الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-2009, 11:59 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي الاستشراق .. ادوارد سعيد .

الاستشراق
إدوارد سعيد
نقله إلى العربية : كمال أبو ديب
الطبعة العربية الأولى , 1981
الناشر : مؤسسة الأبحاث العربية

....................................

المؤلف
ادوارد . و . سعيد ولد في القدس وأتم تعليمه الابتدائي والثانوي فيها وفي مصر .
نال البكالوريوس من جامعة برنستن في الولايات المتحدة , كما نال الماجستير والدكتوراه من جامعة هارفرد , حيث حصل على جائزة بويدوين .
صدر له بالانكليزية :
بدايات , الاستشراق , الأدب والمجتمع , المسألة الفلسطينية , تغطية الاسلام .

المترجم
كمال أبو ديب , ناقد وشاعر سوري .
نال درجة دكتوراه في الآداب من جامعة أوكسفورد في انكلترة .

.................................................. .................

من الغلاف نقتبس حرفيا ..

"إذا اتخذنا من أواخر القرن الثامن عشر نقطة للانطلاق محددة تحديدا تقريبيا , فان الاستشراق يمكن أن يناقش ويحلل بوصفه المؤسسة المشتركة للتعامل مع الشرق _ التعامل معه بإصدار تقريرات حوله , وإجازة الآراء فيه وإقرارها , وبوصفه , وتدريسه , والاستقرار فيه , وحكمه ... الاستشراق كأسلوب غربي للسيطرة على الشرق , واستبنائه , وامتلاك السيادة عليه ... وما أطرحه هنا هو أننا ما لم نكتنه الاستشراق بوصفه إنشاء فلن يكون في وسعنا أبدا أن نفهم الفرع المنظّم تنظيما عاليا الذي استطاعت الثقافة الغربية عن طريقه أن تتدبر الشرق _ بل حتى أن تنتجه _ سياسيا , واجتماعيا , وعسكريا , وعقائديا , وعلميا , وتخيليا ... وعلاوة , فقد احتل الاستشراق مركزا هو من السيادة بحيث أنني أومن بأنه ليس في وسع إنسان أن يكتب عن الشرق , أو يفكر فيه , أو يمارس فعلا متعلقا به , أن يقوم بذلك دون أن يأخذ بعين الاعتبار الحدود المعوقة التي فرضها الاستشراق على الفكر والفعل . وبكلمات أخرى , فان الشرق , بسبب الاستشراق , لم يكن (وليس) موضوعا حرّا للفكر أو الفعل . ولا يعني هذا أن الاستشراق , بمفرده , يقرّر ويحتّم ما يمكن أن يقال عن الشرق , بل أنه يشكل شبكة المصالح الكلية التي يستحضر تأثيرها بصورة لا مفر منها في كل مناسبة ... يكون فيها ذلك الكيان العجيب "الشرق" موضعا للنقاش . أما كيف يحدث ذلك فانه ما يحاول هذا الكتاب أن يكشفه ... يحاول أن يظهر أن الثقافة الغربية اكتسبت المزيد من القوة والهوية بوضع نفسها موضع التضاد مع الشرق باعتباره ذاتا بديلة أو حتى سرية تحترضيّة" .

ادوارد سعيد
( من مقدمة الكتاب )

.............................................

بالتأكيد سنعود للبحث في المقدمة كلها , وتظهير أبجدية رؤية "سعيد" التي اعتمدها , أو حاول اعتمادها , عبر نصوص وأفكار هذا الكتاب الاستثنائي .

من الواضح مبدئيا لنا هنا , أن "سعيد" يعتبر الاستشراق الغربي , (( محاولة بناء جديدة للشرق )) , هيمنة (ذات وظيفة) , سيطرة مكتملة المناحي (مؤسسة) :
ذات وظيفة تصاعدية وتراكمية في آن .
هذه الوظيفة حدد تطورها مبدئيا "سعيد" , ( أواخر القرن الثامن عشر نقطة للانطلاق محددة تحديدا تقريبيا )
_ من هيمنة وسيطرة على الشرق
_ إلى إعادة إنتاج مكتملة لهذا الشرق
_ إلى "بلوك" فكري ومعرفي يصعب كثيرا تجاوزه أو الخروج من دائرة تعريفاته , وبالتالي "وظائفه" عند تناول الشرق فكريا , أو العمل من داخله
_ إلى (التضاد) الذي يظهّر "الغرب" معرفيا وحضاريا وإنسانيا

"الشرق" (( الضد )) , الذي يكسب "الغرب" (( الأصل )) , مزيدا من ال (( قوة وهوية )) ..

ما يهمنا قوله مبدئيا هنا أن "سعيد" استعمل حتى الآن مصطلح (الهيمنة أو السيطرة) بشكل موازي تقريبا لمصطلح (الاستعمار) , ومصطلح (التضاد) بشكل موازي تقريبا لمصطلح (العدو) , أو بصيغة ملطّفة قد نعتمدها (الخصم) .

خريف 2008
..

م :
في سعي "المجموعة العربية" الرئيسي باتجاه هدفها , عبر عملها وتواجدها من خلال النت , وليس عبر أي وسيلة تعبير أخرى أو طريقة نشر مختلفة ..
نحاول أن نصل إلى التعاريف الرئيسية التي تشكل الأرضية الفكرية الصحيحة لبناء فكر قومي عربي أو إسلامي عربي , منسجم وصحيح , يمكنه من إنتاج أبجدية عربية إسلامية , مستقبلية إنسانية ايجابية وخلاقة ..

الفلسفة العربية الإسلامية , وعمودها الفقري , الفكر المعتزلي , ستكون محور ومركز بحثنا المعلن .
والاستشراق سيكون المركز والمحور الثاني .

الاستشراق ..
سنحاول أن نأخذ منه , الآثار التي فرضها "الاستشراق" على ((بنية العقل العربي) , ومنذ مطلع القرن الثامن عشر .
بحيث أنتج هذا العقل العربي , صيغا فكرية قومية عربية "غير مكتملة" , ورؤية قومية عربية "غير واضحة المعالم" , في ظروف تحدي استعماري ضاغط ودائم ومستمر , كان ليشكل فرصة تاريخية , ولا يزال , لإنتاج مقومات الفكر القومي العربي الصحيحة .

هذا العمل (ليس دينيا) ..
وإنما يحاول سبر عمق الأثر الديني الإسلامي تراثيا ومعاصرا , في "بنية" العقل العربي الإسلامي المعاصر .
ويحاول سبر عمق الأثر الاستشراقي المتبادل , في بنية هذا العقل العربي "المتعب" .

أما لماذا على النت فقط وعبر منتديات ..
حتى نتمكن من إعطاء النصوص قابلية سريعة لرؤية الضوء والحياة , إذ ليس على هذا النص مثلا انتظار فرصته في الحياة مع نهاية النص الأخير , مع ما في ذلك الأمر من قمع وقهر .
وأيضا حتى نبقى نشعر بالحياة حول النصوص , في أعداد الزملاء , في تعليقات وتعقيبات خفيفة أو ثقيلة , في مرور عطر , أو عدائي , أو ساحر , يلزمنا بالمتابعة , ويشعرنا ( بضرورة التعبير بلغة المجموعة العاقلة المجاورة , وليس الأنا المتعجرفة الفردية المغرورة والحمقاء ) .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 29-01-2009, 12:01 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

مقدمة المترجم ..

يمثل كتاب ادوارد سعيد الاستشراق جزءا من ثورة جديدة في الدراسات الإنسانية تضرب جذورها في الماركسية والثورة الألسنية والبنيوية , وما يكاد يكون مدرسة جديدة من "التاريخ الجديد" تنتسب بعمق إلى أعمال ميشيل فوكو بشكل خاص .
وتتكثف في هذه الثورة منطلقات متعددة لعل أهمها أن يكون مفهوم جديد للقوة والشبكة الخفية من علاقات القوة التي تنسجها المعرفة متجسدة في الإنشاء الكتابي , ومفهوم "سياسيّة" العلاقات الإنسانية بكل أشكالها و وسياسيّة المعرفة , وسياسيّة البحث .
وإذ تسيّس هذه الثورة الفكرية الوجود الإنساني إلى درجة تفوق حتى ما فعلته الماركسية في تصورها "لاقتصادية" الوجود الإنساني , فإنها تبدأ بإضاءة منابع ومكامن للقوة ظلت حتى الآن خارج نطاق الدراسة السياسة_الفكرية , مضيئة العالم إضاءة جديدة وطالعة, أحيانا كثيرة , بكشوف باهرة فعلا , كشوف يبدو أنها قادرة , في النهاية , على تكوين علم آثار جديد للمعرفة الإنسانية إذا كان لي أن أستعير عنوان كتاب فوكو التأسيسي في هذا المجال وأحوّره قليلا .

وينصب هذا التثوير للمعرفة حتى الآن على رجّ الثقافة الغربية وكشف آلية السلطة والسيطرة والقوة والتلاعب التحكمي فيها , والآلية التي بها يمارس ما اسميه "الداخل" _ أي المؤسسة التي تمتلك السلطة_ السيطرة المطلقة على "الخارج" _ موضوع السلطة .
وتتشكل علاقة الداخل / الخارج في مظاهر تعبيرية مختلفة لبنية أساسية . فلئن كان "الخارج" في نظام ميشيل فوكو هو المصابين بالشذوذ والانحراف , أو المرأة , أو الجنسية , إنه في عمل سمير أمين مثلا _ مع أن الوشائج بين عمله وبين عمل "سعيد" و "فوكو" لا يمكن تبينها بسهولة الآن _ هو "الهامش" _ دول العالم الثالث _ , وهو في عمل ادوارد سعيد "الشرق" .
أما الداخل فانه , على التوالي , العقل ( أي الغرب ) , المركز ( الغرب ) والاستشراق ( أي الغرب أيضا ) .

ليس كتاب ادوارد سعيد إذن دراسة للاستشراق , وإذ اكتب هذه الجملة فأنني ابدأ من موقع متطرف , من أجل أن أشرع في تعديله في فترات لاحقة .
ليس دراسة للاستشراق بوصفه تاريخا , وشخصيات , وأحداثا , وما هو _ كما تصفه صاحبة الترجمة الفرنسية التي ظهرت حديثا للكتاب _ بدراسة الشرق " كما خلقه الغرب " .
بل هو اكتناه غوّري صارم , مشبوب أحيانا , لكنه دائما على درجة مدهشة من حدة اللمعة الفكرية, ونفاذ الحدس , وجوهرية التحليل , لأسئلة جذرية في الثقافة والإنسان , أسئلة تدور حول مفاهيم "الحقيقة" و "التمثيل" , القوة وعلاقات القوة , وعي الذات والآخر , حول التصورات التي ينميها الإنسان لذاته وللعالم , والتمييزات التي يقيمها بينه وبين الآخر .
وهو أيضا دراسة في الآلية التي تتصلب بها هذه التصورات والتمييزات إلى معرفة , معرفة تغدو _ حين تتم في سياق القوة والسلطة سياسيا واقتصاديا وثقافيا – إنشاء يدّعي لنفسه مقام الحقيقة , ويحجب بشكل مطلق حقيقة كونه تمثيلا لا أكثر , حقيقة كونه يجسّد وعي الذات للآخر أكثر مما يجسد الآخر , إنشاء ذا طاقة مولدة للذات تفعل ضمن شروط نابعة من الذات المعاينة بالدرجة الأولى , ثم من الآخر , موضوع المعرفة , بدرجة ثانية أو ثالثة .
ثم إنه اكتناه للطغيان الذي يمارسه الإنشاء : على الثقافة التي تشكل فيها أولا , ثم على الآخر ثانيا , وللعلاقة وحيدة الاتجاه تقريبا التي تنمو بين الإنشاء_الثقافة وبين الفرد المنشئ الذي يكتب , ويتصوّر , ويفكر ضمن هذا الكون الإنشائي بموضوع المعرفة , الآخر .

............................

قد نعود إلى مقدمة المترجم لسبب ما ..

ولكننا نريد هنا التأكيد على ما يلي :

_ المترجم باحث في "بنية اللغة" لذلك هو يقرا نصوص ادوار سعيد من خلال "بنية اللغة" .
نحن لن نذهب في هذا الاتجاه , ما يهمنا هو إشعاع اللغة , الأثر إلي تتركه هذه اللغة فينا ويمكننا إدراكه واستيعابه وفهمه وضمه إلى النسيج الفكري الذاتي , والمعرفي الحيّ , لغة ادوارد سعيد .

_ ونريد أن نلفت الانتباه إلى رأي ادوارد سعيد في ماركس , كما قدّمه لنا المترجم :
ادوارد سعيد يرى ماركس , إلى درجة مطلقة تقريبا , ضحية لطغيان الإنشاء الذي يلجم ما يفترضه تعاطف ماركس الأساسي مع "البؤساء" ثم يدفعه في مجاري الرؤية الاستشراقية ليصوغه في النهاية خيطا آخر من خيوط الإنشاء الاستشراقي .

_ سمير أمين , من المؤسف أننا لا نملك الكثير من معرفة سمير أمين , استندنا على نص له نشر في مجلة الكرمل الفصلية , في دراسة لغوية ذات عمق ديني إسلامي , زمن الراحل الكبير فكريا محمود درويش , ثم ضيعنا الرجل والدراسة معا .
وهو مفكر يمتلك قدرة على تكثيف الفكرة واللغة والمصطلح بحيث تتلقى الفكرة بسهولة بالغة ووضوح هائل , ولكنك لن تكون قادرا أبدا على شرحها للآخرين بأقل من أضعاف حجمها اللغوي . ونحن نميل إلى الاعتقاد أنه يمتلك بنية اللغة العربية "فطريا" ويعيد إنتاج أفكاره عبر إشعاع لغوي لذيذ فعلا .

_ في مقدمة المترجم هذه الجملة المفتاح لفهم الترجمة والنص الأصلي "السعيدي" عبرها :
(( معرفة تغدو _ حين تتم في سياق القوة والسلطة سياسيا واقتصاديا وثقافيا – إنشاء يدّعي لنفسه مقام الحقيقة , ويحجب بشكل مطلق حقيقة كونه تمثيلا لا أكثر , حقيقة كونه يجسّد وعي الذات للآخر أكثر مما يجسد الآخر , إنشاء ذا طاقة مولدة للذات تفعل ضمن شروط نابعة من الذات المعاينة بالدرجة الأولى , ثم من الآخر , موضوع المعرفة , بدرجة ثانية أو ثالثة . ))

رأي ..
كل نص تجاوز فطرته أو انفعاليته أو غريزته أو اندفاعته الأولى , وتعرض "للتحطيم العقلي" الإرادي المنظم , وإعادة الصياغة و "القولبة" , سيصل إلى الكثير من الدقة المادية , وسيفقد الكثير من الدقة الإنسانية , مهما ادعى أنه يعبر عنها .

لذلك نميل إلى الاختلاف مع "ادوارد سعيد مترجما" , حول ماركس , الذي سيفقد عمله الفكري آفاقه , إذا ما تناولناه من أبجدية الاستشراق , أو من أبجدية الشيوعية , أو أبجدية الفلسفة الألمانية التقليدية , على سبيل المثال ..
الماركسية الفكرية , مرحلة من مراحل تطور العقل الإنساني .

ومراحل تطور العقل الإنساني ليست بالضرورة هرمية أو تصاعدية وفق بنية الرياضيات .
هي عملية جمعية تراكمية يمكن تبسيطا قياسها بالكائن الافتراضي النسبي , "الزمن" , بمعنى هذا الفكر جاء بعد ذلك الفكر إذا التأثير الطبيعي "نسبيا" هو للفكر الأقدم على الفكر الأحدث .
وهذا الشكل من التصنيف والفهرسة , يفترض الكثير من "الفرضيات المجحفة" بحق العقل الإنساني الجمعي , الحاضنة الرئيسية للعقل الإنساني الفردي .
والرؤية لهذا المنهج , في تقديرنا , تتعلق أساسا بالبيئة العامة للعقل الجمعي , وتوليدها في العقل الفردي المعبر عنها , (لضرورة فكرية قبل أخرى) , "كامنتين معا" في العقل الجماعي الإنساني الكلي , ولكن ظروف الولاة حددت , وضرورة الفهرسة الزمنية جعلت (الفكرة تسبق الأخرى) .
ولذلك لا يمكننا عمليا قبول فكرة تأثر مفكر بمن سبقه , واعتباره تطورا أو تمايزا أو تعارضا أحدث .
لنعود إلى مثال قد يساعدنا في شرح لغتنا لنا وللآخرين :
لنأخذ مفكر من مواليد القدس تحببا , المفكر محمود شاهين , هناك لوحة له ولدت العام 1990 وأخرى ولدت العام 2000 , بالخداع النسبي لمفهوم الزمن في منتج عقلي (اللوحة) خارجة عن فلسفة الزمن كلها (موهبة الرسم عند محمود شاهين) , حتى محمود شاهين لا يستطيع أن "يجزم" هل تشكلت في "عقله الفردي" , نواة لوحة العام 1990 أولا أو لوحة العام 2000 أولا , ولذلك لا هو ولا نحن , نستطيع أن نحسم قضية من من اللوحتين يجب اعتبارها متأثرة بالأخرى فعليا , نستطيع أن نحسم أمرا تفصيليا بسيطا , لوحة 1990 ولدت أولا , وفقط . نتمنى أن نكون أوصلنا رأيا ..
وهي هكذا إشكالية ما لا يزال يسمى "نسبيا" تطور العقل الإنساني , وما يجب أن يسمى فعليا , إرهاصات العقل الإنساني , بمعنى الولادات القسرية والصعبة للفكر بضغط البيئة والقلق , الجماعي والفردي معا وبتلازم .
الفكر الإنساني إذن , ولادات قسرية مقيدة , وليس ولادات إرادية حرّة .

لنعود إلى موضوعنا الرئيسي , مقدمة المترجم ..
هناك اتفاق إذا على ما يلي :
(( رجّ الثقافة الغربية وكشف آلية السلطة والسيطرة والقوة والتلاعب التحكمي فيها , والآلية التي بها يمارس ما اسميه "الداخل" _ أي المؤسسة التي تمتلك السلطة_ السيطرة المطلقة على "الخارج" _ موضوع السلطة ))

المفكر ................. الخارج (موضوع السلطة) ......... الداخل (السلطة)

سمير أمين ............. الهامش (دول العالم الثالث) ....... المركز (الغرب)

ادوار سعيد ............. الشرق ........................... الاستشراق (الغرب)

ميشيل فوكو ............ الانحراف المرأة الجنسية .......... العقل (الغرب)

لنأخذ من مقدمة المترجم ما يلي :
((على تكوين علم آثار جديد للمعرفة الإنسانية ))
لنسجل رأيا في السياق , نحن نلمس هنا واحدة من أكثر إشكاليات الفكر الغربي حدّة وظهورا , الفردية الطاغية على المشهد المعرفي , وشخصنة وفهرسة كل شيء , ومرّة جديدة نسجل ايجابية لفكر ماركس .
عند المعتزلة القضية المعرفية (ولو كانت دينية) , لا نهائية ومتطورة بمعنى أنها تنمو , وهي كذلك في الماركسية , وان بشكل لا ديني ومادي أيضا .
في الفكر الغربي , القضية معكوسة , بمعنى أن للقضية الفكرية دائما إحداثيات بمعنى فضاء نهائي , يمكن ويجب تحديده , رياضيات تقليدية .

نحن نقول بضرورة وضع أبجدية لا نهائية الحروف , لمتابعة وتوسيع فضاءات المنتجات المتتالية , وليس (الأثر أو الآثار) , العقلية الإنسانية .

خريف 2008

..


لا نزال نعالج هذا الكتاب الاسترتيجي ..
ونتمنى ان نتمم عملنا المنشور في عدة منتديات .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 30-01-2009, 10:50 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

مقدمة المترجم ..

_ كتاب ادوارد سعيد لا يدور على دقة تصور الغرب للشرق , بما هو فضاء جغرافي ثقافي متميز , وصحته .
بل انه , كما قلت , لا يدور على الشرق _ بل انه لينفي وجود الشرق .
انه كتاب عن الغرب وإشكالاته الفكرية , والخلخلة الجوهرية في ثقافته , والمفارقات الضدية الأساسية التي تقوم فيما بين ما يعتبره مبادئ لتطوره الحضاري , والبحثي , والعلمي وبين الطريقة التي يعاين بها الآخر _ حين يكون هذا الآخر الشرق _ وحين تتم هذه المعاينة في إطار القوة والفوقية والسلطة _ وهي طريقة تبدو خالية من أي من هذه المنطلقات الأساسية لحضارة الغرب , خاضعة لا للفكر النقدي الذي يمارسه الغرب في فهم ذاته , بل لفكر آخر مصدره الإنشاء الاستشراقي المتشّكل المتصلب والذي تأسس في إطار معطيات ومنطلقات أخرى غير المنطلقات الأولى , منطلقات لا يمكن أن تكون الأولى أو تنبع منها لأن الظاهرة التي تتناوله مختلفة , والشروط التي يتم فيها التناول مختلفة أيضا , والعلاقة التي تتشكل بين المعاين (بكسر الياء) وبين المعاين (بفتح الياء) ( الذات _ الذات في الحالة الأولى / والذات _ الآخر في الحالة الثانية) مختلفة جوهريا أيضا في الحالتين .

_ لا يمكن أن يكون التمثيل الغربي للشرق على غير ما هو عليه .
لأن الشروط التاريخية والاقتصادية والثقافية والفكرية التي صنعته هي ما هي . ثمة حتمية تاريخية تحكمه , وتحكم حتى مفكرين من طراز ماركس فيه , وما يتضمنه هذا القول هو أن تغيّر هذا التمثيل هو أيضا خاضع لحتمية تاريخية :
أي أنه مشروط بتغيرات جذرية في بنية الغرب , وفي علاقة القوة والسلطة القائمة بينه وبين الشرق .

( مرة جديدة نسجل عودة للأبجدية الماركسية الفعالة) . المجموعة

_ يطرح ادوارد سعيد منظومة أساسية هي أن الشرق "كيان مشكّل مكون" , لا حقيقة من حقائق الطبيعة , وأن مفهوم وجود فضاءات جغرافية , ذات سكان محليين , مختلفين جذريا ويمكن تحديدهم على أساس ديني أو ثقافي أو عرقي خاص ومتّسق مع ذلك الفضاء الجغرافي هو مفهوم قابل للنقاش المطول .
بيد أن ما لا يقرره كتاب سعيد بوضوح هو أن الغرب , من المنطلق نفسه , هو "كيان مشكل مكون" أيضا .
ولا يحجب هذه الحقيقة سوى غياب منظور خارجي لمعاينة الغرب وكون الغرب , حتى الآن , هو صاحب المنظور الفعلي الوحيد في دراسة ذاته . أي أن الغرب بحاجة إلى معاينة باعتباره كيانا مشكلا . ولعل بين أهم ما قدمته الماركسية أنها حاولت أن تشكل منظورا لمعاينة الغرب لا في إطار كونه "غربيا" , بل في إطار تجسيده لمرحلة معينة من تطور علاقات الإنتاج تتجسد فيها لا وحدانية الغرب وأحاديته وتناسقه , بل انشراخه وانقسامه على ذاته وضمن ذاته .
لكن كون كلا الشرق والغرب كيانا مكونا يعجز عن إلغاء الميل إلى التصنيف الجغرافي ( الذي يبدو ظاهرة تنتمي إلى بنية العقل الإنساني ) بدليل أنني في اللحظة التي انفي فيها وجود الغرب استخدم ضمير الهاء المفرد الغائب للحديث عنه : ذاته نفسه , وان ادوارد سعيد في كثير من المواضع يتحدث عن الشرق بالطريقة نفسها , كما يتحدث لمرة واحدة على الأقل عن "الثقافة الشرقية" , بدلا عن "الثقافات الشرقية" .

(ارتباط الجغرافيا ببنية العقل "الإنساني" , حقيقة فكرية لا يمكن تجاوزها وان كان يصعب تعليلها أو تفسيرها أو "قولبتها" , وهي هنا تشكل اندفاعه للفكر القومي الجغرافي , وعائق للفكر الشيوعي الكوني , وهي بالضرورة ليست صح أو غلط , بل طبيعة إنسانية) . المجموعة

_ إن قدرة الغرب على تجاوز أزماته المستمرة منذ ديكارت حتى اليوم , على الأقل , أي منذ تبلور أزمة مركزية الإنسان أو الإله في الطبيعة , تنبع , في تصوري , من امتلاك هذا الوعي النقدي الضدي . ولعل خطر تصور الخصوصية الأول هو أنه يميل في شروط تاريخية معينة على الأقل إلى تعمية هذا الوعي الضدي أو طمسه إذا وجد , لصالح الهوية الموحدة والتركيب المتناسق المتناغم , أو تأكيد صلابة الخصوصية وتماسكها .
إذ تبدأ الخصوصية بالبحث عن الكلية والشمولية , وترفض أي مفهوم لإمكانية وجود انشراخات داخلية في "الكل" الذي هو "الماضي _ التراث _ الأمة" , وتميل الخصوصية أيضا إلى البحث عن الصفاء , عن الماهية الصافية للذات , وإذ يقترن تأكيد الكليّة بتأكيد الصفاء يبلغ خطر إلغاء الوعي النقدي الضدي ذروته وتكتسب الثقافة المؤسسة قدرة هائلة على القمع .
(هذه الفقرة وما يليها , من المترجم , تحتاج لنص موازي يلي) . المجموعة

_ أما الوعي النقدي الضدي فانه يفترض , مسبقا , نفي الصفاء والكلية , أو يتصور الكلية في إطار العلاقة الجدلية بين المكونات التي يتم تفاعلها عبر "النفي" لا عبر "التأكيد والتوثيق" .
ومن هنا فان انعدام الوعي النقدي الضدي في الاستشراق كان حصيلة لكونه "توثيقا إحاليا" , كما وصفه ادوارد سعيد , يعيد فيه النص الجديد توثيق سلطة النص القديم , وهكذا .

_ ف "الاستشراق" بما هو تجسيد لوعي نقدي ضدي غربي , ليس ظاهرة "شرقية" , بمعنى أن ليس عمل شرقي يهاجم الغرب .
وإنما هو تفجر من داخل الثقافة الغربية يمارس فاعليته الخلاقة على حيّز من هذه الثقافة بطريقة جلية ستؤدي في النهاية إلى إخصاب جديد لاستشراق من نمط جديد .

_ وقد يكون من نافل القول أو البديهي أن يقال : أن تطور اللغة مشروط بتطور الحضارة . لكن ما قد يكون أقل بداهة هو عكس هذه المقولة , والقول أن تطور الحضارة مشروط بتطور اللغة , بثورة لغوية , بتفجير للبعد اللغوي لعملية التغير والتطور الثقافية_الحضارية .
ولن يتم هذا التفجير , في تصوري , إلا بالمغامرة الرائدة , بالجرأة لا على نقل الفكر من العالم وحسب بل على اللغة أيضا , على بناها العميقة والسطحية , وعلى مكوناتها الصوتية , والمورفولوجية , والنظمية , جرأة تهدف في النهاية إلى انجاز جوهري هو توسيع اللغة .
وتوسيع اللغة ليس شرطا يخيف , بل انه شرط أساسي لتطور اللغة في مراحل الصدام الحضاري , شرط حققته العربية في عصر اصطدامها الأول بالحضارة العالمية , اليونانية والفارسية والهندية .
فقد كان المترجم العربي في تعامله مع اللغة أكثر جرأة على بنيتها ونظامها .
وقد يكون صعبا على التصديق الآن أن مصطلحات ومفاهيم بسيطة شائعة , حتى ضمن علوم أساسية كعلوم اللغة , كانت حين ظهرت , أي حين جرؤ المترجم العربي على اقتحام بنية اللغة وصياغتها , تمثل اختراقا للقوانين اللغوية الصارمة , وجرأة على الابتكار والتطوير .
(وهذه الفقرة أيضا , من المترجم , تحتاج لنص موازي يلي) . المجموعة

خريف 2008
..

م : انتهى الاقتباس من مقدمة المترجم , وبقي النص الموازي للفقرتين المشار إليهما أعلاه .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 31-01-2009, 01:04 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

يقول "المترجم" رأيا قابلا لانفعال حاد ..

(_ إن قدرة الغرب على تجاوز أزماته المستمرة منذ ديكارت حتى اليوم , على الأقل , أي منذ تبلور أزمة مركزية الإنسان أو الإله في الطبيعة , تنبع , في تصوري , من امتلاك هذا الوعي النقدي الضدي . ولعل خطر تصور الخصوصية الأول هو أنه يميل في شروط تاريخية معينة على الأقل إلى تعمية هذا الوعي الضدي أو طمسه إذا وجد , لصالح الهوية الموحدة والتركيب المتناسق المتناغم , أو تأكيد صلابة الخصوصية وتماسكها .
إذ تبدأ الخصوصية بالبحث عن الكلية والشمولية , وترفض أي مفهوم لإمكانية وجود انشراخات داخلية في "الكل" الذي هو "الماضي _ التراث _ الأمة" , وتميل الخصوصية أيضا إلى البحث عن الصفاء , عن الماهية الصافية للذات , وإذ يقترن تأكيد الكليّة بتأكيد الصفاء يبلغ خطر إلغاء الوعي النقدي الضدي ذروته وتكتسب الثقافة المؤسسة قدرة هائلة على القمع .)

(_ أما الوعي النقدي الضدي فانه يفترض , مسبقا , نفي الصفاء والكلية , أو يتصور الكلية في إطار العلاقة الجدلية بين المكونات التي يتم تفاعلها عبر "النفي" لا عبر "التأكيد والتوثيق" .
ومن هنا فان انعدام الوعي النقدي الضدي في الاستشراق كان حصيلة لكونه "توثيقا إحاليا" , كما وصفه ادوارد سعيد , يعيد فيه النص الجديد توثيق سلطة النص القديم , وهكذا .)

(_ ف "الاستشراق" بما هو تجسيد لوعي نقدي ضدي غربي , ليس ظاهرة "شرقية" , بمعنى أن ليس عمل شرقي يهاجم الغرب .
وإنما هو تفجر من داخل الثقافة الغربية يمارس فاعليته الخلاقة على حيّز من هذه الثقافة بطريقة جلية ستؤدي في النهاية إلى إخصاب جديد لاستشراق من نمط جديد .)

.........................................

قراءة بنية عقل المترجم , محاولة للتصالح معه , وصولا إلى بنية نص الكاتب , وفهمها , واستيعابها , وإعادة إنتاجها داخل العقل المتلقي , بما يشبهها في عقل الكاتب , وليس المترجم .

_ لا نميل إلى الاعتقاد بان الغرب تجاوز أزماته , ولسنا من القائلين بضرورة تصالح المجموعات البشرية مع أخطائها الجماعية .
بمعنى :
لم يتجاوز الغرب أزماته , (لنبقي تركيزنا على القرن الثامن عشر وما يليه) , ولم يراكمها أيضا , وإنما تركها بلا ضوابط , "اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا" , فجاءت النتائج سلبية . "وفكريا وثقافيا وأدبيا" , فجاءت النتائج عظيمة ولكن فردية شخصانية قلقة وسلبية .
ثم تطورت مناحي أزمة الغرب جميعها , باستثناء ومضات ذات صفة فردية , وعامة ومشتركة إنسانيا ( وهو ما توقعه ماركس إلى حد ما ) , تطورت إلى استعمارية تسويقية تبريرية , أو ما ورائية مبهمة عبثية .
(التبريرية الفكرية الفردية) طاغية في المنتج الفكري الغربي , وهي سلبية .
والفلسفة التبريرية , للمنتج الجماعي الغربي , حروب هتلر مثلا , أو بونابرت , وتداعياتها الفكرية المباشرة والمستمرة , وغير المباشرة وغير المعلنة والمستمرة أيضا .
(شكل من أشكال القلق السلبي)
يمكن ببساطة للإنسان الجماعي الألماني أو الفرنسي القول الصحيح إنسانيا : هو بونابرت , وهي فرنسا , ونحن فرنسيين , وهذا هو تاريخنا , وهو مجرد فعل إنساني انتهى .
منطق الدروس المستفادة من التاريخ الجماعي أو الإنساني , "بتبسيط" , ليس منطقا صحيحا , أو أرضية مستقرة لمنتج فكري إنساني سليم .
هو منطق تعليمي , يسقط كمنهج مدرسي فور تلقي التلميذ للمعلومة التي يمررها لعقله هذا المنهج , وليس المنهج نفسه .
الخلاصة :
كل "جيل" , ككل فرد , يجب أن يخوض التجارب الإنسانية المتكررة والواضحة والصحيحة والطبيعية , كما لو كان الفرد/الجيل الأول إنسانيا .
كل فنان يرغب في رسم امرأة , بعقله .
وكل إنسان يجب أن يلتقي بامرأة , بعقله .
وكل جيل نسبيا , يجب أن يخوض حروبه .
وكل جيل نسبيا يجب أن يعيد تعريف هويته وانتمائه .
هي هكذا طبيعة بنية العقل الإنساني الفردي والجماعي , تماما كالجغرافية الكامنة في هذه البنية .
نحن "نرفض" قول المترجم عن الغرب بأنه تجاوز أزماته بامتلاكه ل (( الوعي النقدي الضدي )) .
ونميل إلى القول : الغرب , لم يكترث فعليا بأزماته , لأسبابه , وإنما تجاوزها كلها عبر امتلاكه ل (( الوعي التبريري المتحرك )) .
ونعود هنا للالتقاء مع ادوارد سعيد , وليس مترجمه , في النظر إلى "الاستشراق" , في أعلى درجات توظيفاته "الواعية التبريرية المتحركة" :
((_ إلى (التضاد) الذي يظهّر "الغرب" معرفيا وحضاريا وإنسانيا

"الشرق" (( الضد )) , الذي يكسب "الغرب" (( الأصل )) , مزيدا من ال (( قوة وهوية (( .. ))

ونعود هنا إلى التعقيب الذي وضعناه :
((ما يهمنا قوله مبدئيا هنا أن "سعيد" استعمل حتى الآن مصطلح (الهيمنة أو السيطرة( بشكل موازي تقريبا لمصطلح (الاستعمار) , ومصطلح (التضاد) بشكل موازي تقريبا لمصطلح (العدو) , أو بصيغة ملطّفة قد نعتمدها (الخصم( . ))

هي إذن ومنذ ما بعد القرن الثامن عشر , وعي لحقيقة أوروبية استعمارية ملحة , تحتاج لإنتاج (وعي أوروبي جماعي تبريري متحرك) , يحتضن ويفلسف "الاستعمار" بتحويل "الآخر" الذي يجب "فقط استعماره" , إلى خصم إنساني , بمعنى "عدو وجودي" , يؤثر على القيم الإنسانية الأوربية الراقية , والتي هي بالضرورة ((القناع)) الأوربي الإرادي التبريري , للوعي بضرورة الاستعمار "للبقاء الاقتصادي" , وتبعية جميع مناحي الحياة له .
ولا يزال هذا المنطق الاستعماري الغربي , مستمرا بأساليبه نفسها , وتبريراته نفسها .
ولا يزال الإنسان الفرد الغربي , والجماعي الغربي , عاجزا عن تجاوز (بلوك الاستشراق) , بمعنى الآخر , بمعنى من يحتاج بإلحاح لاستعماره .

لنصل الآن إلى :
الرؤية المخادعة للمترجم في عملية ربط غرائبية مابين الخصوصية و الشمولية و " الماضي _ التراث _ الأمة " .
لنعيد الاقتباس :
((ولعل خطر تصور الخصوصية الأول هو أنه يميل في شروط تاريخية معينة على الأقل إلى تعمية هذا الوعي الضدي أو طمسه إذا وجد , لصالح الهوية الموحدة والتركيب المتناسق المتناغم , أو تأكيد صلابة الخصوصية وتماسكها .
إذ تبدأ الخصوصية بالبحث عن الكلية والشمولية , وترفض أي مفهوم لإمكانية وجود انشراخات داخلية في "الكل" الذي هو "الماضي _ التراث _ الأمة" , وتميل الخصوصية أيضا إلى البحث عن الصفاء , عن الماهية الصافية للذات , وإذ يقترن تأكيد الكليّة بتأكيد الصفاء يبلغ خطر إلغاء الوعي النقدي الضدي ذروته وتكتسب الثقافة المؤسسة قدرة هائلة على القمع )) .
ربما يجب تاريخ تطور الإنسان الغربي , في محطة حاسمة , هي مرحلة ما بعد الثورة الصناعية , من حيث أن هذا التطور الإنساني الخلاق , (( حطم مرّة واحدة والى الأبد كل خصوصيات الإنسان الغربي )) , تلك الخصوصيات التي شوهتها أصلا هيمنة الكنيسة الرومانية , بمعنى وضعتها على السندان , بلا حراك لمئات السنين , ثم جاءت مطرقة الثورة الصناعية الغربية , فهشمتها .
كل ما فعله (الفكر الغربي) , كان (( تبريرا )) لضياع و "فقدان" خصوصيات الجغرافية الغربية , وإسقاط هذا "الفقدان" الخطير بل والكارثي على بنية العقل الغربي ما بعد الثورة الصناعية .
وكان أيضا محاولات لا تزال (المترجم هنا مثالا مستنسخا وتلميذا حقيقيا لهذا الفكر) لنفي وجود خصوصيات ذات طبيعة ايجابية ( الماضي – التراث – الأمة ) , وتحطيمها .
والأخطر , "فلسفة استعمارية ممسوخة" , إنتاج الخصوصيات المغلقة والعدائية والعنصرية والتابعة , اليهودية مثلا , منتج استعماري استشراقي سلبي .
بل سنستخدم مصطلح المترجم هنا لوصف الخصوصية اليهودية (( انشراخات داخلية في الكل )) .
والقومية الكردية مثالا ثانيا , بربط هذه القومية بالعرق والجغرافية وعزلها منذ أكثر من ( سبعة آلاف سنة ) والى يومنا هذا , عن الجوار "الإنساني" المتشارك بالجغرافيا , سومريا كان وصولا إلى عربيا حاليا أو تركمانيا , من حيث صار الجميع في الجغرافيا (( غرباء وغزاة )) , وعبر هذا الزمن الإنساني الطويل كله .
طبعا في مقدمة المترجم نلمس بوضوح , سلبية نظرته للثورة الإيرانية , تماشيا مع محاولات الفكر الغربي "وقتها" , تحطيم وتشويه , ثورة إنسانية حقيقية , لها ما لها وعليها ما عليها , عن طريق وصفها بالشمولية , والسعي إلى الصفاء , عن طريق القمع .
ولكن هذا ليس محور انفعالنا هنا .

مسخ قيم إنسانية من صلب بنية العقل الإنساني , التراث , الماضي , الأمة , هو ما يثيرنا فكريا وإنسانيا .
وربطها بالشمولية والصفاء السلبي وتحويلها إلى فلسفة قمع وإلغاء .
لنا عودة إلى ايجابية وتظهير أهمية ( التراث , الماضي , الأمة )

لنعيد الاقتباس :
(_ ف "الاستشراق" بما هو تجسيد لوعي نقدي ضدي غربي , ليس ظاهرة "شرقية" , بمعنى أن ليس عمل شرقي يهاجم الغرب .
وإنما هو تفجر من داخل الثقافة الغربية يمارس فاعليته الخلاقة على حيّز من هذه الثقافة بطريقة جلية ستؤدي في النهاية إلى إخصاب جديد لاستشراق من نمط جديد .)
نحن بررنا رفضنا لمصطلح "نقد ضدي غربي واعي " وقدمنا المصطلح البديل (وعي أوروبي جماعي تبريري متحرك) .
لنعيد التأكيد بتعبير آخر , الماركسية "تمتلك" قدرات نقدية , وبقية منتج الفكر الغربي , والفكر الغربي نفسه , "لا يمتلك" قدرات نقدية , (يمتلك قدرات تبريرية) .
والمترجم يعبّر هنا بوضوح عن المأزق الفكري الغربي الأكاديمي :
فكر حطمته الماركسية فعلا , وفقد نقاط الاستناد الدفاعية , "الماضي والتراث والأمة" , فقفز إلى الخداع الفكري , والمنطق التبريري , وساحات الصراع الفكري البديلة , وكل ذلك بسبب النزعة الاستعمارية في ( بنية العقل الغربي الجماعي ) , الكسول والاستهلاكي , لأسبابه .

سنحدد لكتاب ادوارد سعيد ساحة رؤية , "تتعارض تماما" مع رؤية المترجم , وتقول :
كتاب الاستشراق ليس تفجر من داخل الثقافة الغربية , ولا علاقة له بالوعي النقدي الضدي الغربي .
الاستشراق هو رؤية شرقية لمشهد فكري غربي استعماري , بتعابير لا بد وان تكون واضحة في النص الانكليزي .
( نشر في فصلية الكرمل نقد هام لترجمة وتعريب كتاب الاستشراق , ومصطلحات المترجم , قد نبحث عنه ونعود إليه مستقبلا إذا دعت الحاجة ) .

اقتباس أخير :
_ في مقدمة المترجم هذه الجملة المفتاح لفهم الترجمة والنص الأصلي "السعيدي" عبرها :
)) معرفة تغدو _ حين تتم في سياق القوة والسلطة سياسيا واقتصاديا وثقافيا – إنشاء يدّعي لنفسه مقام الحقيقة , ويحجب بشكل مطلق حقيقة كونه تمثيلا لا أكثر , حقيقة كونه يجسّد وعي الذات للآخر أكثر مما يجسد الآخر , إنشاء ذا طاقة مولدة للذات تفعل ضمن شروط نابعة من الذات المعاينة بالدرجة الأولى , ثم من الآخر , موضوع المعرفة , بدرجة ثانية أو ثالثة )) .

لنوضح مجمل ما سبق بالقول ..
لقد قادتنا مقدمة المترجم , ومقالات عن الكتاب والترجمة , إلى اعتبار الترجمة إلى العربية , تمت وفق منطق فكري غربي تبريري طاغي , وتحت سقف المنهج العقلي الغربي الأكاديمي الاستعماري في بنيته العقلية السلبية .
وان الكاتب نفسه , وان كان عقليا من قلب هذه البنية الفكرية "الثقافية" الأكاديمية الغربية , إلا انه يتمتع ببنية عقلية فردية شرقية طاغية , ايجابية .

خريف 2008
..







 
رد مع اقتباس
قديم 02-02-2009, 10:31 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

يقدم المترجم هنا رأيا تدميريا ..

((_ وقد يكون من نافل القول أو البديهي أن يقال : أن تطور اللغة مشروط بتطور الحضارة . لكن ما قد يكون أقل بداهة هو عكس هذه المقولة , والقول أن تطور الحضارة مشروط بتطور اللغة , بثورة لغوية , بتفجير للبعد اللغوي لعملية التغير والتطور الثقافية_الحضارية .
ولن يتم هذا التفجير , في تصوري , إلا بالمغامرة الرائدة , بالجرأة لا على نقل الفكر من العالم وحسب بل على اللغة أيضا , على بناها العميقة والسطحية , وعلى مكوناتها الصوتية , والمورفولوجية , والنظمية , جرأة تهدف في النهاية إلى انجاز جوهري هو توسيع اللغة .
وتوسيع اللغة ليس شرطا يخيف , بل انه شرط أساسي لتطور اللغة في مراحل الصدام الحضاري , شرط حققته العربية في عصر اصطدامها الأول بالحضارة العالمية , اليونانية والفارسية والهندية .
فقد كان المترجم العربي في تعامله مع اللغة أكثر جرأة على بنيتها ونظامها .
وقد يكون صعبا على التصديق الآن أن مصطلحات ومفاهيم بسيطة شائعة , حتى ضمن علوم أساسية كعلوم اللغة , كانت حين ظهرت , أي حين جرؤ المترجم العربي على اقتحام بنية اللغة وصياغتها , تمثل اختراقا للقوانين اللغوية الصارمة , وجرأة على الابتكار والتطوير .
(وهذه الفقرة أيضا , من المترجم , تحتاج لنص موازي يلي) . المجموعة )) .

لنلاحظ أولا المصطلحات التالية :
تفجير اللغة , المغامرة الرائدة , توسيع اللغة , بناها العميقة , الصدام الحضاري ..!!

الاستعمار ليس مؤامرة , وليس طبيعة حضارية أيضا .
هو الشكل الغربي "للحل الأسهل" لثلاثية الثورة الصناعية الثابتة : المواد الأولية , الأسواق , البيئة الآمنة "المستقرة" .
فلسفة هذا "الحل" ( تبرير الاستعمار ) لم تتوقف عند حدود معينة بل تجاوزتها إلى بنية العقل الغربي وإعادة تشكيلها استعماريا , وما هو أوسع من ذلك , تشكيلها إنسانيا .
في العمل الأكاديمي المستمر والمتواصل غربيا , وهو "عمل ثقافي" , بمعنى السوية الأقل من "العمل الفكري" , لسبب , العمل الثقافي يهدف إلى , أو يسعى إلى جواب على سؤال , ولو كان السؤال يتراوح بين , ما هو الحب ..؟؟ , وصولا إلى , ومن هو الله ..؟؟ .
أما العمل الفكري , فينطلق من جواب , أو تعريف , أو إحساس , فطري أو غريزي أو بسيط , ويتوسع أو ينمو إلى أسئلة معقدة , أنا حر , ما هي الحرية ..؟؟
إذا العمل الأكاديمي الثقافي الغربي المتواصل والمستمر , بسبب استمرار وتواصل الاتجاه الاقتصادي الغربي , إلى اعتماد "الحل السهل" لثلاثية اقتصاده "الاستعماري" , واستمرارية إنتاج الهيمنة بمعنى الاستشراق أو الأمركة اللاتينية أو الأفرقة , فلسفة الاستعمار الجغرافية ..
كان لا بد أن تتطور "تبريريا" , من , القصور الإنساني الفيزيولوجي , لسكان المستعمرات , إلى القصور الحضاري , إلى القصور العقلي , وصولا إلى القصور الديموقراطي "راهنا" ..
ماذا يعني ذلك على الأرض :
الحاجة إلى الاعتراف بالآخر الذي يجب استعماره , واستمرارية الحاجة إلى إيجاد مبرر لهذا الاستعمار من ضمن الاعتراف .
وبتقدم الإنتاج الصناعي وتطوره , هذا المنتج الضاغط تسويقيا , ماديا وفكريا بتلازم , صار يحتاج إلى أسواق وإنسان أكثر وعيا , وأكثر حضارة , وتحت قبضة الإعلان والبعد التسويقي , تحول "الآخر" من "الخصم" إلى "العدو" ..
وتحول الإشعاع الحضاري الغربي , إلى صدام حضاري مع آخرين ..
هذه العملية الثقافية الأكاديمية الغربية المستمرة , امتدت إلى ما وراء الحاجات الاستعمارية , لتتقاطع مع تطور الخصم , وتقديم المزيد من الاعترافات الغربية , بهويته وتاريخه وتراثه وحضارته .
مع الإصرار وضغط الحاجة لإبقائه "تابعا" بطريقة ما , ثقافيا واقتصاديا ووعيا ..
فكان التحول المبكر والتمهيد المبكر للإشكالية الاستعمارية المسماة "حتمية صدام الحضارات" التي تظهر في فكر مترجمنا هنا , مبكرا قليلا ..
ولكن الغرب لم يكن موفقا في فلسفة حتمية هذا الصدام , ولم يكن موفقا إطلاقا في اختراع العدو الجديد , البديل الجديد , عن الفكر الماركسي الخلاق , والدولة الشيوعية الملحدة . والحقيقة أن ربط ماركس بالإلحاد , خداع ثقافي غربي رهيب .
تماما كالقول بخطر البديل الجديد , الإسلام , وعنوانه العريض والوحيد , الإرهاب .
والماركسية الملحدة , والإسلام الإرهابي , على التوالي , تم إخراجهما للعقل الغربي , ثقافيا , وفق المفهوم الوحيد , والأبجدية الوحيدة الممكنة , الدين .
وهذا دليل واضح على عدم قدرة الفكر الغربي ما بعد الثورة الصناعي , وما بعد تحطيم سلطة الكنيسة الرومانية , على خلق أبجدية إنسانية حقيقة , فكر غربي حقيقي .
فكان لا بد من العودة إلى البنية الدينية القديمة في العقل الغربي , واستخدام أبجديتها المتهالكة , لرسم صورة الخصم وتحليل أبعاد خطره على "قيم غربية" , هي في حقيقتها عنصرية بيضاء ذكورية دينية .

على الهامش ..
بمقدار ما تعرضت تاريخيا الفلسفة الاعتزالية , وقدراتها الفكرية الايجابية القادرة على النمو , وأبجديتها العقلانية المادية التحليلية والمرنة , إلى التشويه والاغتيال والقمع .
كذلك تعرضت الفلسفة الماركسية حاضرا ولا زالت .
وفي الحالتين الإنسانيتين الاستثنائيتين , كان العقل وليس الدين هو المستهدف .
المعتزلة والماركسيين , اعتمدوا في صراعهما العقلاني الفكري , على العقل , وإعادة تحفيز أو توليد ذاتيه , لبنية عقل وقف على حدود مقدس , وقوفا قسريا .
وخصومهما , اعتمدوا على سلطة النص (الديني أو الفكري) وبنية العقل القديم , لتوليد مثبتات ذاتيه , تحول المقدس إلى مقدس متحرك , يمنع العقل الجماعي وعمليا , من أي قابلية للنمو والتوسع .
وبالرغم من سقوط الدولة الشيوعية , إلا أن الحرب لم ولن تتوقف على الماركسية الفلسفية , لأنه صراع وجود بين فلسفة تعيد العقل الغربي إلى واقعية تجبره على مواجهة ذاته ونقدها , وهو ما سيعني انهيار سلطة الاقتصاد الاستعماري على الداخل الغربي والخارج معا .
وبالرغم من سقوط الدولة الإسلامية التي قمعت المعتزلين الأوائل , وأوقفت الحركة الاعتزالية في أوج انفعالها وفاعليتها , إلا أن الحرب على الاعتزال لا تزال مستمرة , لأن الفلسفة الاعتزالية لا تدعو إلى "مقدس" خاص بها , بل تقود العقل الجماعي الإسلامي , إلى تحطيم أصنام مقدسه الأكثر تأثيرا وقدرة على فرض (سلطة وهيمنة) المؤسسة الإسلامية الدينية "الملحدة " عمليا .

لنعود إلى مصطلحات المترجم ..
تفجير اللغة , المغامرة الرائدة , توسيع اللغة , بناها العميقة , الصدام الحضاري ..!!
من البديهي القول أنها تحمل قلقا نفسيا حادا , غربيا , من أهم منتجات العقل الشرقي الخصم , اللغة العربية .
هذه اللغة التي تختزن أبجدية فلسفية توحيدية إنسانية عليا , وتاريخا إنسانيا فكريا حقيقيا متقدما دائما عن معاصريه .
وتختزن بالتالي مقوما قوميا شديد التماسك , نهائي الصيغة , واضح المعالم , مكتمل .
ويمتد على جغرافية مستمرة , تدخل في صلب بنية عقل الإنسان الناطق والمختزن والمولد والمتأثر و (الدائم الانفعال) , بهذه اللغة العربية .
اللغة العربية لا تزال تمتلك حيوية ولادتها , في لحظة ولادتها .
لذلك هي دافع قومي حقيقي , دائم الحضور ودائم التأثير , لا يمكن إحباط تأثيره , وتشويه ملامحه . وعكس اتجاهه .
المترجم هنا يعكس القلق الحقيقي للثقافة الاستعمارية الغربية , من قدرات اللغة العربية , والقرار المعتمد غربيا , بضرورة تحطيم اللغة العربية , عن طريق تطويرها بمبررات ايجابية , لضمان ((الهيمنة والسيطرة)) الغربية الاستعمارية على الإنسان العربي لغويا .
تطوير اللغة العبرية مثلا , قاد إلى تحويل كل التراث اليهودي إلى مسخ , وقاد بدوره إلى تحويل الإنسان اليهودي إلى "منتج استعماري" .
وشيء يشبه حدث للغة الكردية , قاد إلى انغلاق تراث إنساني عظيم على نفسه , وتحوله إلى "أداة استعمارية" تآكل وتدمر , الأكراد أنفسهم أولا , والتراث والتاريخ والإنسان الكردي المستقبلي .

بالعودة إلى كامل النص المقتبس أعلاه , وحتى لا نكرر نسخ النص هنا ..
صحيح أن اللغة العربية تطورت مع قيام العرب المسلمين بدورهم الحضاري في فترة اكتمال نمو البناء الإسلامي في الجغرافيا المحيطة , بجزيرة العرب .
ولكن هذا التطور كان توسيعا لمروحة ما يجب تسميته باستيعاب الآخرين في اللغة العربية , ولم يلامس أبدا (الجذر الفلسفي للغة العربية) الأعلى مرتبة من جميع المتجاورين معها , أو المنتمين الجدد إليها , والى ساحاتها ومساحاتها .
استيعاب اللغة العربية للتراث الفارسي على سبيل المثال , وهو الأقوى في زمنه من الجميع , (( كان حتميا وليس سلطويا )) , وجد الفرس في اللغة العربية متسعا لتراثهم وبدايات فلسفتهم , وفكرهم الجماعي , كانت اللغة الفارسية , ولا تزال , عاجزة عن امتلاك الجذر الذي يسمح "لضجيج" (ناتج عن الحراك الطبيعي الملح) العقل البشري المتماثل إنسانيا , في الإنسان الفارسي , الذي عجز , لأسبابه , عن الارتقاء بلغته في بيئته الجغرافية , إلى المستوى الذي يسمح له بالتعبير دائما وبسهولة , عن حراكه العقلي الفردي والجماعي .
إذا اليوم , يمكننا القول بسهولة , أن الدعوة إلى توسيع اللغة العربية , وفي مرحلة تاريخية معاكسة تماما , لقيام الدولة العربية الإسلامية , والفلسفة العربية الإسلامية , هو عمل فكري أوروبي غير مبرر , قد يلامس أحيانا حدود "المؤامرة الفكرية والإنسانية" , لضمان استمرارية السيطرة والهيمنة الغربية على الشرق العربي , وعلى المنتجات الاستعمارية الغربية في هذا الشرق والى جوار العرب , والأهم على الإنسان الغربي القلق تصاعديا (من ذاته) , بسبب وتيرة تلامسه واحتكاكه "القسري" بالعقل العربي (( المقاوم )) .

خريف 2008
..

م : لا بد من حديث انفعالي مشبوب بالأمل , عن اللغة العربية قبل الاستمرار .

..
_________________







 
رد مع اقتباس
قديم 03-02-2009, 12:05 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

سنعود إلى سمير أمين ..

سنأخذ منه إعادته مركز ثقل الفلسفة الإنسانية "الجغرافي" , من أثينا في بلاد اليونان , إلى "أثينا السمراء" , في إفريقيا , في بلاد الفراعنة "مصر" .
وتحديدا في مركز ثقل الأمة المصرية المستمرة إنسانيا , فراعنة وفرعونية , وصولا ارتقاءا إلى , عرب وعربية .
مركز ثقل الثنائية الأعلى ( الإنسان / اللغة ) , في بلاد مصر , هو ما صار يعرف اليوم وبانسجام قدري غريب (( القاهرة )) .

هناك الكثير من الشطط في الفكر العربي تاريخيا ومعاصرة , في تناول علاقة الفلسفة العربية بالفلسفة اليونانية ذات الجذور الأفريقية المصرية .
قد نمر في رحلتنا في العمق الفلسفي الاعتزالي الأنيق , على محطات رفض , لتأثير يوناني ما , في الفلسفة العربية الإسلامية .

ما يهمنا , هنا الانتهاء من "تصفية حساباتنا مع المترجم" , ومن ثم الإبحار في عقل المؤلف .

بالعودة إلى تثبيت مركز الثقل اللغوي العربي في ((القاهرة)) من جديد ..
بمعنى تثبيت , آليات الحركة الجغرافية الفلسفية في مسارها الإنساني , من القاهرة الفرعونية مرورا ببلاد اليونان .
والتركيز الشديد على أن ( بداية ) رحلة الفكر الإنساني الفلسفي قاطبة , كانت ودائما , من ما يعرف اليوم ( ببلاد عسير ) في جنوب غرب شبه جزيرة العرب .
أو ما يجب تسميته بجغرافية التوحيد العقلاني الإنساني الأول , باتجاه المركز الحضاري في مصر .
استمرار تدفق هذا الفكر التوحيدي كان دائما باتجاه (( القاهرة )) ولا يزال , فلسفيا عربيا وإسلاميا , ولغويا عربيا وإسلاميا .

لنعيد رسم ملامح هذا الطريق الجغرافي الفلسفي اللغوي العربي والإسلامي ..
_ نتمنى أولا , أن نكون أوضحنا إصرارنا على مركزية "مصر العربية" , في بقية القضايا التي نتناولها في كتاباتنا .
من حيث أنها ليست "الرحم الأم" وإنما "الحاضنة الأم" , للفكر الجغرافي العربي تاريخيا ومستقبلا .
_ نحن نقبل فكريا وافتراضيا , هنا ولغرض حرية الفكر فقط , القول بأن الفكر التوحيدي إنساني , ونقبل القول بأن الأنبياء فلاسفة , والكتب السماوية كتب فلسفية .
"تماما" كما نؤمن بان التوحيد والأنبياء والكتب , تنزيل الهي .
لأن لا معنى لفصل المسارين , تاريخية الدين أو تاريخية الفلسفة , من حيث أنهما مسميان معاصران لمنتج عقلي قديم , واضح , محدد رحمه الجغرافي , وبالتالي رحمه اللغوي , وبيئته الإنسانية .
علما أن كل العلوم الإنسانية المعاصرة , الغير متورطة بالأكاديمية الاستعمارية الاستشراقية الغربية موضوع البحث , تشير إلى قبول نهائي لجغرافية بلاد عسير , موطنا للفكر التوحيدي الإنساني "الأول والوحيد" , سواء كان وضعيا أو إلهيا .
وهو الفكر الذي اتجه بحركته الجغرافية إلى القاهرة , ثم أوروبا , وفي كل مراحل تدفقه وإشعاعه .

ونحن ذهبنا في دراسة تمهيدية انفعالية سابقة , إلى القول بان الدراسة العلمية الإنسانية الحرّة , (لشكل الحرف العربي) , ومقارنته ببقية الأبجديات الإنسانية السابقة والتالية , المتجاورة والبعيدة , تشير بوضوح إلى (كائن حرفي عربي حي متحرك) , وأعلى قيمة وعمق وغنى , وجمالية رؤيوية , وحضور أنيق , بما لا يقارن .
ونحن نقبل القول بان هذا الحرف منتج عقلي بنيوي عربي إنساني متقدم , وأساسي , لبناء "الإنشاء" الفلسفي الإنساني الأول .
ولكننا نؤمن بأن الحرف العربي ( ومن بيئة اعتزالية تصوفية ) هو الوحي الإلهي , الذي قاد العقل العربي إلى اكتمال مفهوم التوحيد والأنبياء والرسالات .
نريد أن نقول بوضوح هنا رأيا تصوفيا لا يغير في واقع التناول العلمي للنصوص وتداعياتها بأن :
الوحي الإلهي جماعي , وقع في العقل موقع الحرف , والأنبياء بذلك ناطقين فرديين بلسان الجماعة , والكتب تجميع الحرف في النص , الوحي في النص .
نتوسع في الأعماق الاعتزالية التوحيدية المطمئنة مستقبلا .

نعود إلى حاضرنا وأبجديتنا الإنسانية الوضعية ..
لا تمتلك لغات أوروبا المعاصرة كلها العمق الفلسفي اللازم لإنشاء بناء فلسفي أوروبي مستقل , بل هو مجرد إنتاج للفلسفة العربية التوحيدية , والعربية الإسلامية تاليا , أو علم اجتماع غربي .
وحدها اللغة الألمانية تمتلك "بدايات" , هي في واقع الحال , ما يساعدنا على فهم الخصوصية الألمانية في :
الفلسفة
القومية
الموسيقى

ولا بد من الإشارة إلى , أثر العمق التوحيدي الديني الأرثوذكسي , وموطنه الأول "بلاد عسير" , في اللغة الروسية , والذي ظهر جليا في الأعماق الإنسانية المتقدمة للأدب الروسي , على بقية الأدب الغربي .

في حين أن بقيّة حضارات العالم القديم والحديث , كلها , (قاصرة تماما توحيديا) , وضائعة بين حدود فلسفية "ثنائية" , أو ديني وضعي مادي سطحي , بمعنى "القيم الأخلاقية" .

وحده الفن التشكيلي , كان يحتاج لأبجدية إنسانية فطرية بمعنى نفسية وليس فلسفية , لذلك وجد فيه الفكر الغربي المتنفس الوحيد للتعبير إلى ما لا نهاية عن "ضجيج" الفكر الغربي الإنساني .
ولكن هذا التعبير , قاد إلى إيضاح قلق وفراغ ويباس الإنسان الغربي , واتجاهه النفسي الفردي والجماعي , إلى الغموض والانغلاق والفردية والخصوصية , والميل الغريب إلى فكرتي الانتحار الفردي والجماعي .
وهذه الوضعية الإنسانية الغربية , في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية , قادت الفكر الغربي إلى إنتاج ثقافة استعمارية استهلاكية آنية وقصيرة النظر (تماما كالمشهد السياسي الغربي العالمي اليوم) .
وتطور غير متماسك في ثقافة التبرير والتدوير والخداع والتمويه , أوصل الإنسان الغربي إلى هذا المشهد المعاصر , مستهلك قلق خائف صامت وعديم الخيال .
ولو اتجه الفكر الغربي بعد الثورة الصناعية إلى ترميم اللغات , وتعميق أساسها الفلسفي , لكان تجنب الموت الحضاري الحتمي .
المتنورين الغربيين جميعهم يقولون ذلك .

خريف 2008

..







 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009, 01:32 AM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
د.مصطفى عطية جمعة
أقلامي
 
إحصائية العضو







د.مصطفى عطية جمعة غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

أخي الحبيب / زياد هواش
تحياتي إليك
رائع أنت في هذا العرض الشيق لإدوارد سعيد وسمير أمين ، والأجمل أنك عرضته بشكل متتابع ، عرفنا منه أزمة الغرب في تعامله وفي نظرته إلى الشرق .
دعني أقدم عميق شكري إليك
وإلى جهدك الخلاق .
أخوك
د. مصطفى عطية







 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009, 11:43 AM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

2

الجغرافيا التخيلية وتمثيلاتها :
شرقنة الشرق

الاستشراق , بتحديد دقيق , ميدان من ميادين الدراسة المتفقهة . وفي الغرب المسيحي يؤرخ لبدء وجود الاستشراق الرسمي بصدور قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312 بتأسيس عدد من الكراسي الأستاذية في " العربية , واليونانية , والعبرية , والسريانية في جامعات باريس , وأكسفورد , وبولونيا , وافينيون , وسلامانكا . " (18)

أما الاستشراق فإنه حقل ذو طموح جغرافي وافر . وما دام المستشرقون تقليديا قد شغلوا أنفسهم بالأشياء الشرقية (فالمختص بالفقه الإسلامي , تماما كالمختص باللهجات الصينية أو بالديانات الهندية , هو مستشرق في عرف من يسمون أنفسهم مستشرقين ) فان علينا أن نتعلم كيف نتقبل حجما هائلا لا متمايز الملامح بالإضافة إلى مقدرة تكاد تكون لا نهائية على التقسيم التفريعي بوصفها إحدى الخصائص الرئيسية للاستشراق وهي خصيصة متمثلة بجلاء في جمع الاستشراق المشوش بين الغموض الإمبراطوري والجزئية الدقيقة .

لقد كان المستشرقون الجامعيون ذوي اهتمام رئيسي بالمرحلة الكلاسيكية لأية لغة أو مجتمع حدث أن درسوه . ولم تول الدراسة الجامعية للشرق الحديث أو الفعلي اهتماما ذا شأن حتى فترة متأخرة من القرن التاسع عشر , باستثناء بارز وحيد هو معهد مصر الذي أسسه نابليون .
وعلاوة على ذلك , فان الشرق الذي تمت دراسته كان , بشكل عام , كونا نصّيا .
فقد جاء وقع الشرق عبر الكتب والمخطوطات لا عبر مصنّعات محاكية مثل النحت والخزفيات , كما كان انطباع اليونان على عصر النهضة .
بل كان حتى التواشج بين المستشرق والشرق نصّيّا , وقد بلغ ذلك حدا يقال معه عن بعض المستشرقين الألمان في أوائل القرن التاسع عشر إن رؤيتهم الأولى لتمثال هندي ذي ثمانية أذرع كانت كافيه لشفائهم شفاء مطلقا من ذوقهم الاستشراقي .

وعندما كان مستشرق متفقّه يسافر في البلد موضوع تخصصه , فقد كان ذلك دائما يتم في سياق مبادئ حكمية مجرّدة راسخة تتعلق "بالحضارة" التي كان قد درسها .
وندر أن كان المستشرقون على اهتمام بشيء سوى البرهان على سلامة هذه "الحقائق" البالية بتطبيقها , دون نجاح باهر , على سكان أصليين لا يفقهونها , ولأنهم لا يفقهونها فقد كانوا منحطين .

إن احتمال أن يسمى المستشرق نفسه مستشرقا اليوم اقل مما كان عليه في أي وقت آخر حتى الحرب العالمية الثانية تقريبا .

ذلك أنه حتى أعظم أسم في الدراسات الإسلامية في العالم الانجلو_أمريكي , وهو اتش . أي . آر . جب , كان يفضّل أن يسمى نفسه "مستشرقا" على أن يسمي نفسه "مستعربا" .
وكان جب نفسه , وهو الكلاسيكي العريق , قادرا على استخدام العبارة الدخيلة البشعة "دراسات إقليمية" دلالة على الاستشراق بوصفها وسيلة لإظهار كون المصطلحين "الدراسات الإقليمية" و "الاستشراق" , في نهاية المطاف , عنوانين جغرافيين قابلين للتبادل .
إلا أن هذا , في اعتقادي , تعبير مشوّه عن علاقة أكثر تشويقا بين المعرفة والجغرافية .
وأود الآن أن أناقش هذه العلاقة بإيجاز .

إشارات :
(18) .. " وكان ا أهمية خاصة التشريع الحادي عشر الذي قضى بتأسيس كراس لتدريس العبرية , واليونانية , والعربية , والكلدانية في الجامعات الرئيسية . وكان صاحب هذا الاقتراح ريموند لل , الذي دعا إلى تعلم العربية بوصفه أفضل الوسائل لارتداد العرب (إلى المسيحية) .
ورغم أن التشريع بقي دون تأثير تقريبا لندرة معلمي اللغات الشرقية , فان قبوله يشير إلى نو الفكرة التبشيرية في الغرب .
وقد كان غريغوري العاشر أمل قبل ذلك بارتداد المغول (إلى المسيحية) , كما كان الأخوة الفرنسيسكان قد توغلوا إلى أعماق آسيا في حماستهم التبشيرية .
ومع أن هذه الآمال لم تتحقق , فان الروح التبشيرية تنامت" .

..

8/11/2008

..
_________________







 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009, 11:48 AM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

2

الجغرافيا التخيلية وتمثيلاتها :
شرقنة الشرق

يعقل جدا أن يطرح المرء منظومة تقول أن بعض الموجودات المتميزة عن غيرها هي من نتاج العقل وصنعه , وإن هذه الموجودات لا تمتلك سوى واقعية اختلاقية فيما تبدو وكأنها موجودة وجودا موضوعيا .
إن جماعة من البشر تعيش على بضعة هكتارات من الأرض ستقيم حدودا بين أرضها ومحيطها المباشر وبين ما هو خارج عن ذلك , وتسمي ما يقع عبر حدودها "أرض البرابرة" .
وبكلمات أخرى , إن هذه الممارسة الكونية , أي تحديد مجال مألوف في ذهن المرء يسمّى مجال"نا" , ومجال غير مألوف خارج مجال"نا" يسمّى مجال"هم" , هي طريقة في خلق مجالات جغرافية يمكن أن تكون مطلقة الاعتباطية .
وأنا أستخدم كلمة "اعتباطية" هنا لأن الجغرافيا التخيّلية من نمط "أرضنا_أرض البرابرة" لا تشترط أن يعتبر البرابرة أنفسهم بهذا التميز , بل يكفي ل"نا" نحن أن نقيم هذه الحدود في أذهاننا , وفي هذه الحال يصبح "هم" "هم" بمقتضى ما نفعله نحن , وتحدّد كلتا أرضهم وعقليتهم بأنهما مختلفتان عما "لنا" .

والى حد ما , تبدو المجتمعات الحديثة والبدائية وكأنها , هكذا , تشتق الشعور بهويتها بطريقة سلبية .

فقد كان ممكنا جدا لآثيني في القرن الخامس أن يشعر بأنه ليس بربريا بقدر ما كان يشعر , ايجابيا , بأنه آثيني .
وتواكب الحدود الجغرافية الحدود الاجتماعية , والعرقية , والثقافية بطرق متوقعة .

ذلك أنه ما من شك في أن الجغرافيا والتاريخ التخيليين يساعدان العقل على أن يزيد إحساسه بذاته حدة وتوترا عن طريق تحديد المسافة والفرق بين ما هو لصيق به وما هو قصيّ عنه .

بيد انه ليس ثمة من جدوى في أن نتظاهر بان كل ما نعرفه عن الزمان والمكان , أو بالحري عن التاريخ والجغرافيا ,هو تخيلي أكثر من أي شيء آخر . إذ ثمة أشياء فعلية كالتاريخ الايجابي والجغرافيا الايجابية اللذين حققا انجازات ضخمة في أوروبا والولايات المتحدة .
والباحثون الآن يمتلكون بحق قدرا أكبر من المعرفة بالعالم , ماضيه وحاضره , مما عرفوا , مثلا , في عصر غيبّون .
لكن هذا لا يعني أنهم يعرفون كل ما تمكن معرفته , أو أن ما يعرفونه _وذلك أكثر أهمية_ قد نفى نفيا فعّالا المعرفة التخيلية , الجغرافية والتاريخية , التي ما فتئت أناقشها .
وليس ثمة حاجة الآن لمناقشة ما إذا كان هذا النمط من المعرفة التخيلية يفعم التاريخ والجغرافيا أو يطغى عليهما ويثقلهما .
دعنا نقل , للّحظة الحاضرة فقط , إن هذه المعرفة قائمة كشيء اكبر مما يبدو أنه مجرد معرفة ايجابية .


يبد انه , فيما يخص الإسلام , كان الشعور بالخوف _إن لم يكن دائما بالاحترام_ الذي أحسته أوروبا , طبيعيا مسوّغا .
فبعد وفاة محمد عام 632 م , تنامت سيطرة الإسلام العسكرية في البدء , ثم الثقافية والدينية , تناميا هائلا .
وسقطت فارس , وسوريا ومصر أولا , ثم شمال أفريقية , في أيدي الجيوش الإسلامية .
وفي القرنين الثامن التاسع فتحت اسبانيا ,وصقلية , وأجزاء من فرنسا .
وبمجيء القرنين الثالث عشر والرابع عشر كان حكم الإسلام قد توغل شرقا حتى الهند , واندونيسيا , والصين .
وفي مواجهة هذا الاجتياح الفائق لم يكن في وسع أوروبا أن تقدم استجابة سوى الخوف والشعور بالرهبة .
ولم يكن لدى المؤلفين المسيحيين , الذين شهدوا الفتوحات الإسلامية , غير اهتمام ضئيل بعلم المسلمين , وثقافتهم العالية , وجلالهم في كثير من الأحيان , هؤلاء المسلمين الذين كانوا , كما وصفه غيبون : "معاصرين لأكثر الأحداث الأوروبية ظلاما وخمولا " .
وكان الشعور النمطي لدى المسيحيين حول الجيوش الشرقية هو أنهم " كان مظهرهم مظهر سرب من النحل , إنما بيد ثقيلة .... فقد خربوا كل شيء . "
هكذا كتب إرخمبرت , الذي كان رجل دين في مونت كاسينو في القرن الحادي عشر .
لم يصبح الإسلام رمزا للعرب , والدمار , وأفواج من البرابرة الممقوتين , بصورة اعتباطية .
فبالنسبة لأوروبا , كان الإسلام رجة مأساوية دائمة . وحتى نهاية القرن السابع عشر "الخطر العثماني" متربصا بأوروبا ممثّلا بالنسبة للحضارة المسيحية كلها تهديدا دائما .
ومع مرور الزمن امتصت الحضارة الأوروبية هذا الخطر وأحداثه العظيمة , وخبراته الموروثة , وشخصياته , وفضائله , ورذائله وحوّلته شيئا منسوجا في لحمة الحياة الأوروبية
.
والنقطة الدالّة هي أن ما ظل متداولا حول الإسلام كان صورة معدولة مصغّرة بالضرورة عن تلك القوى العظيمة الخطرة التي صار الإسلام رمزا لها في أوروبا .
ليس ثمة ما يثير الجدال أو يدعو إلى اللوم في مثل هذا التدجين للغريب المدهش , فهو يحدث بين كل الثقافات دون شك , وبين كل بني البشر .
لقد كان أحد الضوابط المقيدة التي أثرت على المفكرين المسيحيين الذين حاولوا فهم الإسلام ينبع من عملية قياسية , مادام المسيح هو أساس العقيدة المسيحية , فقد افترض _بطريقة خاطئة تماما_ أن محمد كان للإسلام ما كان المسيح للمسيحية .
ومن هذا التصوير الخاطئ وكثير غيره "تشكلت دائرة مغلقة لم يكسرها حتى مرة واحدة التخريج التخيلي .... فقد كان التصور المسيحي للإسلام متكاملا مكتفيا بذاته ."
وكأن أوروبا , بعد أن استقرت مرة على اعتبار الشرق موضعا ملائما لتقمّص اللانهائي في شكل نهائي , أصبحت عاجزة عن الإقلاع عن هذه الممارسة , ويصبح الشرق الشرقي , عربيا , مسلما , أو هنديا , أو صينيا , أو أيّا كان , شبه تقمصات زائفة تكرارية لأصل عظيم ( المسيح , أوروبا , الغرب ) يفترض أنهم كانوا يقلدونه .
ولم يتغير مع الزمن غير مصدر هذه الأفكار الغربية النرجسية الطابع , أما شخصيتها الأساسية فلم يطرأ عليها من تغير .
وهكذا نجد في القرنين الثاني عشر والثالث عشر تصديقا عاما لكون "الجزيرة العربية على حواشي العالم المسيحي ملجأ طبيعيا للهراطقة والعصاة " وأن محمدا كان مرتدا داهية ...

وينبغي أن يتذكر المرء من جديد أن جميع الثقافات تفرض تصويبات على الواقع الخام , محوّلة إياه من موجودات عائمة دون ضابط إلى وحدات للمعرفة .
ولا تكمن المشكلة في أن هذا التحويل يحدث بالفعل , إذ أنه طبيعي جدا أن يقاوم العقل الإنساني هجوم الغرابة التي لم تخضع لمعالجة بعد عليه , ولذلك فان الثقافات كانت تميل دائما إلى إخضاع الثقافات الأخرى لتحوّلات كاملة , متلقية إياها لا كما هي بل , من أجل مصلحة المتلقي , كما يجب أن تكون
.

لقد كان انجاز دانتي الحقيقي في الملهاة الإلهية انه جمع بسلاسة بين التصوير الواقعي العادي وبين نظام من القيم المسيحية كوني وسرمدي .
وهكذا فان كلاّ من الشخوص في رؤيا دانتي لا يمثل نفسه فقط بل إنه كذلك تمثيل نمطي لشخصيته وللمصير الذي خصّ به .
ويظهر "موميتو" _محمد_ في فصل (كانتو) 28 من الجحيم .
وقد وضع في الثامنة من دوائر الجحيم التسع .
ويشرح محمد مسببات عقابه لدانتي , مشيرا كذلك إلى علي , الذي يتقدمه في صف الآثمين الذين يشقهم الشيطان إلى نصفين ...
إلا أن هذا ليس كل ما لدى دانتي ليقوله عن الإسلام .
فقبل ذلك تظهر جماعة صغيرة من المسلمين في الجحيم .
ويقف ابن سينا وابن رشد , وصلاح الدين بين أولئك الوثنيين الفضلاء الذي يحصرون , جنبا إلى جنب مع هيكتور , واينياس , وإبراهيم , وسقراط وأفلاطون , وأرسطو , في الدائرة الأولى من الجحيم , ليقاسوا هناك اقل درجة ممكنة من العقاب (بل عقابا شريفا في الواقع) لأنهم لم يمنحوا نعمة الوحي المسيحي .
وتشكل تمييزات دانتي وإدراكه الشعري الصافي للإسلام مثلا على الحتمية الخططية بل الكونية (كوزمولوجية) تقريبا التي يصبح فيها الإسلام وممثلوه المعنيون مخلوقات أنتجها الفهم الغربي الجغرافي , والتاريخي , وفوق كل شيء , الأخلاقي , فالمعلومات التجريبية حول الشرق أو حول أي جزء من أجزائه لا تشكا إلا عاملا ضئيلا , وما هو هام وحاسم هو ما اسميه هنا الرؤية الاستشراقية , وهي رؤية لا تقتصر بأية حال على الباحث المحترف , بل إنها ملك مشترك لكل من فكر بالغرب والشرق معا .

خريف 2008

..

...................

على ضفاف النص :

_ هي هنا الرؤية التي نريد أن ترافقنا في تحديدنا لجغرافيت"نا" العربية .
رؤية إنسانية ايجابية خلاقة , تستند إلى (الحيوية اللغوية العربية المستمرة) , في عمق هذه الجغرافيا التي (حددتها اللغة العربية) وليس أي جوار جغرافي أو ثقافي أو لغوي , نحن لا يعنيا من هو جوار"نا" ....

_ وهنا أيضا الإصرار على (( رؤية الثقافة العربية الإسلامية )) , بروحها الايجابية , التي استقطبت , وامتصت , واستوعبت , وصهرت , وأعادت إنتاج (( رحم لغوي عربي جغرافي هائل )) , صار يعرف ولا يزال (( بالفلسفة العربية الإسلامية )) .

ما نريد تسجيله كنقطة استناد محورية ورئيسية في السياق التالي :
نحن لا نميل إلى القول بأن للعرب ( ثقافة عربية ) .
بل نرغب في شرح رؤيتنا التي تقول :
أن التراث العربي "قبل الإسلام" تراث لغوي إنساني توحيدي متقدم , "فلسفي فطريا" .
وان التراث العربي "بعد الإسلام" , ارتقى قسريا لغويا وفكريا , من (( ثقافة/فلسفة )) إلى (( فلسفة )) .

لنعيد الصياغة :
اللغة العربية لغة (( فوق ثقافية )) , هي لغة فلسفية , في مرحلة (( ما بعد الإسلام )) , ولا تمتلك هذه اللغة التي (( صارت قرآنية )) , القدرة على التراجع إلى الوراء , ولا يمكن أن تقدم باللغة العربية المعاصرة حتى , نصا ثقافيا بسيطا , هناك جذر لغوي فلسفي حقيقي طاغي جدا .

م : ما جاء بإيجاز عن النبي العربي محمد (ص) , وضعناه باختصار شديد لتوضيح صورة الإسلام تاريخيا في الغرب , كما أراد الكاتب أن يقول بتوسع من الصعب نقله حرفيا .

14/11/2008

..
_________________







 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009, 11:58 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

الجغرافيا التخيلية وتمثيلاتها :
شرقنة الشرق

الاستشراق , بتحديد دقيق , ميدان من ميادين الدراسة المتفقهة . وفي الغرب المسيحي يؤرخ لبدء وجود الاستشراق الرسمي بصدور قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312 بتأسيس عدد من الكراسي الأستاذية في " العربية , واليونانية , والعبرية , والسريانية في جامعات باريس , وأكسفورد , وبولونيا , وافينيون , وسلامانكا . " (18)


إشارات :
(18) .. " وكان ا أهمية خاصة التشريع الحادي عشر الذي قضى بتأسيس كراس لتدريس العبرية , واليونانية , والعربية , والكلدانية في الجامعات الرئيسية . وكان صاحب هذا الاقتراح ريموند لل , الذي دعا إلى تعلم العربية بوصفه أفضل الوسائل لارتداد العرب (إلى المسيحية) .
ورغم أن التشريع بقي دون تأثير تقريبا لندرة معلمي اللغات الشرقية , فان قبوله يشير إلى نو الفكرة التبشيرية في الغرب .
وقد كان غريغوري العاشر أمل قبل ذلك بارتداد المغول (إلى المسيحية) , كما كان الأخوة الفرنسيسكان قد توغلوا إلى أعماق آسيا في حماستهم التبشيرية .
ومع أن هذه الآمال لم تتحقق , فان الروح التبشيرية تنامت" .

..

8/11/2008







 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009, 12:12 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.مصطفى عطية جمعة مشاهدة المشاركة
أخي الحبيب / زياد هواش
تحياتي إليك
رائع أنت في هذا العرض الشيق لإدوارد سعيد وسمير أمين ، والأجمل أنك عرضته بشكل متتابع ، عرفنا منه أزمة الغرب في تعامله وفي نظرته إلى الشرق .
دعني أقدم عميق شكري إليك
وإلى جهدك الخلاق .
أخوك
د. مصطفى عطية

سيدي الفاضل ..

قد يكون كتاب ادوارد سعيد واحد من اهم ما كتب في القرن الماضي .

مع الامتنان لكريم مرورك وتشجيعك .

..






 
رد مع اقتباس
قديم 07-02-2009, 11:24 AM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: الاستشراق .. ادوارد سعيد .

3

مشاريع

بالنسبة لأوروبا كان الشرق , باستثناء الإسلام , حتى القرن التاسع عشر ميدانا ذا تاريخ مستمر من السيطرة الغربية لم تُتَحَدَّ.
ويصدق هذا بجلاء على التجربة البريطانية في الهند , وعلى التجربة البرتغالية في جزر الهند الشرقية , والصين , واليابان , وعلى التجربتين الفرنسية والايطالية في أقاليم مختلفة من الشرق .
إلا أن الشرق العربي والإسلامي , بشكل عام , كانا الوحيدين اللذين واجها أوروبا بتحدٍّ لم تجد له حلا على الأصعدة السياسية , والفكرية , ولزمن قصير , الاقتصادية أيضا .
فقد حمل الاستشراق في داخله , إذن , لمعظم تاريخه , سمة موقف أوروبي إشكالي بإزاء الإسلام , وحول هذا الجانب شديد الحساسية من الاستشراق سيتمحور اهتمامي في الدراسة الحاضرة .
لقد كان الإسلام , دون شك , استفزازا حقيقيا بطرق عديدة .
فقد كان قريبا من المسيحية قربا مقلقا جغرافيا وثقافيا
.
وقد استقى من التقاليد اليهو_هيلينية , واستعار بشكل خلاق من المسيحية , وكان بمقدوره أن يفاخر بنجاحات لا تنافس عسكريا وسياسيا .
بل إن ذلك لم يكن كل شيء .
فالأصقاع الإسلامية تقوم مجاورة للأصقاع التوراتية , بل حتى فوقها , وأكثر من ذلك , فان قلب المجال الإسلامي كان دائما ولا يزال الإقليم الأكثر قربا إلى أوروبا , وهو ما سمي بالشرق الأدنى , أو المشرق الأدنى .
والعربية والعبرية لغتان ساميتان , وهما معا تفرزان , وتعيدان إفراز , موادّ هي باستمرار ذات أهمية حيوية مسيحية .
ومنذ نهاية القرن السابع عشر حتى معركة ليبانتو عام 1571 كان الإسلام , في شكله العربي , والعثماني , أو شمال – الأفريقي والاسباني , قد طغى على المسيحية الأوروبية أو هددها تهديدا فعّالا .
ولم يكن ممكنا أن يغيب عن ذهن أي أوروبي , ماضيا أو حاضرا , كون الإسلام قد فاق روما إشعاعا وسما عليه .
ولم يكن حتى غيبون نفسه استثناء على هذه القاعدة , كما هو جليّ في المقطع التالي من الانحدار والسقوط :
( عنوان كتاب غيبون : انحدار الإمبراطورية الرومانية وسقوطها ) .
"وفي أيام نصر الجمهورية الرومانية كان هدف مجلس الشيوخ أن يقصر قادته وفيالقه على حرب واحدة , وأن يخمدوا عدوا أول إخمادا كاملا قبل أن يستثيروا عداوة آخر . وقد قوبلت هذه المبادئ الأساسية الهيّابة للسياسة بالازدراء من قبل الخلفاء العرب المليئين شهامة وحماسة . وقد غزا هؤلاء الخلفاء بنبض الحيوية نفسه , وبالنجاح نفسه , خلفاء أغسطس وارتاكسيركس , وأصبح الملوك المتنافسون في الوقت نفسه فريسة لعدو كانوا لزمن طويل جدا قد اعتادوا أن يحتقروه . وخلال عشر سنوات من حكم عمر , أخضع العرب لطاعته 36 ألف مدينة وقلعة , ودمروا أربعة آلاف كنيسة ومعبدا للكافرين , وشيدوا 1400 جامع لممارسة ديانة محمد . وبعد مئة سنة من هروبه من مكة , امتد نفوذ خلفاء محمد وسلطانهم إلى المحيط الأطلسي , عبر الأقاليم المختلفة والنائية ...... "

كان السبيل إلى الثروات الهندية (الشرقية) يقتضي دائما المرور أولا عبر الأقاليم الإسلامية , كما كان يقتضي تحمل التأثير الخطر للإسلام من حيث هو نظام من المعتقدات شبه آري .
وقد دخلت فرنسا وبريطانيا في حروب ثنائية في الهند بين 1744 و 1748 ثم بين 1756 و 1763 قبل أن يخرج البريطانيون , في 1769 متملكين للسيطرة الفعلية اقتصاديا وسياسيا على شبه القارة الهندية .
فأي شيء كان أكثر حتمية من أن يختار نابليون الاستمرار في مضايقته لإمبراطورية بريطانيا الشرقية بان يعترض أولا سبيلها الإسلامي , مصر ؟
ورغم أن غزو نابليون لمصر عام 1798 كان قد سبقه , مباشرة تقريبا , مشروعان استشراقيان رئيسيان على الأقل , فان هذا الغزو , ثم الاندفاعة القصيرة إلى سوريا كان لهما دون منازع الأثر العظيم في تاريخ الاستشراق الحديث .

كانت لجميع المشاريع الاستشراقية قبل نابليون خصيصة مميزة هي انه لم يكن ثمة إلا القليل مما يمكن القيام به مسبقا من أجل نجاح المشروع .
لكن نابليون لم يكن يهدف بالمقابل إلى ما هو أقل من أخذ مصر بكاملها , وكانت تجهيزاته السابقة للحملة ضخمة ومحكمة بصورة لا مثيل لها .
ورغم ذلك , فقد كانت هذه التجهيزات خططية إلى درجة التعصب وكانت _ إذا كان لي أن استخدم الكلمة _ نصّية .
وما يقصد ب "نصيا" هنا هو كون مصر شيئا قرأ المرء عنه وخبره عبر كتابات ثقات أوروبيين محدثين وكلاسيكيين .
وإدراج نابليون لعدد كبير من المختصين في حملته المصرية من الشهرة بحيث لا يتطلب تفصيلا في السياق الحالي .
غير أن ما قد يكون أقل شهرة هو اعتماد نابليون السابق على الحملة على دراسات كونت دو فولني , وهو رحالة فرنسي نشر كتابه رحلة إلى مصر وسوريا في مجلدين عام 1787 .
يقول نابليون أن فولني رأى أن ثمة ثلاث حواجز في وجه السيطرة الفرنسية في الشرق , وأن أية قوة فرنسية لا بد أن تحارب , لذلك , ثلاثة حروب : الأولى ضد انكلترا , والثانية ضد الباب العالي العثماني , والثالثة , وهي أكثرها صعوبة , ضد المسلمين .
ومنذ الظهور الأول لجيش فرنسا على الأفق المصري , بذل نابليون ما في وسعه من جهد لإقناع المسلمين ب "أننا نحن المسلمون الحقيقيون" بعبارات نابليون بونابرت في إعلانه يوم 2 تموز (يوليو) لسكان الإسكندرية
.ومتسلحا بفريق من المستشرقين (جالسا في سفينة القيادة المسماة "الشرق") استغل نابليون عداء المصريين للماليك والجاذبية التي حملتها الفكرة الثورية عن تساوي الفرص أمام الجميع , ليشن ضد الإسلام حربا فريدة في رقتها وانتقائيتها .
وكان ما ترك أعمق الأثر في نفس المؤرخ العربي الأول للحملة , عبد الرحمن الجبرتي , اعتماد نابليون على الباحثين ليديروا اتصالاته مع السكان المحليين .
ولقد حاول نابليون في كل مجال أن يبرهن أنه كان يحارب من اجل الإسلام , وقد ترجم كل ما قاله إلى عربية قرآنية ...
وحين أصبح واضحا لنابليون أن القوة التي يقودها لم تكن كبيرة بحيث تستطيع أن تفرض نفسها على المصريين , حاول أن يجعل الأئمة , والقضاة , ورجال الإفتاء , والعلماء , يؤولون القرآن بما يخدم مصلحة الجيش العظيم .
وتحقيقا لهذا الغرض , دعي أساتذة الزهر العلماء الستون إلى مجلسه , واستقبلوا استقبالا عسكريا رسميا , ثم منحوا فرصة أن يتمتعوا بإطراء نابليون وإعجابه بالإسلام وبمحمد , بإجلاله للقرآن , الذي بدا على إلفة تامة به .
وقد نجحت خطة نابليون , وسرعان ما بدا سكان القاهرة وكأنهم فقدوا ريبتهم بالمحتلين .

وصار (وصف مصر) النمط الأعلى لجميع الجهود التالية التي بذلت لتقريب الشرق من أوروبا , ومن ثمّ لامتصاصه نهائيا ثم _وهذا ذو أهمية مركزية_ إلغاء أو , على الأقل إخضاع , غرابته أو تخفيفها أو , في حالة الإسلام بالذات , إخضاع عدائيته وتخفيفها .
ذلك أن الشرق الإسلامي منذ الآن سيبدو فصلة تشير إلى قوة المستشرق , لا إلى المسلمين من حيث هم بشر أو إلى تاريخهم من حيث هو تاريخ .

في فكرة قناة السويس ذاتها نجد الخاتمة المنطقية للفكر الاستشراقي بل , وذلك أكثر تشويقا , للجهد الاستشراقي .
كانت آسيا ذات يوم قد مثلت بالنسبة لأوروبا النأي والاغتراب الصامتين , وكان الإسلام العدائية الهجومية بالنسبة للمسيحية الأوروبية .
لقد دمّر دوليسبس وقناته , أخيرا , نأي الشرق , وحميميته المتشرنقة بعيدا عن الغرب , وغرابته المدهشة الصلدة .

ففي عرف امبرياليين مثل بلفور , أو عرف أعداء الامبريالية مثل جّي. أي. هوبسن , فان الشرقي , الإفريقي , هو أحد أفراد عرق محكوم , ولا يحدد بصورة مطلقة بكونه يقطن منطقة جغرافية ما .
لقد أذاب دوليسبس الهوية الجغرافية للشرق بجرّ الشرق ( بالمعنى الحرفي تقريبا ) إلى داخل الغرب وبنفي تهديد الإسلام أخيرا
.

خريف 2008

..
_________________







 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:15 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط