الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-2009, 02:58 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي التطهير الثقافي في العراق: لماذا نهبت المتاحف وحرقت المكتبات وقتل

التطهير الثقافي في العراق: لماذا نهبت المتاحف وحرقت المكتبات وقتل
الاكاديميون ؟



أول سجل 'رسمي' عن الحرب على الهوية العراقية ومحو الذاكرة وخلق عراق جديد حسب
المعايير الانكلو- أمريكية





ابراهيم درويش




اشعر بالسعادة ان نسخة هذا الكتاب العربية' التطهير الثقافي في العراق: لماذا
نهبت المتاحف، وحرقت المكتبات وقتل الاكاديميون' ستصدر عن دار 'الشروق' في
القاهرة وبنفس الوقت مع صدور النسخة الانكليزية الصادرة عن 'بلوتو برس'.



سيكون بمقدور القارئ العربي الاطلاع على معالم الحرب الثقافية التي شنتها
امريكا على العراق باسم الاطاحة بنظام ديكتاتوري وبناء 'عراق جديد'، فهذا
الكتاب اول محاولة جادة واكاديمية للبحث في ملامح الدمار الانساني والثقافي على
العراق والناجم عن الغزو الانكلو- امريكي للعراق.

وما يثير السعادة ان المشاركين في الكتاب ومحرريه اكاديميين من اصحاب الباع
بالبحث الاكاديمي في مجالاتهم.

وأهمية الكتاب انه اول دراسة علمية للنهب والقتل وسلب العراق من تاريخه ـ
ماضيه، وثقافته ومحو ذاكرته وهويته القومية واحلالها بهويات اقليمية وطائفية
وعرقية.



ويقوم الكتاب على افتراض ان المحو ـ النهب- الحرق- والقتل ـ والتفكيك تمثل
حربا لا تقل اهمية عن عمليات 'الصدمة والترويع' فلا زلنا نذكر اليوم الذي سقطت
فيه بغداد - العاصمة العراقية وانهيار النظام العراقي الذي كان يتزعمه صدام
حسين، وما زلنا نحمل في ذاكرتنا صور الحرائق والنهب المنظم لمؤسسات الدولة من
متاحف ومكتبات ودور الارشيف القومي وسجلات تاريخ الدولة الحديثة في العراق
وتشتت ملايين العراقيين من ابناء الطبقة المتعلمة الذين كانت الدولة تقوم بهم
وتعتمد عليهم.

وما زلنا نذكر تصريحات دونالد رمسفيلد ان الحرية عادة ما تتسم بالفوضى كما
شاهدنا وقوف المحتل متفرجا امام النهابين والراقصين في الشمال وهم يرمون دنانير
صدام في الهواء الطلق، وموقف جيش المحتل امام نهب الذاكرة الوطنية والتاريخ
وتواطئه بطريقة او بأخرى مع عمليات الدمار التي حلت بالعراق، بنية وثقافة
وتاريخاً وبشرا.

خلق وليس بناء

لكننا لم نقرأ القصة الحقيقية وراء ما حدث وتجليات وبعد المشروع الامريكي في
العراق ' الجديد' فهذا العراق الجديد الذي اريد له ان 'يخلق' ولا ' يبنى او
يتشكل' بحسب تصريحات الصحافي الامريكي توماس فريدمان كان لا بد من ان يعاد الى
الخلق الاول والبداية وتنظيف 'اللوح' من كل ما عليه كي تولد الدولة الجديدة ومن
اجل هذا كان لا بد من قتل العقول او تجفيفها وحرق المكتبات وسرقة السجلات
الوطنية، واعداد القوائم المرشحة للقتل او الاستفزاز اي اعادة العراق الى عام
الصفر اذا استعدنا ما اراد بول بوت تحقيقه في كمبوديا وانتهى لبناء وطن من
الجماجم.

ما يثير بما حدث في العراق اننا في ازاء حدث فصوله لم تكن كما يطلق عليها في
مصطلحات الحرب ' قتل غير مباشر' بل كان نتيجة لتخطيط وعمل ودوافع مبيتة لتجريد
البلد من ذاكرته وكل خطوة من الخطوات التي رافقت سقوط العراق بيد الامريكيين
وحلفائهم البريطانيين تشير الى عملية مخططة لتحقيق تطهير ثقافي يقف على قدم
وساق امام مشاريع اخرى تمت في مناطق اخرى من العالم مثل البوسنة وفلسطين.

اضافة للكشف عن ملامح المشروع الامريكي التطهيري والطامح لمحو الذاكرة
العراقية والمساهمة بسرقتها واستبدالها بهوية اخرى قابلة للقولبة والتعامل معها
ضمن المتطلبات الامريكية والاسرائيلية يشير الكتاب او المشاركون فيه الى الثمن
الباهظ الذي دفعه العراق، بشريا وثقافيا والقصة في تلافيفها محزنة وتقطع 'نياط
القلب' اذ اننا امام مشروع عمل على شرعنة التدمير المنظم لكل ما يشير الى هوية
البلد وتاريخه حيث تشير واحدة من اوراق الكتاب الى ان التاريخ الحديث لم يشهد
اي تدمير لمشاهده التاريخية مثلما حدث للعراق.

ولم يطل الدمار فقط المشاهد التاريخية واثار الحضارات القديمة بل وشمل التراث
الاسلامي والمخطوطات ودور الكتب اضافة لدارات الفنون وشمل التطهير الجامعات
ومؤسسات التعليم وما تبعه من ملاحقه للاكاديميين.

بريمر و 99 قرار تطهير

ويرى الباحثون ان كل القرارات التي اتخذها الحاكم المدني بول بريمر من القرار
الاول الى القرار 99 تصب باتجاه تجريد العراق من هويته وتهميش دوره في المنطقة
كحارس للقومية العربية ومنافح عن القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين.

فايديولوجية المحافظين الجدد ارادات باحتلالها للعراق تحقيق امرين الاول تأكيد
هيمنة امريكا العالمية وسيطرتها على مصادر العراق الطبيعية، والامر الاخر تحرير
اسرائيل من عدو تقليدي وشطبه من معادلة القوة بالمنطقة وكان المحافظون الجدد
يرغبون في تحقيق هذا عبر بناء نظام مستسلم للقوة الامريكية.

في فصول الكتاب العشرة قصة التطهير الثقافي ومأساة الاكاديميين العراقيين التي
تسجل بتفصيل اوسع من خلال محاولة البحث عن القوى التي اسهمت بطريقة او باخرى
اما بتسهيل عمل العصابات المحترفة التي قامت بنهب التراث العراقي او بملاحقة
الاكاديميين العراقيين وبالتالي تجفيف منابع العلم والثقافة.

ويكتب الباحثون عن مسؤولية الاحتلال عن هذا الدمار سواء بالوقوف متفرجا امام
الفوضى او بالمساهمة في التدمير من خلال تشويه المعالم الاثرية التي احتفظ بها
العراق ونجت من كل الكوارث التي حلت على بلاد الرافدين مثل بنائه القواعد
العسكرية في المعالم الاثرية كما حدث في بابل واور ونينوى.

من الشائع في الكتابات الشعبية ان معظم النهب والفوضى حدث في الايام الاولى من
سقوط النظام لكن المحو للتاريخ استمر وعلى مدى خمسة اعوام من الاحتلال حيث
اسهمت سياسات المحتل بهذه العملية، فقد تم التعامل مع التدمير كعلامة ايجابية
لانها تمنح سدنة العراق الجديد الفرصة البداية من جديد.

وما يهم في هذا الكتاب انه يتعامل مع عملية النهب والمحو كفعل حرب فعلى الرغم
من فداحة الخسارة الانسانية والتهجير للملايين من ابناء العراق، الا ان عملية
تجريد البلد من هويته وتاريخه تمثل خسارة كبيرة لان العراقيين ايا ما كانت
جذورهم العرقية واصولهم ظلوا يتعاملون مع الاثار القديمة والرموز التاريخية
باعتبارها صورة عن هويتهم، ايا كانت اصولهم عربية او كردية، سنية او شيعية،
مسيحية ام مسلمة.

الساخر والتراجيدي في الملهاة العراقية المعاصرة ان المشاركين في جريمة اغتيال
الهوية العراقية كثر لكنها مسجلة باسم مجهول.

في البداية كانت الرواية الرسمية تشير الى ان البعثيين هم من قاموا بالنهب وان
عناصر داخلية من موظفين في المؤسسات التي حرقت او نهبت هي من قامت بالافعال وهو
ما لم تثبت صحته فيما بعد.

كما وتم اسكات كل الاصوات التي عانت سنوات الحصار وظلت باقية بالعراق على
الرغم من الظروف التي عاشوها فيما تم تأكيد الراوية الغربية ومن تحالف معها.
حتى ضريح الجندي المجهول لم يسلم من الاحتقار.
وفي اطار اخر فان كل السياسات التي مورست من قبل الاحتلال كانت حرباً داخلية في
مجال التطهير الثقافي ان كان هذا ببناء قواعد عسكرية على بقايا الحضارات
القديمة في بلاد الرافدين او بالتهاون بقيمة الثقافة كما شوهد من موقف الجنود
الامريكيين الذي اتخذوا من ضريح الجندي المجهول موقفا لدباباتهم وعلقوا على
اسماء الجنود الذين قتلوا في الحرب العراقية ـ الايرانية ملصقات واوارق حول
نشاطاتهم اليومية.

ايّاً كان تبرير المحتل لما حدث فان فشله في حماية التراث العراقي يدخل ضمن
عملية التطهير الثقافي فما حدث لم يكن خطأ بالسياسة ولكنه كان فشلا في السياسة
نفسها وحربا كما تظهر ورقة الباحثة زينب البحراني.

فالمحافظون الجدد الذين كانوا متسرعين كي يلحظوا مخاض الحرية وولادتها بالعراق
الجديد كما صرح رمسفيلد لم يلتفتوا لمطالب حماية التراث الوطني العراقي، بل
واسهموا في اطار اخر لخصخصة النهب، فعلى الرغم من ان نهبا عاما شارك فيه الناس
والرعاع ممن استغلوا فرصة فراغ السلطة الا ان الاشارات تدل على وجود عصابات
منظمة كانت تعرف ما تريد وقامت بسرقة قطع ومحفوظات ومخطوطات في المتحف العراقي
ودار المخطوطات والمكتبة الوطنية فيما تم نقل الارشيف الوطني من قبل الامريكيين
والذي يحتوي على اكثر من مليون وثيقة، اضافة الى قيام كنعان مكية بوضع يده على
سجلات حزب البعث التي نقلها الى المنطقة الخضراء ومن ثم الى امريكا حيث صارت
جزءا مما اطلق عليه 'الذاكرة العراقية'.

وما زالت هناك معركة قائمة حول حق هذه المؤسسة في هذه الوثائق فيما لم يعد
الامريكيون السجلات التي اخذوها على الرغم من تأكيدهم انها ستعود حالما سمحت
الظروف لذلك.

وتفصل ورقة نبيل التكريتي، عن نحر وتكسير الذاكرة العراقية صورة عن ملامح
الدمار الذي تم على مجموعات التراث والضرر الذي اصاب دور المخطوطات والوثائق
التاريخية وانه بمحوها او تدميرها تم تدمير الذاكرة الجماعية العراقية.

القوى المستفيدة من تطهير العقل العراقي


يكشف الكتاب عن القوى التي حاولت الاستفادة من التراث الذي صار مشاعا ففي حكاية
دار المخطوطات التي تم انقاذ معظم مخطوطاتها ووضعها في ملجأ محصن وفي حاويات
محمية حاولت جماعات وضع اليد عليها وتصويرها الا ان المعارضة القوية ادت الى
نجاتها على الاقل في الوضع الحالي لانه لا يعرف ان كانت ظروف الجو في الملجأ
مناسبة.

من المثير ان امريكا التي تنفق يوميا على جهود الحرب بالعراق مليار دولار
امريكي لم تعبر عن استعداد لتوفير مبلغ مليون دولار للمساهمة بحماية التراث مع
ان الولايات المتحدة وفرت في مرحلة لاحقة بعض المال من اجل تدريب العراقيين على
ادارة متاحفهم والحفاظ على تراث الا ان الساخر في الامر هو انه جاء من دولة
مسؤولة عن محو هويتهم.

لم يخسر فقط العراقيون اكثر تراثهم القديم والاسلامي ومجموعاتهم من الكتب
والمخطوطات والسجلات العثمانية والفترة الهاشمية بل ان عمليات عسكرة الفضاء
الحضري تسهم في قتل تراثهم من مثل الكتل الاسمنتية التي تقوم بالقضاء على
التنوع وتأكيد الهويات الطائفية فمن من 200 حي من احياء بغداد تحولت 25 منها
الى احياء متجانسة، سنية او شيعية خالصة كما ان بناء سفارة امريكية عملاقة في
قلب بغداد والمشاريع التحديثية التي تتحدث عنها الحكومة العراقية لقصبات مدن
تاريخية ستؤدي لمحو تراث وطرائق حياة متعارف عليها منذ قرون، كما ان عملية
زيادة القوات الامريكية في عام 2007 والتي هدف منها تحقيق الامن ببغداد الا
انها ادت لتحويل العاصمة الى غيتوهات طائفية واسهمت في النهاية لقتل الحس
الجامع بين العراقيين وكونهم ينتمون الى هوية عراقية تتجاوز كل التقسيمات
الطائفية.

ملاحقة الطاقات والكفاءات العلمية

من بين السياسات الاكثر همجمية وفظاعة كانت سياسة اجتثاث البعث التي ادت الى
حرمان قطاع واسع من الحرفيين والمؤهلين والكفاءات من وظائفهم وادت بالنهاية الى
الاستهداف المنظم للعقول العراقية التي تمت من خلال استراتيجيتين الاولى: القتل
المستهدف والثانية: الاعتقال والتعذيب اضافة الى الترهيب والتخويف الذي قاد الى
هروب العديد من العلماء من العراق ليواجهوا مصيرا قاتما حيث اصبح الكثير منهم
عمالا سخرة، يبيعون الخضار ويسوقون السيارات من اجل النجاة في وضع جديد.

ويلاحق الباحث ديريك اندريانسين ملاحقة طبقة الانتلجنسيا والمثقفين ويدرس
حالات من النهب التي تمت والقتل المستهدف كما حدث في كلية طب اسنان بغداد
ومسؤولية الاحتلال.

ويرى الباحث ان شعار اجتثاث البعث لم يكن الا شعارا لتدمير وقتل المثقفين وحرق
السجلات وتدمير الدولة الوطنية العراقية': سجلاتها دوائرها اعلامها ومؤسساتها،
ممتلكاتها،قوانينها ونظامها القضائي.

والتدمير هنا لم يكن اثراً للحرب بل نتيجة لسياسة مدبرة ومخطط لها قبل الغزو.
. فيما يدرس كل من ماكس فوللر واندريانسن فكرة تنظيف اللوح كطريقة للبداية من
نقطة الصفر والعملية التي جرت من خلالها تطهير المثقفين وابعادهم عن النظام
التعليمي واجبارهم على الهرب ان لم يقتلوا ومداهمة ونهب المؤسسات التعليمي.

وفي محاولة لمعرفة القاتل او الفاعل لملاحقة الاكاديميين فان العديد من
التحقيقات التي وعدت بها الحكومة العراقية لم يعلن عن نتائجها فيما لم يتم
القبض على المشتبه بهم.

ويعتقد الباحثان انه ايا كانت هوية المتهمين: الميليشيات وايران واسرائيل
وقوات الاحتلال والحكومة الا ان الامر يدخل ضمن سياسة عبر عنها اندرو اردمان،
المستشار الامريكي الكبير لوزارة التعليم العالي العراقية الذي آمن بضرورة
تنظيف اللوح كشرط لبداية جديدة للدولة الجديدة يتم فيها قطع صلتها بالماضي
'النظام السابق' وهذا الانفصام يظل ضروريا وان كان رمزيا حسب المسؤول من اجل
بناء نظام تعليمي على الرغم من انجازات وتاريخ النظام التعليمي العراقي.

ويعني مدخل اردمان ان تاريخ العراق يحتاج الى اعادة كتابة ومن منظور
المنتصرين، اي من زاوية مؤيدة لامريكا ومن هنا كانت هناك ضرورة لاجراء انتخابات
في الجامعات واستبعاد المحسوبين او ممن يتهمون بالبعثية من مراكز القرار في
مؤسسات التعليم العالي.

وهنا فان دور الاحتلال لم يكن بمحاولاته اعادة كتابة التاريخ بل ببنائه الجدار
الذي حصن الجماعات التي مارست القتل واستهدفت عقول العراقيين والكفاءات التي
يحتاج اليها البلد.

ففي حالة مثلا يشار فيها الى ان معتقل الجادرية الذي قيل ان القوات الامريكية
عثرت عليه بالصدفة عام 2005 ووجدت فيه معتقلين منهم اكاديميون يقال ان قوات
الاحتلال كانت تعرف بوجوده وبنشاط الجماعات الذي تديره.

وضمن هذا الفهم تمكن قراءة ورقة فيليب مارفليت 'تطهير العقول العراقية' التي
ناقش فيها من ضمن ما ناقش الاساليب التي استخدمت لتنظيف العراق من كفاءاته كما
علق اكاديمي عراقي في عمان، ومنها خيار السلفادور والعودة بالعراق الى عام
الصفر.

تسييق التطهير

يقدم كتاب التطهير الثقافي عرضا مكثفا لأزمة العراق التي نجمت بسبب الاحتلال
ويحاول تسييق الكارثة الثقافية العراقية من خلال مقارنتها بسياق تطهير ومحو
تاريخي وهوية في فلسطين والبوسنة ففي كلتا الحالتين لم يسلم الموتى من المحو.

وفي حالة العراق لم تسلم الاضرحة والتكايا والمدارس فيما تحولت المقابر
العراقية الى مناحات دائمة ينعق فيها الغراب ليل نهار.

ويؤكد الكتاب في ثناياه ان المحو الثقافي استخدم في كل عصور التاريخ كوسيلة
للهيمنة ويتخذ المحو عدة اساليب منها تدمير المعالم والرموز التاريخية ومحو
اللغات والكلمات، وقتل الجماعات وشطب الذاكرة الجماعية وهوية الجماعات.

وفي حالة فلسطين والبوسنة يتم الشطب من خلال محو كل الاثار والادلة على وجود
هذه الجماعة او تلك وفي حالة الابقاء على دليل تاريخ تتم قولبته من اجل تأكيد
الاستمرارية التاريخية ـ كما يتم في فلسطين من تقسيم للحرم الابراهيمي ومصادرة
المقامات الاسلامية وختمها بهوية جديدة هي الهوية اليهودية كما في مقام يوسف
بنابلس ومقام راحيل ببيت لحم.

في السياق العراقي فان الهوية العربية، لغة وتاريخا، والاسلام متجذران في الوعي
العراقي ومن الصعب على اي جهة اقتلاعهما على الرغم من ان عددا من منظري
المحافظين الجدد اعتقدوا بسذاجة ومنذ بداية الغزو امكانية تحويل العراق الى ارض
خصبة للتبشير المسيحي.

ويعتقد غلين اي بيري في دراسته المقارنة لعملية التطهير الثقافي ان الغزو عمل
على المدى القريب على زعزعة الهوية القومية العربية للعراق من خلال تأجيج
النزعات الطائفية وقد ينجح الغزو لفترة لكن استراتيجيته باستهداف تاريخ العراق
ما قبل الاسلام ستترك آثارها السلبية.

ومع ذلك يظل الغزو يحمل مخاطره التقسيمية خاصة على التنوع الثقافي العراقي
وخطره على الاقليات كما تشير ورقة مختار لاماني الذي يرى ان اختفاء الاقليات
فيه ليس خسارة له اي العراق ولكن للانسانية.

مقاربات الكتاب مهمة من المقدمة الى ورقة بيري والبحراني التي تحاول فيها
مواجهة مقولات انثروبولوجية باعتبارها استعمارية وغيرها من الاوراق.

هدى صالح عماش

وفي النهاية وبعد هذه الرحلة المأساوية لتطهير العراق من ثقافته اتوقف مع شهادة
عن حالة هدى صالح عماش المعروفة لدى الامريكيين بدكتور انثراكس والتي كانت على
قائمة المطلوبين (رقم 53) ووصفها بيان امريكي بالعضو في القيادة القطرية
والمسؤولة عن ابحاث اسلحة الدمار الشامل، واعتقلت في اذار(مارس) 2004.

ويرى اندرو دواينيل، صاحب دار نشر ان عماش لم يكن لها علاقة بانتاج اسلحة
الدمار الشامل حسب مفتشي الامم المتحدة .

هي باحثة في مجال البيئة البيولوجية واول من تحدثت عن مخاطر اليورانيوم المنضب
اثناء حرب الخليج على العراقيين من ناحية انتشار حالات السرطان خاصة بين
الاطفال.

لم يتم توجيه اية تهمة لعماش التي حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة ميسوري،
وتم الافراج عنها في النهاية ويعلق مقرب منها قائلا: ' هي بلا عمل وبدون دعم
مالي ولا يسمح لها الاحتلال بأخذ ما تحتاجه من حسابها المصرفي وكانت في حالة
صحية سيئة بسبب فظاعة التحقيقات معها واثناء عملية اعتقالها قام الجنود
الامريكيون بأخذ كل شيء من بيتها، كتبها واوراقها وجهاز كمبيوترها والقمامة
وحتى اورواق التواليت، سي ديز، وكتبها والمجلات وكلها نقلت الى واشنطن وعندما
افرجوا عنها لم يعيدوا اليها ما اخذوه منها وعندما زرت بيت عائلتها القريب'
وبحسب الشهادة جاء اعتقال عماش لاهتمامها بموضوع اليورانيوم المنضب'.

ابن الاثير

في النهاية وبعد هذه الرحلة نتذكر ما كتبه ابن الاثير صاحب كتاب 'الكامل في
التاريخ' وهو يتحسر على زحف قوات التتار نحو بلاد الاسلام باعتبار الحادث
مثيراً للخوف وتمنى ان امه لم تلده وانه كان نسيا منسيا.

مات ابن الاثير عام 630 للهجرة وسقطت بغداد بيد التتار ونهبت ودمرت ثقافتها
عام 656 للهجرة.

كان الله رحيما بابن الاثير واختاره لجواره قبل ان يرى الدم والانهار التي
اسودت من كثرة من مزق من كتب ورمي فيها.

كان نهب بغداد فعلا بربريا وعملية تطهير بشري وثقافي ترك بغداد تتأوه لقرون
وتتذكر ما حل بها ولطف الله بالاسلام والمسلمين عندما وقف زحف المغول وهزيمتهم
في معركة عين جالوت على ارض فلسطين.

على خلاف ابن الاثير لم نكن من اصحاب الحظ فلم نشاهد نهب بغداد بل شاهدنا الاخ
يقتل أخاه في لعبة انتقام غريبة.






 
رد مع اقتباس
قديم 30-11-2009, 05:50 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
مازن عبد الجبار
أقلامي
 
إحصائية العضو







مازن عبد الجبار غير متصل


افتراضي رد: التطهير الثقافي في العراق: لماذا نهبت المتاحف وحرقت المكتبات وقتل

الاستاذ المتالق زياد هواش
لو راجعت عددا من ابحاثي الموجودة في مركز الراسات العربي الاوربي لتاكد لك وجوب كتابة التاريخ من جديد وهذا احد ابحاثي المنشورة وحقائقه ممزقة من سجلات التاريخ
من الاوراق الممزقة من سجلات التاريخ اوراق توصلت اليها بتوفيق الله عز وجل منها حقيقة ان كركوك المنطقة النفطية العراقية منطقة عربية تركمانية اباد عبد الكريم قاسم اهلها العرب اثناء ثورة الشواف 1959 بمساعدة قوات الالوية الحمراء الكردية الشيوعية التابعة لمدينة السليمانبة حينها ومكن مجموعات كبيرة من الاكراد من الاستيطان محل العرب في مدينة كركوك العربية الاشورية التركمانية مدينة النبي دانيال(ع) والنبي عزير(ع) كان المخطط ان تقام دولة شيوعية تابعة للاتحاد السوفيتي السابق شمال العراق لكن ما اراده عبد الكريم مقابل القضاء على اهل كركوك العرب قاد الى قتله وسقوط المشروع متى كانت كردية ماذا لو عدنا لسجلات الاحوال المدنية الاسلامية الخاصة بالدولة العثمانية في مدينة استنبول المعنية بكركوك ألا تثبت هذه الحقيقة هل يوجد اثر كردي واحد في متاحف اربيل او دهوك وهي اراضي سومرية اشورية عربية )الاشوريون عرب حضر من شمال الجزيرة العربية من احفاد ابراهيم (ع) السومريون عرب جزراويون ايضا
مدينة ابراهيم الخليل اقصى شمال العراق فكيف يكون شمال العراق كرديا صحيح ان نبوخذ نصر مكن الاكراد من الاستيطان شمال العراق لمنع نهضة الدولة الاشوريبة من جديد بعد ان اسقطها بمساعدة الفرس الميديين لكن هل يعطي ذلك الحق للاكراد لتغيير ديموغرافيتها

اكراد العراق الحقيقيون لايتجاوز عددهم ثلاثمئة الف بقية الاكراد شمال العراق اكراد اتراك دخلوا العراق بعد اكتشاف النفط فيه و ترحيل بريطانيا الاشوريين تناغما مع فكرة تاسيس الكيان الصهيوني لان النبوءة الصهيونية تقول الاشوريون سيغزون اسرائيل من جديد في المستقبل القريب نعم اكثر من ثمانين في المائة من اكراد العراق الحاليين اكراد اتراك احتلوا شمال العراق بعد ترحيل الاشوريين وهم ثمانية ملايين اشوري مشرد في العالم الان من الاكراد الاتراك المستوطنين في العراق الهسنيانيون والاومريون والغويان والتنانيون والكنانيون ,,,,الخ عشرة البرزان عشيرة تترية وليست كردية جلبتها بريطانيا للعراق عام 1918 وفق المخطط اعلاه ايضا امريكا تريد منح الدولة الكردية القائمة على الباطل شمال العراق الان كل مقومات الحياة تريد منحها كركوك النفطية وجنوب تركيا وشمال سورية لفتح منفذ لها على البحر ( لا دولة مستقرة قادرة على البقاء بلا منفذ على البحر) ومنح بقية تركيا للارمن اي ابادة جميع المسلمين والمسيحيين شمال العراق وجميع مسلمي تركيا ويمنحون الان تركيا مصالح وقتية تخديرية لحين تستعيد امريكا قوت







 
رد مع اقتباس
قديم 30-11-2009, 10:13 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: التطهير الثقافي في العراق: لماذا نهبت المتاحف وحرقت المكتبات وقتل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مازن عبد الجبار مشاهدة المشاركة
الاستاذ المتالق زياد هواش
لو راجعت عددا من ابحاثي الموجودة في مركز الراسات العربي الاوربي لتاكد لك وجوب كتابة التاريخ من جديد وهذا احد ابحاثي المنشورة وحقائقه ممزقة من سجلات التاريخ
من الاوراق الممزقة من سجلات التاريخ اوراق توصلت اليها بتوفيق الله عز وجل منها حقيقة ان كركوك المنطقة النفطية العراقية منطقة عربية تركمانية اباد عبد الكريم قاسم اهلها العرب اثناء ثورة الشواف 1959 بمساعدة قوات الالوية الحمراء الكردية الشيوعية التابعة لمدينة السليمانبة حينها ومكن مجموعات كبيرة من الاكراد من الاستيطان محل العرب في مدينة كركوك العربية الاشورية التركمانية مدينة النبي دانيال(ع) والنبي عزير(ع) كان المخطط ان تقام دولة شيوعية تابعة للاتحاد السوفيتي السابق شمال العراق لكن ما اراده عبد الكريم مقابل القضاء على اهل كركوك العرب قاد الى قتله وسقوط المشروع متى كانت كردية ماذا لو عدنا لسجلات الاحوال المدنية الاسلامية الخاصة بالدولة العثمانية في مدينة استنبول المعنية بكركوك ألا تثبت هذه الحقيقة هل يوجد اثر كردي واحد في متاحف اربيل او دهوك وهي اراضي سومرية اشورية عربية )الاشوريون عرب حضر من شمال الجزيرة العربية من احفاد ابراهيم (ع) السومريون عرب جزراويون ايضا
مدينة ابراهيم الخليل اقصى شمال العراق فكيف يكون شمال العراق كرديا صحيح ان نبوخذ نصر مكن الاكراد من الاستيطان شمال العراق لمنع نهضة الدولة الاشوريبة من جديد بعد ان اسقطها بمساعدة الفرس الميديين لكن هل يعطي ذلك الحق للاكراد لتغيير ديموغرافيتها

اكراد العراق الحقيقيون لايتجاوز عددهم ثلاثمئة الف بقية الاكراد شمال العراق اكراد اتراك دخلوا العراق بعد اكتشاف النفط فيه و ترحيل بريطانيا الاشوريين تناغما مع فكرة تاسيس الكيان الصهيوني لان النبوءة الصهيونية تقول الاشوريون سيغزون اسرائيل من جديد في المستقبل القريب نعم اكثر من ثمانين في المائة من اكراد العراق الحاليين اكراد اتراك احتلوا شمال العراق بعد ترحيل الاشوريين وهم ثمانية ملايين اشوري مشرد في العالم الان من الاكراد الاتراك المستوطنين في العراق الهسنيانيون والاومريون والغويان والتنانيون والكنانيون ,,,,الخ عشرة البرزان عشيرة تترية وليست كردية جلبتها بريطانيا للعراق عام 1918 وفق المخطط اعلاه ايضا امريكا تريد منح الدولة الكردية القائمة على الباطل شمال العراق الان كل مقومات الحياة تريد منحها كركوك النفطية وجنوب تركيا وشمال سورية لفتح منفذ لها على البحر ( لا دولة مستقرة قادرة على البقاء بلا منفذ على البحر) ومنح بقية تركيا للارمن اي ابادة جميع المسلمين والمسيحيين شمال العراق وجميع مسلمي تركيا ويمنحون الان تركيا مصالح وقتية تخديرية لحين تستعيد امريكا قوت
اخي الكريم ..
ما تفضلت فوضعته هنا من معلومات هو غاية في الاهمية .
الحقيقة انني بصدد تحضير تعقيب على النص اعلاه .
النقطة المركزية هي بالتحديد التي ذكرتها , في ضرورة الاحتكام للوثائق والسجلات العثمانية ودراستها بدقة وعلمية , وليس بقصد استخدامها كسلاح الغائي بل بقصد تظهير الحقائق كلها .

هناك ايضا وثائق المحاكم الشرعية العثمانية في العراق العربي العظيم , وهي سجلات استراتيجية يجب حمايتها .

لا نزال جميعنا ندور في متاهات الاستعمار الغربي والامريكي , ولكنا لا نزال ايضا على قيد المقاومة , وسننتصر .

..






 
رد مع اقتباس
قديم 01-12-2009, 01:25 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: التطهير الثقافي في العراق: لماذا نهبت المتاحف وحرقت المكتبات وقتل

مقدمة لا بد منها :
يبدو أن العالم القديم كله , أسيا وأفريقيا , لا يزالان يعانيان بشدة من السياسة الاستعمارية الأوروبية التي تعود في جذورها إلى توسعات الاسكندر المقدوني , وتأخذ شكلها العقائدي الديني من أدبيات الحملات الصليبية .
وتعود كلها في حقيقة الأمر إلى الاقتصاد الاستعماري المستمر في أوروبا الفقيرة منذ بداية التاريخ هناك .

مستندا إلى الأدبيات الصليبية , اعتقد الاستعمار الأمريكي انه يستطيع أن يبدأ من حيث انتهى الاسكندر المقدوني , في أفغانستان , وان يكمل المشروع الصليبي باحتلاله العراق .
ولكن الخلفية الحقيقية لذلك , هو الفجوة المتسعة في الاقتصاد الأمريكي وتحول الدولار إلى عملة ورقية بيد مضاربي الفساد عبر العالم بقيادة لانغلي نفسها .

البريطانيون هم سبب البلاوي كلها .
ليس فقط في آسيا وأفريقيا , بل في صناعة كارثتين في القرن العشرين البائس والمنصرم .
صناعة الكيان الإسرائيلي اليهودي , على خلفيات الأدبيات الصليبية .
صناعة العملاق الأمريكي الكوني وريثا لإمبراطوريتها الزائلة .
حتى أن زواج آخر قياصرة روسيا المقدسة نقولا الثاني , من أميرة بروسية هي الحفيدة المباشرة لملكة بريطانيا فكتوريا , كانت بداية النهاية لحقبة القياصرة .
الحقيقة التاريخية الغائبة هي أن القيصر بطرس الأكبر أهم بما لا يقارن من الاسكندر المقدوني .
ولا يزال الغرق الأمريكي الحاد في العراق وأفغانستان , يعود في جذوره إلى توريط بريطاني للأمة الأمريكية الشابة في فسيفساء العالم القديم التي أرهقها الاستعمار البريطاني الخبيث .

في تلك اللحظة التاريخية التي غادر فيها الأمريكي أراضيه , مبحرا باتجاه أوروبا , خروجا غبيا من مبدأ مونرو , وقعت أمريكا في الفخ البريطاني المميت .
قد تكون حرب الفوكلاند/المالوين بين بريطانيا والأرجنتين , رد فعل أمريكي انتقامي على اكتشافهم هذه الحقيقة التاريخية المرّة , ولكن الوقت كان قد تأخر كثيرا .

قد يكون العراق , الأرض الأكثر معاناة من الاستعمار , في منطقتنا العربية , بسبب ثرواتها وموقعها وتراثها التاريخي الحضاري العظيم .
ولا يزال العراق يعاني من تداعيات اللعبة الاستعمارية البريطانية والمستمرة اليوم أمريكيا , ولكن لا يزال التخطيط بريطاني شديد العنصرية والتخريب .

كان تاريخ المنطقة العربية وجوارها الإقليمي وتحديدا جزيرة العرب وبلاد الشام وبلاد فارس وتركيا .
كان ليكون تاريخا إنسانيا تقليديا , لولا الحاجة الاستعمارية لخصوصيات وأبجديات هذا التاريخ ومنذ بدء التخطيط للحروب الصليبية الاستعمارية على خلفيات دينية مقدسة .
ونظرا لارتباط التراث واللاهوت المسيحي الغربي , بالتوراة اليهودية , ارتباطا حادا .
كان ولا يزال , المخطط الاستعماري قائما , والغطاء الديني مطلوبا , والتشويه التاريخي مستمرا بحدة .

ولان العراق كان ولا يزال قلقا استعماريا , عانت هذه الجغرافيا المركزية ولا تزال من توظيفات تاريخية متغيرة ليس بهدف استعماري قائم بذاته .
بل وعبر التاريخ الحديث , كانت التوظيفات التاريخية الاستعمارية للتراثين الإنساني والحضاري العراقي تخضع لعمليات إعادة إنتاج وصياغة دائمة في الاكاديمات الغربية البريطانية والأمريكية التابعة للمنظومة الفكرية الاستعمارية .

إذا استندنا إلى حقيقة أن اللغة هي المنتج الحضاري الأعلى , وهي الدليل على العمق الفلسفي لأي حضارة .
وإذا ذهبنا إلى الاستنتاج بان الفشل الفلسفي كان يقود الحضارة القديمة إلى الفكر العسكريتاري والحاكم الإله والبناء المادي العظيم , لملء الفراغ الفكري واللغوي أصلا , بحيث تستقر السلطة المركزية .
نستطيع أن نستنتج أن الحضارة الإنسانية المتقدمة في التاريخ القديم كانت حيث تطورت اللغة العربية , في بلاد عسير واليمن .

وكان تدفق هذه اللغة وهذه الحضارة الحاضنة لها , عبر التاريخ القديم , باتجاه بلاد الشام وبلاد العراق بريا , وجغرافية نهر النيل عبر البحر الأحمر وصولا إلى أثينا .

في نظرياته وأبحاثه الاستثنائية في علميتها , قدم المؤرخ والباحث الدكتور كمال الصليبي , رؤية جديدة لتاريخ المنطقة القديم كله , وخصوصا أن هذا التاريخ كان ولا يزال , يعتمد النص التوراتي كمرجع تاريخي وجغرافي نهائي ودقيق ومقدس .
ولكونه باحثا مختصا باللغات القديمة , أعاد الدكتور الصليبي قراءة النص التوراتي بشكله وتدوينه القديم قبل أن تعاد صياغته في القرن العاشر الميلادي , وقبل أن يعاد إنتاج اللغة العبرية القديمة بصياغة جديدة في مختبرات ألمانية في القرن التاسع عشر الميلادي .
واعتبر أن كل الأحداث الواردة فيه حقيقية وتاريخية ولكن الإسقاط الجغرافي لها جاء مربكا بسبب التمسك بالتوراة المقدسة على حساب الحقائق العلمية .
فأحداث التوراة وتاريخ بني إسرائيل فيها , كان في بلاد عسير وليس فلسطين , والدليل حاسم , في نتائج التنقيب الأثري لكل ارض فلسطين التاريخية , ليس هناك أي أثر علمي أو لُقى تعود إلى ما قبل القرن العاشر قبل الميلاد وتختص ببني إسرائيل .
إذا فلسطين ونهائيا لم تكن يوما مسرحا تاريخيا لبني إسرائيل ومملكتي يهوذا وكل إسرائيل .
وبقليل من التنقيب في أماكن حددها الدكتور الصليبي بدقة في بلاد عسير يمكن حسم حقيقة ارض التوراة الجغرافية في بلاد عسير وامتدادا إلى اليمن , وإعادة كتابة تاريخ بني إسرائيل على أنهم من العرب البائدة وان الفرع اليهودي منهم جاء لاحقا في التاريخ .
والاهم أن النص القرآني لا يقول بعكس ذلك بل يقوله صراحة .
في حين أن التفسير الإسلامي التقليدي للقرآن الكريم , لا يزال يستند ليس إلى جوهر النص القرآني بل إلى تفسيرات الربابنة اليهود في زمن الدولة العباسية لقصص القرآن وتاريخ بني إسرائيل وفق التفسيرات اليهودية والتي اقتبسها المحققين العرب حرفيا وكرسوها ثوابت .

في كتابه الهام "خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل" , وهو الكتاب الذي نقدم له عبر مجلة بوهيميا الثقافية الالكترونية قراءة متأنية , ونحاور الدكتور الصليبي في بعض جوانبه .
يعيد الدكتور الصليبي تصحيح جزء رئيسي من تاريخ العراق نفسه :
لنقتبس :

كمال الصليبي

خفايا التوراة / وأسرار شعب إسرائيل

Secrets of the Bible People

قصص التوراة
البُرج الذي لم يكن في بابل
نقتبس حرفيا من القراءة المتأنية التي لم تنشر بعد :

والقصة هي في الواقع حياكة متقنة من قصّتين , كل واحدة منهما من مصدر مختلف .
لعل أهم ما يشير إلى ذلك , هو الخطأ اللغوي الفاضح في آخر النص التوراتي , حيث يفسر اسم "بابل" [ ببل ] على أنه مشتق من الفعل [ بلل ] الذي يفيد بالعبرية معنى "البلبلة" .
ولا يخفى على أحد أن اسم مدينة بابل التاريخية (باللغة الأكادية باب ءيلي أي بب ءل) يعني ببساطة "باب الله" .
وإذا كان هناك مدينة تحمل اسما مشتقّا من الجذر [ بلل ] , فلا بدّ أن يكون اسم هذه المدينة "بلال" , وليس "بابل" .
ولا بد أن نتذكر دائما أن بابل العراق كانت في القدم , والى ما بعد زمن التوراة , مدينة عظيمة , بل من أعظم مدن العالم .
فكيف يعقل أن يكون قد أتى أحد بأسطورة , في أي وقت , يتحدّث عن بابل هذه بالذات على أنها مدينة تبدد شعبها قبل أن يكتمل بناؤها ؟
كما هو حال القصة التوراتية الواضحة المعاني والدلالات .

يتابع الدكتور الصليبي , ونتابع الاقتباس :
يرفض الدكتور الصليبي افتراضا سائدا بأن (شنعر) هو ذاته الاسم السومري (شنجر) أو الاسم الأكادي (شنخر) , وهو ما يعرف اليوم باسم جبل "سنجر" بشمال العراق .
ويقول بأن البحث عن أرض (شنعر) لا يجب أن يكون في ارض كلها سهل كجنوب العراق حيث لا معنى لذلك , بل في أرض جبلية وعرة .

لنعود مع الدكتور الصليبي إلى النص العبري .
يقول النص العبري للقصة إن الهجرة إلى أرض "شنعار" كانت ارتحالا من الشرق , وليس "شرقا" كما في الترجمات المألوفة , ومنها الترجمة العربية .
والاعتقاد السائد هو في اعتبار ارض "شنعار" هي بلاد العراق .
والصحيح أن البلاد التي وفد المهاجرين منها (وليس البلاد التي وفد المهاجرين إليها) كانت في جنوب العراق .
وبالتالي يكون اتجاه هذه الهجرة إلى الغرب من جنوب العراق إلى "أرض شنعار" التي انتهت إليها هذه الهجرة .

يعيد الدكتور الصليبي النظر في جغرافية بلاد الشام والعراق والحجاز , فيشير إلى أنه تاريخيا ومنذ الأزمنة القديمة كان هناك اتصال طبيعي مباشر بين جنوب العراق والحجاز عن طريق وادي الباطن ووادي الرّمة , وكان له أثره التاريخي على مرّ العصور .
لنتذكر أحداث نقل مقرّ الخلافة في عهد علي من مكة إلى الكوفة , وأحداث كربلاء , وثورة عبد الله بن الزبير .
وقد كانت هناك دائما , وعلى مرّ العصور , كما يبدو , صلة بشرية قائمة دوما بين المنطقتين عن طريق الهجرات المستمرة للقبائل (من الواحدة إلى الأخرى) .

وهذا ما يجلي الغموض حول أمور كثيرة تتعلّق بتاريخ العراق في العصور القديمة .
ومن هذه قضية سرجون ملك ( ءجد ) الذي أسس الدولة البابلية الأولى في العراق . والذي لم يتوصل علماء الآثار والمؤرخين حتى الآن إلى تحديد موقع ( ءجد أو ءكد ) .
الدكتور الصليبي يستبعد أن يكون اسم ( ءجد ) هو نفسه ( ءكد ) , ويطرح نظرية جديدة تقول أن سرجون كان ملكا على ما هو جغرافيا اليوم قرية "الوقيد" في منطقة حائل , بشمال نجد .
أمّا ( ءكد ) فهي باعتقاده قرية "الواكد" بالحجاز , في منطقة الطائف .
ولا بد من الحفريات في كلّ من القريتين للتأكّد من جليّة الأمر .
وكذلك نحن في حاجة إلى علم الآثار في جوار الطائف , بجنوب الحجاز , في قرية تعرف "بكلاداء" التي يعتقد الدكتور الصليبي أن أصل "الكلدانيين" العراقيين منها , وهم من أسس الدولة البابلية الثانية في العراق .

ويجزم الدكتور الصليبي بان "شنعار" لم يكن في وقت من الأوقات اسما يطلق على بلاد العراق , كما هو الاعتقاد السائد .
بل إن ( شنعر ) ما هو إلا اسم القرية المعروفة اليوم باسم "الشراعِن" , وهي من قرى الوادي الخصب المعروف بوادي كلاخ , بمنطقة الطائف من الحجاز , حيث "الكلاداء" التي تسمى "الكلدانيون" التاريخيون باسمها .
وتصبح القصة الأولى في النص العبري تتحدث عن هجرة من الشرق من جنوب العراق إلى سهل "البقعة" في "أرض شنعر" , ومحاولتهم بناء مدينة من اللبن والحمر كما كانت عادتهم في جنوب العراق وكانوا ينوون تسميتها "بابل" , على اسم بابل العراقية التي قدموا من جوارها .
ولكن القصة التوراتية تؤكد أن هذه المدينة لم يتم بناؤها


انتهى الاقتباس .

ما نريد قوله يمكننا صياغته على الشكل التبسيطي التالي :
تاريخ بني إسرائيل وتطور فكرهم الديني إلى ما صار يعرف بالديانة اليهودية الحالية .
تم تاريخيا في مدينة بابل , في زمن السبي , في النصف الأخير من الألفية الأولى قبل الميلاد .
تم تجميع أساطير أي خرافات وميثولوجيا شعب إسرائيل وبقية شعوب جزيرة العرب البائدة , وتاريخهم , وانساب قبائلهم , في نص سمي التوراة , ونُسب إلى اليهود كشعب وريث لكل ما سبق , وواقع الحال هو غير ذلك .
ففي النص القرآني على سبيل المثال , هناك فصل تام بين التوراة والزبور "المزامير" , ولذلك نستطيع الاستنتاج بسهولة أن نبي الله داود في القرآن كان من بني إسرائيل ولكنه كان صاحب كتاب , ولم يكن يهوديا بالتعريف الحالي الذي يعتمده العرب والمسلمون .

الحقائق التاريخية , ملك للإنسانية جمعاء .
خلق الهويات الدينية والقومية والقومية الدينية , على أسس تاريخية غير ثابتة , أو على تزوير وتشويه لهذا التاريخ , محض عملية أكاديمية استعمارية مستمرة ومتغيرة الأهداف .
بلغت هذه العملية ذروتها في إعادة إنتاج الشعب اليهودي من شتات أوروبي وأسيوي معقد الخلفيات التاريخية , وإنتاج لغة عبرية باردة وجامدة , ودين يهودي عنصري مغلق .
ثم تطور التوظيف لإعادة كتابة تاريخ المنطقة كلها على أساس هذه الوقائع الجديدة .
فاتسعت دائرة التشويه والتوظيف والتزوير .
ومع الاقتراب من بداية الألفية الجديدة , والحاجة الاستعمارية الأمريكية للنهب الحاد على أمل تعويم قوة الدولار الورقي المتآكلة .
عاد الأكاديمي الأمريكي , إلى كتابات الأب المؤسس لعلم إعادة إنتاج التاريخ دائما ومن جديد , الأب البريطاني .
فأعاد إنتاج أدبيات صليبية تقوم على الحاجة إلى قيام مملكة إسرائيل من جديد لتسهيل عودة المسيح المنتظر وتحقيق رؤيا يوحنا الإنجيلية في جغرافية بلاد ما بين النهرين تحديدا .
ونحن نتحدث هنا عن (( الصهيونية _ الصهيونية )) , والتي دمرت الشرق كله وتحديدا المسيحية الشرقية أكثر من أي شيء آخر .
عن طريق توظيفها كتاريخ وتراث ونقطة استناد , لإنتاج غطاء فكري ديني , بهدف تحقيق مصالح استعمارية مادية مجرده من أي عمق .
ولولا وجود النفط في ارض العراق , لما كان للأكاديمي الأمريكي ومن قبله والده البريطاني الروحي أن يهتم برؤيا يوحنا في الأناجيل ويشوه مضمونها اللاهوتي .
ولولا وجود النفط في جزيرة العرب والحاجة الاستعمارية لمنافذ على البحر الأبيض المتوسط , لما كانت هناك قضية فلسطينية بهذا الحجم وهذه التوظيفات الحادة وهذا الشر الكبير .
ولكان التاريخ , تاريخ جغرافيتنا العربية وجوارها الإقليمي , خاليا من أي عبث أو تلاعب .

كان الفتح الإسلامي , الاندفاعة الأخيرة والنهائية , لحضارة بلاد اليمن وعسير , وتراثهما الديني التوحيدي الفلسفي , ولغتهما العربية المتقدمة وذات الأعماق الإنسانية العليا .
وهذه الحركة الحضارية الفلسفية اللغوية والبشرية , تجعل الفصل التاريخي المتزامن بين عدن ودمشق والخرطوم والقاهرة وبغداد مستحيلا .
نحن نتحدث عن امة واحدة منذ فجر التاريخ , بلغت مع الفتوحات الإسلامية مداها اللغوي النهائي في جغرافية الأمة العربية الحالية .
وتجازها الإسلام إلى المدى الإنساني المستمر .

ما يجري في ارض العراق تحت الغزو الهمجي الأمريكي البريطاني المتحد في الجوهر هو :
_ استمرار التدمير الممنهج للمسيحية الشرقية كديانة سماوية تدعو إلى المحبة والسلام .
_ استمرار الفكر الاستعماري القائم في صناعة تاريخ توراتي لمنطقة نفطية ذات أهمية إستراتيجية عليا , في تشويه وإتلاف كل ما يتعارض معه .
_ استمرار التوظيف الحاد والمستمر للهويات الأقلية القومية والمذهبية والحضارية , في هذه المنطقة النفطية , لتقسيمها وتفتيتها ومنعها من الوصول إلى إقامة كيانات قوية قادرة على قيادة حركة التحرر الاقتصادي من براثن الاستعمار المباشر والنهب المنظم .
_ تأكيد الهوية الهمجية للناخب والأكاديمي والعسكريتاري الأمريكي والبريطاني .
_ تأكيد ثقافة العولمة المستقبلية على أنها ثقافة انحلالية تقوم على مبدأ شريعة الغاب والبقاء للأقوى في عودة ارتجاعية اقتصادية إلى البدائية بثوب كوني فضفاض .
_ تكريس ثقافة القلق والتشكيك والكذب في كل العوم الإنسانية , التاريخ والأديان والفلسفة والاجتماع ...
_ الاستمرار غير العقلاني في فرض دولة يهودية في بيئة رافضة لها , عبر خداع وتزوير علمي كبير , ومحاولات تدمير للجوار عبثية النتائج , لتامين استمرارية وظيفية نفطية لهذا الكيان .

اللغة العربية , اللغة القرآن , كرّست وجود الأمة العربية ونهائيا , والرهان على تدميرها كالرهان على بقاء إسرائيل , وهم وكذب وخداع وعبث .
التلاعب بالآثار ونهب المتاحف وإحراق الوثائق لن يغير في المستقبل في شيء .
العرب موجودون بلغتهم كأكثرية ساحقة في هذه الجغرافية وانتهى الأمر .
أي لقى أثرية يعاد زرعها في ارض فلسطين , يمكن بوسائل علمية متوفرة عند الجميع أن تعاد إلى بيئتها وتربتها التي كانت فيها , وانتهى الأمر .
مهما سيقدم الأمريكان والبريطانيون من أبحاث أكاديمية مستقبلية , سنبقى ننظر إليها كما لا نزال ننظر إلى كل عملهم الأكاديمي , منتج استعماري مزيف ومزور يخدم التوظيفات الاستعمارية ولا علاقة له بالحقائق أو أصول البحث العلمي .

الكذبة الكبرى إسرائيل اليهودية , كذبة تحمل في جذرها بذور فسادها .
ولأنها منتج استعماري غير متقن الصنعة , فهي تستمد قدرتها على البقاء من ثقافة إفناء الجوار .
وهم ومستخدموهم الأمريكان وصناعهم البريطانيون , يعرفون جيدا , أن ثقافة الإلغاء , وحتمية الحرب الوجودية , لن تكون في صالح مستنبت منعزل في ارض صلبة وموحدة ومتماسكة .
سينتهي النفط وسينتهي معه الزيف كله .
الغرباء سيرحلون , والمراهنون عليهم من شركاء التاريخ أو الجغرافيا سيدفعون الثمن .
كل أقلية كائنة من كانت في هذه المنطقة عليها أن تعي جيدا هذه الحقيقية وان تأخذ خيارها المستقبلي الصحيح .

نحن لسنا في حالة مؤامرة كونية لهدف محدد ونهائي .
نحن في مركز لعبة أمم , انتقلت تاريخيا وستنتقل مستقبلا , لأهداف استعمارية مستمرة : مواد أولية , وأسواق , وممرات إستراتيجية , وتقاسم مناطق نفوذ
.

سقط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا , وذهب الغرباء , وبقيت أفريقيا وسكانها .

حدّة اللعبة الأممية في منطقتنا العربية , وحدّة المشكلة اليهودية , وحدّة ما يجري منذ مائة عام على هذه الأرض , متعلق وفقط بالقيمة الإستراتيجية للنفط والنفط وحده .
لا علاقة لها بالتاريخ أو الأديان أو الآثار أو أي شيء آخر , إلا بمقدار ما نتبلبل نحن ونتوه ونضيع ونفقد البوصلة .

الأهمية الإستراتيجية الجغرافية , نعمة , وستبقى ورقة قوة بيد دولة الوحدة العربية .

1/12/2009

..







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:01 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط