الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
قديم 05-08-2006, 02:34 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
معاذ محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو






معاذ محمد غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ محمد

افتراضي جحود الديمقراطيين // بقلم عبداللطيف زهد رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم


للعلامه المرحوم عبد اللطيف زهد
المقدمة



الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أبي القاسم صلى الله عليه و سلم ، الذي بدأ
الدعوة وحيدا وواجه العالم كله بكل شجاعة و قوة وجرأة و تحد و صراحة ، و الداعية الذي يغفل عن تمثل هذا الرجل نصب عينيه في كل ثانية ، وكل دقيقة و كل ساعة و كل يوم و كل سنة ، سوف يفقد هذا الداعية دعوته ، و هو بفقدانه لدعوته سيفقد نفسه ، و سيغلب عليه عدم الإخلاص . و تكون علاقته بدعوته شكلية.
إن كل هذا النشاط الهائل للدعوة إلى الديموقراطية سواء في محاولات تعميق الأبحاث
أو انتشارها الواسع و إستغلال الوسائل و الأساليب الحديثة في النشر ، يفتر الهمة ، همة من يريد أن يكتب مقالة يرد فيها على دعاة الديموقراطية ، إذ أن لسان الحال يقول: ما قيمة تأثير مقالة صغيرة وسط هذا الهجوم الواسع الكاسح ؟ و لو اتبع المسلم أحاسيسه في في تقويم ما يستطيعه في مواجهة هذا الواقع لما صنع شيئا. ولكن المسلم مأمور أن لا يتبع الركون إلى أحاسيسه في استجابته للواقع، فهو يحسب أن الكفار قد غلبوا و أنهوا الأمر و الله يقول له :
"و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون" (1) و يقول جل جلاله : " و لا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون " (2) 59 الأنفال
وينبغي على المسلم أن يرى ما يأمره الله أن يراه ، لا ما تراه تقديراته للواقع . و عليه أن يقوم بكل ما يستطيعه من عمل حتى لو رآه ضئيلا للغاية لا يعد شيئا أمام هول الواقع .
فليتوكل كل مسلم على الله و ليعمل كل ما يستطيعه ، لأنه بهذا يضمن أجر ما يقوم به و لا ينشطن المسلم للقيام بالعمل بحسبان تحقق النتائج ، لأن نتائج الأعمال في يد الله و ما على المسلم سوى القيام بالعمل .
هذا ، و أدعو دعاة الإسلام إلى التلبس بالإخلاص . هذا الإخلاص الذي يبعد عنه أكثر دعاة الإسلام في هذا الزمن، و جريمتهم في ذلك ، في هذا الزمن ، و هذا الظرف ، هي جريمة كبيرة . لأنه لا يتصور نماء الدعوة بدون إخلاص ، و ستظل دعوة ضعيفة و سيظل تأثيرها ضعيفا بدون إخلاص ، فلذلك فإني أدعو دعاة الإسلام كي يتلبسوا بالإخلاص ،الإخلاص ، الإخلاص .

عبد اللطيف زهد

يتبع






 
رد مع اقتباس
قديم 05-08-2006, 02:37 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
معاذ محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو






معاذ محمد غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ محمد

افتراضي مشاركة: جحود

جحود الديموقراطيين
لقد كتب الكثير عن الديموقراطية في العالم الإسلامي(1) و منه العالم العربي . و أنا لن أتعرض في هذه المقالة للديموقراطية من حيث مناقشة

أعني بالعالم الإسلامي تلك البلاد التي غالبية سكانها من المسلمين وإطلاق كلمة دول إسلامية على البلاد التي غالبية سكانها مسلمون و ليسوا عربا هو إطلاق خاطئ ، لأن الدولة هي كيان تنفيذي لمجموعة من المفاهيم و المقاييس و القناعات . و الدولة الإسلامية هي الكيان التنفيذي لمجموعة من المفاهيم و المقاييس و القناعات الإسلامية ، و من المعلوم أن الدول التي يطلق عليها دولا إسلامية ليست كيانات تنفيذية لمجموعة المفاهيم و المقاييس و القناعات الإسلامية

تعريفها، السيادة للشعب والأمة مصدر السلطات أو الحكم عليها من حيث واقعها في إعتمادها على أساس فكري مبني على الحل الوسط و ليس العقل، و مخالفتها للفطرة الإنسانية . أو من حيث تناقضها مع العقيدة الإسلامية و الأحكام الإسلامية ومن البديهي أن الفكر الذي لا يبنى على العقل هو فكر غير صحيح و أن الفكر الذي يتناقض مع فطرة الإنسان هو فكر فاسد لا يصلح للإنسان و أن الفكر الذي يتناقض مع العقيدة الإسلامية هو فكر كفر. كما أن الأحكام التي تتناقض مع أحكام الإسلام هي أحكام كفر. بل سأتعرض في هذه المقالة إلى الديموقراطيين أنفسهم أي إلى الذين يدعون لها و ينظمون المؤتمرات ويعقدون الندوات و يقدمون المحاضرات للتأثير على الرأي العام ، حتى يتقبلها الناس و يرغبوا بها و يحترموا من
يدعوا إليها ، و يرضوا بها بديلاً عن الإسلام .
سأتعرض إلى جحود الديموقراطيون العرب ، لأنهم هم من أعرفهم معرفة شخصية و أعايشهم في ندواتهم و محاضراتهم و أقرأ لهم .
يقال أن أفضل ما يكتبه الكاتب ، كتابته عما حصل معه فعلا ، كتابته عن واقع عايشه و أحسّه ، لذلك فإنني لن أزيد في هذه المقالة عما حصل معي فعلاً في ندوة من الندوات الكثيرة جداً التي لا يمل الديموقراطيون من عقدها و تكرارها ، لن أزيد إلا شرحاً لما قلته و تفصيلا قليلاً.
سأكتب عن هؤلاء الديموقراطيين، عما جرى في ندوة طغى عليها من قبلهم ميل في عدم
الإستغراق بالتنظير و عدم الخوض في التعريفات بل تبلورت لديهم عدة إهتمامات هي التي
أرادوا أن تتوفر في الديموقراطية التي يريدونها
و هذه الإهتمامات هي :
1_ أن يكون للناس دور في اتخاذ القرار .
2_ أن ترتبط الديموقراطية بتحرر العرب .
3_ و لأن الديموقراطية السائدة في العالم هي ديموقراطية الرأسماليين ، فإن الحاضرين ربطوا الديموقراطية التي يريدونها بالإشتراكية .
تحدث المتحدثون ، و ذهبوا في التاريخ بعيداً ، و هم في تصورهم أنهم يبحثون في التاريخ ، كتاريخ للإنسانية من حيث علاقة هذا التاريخ بالثلاثة إهتمامات التي تهمهم فذهبوا بعيداً و أزاحوا الغبار عن مفكرين قبل الميلاد و ربطوا بينهم و بين الديموقراطية و بعد ذلك صاروا يقتربون شيئاً فشيئاً ، و أزاحوا الستارة عن أوروبا في القرون الوسطى ، و ساروا مع تاريخ أوروبا عبر فلاسفتها و مفكريها ، لافتي الأنظار إلى البدايات الديموقراطية عند مفكري أوروبا إلى أن و صلوا إلى الثورة الفرنسية و عصر التنوير كما يسمونه ، و ذكروا العديد من مفكري هذا العصر الأوروبيين .
و بذلك فهم قد تصوروا أنهم شملوا التاريخ الإنساني كله من حيث ارتباطه بالديموقراطية حسب الإهتمامات التي اشترطوها .
لقد طغى على هذه الندوة ربط الديموقراطية بهذه الإهتمامات الثلاثة ، فلذلك كان خطابي حسب طرحهم ، فلم أخاطبهم خطابا متعلقا بنقض الديموقراطية بل خطاباً يستهدف نقض مصداقيتهم . و أنا أعتمد فيما أرى من جدوى لهذا الخطاب هنا ، على بعض الحقائق .
من هذه الحقائق، أن المعاني الإنسانية أي المعاني التي توصل إليها مفكرو البشر غنية جدا .
و الرسل يرسلهم الله يعتمدون بعض هذه المعاني . و لا تعني الرسالات السماوية أنها تاتي بالجديد في كل ما تأتي به ، بل الرسالات تعني ما الذي تعتمده هذه الرسالات "و ما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا " الآية 7: الحشر .
لذلك فإن المفكرين تطغى عليهم إهتمامات قد يرونها إيجابية لحياة الناس ، من مثل النظرة إلى رأي الأكثرية نظرة احترام و تقدير ، و مثل نظرة إشراك الناس في اتخاذ القرار ، لأن القرار يؤثر على حياتهم ، و مثل النظر إلى الغير نظرة مسؤولية في عدم ترك العمال مثلا مستغلين من قبل أصحاب المال . و من مثل النظرة إلى الفقراء نظرة مسؤولية بوجوب تخليصهم من فقرهم ، و النظرة إلى الشعوب المستعبدة في ضرورة تحررها من الاستعمار و الإستعباد .
إن ميزة الرسل عندما يختصهم الله بتبليغ الناس الطلب الإلهي ، الأوامر و النواهي الإلهية
أنهم أي الرسل ، فوق الشبهات من حيث ارتباط ما يدعون إليه بمصالحهم الشخصية . أو ضيق الأفق الناتج عن تأثرهم ببيئاتهم و مجتمعاتهم أو ظروفهم أو تأثرهم بالواقع . هذه الميزة التي تؤيدها المعجزة ميزة الرسل هذه "الله أعلم حيث يجعل رسالته " الآية 124:الأنعام يفتقدها المفكرون في هذا المجتمع أو تلك البيئة من هذا الشعب أو ذاك على مختلف العصور و الوقائع و من اطلع على سير حياة كبار مفكري الإنسانية، الذين لم يسيروا مع الرسالات السماوية ، يرى مدى انحطا ط سيرهم الذاتية من حيث ارتباطهم بمصالحهم و شهواتهم ، بخلاف السير الذاتية للرسل و سير من اتبعهم و سار معهم من المفكرين .
لقد أدخلت هذه الفقرة على الموضوع كي تفهم الوجهة التي اتخذتها في ردي على هؤلاء المفكرين الديموقراطيين أن خطابي انطلق بناء على اهتماماتهم كما يدعونها وكي يكون واضحا أنني لو ذهبت في خطاب نظري _ بغض النظر عن اهتماماتهم _أشرح العقيدة الإسلامية أو النظام الإسلامي ، لأصبحت في واد، والواقع الفكري المراد معالجته _ اهتمامات
الديمقراطيين _في واد آخر .
إنني أرى _مع من يرى _ أن الإغراء الكامن في الرد على المفكرين من أفكارهم نفسها هو إغراء قوي ، و مثل هذا الرد هو رد خطير لأنه سلاح ذو وجهين . و الصحيح و السليم في نفس الوقت هو الرد العقائدي .
و لكن الديموقراطيين في هذه الندوة لم يكن طرحهم طرحاً عقائدياً. أو طرحا يستدعي
ردّه إلى أسسه ، بل كشفوا عن إهتمامات تشدهم و رأوا أن الديموقراطية هي التي تلبي هذه الإهتمامات . هذه الإهتمامات التي لم تتحقق يوماً في الديموقراطية طيلة عصور التاريخ
وقد تحققت بالعصر الإسلامي فقط طيلة التاريخ البشري ، لا على الشكل الذي يخرجونه بل بحسب الجوهر الذي يتشوف الإنسان إليه من خلال ما يبديه من إهتمام . و من هنا رأيت أن
يكون خطابي موجهاً إلى مصداقيتهم في النظرة التاريخية و مصداقيتهم في ادعاء حصول هذه الإهتمامات في غير العصر الإسلامي .
و هذا ما قلته لهم مع شيء من التفصيل (1)
إنكم ذهبتم بعيداً في أعماق التاريخ ، ذهبتم مئات السنين قبل الميلاد ، لتوحوا إلى السامع أنكم تتوخون الحقيقة المرتبطة باهتماماتكم ، و أنكم تبحثون عن أصولها التاريخية ، و أنكم ترصدون التاريخ البشري بحثاً عن إهتماماتكم لتظهروا نصاعة الحقبة التي تحققت فيها هذه الإهتمامات.
يتبع







 
رد مع اقتباس
قديم 05-08-2006, 12:25 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ايهاب ابوالعون
أقلامي
 
الصورة الرمزية ايهاب ابوالعون
 

 

 
إحصائية العضو







ايهاب ابوالعون غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى ايهاب ابوالعون إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ايهاب ابوالعون

افتراضي مشاركة: جحود

رحم الله المذكور و تغمده في فسيح جنانه .







التوقيع

رحم الله عبدا عرف قدر نفسه
 
رد مع اقتباس
قديم 05-08-2006, 10:17 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
معاذ محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو






معاذ محمد غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ محمد

افتراضي مشاركة: جحود

من الواضح أن هذه المقالة أطول بكثير مما يمكن أن يقال في ندوة كمداخلة، وسبب طولها هو ما تضمنته من شرح و تفصيل، و لكنها لم تخرج في أفكارها الرئيسية عما قلته في الندوة.
ذهبتم بعيداً في التاريخ ، مئات السنين قبل الميلاد فالعصور الوسطى عند أوروبا فالقرن
الثالث عشر الميلادي ، كزمن من تاريخ أوروبا .
أي تاريخ هذا ؟! ألا يوجد في التاريخ إلا الأوروبيون ؟. إنكم تريدون أن توحوا أن غير
الأوروبيين لا وجود لهم ، و أن تاريخ أهل أوروبا هو تاريخ البشرية .
إنكم قفزتم عن العصر الإسلامي كله في التاريخ و كأن العصر الإسلامي بدأ و انتهى في مغارة ذات حيز من عدة أمتار مكعبة في جبال وعرة لم تعد تصلها أقدام البشر أو في ركن صغير في دغل صغير من أدغال غابة غير مكتشفة حتى الآن .

لقد قام في القرن السابع الميلادي دولة للمسلمين ، حطمت في حينها أقوى دولتين في
ذلك العالم ، دولتي الفرس و الروم ، فهل مثل هذه الدولة و هي التي كتبت تاريخ العالم لمدة
طويلة تكون خارج التاريخ ، و تتجاهل كل هذا التجاهل ، إلى الدرجة التي ترصد المعاني التي تبدون غيرتكم عليها في كل حقب التاريخ قبل هذه الدولة و في زمن وجود هذه الدولة حتى أنكم تجنيتم على الزمن نفسه ، فأين هذه القرون من عمر البشرية ؟ ، و ماذا وجد فيها ؟ و لماذا نظرتم إلى التاريخ باعتباره تاريخاً لأهل أوروبا متجاهلين هذه القرون بدءاً من القرن السابع الميلادي، متجاهلين الدولة التي قامت في هذا القرن ، في بلاد العرب يا من تدعون الإهتمام بالعرب، لماذا تطوون السجل الذي يؤرخ لهم في القرن السابع الميلادي ؟ ، هذا القرن الذي يبدو من أول نظرة لأي باحث ، لأي مؤرخ ، لأي ناظر أنه ليس قرناً أوروبياً، بل قرناً إسلامياً ،لقد استبدلتم يا هؤلاء أعينكم الطبيعية بعيون أوروبية ، لا ترى إلا ما هو أوروبي و تنكر رؤية وجود ما هو ليس أوروبياً

إن هذه الدولة كانت ملء عين التاريخ و ملء سمع الزمن و ملء عين الأرض و البحر
فلماذا لم ترصدوا هذه المعاني في هذه الحقبة الزمنية في الأرض و البحر ؟ و إليكم بعض ما
تحقق من اهتماماتكم في هذه الحقبة .

الإهتمام الأول :
لقد أبديتم عن اهتمامكم الأول ألا و هو:
تأثير الناس في اتخاذ القرار فتعالوا لندرس مدى تحقق هذا الإهتمام في هذه الدولة .
أ_ تاثير الناس في إقامة هذه الدولة :
لقد صمم مؤسس هذه الدولة أن تقوم بعد أن ينتهي من دور تثقيفي لمجموعة من الناس آمنوا معه بأساس هذه الدولة بالعقيدة الإسلامية ، مجموعة كافية قادرة على القيام بصراع فكري و كفاح سياسي و تهدف من ذلك أن يتفاعل المجتمع معها و يحمل ما تحمل من أفكار، فخاض مؤسس هذه الدولة هو و من آمن معه صراعاً كانوا يؤذون فيه أشد الأذى نتيجة تنزيلهم أفكارهم على الواقع ، و لم يعرف عنهم أنهم ضربوا أو آذوا أحداً بصفتهم الجماعية، وبعد أن تفاعل أهل المدينة مع هذا الهدف إلى درجة أنه لم يعد في تلك المدينة بيت إلا و فيه ذكر للمبدأ الجديد ، للإسلام .
أي أنه أصبح في المدينة رأي عام مبني على وعي عام على أفكار الإسلام. فطلب أمير الجماعة من أهل تلك المدينة أن ينتخبوا من بينهم من يمثلهم أمامه ليبايعوه على الحكم. أنظروا تصميم مؤسس الدولة أن يكون من يعطيه الحكم ممثلين للناس و بعد أن اعتنق أهل المدينة هذا المبدأ ، هجر الداعية لهذا المبدأ موطنه الأصلي إلى الموطن الذي اعتنق المبدأ، هجر موطنه إلى موطن المبدأ هجر أهله و عشيرته الذين لم يستجيبوا إلى المبدأ إلى الناس الذين استجابوا للمبدأ بل قال عن نفسه في موضع آخر أنه امرؤ من الأنصار ،لقد كان الداعية الأول في قرار تأسيسه لأول دولة تمثل مبدأه تبعاً للناس تبعاً لمدينتهم .
فهل هناك حركة في التاريخ صممت أن تقيم دولة بعد تقبل الناس و اقتناعهم الفكري واعتناقهم لمبدأ هذه الدولة ؟ ، هل هناك حركة في التاريخ مثل هذه الحركة ؟

ب_ اعتبار الناس في اتخاذ رئيس الدولة للقرار ، بل اتخاذه أهم قرارات الدولة .
قصة اتخاذ أهم قرار في تاريخ هذه الدولة : وهو قرار مواجهة العدو في معركة بدر .
تلك المعركة المصيرية في تاريخ تلك الدولة ، المعركة التي قال فيها القائد أنه لو هزمت
قواته في هذه المعركة لضاعت دولته و لضاع الإسلام ، مبدؤه .
إن رئيس الدولة هذه لم يتخذ القرار على خطورته ، و يبلغه لمعاونيه لكي يقودوا الناس إلى المعركة التي قررها القائد المؤسس زماناً و مكاناً ، كذلك لم يقم بتبليغهم قراره ، و هو الرسول ،على أنه أمر من الله بوصفه رسولاً ، مثل من سبقه من رؤساء الدول الذين كانوا يلجأون إلى كهنة المعابد الدجالين ، الذين كانوا بالاتفاق مع القادة السياسيين يدخلون داخل المعابد محاطين بطقوس سخيفة ، يخبرون الناس بعدها أنهم حصلوا على القرار من مصدره المقدس ، المغيب على الناس ، إنه رسول فعلاً ،و إن له اتصالاً حقيقياً مع السماء ،و مع ذلك فإنه بوصفه رئيساً للدولة ، لم يطلب من الناس أن يطيعوه على أنه مبلِّغ عن الله . بل جعل القرار قرارهم قائلاً لهم : " أشيروا علي أيها الناس _ و إنما يريد الأنصار _ و ذلك أنهم عدد الناس "
قد يقال إن المهاجرين من أهل بلدة رئيس الدولة ،وإن موقفهم "رسمي" ، لذلك فإن كلمة الناس كناس لا تنطبق عليهم ، إذا قيل هذا في المهاجرين فإنه لا يقال على أهل المدينة ، الأنصار . لذلك قال سعد بن معاذ و هو من الأنصار لرئيس الدولة " و الله لكأنك تريدنا يا رسول الله ، قال : أجل ".
هل عرف التاريخ رئيساً للدولة يصرّ على أن يكون قراره بناءً على مشورة الناس كناس
مثل رئيس الدولة هذا ؟
إن رئيس الدولة هذا هو الرجل المسلم أبو القاسم محمد بن عبد الله ، رسول الله ، عليه صلوات الله و سلامه ، و قد حكم هذه الدولة مدة أحد عشر عاماً من 621م _632م .
هل يجد الديموقراطيون في رحلتهم التاريخية التي يبحثون فيها عن كنزهم الثمين ،
و هو اعتبار الناس في اتخاذ القرار ، هل يجدون كنزهم في غير هذه الجزيرة ؟ إن الديموقراطيين لم يسجلوا هذه الجزيرة على خريطتهم التاريخية لقد أسقطوها من الوجود ، لأنها ليست أوروبية
العلماء يسجلون نجوماً مظلمة سوداء لا ترى في الكون الواسع تبعد ملايين السنين الضوئية ، و هؤلاء الديموقراطيون يسقطون من سجل الكرة الأرضية جزيرة تشع نوراً . بل إنه لا يوجد في تاريخ البشر مثل هذا الصفاء و الوضوح في اعتبار الناس في اتخاذ القرار ، يقول رئيس الدولة " أشيروا علي أيها الناس "
إن إسقاط هذه الدولة من خريطة رحلتهم الديموقراطية التاريخية هو أكبر جحود من قبلهم للحقيقة التاريخية ، مما يظهر أنهم غير مخلصين في بحثهم ، لأن الباحث المخلص يسلم للحقيقة حيث يجدها .
و مثلما جسد رئيس الدولة هذه ، اعتبار الناس في اتخاذ أخطر قرار في تاريخ الدولة
جعل قراراً خطيراً آخر بيد الناس ، و الدولة لا زالت في البدايات ، قراراً يتعلق بمكان
معركة خطيرة و الدولة لا زالت الأخطار تهدد وجودها نفسه مما يعطي الذرائع لرئيس الدولة و معاونيه الاحتجاج بالظروف الصعبة و غير العادية التي تمر بها دولته . و لكنه لم يتذرع بالظروف كي يصدر قراراً ، هو مقتنع به و كذلك هم كبار معاونيه و كبار القوم ( ماذا يهمّه بعد ذلك ؟ ) ألا يخرجوا من المدينة و أن يحاربوا الغزاة من داخل المدينة " وبدا أن كثرة المسلمين تميل إلى البروز لملاقاة العدو ، فدخل الرسول صلى الله عليه و سلم بيته و خرج متهيئاً للقتال " " و قال : قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم إلا الخروج " ، قرار يخالفه فيه الناس ،و لهم رأي آخر بشأنه .
يقول رئيس الدولة ، وهو الرسول للناس " لقد دعوتكم فأبيتم " و يتخذ القرار نزولاً عند رأيهم مع أن له رأياً آخر ، كل علاقته به أنه يدعو له ، أين مثل هذا الرئيس في التاريخ الذي تراه أعين الديموقراطيين من زمن قبل الميلاد ، قفزاً عن قرون عدة و ليست دقائق أو ثوان وصولا إلى قرونهم الوسطى و ما بعدها ، هل يجدون مثل هذه الدولة ؟ .
يتبع







 
رد مع اقتباس
قديم 06-08-2006, 04:42 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
معاذ محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو






معاذ محمد غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ محمد

افتراضي مشاركة: جحود

إن ديدن العلماء و الباحثين عدم إهمال الثواني من الزمن ، الشعرة في مغارة ، فكيف بجزيرة و دولة وصلت إلى الصين ، و قرون طويلة . إن رئيس الدولة يكرر اعتبار الناس في اتخاذه لقراراته مما يبين أن جعل القرارات للناس فيما يتعلق بالناس ، هو طريقة ثابتة لا تحوّل عنها . و ليس ممارسة عابرة.

ج_ في اتخاذه لقراره الهام في كيفية احتوائه للناس في الحديبية :
اتخذ رئيس الدولة ، القائد ، قراره بناء على مشورة امرأة واحدة . و هي زوجته أم سلمة ، مشورة إمرأة ، ليست بذات شباب أو جمال كي تؤثر عليه بجمالها أو شبابها ،بل هي مجرد إنسان وجد عنده الرأي السديد . و لم يحرج في أخذه لقراره بمشروتها في زمن ، ليس بالبعيد حين كانت توأد فيه الأنثى .
وقد تراجع صاحب لرئيس هذه الدولة ، خلفه من بعد في الحكم و هو عمر بن الخطاب ، تراجع عن قراره في تحديد المهور أمام الملأ ، عندما ذكرته امرأة أن في هذا القرار مخالفة دستورية ، فتراجع مباشرة و قال أخطأ عمر و أصابت إمرأة .
أين يوجد مثل هذا التراجع العفوي الطبيعي من قبل رئيس دولة في تاريخهم هؤلاء الديموقراطيون ؟
أليس جحوداً في حق هذا الرئيس و من جاء بعده أن يُغفَلوا و يُسقَطوا من التاريخ ، خاصة و أن ممارساتهم تلبي اهتمامات هؤلاء الديموقراطيين ؟بل إن رحلتهم التاريخية إنما كانت للبحث عن هذه الممارسات بالذات ، ولكنهم يجدونها و يهيلون عليها التراب ثانية ، يعيدون الكنز إلى مكانه و يحفرون عميقاً في التراب ويدفنونه، لأن أصحاب الكنز غير أوروبيين، ضحوا بالكنز بعد أن عانوا الكثير ليجدوه ، ضحوا باهتماماتهم لأنها ليست أوروبية المصدر .
تخلوا عن اهتماماتهم ، لم يعد لها قيمة لأن محل الاهتمام في الحقيقة هو الأوروبيون أنفسهم
ليس غير ، و لو كان الديموقراطيون يسيرون مع اهتماماتهم لوقفوا عند من حقق هذه الاهتمامات و سلطوا عليه الأضواء ، لسلطوا الأضواء على هذه الدولة ، بدلاً من إطفاء
الأضواء عنها كي لا يراها أحد ، كي تظل في الظلام ، لأنهم يعادون هذه الدولة و إن
كانت هذه ممارساتها ، وإن كانت ممارساتها هي عين اهتمامهم .
إن هذا هو الجحود بعينه .
إن الجحود لفظة ذات بعد فكري خطير ، إن أدرك الإنسان علاقتها بالواقع ، ولم يتعامل معها كلفظة من قبيل الشتيمة .
قال في مختار الصحاح : الجحود : الإنكار مع العلم . فإن أقر الديموقراطيون بجهلهم بهذه الحقبة التاريخية ، و الأكثر ظهوراً في التاريخ ، فإنهم بهذا الاقرار تنتفي عنهم صفة الباحثين ، لأن البحث و الجهل لا يجتمعان . و إن هم أقروا بأنهم أغفلوا هذه الحقيقة مع علمهم بها ، فهم يظهرون بهذا ما بأنفسهم من جحود .
تصور أيها القارئ أنك لقيت يوماً إنساناً ضائعاً في فلاة ، يفتقد معرفة وسيلة الخروج من الفلاة و النجاة من الضياع ، يتهدده الموت لافتقاره إلى الماء و الغذاء ، و أنت لا تملك سوى القليل من الماء والغذاء ، و قررت أن تشاركه خطورة مواجهة الموت بمقاسمته ما معك
من الماء و الغذاء، و يشاء الله أن تنجو أنت و هو من هذه المغامرة و تصلا إلى بر السلامة، و يذهب كل إلى غايته، وتمر السنون، و يشاء الله أن تقع أنت فبما كان هو فيه، و يمر بك ، و تستنجد به ، و لكنه يمضي ، غير عابئ بك ، متجاهلا مصيبتك التي تعني هلاكك ، و تذكره بما كان فيه ، و لكنه ينكرذلك غير مبال بالحقيقة ، هذا هو الجحود . هل ينطبق هذا الجحود على الديموقراطيين ؟ نعم إنه ينطبق تماما لأنهم ينكرون مع العلم هذه الحقبة التاريخية ،مع أن هذه الحقبة أخذت بيد البشر طيلة قرون ، تلك القرون التي نعمت فيها البشرية بالسعادة بعد شقاء طويل .
ولكن الديموقراطيين الذين يدعون أنهم يسيرون مع التاريخ يوما بيوم باحثين عن الممارسات التي هي محل اهتمامهم ، يدعون مشاركة البشرية في إحساسها بالشقاء ، و تأتي حقبة الدولة
الإسلامية فتنقذ البشرية من الشقاء و لكن الديموقراطيون يجحدون هذا الإنقاذ مع أنه أظهر وضوحاً من الشمس في يوم من أشد أيام الصيف جفافاً .

د_ دور الناس في اختيار رئيس الدولة :
إن نظرة الإسلام إلى الناس على أنهم سواسية في الرعاية و القضاء ، هي مفاجأة تاريخية ، واحة ظليلة في صحراء التاريخ ، حيث البدايات اليونانية ، التي هي محل اهتمام الديموقراطيين ، تلك البدايات التي كان الناس مقسمين إلى سادة أحرار و عبيد و فلاحين ، كيف يستوي هذا الاهتمام و الناس ليسوا سواسية ؟ لا في القديم و لا في الحديث . و أنا لن أزيد عن رؤية فيلسوف غربي ، ولا أظن أنه سيتهم بمحاباة العرب المسلمين ،و هو
برتراند رسل حيث يقول : "و كان يحكم الإمبراطورية العربية خلفاء ، و المقصود
بهم خلفاء الرسول و ورثة سلطته . و سرعان ما تحولت الخلافة ، بعد أن كانت قائمة في البدء على الانتخاب"(1)
فأين اجتمعت النظرة إلى الناس على أنهم سواسية مع اعتبار اختيارهم لرئيس الدولة أو غيره من الحكام

(1) برتراند رسل ، حكمة الغرب ، ج1 ،عالم المعرفة ، عدد 62 ، 1983م ، ص282
في غير هذه الدولة ؟ فقد عزل رئيس الدولة واليه على البحرين لمجرد أن الناس طلبوا عزله.

الاهتمام الثاني :
و هو الاهتمام بتحرر العرب ، أي لا قيمة عند الديموقراطيين للديموقراطية إن لم تعن تحرر العرب (هكذا !)
إن هذا الاهتمام من المستغرب على الديموقراطيين أن يدّعوه و هم الذين ينكرون آباءهم و أمهاتهم .
و على كل حال ، ففي هذا الإدعاء بهذا الاهتمام يظهر الديموقراطيون جحوداً أكبر من جحودهم السابق في اهتمامهم الأول ، لأنه قد يشتبه عليهم تحقق اهتمامهم الأول بدرجة ما ، على يدي رئيس الدولة هذا أو ذاك في التاريخ و لكن المقطوع فيه ، و لكن الحقائق التاريخية تجزمبأنه ليس لأحد أولئك الرؤساء علاقة بتحرر العرب من قريب أو بعيد فلذلك لا شأن
للديموقراطيين بهم .
لقد رصد الديموقراطيون بعضاً من الممارسات التاريخية مع أنها لا علاقة لها بتحرر العرب . لقد أظهروا في ندواتهم أنهم يدورون مع اهتماماتهم في هذا الرصد ، فلماذا يلفتون الأنظار لديموقراطية لم تحقق تحرر العرب ، بل إن هذه الممارسات منفصلة تماماً في السياق التاريخي عن العرب تماماً . إن بعض هذه الممارسات الديموقراطية المحترمة من قبلهم _ كالثورة الفرنسية _ كان أصحابها قد استعمروا العرب و سفكوا دماءهم ، أو هم قد استعمروا العرب من بعد ، أو هم في سبيلهم لاستعمار العرب . فأين مصداقيتهم بربط الديموقراطية بهذا
الاهتمام ؟ قلت إن جحودهم يظهر و بشكل يثير الحنق و الغيظ عند الإنسان الطبيعي .
جحود إنكارهم حقبة الدولة الإسلامية ، والقفز عن سنين حكمها ، و كأن هناك انقطاعاً في الزمن طيلة حكمها ، أقول : إن جحودهم يظهر بشكل ناصع ، كاشفا عن قلوب فاسدة ، لا يعقلون بها ،و عيون لا يبصرون بها ، و آذان لا يسمعون بها صوت الزمن عبر فترة طويلة، أقول ذلك : لأن تحرر العرب لم يحصل إلا في فترة واحدة من التاريخ و هذه الفترة هي التي يسدلون عليها ستارة من خبث و جحود و إنكار و حقد ،إنهم لا يريدون رؤية هذه الحقبة حتى لو تحرر العرب فيها ، حتى لو كانت هي الحقبة الوحيدة التي تحرر العرب فيها ، فأين اهتمامهم بالعرب لو كانوا صادقين ؟ إنهم يجحدون ، ينكرون على علم ، أن العرب
_محل اهتمامهم _ كانونا تبعاً للفرس و الروم في القرن السابع الميلادي ، و أن الحروب كانت تقع بينهم خدمة لأسيادهم من الروم و الفرس . و أن دماء العرب كانت تراق على مذبح مصالح الفرس و الروم أسياد العرب ، الذين كان العرب محل سخريتهم في مجالسهم ، فقد كانوا يتندرون على العرب بأنهم دون جميع الشعوب التي يحكمونها ، دون الفرس و الروم و غيرهم من الشعوب التي اشتهر عنها اهتمامها بالفكر أو الحكمة أو الصناعة أو غير ذلك .
يتبع







 
رد مع اقتباس
قديم 07-08-2006, 04:08 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
معاذ محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو






معاذ محمد غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ محمد

افتراضي مشاركة: جحود الديمقراطيين

حسب تاريخكم و هو تاريخ الأوروبيين فقط لم يتحرر العرب ، فتاريخكم أغفل الحقبة التي تحرر بها العرب ، فأين مصداقيتكم في البحث؟ ، إن العميان يعرفون عن هذه الحقبة ، إنكم أشد عمى من العميان ، إن الجاحد ليس بالأعمى لأنه ينكر ما يرى و يعلم .
إن الاهتمام الأول تحقق على يدي رؤساء في هذه الدولة ، كما أن هذه الدولة حققت لأول مرة و آخر مرة في التاريخ تحرر العرب .
إذ أن العرب بعد هذه الدولة استعبدوا مرة أخرى و فقدوا حريتهم ، إن هذه الدولة حمت
العرب من الاستعباد مع أن رؤساءها لم يكونوا عرباً ، فقد كانوا عرباً و شراكسة و أكرادا و تركا مما يعني أن نظام الدولة هو المحور و رئيسها ينفذ هذا النظام .
إنكم تؤرخون _ و يا للعجب _ نهضة العرب على أيدي الغزاة الأوروبيين ، فكيف تسجل
نهضة وتحرر شعب ما على يدي غزاته؟ . أنا أفهم أنكم ترون أنفسكم امتدادا لأوروبا ، لأنكم
لا تعترفون بوجود غيرها أصلا ، و أينما ذهبت أوروبا وصل التحرر و النهضة ، و لكن أين ذهب ادعاؤكم بالاهتمام بتحرر العرب ؟، هل يتحقق تحرر العرب بالإستعمار الأوروبي ؟
إنكم لا ينبغي أن تعتبروا من الباحثين ، فكيف تكونون باحثين و لم يشمل بحثكم أعظم فترة في تاريخ البشرية بحسب مقاييسكم للعظمة ؟
لأن محل اهتمامكم تحقق في هذه الحقبة و إن كنتم باحثين حقاً ، فأنتم باحثون غير صادقين ، و قد يكون الإنسان كاذبا و لكن الأسوأ منه هو الذي يجمع الكذب و الجحود معا .
بل إن الديموقراطيين هم أسوأ من الكاذبين والجاحدين، إنهم مزورون. والمزورون هم من يقدمون العملة الزائفة على أنها العملة الحقة ، إنهم شاهدو زور على التاريخ ، و هم مرتكبون لأكبر الكبائر ، كما في حديث رئيس دولة الإسلام .
بل هم أسوأ من ذلك ، فهم يطلبون من المسلمين ما لم يطلبه أحد من العالمين ، إنهم يطلبون من أناس أن يتنكروا لأنفسهم ، بل أن ينكروا أنفسهم أن يعادوا أنفسهم ، أن ينظروا لأنفسهم من خلال أعين أعدائهم ، أن يمحوا أنفسهم من التاريخ و يروا أنفسهم من خلال الأوروبيين فإن سعد الأوروبيون فهم سعداء و إن هم عزوا فهم أعزة ، ووجود الأوروبيين وجودا لهم و غيابهم غيابا لهم .
هل يرى القارئ الكريم أنني أبالغ ؟
و الله لو يوجد فيما أقول زيادة بل فيه نقصان و الله إن ما يقوم به الديموقراطيون هو فوق
قدرتي على بلورة مدى السوء الذي يقترفونه .
لقد وقف هؤلاء الديموقراطيون أمام جبروت التاريخ ، وقد صف التاريخ الناس أمامه
و منح الديموقراطيين أن يتعرف كل واحد منهم على أمه و أبيه ليخرجه من الصف و يخلصه من العقوبة . و لكن الديموقراطيون مرّوا بآبائهم و أمهاتهم دون أن يتعرفوا عليهم . لقد أنكروهم.
و ليعلم القارئ الكريم أن هذه الصورة ليست تشبيهات بلاغية بل هي دون الحقيقة ، لأنه عندما أمر الغازي الآباء و الأمهات من الشعوب المقهورة أن يصطفوا في صف طويل وهب الشباب أبناءهم الديموقراطيين كي ينقذوهم فمن تعرف على أب له نجا أو أم له نجت ، و مروا عن آبائهم و أمهاتهم ، و تلاقت العيون بالعيون ، عيون مسعورة ، حمراء من شدة الجفاف ، و طول السهر في علب ليل الغازي الحمراء . و عيون تفيض من الدمع و مروا منكرين لآبائهم و أمهاتهم ، تلاحقهم الصرخات لا تنكرونا ، تعرفوا علينا ، و لكن الآذان التي تضع سماعات تسمع فيها رطانة أغاني الغازي لا تسمع ، و العيون في الرؤوس الخدرة السكرانة المنتشية برفقة الغازي لا ترى ، و النفوس المريضة فرحة بما تعمل ، بل و تشتم الآباء و الأمهات ، وذهبت استغاثة الآباء و الأمهات أدراج الرياح ، فلم يسمع الشباب الأنين وسط ضجيج الفرح و ضرب الكؤوس في حفلة انتصار الغازي . إن هؤلاء الديموقراطيين أسوأ من أولاد الزنا ، أولاد الحرام ، لأن أولاد الحرام يعرفون أمهاتهم و لكن هؤلاء لا أمهات لهم و لا آباء .
و قد يقول قائل : إنك تحاكي كلاماً يحاكي ما تحكيه الأساطير، ولماذا تكون الأساطير دوما أشد قساوة أو غرابة من الواقع ؟ فإن الواقع أحياناً يكون أشد، وما أقوله قد حصل، بكل المرارة حصل وإن كان أغرب من الأساطير . فقد أنكر الديموقراطيون أمهم ، دولة الإسلام ، حاميتهم ، مرضعتهم ، محتضنتهم ، أنكروها من التاريخ و هي تستصرخ بهم : الست أمكم ؟ و لم يبالوا بها و أخذوا يركلونها بأرجلهم و يمزقون ثيابها و يكشفون عوراتها، و يدوسونها، وينكرون أمومتها، تحت بصر الغازي الذي وقف متشفّياً ها هي عدوته تسقط بأيدي أبنائها، فقد شفى الأبناء صدره من الحقد الدفين ، نعم إنهم أسوأ من أولاد الحرام في التاريخ فهم يشفّون عدو الأم بها .
هل هناك جحود أكبر من جحود الأم ، و صم الآذان عن سماع استغاثتها ، بل والمشاركة بقتلها و العبث بجثتها و تعريتها أمام أبصار الأعداء؟ ، هل هناك جحود يفوق خجل الإنسان من أمه ؟
و هل بإمكان الإنسان أن يستبدل أمه بأم أوروبية ؟
نعم إن الديموقراطيين بلغوا من الجحود جحوداً لم يبلغه أحد من العالمين ، وضعوا أصابعهم في آذانهم كيلا يسمعوا حقبة التاريخ التي تجسد فيها ما ينظرون إليه باهتمام ، ولكن هذا المهم لم يعد مهما، لأنه لم يتحقق على أيدي الأوروبيين ،و النكران كل النكران لما تحقق في حقبة الدولة الإسلامية.
المهم في الديموقراطية عندهم أن تقترن بتحرر العرب، وها هم العرب قد تحرروا بفضل دولة الإسلام، الدولة التي قامت في بلاد العرب، في وسط بلاد العرب وحررتهم من الفرس و الروم في القرن السابع الميلادي، فلماذا يعامل القرن السابع الميلادي قرناً منسياً من الزمن ؟. قرناً انقطع فيه الزمن، و طويت الأرض، أرض الجزيرة ، أرض العرب ، الأرض التي قامت عليها دولة الإسلام، لقد طمس الديموقراطيون الأرض والزمن، الجغرافيا والتاريخ معا.
لقد تحرر العرب ، و لو كان الديموقراطيون صادقين لوقفوا إجلالا لهذا التحرير و هم الذين يقدرونه، و لكنهم في الحقيقة لا يبالون بتحرر العرب، و لو كانوا يبالون، لدرسوا هذه
الحقبة و لم يتنكروا لها، و لم يغمضوا أعينهم عنها و ذلك لأن العدو لا يرى في عدوه إلا عدواً، و لأنهم ينظرون بنظر الغرب فهم لن يروا في تاريخهم إلا عدواً .

الاهتمام الثالث : الاشتراكية
وهو شرط اقتران المعاني والمظاهر الديموقراطية، من اعتبار الناس في اتخاذ القرار،
و من تحرر العرب ، اقتران ذلك بتحقيق الاشتراكية.
و هؤلاء الديموقراطيون ، لا ينطلقون في اشتراطهم الاشتراكية من منطلق عقائدي لأنهم بوصفهم ديموقراطيون لا يتعاطفون مع المنطلقات العقائدية، وكما أن الديموقراطية التي يعرضونها هي ديموقراطية غامضة غير مفهومة. وليست كلمة اصطلاحية لها مراجعها. كذلك هي الاشتراكية فهي غير مفهومة، غامضة، لا تفهم بناء على عقيدتها ومراجعها و فلاسفتها، و لذلك فقد تعاملت مع الاشتراكية على أنها معانٍ عامة، يرونها جميلة لكونها تحقق أمورا إيجابية، و قد قمت بلفت النظر إلى الأمور و المعاني الإيجابية التي تتوق أنفسهم إلى تحقيقها مفصولة عن المشهور من عقيدة الإلحاد، التي غالباً ما ترتبط هذه المعاني فيها، لا إله موجود و الحياة مادة.
حسنا إنني سأنظر إلى اهتمامكم هذا، على اعتبار أنه يسعى إلى جوهر ما، بغض النظر عن الشكليات المحيطة به. سأجعل نظرتي نظرة إلى الجوهر، بغض النظر عن تعبيركم عن هذا الجوهر .
و لو كنتم جديين لكان جوهر المعنى هو الذي يجذبكم و يأسر عقولكم و ليس الشكل. وبناء على جوهر التوجه النفسي عند الاشتراكي.
الاشتراكي صاحب الاهتمام بالمعاني التي يراها سامية و ترتبط بالممارسة الاشتراكية ، هذا
الاهتمام الاشتراكي في تحقق جوهره لا شكله وادعائه في التاريخ أي الذي يتمثل في المسؤولية عن الغير، و الإيثار، و عدم الاستئثار ببعض رؤوس الأموال كالأرض و المعادن و الطاقة و الكلأ والماء والذي يتمثل في مشاركة الفقراء و المحتاجين والكادحين مشاعرهم و يسعى إلى تخليصهم من كل ذلك .
لقد تحققت بعض هذه المعاني شكلا لا حقيقة في التاريخ إلا أن كل هذه المعاني و غيرها مما يحلّ للإنسان مشكلاته تحققت في القرن السابع الميلادي، هذا القرن الذي أخرجوه من البحث و الدراسة.
إن الباحث و الدارس عن هذه المعاني في التاريخ يقرأ في الكتاب،القرآن الذي نظم العلاقات في هذه الدولة " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " الآية :92 آل عمران
" و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة " الآية : 9 الحشر " و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم
هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون " الآية : 34 ،35 التوبة " و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ، و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا، و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه ، و كان أمره فرطا " الآية : 28 الكهف.
فالكتاب الذي ينظم العلاقات، القرآن، يطلب من المالك أن ينفق، ليس من مطلق ماله، بل مما يحب من ماله، و لذلك كانت استجابة الصحابي لهذا الطلب بأن أشهد الناس هل في المدينة بستان أفضل من بستانه، و لمّا أجابه الناس بالنفي تنازل عنه للفقراء. و الفارق هنا عظيم جداً بين تنازل الإنسان عن شيء يحبه، و هو لا زال يتمتع بطاقاته الحيوية والنفسية لينتفع به، و بين تنازل تولستوي، عظيم الروس، عن ممتلكاته للفلاحين،بعد أن أصيب بالإحباط جراء خيانة زوجته له مع سكرتيره. تنازل عن ممتلكاته في الوقت الذي لم يعد يتمتع فيه بطاقاته الحيوية والنفسية لأنه تنازل عنه وقد خرج هائما على وجهه منتحراً .
كتاب يطلب من المالك أن ينفق ، و لا يطلب من الفقير العامل أو الفلاح أن يقتل الملاك الأغنياء و يسطو على أموالهم ، كتاب يشرع الإنفاق و لا يشرع السرقة .
كتاب يبعث المعاني العظيمة السامية في نفوس أتباعه ، الإيثار . كتاب يحرم أن يكون المال دولة بين الأغنياء ، و يحرم الكنز ، كتاب يأمر رئيس الدولة أن يكون مع الضعفاء الملتزمين ، و لا يضع يده في يد الأغنياء المستكبرين غير الملتزمين .
هذا من حيث تكريس هذه المعاني العظيمة السامية التي وردت في كتاب المال و الاجتماع و الاقتصاد و السياسية و الأخلاق و الحكم لهذه الدولة .


و تبعا لهذا الكتاب كانت أقوال و أفعال رئيس الدولة وتوجيهاته فقد قرر أن يكون الناس شركاء في الماء و النار ( كطاقة ) و الكلأ . فهم شركاء في المعادن الموجودة بكميات معينة في الطبيعة .
و قد قبّل رئيس الدولة ، الرسول ، سيد ولد آدم ، يد عامل . كما حرم رئيس الدولة أن تكون
الأرض الزراعية رأسمال لصاحبها، فالأرض بالنتيجة لمن يزرعها، وبهذا قطع دابر الإقطاع من أساسه.
كما أوجب هذا الرئيس أن تفرض الضرائب على الأغنياء، و يُستمر بتحصيلها حتى تنتهي مشكلة الفقر، هذا بعد الاستفراغ من المعالجات الأخرى. وقد عبر الرئيس الثالث لهذه الدولة بأنه يهم في أخذ الأموال الزائدة عن حاجة الأغنياء و إعطائها للفقراء .






التوقيع

 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قمة الخرطوم ... قمة الهموم والضغوط بلا حدود...!! نايف ذوابه منتدى الحوار الفكري العام 40 04-12-2007 09:04 PM
ايها الاقلاميون :انا والمطر لايهطل على الفقراء ؟؟ والانكسارات المرة ؟؟؟ عبود سلمان منتدى أسرة أقلام والأقلاميين 4 02-07-2006 08:27 PM
عندما ترعى الذئاب الشعب المصرى سيد يوسف منتدى الحوار الفكري العام 3 26-05-2006 05:26 AM
العمل الجماعي أحمد الحلواني المنتدى الإسلامي 2 17-05-2006 08:22 PM

الساعة الآن 11:18 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط