الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-2012, 03:13 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هشام النجار
أقلامي
 
الصورة الرمزية هشام النجار
 

 

 
إحصائية العضو







هشام النجار غير متصل


افتراضي د/أنس البُن: أخاف على مصر من عبد الناصر جديد

حاوره/ هشام النجار
د/ أنس البُن من الشخصيات المرموقة والعلامات البارزة في مجال الطب والعمل الإنساني والنضال السياسي في مدينة الجمالية وفي محافظة الدقهلية بشكل عام هو الآن يعيش المرحلة الأروع والأهم في حياته العامرة بمعاني الوفاء كزاهد في كل شيء يمشى بين الناس كواحد منهم بعد رحلة ذاخرة بالعطاء والتفاعل الإنساني مع شعوب العالم يجلس بمفرده يتأمل ويستعيد الذكريات ويقارن بين العصور والحقب ويستخلص الدروس والعبر.
ولا يجد غضاضة في أن يتواصل مع الأجيال الشابة كواحد منهم أيضاً.. يتبادل معهم النقاش ويُجرى الحوارات ويمدهم بالمعلومات.. وينقل إليهم بدون تعب منهم ولا مجهود كبير خبرات السنين.. هكذا بالمجان.
استوقفتني كثيراً بالفعل هذا اللفتة الكريمة الراقية من هذا الإنسان .
فما الذي يجبره على ذلك.. وقد وصل إلى هذه المكانة؟!!
وقد يراه ممن هم دونه في القيمة والمقام جرحاً في الهيبة والوقار.. ولذلك تجدهم يمتنعون وينعزلون ويحيطون أنفسهم بأسوار سميكة من السرية والغموض.. وإذا دعوتهم إلى ندوة أو مُلتقى مع الشباب يتكبرون.. وإذا أخبرتهم أن هناك اختراعاً جديداً يُسمونه "الفيسبوك" للتواصل مع الشباب ومختلف التيارات السياسية.. يتندرون.
قررنا هنا عبر موقع الجماعة الإسلامية رد التحية للدكتور الفاضل أنس عبد الحليم البن.. وكما تكرم بعلمه وثقافته وخبراته وذهب بها إلينا وإلى الشباب في المؤتمرات وعلى الفيسبوك.. قررنا نحن الذهاب إليه لنستزيد من هذا العلم.. ولنقلب معه دفتر الذكريات.. ولتكون تجربته الإنسانية العميقة وآراؤه السياسية الثاقبة وخبراته الحياتية الممتدة زاداً تنهل منه أجيالنا ويتعلم منه شبابنا .
نرحب في البداية بالدكتور أنس البن ضيفاً كريماً على الموقع.
أهلاً ومرحباً بكم.
لو أردنا تعريفاً مختصراً بحضرتك وتدرجك الوظيفي والمهني؟
د/ أنس عبد الحليم البُن.
تخرجت من كلية الطب سنة 1978م.
وقضيت سنة امتياز بالقاهرة لعام 1969م في مستشفى الحسين.. وكانت فترة ثرية جداً رغم قصرها.
ثم قضيت في محافظة بني سويف عامين في القطاع الريفي.
ثم انتقلت إلى الدقهلية بمستشفى المنزلة.. وبعدها مستشفى ميت سلسيل القديمة "المجموعة الصحية".. وحضرت هناك حرب أكتوبر 73م.. وتزوجت هناك.
ثم انتقلت إلى الجمالية مديراً للوحدة الصحية في المركز الاجتماعي.. ثم انتقلت لمكتب صحة الجمالية وقضيت هناك حتى عام 96م.. وفى خلال هذه الفترة سافرتُ إلى السعودية وعملت بالرياض لمدة عام.. ثم إلى ليبيا وقضيت هناك ثلاثة أعوام حتى عام 92م.. ثم أدرت في الجمالية إدارة تنظيم الأسرة.. وبعدها مديراً للإدارة الصحية بالمطرية.. ثم أخيراً مديراً للإدارة الصحية بالجمالية حتى خروجي على المعاش عام 2005م .
أعلم أن حضرتك من هواة السفر.. فما هي الدول التي سافرت إليها ؟
ج : بالنسبة للعمل فقد حصلت على دورات تدريبية في العلوم الإدارية من عدة دول كان آخرها دورة تنمية بشرية من انجلترا عام 2000م.
أما بالنسبة للسفر للسياحة والثقافة فقد سافرت إلى دول كثيرة بعد خروجي على المعاش.. فسافرت إلى تونس عدة مرات ولى فيها كثير من الأصدقاء من المثقفين والشخصيات العامة.. وسافرت إلى عدة دول أوربية فزرت ألمانيا وفرنسا.
وهذه السنة سافرت إلى النمسا وسويسرا وأيضاً فرنسا للمرة الثانية.
نريد لمحة سريعة لخريطة الانتماءات السياسية لحضرتك؟
أنا بدأت في اتحاد الطلبة في الجامعة.. وإن كان يغلب على نشاطي وقتها الطابع الإبداعي والفني على الطابع والتوجه السياسي.
والسياسة بمفهومها المتعارف عليه لم تُمارس في الخمسينات والستينات. حيث لا معارضة ولا أحزاب ولا تنوع.. فهيئة التحرير هي الاتحاد القومي هي الاتحاد الاشتراكي.. هي الحزب الوطني بعد ذلك.
وفى عهد السادات عندما بدأنا نشعر نوعاً ما بالتغيير والسماح بالأحزاب.. انضممت فترة لحزب الوفد.. وزرت فؤاد باشا سراج الدين وجلست معه ومع زوج ابنته فؤاد بدراوي.
كيف وجدت فؤاد باشا عندما اقتربت منه؟
هو إنسان راقي جداً وعقلية سياسية ممتازة وشخصية وطنية شريفة.. لكنهم حاولوا تلويثه وتشويه سمعته.. كما حاولوا ويحاولون ذلك مع الإخوان وجميع الشرفاء.. فصوروه كإقطاعي يتعامل مع الشعب معاملة السيد مع العبيد.. وغير ذلك من الأكاذيب.
ولكن لماذا الوفد بالذات؟
الوفد في ذلك الوقت كان هو الصورة الراقية للمعارضة.. وكان المتنفس السياسي الراقي وواجهة المعارضة المحترمة.
أما الأحرار ومصطفى كامل مراد والشيوعيون فلم يعجبوني يوماً ولم أرتح لهم.. بل إنني عندما وجدت انحرافاً في مسار الوفد عن نهجه القديم تركته.
وبعد ما أصابني الإحباط واليأس من حال البلد وبعد مشاهداتي لعمليات التزوير الفجة والعودة للديكتاتورية وحكم الشللية وحكم الفرد بصورة أبشع.. سافرت إلى ليبيا مُحبطاً .
وماذا عن حزب العمل؟
الحاج إبراهيم شكري شخصية راقية ومهذبة.. وجاء الجمالية وزارني في بيتي.. لكن ميوله وتوجهه كان اشتراكي.
لكنه نحى بعد ذلك المنحى الإسلامي؟
كان هذا لدعم جماهيريته ولتقوية الحزب ولأغراض سياسية.
هذه الأجواء والأحداث السياسية الملحمية التي تحياها مصر هذه الأيام.. هل مر عليك مثلها طوال تاريخ عطائك الطويل؟
لا .. فهذه الأجواء غير مسبوقة.. ولم يكن في مصر قبل الآن شيء من هذا القبيل بهذا الحجم من الغضب والفوران وإرادة التحرر.. فقد ولدنا ونشأنا وبلادنا مكبلة مكممة الأفواه بل "مسحوبة بسلبة".. فلا حريات ولا كرامة إنسانية ولا ممارسة سياسية مبنية على التعددية وتداول السلطة.. ولا شيء على الإطلاق مما تنعم به الدول التي تحترم شعوبها.
لكن ألا يذكرك ما يحدث الآن بوقائع الخمسينات وصراع الإخوان مع العسكر .. الخ ؟
أنا حضرت الملكية في طفولتي وكنت طالباً في المرحلة التعدادية عندما قامت الثورة.. لكن هناك فروق بين ما يحدث اليوم وما حدث في زمن عبد الناصر الذي لم يكن عداؤه وخصومته مع الإخوان بمفردهم.. إنما لفصائل وتيارات فكرية أخرى كثيرة.
أما مبارك وعصره فمختلف كثيراً في حجم الفساد وفى وحشية الصراع.. وما سببه حكمه من كوارث للبلد.
وما هي مآخذك على فترة حكم عبد الناصر؟
نستطيع أن نقول أنه لولا نكسة 67م لأصبحت مصر دولة شيوعية مثل الصين أو كوبا.. فمصر في عهد عبد الناصر كانت في طريقها إلى تطبيق النهج والنمط الشيوعي بخطوات جادة.. فالتأميم وملكية الدولة والقطاع العام.. والشركات التعاونية والبقال التعاوني.
نحن كنا نحتفل بعيد ميلاد لينين في الجامعات.. وكانت مصر كلها لا تحتفل إلا برموز الشيوعية وبالزعماء الروس.
وكان الروس متغلغلين في أعماق المجتمع المصري في كل المجالات والأنشطة تقريباً.. ففي الفنون يأتون بفنانين روس لاكتساب الخبرة منهم.. وفى الرقص يأتون بخبراء روس لتعليم الرقص.. وفى المجال العسكري والتسليح .. الخ .
لكن لا ننكر أن لدى الشعب المصري ما يمكن تسميته بالهوى الناصري.. والدليل ما حدث في انتخابات الرئاسة الأخيرة.. وكم الأصوات التي حصل عليها حمدين صباحي.. فما رأيك؟
أنا أخاف جداً من حمدين لأنه يذكرني بعبد الناصر.. فهو يحاول تقليده باللعب على مشاعر البسطاء وبالخطب الرنانة والشعارات البراقة التي تستهوى الشباب الصغير.
وابحث عن الأربعة ملايين صوت التي حصل عليها صباحي ستجد معظمها - إن لم يكن جميعها - أصوات شباب صغير السن لم يتعد العشرين.. وهو نفس الفخ الذي وقع فيه الشباب منساقين وراء خطب عبد الناصر الحماسية.
أفهم من ذلك أن كبار السن والناضجين لم ينطلي عليهم الخطاب الناصري ولم يستطع جمال عبد الناصر التأثير عليهم؟
نعم.. وأقرب مثال على ذلك.. والدي الشيخ عبد الحليم البن رحمه الله .
هل كان رحمه الله أزهرياً ؟
نعم.. كان عالماً أزهرياً.. وهو خريج كلية الشريعة وحاصل على العالمية.
ففي الوقت الذي كنا نعيش فيه مع أوهام عبد الناصر وكنا ننتظر دخول جيوشنا وعساكرنا تل أبيب.. دخلت على أبى فوجدته جالساً على السرير حزيناً يقول: "وقعت الواقعة".. فنظرت إليه بدهشة واستغراب وهو يكيل اللعنات لعبد الناصر الذي سيتسبب في مصيبة كبرى لمصر.
ومتى بدأت كراهية الوالد لعبد الناصر؟
مع إصدار قانون الأزهر.. وأذكر بعد هذا القانون أنه كان هناك اجتماع حاشد في منزلنا يضم كثيراً من المشايخ والعلماء.. وكانت الأقدام تدب في الأرض بقوة وأصوات عالية غاضبة وضجيج ومناقشات حامية بسبب إصدار هذا القانون.. بعد أن شعروا بالمؤامرة على الأزهر.
كان سلاح الإعلام والدعاية قوياً ولعب دوراً في تمرير زعامة عبد الناصر.. كما يفعل إعلام اليوم.. أليس كذلك؟
بالضبط.. ولم يكن الإعلام فقط.. بل حتى أساتذة الجامعات المفترض فيهم العقل والطرح الموضوعي المتوازن.. كانوا يُسوقون لأسطورة عبد الناصر ويبنون في عقول الناس زعامته الهشة.
وأذكر مُعيداً في جامعتنا وكان "معيد رمد".. أنه قال ذات مرة "إحنا أقوى من إسرائيل عشر مرات"!
هذا فضلاً عن توظيف الإعلام والفن والأغاني والأفلام.. فمعظم قصص الأفلام وقتها "اثنين بيحبوا بعض فتقوم الثورة فيتزوجوا في آخر الفيلم".. وأغاني عبد الحليم وصلاح جاهين وأم كلثوم التي غنت في أحد أغانيها من قصيدة " على باب مصر " والأغنية قام بتوزيعها أندريه رايدر.. تقول فيها:
من عهد مينا إلى عهد عمرو ومن عهد عمرو إلى عهد جمال
تقصد مصر.. وأن العهود البارزة التي تعتبر علامات في تاريخها هي عهد مينا موحد القطرين وعهد عمرو بن العاص الفاتح الإسلامي.. ثم عهد جمال عبد الناصر.. بحسب ما غنت أم كلثوم.
وماذا عن الصحافة في ذلك الوقت؟
الصحافة كانت تُكتب وتُنشر ليقرأها شخص واحد فقط هو عبد الناصر.. وكتاب الرأي جميعاً كانوا ينافقون الرئيس.. فلا يعبرون عن آرائهم هم إنما عن رأى الرئيس.
لدرجة أننا كنا ننتظر مقال محمد حسنين هيكل في عموده "بصراحة" بالرغم من قربه ودفاعه عن عبد الناصر.. إلا أن وضع هيكل كان يسمح له ببعض الحرية.. فكان يوهمنا في كتاباته بأنه يتمتع بنوع من الاستقلالية.. وأنه يمارس شكلاً من أشكال المعارضة بمقالات هي الوحيدة التي كنا نشعر أنها رأى الكاتب وليست رأى الرئيس.
أما الكتاب الباقون في "الأهرام" و "الأخبار" و "الجمهورية".. فلم يكن لهم رأى بالمرة.
وعندما حاول مصطفى أمين وعلى أمين أن يكون لهما صوت معارض قام النظام بتلفيق تهمة تجسس لهما.
كيف حدث ذلك؟
أذكر أن عبد الناصر قام بزيارة لاندونيسيا.. وكان في تلك الأثناء هناك سفاح مشهور اسمه "سيد سليمان".. ونجح البوليس في القبض عليه.. فخرج المانشيت الرئيسي للأخبار في اليوم التالي باللون الأسود هكذا: "مقتل السفاح".. وتحته مباشرة مانشيت بنفس حجم الخط ولكن بلون أحمر يقول : "عبد الناصر في اندونيسيا" !!
وكانت حركة صحفية ملعوبة بذكاء من مصطفى وعلى أمين.. فكأن القارئ يقرأ المانشيتين معاً هكذا "مقتل السفاح عبد الناصر في اندونيسيا"!
ففهمها بالطبع عبد الناصر.. فلفق لهما قضية التجسس الشهيرة.
لكن ألا تذكر أية حسنات لعهد عبد الناصر؟
عبد الناصر في المرحلة الأولى من الثورة كان منحازاً للشعب ويحاول كسب وده وتعاطفه.. ولكن اتضح بعد ذلك أنه كان يرسم لنفسه من البداية طريق الزعامة على حساب مصالح الشعب بعد ذلك.. فالأهم هي صورة ومكانة الزعيم وليست المصلحة العليا للوطن.
وهذه الجزئية هي التي خوفتني كثيراً من حمدين صباحي.. الذي أعتقد أنه كان يريد تكرار نفس السيناريو بعنتريات وخطابات حماسية.. واللعب على مشاعر وعواطف البسطاء والشباب وصناعة زعامة موهومة.. ثم إدخال البلاد بعد ذلك في نفق مظلم.
اشرح لنا كيف أدرك المخضرمون وأصحاب التجارب هذه الحقائق بوضوح ومبكراً في عهد عبد الناصر؟
أدركها قبلنا المخضرمون وأصحاب التجارب الذين كنا نندهش لمواقفهم الغريبة.. التي كنا نعتبرها خارج السياق العام في ذلك الوقت.
ففي الوقت الذي كانت آذان الناس مرتبطة بخطب عبد الناصر والإذاعات المحلية والإعلام الرسمي.. كان والدي رحمه الله لا يستمع إلا إلى إذاعتين اثنتين هما "إذاعة القدس" من إسرائيل.. وإذاعة "لندن" ولم يكن يعترف بإعلامنا ولا إذاعاتنا.
وفى يوم 8 يونيه يوم التنحي الذي أشهد أنه كان مجرد تمثيلية لا أكثر.. فكنت في ذلك الوقت فيما كان يُعرف باللجان الثورية في القطاع المدني في إسعاف الناس وقت حدوث الغارات.. الخ.
وقالوا لنا اليوم سنستمع لخطاب التنحي ونبهوا على الجميع بضرورة حضور الخطاب لكنني لم أحضر.. وعرفت من أصدقائي وزملائي بعدها كيف تم الحشد وكيف سار الناس بعاطفتهم وراء المظاهرات.. في خطة مرسومة مسبقاً.
هم ضحكوا على الشعب من خلال وسائل الإعلام وكان الأمر غامضاً ومحيراً.. فهم لم يذكروا أننا انهزمنا أو أن أراضينا قد احتلها العدو.. لكن قالوا جملة أخف بكثير من كلمة احتلال أو انسحاب وهى "الجيش الثاني يقف حالياً في خط الدفاع الثاني"!
فانتظرنا من عبد الناصر أن يقول شيئاً يُجلى به الحقائق ويزيل الغموض.. لكنه كعادته ألقى خطاباً عاطفياً انساق الكثيرون وراءه وهذه طبيعة الشعب المصري .
لكن والدى لم يفعل مثلما فعل الكثيرون.. فبمجرد سماعه خطاب التنحي قال بلغة المصريين المعروفة: "غور في داهية.. غور جاتك البلى" !!
ومتى أدركتم أنتم – كجيل شباب في ذلك الوقت – هذه الحقائق بوضوح؟
أدركنا حقيقة عبد الناصر جيداً بعد النكسة.. عرفنا بعدها ما كان يجرى بالسابق والمحاكمات التي أقامها عبد الناصر للجميع وليس للإخوان فقط.. وهى مهازل وليست محاكمات .
فقد حاكم وأعدم وحبس الإخوان وعلى رأسهم عبد القادر عودة وسيد قطب.. وحاكم أيضاً مصطفى أغا اليساري رئيس الحزب الشيوعي "حدتو".. وحاكم حسين توفيق الذي قتل أمين عثمان بالاشتراك مع أنور السادات.
محاكمات هزلية واعتقالات وسجون.. وبدأنا نسمع عن الروبى وبدران وصلاح نصر.. وأدركنا كثيراً من الحقائق.
وفى ذلك الوقت كنت في القاهرة في فترة الامتياز في مستشفى الحسين.. وهناك جلست مع القاهريين واختلطت بالسياسيين والناشطين والمثقفين.. فاكتملت الرؤية عندي تماماً.
وكان من نتائج هذه الممارسات القمعية والحكم الديكتاتوري أنهم أبقوا شلة المنافقين والمنتفعين وهاجر العلماء والعباقرة والمبدعون وأهل الخبرة.
وأنا أذكر الشيخ الغزالي عندما "طفش إلى السعودية" بعد أن سلط عليه عبد الناصر صلاح جاهين برسومه اللاذعة في الأهرام.. فرسمه راكب حمار بالمقلوب وماسك سيف وتحته مكتوب: "أبو زيد الغزالي سلامة".
وهذه الجزئية هي التي أثارها الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في مشادته الشهيرة مع الرئيس السادات.. عندما أبدى تحفظه على تقريب الحكام للمنافقين في حين يترك البلد العلماء.. وضرب مثالاً بالشيخ الغزالي.. مما أثار غضب السادات.. لأنه يدرك أن هذا كلام خطير يمسه شخصياً.. لأن الحاكم الذي يقبل بالنفاق ويقرب المنافقين هو فقط الحاكم الضعيف.
وماذا عن الرئيس السادات؟
السادات كان يرغب بالفعل في التغيير.. ورغم أنه أعلن في البداية أنه سيكمل مسيرة عبد الناصر.. إلا أنه فعل العكس تماماً.
يكفى أنه أطاح بمراكز القوى.. وهى المجموعة التي خنقتنا وأصابتنا بالقرف تماماً كمجموعة وشلة جمال مبارك أمثال أحمد عز وصفوت الشريف وزكريا عزمي .. الخ.. فأطاح السادات بوزير الداخلية شعراوي جمعة.. وعلى صبري نائب رئيس الجمهورية ورجل روسيا الأول في مصر.. وعبد المحسن أبو النور.. ومحمد فايق وزير الإعلام .. وغيرهم.
وعندما تخلص بحنكة وذكاء من هؤلاء أحببناه ولاقى قبولاً حسناً لدينا.
وكيف غير السادات في الإعلام الناصري العتيد؟
هو استطاع طبعاً تحجيم هيكل الذي كان يتمتع بسلطان ونفوذ واسع.. فقال له السادات ذات مرة: "لا تتعامل معي بهذا الأسلوب".. وسلط السادات عليه الكاتب موسى صبري.
وأذكر أن هيكل كتب مقالاً عنوانه "تحية إلى الأبطال" وفيه تيئيس للشعب من إمكانية الانتصار على إسرائيل أو إمكانية خوض حرب جديدة معها.. وجعل يعدد في التحديات مثل المانع المائي والساتر الترابي وحائط النابالم.. الخ.. وذكر في مقاله أنه بإمكان المصريين الاستعداد لمواجهة جديدة.. ولكن بعد نصف قرن من الآن.
فرد عليه موسى صبري وقال: "نحن نرد عليك التحية".. وهاجمه بسبب روح اليأس التي يبثها في الناس .
لكنني أعتقد أن هيكل كتب ما كتبه بإيعاز من السادات كنوع من الخديعة لإسرائيل.
وفى مرحلة متأخرة شعر السادات بخطورة هيكل خاصة بعد قضية الثغرة وما أثير حولها.. فأقصاه.
لكن لم يكن في عهد السادات ولا عبد الناصر فساد مثلما حدث في عهد مبارك؟
تاريخ مصر كله منذ أيام الفراعنة إلى اليوم لم يشهد فساداً كما حدث في عهد مبارك.
بل إني أذكر في عام 50م أن أحد النواب تقدم باستجواب بسبب "زيادة استهلاك البنزين بمقدار 500لتر فقط".. وأبدى النائب غضبه وانفعاله بسبب ما أسماه إسرافاً وتبذيراً .
وفى العهد الملكي أراد أحد الملوك شهر مرتب مقدماً.. فتقدم بطلب إلى وزير المالية الذي اعتذر له وقال: "لن أستطيع ذلك قبل إذن البرلمان".
هذا لأنهم كانوا يحترمون الشعب ويحرصون على الحفاظ على المال العام وموارد الدولة .
بهذا ينتهي الجزء الأول من الحوار مع الدكتور أنس البن.. الذي نتقدم له بالشكر الجزيل على استضافتنا وعلى وقته الثمين الذي بذله لإتمام هذا اللقاء.
على وعد بلقاءات أخرى قادمة معه بإذن الله
الخميس الموافق:
24-7-1433هـ
14-6-2012م






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تهاجر الطير بحثا عن مأوى جديد عادل جراد منتـــدى الخـواطــر و النثـــــر 8 05-08-2007 04:24 PM
الحياة .. من جديد عــوض الــدريــبــي منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول 7 25-07-2007 02:46 PM
فجرٌ جديد ،، علي عسيري منتــدى الشــعر الفصيح الموزون 4 10-04-2007 09:03 AM
"كهيعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــص"؟ عطية زاهدة المنتدى الإسلامي 13 25-12-2006 03:05 AM
أنـا ولدتُ مـن جديد عبير هاشم منتـــدى الخـواطــر و النثـــــر 7 11-08-2006 04:51 PM

الساعة الآن 11:54 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط