قبور الذاكرة

[عبد السلام الكردي]

هذا الصباح معاول اليتم تنبش قبور ذاكرتي الشمطاء فأتذكرها ..
مازلت أتذكرها جيدا ،
هنا تنفث نار غضبها في ألم شديد ، تخطف وريقات البصل الأخضر وتمزقها بإصبعين مرتجفتين ثم تهطل دمعة حرى تحرق وجنتيها ،فتتحمران كرغيف فاسق في جحيم الخباز،
هنا تقطع منه قطعة بحجم كبير تأكلها كجرعة سم في يد مقبل على الانتحار..
ثم دمعة أخرى تسايرها شقيقتهامن عيني الصغيرتين، وانا احدق في وجهها المتهالك وأود أن احتضنها فانتزع ما في روحها من سخط على كل شيء
وفي الزاوية المقابلة ..ابي الصاخب الشديد ، بزنديه الغليظتين ووجهه الذي يبدو كثقب أسود،يطلق كلماته القاتلة فتنهمر من عينيها أنهار لا تقوى على الإتيان بمثلها وأنا الصغير المتفاني في نبش خفايا روح أمي المسلوبة ،
هو يغضب فيدمر الصباالساكن في روحها وجسدها ،وكل ما تصل إليه يدها أو عينيها الجميلتين..
أمي اليافعة،الساحرة،
لا أقوى على احتضانك وأنا الصغير الجاثم بكل جراحاتي على أكوام الحزن المقيت..ليتك تعودين وانتقي من ثغرك البسام قبلة واحدة،
لأنتزع من روحي الهرمةاكوام الجليد.
صباح الخير أيتها الراقدة في قبور الذاكرة الشمطاء .

[عبد السلام الكردي]

ما أن لامست كفيك أول قطرة هذا الشتاء
حتى ارتسم على خدك الأيمن قوس قزح
وعلى الأيسر نمت اول السنابل
وانا..
انا المفتون بذهبية الشمس
أنسج من خيوطها معطف جدتي الساحر، وأقبل كفيها الخشنتين المسمرتين كالخبز وكستناء الشتاء.
تلك المدفونة في قبور الذاكرة.

[راحيل الأيسر]

في اللوحة الأولى
رسم ووصف مأساة يعاني منها أغلب البيوت الشرقية ..


ملحوظة : تصل إليه يدها أو عينيها الجميلتين
الصحيح : عيناها الجميلتان ..


اللوحة الثانية أيضا لا تختلف عن الأولى في الرسم



تقديري
للأستاذ المكرم / عبد السلام الكردي..

[عبد السلام الكردي]

الكائن المتعَب..المرهق مللاً من تداخلات الاشياء والمسميات في رأسه الصغير ,الذي لا يزال متكئاً على جبينه ,يتربص بوقع أقدام المارين بالقرب, تتهاوى طفولته في كهف الرجولة,تتاّكل حدود ذاكرته,تتداعى من خلفه كل الجدران, فلا يكاد يميز بين بلبل يهمس ,ومطرقة تقرقع في ورشة الحدادة..
لم يحدثك بعد عن المطر..المطر يا سيدتي , وخفايا القطرة المتهالكة على قميصه المرصع بأعين نامت في أمان,اغتيلت منها الحياة في ساعة مبكرة من الصباح الأزلي..توارت في الماء, وغابت في سبات أبدي حانق, قطرة أولى, والثانية,وتتبعهما ثالثة,هذا يكفي للقول,بأن الحقول ستتجرد من عذريتها, وينفجر البركان من قلب الربيع.
وقريتي سوف تهجرها العصافير, وتحلق في الأفق اسراب الغراب.
ثلاث قطرات ووردة تطايرت وريقاتها على عجل, وتربة محظوظة بجسدها,تحتضنه برفق, وترمقني في غيظ أليم,هذا كل شيء,هذا ما أعرفه عن المطر

[عبد السلام الكردي]

أهلا بك راحيل الأيسر..شكرا لمرورك أستاذة.
نعم هذا مثنى مرفوع

[عبد السلام الكردي]

هي تحاول ردم هوة عميقة في نفسها،وتبتسم في تماه سلس مع مكونات الصباح.. فيبدو وجهها المستدير كواحد من أجمل مفرداته و يشرق كالشمس..
اختارت أن تبدو كالشمس في صباح شتائي جميل.
هو يطيل النظر إلى كفيه الخشنتين وكأنهما مرآة تعكس صورة وجهه المدجج بالتعب،ثم يقرب اصبعيه إلى خده وينتزع شيئا ما .
يبتسم.
ابتسم بحرقة تعكس رفضه القاطع لواقعه المؤلم..
يتناول معوله ويضرب في الأرض ثم يردد (يا الله يا قوي) ،يعيد الكرة ويضرب ثانية..تراب يتطاير من وجه الأرص ،ودم يتطاير من عينيه..
يدها تشد كتفيه بحنان فائق..فيستدير ويطيل النظر ..ثم يبتسم مرة أخرى ويشرق من جديد.

[عبدالرحيم التدلاوي]

أوجعني النص الأول لأنه ذكرني بأمي وبتقصيري في حقها، وتمنيت لو عادت لأكفر عن سيئاتي تجاهها.
لغتك، سيدي، راقية، ووصفك قوي، وسردك مدهش، وأراك قاصا متقنا لأدوات القص.
تقديري.

[ناظم العربي]

هو الشعر يلامس أجمل مافينا
ليكون شكلنا الحقيقي
صورتنا البهية حين يجرنا العشق الأول لحضنها
تلك التي تلامس النجوم زهوا وخيرا ومحبة
سلام الله لأرواحهن
وجنات رب رحيم

[عبد السلام الكردي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم التدلاوي

أوجعني النص الأول لأنه ذكرني بأمي وبتقصيري في حقها، وتمنيت لو عادت لأكفر عن سيئاتي تجاهها.
لغتك، سيدي، راقية، ووصفك قوي، وسردك مدهش، وأراك قاصا متقنا لأدوات القص.
تقديري.

نعم
لقد تعبن كثيرا في حياتهن..كل الأمهات بلا استثناء..يعانين من أمر ما.. يتحملن ويصبرن من أبنائهن وبناتهن..اللافت هو أن تجد من ينكر عليهن ألمهن وتضحياتهم ويحسب نفسه القوي السديد العظيم فيتحبر ويظلم ويكون من السافلين.
رعذرا إذ أوجعك نصي أخي العزيز..إنما يعكس هذا..الإنسان الحي بضميره وقلبه السليم ..الذي يعيش في داخلك.
أما عن القص..فإني غالبا ما أكتب الخاطرة بأسلوب القص..إنه بجعلها أكثر سلاسة وتقبلا لدى القارئ ذو الذائقة المتميزة
شكرا جزيلا لك.

[عبد السلام الكردي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناظم العربي

هو الشعر يلامس أجمل مافينا
ليكون شكلنا الحقيقي
صورتنا البهية حين يجرنا العشق الأول لحضنها
تلك التي تلامس النجوم زهوا وخيرا ومحبة
سلام الله لأرواحهن
وجنات رب رحيم

نعم إنهن العشق الأول ووهن أجمل وألطف الكائنات..يتلبسنا شعور بالخب والحنين والاشتياق عندما تنعم الذاكرة بسيرتهن
رحم الله كل الأمهات واسكنهن فسيح جنانه
شكرا لتواجدك.

[راحيل الأيسر]

لثناء الزملاء

...يثبت .....

[عبد السلام الكردي]

هو يجمع بعض أعواد المشمش المهشم على قارعة الحقل،ويمسح جبينه بعد بضع خطوات ثقيلة بالكاد استطاعت قدماه المترهلتين إنجازها بصعوبة بالغة
هي تجمع حجارة الموقد الذي لايكاد ينتصب على قوائمه المستديرة حتى ينهار ..تماما كجسدها المتعب ووجهها المدجج بالتجاعيد.
كأس من الشاي بالنعناع يتناولانها في حفل زفاف الشمس إلى حقلهما هذا الصباح ، رفاهية تستحق كل هذا العناء،
وعشقهما الذي بلغ ربيعه السبعين، لايزال يلح على القبرات أن تحسن الهديل.