ماذا لو أنك أنت الوحش ؟

[راحيل الأيسر]

" A Tale Of Two Beasts" "حكاية وحشين"

قبل فترة كنت في زيارة لصديقتي الغالية أمينة التي لم ألقها يوماً إلا وتعلمت منها شيئاً ما، شربنا الشاي ثم استأذتنتي لبضع دقائق لتضع طفلتها الصغيرة في سرير النوم، قبل أن تذهب أعطتني هذا الكتاب وقالت لي :
"اقرئي هذا الكتاب هو لابنتي الصغيرة ولكنني متأكدة من أنك ستجدينه ممتعاً!"

أخذت الكتاب وتصفحته لأجده يروي ذات القصة مرتين.
بدأت أقرأ في القصة المصورة في الكتاب وهي في البداية قصة تحكيها ذات القبعة الحمراء على الغلاف حيث تقول:

"كنت اتمشى في الغابة عندما رأيت وحشاً صغيراً متعلقاً على غصن الشجرة وحياته في خطر فأنقذته! وأخذته معي إلى بيتي وحممته وألبسته بيجامة صنعتها له وأخدته ليمشي معي في كل صباح ليكون رشيقاً وصحياً وأخذته معي للمدرسة وجعلت كل أصحابي يلعبون معه ويحبونه، وصنعت له بيتاً صغيراً في غرفتي ووضعته ليرتاح فيه، وذات ليلة وضعت له قبعة لأن الجو كان بارداً، فوجدت وجهه محمراً وجسده عليه حرارة مرتفعة فهرعت الى النافذة فتحتها له حتى يشم هواء نظيف، فتفاجأت بأنه خلع قبعته وهرب مني!
لا أدري لماذا فعل هذا بعد كل الرعاية التي منحته اياها حتى أنني أنقذت حياته...
ثم ذات ليلة عاد ذلك الوحش الصغير وارتدى القبعة ونام في غرفتي، ربما أنه أدرك أخيراً مافعلت من اجله!".

انتهت القصة ومع ذلك مازال الكتاب في منتصفه، قلبت الصفحة لأجد القصة نفسها مرة ثانية لكنها هذه المرة من وجهة نظر هذا المخلوق الصغير على الغلاف، فيقول:

" كان يوماً جميلاً وكنت العب وأتأرجح على غصن الشجرة حتى تفاجأت بوحش صغير يهجم علي ويخطفني!
أخذتني إلى مكان معتم مغلق وعذبتني في حوض المياه ، وكانت تجرني في كل صباح خلفها كالعبد نمشي لفترات طويلة من دون غاية، وأخذتني إلى مكان مليء بالوحوش الصغيرة المزعجة أمثالها قرصوا خدي وأزعجوني بلمساتهم وضجيجهم ولعبوا بي! ثم صنعت لي سجناً ضيقاً من كرتون وورق وكتبت عليه Home وانا اعرف انه ليس بيتي!
ثم ذات ليلة وضعت لي قبعة ضيقة على رأسي وطفح الكيل لدي وشعرت بحرارة جسمي ترتفع، فإذا بها تفتح النافذة! اغتمنت الفرصة ورميت القبعة وهربت للغابة.
في يوم من الأيام كان البرد شديداً فقررت أن أعود وأقضي الليلة مع ذلك الوحش في غرفتها فأشعر بالدفء الليلة واعود في الصباح للغابة الجميلة!".

هي قصة للأطفال ولكن ربما نكون نحن الكبار أحوج لها منهم!

هناك روايتان لكل حكاية، وهي حتماً مختلفة من وجهة نظر كل طرف، لا أحد من الطرفين كذب في رواية قصته، ولكن كل رواها من زاويته التي عاشها هو فقط ومن منظوره ومفهومه ومشاعره.

لا تحكم على الناس بسماع رواية واحدة من الحكاية، دائماً اسمع رواية الطرف الآخر وتمهل قبل أن تنطق بالحكم وتقرر من هو "الوحش الصغير" فيهم ... فلربما لا يكون أحدهما وحشاً أصلاً!

------
A Tale Of Two beasts: Fiona Roberton




منقول ..

[راحيل الأيسر]

ثم تكتشف أنهم جميعهم يتشابهون ..


أو قد نكون نحن المختلف الأسوأ عن أولئك المتشابهين ..
لماذا لا نقف إذاً أمام مرآتنا ونصارح أنفسنا ونسأل ( ماذا لو أنك أنت الوحش ) وجميع أولئك المتشابهين بريئين من تهمنا ..



ماذا لو أننا المختلف الأسوأ عنهم جميعا .



ثم نقول سلاما لهم و عليهم
لأنهم تحملونا .. وقد نكون نحن ( الوحش ) .

[أحلام المصري]

رائعة جدا وتتسق مع الواقع،
لكل حكاية روايتان.. صدقتِ
ولكن..
من يصدق هذا!
كل منا يتشبث بنفسه راويا وحاكما وقائما بكل الأدوار إلا الوحش!
كل منا يظن أنه يمتلك كل الحقوق وما على الآخرين إلا الامتثال!
،
القدرة على منح الحقوق ليست خيارا متاحا للجميع،
بل أغلبنا يفشل في هذا..
،
الغالية راحيل..

الموضوع رائع وجميل
ومؤثر جدا،
يجبر المرء على التوقف أمامه والتأمل
وإعادة تقييم الكثير مما مر به وعليه
فشكرا لك رفعه من جديد
،
محبتي وطاب صباحك
،

[راحيل الأيسر]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلام المصري

رائعة جدا وتتسق مع الواقع،
لكل حكاية روايتان.. صدقتِ
ولكن..
من يصدق هذا!
كل منا يتشبث بنفسه راويا وحاكما وقائما بكل الأدوار إلا الوحش!
كل منا يظن أنه يمتلك كل الحقوق وما على الآخرين إلا الامتثال!
،
القدرة على منح الحقوق ليست خيارا متاحا للجميع،
بل أغلبنا يفشل في هذا..
،
الغالية راحيل..

الموضوع رائع وجميل
ومؤثر جدا،
يجبر المرء على التوقف أمامه والتأمل
وإعادة تقييم الكثير مما مر به وعليه
فشكرا لك رفعه من جديد
،
محبتي وطاب صباحك
،

وطابت أيامك كلها يا أحلام الغالية ..

هناك في أحيان نادرة يا أحلام قد نجد شخصا موضوعيا بين الجموع الحاشدة والسواد الأعظم يرى بنظرة أكثر شمولية ويعترف أن قد يكون هو الوحش ..

هؤلاء مع أنهم يتبعون الطريقة الصحيحة في فهم الموضوع من الزاوية الأخرى التي فيها الطرف الآخر ، يأتي من يقنعهم أنهم يعانون من ( جلد الذات ) و ( الإحساس بالذنب ) ..
نحن في زمن الفوضى واختلاط الأمور ببعضها وتشابكها ما جعلنا في حيرة من أمرنا ..


لكن مع هذا لاضير
إن جربنا يوما أن نرى المواقف من غير زاوية ، و اعترفنا إن كنا نحن الوحش في زمن لم يعد فيه ( الاعتراف بالحق فضيلة ) .



فسلاما لكل الذين تحملونا
سلاما لهم وعليهم ..

من هنا ..

[يافا احمد]

اسعد الله صباحك اختي راحيل
للقصة دائما طرف آخر للأسف لا نستمع إليه ونكون قد اكنفينا برواية الطرف الأقرب ، الأكثر أمنا أن لا نقترب من الغرباء ، هناك مثل stranger is a danger.
صباحك الخير

[راحيل الأيسر]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يافا احمد

اسعد الله صباحك اختي راحيل
للقصة دائما طرف آخر للأسف لا نستمع إليه ونكون قد اكنفينا برواية الطرف الأقرب ، الأكثر أمنا أن لا نقترب من الغرباء ، هناك مثل stranger is a danger.
صباحك الخير

مساؤك الأسعد يا يافا ..
وجميلة هذه المداخلة العميقة ..



كأن المنتدى كئيب هذا المساء ؟ 🤔
وبه نوع من الفتور ..


مساء الرتابة الغالية يافا ..

[محمد داود العونه]

بعد التحية الطيبة..
شكرا كثيرا شاعرتنا الموقرة/ راحيل الأيسر
علي هذا المتصفح الرائع..
دوما لاختيارك ذوق مختلف..
.
. كل التقدير والاحترام

[راحيل الأيسر]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد داود العونه

بعد التحية الطيبة..
شكرا كثيرا شاعرتنا الموقرة/ راحيل الأيسر
علي هذا المتصفح الرائع..
دوما لاختيارك ذوق مختلف..
.
. كل التقدير والاحترام

مرحبا أخي العونة المكرم ..

أؤمن كثيرا باختلاف الرؤية بحسب زواياها .
إن كتبت الرقم سبعة وأنت في زاوية ، سيقرأها حتما من في الزاوية المقابلة أنها ثمانية ..

فأي الرأيين هو الصواب إذاّ ؟
لا شك أن كلا على صواب وهو واقف ينظر من زاويته ، لو تحرك قليلا ووضع نفسه مكان الآخر لعلم يقينا ، أنه كان أيضا على صواب ..
نادرون جدا من ينتصفون لغرمائهم من أنفسهم ..
نادرون من يقبلوا فكرة أن قد يكون هو الوحش ..

فلماذا لا نروض أنفسنا على هذا ، شرط عدم التجاوز حتى لا نصل إلى مرض ( جلد الذات ) و ( الاحساس بالذنب ) وقد كنا في منأى عن الزوايا كلها ورؤاها ..





شكري وتقديري لمرورك أخي الموقر / محمد داوود العونة