العنصر البشري هو أساس التنمية والمستهدف من كل عملية نهوض ، تحددت مركزيته في الحياة والكون حين خلقه الله وجهزه بأدوات الاستخلاف اللازمة حين علمه الاسماء كلها "وعلم آدم الاسماء كلها " وكرمه أولا حين نفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، فأي نهوض أو فكر او حركة أو نظام وتنظيم لا يضع في الاعتبار الانسان وكرامته أولا لا يمكن ان ينهض ، ولو بنى ناطحات السحاب ، لأن الحضارة لا تعني أيضا استنساخ الوعي الانساني وتزييفه وافراغه من محتواه الروحي والانساني الكريم وتحويله إلى مادة استهلاكية مستهلِكه ، حين ينتقل المفهوم الحضاري الى الاشكال المادية ولو جاء ذلك على حساب كرامة الانسان وقيمه وأخلاقه تصبح حقارة وليست حضارة حقارة تدمر الانسان ذاته وتفسده .
فلقد أضحت غاية ما بعد الحداثة هي إضفاء قيمة جمالية على الاستهلاك, وعلى أي نوع من أنواع التفكك القيمي والثقافي والفكري.
إذا لا يجب يعمينا الانبهار بالحضارة الغربية أو الشرقية ومادياتها وتقنياتها عن وضعيتها الانسانية الضائعة والمنحرفة .
كما لا ينبغي التحقير من ذواتنا بالنظر الى نموذج ما ، دون أن نبني ذواتنا بتوازن ، مستمدين أسس ذلك البناء وأصول الحركة في الحياة من القرءان الكريم والسنة النبوية ، ماليزيا لم تنهض فقط لأنها اوفدت شبابها الى كل مكان ، لكنها أسست إنسانها أولا وفق النسق القرآني والنبوي ،ومن ثم انطلقت تتعلم و هي تمتلك الروح الحيوية الدافعة للعلم والمعرفة وفق رؤى قرآنية متماسكة وسليمة جعلها تنهل من معرفة وعلم الاخر بوعي إذ أن ليس كل علم يصلح لأن نتعلمه مالم يكن قائم على أصول معرفية سليمة خصوصا في الجانب الفكري والانساني يا أحمد ، فالروح الايمانية هي أساس البناء الحضاري المادي وهي فتيل توازنه وعدم اختلاله ،فمثلا الرأسمالية النيوليبرالية بصيغتها “العولمية” لن يواجهها إلا دين متكامل, ذو منهجية سوية, تأخذ بعين الاعتبار البناء الروحي كأساس محرك للبناء المادي بتوازن نهضوي فعال, ويحفظ فطرته وضميره وقيمه وأخلاقه السوية, التي تصون كرامته, بحيث يؤدي مهمته الاستخلافية في الأرض متطلعًا نحو السماء، وراجيًا رضى ربه, وما عنده من نعيم دائم. إننا كإسلاميون اليوم نقف وبصلابة ضد ثقافة العلامة التجارية والاستهلاك المفرط, في مجتمع “أصبح كل شيء فيه يمكن تعليبه وتسويقه”