الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-12-2009, 10:02 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عائشة بنت المعمورة
أقلامي
 
الصورة الرمزية عائشة بنت المعمورة
 

 

 
إحصائية العضو







عائشة بنت المعمورة غير متصل


افتراضي دراسة/قراءة سيكولوجية في يوميات مطلقة وامرأة من طابقين لهيفاء بيطار

دراســة :
قراءة سيكولوجية في :

** انشطــار امــرأة **
في
يوميات مطلقة وامرأة من طابقين
ـ روايتان ـ
هيفاء بيطار

بقلم الكاتبة / بنور عائشة ـ عائشة بنـت المعمورة



" كانــت روايتي الأولى (يوميات مطلقة) بمثابة أخذ بالثأر من مجتمع ذكوري ، حكيتُ فيها عن مُعاناتي مع المحاكم الروحيّة المسيحيّة التي حكمت علي بالهجر لمدّة سبع سنوات قبل أن أحصل على الطلاق" (مجلة جميلة أيار 2006).
هيفـاء بيطـار

" فيمــا يتعلّق بالتربية الدينيّة، فرغم مستواي العلمي ودراستي للطب في الجامعة وجدتُ أنّ علاقتي الدينيّة كمسيحيّة لا يجب أن تلتقي مع مسلم وهذه رغبة والدتي، التي تقول لي بإلحاح دائم: إيّاك أن تُحبّي مسلما، فهذه التربية أعتبرها نوعا من الاضطهاد للبنات، فإمّا أن نُساير رغبات الوالدين لنحصل على كل شيء وإمّا نُعارضهم فنفقد كلّ شيء." (جريدة الفجر 20.1.2007).

هيفاء بيطار

" ... تكتب هيفاء بيطار في تلك المساحة الواقعة بين الظل والأصل ،بين الصوت والصدى ومن خلال تأملها لعلاقات الرجل والمرأة تلوح أسيّة شجيـة، وأيضـــا سخرية حزينة !! "

جمـال الغيطاني

(( أستطيع أن أنفصـل عـن تلك المــرأة التي كنتهـا..)) ص7
انفصــال ذاتي على امتداد النص الروائي تعمدت الكاتبة وبطريقة ذكية منهـا أن تضع القارئ في حالة تفكير وتحليل وتعليل واستنتاج مسبق لكل هذه الحقائق التي لم تقفز عليها بحكم أنها خاضتها كتجربة إنسانيــة مأساوية، أدت بها إلى رسم هذا الانفصــال المفتوح على عـدة قراءات وتأويلات لشخوص الرواية، وبالتالي أدى هذا الانفصــال إلى انفصال المرأتين عن بعضهما البعض ..ذات متألمة..منكسرة ، وذات أخرى قوية ..متحــررة ..متمـردة ..
إذ أدى هذا الانفصــال والقراءات المختلفـة إلى طرح عدة أسئلة لم نستطـع تجاوزهـا، كونهـا إلحاحية كلما تتواصل القراءة ليوميـات امـرأة مطلقة وامرأة من طابقين، و بتعمد الشخصيـة أن تفصل المرأتين عن بعضهمــا البعض أدى إلى :
ـ هل استطاعت الكاتبة أن توفق بين الشخصيتين ؟
ـ هل استطاعت أن تغلب إحداهما على الأخرى ؟
ـ هل استطاعت أن تغيِّب " الأنا الأعلى " وهو الرقيب على المــرأتين المنفصلتين ،الحاضـر بقوة في لغـة البوح التي اتسمت بها يوميات مطلقة ؟
ـ هــل كانت ضحية رجل تعددت ازدواجيته ، أم ضحيــة تركيبة دينية مختلفة عن طبيعتها النفسيــة التي سيطرت على شخصيتها الروحية وبالتالي فصل الروح عن الجسـد،أم ضحية عادات وتقاليد ساهمت في بلورة حياتهـا ؟
وبالتالي :
ـ أيــة حريــة تبحث عنها يوميات مطلقة وامرأة من طابقين في انشطــار امرأة ؟
ـ أي انفصال (المرأة )حبَّبـَتْه الكاتبة لشخصيتها ؟
ـ أيـة لغة مارستها الكاتبة ..ألغة الجسد أم لغة العقـل ؟

بهــذه الأسئلــة الجوهرية يمكن أن نثير عــدة قضايــا تطرقت إليها الكاتبـة هيفاء بيطـار في روايتهـا "يـوميات مطلقة" التي تعتبر من ضمن أدب السير الذاتيـة وفي قالب لغوي بسيط وشفاف استطاعت الكاتبة أن تكون شخصيتها حاضرة بكل تفاصيلها ومعاناتهـا وأحلامها ..
تركيبــات مختلفة لشخصيــة تعددت أوجه التناقض فيها بين القطيعــة مع الماضي والذي شكل هذه الشخصية المتمــردة على طقوس وضعت فيها رغما عنها، أنْ تُقَـدّمَ صورة الأنثى بجزأيها العقلي والجسَدي.وبحـوار عقلي مستمر لمفهــوم الشخصية المركبــة ومــدى تفاعلاتــها الداخلية والخارجيــة، خاصــة للتجربة الطفولية التي تمازجـت مع واقــع معاش وصراع داخلــي قائم علــى صراعــات متشعبة اتخذتها كآليات دفاعيـة لاشعورية لحفظ الذات من الانهزام الوجداني والاجتماعي ،ومن خــلال حالات الرفض المكبوتــة في اللاوعي، وثورتها على توكيد النزعة العقلية على أساس التقدير الذاتي للشخصية التي تتناول عدة جوانب سواء النواحي السلوكية أو الاتجاهات الاجتماعية.
وبالتــالي أدت هــذه الحالات إلى عملية نقدية للحياة الاجتماعية ( الخيانة ،الجنس، الكبـت، التحــرر،الأمومة ...الخ) والمقاومـة إلى نشــوء تركيبات مختلفــة من الشخصيــة التي تعددت أوجه النزاع الداخلي فيها لبناء الشخصيــة السوية بإقامة نوع من التوافق والانسجام النسبي مع الذات والعالم الخارجي والتي تعبر عن مفهومها الخاص وعــن تلك العــلاقة المتبادلة بين الشخصية والمجتمــع .
ورغــم أنهــا حالة انفعالية ،إلا أن عدم القابليــة للتكيف مع بيئتهـا أدى إلى عدم الاتـــزان الشخصي الداخلي من خلال تلك العلبــة السوداء ..العلبــة ذات الــزوايا والتي تعــبر في حقيقة الأمر عن العدوانية والذكورة والمعارضــة..
الأشجـار والتي هي رمــز النمـو والإخصـــاب وكذلك رمـز القــدرة والغموض تثير في نفسها الرهبــة والانكسار وعدم القدرة على العطاء كقولهــا:
((....كأنـني أطـل من جبل شاهق على سهل بعيــد ، فتبـدو الأشجار قزمــة لا تثــير في النفــس الرهبة ،ويبدو البشر كدمى متحــركة )) ص10 .
والتي يفتـرض أن تمثل المنطقة الفكرية والروحية والاحتكــاك مع الوسط "الأنــا" كما يراها كوش koch .
فاستخــدام أساليب اللعب بالعلبة السوداء والــورق المهترئ والقلم والشجر والدمى ( أساليب اللعـب والسيكودراما ) هــو تشخيص لنماذج مصغرة تكشف عن اتجاهات الفرد نحــو الأشخــاص الذيــن يحيطــون به ،بالإضافــة إلى أنــواع مختلفــة من الصراع والعدوانيــة وهذا ما تؤكــده من خلال الاعتراف المسبــق لحالة الشخصية المحبطة والمهــزومة وجدانيــا .
تحمل طابعـا رمزيـا ( المشـاعر والرغبـات والحاجات البيولوجية) نشــأة طفولية وقعـت فريسة عقد مختلفة ومتخلفة وسوء التكيف ،وهي مشكلة حقيقية قبل أن تكون مواقف للمواجهة بقولهـا :
(( لا تــوجد لذة في العالم تفوق لذّة الاعتــراف ، خاصة إذا كان اعترافا صادقـا...))ص08
ومن جهـــة أخرى إدراك هذه الشخصية لصور التفاعــل بداخلها ومدى قدرتها على التعبير عن الحاجــات، وعن ضغوط البيئة وتأثيرها على نفسية الشخصية بقولهـا :
(( .. أن أحــبس سنوات عمري في علبة السنــوات، فقــد تمكنت بعد جهــد جبار أن أحبس سنوات عمري في علبــة، أن أسيطر على سحرها ونفوذهـا،وأطردها من عقــلي،وأحبسها في قمقـم أو علبة محكمة الإغلاق..))ص10
عمليــة الإصرار التي تعيشها الكاتبة على أن تطرد مراحــل حياة تعددت تناقضاتها في نفسيــة الكاتبة لأنهــا في حالة صراع نفسي رهيب بين التذكـر والنسيــان، بل حالة تشبه مسودة الرسم الذي تلعب به كلعبــة الألوان ..تسجــل وتشطـب كمـا تشاء :
(( .. ولا يبقـى في دماغي سوى (مسودة الرسم ) العاتم المنسي،أتذكره بمزاج ،وبطريقة ظريفة ....)) ص 10
وهــو أسلوب تعبيري وإسقاط للشخصيــة حيث يبين "قالـون" wallon " أن الرســم هو إحــدى الوسائــل الهامة في معــرفة تطور إدراك الفرد ونموه العقلي وكذلك معرفة عالمــه وشخصيتــه" .
إذ يعتبر هذا الإسقــاط نقطــة وعـي لهذه الشخصية المدركــة لتلك المواقف المحبطة كالانتحــار :
(( ..لقد آلمتني هذه التشوهـات كثيرا، لدرجة فكرت مــرارا في الانتحـار، وكيف كنت أتخيــل كيف أدور من صيدليــة إلى صيدلية، أشتري الــدواء المهدئ والمنـوم ،الذي سأتناول كمية منه ليريحـني من عذابـات لا ترحم ....)) ص 08
وهو الموقـف " المعوق للأنـا " والذي أدى إلى الشعـور بالحرمـان وصراعه مع معوق الأنـا الأعلى " وفيه يوجد اتهــام أو أذى إلى الشخص من الشخص الآخـر المتمثل في تلك التقاليد البالية التي تسيطر على حياة الشخصية (البطلـة ) والتي تعترف بضرورة كشف الحقائق في هذا الحــوار :
(( .. لماذا تقاليدنــا وعاداتنا ظالمة في بعض جوانبها ، خاصة المرأة .....)) ،(( .. ومن سيغـير هذه التقاليــد والمفاهيم البالية يـا أمـي ؟ ..)) ص09
شخصيـة ذات خبرة .. شخصيــة سويـة تلعب بخيوط الــذاكرة كأوراق تمررها مرحلة بمرحلـة..تحاول الكاتبــة أن تخـرج من نفـق الألم إلى امــرأة واعية، متحديـة، معترفة بتغيير الواقــع الـذي ضـر بهـا :
(( .. وجدت أنه من السخــف أن نسكت ،أن نخجــل من الاعتــراف ..)) ص09..
شخصيـة تـدرك الأشياء في عيون الآخـرين ..مسيطرة بذلك على حالـة الألم بداخلهــا وكأنها تتحكم بطريقــة عدوانية على كبت مشاعـر الألم من خلال مضـــغ اللبان كلعبــة مثيرة اكتشفت من خلالها أنه بإمكانها دحض كل الذكــريات ومضغها كاللبـان :
(( .. أتوقــف عن مضغ اللبــان ، وقد أحسست بتعــب في عضلات وجنتي، أبصق اللبان كما بصقت الكثير من الذكــريات الموجعــة أو دفنتها على الورق وأودعتها علبة السنيـن ... )) ص11
وهو نـوع من الدلالات التشخيصيــة التي يمكــن الكشف عنها من خلال تعبيراتهــا في عملية التفكيــر،و التي تحـدد حالــة عاطفيــة متعــددة الدوافـع ومتنـوعة نحو البيئــة الاجتماعية التي تعيش فيها.
وعن حــالة الإحبــاط التي تريد الإشبــاع من خـلال العوامل التي أثــرت في نفسيتهــا وقدرة الاستجابـة والتقارب بين مــا هو مثير وبين حالة القلــق التي تمر بها الشخصية، في محاولــة منها للتحــرر التي تراها ورقــة جديــدة يمكن لها أن تخرجهـا مـن علبة السنيـن أو من قمـقـم داخلي يسكنهـا :
(( ... أتأمـل العلبة بنظرة تشع غبطــة وســرورا ،فقد اكتشفت لعبة لا أمل منها، وأمد يدي لأباشــر اللعبة وأسحب ورقــة ....)) ص11
إن تــرتيب الأحداث كترتيب للشخصية المفصلة وهو عبــارة عن مزيــج من الواقع المرير والخيال الحالم بحياة جديدة، والذي لم تتجرأ الشخصية علــى التعبير عنه أو الإفصاح المباشر عنه من خلال تعابـير مختلفة . العلبة التي تخـرج من داخلها ورقة من أوراقها الصفراء معنونة بحظ أم الحظـوظ :
(( ..وتكــون الورقة التي سحبتها مصفرة قديمــة ،وأقرأ بصوت عال : الثــالوث ...)) ص11
أفكــار مبطنـة بالخوف . . الخــوف هو القلــق تجاه الأنــا الأعلــى أو سلطــة الأب ، القلــق تجــاه الصــورة الوجدانيــة للأم والقلق تجاه الانفصـــال عن البنت..صدمــات انفعالية قاسيــة تمر بهـــا الشخصيـة في مثلث "الثالــوث"وتأخــذ شكـــل الطواعية والتوتر في "الوسيط" لتتفجــر الشخصيــة المكبوتة في"الزلــزال" .
كــان الزلــزال صورة مصغــرة لبركان نفسية مضطربــة ،لحيــاة امرأة ترفض الاستســلام و رجــل يرفض الهــزيمة ليشتد الصراع بنفسيات مضطـربة وأمزجة شبه مخـدرة بمـواريث تكوينية سابقــة للشخصية منذ النشأة الطفوليـة ...
المــرأة الحالمـة بالبيــت الجميل والأسـرة الدافئة .. الشخصيـة التي تبحث عـن الأمان كقولها :
(( ..وذات يوم غافلــت أهلي وذهبت إلى بيتــي ، البيت الصغير الجميــل الذي يعـني أســرتي وأحلامــي وحياتــي ..)) ص36
إن كــل هذه العوامل تحدد استعداد النفس للاستجابــة باتجـاه معين والــذي لم يساعد على التطور الداخلـي للشخصية في الزلزال ( التطور الروحــي) والذي أظهر الشخصية علــى شكل كائــن مغتــرب كقولها:
((... وما أن احتوانــي حتى بدأت دمــوعي تنسكب بحرقــة لاذعة، وتجولـت في الصالون، وودت لــو أمسح الغبار عن الكراسي، ودخلــت المطبخ ولمست البراد بحنان وفتحته .... وأغمضــت عيني بألم كبير حين رأيت فنجان قهوة وحيــدا ...)) ص36
مما أدى إلى انقسام الشخصية "الأنــا الحقيقية" و " الأنــا المزيفة " والتمزق الداخلــي للشخصية والحنين الذي يسكنهــا:
(( لم أعــد أحتمــل انفعالاتــي المتعاظمة ،وقبل أن أفتح الباب لمحت قميصه معلقـا، اقتربت وشممته فخفق قلبي ،لقد أحسسته يقف قبالتي، وخاطبتــه بصوت يختنق بالدمـــوع :
ـ أهكــذا تقسو ،ألهـذه الدرجة ؟ )) ص37
وهــي كــذلك لغة أخرى في التخاطــب ،وهنا لا بد من معرفــة طبيعــة هذا الانفصال الوجداني والعوامل التي تهدد قيام الحب بهذا التســاؤل الذي تبحــث من خلاله الشخصية التي تظهر صعوبتهـــا في تحقيق أهدافها الحيويـة كونه قلق وشعــور بالذنب في آن واحد .
إن هــذه القراءة لقائمة الكلمــات التي تكشف عن الصيغة الرمزية للنفس وعن تطور الحالة اللاشعورية من خلال التخفيف الذاتي لقوى الفرد الداخلية الكامنــة في أعماق اللاشعور أدى إلى اختلال الانسجام النفســي .
ولأن هـذه الشخصية لا تشعر بالأمــان وشعورهــا بالنقـص أدى إلى تحريك قوى نفسية كامنة لتعويـض ذلك كما يرى آدلــر ، وتأكيدها لذلك أتى على هذه الصيغة التعبيرية :
(( خرجت مســرعة أريد أن أقتحــم بيتي، وفوجئــت أنه غيّر القفل، وأن المفتاح الذي معي لم يعد يفتــح، والتهبت بالغضب أكثر وأكثــر، ومــا من نتيجة ترتجــى .)) ص37
فيلجــأ العقل إلى السيطرة كوسيلة تخفف من الشعــور بالدونيــة واحتقار الذات حيـث تأخذ صورا متعددة وهي نماذج سلوكيــة للشخصية لإشباع الدوافع والرغبات، فاتخـــذت من التمرد وسيلة لإثبات ذاتها وكأنــها في فتــرة نقاهــة.
هــذا التمــرد اتخذتـــه كبوح ذاتي وتفريـغ كل الهمــوم التي عاشتهــا من خلال الحــوار الواضح في الروايــة محافظة بذلك على المستوى السردي للرواية.
"يوميات مطلقة " تطــرقت لمشاعر المرأة المطلقة وأحاسيسها في مواجهــة تلك النظـرة الدونية المليئة بالشــك والريبــة والعداء والانتقـاص للمطلقة على أنهــا امرأة فاشلة في بلداننا العربية والتي تحاصرها في كل تصرفاتهــا...حمايــة الذات من الاحتقار والمهانة والاستخفاف بها .
ثــورة ضد واقع مفروض ورثته الشخصية نتيجة وسط وأفكار كانت اليوم سببا في تدمير ذاتي ، إذ لابــد من إعادة صياغته برؤيــة مستقبلية تنبؤية?!‏
"يوميــات مطلقة "هي صــرخة غضب في وجه ظلم القوانين المسيحيـة وعن تلك التربية التي دمـرت توازنها النفسي .
" يوميـات مطلقة " هي معاناة ..معانــاة لا تجيــد التعبير عنها إلا امــرأة عرفت هذه المعاناة العميقــة عن قرب،عن ذلك الشــرخ العميق الذي يسكن أعماقها وعــن تلك الطفولة البريئة التي تلملم جراحهــا.

((..كنت أشعر أني حطـام امرأة ،وحالما وقع نظـري على صغيرتي وكانت تلهو بحقيبة يد قديمة،انهمرت دموعي ،وسارعت لاحتضانها وأنا أقول لها بصوتي الخـرس: آه ما أشد خيبتي يا حلوتي ..))ص34
((... يجب أن يدفعنا الأطفــال للانتصار على كل العقبات والأحزان والاحباطات، يجــب أن ينتصر الأطفال على المستحيــل .))ص93
((... أجــل يا حبيب داخــل صدري يكمن الحــب الكوني،وفــي رحمـي يتكون الخلق،أنا أبدعتك يا حبيــب ،وســرى نسغ واحد في جسدينــا .)) ص136 ( امرأة من طابقيــن )

"لكني الآن حرّة كغيمة، نقيّة كدمعة. ربّتُ بحنان على روايتي التي أوسَدتُها حضني- وأنا أجلسُ في المقعد الأمامي للسيارة، كنتُ أحسّ أنني أُربّتُ على كتف امرأة حرّة ونقيّة تصالحتْ مع نفسِها ومع العالم، ولم تعُد تشعرُ كما كانت تشعرُ دوما بأنّها إمرأة من طابقين." ص203


(( ...يا ابنتـي لا تعتقــدي أبـدا أنك آثمة،هم اضطروك لهــذه العمليــة،لأنهــم متخلفون،لأن بضـع قطرات من الـدم هي التي تحدد نجـــاح معظم الزيجات،إياك أن تشعري بالدونيــة والخجــل ، فأنت محترمة ،ولم ترتكبي أي خطــأ، بكـت تأثـرا حين سمعت هذا الكلام من منقذ الفتيات مــن ورطاتهــن ..)) ص 107

(( المـوت يا حبيب هو تحقيق للحب العظيم الآن أتفرج على بركـان الحب الملتهب يفور في صدري كم أنت بداخلي يا حبيـب أكثر من كل الأحياء ،سأكتـب آثامـــي كلهـا لأتطهر،لأصير لائقة باحتضانك حين تجمعني بك هوّة الموت،لنصعــد منها إلى أبدية الحب . )) ص166

نــازك الكاتبـة الباحثة عن الشهــرة بطلـة روايـة "امـرأة من طابقـين"..
نــازك الشابــة المسيحيــة ابنـة والــد يؤمـن بالخصوصيـة الاجتماعيـة وحفيــد كاهـن.. عاشــت في أســرة مثقفـــة ومتوسطة الحال.
نــازك الكاتبة أو مشروع كاتبة تقدم لنا نفسَها وقصتها مع الكاتــب الرمـز الذي استطــاع أن يسيطر على الشخصية وامتلاكها كجســد للمتعـة،فلبست قناع التجاوب مع الوسط الاجتماعي (الروحي) ومسايرته بتصرف وشعــور كما يفعلـه الآخـــرون،ممـا أدى إلى انقسام الشخصية "الأنا الحقيقية " و"الأنا المزيفة " إلى تركيبتين متناقضتين؟
نــازك الشابة التي تعوّدت منــذ طفولتهـا أن تحضـر اجتماعـات الجمعيـة الأرثوذكسية في قاعة الكنيسة تتعلم الحياة الروحية بكل طقوسهـا داخل أطر ومظاهـر معينة كانت تبـدو لها غريبــة كفصل الجســد عن الروح وهو الذي لم تستطـع أن تتغلب عليه.
نــازك "المذنبة روحيــا" كانــت رهينــة أفكار تشعــرها بالحزن وبالمخطئة دوما كنوع من العقــاب ((كانــت تشعر بحزن ثقيل وهي تحس بانقضاض الظلم الكبير عليها ،هي الخاطئــة التي لم تخطــئ،كان عليها كل صبــاح ومساء أن تقف بخشوع وتتلو الصلاة الربانية ...))27
وبلغة سرديــة جميلة تتنقل بواسطتها إلى وقائع وأحداث مفصلة داخـــل الدير منذ طفولتها وكيف يمكن أن تقهر الجسد وتحتقـر الشهوة التي لم تستطـع التخلص منها وهي في أوقات الصلاة ((..مرارا كانت تتمنى لو تصرخ في وجه المرشد الروحي أو الكاهن: لماذا خلقنا الله هكذا؟ لماذا هناك صــراع بين الجســـد والروح .....))ص30
وبالتــالي طلب المغفرة بسبب الخطيئة التي ورثتها الطبيعة بذنب آدم وحواء : (( .. يا إخوتي يجب أن نواجه أنفسنا بصدق وأن نتطلـب المغفرة من الله على خطايانا الكثيرة كم كانت بعيــدة عن الأجواء الروحيـة الخرافيــة ،وهي تحس بحلاوة إثمهــا العنيد والمشاكس ...))ص31
و في نفـس الوقت كانت تتعلق بها لأنها ((.. لكن كان لهذه الجمعيات الدينية ميزة رائعة دفعتها للتعلق بها بقــوة،هي أنها المنفذ الوحيد للاختلاط بالجنس الآخر..))ص31.
لم تستسلم نازك لفشلها بل انطلقت لتعيش بجســدها وروحها معا ورفضها للمجتمع بمفاهيمــه التي كبلتها، وتعرّفها على صفوان الشاب المسلم الذي جمعها وإيّـاه الحبّ. وبتطوّر علاقتهما إلى الرغبة في الزواج كان موقف والديها الرفض والتهديد بالقطيعة ، فالتجأت إلى كاهن الطائفة لتعترف لــه ..اعتراف الخــــلاص.. وطلبا للنصح،فأقنعهــا بالتّخلي عن حبيبهـا والقبول برغبة الأهل، وكانت النتيجة أن قطعـت علاقتها بحبيبها صفوان المسلم، وقبلت الزواج من ماهر الطبيب المسيحي الذي يقيم في باريس.
تتواصـل الأحـداث بتطور كبير ملخصـــة بذلك قضايـا اجتماعية مسكوت عنها باسم العــادات والتقاليـد والعـرف :
(( ...يا ابنتـي لا تعتقدي أبدا أنك آثمة ،هم اضطروك لهذه العملية،لأنهم متخلفون ،لأن بضـع قطرات من الدم هي التي تحدد نجاح معظــم الزيجات ،إياك أن تشعري بالدونيـة والخجل ، فأنت محترمة ،ولم ترتكبي أي خطأ ،بكت تأثرا حين سمعت هذا الكـلام من منقذ الفتيات من ورطاتهن ..))ص 107 و..و..
مستعرضة بذلك مواقـف ومراحل متعددة الأوجه والمفاهيم مرت بها الشخصيـــة بدء من استغلالهــا كجسد من طرف الكاتب الشهير...إلى الخيانة الروحية والزوجية ، الزنا..انهيـار علاقتها الزوجية مبررة ذلك بالحريــة الشخصية لتنتهي هذه الحرية عند صورة الطفل الجميلة وهي ترحل إلى السماء لتكتب صورة أخرى جميلة تتدفق فيها مشاعر الأمومة والعذاب معنونة ذلك بـ" ما كتبتــه نـازك بعد وفاة صغيرهـا إذ تقول :
((أنـت لم تمت ،أنا التي تشبع موتا كل لحظـــة ....))ص163 وهي مرحلة خطيــرة وحاسمــة في تكويـن شخصيــة "نازك".مرحلة تميزت بالنضــج الجنسي الكامــل ،إشباع الحاجــات، الاستقــرار رغـم الشرخ النفسي الــذي تعاني منـه :
(( .. فقـد نجحـت في التحلل من كل عفن الماضي، من عفن التربية الساذجة ، عاشـرت حبيبك المسلم ، وتزوجت بذكاء بعد أن أجريت عملية إعادة العذرية ، برافوا هكذا تتصرف الفتاة الذكيـة، وحين أهملك زوجك،اتخذت عشيقا تونسيا تمتعــت بين ذراعيه ،وندمت كونك لم تمــدي جسور علاقــة وثيقة مع الفرنســي ،أظن اسمه غيوم .....))ص201 تعرية لشخصية مارست طقوس التحــرر ومارســت طقوس الانتقام الذكوري من نفسها: (( ..أنا لســت عاهـرة ، لست عاهرة ))ص201
لم تستطــع يوميات مطلقـة أن تتخلص من شخصيتهـا الداخليـة المطعونة في نــازك الشخصية الأساسية في امرأة مـن طابقين إذ تعتبر حالة مرضيّة أفـرزتها تربيتها الدينية وتلك الثقافة التي شبت عليها والتي أسقطتهــا في فــخ الانتقــام من الذكوريــة ومن نرجسيتها كأنثى،ومن جسدهــا كعاهـرة، ومن حياتهـا ككل ..
وبالتالي استطاعت الكاتبة وبجرأة أن تنجح في رسم شخصياتها ذات الأوجــه المختلفة بكـل مواقفها وتصوراتها ..روايـــة ذات شخصيات ممزقة ..مهـزوزة ..محبطـة ..متحديـة ...الخ
منـذ البداية تعمدت الشخصية التحرر وتعمدت التنازل كونهـا مطلقة فهي قد تحررت وكونها كذلك متزوجة قد تحررت (امرأة من طابقين ) ،وبالتالي يمكن لها بل أكيد أن تمنح كل شيء وكأنها آخر ورقة تخرجها من العلبة السوداء في امــرأة من طابقين..ورقة التحرر والسقوط ..شخصية مثقفة ..كاتبـة.. تحمل كــل الأمزجة من تركيبة شخصية الإنسان التي استطاعت "نازك" أن تجسدها وتنغمــس تماما فيمــا تفعل وتستمتع به بكل لذة وألم في آن واحد (الدوافع،العادات، الميول،العقـل ، العواطف ، الآراء والعقائد والأفكار ، الاستعدادات ، القدرات ، المشاعر والأحاسيس، السمات..كل هذه المكونات أو أغلبها أدت إلى انقسام الشخصية في عدة أدوار منها الشخصية الحدية: والتي تميــزت بعدم ثبات العلاقات الشخصية ، واضطراب الهوية والسلوك والمزاج.وهنا تتجسد صورة الكاتب ( كاتب الجنس ) الذي اهتــزت صورته في نظــر "نـازك" .
ومن جهــة أخرى تصور الكاتبة قوة انتشـار كتابات الجنس ومدى تأثير هذا النــوع من الكتابات في تدمير الشخصية .
وبالتالي تأخــذ الرواية منعرجا حاسما في بلورة أحداثها التي يمكن أن تصور الحياة الاجتماعيــة للفـرد والتربية التي يتلقاها من خــلال بعض السلوكيات (( كنا قد تربينــا على ضرورة التملـق ..))ص10
ومن ثمـة الدخول مع نازك الكاتبة المتأثرة بدوستوفسكي وبلزاك وقراءة الشعرالقديم والحــديث ومحمود درويش ،ورغم أنها امرأة من ضبــاب ((لا أدري لمــاذا شعرت فيمــا هو يسألني سابـرا ثقافتي أنني امرأة من ضبـاب ...))13 إلا أنها امرأة أكثر أهمية من الكاتب ((... بأنني أكثــر أهمية من الكاتب ...))13
سيطــرة شخصية رواية "يوميـات مطلقة" على نسق الرواية " امرأة من طابقين " حدد أنماط معينة من الشخصيات المحورية في الحوار كالشخصية الهستيرية المتميزة بالبحث الدائم عن الاهتمام وتصوير المرأة كشكل جمالي للإغراء، والإثارة، ولفت الأنظــار عبر تلك الرسائل التي تحرك الغريزة والتي لعبت الدور عليها في الإغـراء،فتتحــول من كاتبة الأحلام والأوجــاع إلى كاتبـة تريد إلغاء الآخر الذي فرضته الظروف وأصبح كاتبا مشهـورا ورمـزا ..
وبطريقـة أو بأخــرى سقط الكاتب ..الشيخ في أحبال حب طفولي تلذذ بممارسته يوميا عبر الرسائل وإثارة غريزة مكبوتة بداخله (( ....عن طقوسه الخاصة في قراءتها ...كان يعيد قراءة الرسالة مرارا ثم يحفظها في مغلف ...))ص21
بالإضافــة إلى دور الشخصية النرجسية والتي تميزت بالغرور ، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين. (( ..بدأت أقدر طاقتي حق قدرها ،وأنا أجد أنني بهرت أديبا يقترب من عقده الثامـن ..)) ص21
أما الشخصيـة المحورية التي تم التلاعب بها، وهي الشخصية الاعتمادية فتميزت بالاعتمــاد العاطفي ، فلا تشعر بالأمـان إلا في وجود علاقة مع شخص مـا .
في حين أن الرقيـب الأعلى مازال يمارس سيطرته على مشاعرها ((.. هل كنت أريده أن يركــع ؟ .. ربمـا ،أم أن شعورا مهزومـا في داخلي تجاه زمن يسحق إنسانيتي،وموهبتي وكرامتي،ويجعلني كقربة جوفاء ،يملؤها الذعر من كل محاولة صادقة للتعبير عن الذات ..))ص22
أما الشخصية المرتابــة وتتميز بعدم الثقة في الآخرين، والتشكك بغير دليل واضـح كعملية الانتقام من حياتها الماضية في حياة جديدة (( هل كنت أريد أن ألهو به ، أن ألعب بالنار كما يقولون وأؤجج مشاعر حبه لي ...)) ص22
وبعبـارة اختزلت فيها مراحل حياتها أنها كانت ضحية (( كنت ضحية شعورين متناقضين في آن ، أولهمــا أنني لا أساوي شيئا، وثانيهمــا أنني أمتلك موهبة كامنة في أعماقي ...))ص23
فازدواجيـة يوميات مطلقة وامرأة من طابقين ورغـم محاولة الكاتبة في الفصل بينهما إلا أن المرأة واحدة تقمصت عدة شخصيات في شخصية واحـدة وهي " نازك " المرأة المثقفــة .. المتحررة .. التي تطـرح قضية اجتماعية تلازم المرأة وهي التحرر ..محاولـة بذلك رفع ستار الخوف عن تلك الشهوات والنزوات المستترة خلف سلطة العادات والتقاليد بصورة صريحة " الجنس "وهو ما يؤكد أن المرأة مازالت تعيش حالة من الاغتراب النفسي الذي يهدد كيانها كإنسان وشكــل أخـر من أشكال العلاقة بين الرجـل والمـرأة ..علاقة الحب بينهمـا .
إذ استطاعت الكاتبة أن تخرج الرواية من تلك الرتابة
والإيقاع الممل من خلال الحوار السردي فتنهي المرأتين المنفصلتين حياتهما بأنهما حرتين ..حرية مكتسبة ..حرية لم تكن مفروضة ..
حتى وإن كان فيه تمــرد قوي إلا أنه تمرد لتأكيد الذات المقهورة الرافضة لتلك الأحكام الجاهزة التي وقعت ضحيتهـــا وضحية مقولات اجتماعية جاهزة،وبالتــالي لم تستطيع أن تتخلص من تجربتهــا القاسية الحاضرة في تفاصيل "امرأة من طابقين" .
وما روايـة "يوميات مطلقة " "و امــرأة من طابقين" إلا تكملة لثورة الاعتراف والبوح ضد واقع اجتماعي وسلطة دينية وذكورية أخضعتها ،وهَيْمنــة لعادات وتقاليد كبلتها .
والقـارئ لكتابــات الدكتورة هيفاء بيطار، يستطيــع أن يكتشف بسهولة أعماق هذه الأديبة المتميزة لأنها استطــاعت وبجرأة كبيرة أن تميــط اللثــــام عن المستور...
وأعتقـد أن ما مـرت به الكاتبة هيفـاء بيطار خلــق منها كاتبة حساسـة ..مرهفـة .. رافضـة القهــر والظلــم .. متحــررة لرفع الغبن عن المــرأة منذ طفولتهـا ..التربية .. العـادات والتقاليد ..ثورة على القهــر و..و..و..
وتقـول: "أعترف أنني عشتُ سنوات الغضب الدّفين والمَكبوت، ولم أستطع البوح به في وقت مضى. والآن وجدتُ نفسي أتحدّث عنه. وهذا أرجعه إلى التربية التي تلقيتها منذ صغري، ولي قناعة تامّة أنّ تربية الفتاة تعتمدُ على كبتِ المَشاعر، على عكس الذكر الذي يحظى بحريّة القول والتصرّف".

هامش : ــــــــــ
طبيبة عيون وكاتبة (سورية) قصة وروائية لها العديد من المؤلفات نذكر منها: ورود لن تموت (قصص)، قصص مهاجرة ( قصص) ، ضجيج الجسد (قصص) ، غروب وكتابة (قصص) ،قبو العباسيين (رواية).


ــ المادة منشورة في كتاب قراءات سيكولوجية في روايات وقصص عربية للكاتبة بنور عائشة عن منشورات الحبر في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية .






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط