|
|
منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
26-11-2007, 08:02 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
قراءة في قصة «أم دغش» لمجدي محمود جعفر
قراءة في قصة «أم دغش» لمجدي محمود جعفر بقلم: أ. د. حسين علي محمد ................................... قصة «أم دغش» هي إحدى قصص المجموعة الثانية لمجدي محمود جعفر، وقد صدرت عام (2002م) في سلسلة «إشراقات جديدة» التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويرأس تحريرها القاص الكبير عبد العال الحمامصي. وفي هذه المجموعة نرى عالماً قصصيا رحباً، يمتد من القرية إلى المدينة، وتتسع آفاقه لرصد تجارب الحب الأول، والاستمتاع بالحياة، والتطلع إلى آفاق المستقبل، وتغص بالنجاحات الصغيرة والهزائم الكبيرة، وترسم دائرة الحلم لجيل يتطلع أن يقدم رؤيته للحياة الأدبية مشاركاً فيها بجسارة وهمة عالية. وقد اخترنا من هذه المجموعة القصةَ التي تحملُ المجموعةُ عنوانها، وهي تحتل اثنتي عشرة صفحة (ص ص 5-16)، وتدور حول امرأة مصرية زوّجها أهلها من رجل كويتي يكبر أباها سنا، ولم تستطع أن تتوافق مع زوجها أو «مجتمعها» الجديد، أو "تتكيَّف" معه، فبنت لها على سطح منزلها برج حمام، وحاولت أن تقيم معه علاقة بديلة عن علاقتها بالبشر، وأخذت تُرسل رسائل مع الحمام إلى المسؤولين وأولياء الله الصالحين في مصر! ويقوم بناء قصة «أم دغش» على المُفارقة التصويرية، كما يقوم الوصف بدور لافت فيها، حيثُ يركز القاص على وصف معاناة المرأة المصرية، التي تزوّجت كويتيا يكبرها في السن، ويصور القاص ببراعة أحزانها وأشواق روحها. ويتسم الوصف في هذه القصة بالمزج بين الواقعية والغرائبية، فمن وصفه الواقعي لأم دغش بعد جلستها اليومية مع الحمام: «تهدأ نفسها الثائرة و تستكين، يمتص الحمام ثورتها، ويشيع في نفسها البِشر والسرور، وكنا إذا أردنا منها شيئاً أجلناه لبعد قعدتها مع الحمام، ففي هذا الوقت لا ترفض لنا طلباً ولا تؤخر لنا أمراً ولا تبخل علينا بشيء، وتكون طيعة، لينة، هادئة 00». ومن وصفه الغرائبي ـ الذي لا تحس بابتعاده عن الواقعي في الحدث والتصوير ـ قول القاص عن جناحين تصنعهما «أم دغش» على مهلها لتطير بهما راجعة إلى مصر: «أقسم أحدنا أنه رأى - أم دغش - تصنع جناحين كبيرين من ريش الحمام، وتقيسهما على ذراعيها - وتحدانا - أن نتسلل إلى البرج في الليل - وسنرى الجناحين معلقين على الحائط، وقال إنه لا أثر لريش أو لزغب في المكان، وأم دغش رأيناها أكثر من مرة تنتف ريشاً و تنزع زغباً ... قلنا: من يدري .. عباس بن فرناس أول من حاول الطيران وفشل وقد تنجح أم دغش !!». إن «أم دغش» هذه المرأة التي استُلبت: ففقدت كينونتها كامرأة لها حق اختيار الزوج، وتزوجت ـ زواجاً أقرب إلى الصفقة ـ من رجل أكبر من أبيها، وفقدت اسمها فأصبحت لا تعرف إلا بكنيتها «أم دغش» .. هذه المرأة يموت ابنها الذي يربطها بالحياة في الكويت التي لم تكن تهواها أبداً، ولا تريدها لأنها ارتبطت بهذا العذاب الذي تعيشه، ومن ثم نراها وقد شقت جلبابها ولطمت خدَّيْها، وأصبحت ترى الحياة في الكويت بلا معنى! وقد أخذها المصريون بصعوبة إلى السطح وأدخلوها برج الحمام: «سمعنا نوح الحمام وبكاءه .. وفى اللحظة آلتي كان يخرج فيها دغش مُحملاً في النعش، كانت أم دغش تقف على قمة البرج، تلبس الجناحين، يغطى الريش والزغب مناطق كثيرة من جسمها العاري، وحولها الحمام يحلق وينوح. وبينما الناس تتأهب للسير بالنعش - صحنا فيها: ـ ارجعي 00 ارجعي يا مجنونة». إن هذا الوصف يُكثف ما ساقه القاص حواراً على لسان «أم دغش» المرأة المستلبة حتى من اسمها، فقد صارت أما لدغش، لا تُعرف إلا به، وها هو «دغش» الحبل السري الذي يربطها بالحياة التي تكرهها ـ قد مات، فلماذا لا تهرب من هذا الجو الخانق الذي لا تطيقه، والذي يذكرها بمأساتها، وتعود إلى مصر التي قالت ـ في حوارها مع المصريين ـ عن حبها العظيم لها: « = 00000000 - "امرأة جاهلة مثلي، إذا خرجت أبعد من ها الشارع تتوه"! = 0000000 - " كانت رسائلي - عبر الحمام - فلولاه لمت كمداً - ما تركت أحداً في مصر إلا بعثت له رسالة - حتى أولياء الله الصالحين".. مرة نمت - و دموعي على خدي - حلمت أنى حمامة طايرة - ظللت أطير وأطير، حتى شفت النيل، نزلت فرحانة». وفي وصفٍ لافت يصف السارد «أم دغش» ليلاً وهي تنظف زوجها وتضربه، وحينما أرادوا إنقاذ الرجل ـ من بين يديها شتمتْهم: «ما كدنا نضع رؤوسنا على الوسائد حتى نهضنا فزعين على صراخ الولد دغش وطرقاته على الباب: - الحقوا أمي تضرب أبويا!! صكت الكلمة آذاننا، وتلاقت أعيننا في استنكار، ونهضنا، حفاة - عدونا وبسرعة البرق وصلنا للدور الأرضي - لنرى أم دغش مُمسكة برجل مُسن، كنا نظنه أباها - كشفت عن مؤخرته، وأطلقت عليها خرطوم الماء، وكانت تقرعه عليها وتشتمه وتلعن الأيام السوداء. والرجل المسن منكمش كالطفل، وعندما حاولنا أن نتدخل، هبت فينا كالمسعورة، وأطلقت خرطوم الماء في وجوهنا، وراحت تسبنا، ولا ندرى لماذا أخذت تسب المصريين و تجرى وراءنا كالمجنونة.. عرفنا فيما بعد - أن الرجل العجوز - أو الشايب كما يقولون - هو زوجها - وعلى هرمه لا يفيق من سكر ولا يتحكم في عملية الإخراج، ويعملها على نفسه في الشارع أو في الفراش !!». لقد كانت هذه الفقرات الوصفية لازمة لبناء القصة، لتُرينا كيف تعيش هذه المرأة، وكيف تتعامل مع زوجها، ولتُبرر لنا النهاية التي رأيناها، وهي محاولة لصق جناحين من ريش والطير بهما إلى مصر، ولتُذكرنا بحسرتها القديمة، وهي تقول للمصريين الباحثين عن سكن في الكويت: «كنت أتمنى أن آكل يوماً و أجوع يوماً في مصر، أرقد في عشة على النيل مع بائــع فجل أو سائق عربة حنطور أو أعيش عمري كله عانساً بدون زواج!». (2) رغم صعوبة تصنيف قصة مجدي محمود جعفر إلا أننا نجد أن هذه القصة تنتمي إلى ما يُمكن أن نسميه «تيّار القصة التحليلية» الذي كان من روّاده إبراهيم المصري ويوسف جوهر وأمين يوسف غراب ... وغيرهم، ومن الأجيال التالية (جيل الستينيات): عبد العال الحمامصي، وعنتر مخيمر، وحسني سيد لبيب. «وأصحاب هذه المدرسة يعنون بالتحليل النفسي لشخصيات قصصهم، وحتى يجيء الفعل المُعاكس أو المتحول عند البطل مبرراً فإنهم يعنون برسم صورة البطل عناية كاملة( ). وقد اعتنى القاص ـ في المجوعة ـ بالتحليل النفسي لكثير من شخصيات قصصه، ليبرر الصورة التي قدمها لنا. وهو يقدم هذا التحليل من خلال الاستبطان، أو حديث الشخصية عن نفسها، أو عن طريق وصف مجرد، أو سرد حكوي لشخصية أخرى غير شخصية البطل. وفي قصة «أم دغش» نرى البطلة تقول للمصريين الباحثين عن سكن في الكويت: «كنت أتمنى أن آكل يوماً و أجوع يوماً في مصر، أرقد في عشة على النيل مع بائع فجل أو سائق عربة حنطور أو أعيش عمري كله عانساً بدون زواج!» ( ). فهو بهذا القول الذي ساقه على لسان «أم دغش»، كأنه يُلح علينا ويذكرنا بحسرتها القديمة، التي تريد أن تقول إن زواج المرأة المصرية الفقيرة ـ من الغريب الثري الذي قد يُساعد أسرتها على مواجهة أعباء الحياة! ـ زواج فاشل، ومحكوم عليه بالتعاسة! *** ولقد نجح القاص مجدي محمود جعفر في استخدام عناصر فنية متعددة استخداماً جماليا في هذه القصة، وقد نجح في ذلك نجاحاً فنيا لافتاً. |
|||
26-11-2007, 08:14 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: قراءة في قصة «أم دغش» لمجدي محمود جعفر
أم دَغْـش |
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شخصيات مصرية .. أسرت النبوغ | محمد جاد الزغبي | منتدى الحوار الفكري العام | 54 | 01-04-2007 05:05 AM |
اشارات لابد منها في التشكيل العربي السعودي ؟؟وقلمي الناقد التشكيلي ؟ | عبود سلمان | منتدى الفنون والتصميم والتصوير الفوتوجرافي | 2 | 27-10-2006 12:52 AM |
صفحات مضيئة من التاريخ... معركة(سومنات).. فتح الهند الأعظم!! | نايف ذوابه | المنتدى الإسلامي | 1 | 23-05-2006 02:47 PM |
قراءة في ديوان "حبيبتي تفتح بستانها "للشاعر محمود قحطان بقلم :ثريا حمدون | عيسى عدوي | منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي | 15 | 23-05-2006 03:23 AM |
إنتصار الشيطان!!! | عمر شاهين | منتدى القصة القصيرة | 0 | 15-03-2006 11:27 PM |