مسامير وأزاهير 172 ... مخاوف فلسطينية صهيونية من صفقة شاليط!!.

[سماك برهان الدين العبوشي]

مسامير وأزاهير 172 ...

مخاوف فلسطينية صهيونية من صفقة شاليط!!.

قيل بالأمثال عندنا، لو عُرف السبب لبَطـُلَ العجب، ولعل الحيرة والغموض في أسباب تأخر تنفيذ صفقة تبادل شاليط بالأسرى الفلسطينيين قد أميط اللثام عنها من خلال ما نشرته وكالات الأنباء حيث بينت بأن هناك ثمة "تخوفات" فلسطينية صهيونية "مشتركة!!" من تنفيذ ما يسمى بصفقة شاليط، ففي رسالة تحذيرية مبكرة للسلطة الفلسطينية من عواقب إطلاق الأسرى الفلسطينيين بصفقة شاليط قد استندت إلى مصادر أمنية فلسطينية كانت أكدت مخاوفها من إطلاق سراح أسرى حماس وإعادتهم إلى الضفة الغربية في إطار صفقة محتملة لتبادل الأسرى بين الحركة وإسرائيل لما سيمثله ذاك من تهديد للسلطة الفلسطينية، هذا كما وحذر السيد محمود عباس خلال لقاء جمعه بعدد من الصحفيين الأردنيين من أن حماس تحاول نقل نشاطها العسكري إلى الضفة الغربية، تلك الرسالة التحذيرية المبكرة قد تزامنت لعمري مع هواجس وادعاءات النتن ياهو بأن ذاك الإفراج إنما يهدد أمن كيانه، وبذا فقد اشترك السيد أبو مازن والنتن ياهو بهـَمّ واحد يتمثل بمخاوف من احتمال تهديد أولئك الأسرى لكل من السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني على حد سواء!!.

هكذا الأمر إذن أيها الأحبة، فلقد بطل العجب حين عرف السبب أخيراً، فأسباب تأخر إتمام صفقة شاليط قد بان أمرها وافتضح سرها وفاحت رائحتها بعد أن ظهر تطابق بوجهتي نظر السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني حيال تداعيات الإفراج عن أولئك الأسرى الفلسطينيين والمتمثلة:
1. بخشية السلطة الفلسطينية من الإفراج عن أولئك الفلسطينيين الأسرى، وذاك ما أكده تحذير السيد أبي مازن من أن حماس ستعمل على نقل نشاطها العسكري إلى الضفة الغربية!!.
2. بهواجس وادعاءات رئيس وزراء العدو الصهيوني من تهديدهم لأمن الكيان الصهيوني!!.

غير أننا، ونزولاً وحرصاً على راحة السيد أبي مازن وضماناً لهدوء أعصابه، فإننا نقول له، هوّن عليك أبا مازن انفعالاتك وهواجسك، وقلل من شأن تخوفاتك تلك، فليس الأمر كما تتصور، ونشير إليه بضرورة مراجعة ما نشرته صحيفة هاآرتس الصهيونية نقلاً على لسان قائد المنطقة الوسطي في جيش الاحتلال العميد ( افي مزراحي)، والتي جاءت رداً على تخوفات النتن ياهو تلك "والتي تزامنت سبحان الله تعالى مع قلق أبي مازن!!" حيث أكد مزراحي "الذي يتولى الأمن في الضفة الغربية!!" بأن الإفراج عن أولئك الأسرى الفلسطينيين من سكان الضفة وعودتهم لبيوتهم ضمن صفقة شاليط لن يشكل خطرا كبيراً على أمن الكيان الصهيوني، وذلك للأسباب التالية التي جاءت على لسانه:
1. أن عودة الأسرى وحسب تقديرات الجيش الصهيوني لن يؤدي إلى ارتفاع في حجم "عمليات المقاومة" ضد المستوطنين وقوات الاحتلال.
2. إن القوات الصهيونية مستعدة لمواجهة وضع واحتمال من هذا القبيل.
3. إن عودة الأسرى للقيام من جديد للقيام بنشاطات ضد كيانه سيستغرق وقتاً طويلاً.
4. قد بيّن مزراحي بتصريحه وتطمينه ذاك، بأن قواته الصهيونية قد نجحت في العام المنصرم بخفض حجم العمليات في الضفة إلى حد كبير.
5. إن مهمة ضباط الشاباك في مراقبة أولئك الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ستكون جد يسيرة، لاسيما في ظل تعاون قوات أمن السلطة الفلسطينية!!.

وبظل تزامن التخوف والهاجس ذاك، وما جاء من أسباب عدم التخوف على لسان مزراحي، ألا يحق لنا أن نتساءل بدورنا:
ألا يعني هذا بربكم بأن أمن السلطة الفلسطينية قد صار جزءً أساسياً من أمن الكيان الصهيوني وأن العكس صحيح تماماً!؟، ألا يعني هذا بأن قوات الأمن الفلسطينية والتي تشكلت في عهد دايتون ما جاء استحداثها وتدريبها وتسليحها إلا من أجل خدمة الكيان الصهيوني وضمان أمنه وراحة قطعان مستوطنيه!؟، ألا يعطي تزامن نشر تخوفات وهواجس كل من أبي مازن والنتن ياهو مؤشراً ودليلاً دامغاً بأن هناك تنسيقاً وتشاوراً بينهما والذي كان السبب الرئيس والمباشر في تعطيل تنفيذ وإبرام صفقة شاليط حتى يومنا هذا!؟.

ختاماً ... وللتذكير فقط، واستقراءً لواقعنا المزري والأليم، فإننا سنكون إزاء مشهدين مختلفين لما بعد إتمام صفقة شاليط، والتي ستبرم برغم أنف النتن ياهو وذلك بسبب الضغط الشعبي الكبير الذي يمارسه ذوو شاليط:
المشهد الأول (سيناريو ما سيلاقيه شاليط بعد إطلاق سراحه):
1. سيذهب إلى أهله معززً مكرماً، بعد أن يستقبل استقبال الأبطال الفاتحين.
2. سترافقه قوات الأمن الصهيونية هاشة باشة في حله وترحاله.
3. سيخضع لسلسلة من الفحوصات الطبية الدقيقة والعلاج والتأهيل النفسي مع منحه تعويضاً مادياً.
4. لا استبعد بالمرة أن يمنح وساماً تقديراً له عن فترة بقائه أسيراً مع إجازة يقضيها في منتجعات سياحية غربية.
5. ليس بغريب أن تنهال عليه عروض إجراء لقاءات تلفازية، تماماً كأي نجم تلفزيوني، ليحكي عما كابده في أيام أسره بعيداً عن والديه وأصحابه!!.
6. ليس بالمستبعد أبداً أن تتم مفاتحته بعد حين لكتابة ونشر مذكراته عن ظروف الأسر تلك.
7. لا أستبعد قيام حكومة النتن ياهو منحه بيتاً بأحد المستوطنات المقامة في مدن الضفة الغربية.
المشهد الثاني ( سيناريو ما سيلاقيه أسرانا المحررون بتلك الصفقة ):
1- سيستقبل أسرانا المحررون جماهيرياً وشعبياً بأزهى استقبال واحتفاء، فيما ستكون عيون أجهزة أمن السلطة تراقبهم بحذر شديد وأصابعها على زناد أسلحتها تحسباً لأي طارئ!!.
2- سيتم تبليغ أولئك الأسرى بضرورة مراجعة الدوائر الأمنية الفلسطينية لاستجوابهم والتحقيق معهم!!.
3- سيتم تبليغ هؤلاء الأسرى الأبطال المحررين بضرورة التواجد والحضور اليومي إلى المراكز الأمنية الفلسطينية لإثبات الحالة، تماماً كما يجري للمجرمين والمشبوهين المطلق سراحهم!!.
4- سيجبر هؤلاء الأسرى المحررون على إظهار" حسن سيرتهم وسلوكهم" وذلك من خلال إجبارهم على توقيع تعهد خطي بعدم الانخراط مستقبلاً بأي شكل من أشكال النشاط السياسي والعسكري ضد قوات الاحتلال أو مناكفة السلطة الفلسطينية، على اعتبار أن ذاك النشاط يعد زعزعة لأمن السلطة الفلسطينية ونوعاً من أنواع الإرهاب الذي تحاربه قوات أمن السلطة الفلسطينية!!.
5- ولدواع أمنية، ونزولاً عند رغبة حكومة النتن ياهو، فقد يُعاد احتجازهم واعتقالهم من قبل قوات أمن السلطة الفلسطينية، وقد يجبرون على الرحيل من أرض آبائهم وأجدادهم "فلسطين" باتجاه أمريكا اللاتينية، تماماً كمبعدي كنيسة القيامة!!.
ما أقساك أيها الزمن، زمن الرويبضة والانبطاح للعدو وتأمين أمنه وراحة مستوطنيه!!.

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
7 / 7 / 2010