تتحدث عن مجتمع غير الذي نعيش فيه، حيث لا غلاء، ولا جريمة ، ولا قيود على الحريات، ولا الأشخاص، وكأنهم يتحدثون عن مدينة أفلاطون الفاضلة وحينها تدرك المعنى الحقيقي للسياسة، ولا تملك إلا أن تقول إنها السياسة أيها السادة...

د. إيهاب فؤاد

[ماجدة ريا]

الأخ الكريم الدكتور إيهاب فؤاد
فعلاً يا أخي إنها السياسة التي تدخل في كل شيء ، وفي زمان كالذي نعيش فيه، يحق لك وللجميع أن يقولوا ما تقول، حيث انقلبت القيم والموازين، والمرء يبحث عن بقعة الضوء التي يمكن أن تمدّه ببقعة الأمل بعيداً عن تصرّفات هؤلاء الساسة والسياسين، فهل نستطيع استعادة حقوق الشعوب المهدورة على يد مثل هؤلاء؟ أو ربما نحتاج إلى طواقم جديدة من السياسيين الذين يمكن أن يعيدوا للسياسة قيمتها الحقيقية؟
شكراً لك أخي ودمت بألف خير
ماجدة

[د.إيهاب فؤاد]

الأستاذة الفاضلة ماجدة !!
يبدو أننا فى حاجة إلى زمن غير الزمن، وأناس غير أولئك الذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم،لقد تبدل كل شئ،وأضحت الحيل لسان حال الشعوب،وأضحت الشعوب لعبة فى أيدى من يسوسنهم، لايقيمون لهم وزناً، ولايقدرونهم قدرهم، واصبحت الديمقراطية عرجاء، ديمقراطية فى الغرب،أما شعوبنا العربية فهى لم تنضج بعد حتى ينعموا بها ، إنها حقاً سياسة..
أشكر مرورك الكريم....

[سلمى رشيد]

د ايهاب فؤاد
تحية طيبة
اختلط مفهوم السياسة في عصرنا هذا فأصبحت هذه الكلمة مطاطة متقلبة حسب المصالح وواقع البلد الذي نعيش فيه.
السياسة بمفهومها الحالي لا مكان لها في المدن الفاضلة ....بعيدة كل البعد عن النزاهة وحسن النوايا...وأبعد ما يكون عن واقع حال الشعوب.
دكتور ايهاب
توصيفك للسياسة بأنها ترويض هي أدق توصيف
هم يحاولون ترويض الشعوب لكي لا يجمحوا بمعارضتهم وبالتالي يبسطون أيديهم على كل شيء.

الا هم الخاسرون لدينهم وشعوبهم!!!

جزيل الشكر.

[د.إيهاب فؤاد]

الأستاذة الفاضلة سلمى رشيد
لعلنا لا نختلف على اننا أدمنا الترويض،إن السياسة التى تُحرك الماء الراكد، وتعكر الماء الزلال مفصلة حسب المقاس على أهواء ومصالح القوى الكبرى التى تنظر لنا نظرة دونية ولعلى أحكى لك موقفاً حدث معى منذ ثمان سنوات تقريباً، كنت فى جامعة ميرلاند بأمريكا، والتقيت بصحفية يهودية فى حوار مفتوح، وقالت لنكن صرحاء، سل ما بدا لك من أسئلة، فقلت لها لى سؤال واحد أرجو ان تكون الصراحة عنواناً للرد فيه كما اتفقنا، قالت تفضل:
قلت لها لماذا تحركت أمريكا بسرعة مذهلة فى الكويت وردت العراقيين عنها، ولم تتحرك فى فلسطين منذ عام ثمانية وأربعين؟ قالت لى ياعزيزى اتفقنا على الصراحة ، قلت لها نعم، قالت : المصالح تحرك الشعوب، ولعل هذا أيضاً نوع من السياسة المتقنة، والمفصلة على مقاس المصالح والأهواء..
دمتِ بخير واشكر مرورك الكريم ..

[سلمى رشيد]

د ايهاب فؤاد
تحية طيبة ويسعدني هذا الحوار والتواجد معنا

شعوبنا العربية هي دائما الضحية لأنها تساس من حكام وقادة لا يمكن وصفهم إلا بالسلبية ولا يخافون إلا على مصالحهم ..
هنالك فرق بين الساسة هنا وبين ساسة الغرب أو إسرائيل,,
الوضوح في عدائهم لنا ومواقفهم معنا حتى لو تلونوا ..
الحرص على مصالح شعوبهم...
ومعرفتهم أن الرأي العام لن يغفر لهم زلاتهم.

فلنتخيل إذن هذا الفرق الشاسع....

د ايهاب
الحديث ذو شجون وما بين السياسة والساسة ضاعت قضايا الأمة.

جزيل الشكر

[د.إيهاب فؤاد]

الأستاذة الكريمة سلمى
لمستِ وطراً حساساً ألا وهو الخوف من المحاسبة، فى الدول الغربية الشعوب تقوم بدور الرقيب على من يملكون ناصية القرار، اما شعوبنا فقد اعتادت أن رأيها لا يقام له قيمة، ولا وزن، ومن هنا يعزف الناس عن إبداء آرائهم وتكمن الطامة هنا فى أن الامر صار سجية، وصار طبعاً يحتاج إلى زمن لتغييره، والزمن فيه جزء من العلاج، فتربية الأمم والشعوب تحتاج إلى سواعد فتية، وإلى عقول نيرة لترد الناس إلى طبيعتهم التى استمرات الصمت والتغاضى عن الحقوق، واعتادت أن تدور فى فلك البحث عن لقمة العيش وتناست فى مقابلها كل الحقوق فضاعت الكثير من القضايا على موائد الساسة..
أشكر تواصلك

[ايهاب ابوالعون]

السلام عليكم

السياسة هي رعاية الشؤون

و يتم تسييرها وفقا للمبدأ و العقيدة المتبناة , فالسياسة في الاسلام هي رعاية شؤون المسلمين في الداخل و الخارج وفق الشرع , و تحقيق الشرع و مصالحه , و ان تكون علاقة الدولة بالدول الأخرى ضمن سياسة وفق الشرع الاسلامي .

اما المبادئ الأخرى فلا تقتضي مصلحة شرع او مبدأ , بل تقتضي مصالح شخصية , و الغاية فيه تبرر الوسيلة .

شكرا لك على ما تفضلت به أخي صاحب الموضوع

[د.إيهاب فؤاد]

أشكر مرورك الكريم ، وتعليقك الذى يحمل إضافة..

[سلمى رشيد]

السلام عليكم وتحية طيبة

مما يروى عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قوله "أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم فإن وجدتم فيّ اعوجاجا فقوموني، فقام رجل فقال: والله يا عمر لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا، فقال رضي الله عنه: الحمد لله الذي أوجد في أمة محمد من يقوم اعوجاج عمر بحد السيف، والحمد لله أن في الأمة ثباتاً".


وجميعنا ايضا نذكر تلك المقولة لمن أرسلته الفرس للتفاوض مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..فحين وجده تحت شجرة قد نام، وعصاه الدرة عند رأسه، وقد توسد ذراعه، فقال
حكمت فعدلت فأمنت فنمت".

اين الساسة الآن وجيوش البودي جارد تحميهم من خلفهم وأمامهم ومن الميمنة والميسرة وتناسوا أن من يحميهم العدل وحماية مستحقات أمتهم وشعوبهم.

وأين الديمقراطية قولا وفعلا والتي جعلت رجلا من الشعب يقول لعمر بن الخطاب أنهم سيقومون إعوجاج الحكم بحد السيف.

الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان خليفة المسلمين وقائدا دك أقوى حصون العدو...وسياسيا حكيما لا يخاف في الله لومة لائم..
فأين انتم أيها الساسة الآن من عمر؟؟؟
جزيل الشكر.

[د.إيهاب فؤاد]

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأستاذة سلمى ...
حين يغيب العدل تختفى مظاهر الأمن، وحين يعم الأمن تكون الرعية كلها درعاً حامياً لمن يسوسنهم...
إن الرغبة فى البقاء فى المناصب سبباً رئيساً فى ديكتاتورية الساسة، ومحاربة الآخر ومحاولة إقصائه..
دمتِ بخير