محاولة للبحث

[غادة الكاتب]

أتى العام الجديد ، وصار بوسعي أن أملأ رئتي بهواء بالغ الجدة، صار بوسعي أن أهيئ نفسي لأمواج من الوهج، تغمرني، وتغسلني من ظلمة الحداد على السنة التي ماتت وأغلق قبل أيام بيت عزائها.

صار بوسعي أن أردد ألف باء الحياة غيبا، مع قليل من التأتأة، التي توجب تأديبي بعصا التجربة.أين كنت طيلة السنة الفائتة؟؟

لا أدري على وجه التحديد، ربما كنت أحاول العودة إلى عملي ككاتبة، إذثمة صحف كثيرة طرقت أبوابها، بحثاً عن زاوية بأربعة أركان، يتربع بها قلمي، وأعيد فيها بناء طموحي، بعد أن تهدمت أساساته، وتبعثرت ذات قرار حكومي.

أين كنت؟ لا أدري، لعلّي كنت مشغولة بمواءمة جسدي مع سقف الحريات الجديد، على الرغم من اكتشافي، أن المسافة بين الوطن وسقفه، باتت أضيق من سم الخياط.

أين كنت؟ لا أدري، لربما كنت أبحث عن مشفى يستقبلني بعد امتلاء معظم المستشفيات بضحايا قمع المظاهرات، أو عن جدار أضرب فيه رأسي سخطا، على ركوب بعض المغرضين موجة الثورات، ليتآمروا عليها، فيتظاهروا ضد الوطن، ويستبيحوا دم الأخوة، ويستعينوا بالأغراب، ثم مايلبثوا أن يعلنوا الولاء لإسرائيل؛ أو لعلي كنت مشغولة بمشهد الخروج الأمريكي من العراق، بعد أن تركه أرضاً قاحلة، إلا من موت ينبت منه موت آخر، ومن دمار سببته فوضى كأنها من صنع الشياطين.

أين كنت؟ لربما كنت أبحث عن صدر يربت على خوفي، بعد تقلب العالم بين نقيضي الـ مع والـ ضد، أو عن عرّاف، يفك لي طلسم الشرق الأوسط الجديد، الذي لم تتمكن أمريكا من خلقه بالحروب، وهاهي تنجح في صنعه تحت شعار مايسمى(الفوضى الخلاقة).

لا أدري أين كنت، فللأحداث سرعة تصيب الرأس بالدوار ، خاصة وأنت تتابعها من صفوف المتفرجين.

أدرك أن للعام الحالي نكهته الخاصة، فهو خطوة يظن البعض أننا نعبر فيها إلى واقع جديد، فأرجع إلى مفكرتي علّها تخبرني، أين كنت طيلة السنة التي مضت، أين كنت؟

أقرأ في مفكرتي عناوين أشد شؤما، أقرأ عن السودان الذي تم تقسيمه إلى قسمين، وعن اليمن المرشح لأن يكون يمنين، وعن ليبيا التي يقتتل فيها الأخوة، وعن مصر التي تنزف كل جمعة تحت اسم مختلف، وعن سوريا التي يغتالها الإعلام، والأقزام، والخونة من العرب؛ أقرأ عن جاسوس إسرائيلي يدعى برنار ليفي، يخطب في ميدان التحرير بمصر، ويتنقل بين الدول العربية، فيحتفي به الثوار العرب، دون أن يدركوا أنه سيجلس في جامعة تل أبيب، إلى جانب رئيسة وزارء بلاده ليفني، ليقول في مؤتمر صحافي (نجحنا في ليبيا، وسوريا هي التالية، للأسف لايمكنك أن تفعل كل شيء في لحظة واحدة!!)

أقرأ عن تزايد عدد الشهداء، وعن الدم الفلسطيني الذي ينزف كل يوم على أيدي قوات الاحتلال، بينما العالم مشغول بإحصاء قتلى الآنظمة، أقرأ عن الأسرى القابعين بالآلاف في سجون العدو، وعن الصمت الذي غلف دخول المستوطنين إلى الأقصى، تحت حماية الجيش الغاصب، وعن جريمة باب المغاربة، وعن جرائم صهيونية أكثر وأكبر، حدثت وتحدث، بينما العالم مشغول عنها بقضايا أخرى، تتفجر هنا وهناك، لتبقي القضية الفلسطينية كما هي، قضية قديمة حديثة، حلها مستعص على الجميع.

ها هو العام الجديد يأتي مغلفاً بالمجهول، وها أنا أستعد لأفتش عني فيه؛ترى هل سأجدني ؟! أم سأضطر بعد موته إلى أن أبدأ البحث من جديد؟!!

غادة الكاتب

[عبدالسلام حمزة]

جميلة لغة المقال , لكنها رؤية تخص ُّ الكاتبة حكماً
فأنا رغم الدماء , أتفاءل بالقادم , ولن أضع اللوم على المقتول لأن القاتل قد خيّره بين الموت والعبودية .
سنبحث كلنا يا غادة , ولكن لكل منظاره وخلفيته وآماله ..

[سلمى رشيد]

للحديث شجون أختي غادة
وللحديث أنات نكتمها ونكابر حتى لا تشعر كلماتنا الشجن والوجع بين السطور..
كم عام مر من حياتنا اخيتي الغالية وترك لنا إرثا ثقيلا من هموم ما حولنا أكثر مما يكون داخلنا ..
سجلت في العامين الماضيين بعض الوريقات على جداريهما ، وهذا السنة قررت الصمت لأن الأحداث الجسام التي مرت بها أمتنا لا تكفيها وريقات لتليق بأحداثها الجلل ..
أوطاننا العربية لا زالت تنزف ولم تتوقف
والكرامة العربية لم تأخذ بثأرها بعد
أما قدس الأقداس تشتاق للرجال الأحرار...

ولكن لنقل إن هناك مساحة لنقول
كل عام والأمل موجود

حييت أختي الكريمة

[غادة الكاتب]

الأخ عبد السلام، لاشك أن المقال أي مقال ينم عن رؤية كاتبه، وهذه فعلا رؤيتي وقراءتي للأحداث، أحاول التفاؤل، لأن ديننا أمرنا بذلك، إلا أن معظم محاولاتي تبوء بالفشل.
سأستمر بالبحث رغم ذلك، ساستمر بالبحث، أعدك.
لك الشكر على المرور
كل الحب والتقدير

[نور محمد الهاشمي]

كل مانحتاجه عزيمة قوية يا أستاذه غاده لا الأمل ولا الأمكنة التي ينبغي علينا أن نحتلها ولا الأدوار التي سنتلبسها ستأتي لنا على طبق من فضه لكن علينا أن نمد أيدينا لنعانق أمالنا أن تغتصب حقوقنا من أفواه مبتلعيها لا نترك أنفسنا لنتوه ونظطر للبحث لأن مصير البحث إما نعم أولا كما أن رحلة البحث دوماً مخيفه.. مقال جميل بورك قلمك وفكرك .

نتمنى أن يكون العام المقبل أجمل وأكثر إشراقاً ..

[غادة الكاتب]

صدقت أختي سلمى، الأمل موجود، رغم السنوات العجاف، دعينا نأمل معا أن يتحول هذا العام إلى عام فيه يغاث الناس، بكل أنواع الغوث
كل الحب والتقدير

[غادة الكاتب]

أختي نور، البحث، فعل جدي، وهو فاعل بامتياز، والبحث نقيض الاستكانة، والتسليم، والاستسلام للأمر الواقع
كل الحب والتقدير

[نور محمد الهاشمي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غادة الكاتب

أختي نور، البحث، فعل جدي، وهو فاعل بامتياز، والبحث نقيض الاستكانة، والتسليم، والاستسلام للأمر الواقع

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غادة الكاتب

كل الحب والتقدير

الجميلة غادة الكاتب أنا لم أقلل من قيمة البحث أنا معك تماماً باختصار لو ما البحث لما كان .... ولماصار.... ولما وجد .. وو ... ولكنني عنيت الذات نريد أن نلحق بها قبل أن يطبق عليها فك الضياع ..


شكراً لك غاده تقديري .

[مرام شهاب]

من الصعب جداً بعد أن اصبحت أقدامنا ثابته فوق الارض
أن نترك اماكننا ونتخلى عنها بل خدوا اماكنكم
كنت تبحث كنت غير موجود وها أنت موجود الآن
هو ذنب وأية ذنب إذا تركت مكانك يحتله سواك
عندما نُعد فطيرة بالبيت
نصنعها بالتفكير فيها او بالبحث عن المقادير
ومن ثم نشتري المقادير لكن نحتاج الوصفة
ثم التطبيق
وعندما ننتهي يأكل منها أول من صنعها حتى يطمئن
وعندما يُشارك الجميع الكل له رأيه
البعض يقول لذيذه البعض يقول مقبوله أما من صنعتها تجدها ممتازه لأنها خسرت ثمن المقادير
وخسرت من الوقت
لكنها هي أكثر من استفاد من الطريقة
أن نعاود البحث مرة ثانيه يجعلنا نعتاد على الاخطاء وتكرار المحاولات وليس عيبا بل مكروه
وهذا في ومع ثوراتنا في الوقت الحالي سيئ

لطالما وصلت ينبغي أن تثبت جدارتك وتحقق النجاح
ولا تترك الحق الذي خسرت كثيرا لأجله
فما ذهب من خسائر ابسط علينا من أن نتابع بخسائر لا ينبغي ان تكون
بعد أن تأكدنا اننا نسير في الاتجاه الصحيح
فلا يشعل عود دون عود آخر من ثقاب ولا يدل على أشتعاله سوى الدخان
نعم
أننا فقدنا الشهداء وفقدنا الاموال لكننا لم نفقد الايمان
بل اشتريناه بثمن غالي وجعلناه هو الأعز ورضينا ب الله ربا وب الاسلام دين
أعتقد ان الخسارة قليلة جدا
أما فلسطين
حتى يأذن الله
ولن نتأخر عنها ان شاء الله

[غادة الكاتب]

اختي نور، صدقت ياغالية، رحلة البحث عن الذات، ضرورية، رغم أنها مخيفة
كل الحب والتقدير

[غادة الكاتب]

الاخت مرام، من قال ان البحث يجعلنا نتعود على الاخطاء؟!، البحث، برأيي، هو الوسيلة الآوثق لتجنب الخطأ، وهو الطريقة الآنجح، لمعالجته بعد وقوعه؛
لابد لنا من أن ننتبه أن لا يغرنا مظهر الفطيرة، أوجمال رائحتها، عما فيها من سم.
لايمكننا الحكم على الاحداث لصالح مفجريها، فكثيرون هم الذين هللوا لسقوط بغداد، وهاهم الان يبكونها دما.. أما فلسطين، فاسمحي لي أن اذكرك بقوله تعالى: (إن الله لايغير مابقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم) وعليه، فإنه من الواضح أن جملة (حتى يأذن الله) والتي يرددها الكثيرون، جعلت حل القضية الفلسطينية مفتوحا على المجهول، لأننا تناسينا قول محمد صلى الله عليه وسلم: اعقل، وتوكل