السلام عليكم
شكراً للأخت فاطمة بلة, وللأمير سامر سكيك, واعذروني فأنا لا أملك كلمات تجاري لطفكم .
واسمحوا لي أن أبدأ بالإجابة عن أسئلتكم, وأبدأ بأسئلة الأخت يافا:
1 ـ حدثينا عن الرسالة التي تطمحين أن تؤديها من خلال التدريس
وكيف تتعاملين مع أحبابنا الأطفال في مراحلهم الأساسية؟؟
أختي الكريمة: الرسالة التي أطمح بتأديتها هي التي وردت في قوله تعالى "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ" (البقرة:151)
فأنا أطمح بغرس الفضائل في نفوس طلابي, وأطمح بتعليمهم حسن التصرف والتعامل مع ربهم وأنفسهم والآخرين, وأطمح بتعليمهم الوسائل التي تساعدهم على فهم ما حولهم, وتعليمهم المعرفة بمعناها العام, ليس كمجرد معلومات تُردد ولكن كأسلوب حياة, وذلك بغرس حب العلم والمعرفة في نفوسهم, وغرس منهج البحث والتثبت من الأمور.
طبعاً, فإن ما أطمح به يحتاج إلى جهد كبير, ولا أخفيك أنني مازلت إلى الآن أحاول فقط, رغم أنني أمارس التعليم منذ تسع سنوات, أما النتائج, فإذا سألتيني عنها, فسأقول لك إنها أقل بكثير من المطلوب, ولكن كما قال الشاعر:
فَلِمَن حاوَلَ النَعيمَ نَعيمٌ ........ وَلِمَن آثَرَ الشَقاءَ شَقاءُ
ـ أما بالنسبة لتعاملي مع الصغار, فلن أقول لك إنني تلك المعلمة الملاك الحنونة التي لا تزعج صغارها, ولا تصرخ في وجوههم, ولكنني أضع خطوطاً حمراء في طريقة تعاملي معهم , أولها منع نفسي من ضربهم لأي سبب كان, ثانيها أنني أحرّم على نفسي إهانتهم أو احتقارهم, ثالثها أنني أسعى دائماً للحوار معهم وفهمهم.
أهم نتيجة خرجت بها من تعاملي مع الصغار هي: حسن تعاملك مع الآخرين نابع من مدى معرفتك بهم
وهذا يعني أنني أسعى لمعرفتهم, ودرس نفسياتهم, ومعرفة مراحل نموهم العقلية والنفسية والمعنوية, إنني أقوم بعمل (تجارب تربوية) هدفها الوصول إلى أقرب ما يمكن من الصواب في التعامل معهم, وكما قلت لك فإن هدفي ليس حشو رؤوسهم بالمعلومات, ولكن هدفي هو تمكينهم من أساسيات ومبادئ الحكمة حتى يصيروا قادرين وفاعلين, وأرجو من الله أن يعينني على ذلك, فالأمر صعب جداً .
2 ـ لماذا اخترت الشريعة الإسلامية كتخصص ؟؟
وماذا غيرت هذه الدراسات في حياتك؟؟
وعن أي موضوع تحديدا كانت رسالة الماجستير؟؟
اختياري الشريعة كتخصص: لا أستطيع أن أقول لك أنني اخترت ذلك اختياراً كاملاً حقيقة, فأنا عندما كنت في المدرسة, كنت أريد دراسة الشريعة لأنني سمعت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقه في الدين" , ولكنني تزوجت قبل أن أحصل على الثانوية العامة, ودرستها في بيت زوجي, فكانت دراسة الشريعة أمنية قديمة من جهة, وواقع مناسب لحياتي الجديدة من جهة أخرى .
أما ماذا غيرت هذه الدراسات في حياتي, فقد أنقذتني من التعصب والتنطع في الدين, كنت صغيرة متشددة, أرى الدين حرام ونار وعقاب, ولكن بعد دراستي للشريعة فهمت ديني, وفهمت نظرية الإسلام القائمة على الحكمة والتوازن والمحبة والخير.
كنت أرى الخطأ فيمن حولي فقط, فإذا بي أقف أمام الحقيقة الخافية وهي أن الخطأ يبدأ من الإنسان ذاته, فإذا أردت تغير العالم فغير نفسك , أو كما قال المفكر مالك بن نبي (غيّر نفسك تغيّر التاريخ).
رسالتي في الماجستير كانت بعنوان (قضايا الإصلاح والنهضة عند محب الدين الخطيب).
3 ـ كيف تنظمين وقتك ما بين العمل والبيت والزوج والأطفال ؟
وهل تشعرين أن كل طرف قد اخذ حقه في الاهتمام والرعاية؟؟
وكيف تنعكس مهنة التعليم على تعاملك مع أطفالك؟؟
تنظيم الوقت هو مسألة إرادة, فإذا راجع كل واحد منا يومه وماذا يعمل فيه سيرى أننا نهدر كثيراً من الوقت دون لازمة ثم نقول لا وقت لدينا.
أول خطوة في تنظيم الوقت هي الاسيقاظ باكراً, ثم رسم مخطط في عقلي لأعمال اليوم, مثلاً أعطيك برنامج يومي هذا, وهو يوم عطلة عندنا بالمناسبة: منذ بداية يومي قررت أنه من الواجب اليوم أن أقوم بعدة أعمال, أولها الإجابة عن بعض أسئلتكم الكريمة, وعليّ واجب ترتيب البيت والغسيل وما شابه من أعمال البيت المعتادة, ثم يأتي دور تصحيح أوراق الاختبارات التي عملتها لطلابي, طبعاً فأنا آخذ استراحات أقضيها في المطالعة, لأنني لا أستطيع تركها إطلاقاً, ولابد من الالتفات للأولاد والزوج والجلوس معهم ومحادثتهم, كما أنني أفكر بزيارة أمي المهم أنني أريد تنفيذ أعمال محددة وسأحرص بإذن الله على تنفيذها جميعاً قبل انتهاء يومي, لذلك فأنا أقول لك إن تنظيم الوقت إرادة ليس إلا, ولا أدعي أنني أنجح فيه دائماً, ولكنني غالباً ما أحقق ما رسمته في عقلي من مخطط والحمد لله.
أما أن يكون كل فرد قد أخذ حقه من الاهتمام والرعاية, فهذا ما لا أستطيع الإجابة عليه أنا, لأنني مرات أشعر بالرضا, ومرات أشعر بالتعب, ومرات أشعر بالتقصير, وهذه حال الإنسان, ولكن بصورة ما أحاول, أقول أحاول, والتوفيق من الله.
ـ تنعكس مهنة التعليم على تعاملي مع أطفالي, الذين صاروا شباباً حقيقة, فابنتي الكبرى إباء صارت في الجامعة , وعبد الرحمن في الثانوية العامة, أما حباء الصغرى فهي في الصف العاشر. تنعكس مهنتي في محاورتهم بالدرجة الأولى, وعدم احتقارهم, وإشاعة جو من المودة بيننا, وتعرفين أن الأمر لا يخلو من الصراخ أحياناً, والعصبية التي تميز معظم المدرسين وأنا منهم.
اسمحي لي أختي يافا بالتوقف هنا, على أن أعود للإجابة عما تبقى من أسئلة قريباً جداً بإذن الله, تحياتي لك