أرى ما ترى ..!

[حسن سلامة]

أرى ما ترى ..!


كيف يمكن أن نقرأ الناس .. ؟
كيف نرى ما حولنا ، الزمان والمكان والمخلوقات ..؟
كانت أسئلة صعبة تدور في رأسي حين كنتُ في الخامسة من العمر ، وما زلتُ أبحث عن إجابات تُرضي هذا الانتظار الطويل ..
كيف ، ولماذا .. وغيرهما من علامات استفهام ..
أسئلة ، وإجابات ، على مدى العمر ، ومسيرة البشر ، الذين تغطيهم هذه المظلة الربانية ، الكونية ، التي بدأت بالفتق والرتق ..
أسئلة صعبة ، عن النظام الكوني المضغوط في معرف وحيز هذا الجسد البشري ، الذي سبق الروح والنفس ، حيـّز الـ/ كُنْ / الذي أراده مالكُ المُلك ..!
جسدٌ ، مخلوقُ بإرادة الرحمن ، الذي نفخ فيه من روحه وعلمه البيان كله..!
جسدٌ ، يحمل ضمن هذه الكتلة حكايات متداخلة ، وسيرة لا تنتهي ، ومفهوم للدارين ، للوجود والخلاص .. وما بين ذلك من سعي ..
الجسد / الإنسان ، أنت / أنا ..
عند حدود انتهائي / موتي ، ينتهي العالم كله ولا يعني لي شيئٌ بعد ذلك شيئاً ، لينفتح أمامي ذلك الذي أرى ولا أراه ..
أنا / أنت / نحن جميعاً ، معجزة ربانية ، رغم أننا لم نكن شيئاً ، أو جئنا من ماءٍَ مهين .. لكن من حقنا أن نأخذ الجانب المضيء تماماً ، الجانب الذي نرتضيه ضمن البرنامج الرباني الواضح ، الذي جعلنا في ( أحسن تقويم ) ..
فكيف نُعمل العقل وبقية الحواس ، في التوافق والتوفيق في ما بيننا وبين ما حولنا لتجاوز الآن والمكان الضيقين إلى اللامنتهى الموعود بشقيه ، الذي نحب ، والذي لا نحب / الذي نسأل ، والذي نخشى..
أليس هذا مكمن السعي وخريطة طريق للآن والمكان ونحن ، نحو الغد..؟!
لا بد في البداية أن نرى ، بالعين المجردة أولاً قبل أن يصير بصرها حديداً ، وأن نرى بالبصيرة / الحدس ، المعرفة المكتسبة / التجربة ، وأن نرى بحاسة الرغبة التي يراها الواحد منا في ما يريد أن يرى ، فتكون كيف يريد ، بينما عند الآخر قد لا تكون كيف ما يريد أوما يرى..
هذا التقاطع يعطينا الحالات التي يكون عليها تقسيم الرائي والمرئي وبينهما حالة الحواس المفسرة ..
فكيف نجد الإجابات على الأسئلة التي تتكاثر مع الخلايا وكريات الدم ، في كل لحظة.. حين ننام ، وحين نموت ، وحين نتوفى بين حياة وموتْ ..؟
هل نرهق أنفسنا بالبحث والفلسفة والتنظير .. أم نطلق سجية الفطرة لتشغل الحواس وتقودها لتسجيل ما ترى ، وتوصلها طازجة شفيفة إلى هذا الكائن العجائبي، ليراها كما هي..؟
لماذا أراك ، لماذا أحبك ، لماذا أبغضك ..؟
لماذا أضعك في بابي الذي لا بد أن أخرج منه ..؟!
لماذا ، في الأصل ، تقف على بابي .. ؟!
من أوقفك .؟
أو من أوقفني ببابك ، حين هممت أنت بالخروج .؟!
من حطَ الرائي والمرئي في باب الرؤية هذا ..؟!
من الذي أوصلك / أوصلني ، موجة الصوت اللامرئية ، لنراها بالقلب / الفؤاد الذي لا يكذب ما رأى ..؟!!
أسئلة ، ما نضجت بعد الإجابة عليها..
لن تنضج بوجود أسئلة تنتظر أجوبة محددة يشتغل عليها العقل .!
الأجوبة ، تأتي بالحواس المترجمة للإجابات دون تفسيرها بالكلام ..
بالشفافية التي ترى ما لا نرى ..
فلا تسأل ..!
كثيرون ..
نعم كثيرون ، أولئك الذين يرون ما لا نرى ..
لهم سماتهم المحددة .. التي جاءت محصلة لـ ( تشفيف ) الجسد من ألوان المكتسب وشوائب المستهلك اليومي ..
عملية تنقية ، يراها البعض صعبة المنال .. بينما يتماها فيها آخرون إلى درجة الذهول ..
هل هي عملية انفصال عن المحيط إلى محيط آخر ، أم غوص فيه إلى ما فيه..
ماذا ترى الآن ..؟!
هل ترى ما أرى ، أم أنك تريدني أن أرى ما ترى .؟
هل السؤال يبحث عن إجابة ، فيصغر الطالب والمطلوب ، وتتقزم الأشياء .. وتتناهى إلى تفضيل عدم السؤال ..؟
هل نترك الرؤية تتمدد في أثير الفطرة لتحط على غصن تشتهيه ، فتنطبع صورة ما نريد على صفحة الذي نريد ..؟
هل تدلني عليك ، أم أدلك عليّ .؟
كيف نرانا ، قبل هاء السؤال ولامه ، وقبل أن تحتجزنا علامة الاستفهام في غرفة الترقب ..؟!
دعني أرى ..
لأنني تركتك ترى ..
هنا تكون الصورة الشفيفة التي تنتظم فيها الحواس في أماكنها بالضبط ، فلا تخلطها بعقلك ..!
...
ماذى ترى ..!

اليوم الاثنين / 26 أكتوبر 2009

[محمد صوانه]

أستاذ حسن،
قرأت، واستمتعت بهذا التجوال في عقل خبر الكثير وتحمل الكثير وتشعبت في رأسه الكثير من الأحلام والمعادلات الرياضية أو قل الفلسفية على وجه الدقة!
جميل أن يناقش المرء ما يفكر فيه، ويحلل ويفسر، يخطئ ويصيب - لا ضير- المهم أن يفكر ويستخدم أدوات التفكير والتحليل والتخيل والتفسير..
كل التحية لك سيدي..

[رفيدة يعقوب]

سبحان الله !
اتساءل من ساقني الى هنا بينما اتساءل -بعد يوم شاقٍ طويل -"ماذا افعل؟"
وذلك بعد ان وصلت الى ان الحياة متعبة وبائسة وان الموت على الاقل يمكن ان نقول انه شيء مخيف!
اذا هل يمكن ان نحيا بينهما ؟!
وما هو ؟!
فاذا بك تقول "لا تسال!"
وانا اقول اني ارى ما ترى ...واياك ان ترى ما ارى ...
لان الرؤيا لديك اوضح منها عندي واجمل واسلم ..
تحياتي ايها الاستاذ ...

[حسن سلامة]

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي محمد صوانة

جمعة مبارك ايها العزيز

مرورك رائع ،
وقليلون هم الذين يقتربون ..!!
قليلون من يرون ..

[حسن سلامة]

بسم الله الرحمن الرحيم

الكريمة رفيدة

كلماتك تنم عن وعي ،
وأنا يا ستي أرى ما ترين
واراك
أليست فراشتك هنا من غير لون
فمن شفافيتها وشفيفها ارى
ثم ..
أين حطت الفراشة ألوانها ..؟!!
هل على زهرة ،
أم على ورقة صفصاف فضية
أم أنها نسيتها في الشرنقة ..


لمرورك ألق...

[جومرد حاجي]

إني أرى ما ترى
والحمد لله
على الفطرة
أشكرك أخي الكريم
على موضوعك الجميل
القيم
لك مني أجمل باقة ورد

[حسن سلامة]

بسم الله الرحمن الرحيم

جومرد ..
اشكرك


إبحث دائماً عن الفطرة التي
تكرسها العقيدة والاخلاق ..
ساعتها ستصل مبتغاك
حتماً ..
..

[عبير هاشم]

نعم لنضع العقل جانباً في تخمين ما نرى وما لا نراه وسنراه قريباً لأن التساؤلات التي تحيطنا
كما اوردتها استاذي العزيز تحتاج مساحة أكبر من العقل حتى يستوعبها يدركها يتمكن من الإجابه عليها
لنجعل الحواس والحدس هم من يتكلموا لنترك للفطرة التي نشات معنا منذ خلق كل واحد منا هي من تجيب سنهدر وقتاً في التنقيب لا بأس المهم ان نصل إلى ان نرى ما لا يراه غيرنا
ومن هنا تبدا فهمك وعيك للآخرين تحليلاتك استنتاجاتك لماذا تصرف هكذا وكيف له ان يكون بهذه الجرأة ما الموقف من هو وما الحدث الذي ربط كل هذه الأمور حتى وصل لهذه الشخصية
كيف يفكر الآن وما هو الإنطباع الذي سيرسمه عني وأنا أبعد عنه آلاف الأميال
هل الكلمة ستوصل ما لا يرى هل قلمي الذي استخدمه منذ سنين هو من سيجيب وهل وهل؟؟؟؟؟؟؟
كل ذلك يحدث على الأرجح عندما يرتبط حاساتان من بعد فتجيب إحداهما على الأخرى دون عناء
لربما نكون او نرى بالنهاية ما لا نرى ونشعر بمن حولنا أكثر من ذلك .....أخمن ان هناك مصطلح علمي نفسي يدرس هذه النقطة ولكني لا اذكره اظنه( علم الباراسيكولوجيا) أو علم الاستدراك ليتحفنا علماء النفس في ذلك إن كانوا يعلمون.
لنعود للإنسان في نفسه هو كتلة من مشاعر والحواس هي المتحكم الاول فيه ألم يقولوا
بالعلم أن الصوت يسبق الصورة ؟؟؟ ربما
فلسفة عميقة استمتعت جداً بها ربما اكون على خطا وربما على صواب ولكن هذا ما فاجئني به استدراكي لهذا الموضوع الآن.
أستاذي القدير
تحية ملؤها الياسمين
نشكرك جداً على جهودك المميزة معنا

[حسن سلامة]

بسم الله الرحن الرحيم الابنة عبير تحية واحترام كل ما ذكرته أنا ، وكل ما قلته انت ، ليس بحاجة لخبراء أو علماء ، بل إلى الذات ، في الشخص ذاته .. فالعلماء يؤطرون ويطبقون فلسفة بالعقل على أشياء لا تحتاج إلا للفطرة التي فطرنا الله عليها .. ثم ، حكاية السمع والبصر ، فهذا أمر رباني محدد ، ورد في القرآن الكريم عادة ، وبميزان وحكمة ربانية ، فقد سبق السمع البصر ، لحكمة ، ربما أستطيع أن افهمها بالمقاربة البسيطة ، حيث أن السمع ، هو المباشر للعقل ، وهو الأول بعد الولادة وقبل البصر ، يسجل ليقوم العقل بالترجمة والتحليل والتسجيل ، وبالتالي لا بدائل للسمع ، بينما تكون للبصر بدائل في العقل والفؤاد ، وتكون الصورة في الدرجة الثانية ، دون إنقاص من أهمية البصر بالمطلق ، أو الحواس الأخرى. حالة السمع عادة ، تصل إلى الجنين قبل الرؤية .. وحالة السمع قد تبقى الأخيرة بعد البصر في نهاية العمر .. هذه أمور فيها حديث لا ينتهي ، لكن علينا إطلاق العنان لنرى بالفطرة .. ما لم نرى بالعين ..

[ثريا المازني]

أرى أني دخلت عالم من الأسئلة المنطقية طرحت نفسها والجواب بقوة وماكان ذاك إلا لمهارة صاحبها محترفي الأسئلة كثير لكن كيف بمن يطرحها ولاينتظر الاجابات ! قلم يستحق كل تقدير... بوركت أستاذنا

[حسن سلامة]

بسم الله الرحمن الرحيم

كل عام والجميع بخير


الأديبة ثريا


الأسئلة لا تنتهي .. وكذا الإجابات ..
هذه الحوارية تفتح أمامنا بعض غذاء للروح ..


شكراً لمرورك