الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-08-2012, 11:37 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هشام النجار
أقلامي
 
الصورة الرمزية هشام النجار
 

 

 
إحصائية العضو







هشام النجار غير متصل


افتراضي لبننة سيناء لصالح اسرائيل

لَبْنَنَة سيناء لصالح إسرائيل الاربعاء 27 رمضان 1433 الموافق 15 أغسطس 2012

هشام النجار
ما حدث في رفح بسيناء المصرية من هجومٍ على نقاط تمركزٍ للجيش المصري، وقتلٍ لجنود وضباط مصريين غدرًا وهم يتناولون طعام الإفطار، وسرقة مدرعات للهجوم بها على معابر تسيطر عليها القوات الإسرائيلية- عنوانه الأساسي هو محاولة الدخول في مرحلة جديدة من "لبننة" سيناء، وإضعاف هيبة الجيش المصري، وإظهار عناصره وقواته في مظهر الضعيف الفاقد السيطرة والأهلية للقيام بدور ضبط وحفظ الأمن وحماية الحدود بين مصر وإسرائيل.
العناصر المسلحة المتشددة- التي تعتنق غالبيتها الفكر التكفيري- ترغب وتخطط منذ فترة في سحب البساط من تحت أقدام الجيش المصري في سيناء؛ لتقوم هي بدوره، لا في قتال إسرائيل وحربها، وتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية المغتصبة؛ فهذا وغيره لن يحدث بعربتين مدرعتين مسروقتين من الجيش المصري وببضعة أفراد مسلحين! إنَّما الهدف الحقيقي هو فرض الهيمنة والسيطرة على مناطق من سيناء بقوة الأمر الواقع، وتحويلها إلى "لبنان أخرى"؛ بإيجاد قوة بديلة عن قوة الجيش تكون بمثابة دولة داخل الدولة، وتكتسب شرعية وجودها وشعبيتها من خطاب مقاومة إسرائيل ومهاجمة قواتها.
هناك قوى إقليمية منافسة للدور المصري ترغب في ترسيخ هذا الواقع داخل مصر، ليس فقط بلبننة سيناء بل بلبننة مصر بأسرها، والغاية ألَّا تكون هناك دولة مركزية مسيطرة، وألَّا يكون هناك جيش قوى يُحكِم قبضته على الحدود، إنَّما مجموعات يسهل اختراقها وتوجيهها، ويمكن الاعتماد على رعونتها وتهورها في تحقيق مكاسب استراتيجية وأمنية لصالح إسرائيل.
يبدو أنَّ سيناء بعد ثورة 25 يناير قد جمعت الكثير من العناصر والحركات المتشددة المسلحة المرتبطة بأيديولوجيات وتوجهات سياسية وقوى إقليمية مختلفة؛ فحتى إيران كان لها حضور في سيناء، وقد اكتشف الأمن المصري- في وقت سابق- وجود أفراد مرتبطين بحزب الله الشيعي في قلب سيناء.
هذا، فضلًا عن الخلايا التكفيرية والجهادية التي من المرجح أنَّها تضم عناصر مصرية وعناصر فلسطينية من داخل قطاع غزة، ولا يمكن بحال إغفال حضور عناصر من تنظيم القاعدة.
هنا الجميع يريد إثبات وجوده وإحراز مكاسب على أرض الواقع؛ فالمجموعات المتشددة المسلحة القادمة من داخل قطاع غزة تريد قطع الطريق أمام حماس- عدوها ومنافسها التقليدي- بعد التقدم الملحوظ الذي أحرزته حماس في ظل التقارب النوعي مع النظام السياسي المصري تحت قيادته الجديدة.
وتنظيم القاعدة- هو الآخر- يطمح بشدة في الوقت الحالي في استعادة بريقه وشعبيته التي تعرضت لنكسات مؤخرًا على إثر الحضور الإعلامي والجماهيري العالمي لثورات الربيع العربي.
والمجموعات الإسلامية المتشددة المسلحة تسعى لتتويج مراحل من التدريب والإنفاق والعمل المضني في سيناء، الذي تخللته أعمال متفرقة ضد خطوط إمداد الغاز، وضد عناصر الجيش المصري؛ وذلك بعمليات نوعية كبيرة تحسم لصالحها السيطرة على الأرض، وتفرض على المدى البعيد كلمتها وإرادتها، مستترة في كل ذلك خلف نفس الستار الذي استخدمه دائمًا حزب الله الشيعي في تبرير وجوده وعملياته التي قد تكون ضد توجه الدولة، وضد خطها الديمقراطي ووضعها السيادي، وهو ستار مقاومة إسرائيل.
لكنْ تأتى الرياح بما لا تشتهي السُّفُن!.
ففي حين استمرت جماهيرية حزب الله عربيًّا وقوميًّا لسنوات قبل أنْ تحترق تمامًا بعد موقفه الطائفي الفج في العراق وأخيرًا دعمه الاستراتيجي واللوجستي لنظام بشار الأسد الفاقد الشرعية، وعديم الوزن شعبيًّا، والذي يقتل شعبه بلا رحمة- نجد أنَّ تلك المنظمات المسلحة المتشددة التي تضم خليطًا من التيارات قد احترقت جماهيريًّا بأقصى سرعة ممكنة، بعد أن اكتسبت بعض التعاطف الشعبي والإسلامي نتيجة تفجيرها المتواصل لخطوط إمداد الغاز المصري لإسرائيل.
احترقت سريعًا جماهيريًّا وفقدت أي تعاطفٍ شعبي وجماهيري معها؛ بسبب عدائها الظاهر للجيش المصري، واستهدافها لجنوده وضباطه بتلك الصورة الغادرة البشعة وهم يتناولون طعام الإفطار في شهر الصيام.
إخواننا بَغَوْا علينا
ربما عبر أحد النشطاء الإسرائيليين على الـ"فيسبوك" بطريقة خاطئة عن الجانب والدافع العاطفي في هذا الحدث الكبير عندما زعم أنَّ:
"الجماعات الإسلامية المصرية رغبت في مجاملة الرئيس المصري الجديد محمد مرسي، المعادى لإسرائيل، والذي سيكون سعيدًا بأية عملية انتقامية ضدها، تحمل في نفس الوقت إهانة للجيش المصري الذي ينافسه سياسيًّا".
وهذا الزعم بالطبع بعيد جداًّ عن الواقع، ويأتي ضمن حملة موسعة لاستغلال الحدث من أجل الوقيعة وإحداث الانقسام في الداخل المصري، الذي جاهد مرسي في الفترة الأخيرة من أجل لملمة شمله وترميم شروخه.
ولن يفرح رئيس دولة أيا كان بقتل جنود جيشه حتى لو كانت الغاية هي الهجوم على إسرائيل، فضلًا عن عدم سماحه بانتهاك سيادة الدولة التي يحكمها، وقيام عناصر مسلحة- غير شرعية- منفردة بعمل يدخل في أهم اختصاصات رئيس الدولة السيادية؛ وهي إعلان الحرب على دولة مجاورة ومهاجمة قواتها.
بينما كان "أدمن" الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الأقرب لتوصيف الحالة العاطفية والشعورية على حقيقتها؛ سواء على المستوى الرسمي المنفعل والغاضب أو على المستوى الشعبي المجروح والمصدوم؛ حيث قال في تعليق سريع على الأحداث:
"عاد الإرهاب ليطل بوجهه القبيح مرة أخرى على مصر، ولكن هذه المرة في ثوب جديد، وهو مهاجمة القوات المصرية التي تقوم بالتمركز في سيناء؛ فتلطخت أيديهم بدماء إخوانهم المصريين في هذا الشهر الكريم".
ثم يقول: "نحن راعينا حرمة الدم المصري، ولكن ثبت اليوم أنَّهم ليسوا مصريين".
كلمات أتتْ معبرةً بصدق عن العواطف قبل أنْ تعبر عن المواقف والأحداث؛ خاصة في استخدامه لهذه الجملة البالغة التأثير التي تذكر بجملة شهيرة في التاريخ الإسلامي وهي"إخواننا بغوا علينا"؛ فقد استخدم "أدمن" الصفحة وصف"إخوانهم المصريين"، مستنكرًا بالطبع أنْ تكون الغاية هي مقاومة إسرائيل، وأنْ تكون الوسيلة هي سفك الدم المصري والاعتداء على حرمته في هذه الأيام المباركة، ولا شك أنَّ هذه أخلاق ومفاهيم يعتنقها حزب الله الشيعي، ونراها ماثلة في الواقع اللبناني والسوري أكثر من أي واقع آخر.
لا شك أنَّ الأمور استغرقت وقتًا طويلًا حتى وصلنا إلى هذا المشهد الدامي، الذي أصاب المصريين جميعًا بالحزن والألم.
ففي البداية تتكون مجموعات سلفية متشددة مسلحة في قطاع غزة تنافس حركة حماس، وتزايد على أسلوب تطبيقها للشريعة، وتستخدم العنف والتفجير في القطاع بدعوى النهي عن المنكرات والسعي إلى تطبيق مثالي للشريعة- بحسب مفهومها-، وقد حدثت اشتباكات، وعمليات اعتقال سابقة لأفراد من هذه التنظيمات داخل القطاع، كان ذروتها ما حدث في رفح الفلسطينية وأدى إلى مقتل أحد رموز هذه المجموعات.
وفي مصر هناك مجموعات جهادية مُشابهة لا ترضى تمامًا عن أسلوب حكم الإخوان المسلمين، وتسعى لتطبيق شامل للشريعة الإسلامية- بحسب رؤيتهم-، فضلًا عن أنَّهم يُعادون الجيش المصري لإعاقته وصول الإسلاميين إلى الحكم بشكل كامل، ووقوفه ضد تطبيق الشريعة الإسلامية، ويعتبرون وجود القوات المصرية على الحدود إنَّما لحماية حدود إسرائيل وحفظ أمنها، وليس لحماية الحدود المصرية.
وقد يكون من المهم هنا التذكير بالمجموعات التكفيرية والجهادية التي اشتركت في اعتصام العباسية، ودعت لاقتحام وزارة الدفاع المصرية قبل أشهر، وفيه استدعت عناصرُ مرتبطة بفكر التكفير والهجرة وتنظيم القاعدة ذاكرةَ العنف المسلح بالتحريض على المواجهة مع الجيش وعناصره، قبل أنْ ينجح الجيش في التعامل معهم في مواجهات دامية خلفت عشرات القتلى ومئات المعتقلين.
كانت هذه هي الإرهاصات في الداخل المصري وأيضًا في الداخل الفلسطيني، وقد اختار الجميع الوقت المناسب والمكان المناسب للقيام بعمليات بهذا الحجم بعد التقارب بين القيادتين السياسيتين في مصر وغزة، بما يشكل نصرًا سياسيًّا كبيرًا على الأرض، والذي سارعت المجموعات الجهادية المسلحة لإجهاضه مستغلة ضعف التواجد الأمني والعسكري في سيناء، وإنْ خدمت الخطوة في المقام الأول المصالح الإسرائيلية.
يبدو مؤلِمًا أيضًا هذا التصريح للمتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال "يو آف مردخاى"؛ حيث قال:
"لم تكن هناك خسائر بين قوات الجيش الإسرائيلي أو المدنيين الإسرائيليين"، بينما تطير الأنباء بسقوط الشهداء المصريين وتفجير المدرعتين المصريتين؛ فهؤلاء المحسوبون على الفلسطينيين والمصريين بَغَوْا مرتين:
عندما مارسوا شأنًا ليس من اختصاصهم، ونازعوا الأمر أهله، ونصبوا من أنفسهم بديلًا عن الدولة ومؤسساتها في اتخاذ وتنفيذ الأوامر السيادية.
وبَغَوْا مرة ثانية عندما اعتدوا على حرمة الدم المسلمن وحرمة الدم المصري؛ فسفكوا دماء جنود مرابطين على الثغور؛ ليخرج العدو الحقيقي في النهاية بلا خسائر تُذكَر.
إسرائيل بأمان
"إسرائيل بسلام، لا خوف من مصر الآن"
هذا ما قالته صفحة الجيش الإسرائيلي على موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك"، وقد ذهب الكثير من المفكرين والمحللين الاستراتيجيين والعسكريين إلى أنَّ ما حدث يصب في المقام الأول لصالح إسرائيل.
فالعملية عادت بالضرر الفادح على قطاع غزة الذي لم تكتمل فرحته بعد الانفراجة النوعية التي أعقبت اجتماعات الرئيس المصري بقيادات حماس لأول مرة بالقاهرة، وبعد أنْ كان "الغزاويون" يؤملون المزيد من القرارات والإجراءات في طريق فك الحصار تمامًا عن غزة- إذا بالقطاع يعود من جديد إلى العزلة التامة عن العالم.
وعزل قطاع غزة كليًّا عن الضفة الغربية، وفك ارتباطه بعمقه وعزله عن العالم المحيط به- من أولويات استراتيجية الكيان الصهيوني في التعامل مع الواقع الفلسطيني؛ فغزة جغرافيًّا وشعبيًّا هي الهاجس المرعب لإسرائيل، وأية صحوة لسكان القطاع- الذين فشلت إسرائيل في كسر شوكتهم، وإبعادهم عن المقاومة، وأيَّة محاولة لإعادتهم للحياة الطبيعية- تعتبرها إسرائيل خطرًا على أمنها وحياتها ووجودها.
كما استهدفت العملية دور مصر المركزي والقومي، الذي شرعت مؤخرًا في استعادته بتعاملها مع القوى الفلسطينية بحيادية، ووقوفها من الجميع على نفس المسافة، وبتعاملها مع حماس سياسيًّا، واعترافها بشرعية الحكومة التي تقودها حماس في قطاع غزة، بعد مقابلة الرئيس الفلسطيني والاعتراف به كقيادة شرعية للبلاد؛ بما عزز موقف حماس على الأرض، وأنعش الآمال في مصالحةٍ حقيقية على الأرض دون الانحياز إلى طرف أو إضعاف طرف لحساب الآخر.
هذه كلها- بلا شك- نجاحات أحرزها التيار الإسلامي المعتدل في كلٍّ من مصر وفلسطين، وكلاهما يحظى بتأييد شعبي واسع وبسلطة شرعية؛ فكلاهما وصل إلى السلطة نتيجة انتخابات شرعية نزيهة، وكلاهما ممثلٌ لحركة الإخوان المسلمين.
تساءل "السيناويون" الغاضبون والفلسطينيون الغاضبون:
"كيف عرفت إسرائيل"؟!
في إشارة إلى طلب السلطات الإسرائيلية لسياحها بمغادرة سيناء قبل أربع وعشرين ساعة فقط من الهجوم!
وهناك من أشار إلى تورُّط تنظيم جهادي يُطلِق على نفسه "جلْجلة" في الهجوم على النقطة الحدودية المصرية، الذي راح ضحيته 17 ضابطًا وجنديًّا مصريًّا، وأشار الأهالي الغاضبون إلى أنَّ هذا التنظيم- الغير معروف- مرتبط بالموساد الإسرائيلي، مستدلين بالتحذيرات الإسرائيلية للسياح قبل تنفيذ العملية.
إلَّا أنَّ الكلمة الدقيقة هنا هي "اختراق"، وليست "ارتباط"؛ فإسرائيل ترحب بوجود مثل هذه المجموعات والتنظيمات التي يسهل اختراقها وتوجيهها لتنفيذ عمليات تخدم مصلحة في الوقت والمكان الذي تريده.
وإسرائيل- بالطبع- لا تريد دولة قوية تُحْكِم قبضتها وتسيطر على جميع الأراضي المصرية، ولا تريد جيشًا مدربًا قويًّا بجهاز مخابرات قوي يصعب اختراقه وتوجيهه، ويعوقها عن تنفيذ مخططاتها، وتحقيق أطماعها القديمة على أرض سيناء.

هشام النجار

ما حدث في رفح بسيناء المصرية من هجومٍ على نقاط تمركزٍ للجيش المصري، وقتلٍ لجنود وضباط مصريين غدرًا وهم يتناولون طعام الإفطار، وسرقة مدرعات للهجوم بها على معابر تسيطر عليها القوات الإسرائيلية- عنوانه الأساسي هو محاولة الدخول في مرحلة جديدة من "لبننة" سيناء، وإضعاف هيبة الجيش المصري، وإظهار عناصره وقواته في مظهر الضعيف الفاقد السيطرة والأهلية للقيام بدور ضبط وحفظ الأمن وحماية الحدود بين مصر وإسرائيل.
العناصر المسلحة المتشددة- التي تعتنق غالبيتها الفكر التكفيري- ترغب وتخطط منذ فترة في سحب البساط من تحت أقدام الجيش المصري في سيناء؛ لتقوم هي بدوره، لا في قتال إسرائيل وحربها، وتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية المغتصبة؛ فهذا وغيره لن يحدث بعربتين مدرعتين مسروقتين من الجيش المصري وببضعة أفراد مسلحين! إنَّما الهدف الحقيقي هو فرض الهيمنة والسيطرة على مناطق من سيناء بقوة الأمر الواقع، وتحويلها إلى "لبنان أخرى"؛ بإيجاد قوة بديلة عن قوة الجيش تكون بمثابة دولة داخل الدولة، وتكتسب شرعية وجودها وشعبيتها من خطاب مقاومة إسرائيل ومهاجمة قواتها.
هناك قوى إقليمية منافسة للدور المصري ترغب في ترسيخ هذا الواقع داخل مصر، ليس فقط بلبننة سيناء بل بلبننة مصر بأسرها، والغاية ألَّا تكون هناك دولة مركزية مسيطرة، وألَّا يكون هناك جيش قوى يُحكِم قبضته على الحدود، إنَّما مجموعات يسهل اختراقها وتوجيهها، ويمكن الاعتماد على رعونتها وتهورها في تحقيق مكاسب استراتيجية وأمنية لصالح إسرائيل.
يبدو أنَّ سيناء بعد ثورة 25 يناير قد جمعت الكثير من العناصر والحركات المتشددة المسلحة المرتبطة بأيديولوجيات وتوجهات سياسية وقوى إقليمية مختلفة؛ فحتى إيران كان لها حضور في سيناء، وقد اكتشف الأمن المصري- في وقت سابق- وجود أفراد مرتبطين بحزب الله الشيعي في قلب سيناء.
هذا، فضلًا عن الخلايا التكفيرية والجهادية التي من المرجح أنَّها تضم عناصر مصرية وعناصر فلسطينية من داخل قطاع غزة، ولا يمكن بحال إغفال حضور عناصر من تنظيم القاعدة.
هنا الجميع يريد إثبات وجوده وإحراز مكاسب على أرض الواقع؛ فالمجموعات المتشددة المسلحة القادمة من داخل قطاع غزة تريد قطع الطريق أمام حماس- عدوها ومنافسها التقليدي- بعد التقدم الملحوظ الذي أحرزته حماس في ظل التقارب النوعي مع النظام السياسي المصري تحت قيادته الجديدة.
وتنظيم القاعدة- هو الآخر- يطمح بشدة في الوقت الحالي في استعادة بريقه وشعبيته التي تعرضت لنكسات مؤخرًا على إثر الحضور الإعلامي والجماهيري العالمي لثورات الربيع العربي.
والمجموعات الإسلامية المتشددة المسلحة تسعى لتتويج مراحل من التدريب والإنفاق والعمل المضني في سيناء، الذي تخللته أعمال متفرقة ضد خطوط إمداد الغاز، وضد عناصر الجيش المصري؛ وذلك بعمليات نوعية كبيرة تحسم لصالحها السيطرة على الأرض، وتفرض على المدى البعيد كلمتها وإرادتها، مستترة في كل ذلك خلف نفس الستار الذي استخدمه دائمًا حزب الله الشيعي في تبرير وجوده وعملياته التي قد تكون ضد توجه الدولة، وضد خطها الديمقراطي ووضعها السيادي، وهو ستار مقاومة إسرائيل.
لكنْ تأتى الرياح بما لا تشتهي السُّفُن!.
ففي حين استمرت جماهيرية حزب الله عربيًّا وقوميًّا لسنوات قبل أنْ تحترق تمامًا بعد موقفه الطائفي الفج في العراق وأخيرًا دعمه الاستراتيجي واللوجستي لنظام بشار الأسد الفاقد الشرعية، وعديم الوزن شعبيًّا، والذي يقتل شعبه بلا رحمة- نجد أنَّ تلك المنظمات المسلحة المتشددة التي تضم خليطًا من التيارات قد احترقت جماهيريًّا بأقصى سرعة ممكنة، بعد أن اكتسبت بعض التعاطف الشعبي والإسلامي نتيجة تفجيرها المتواصل لخطوط إمداد الغاز المصري لإسرائيل.
احترقت سريعًا جماهيريًّا وفقدت أي تعاطفٍ شعبي وجماهيري معها؛ بسبب عدائها الظاهر للجيش المصري، واستهدافها لجنوده وضباطه بتلك الصورة الغادرة البشعة وهم يتناولون طعام الإفطار في شهر الصيام.
اخواننا بغوا علينا
ربما عبر أحد النشطاء الإسرائيليين على الـ"فيسبوك" بطريقة خاطئة عن الجانب والدافع العاطفي في هذا الحدث الكبير عندما زعم أنَّ:
"الجماعات الإسلامية المصرية رغبت في مجاملة الرئيس المصري الجديد محمد مرسي، المعادى لإسرائيل، والذي سيكون سعيدًا بأية عملية انتقامية ضدها، تحمل في نفس الوقت إهانة للجيش المصري الذي ينافسه سياسيًّا".
وهذا الزعم بالطبع بعيد جداًّ عن الواقع، ويأتي ضمن حملة موسعة لاستغلال الحدث من أجل الوقيعة وإحداث الانقسام في الداخل المصري، الذي جاهد مرسي في الفترة الأخيرة من أجل لملمة شمله وترميم شروخه.
ولن يفرح رئيس دولة أيا كان بقتل جنود جيشه حتى لو كانت الغاية هي الهجوم على إسرائيل، فضلًا عن عدم سماحه بانتهاك سيادة الدولة التي يحكمها، وقيام عناصر مسلحة- غير شرعية- منفردة بعمل يدخل في أهم اختصاصات رئيس الدولة السيادية؛ وهي إعلان الحرب على دولة مجاورة ومهاجمة قواتها.
بينما كان "أدمن" الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الأقرب لتوصيف الحالة العاطفية والشعورية على حقيقتها؛ سواء على المستوى الرسمي المنفعل والغاضب أو على المستوى الشعبي المجروح والمصدوم؛ حيث قال في تعليق سريع على الأحداث:
"عاد الإرهاب ليطل بوجهه القبيح مرة أخرى على مصر، ولكن هذه المرة في ثوب جديد، وهو مهاجمة القوات المصرية التي تقوم بالتمركز في سيناء؛ فتلطخت أيديهم بدماء إخوانهم المصريين في هذا الشهر الكريم".
ثم يقول: "نحن راعينا حرمة الدم المصري، ولكن ثبت اليوم أنَّهم ليسوا مصريين".
كلمات أتتْ معبرةً بصدق عن العواطف قبل أنْ تعبر عن المواقف والأحداث؛ خاصة في استخدامه لهذه الجملة البالغة التأثير التي تذكر بجملة شهيرة في التاريخ الإسلامي وهي"إخواننا بغوا علينا"؛ فقد استخدم "أدمن" الصفحة وصف"إخوانهم المصريين"، مستنكرًا بالطبع أنْ تكون الغاية هي مقاومة إسرائيل، وأنْ تكون الوسيلة هي سفك الدم المصري والاعتداء على حرمته في هذه الأيام المباركة، ولا شك أنَّ هذه أخلاق ومفاهيم يعتنقها حزب الله الشيعي، ونراها ماثلة في الواقع اللبناني والسوري أكثر من أي واقع آخر.
لا شك أنَّ الأمور استغرقت وقتًا طويلًا حتى وصلنا إلى هذا المشهد الدامي، الذي أصاب المصريين جميعًا بالحزن والألم.
ففي البداية تتكون مجموعات سلفية متشددة مسلحة في قطاع غزة تنافس حركة حماس، وتزايد على أسلوب تطبيقها للشريعة، وتستخدم العنف والتفجير في القطاع بدعوى النهي عن المنكرات والسعي إلى تطبيق مثالي للشريعة- بحسب مفهومها-، وقد حدثت اشتباكات، وعمليات اعتقال سابقة لأفراد من هذه التنظيمات داخل القطاع، كان ذروتها ما حدث في رفح الفلسطينية وأدى إلى مقتل أحد رموز هذه المجموعات.
وفي مصر هناك مجموعات جهادية مُشابهة لا ترضى تمامًا عن أسلوب حكم الإخوان المسلمين، وتسعى لتطبيق شامل للشريعة الإسلامية- بحسب رؤيتهم-، فضلًا عن أنَّهم يُعادون الجيش المصري لإعاقته وصول الإسلاميين إلى الحكم بشكل كامل، ووقوفه ضد تطبيق الشريعة الإسلامية، ويعتبرون وجود القوات المصرية على الحدود إنَّما لحماية حدود إسرائيل وحفظ أمنها، وليس لحماية الحدود المصرية.
وقد يكون من المهم هنا التذكير بالمجموعات التكفيرية والجهادية التي اشتركت في اعتصام العباسية، ودعت لاقتحام وزارة الدفاع المصرية قبل أشهر، وفيه استدعت عناصرُ مرتبطة بفكر التكفير والهجرة وتنظيم القاعدة ذاكرةَ العنف المسلح بالتحريض على المواجهة مع الجيش وعناصره، قبل أنْ ينجح الجيش في التعامل معهم في مواجهات دامية خلفت عشرات القتلى ومئات المعتقلين.
كانت هذه هي الإرهاصات في الداخل المصري وأيضًا في الداخل الفلسطيني، وقد اختار الجميع الوقت المناسب والمكان المناسب للقيام بعمليات بهذا الحجم بعد التقارب بين القيادتين السياسيتين في مصر وغزة، بما يشكل نصرًا سياسيًّا كبيرًا على الأرض، والذي سارعت المجموعات الجهادية المسلحة لإجهاضه مستغلة ضعف التواجد الأمني والعسكري في سيناء، وإنْ خدمت الخطوة في المقام الأول المصالح الإسرائيلية.
يبدو مؤلِمًا أيضًا هذا التصريح للمتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال "يو آف مردخاى"؛ حيث قال:
"لم تكن هناك خسائر بين قوات الجيش الإسرائيلي أو المدنيين الإسرائيليين"، بينما تطير الأنباء بسقوط الشهداء المصريين وتفجير المدرعتين المصريتين؛ فهؤلاء المحسوبون على الفلسطينيين والمصريين بَغَوْا مرتين:
عندما مارسوا شأنًا ليس من اختصاصهم، ونازعوا الأمر أهله، ونصبوا من أنفسهم بديلًا عن الدولة ومؤسساتها في اتخاذ وتنفيذ الأوامر السيادية.
وبَغَوْا مرة ثانية عندما اعتدوا على حرمة الدم المسلمن وحرمة الدم المصري؛ فسفكوا دماء جنود مرابطين على الثغور؛ ليخرج العدو الحقيقي في النهاية بلا خسائر تُذكَر.
إسرائيل بأمان
"إسرائيل بسلام، لا خوف من مصر الآن"
هذا ما قالته صفحة الجيش الإسرائيلي على موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك"، وقد ذهب الكثير من المفكرين والمحللين الاستراتيجيين والعسكريين إلى أنَّ ما حدث يصب في المقام الأول لصالح إسرائيل.
فالعملية عادت بالضرر الفادح على قطاع غزة الذي لم تكتمل فرحته بعد الانفراجة النوعية التي أعقبت اجتماعات الرئيس المصري بقيادات حماس لأول مرة بالقاهرة، وبعد أنْ كان "الغزاويون" يؤملون المزيد من القرارات والإجراءات في طريق فك الحصار تمامًا عن غزة- إذا بالقطاع يعود من جديد إلى العزلة التامة عن العالم.
وعزل قطاع غزة كليًّا عن الضفة الغربية، وفك ارتباطه بعمقه وعزله عن العالم المحيط به- من أولويات استراتيجية الكيان الصهيوني في التعامل مع الواقع الفلسطيني؛ فغزة جغرافيًّا وشعبيًّا هي الهاجس المرعب لإسرائيل، وأية صحوة لسكان القطاع- الذين فشلت إسرائيل في كسر شوكتهم، وإبعادهم عن المقاومة، وأيَّة محاولة لإعادتهم للحياة الطبيعية- تعتبرها إسرائيل خطرًا على أمنها وحياتها ووجودها.
كما استهدفت العملية دور مصر المركزي والقومي، الذي شرعت مؤخرًا في استعادته بتعاملها مع القوى الفلسطينية بحيادية، ووقوفها من الجميع على نفس المسافة، وبتعاملها مع حماس سياسيًّا، واعترافها بشرعية الحكومة التي تقودها حماس في قطاع غزة، بعد مقابلة الرئيس الفلسطيني والاعتراف به كقيادة شرعية للبلاد؛ بما عزز موقف حماس على الأرض، وأنعش الآمال في مصالحةٍ حقيقية على الأرض دون الانحياز إلى طرف أو إضعاف طرف لحساب الآخر.
هذه كلها- بلا شك- نجاحات أحرزها التيار الإسلامي المعتدل في كلٍّ من مصر وفلسطين، وكلاهما يحظى بتأييد شعبي واسع وبسلطة شرعية؛ فكلاهما وصل إلى السلطة نتيجة انتخابات شرعية نزيهة، وكلاهما ممثلٌ لحركة الإخوان المسلمين.
تساءل "السيناويون" الغاضبون والفلسطينيون الغاضبون:
"كيف عرفت إسرائيل"؟!
في إشارة إلى طلب السلطات الإسرائيلية لسياحها بمغادرة سيناء قبل أربع وعشرين ساعة فقط من الهجوم!
وهناك من أشار إلى تورُّط تنظيم جهادي يُطلِق على نفسه "جلْجلة" في الهجوم على النقطة الحدودية المصرية، الذي راح ضحيته 17 ضابطًا وجنديًّا مصريًّا، وأشار الأهالي الغاضبون إلى أنَّ هذا التنظيم- الغير معروف- مرتبط بالموساد الإسرائيلي، مستدلين بالتحذيرات الإسرائيلية للسياح قبل تنفيذ العملية.
إلَّا أنَّ الكلمة الدقيقة هنا هي "اختراق"، وليست "ارتباط"؛ فإسرائيل ترحب بوجود مثل هذه المجموعات والتنظيمات التي يسهل اختراقها وتوجيهها لتنفيذ عمليات تخدم مصلحة في الوقت والمكان الذي تريده.
وإسرائيل- بالطبع- لا تريد دولة قوية تُحْكِم قبضتها وتسيطر على جميع الأراضي المصرية، ولا تريد جيشًا مدربًا قويًّا بجهاز مخابرات قوي يصعب اختراقه وتوجيهه، ويعوقها عن تنفيذ مخططاتها، وتحقيق أطماعها القديمة على أرض سيناء.






 
رد مع اقتباس
قديم 21-08-2012, 10:32 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سلمى رشيد
نائب المدير العام
 
الصورة الرمزية سلمى رشيد
 

 

 
إحصائية العضو







سلمى رشيد غير متصل


افتراضي رد: لبننة سيناء لصالح اسرائيل

نسأل الله الرحمة والمغفرة للشهداء من الجنود المصريين ورفع عن مصر غمتها وسير لها القيادة الرشيدة في مثل هذا الوقت الحرج قليميا وعربيا ..
مصر وقيادتها الآن في مواجهة وضع غريب في سيناء كان يجب ان تكون اكثر وعيا له
عناصر مسلحة وتظيمات في سيناء موجهة حارجيا وداخليا .. وإسرائيل التي بدت تنشر دباباتها وبطارياتها والآتي اعظم ؟؟







التوقيع

رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
 
رد مع اقتباس
قديم 21-08-2012, 11:01 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
هشام النجار
أقلامي
 
الصورة الرمزية هشام النجار
 

 

 
إحصائية العضو







هشام النجار غير متصل


افتراضي رد: لبننة سيناء لصالح اسرائيل

هذا ارث النظام السابق الثقيل سيدتى سلمى رشيد ، الذى أهمل هذا الكنز وهذه البقعة الاستراتيجية من مصر لصالح أماكن وقضايا اقل أهمية ، مصر الآن تحاول استعادة سيناء من غول التطرف والتكفير واستعادتها من صهيونية واختراقات المخابرات الاجنبية واستعادتها من مناخ الاهمال وقبضة التخلف .. وفى استعادة سيناة استعادة الريادة والقيادة والدور المصرى الحقيقى .
جزاكم الله خيرا وكل عام وانتم بخير .







 
رد مع اقتباس
قديم 25-08-2012, 12:33 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
اميره راضي
أقلامي
 
إحصائية العضو







اميره راضي غير متصل


افتراضي رد: لبننة سيناء لصالح اسرائيل

طرحتي فابدعتي
دمتي ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أخبار متجددة: حظر جوي في القارة العجوز لليوم الثالث بسبب غبار أيسلند نايف ذوابه منتدى الحوار الفكري العام 621 18-04-2010 02:52 PM
أرقام ودلالات.. وسؤال: أين الخلل؟؟ هشام يوسف منتدى الحوار الفكري العام 3 19-01-2010 01:05 PM
قناة الجزيرة - جما النجار - كاتب مصري د . محمد أيوب منتدى الحوار الفكري العام 2 30-03-2009 02:34 AM
قراءة في وثائق التصور المستقبلي للفلسطينيين داخل اسرائيل بقلم المحامي شوقي العيسه عيسى عدوي منتدى الحوار الفكري العام 0 16-07-2007 01:19 AM
وطنى حبيبى ابراهيم خليل ابراهيم منتدى الحوار الفكري العام 9 08-07-2007 03:30 AM

الساعة الآن 02:58 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط