لما نظرت إلى قصة أصحاب الكهف ، وبخاصة أن سورة الكهف يسن قراءتها يوم الجمعة( الذي توافقه أول جمعة لاتقام صلاتها في جوامع المملكة ) ؛ لاحظت أن واقعنا يحاكي شيئا منها ، وهي التحول نحو العزلة فأصحاب الكهف هربوا إلى العزلة الإجبارية خوفا على دينهم ثم باتوا وبعد المدة الطويلة التي باتوا فيها تحركت عقارب الزمن لتنقلهم إلى واقع آخر أكثر رحابة وأملا !
ونحن وغالب العالم اعتزل الناس فيه بعضهم بعضا واستقروا في منازلهم هروبا من المرض؛ ليؤكد - في ضوء سورة الكهف - أن الإعتزال بغرض الحفاظ على النفس هو مطلب شرعي وقد يكون هو الخيار الأوحد للنجاة.
ويبدو ملمح آخر من قصة الكهف ( وهذه المرة كهف كورونا ) في انكفاء الناس على ذواتهم من حيث إعادة التأمل في واقع الحياة العامة والخاصة ومسيرتها ، وإعادة هندسة العلاقات والأفكار وبلورة حياة جديدة أكثر عمقا ونفعا ومشاركة ، لتبرز النفس المتطلعة للأفضل ..
كورونا هي منحة إلهية للرجوع إلى الأمام وفتح ملفات ذاتية كثيرة ، منها ماكان بحاجة إلى صيانة ، ومنها ماكان بحاجة إلى إعادة بناء ، ومنها ما يتطلب قرارات مهمة في تغيير نمط الحياة .. وكلها ينبغي أن تكون في ضوء الإيمان بالخالق وعظمته ، واحتياج البشرية إليه أشد من قدراتها وقواتها وعظمتها الصغيرة ..
كتبه ..
أ.د . محمد بن عبدالله النذير