الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-02-2015, 05:17 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فوزي الديماسي
أقلامي
 
إحصائية العضو







فوزي الديماسي غير متصل


افتراضي رحلة المداد والنظم ... مشروع جولة في معبد الشعر التونسي / فوزي الديماسي - تونس

أجدني كطفل على شاطئ الأحلام يداعب حبّات الفجر ، فيبني في الخيال قصورا ، لتلعقها من بعد ذلك الأمواج الساخرة ببرود خرافيّ ، وتبقي وراءها زبد الزّفرات صدى يتردّد على وجنتي الطّفل عبرات ، وأحاول مرة بعد أخرى ، ويكفيني شرف المحاولة ، كذا علاقتي بالشعر ، علاقة قراءة ، وتمثّل ، وحياة ، علاقة خزّاف بمفرداته ، تعمل أنامله في الطين رؤاها ، وأحلامها ، وذوقها ، لعلّها تبعث في فضاء الشعر تباشير الجمال .
لحظة أنيقة لحظة معانقة فعل القول على ربوة المعنى ، كامرأة تقف على باب البحر منتظرة فارس أحلامها ساعة غروب أو ساعة شروق ... قد يأتي ... قد لا يأتي ... وبين الانتظار والانكسار تنبجس لحظة اللذّة / لذّة المعاشرة / معاشرة الحرف ... والقصيدة هذه التعبيرة المحمّلة قيلا ، تمثّل لذاتي المتقبّلة المرآة التي أقف أمامها لعلّني أجد صدى نفسي فيها ، أو أجد صداها يتردّد في قيعان ذاتي ، وبين المرآة والعمق تتناوب الحروف ، وتراوح أمكنتها بيني وبيني ، كفعل المرجل في علاقته بالأثافي ، لعبة الوجه والقف ، إنّها لذّة الحرف ، وحرف اللذة التي تنتابني كلّما نزلت إلى نهر الكلمات فجرا بحثا عن عمود الضّوء في تراتيل الأصوات / روح الشعر ، وصوت النّظم الخفيّ الناسل من وهج السؤال ، والشعر سؤال في فضاء الوجود كسابحات الطير ، يحطّ من حين إلى حين على فنن الحياة بشقيها الذاتيّ والموضوعيّ ، والمادي ، والهلاميّ ، على مذهب الأخذ من كلّ شيء بطرف ، لتبني من بعد ذلك أشعّة القراءة عشّها / مستقرّها على أرض ( القصيدة ) ، والأرض مضطربة الأوتاد ، متحرّكة ، لا مستقرّ لها غير التّرحال مآبا ، تلك هي ملامح العلاقة بين الشعر ولحظة التقبّل ، لحظة ساحرة كما السراب ، أو كما الماسك على الماء ، ويذهب كل شيء ويبقى السؤال ، والشعر سؤال / حيرة / ماء يجري كقول الشعر جمال الصليعي :


ربّما كان حديثا عابرا
إنّما وقّع في الرّوح رنينه
ربّما كان خداع البرق
في غيمة أسفار قصيّه
إنّما ألقت ظلال الماء وهم الخصب في أرض حزينه
سوف يكفي كاذب الفجر
لكي نزرع خلف الشّكّ فجرا
سوف يكفي عمر الزّهرة
كي نمنح للأعمار عمرا
لم نكن نرقب أندى من سقوط الطّلّ
كي ننشئ عند القفر نهرا
نعرف الماء !
وقد أجرت لنا الأنهار ذكرا
ولقد اتبع ذكرا



الكتابة تعرية للذات المتورّمة في الوجود , وسؤال حارق يجمع بين جنبيه أسئلة متناسلة تصبّ في نهر السؤال الأعظم " من أنا ؟ " ... من هنا تبدأ رحلة العذابات علفلك المداد , ومن هنا تطلق الحروف صيحة الولادة , ولادة الحيرة , والدهشة بمفهومها الهايدغاري ... إنّ الكتابة حفر في وجه العتمة , وأشعّة صباح تصارع السكون , والقعود , وموت الكائن , والكيان ...إنها بكاء رضيع لحظة دخوله من باب الوجود إلى ساحة الحياة محمّلا بمأساة السؤال .

ذاك هو الشعر تعبيرة يعلن بها الإنسان عن مغادرته ضيق " الفرد " إلى رحب " الإنسان " ، هذا الكائن المحمّل برؤى ، وتصوّرات ، وأحلام ، كما يحدّد من خلالها طرق إقامته في العالم عبر جسر اللغة ، واللغة فيه حمّالة مفاهيم ، وأسرار ، إذ تختزن ملامحه ، وتكشف عن خباياه ، وخيباته ، هذا الكائن / الإنسان المكتظّ بالأسئلة، والشعر لديه قلق وجودي ، وصيحة في وجه العتمة ، ورسم بمداد الألم على وجه الحياة المدجّجة بغموضها ، وانكساراتها ، وانتصاراتها ، وعبثها ، وأقدارها ، وأسئلتها المتلبّسة بأحشاء الذّات ، هذه الذات المستنفرة لأذنيها تسترق السمع لأنين الأطلال ، ورسوم الذكريات ، وأجنحة الأحلام المؤجّلة ، وللوجه التائه في مرايا العبث وأهازيج الرحلة الممتدّة في اللاّمدى ، فالكتابة لحظة جنون على ضفّة الذات , تحبّر صباحاتها بقلب مفتوح كما البساتين , وترسم بدمعة رؤوم سنفونية الوجود سؤالا , وتكتب "الإنسان" أفقا خصيبا على مذهب الشاعر خالد الوغلاني :



أنَا لستُ في الدنيا

سِوَى كلماتِي

فاقرأ على وجعي سُطورَ حياتِي

إنْ لم أكنْ

فلأنّنِي صَمتُ الرُّؤَى

لمْ أرقَ بعدُ إلَى جَميعِ صفاتي

ما زلت أبحث عن غياب كنته

ظمأً لوهمٍ

ضاء في مشكاتي
بيني وبيني

ظلّ ما وقعته بخطى الرياح

على دموع دواتي

وجهي خيالات

تعفف رسمها

أن يستعاد بصفحة المرآة



- يتبع -






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:01 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط