الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-08-2011, 06:39 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هشام النجار
أقلامي
 
الصورة الرمزية هشام النجار
 

 

 
إحصائية العضو







هشام النجار غير متصل


افتراضي دنيــــا .. بقلم الأديب اسماعيل أحمد

بقلم/ إسماعيل أحمد
أثارني منظرك وأنت تخفي وجهك في الأقفاص عن عدسات الكاميرا وتعبث بأنفك بلا اكتراث.
أهي شماتة؟!!.. لا.
أهو تعظيم لقدرة الله القاهرة؟!!.. ربما.
أهو حزن على الأعمار التي نزفناها في السجون؟!!.. ممكن.
لكنني تفاعلت كل التفاعل مع هذا المشهد وتجددت في قلبي ذكريات السجن من بدئها لختامها.. ورأيت أن أدس في يديك نصيحتي هذه وخواطري.. لعلها تنفعك في سنواتك الطوال القادمة.
كثيرا ً ما كنت أصّبر إخواني في ليالي البأس - وما كان أكثرها في سجونك - بأنك "لابد ستأتي مكاننا".
لكنني والله أبداً لم أصدق نفسي.. فما كان أبعدك عن هذا المصير.. لولا أن الله السميع القدير المنتقم أرادها لك.
كنا ندعو عليك ليل نهار.. وكنا نستحث خطى السماء.. وكنا نقول كما قال أحد أسلافنا من معتقلي الإخوان:
"يا أيها الحليم متى تغضب".
وكنا نظن يغفر الله لنا أنا "دعواتنا هذا لا تزيدك إلا سمنة وتجبراً".. وها أنت اليوم.
وسجونك أنواع ومقامات:
أعلاها منزلة ما أُنزل فيه أولادك وحاشيتك.. فقد سمعنا أن فيه ملاعب واسعة خضراء وحدائق غنّاء.. وأن نوافذ الزنازين فيه واسعة تجدد هواء الزنزانة.. وأن الزنازين نفسها أقرب للعنابر "واسعة جدا تتسع لأكثر من خمسين ولا يسكنها إلا عددٌ قليل".
وسمعنا أن في الزنازين "ديب فريزر" من مخلفات قضية الفنية العسكرية وقضايا أخرى.. تضعون فيه من الطعام الملكي ما يكفيكم للزيارة التالية.. لكنها سجون.
غير تلك التي كنا فيها.. فقد مررت على يديك بعشرة سجون كاملة منها المعتقلات الحديثة مثل "أبو زعبل الصناعي.. واستقبال طرة".
ومنها الطراز المتميز مثل "شديد الحراسة المسمى بالعقرب".
ومنها الغياهب التي بنيتها خصيصا ً وعلى عجالة لنا "الوادي والنطرون والفيوم ودمنهور".
ومنها السجون العمومية في "قنا وأسيوط والمنيا وشبين الكوم" المحشوة بآلاف الجنائيين.. وفيها لا تجد دورات المياه إلا نهارا ً.. ثم تنغلق عليك الزنزانة طوال الليل.. وما أكثر أن تجد كل صباح الجنائيين وهم ينفضون عليك بطاطينهم المكتظة بالقمل الأبيض - هل صادفته بعد؟-.. أو يتساقط عليك بولهم وهم ينقلونه في أدلاء كبيرة.. ولو اضطررت للخلاء بالليل.. فالويل لك ولمن معك.
كان صاحبي الشاب الأسيوطي يتمنى أن يراك وأنت تكيّس.. فهل ستتحقق أمنيته؟!!
مررت على يديك بعشرة سجون
كاملة منها المعتقلات الحديثة..
ومنها الطراز المتميز.. ومنها
الغياهب التي بنيتها خصيصا ً
وعلى عجالة لنا.. ومنها السجون
العمومية
ستشرد طويلا ً في الليالي الأولى.. ستشعر في الليل الطويل أن سقف السجن يكاد يطبق على صدرك وستفكر في مجدك الزائل.. ستشتاق لأحفادك ولعبهم بحدائق القصر الغنّاء.

ستتصور بعقلك الباطن أنه مجرد كابوس لا تلبث أن تستيقظ فلا تجد له أثرا ً.. سيفرز قلبك المحزون كما مفاجئا من التفاؤل كل صباح.. ثم يتبدد منك عند المساء.
لكن دعني أؤكد لك أن الهموم أكبر وأكثر بكثير مما تتوقع.. ستجد نفسك منفعلا ً عصبيا ً أمام كل شرطي يذكرك بحالك الجديد النهائي.. طبعا ً إن ظلوا يعاملونك باحترام.. لكن لو جاء رئيس جديد للبلاد ورأى أن يرد لك بعض ما فعلت بالضعفاء فتوقع أن يضطرب مصرانك الغليظ لمجرد سماع كلمة انتباااااه.
كنا نرى تلك الجلسة اليومية لأحد إخواننا عقب صلاة الفجر - كان صاحب محل فول وفلافل -.. وكان لا يدع شيئا ً من راتب حياته إلا ويذكرها ويترحم عليها.. يذكر خروج صغاره للمدارس وقروشه القليلة التي يدسها في كفوفهم المتذمرة الباردة.. إسراعه منذ الصباح الباكر للدكان يجهز الخبز والفول والطعمية لمئات التلاميذ والعمال الذين يفطرون عنده كل صباح.
كان يذكر مسجده وإخوانه والدروس التي تحيي قضايا الأمة... كان يخشى أن يضطر أولاده لترك الدراسة طلبا للرزق وهو الذي كان يرجو لهم مستقبلا أفضل ويحلم أن يتخرجوا أطباء ومهندسين.. يكره أن يخلفوه على قدرة الفول كما كنت تحب أن يخلفك جمال على كرسي الحكم.
هو يفكر في غوائل الفقر على أسرته.. فليس لديه من يخلفه في أولاده بخير.. ورجالك كانوا ينزلون النكال بمن يقف مع أسر المعتقلين.. ثم إن اجترار الهم كل صباح يسبب أمراضا ً كثيرة أهمها الأزمات التنفسية التي تنقلب لحساسية على الصدر وربو – لا عافاك الله منها – ولا تحاول أن تكتب إقرار توبة لتحصل على بعض المزايا التافهة كما كان رجالك يفعلون.
إقرار التوبة ينقلك من زنزانة فيها عشرين نسمة مساحتها 6×4 متر إلى أخرى مثلها لك وحدك أو معك تائب مثلك أو تائبان.. وفيها سخان وراديو وصحافة وخروج يومي للتريض طوال النهار.. فنحن لا نصدق إقرارات التوبة التي تقع تحت حد السجن.
كان صاحبي يفكر كثيرا في أحوال أسرته.. لكني أحذرك أن تفعل مثله.. لا تفكر في مصير علاء وجمال ولا أمهما.. ولا تحمل هم الصغار فلا أحد منهم سيضطر لترك التعليم والعمل أجيرا ً صغيرا ً تحت سطوة الجبابرة في الأسواق.. فقد نهبتم ما يكفيكم لألف عام.
دعني أحكي لك حكاية أخت كان زوجها يعمل بأجره اليومي فلما اعتقلوه لم يعد لها من منفذ للرزق سوى أن تبيع أثاث بيتها قطعة فقطعة حتى خلا البيت.. وبينما هي في بيتها الخاوي تفكر في الرزق جاءتها قطة سرقت قطعة كبيرة من فرخة بعض جيرانها.. فلما أحست بها وقامت لترى ما يحدث فرت القطة وتركت لها ربع فرخة.
أنت لا تتوقع أن يصل الحال بأم أولادك مثل حالها.. ولن تجد شيخا ً يعدونه اليوم من شيوخ الشلفيين وهم منه براء كان يفتي بحرمة التصدق على نساء المعتقلين.. وكان يطرد نساءنا اللاتي يبعن العطور والسواكات أمام مسجده بالقاهرة.. كان يحث الناس على حبك والولاء لك.. فلما وقعت أدعى أنه لم يكن يعرف فسادك.
ولا تخش أن ترفع أم الأولاد عليك دعوى خلع وتطلقك وأنت في السجن.. فجهاز أمن الدولة انحل وليس في بلادنا من يخطط لتطليق النساء من الرجال لو كنت تتبع فرع أمن الدولة بالعمرانية أنشط مكتب على مستوى الجمهورية لوجدتهم في فن تطليق الزوجات بلغوا درجة الأستاذية.
فقد كانوا يبدأون بطلب حضور الأخت المنتقبة يراودونها عن نقابها حتى تخلعه ويتحسرون على مستقبلها الأسود.. ويحثونها على الانفصال عن زوجها فإن رضخت.. وإلا جاءوا بأبيها أو أخيها.. وإن استلزم الأمر فشيءٌ من الترويع والتهديد.. حتى يتم المراد وتطلب الزوجة الطلاق من الأسير الغائب عن الوجود.. فيتحقق أمن دولتك على حساب دمار بيوتنا.
كان صاحبي ينظر لزوجته بغيظ في الزيارة لأنها كشفت وجهها.. وما إن كلمها حتى ثار عليه أخوه وقال له أحمد ربك أنها وقفت عند حد خلع النقاب كل زميلاتها طلبن الطلاق وتطلقن وهي أبقت على زواجها منك.
وكان رجالنا المفطورون على حب المقاومة يرفضون التوقيع على الإعلانات وكان رجالك المجبولون على الغباء وحب الإيذاء يضربونهم ويجبرونهم على التوقيع.. مع أن المأمور يملك قانونا تسلم الإعلان عن السجين.. فليس في بلادنا اليوم من يحاول تطليقك من سوزان.
لن تجد فيهم من يضطهدون أهلك.. ولا من يضيقون على رزقك أو أرزاق أسر السجناء.. فالذي معكم يكفي لسداد ديون مصر كلها.. لكنني أتمنى لأولادك أن يذوقوا مرارات كثيرة تجرعناها.
أتمنى لهما أن يجدا من يبحث في بطاقات السجن ليكتشف أنهما أخوين فيفرق بينهما.. فقد كان رجالك يحرمون على الأخوين أن يجتمعا في سجن واحد إمعانا في الترويح عن أسرنا بالسفر هنا وهناك.. ولو اجتمعا قدرا ً في لو جاء رئيس جديد للبلاد
ورأى أن يرد لك بعض
ما فعلت بالضعفاء فتوقع
أن يضطرب مصرانك
الغليظ لمجرد سماع كلمة
انتباااااه
سجن واحد فكل واحد في عنبر.. حتى كان الأشقاء يجحدون إخوتهم طمعا ً في البقاء معا ً.

أتمنى لهما أن يعلنا بحكم الطلاق من خديجة وهايدي.. وأن يتابعا في السجن زواجهما وإنجابهما لأطفال من رجال آخرين.. أحد أخواني سأل أهله عن زوجته التي كان قد عقد عليها فقيل له أنها تزوجت وصارت أما لثلاثة أبناء دون أن يدري!
أتنمى أن تستيقظوا كل صباح على صرخة "انتباه" فتسارعون بطي الأسمال التي تنامون عليها وتتراصون على الجدار في انتظار السب والصفع مع طعام الإفطار.
أتمنى أن تتمتعوا بنخر الجرب في أجسادكم.. وأن تنعموا بلسعة البنزانيل على أجسامكم المقرحة.. فقد شرحت لأخواني حين بنزلت (وضعت البنزانيل) لأول مرة أنني فهمت الآن حرارة عبد الحليم حافظ وهو يغني:
نااااااااار
إسماعيل أحمد محمد
10 رمضان 1432 الذكرى الخامسة لخروجي من السجن
منقول من موقع الجماعة الاسلامية بمصر






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط