صباح الخير من أقلام الصباح (8)

[فاكية صباحي]

الإخلاص خلق الصالحين



تحل السكرات بمحمد بن أسلم فيقول لخادمه وقد أصابته رعدة : مالي وللناس ..والذي لا إله إلا هو لو استطعت أن أتطوع لله وحدي حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفا من الرياء ..
ولكن لا أستطيع ..وكان يدخل بيته ومعه كوز ماء فيغلق بابه ويقرأ القرآن ، ويبكي ، وينشد فيسمعه إبن له صغير ويقلده في البكاء ..فإذا خرج من بيته غسل وجهه واكتحل لئلا يُرى أثر البكاء عليه ..ويقول خادمه: دخلت عليه قبل موته بأربعة أيام .فقال :
يا أبا عبد الله أبشر .. فقد نزل بي الموت ، وقد منّ الله عليّ أن ليس عندي درهم يحاسبني
عليه .. فقد علم ضعفي فإني - والله لا أطيق الحساب فلم يدع عندي شيئا يحاسبني عليه فله الحمد ..
ثم قال له : أغلق الباب ولا تأذن لأحد بالدخول عليّ حتى أموت .. واعلم أني سأخرج من الدنيا ليس عندي ميراث غير كسائي وإنائي الذي أتوضأ فيه ..فغطوا عليّ بكسائي .. وتصدقوا بإنائي على مسكين يتوضا فيه ..ثم لفظ روحه في اليوم الرابع ليلقى الله ليس معه من الدنيا شيء ..فرحمه الله رحمة واسعة

خـذ القناعة من دنياك وارض بـــــــها ***لو لم يكن لك فيها إلا راحة البــدن
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمـــــعها *** هــل راح منها بغير الخيط والكـفن



فأين نحن من روح تخاف حطام الدنيا وهي تسلك بروج
الآخرة راضية قانعة..؟