|
|
منتدى نصرة فلسطين والقدس وقضايا أمتنا العربية منتدى مخصص لطرح المواضيع المتنوعة عن كل ما يتعلق بالقدس الشريف والقضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية . |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-09-2024, 03:30 PM | رقم المشاركة : 1 | |||||
|
صوت الاشتباك القادم من بيت أُمّر
14 مايو 2024 صوت الاشتباك القادم من بيت أُمّر مؤيد طنينة على بعد ما يقارب 11 كيلومتراً شمال الخليل، تقع بلدة بيت أُمَر. مع بداية الصيف ينتشر مزارعو القرية على أطراف الشارع الرئيس المارّ شرقي القرية (شارع 60 سابقاً)، يعرضون محصولهم من الخوخ الذي تشتهر به القرية، ثمّ يعودون لعرض محصولهم الوفير من العنب أواخر الصيف. إلى جانب الزراعة، فإنّ القرية حفظت لنفسها مكاناً بارزاً في قائمة القرى المشتعلة في وجه الاحتلال، وعُرفت بكثرة اندلاع المواجهات فيها، بالحجارة والمولوتوف، ومؤخراً بإطلاق النّار أيضاً. إذ لم تُخفّف برودة أجوائها المشهورة من نار لهيبها، وقدّمت منذ الانتفاضة الأولى حتى اليوم 54 شهيداً، منهم 6 شهداء في معركة "طوفان الأقصى". وفي القرية يومٌ يُعرف بـ"يوم الشهداء"، يصادف السابع والعشرين من شباط/ فبراير، إذ ارتقى في ذلك اليوم من عام 1988 وفي خضم الانتفاضة الأولى ثلاثة شهداء، خلال مواجهتهم المستوطنين المعتدين، وهم: محمد إبراهيم عادي، عماد خضر صبارنة، وتيسير عبد الله عوض. ليسوا الثلاثة الوحيدين الذين قضوا سوياً، ففي الجمعة الأخيرة من رمضان، 27 تموز/ يوليو 2014، وبالتزامن مع معركة "العصف المأكول"، ارتقى في بيت أمر الشهداء: هاشم خضر أبو ماريا (45 عاماً)، وسلطان يوسف الزعاقيق (30 عاماً)، وعبد الحميد أحمد ابريغيث (39 عاماً). جنازة تُسلِّم جنازة يبلغ تعداد أهالي بيت أمر حوالي 22 ألف نسمة، يملكون من الأراضي ما يقارب الـ33 ألف دونمٍ، لكن غول الاستيطان حرمهم من أكثر من 7 آلاف منها، لصالح مستوطنات: "مجدال عوز"، "كرمي تسور"، "إفرات"، و"كفار عتصيون"، وهم يعيشون اليوم فوق مساحة مبنية تُقدّر بحوالي ألف دونم. عند الحدّ الشرقيّ من بيوت القرية، كان إلى وقتٍ قريب يمرّ شارع 60 الاستيطاني، أحد أهم شوارع الاستيطان في الضفّة الغربيّة، وعبره يصل المستوطنون من وسط القدس إلى مستوطنات الخليل. عندما تهم بالدخول إلى القرية فإنّك تجد على يسارك، إلى جهة الجنوب، برجاً عسكرياً لجنود الاحتلال، شُيّد في انتفاضة الأقصى، في محاولة لحراسة المستوطنين المارّين بالشارع، وتجد إلى يمينك، بشكلٍ ملاصقٍ تماماً لشارع 60 مقبرة القرية. شكّل هذا المعلمان الواقعان مقابل بعضهما البعض، البرج العسكري، والمقبرة، على مدار سنوات، منطلقاً للمواجهات، حيث كانت تدور حولهما، تصدياً للجنود حول البرج وفيه، وغضباً بعد جنازات الشهداء الذين يدفنون في المقبرة. وهكذا تنتهي كلّ جنازة بمواجهة، وعادةً ما تُشعَل النيران بالبرج العسكريّ، وتتغطى الشوارع بالحجارة، إذ يُحوّل الناس حزنَهم إلى غضبٍ مضاعف، خاصّةً مع انتهاك حرمة الجنازة وتواجد جنود الاحتلال في طريقها. يقول رئيس بلدية بيت أمر السابق، نصري صبارنة: "الناس تُصر على أن تمر الجنازة من مسارها المعهود، وترفض الذهاب إلى طرق أخرى، وأحياناً يتواجد الجيش داخل المقبرة". وفي كثير من الأحيان تفضي المواجهات والاشتباكات أثناء الجنازة أو بعد الدفن، إلى جنازةٍ أخرى واشتباك آخر. في 28 تموز/ يوليو 2021، شيّع أهالي بيت أُمر، "شهيد الخبز" الطفل محمد العلامي (11 عاماً)، وعقب الجنازة اندلعت مواجهات شديدة وربما غير مسبوقة، أدّت إلى استشهاد الشاب المِقدام شوكت عوض (20 عاماً). الأمر نفسه حدث في تشييع شهيد يوم العبور السابع من أكتوبر، الشاب محمود خميس (18 عاماً) الذي اندلعت مواجهات في تشييعه أدّت إلى استشهاد منتصر عوض (31 عاماً)، وفي جنازة عوض اندلعت مواجهات استشهد فيها الشاب أحمد عوض (20 عاماً). في آب/ أغسطس 2023، أعلنت "كتيبة الخليل - سرايا القدس" عن تأسيسها، وكان أول بيانٍ لها يُطالب السلطة الفلسطينيّة بالإفراج عن مصعب اشتية (المعتقل في سجونها منذ أيلول/ سبتمبر 2022)، والكفّ عن ملاحقة المقاومين. وفي الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تبنّت الكتيبة عبر قناتها على "تيليغرام" عملية إطلاق نار استهدفت البرج العسكري. تمثّل هذه الكتيبة المجموعة العسكريّة الأولى في محافظة الخليل. في شباط/ فبراير الماضي، بدأت الكتيبة تذييل بياناتها بـ"كتيبة بيت أمر - سرايا القدس"، وربما يعني ذلك أن نواياها كانت تتعدى جغرافيا بيت أمر، إلا أنّها لم تجد الأرضية الحاضنة في كامل المحافظة، فبدّلت من الخليل إلى "بيت أمر". وقد قالت في بيانها الأول الذي يحمل هذا التذييل "إنّنا في كتيبة بيت أمر نعلن الجهوزية التامة للتصدي لقوات الاحتلال وقطعان المستوطنين"، وهو ما يختلف عن عموم النهج السائد في محافظة الخليل، الذي لا ينخرط فيه السلاح في مواجهة اقتحامات جيش الاحتلال. تبنّت كتيبة بيت أمر إطلاق نار صوب مستوطنة "كرمي تسور"، أكثر من مرّة. في السابع والعشرين من تشرين الأول/ نوفمبر 2023 مثلاً، نشرت مقطع فيديو يوثّق إطلاق النار، مع العنوان "أنذرناهم ولم يعتبروا"، وفي الثاني من آذار/ مارس 2024، نشرت عبر قناتها رسالة تقول فيها: "ردينا بنار وبارود عكرمي تسور". إلا أنّ تعقيدات العمل العسكري في بيت أمر، دفعت الكتيبة إلى "توقف مؤقت في عملها"، كما قالت في بيانها الأخير، الصادر في 27 نيسان/ أبريل 2024. وأضافوا: "نقول للعدو إن انتهاء ذخيرتنا لا يعني أنك سوف تأخذ راحتك في البلدة، وقد أعذر من أنذر، هناك براكين تنتظرك في شوارع وزقاق وحارات البلدة". وفي هذا التوقف، عودٌ على بدء، فلم يكن وجود الكتيبة من فراغ، إنما نبع من حالة نضاليّة ممتدة، وهو ما يعني أن الأيام قد تأتي بما هو جديد. يشار إلى أنّ كتيبة أخرى نشطت في بيت أمر باسم "كتيبة الردّ السريع"، وقالت إنها تابعة لكتائب شهداء الأقصى. وكانت بين الحين والآخر تتبنى عمليات إطلاق نار عبر قناة لها على تيليغرام، إلا أنّها كانت كذلك أشبه بقناة أخبار، وتوقفت عن النشر والتبني نهاية أيار/ مايو 2023. ومن شهداء كتيبة السرايا نيهل أبو عياش (17 عاماً)، الذي استشهد في 14 شباط/ فبراير الماضي، أثناء تصديه لاقتحام الاحتلال، وقد نشرت صورة له وهو يرتدي على رأسه عصابة بالشارة الخاصة بسرايا القدس. يسكن نيهل في بيتٍ يملؤه الصبر، حقيقةً لا مجازاً. يقول والده زياد: "كان نيهل يساعدني في زراعة وتقليم الصبر، الذي أعمل فيه منذ عشرين عاماً". وكان نيهل يطمح لأن يصبح لاعب كرة قدم، "يلعب قولجي (حارس مرمى) مع فريق البلد، وكان يحصد جوائز، ويحلم أن يصبح رياضياً مشهوراً". ظهر ذلك اليوم، تزامن اقتحام الاحتلال مع مغادرة طلبة المدارس. حين خرج نيهل من مدرسته حاول والده ثنيه عن الالتحاق بزملائه الذين هرعوا للتصدي للاقتحام، إلا أنه ذهب بنية الشهادة والاشتباك. ويقول في وصيته بحسب ما يتداوله أهالي البلدة: "وبدي منكم تخلو دم اليهود بحر، وراح يجي اليوم الي تدخلوا وتصلوا بالأقصى". تعددت الأسباب، والاشتباك مستمر في تموز/ يوليو 2023، افتتح الاحتلال شارعاً استيطانياً يلتف عن القرية، وهو معروفٌ باسم "التفافي العروب"، وهو بمثابة نقل نحو الشرق لطريق (60)، وهكذا لم يعد المستوطنون يمرّون من أمام القرية تماماً، وأصبح الشارع القريب من المقبرة شارعاً داخليّاً لا رئيساً. وتبعاً لذلك، في السابع من كانون الأول/ ديسمبر 2023، فكّك الاحتلال البرج العسكريّ. لكن تفكيك البرج لم ينفِ أسباب الاشتباك، فأدوات القمع والضبط الاستعماريّة مستمرة. في الشارع الذي أصبح طريقاً لأهالي بيت أمر، ولأهالي مخيم العروب، عوضاً عن شارع 60، نصب الاحتلال بوابة حديدية جديدة، بالقرب من مدخل المخيم العروب. يفتح الاحتلال البوابة ويغلقها حسب ما يُسمّيه "الهدوء" في المنطقة. مثلاً، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، علّق الاحتلال ورقةً على البوابة يطلب فيها من الأهالي حثّ أبنائهم على التوقف عن رمي المولوتوف، لأن ذلك سيؤدي إلى إغلاق البوابة ثلاثة أيام. ومؤخراً، أصبح فتح البوابة مرتبطاً بساعات محددة من التاسعة صباحاً حتى الثالثة مساءً. ومن نقاط الاشتباك الجديدة في القرية منطقة الظهر، التي تقع جنوب البلدة وتشهد من الأيام الأولى للحرب توتراً دائماً، بسبب قربها من مستوطنة كرمي تسور. المزارع سمير صليبي، أحد سكان المنطقة، يُشير إلى أن الاحتلال حوّل أسطح المنازل هناك إلى ثكنات عسكريّة يستبيحها ليتصدى للشبان. "باستمرار نسمع إطلاق نار في المنطقة، لسنا متأكدين من مصدر إطلاق النار، ولكن الأكيد أنه في بعض المرات يكن المصدر المقاومين مستهدفين المستوطنة". بحسب صليبي، الذي اقتحم الاحتلال منزله، ثاني أيام رمضان لاعتقال نجله المحامي أحمد (25) عاماً، بعد تحقيق داخل المنزل استمر أكثر من ثلاث ساعات، حول امتلاكه للسلاح. حصار للمزارعين تمثّل الأراضي الزراعيّة حوالي 43% من إجمالي مساحة بيت أمر، يحدّثنا صبارنة أنه "إيش ما كان طبيعة عملك: موظف، عامل، طبيب، مهندس، أو حتى عندك منصب. فش ملاص (مهرب) من الأرض". يقول الناشط يوسف أبو ماريا: "عمليات الإغراء بالأجور نجحت جزئياً في جعل البعض يتركون أراضيهم لصالح العمل في إسرائيل، أما الآن مع إدراك العمّال للتخلي عنهم، لجأوا مرةً ثانية إلى الأرض". لكن الاحتلال في المقابل يستغل ظرف الحرب الحالية، ليوسّع من سيطرته وسرقة الأراضي الزراعية، إذ يمنع الأهالي منذ بداية الحرب من الوصول إلى حوالي 2500 دونم من أراضيهم. يحدثنا المزارع صليبي أن ذروة الخطر بلغت يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر، حين وصل أرضه البالغة مساحتها 70 دونماً في منطقة "وادي الوهادين" التي تجثم عليها مستوطنة كرمي تسور، لقطف ثمار أرضه، ففتحت النار على مركبته، و"لولا لطف الله لاستشهد أحدنا، واستمر إطلاق النار حتى ابتعدنا 200 متر عن المكان". سعى صليبي للعودة للأرض قبيل أيام، إلا أنه قوبل بإطلاق نار للمرة الثالثة. الأمر نفسه حدث مع صبارنة الذي ذهب وزوجته للاعتناء وقطف العنب في منطقة "خلة الكتلة" التي تجثم على أجزاء منها بيوت من مستوطنة "عتصيون"، وأخبرهم الجنود الذين تواجدوا هناك أن الأراضي القريبة من المستوطنات مسافة 600 متر ممنوع الدخول إليها. يؤكد ذلك الناشط أبو ماريا أن الاحتلال عمّق ما يُعرف بارتداد الشارع الالتفافي من 150 إلى 600 متر. فيما يُقدّر صليبي خسارته بحوالي 200 ألف شيكل، نظراً لكون فترة نهاية العام، تمثل مرحلة التتويج النهائي للموسم بقطف الثمار. جرحى في مركز طوارئ بلا أطباء! وفيما تغلي المواجهات بين الحين والآخر، ولا تتوقف اعتداءات المستوطنين، لم تُشَغِّل وزارة الصحّة مركز الطوارئ الموجود في القرية. يشير صبارنة الذي تولى رئاسة البلدية فترة (2008 - 2022)، أنّ البلدة بحاجة إلى مركز طوارئ لكثرة الإصابات الناجمة عن حالة الاشتباك المستمرة وغير المتوقفة، وكذلك الحالات الطبيعية كالنزيف، الذي سُجّلت بسبب بعض حالات الوفاة نتيجة تأخر وصول الإسعاف. يقول: "بنينا مركزاً صحيّاً مُجهّزاً كلّف البلدية حينها أكثر من مليوني شيكل، إلا أن وزارة الصحة شوفتك ما شوفتك"، يقصد أن وزيري الصحة اللذين تعاقبا خلال فترة المشروع تجاهلاه تماماً. يعلّق أبو ماريا على ذلك: "الوعودات كثيرة ولكن لا يوجد شيء على الأرض". وتفادياً لتفاقم الأزمة بسبب الإغلاقات، استعانت البلدية بالهلال الأحمر، فأحضرت سيارتين للبلدة، إلا أنهم في ذروة الحرب الحالية، خفّضوا دوام الموظفين إلى يومين في الأسبوع، وبعض الأسابيع لا يحضرون بتاتاً. وهو ما يزيد من نقم الناس على الجهات الرسميّة التي لا تقدّم ما يكفي من خدمات طبيّة أمام سيل الدماء في البلدة. وفي هذا السياق، ينبّه صبارنة إلى وجود حالة من عدم الاكتراث على المستوى الرسميّ بما يحدث في بيت أمر، ويتساءل أيضاً عن دور وزارة الزراعة أمام ما يعانيه المزارعين، وعن غياب الارتباط والشؤون المدنية عن متابعة شؤون الممنوعين من دخول أراضيهم، واصفاً ذلك بأنه تداعيات الشلل المؤسساتي الذي يصيب الجهاز الرسمي. أمام هذا الشلل المؤسساتي، ترك أهالي بيت أمر لوحدهم، هم وأرضهم. إلا أنّ ثنائية العمل الزراعي والمقاومة تعني رفد الحالة النضالية بالمزيد من النار، فمن جهة يقاوم الناس بصمودهم وإصرارهم على زراعة أراضيهم وحمايتها، ومن جهة أخرى يواجهون مستوطني وجيش الاحتلال بالحجارة والمولوتوف والنار.
|
|||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|