اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام الكردي
جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني ) .
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 5063 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
لا يَنبغي لِلمسلمِ أنْ يتكلَّفَ ما لا يُطيقُ مِنَ العبادةِ، وعليه أنْ يبتعدَ عَنِ الغلوِّ مُتأسِّيًا في ذلك بِأتْقى الخَلقِ وأخشاهم لله محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فخيرُ الهدْيِ هدْيُه.
وفي هذا الحديثِ أنَّه جاءَ ثلاثةُ رهطٍ، والمقصودُ ثلاثةُ رجالٍ إلى بيتِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وسألوا عَن عِبادتِه فأُخبِروا بها فكأنَّهم تَقالُّوها، أي: رأَوْها قليلةً، وقالوا: أينَ نحن مِنَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقد غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه وما تأخَّرَ؟ فقال أحدُهم: أمَّا أنا فأصلِّي اللَّيلَ أبدًا، وقال الآخَرُ: أنا أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطرُ، وقال الثَّالثُ: أنا أعتزلُ النِّساءَ ولا أتزوَّجُ، فلمَّا سمِعهمُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لهم: «أمَا واللهِ إنِّي َلأخشاكم للهِ وأتْقاكم له، لكنِّي أصومُ وأفطرُ، وأصلِّي وأرقدُ، وأتزوَّجُ النِّساءَ»، أي: مع كَوني أكثرَكم خشيةً للهِ وأكثرَكم تقوًى له، ولكنِّي مع ذلك لا أُبالغُ في العبادةِ ما تُريدونَ المبالغةَ فيها، ولكنْ أَصومُ وأُفطرُ وأتزوَّجُ النِّساءَ وأقومُ وأنامُ؛ وذلك لأنَّ المتشدِّدَ لا يأمَنُ مِنَ المَللِ بِخلافِ المقتصِدِ فإنَّه أمكنُ لِاستمرارِه، وخيرُ العملِ ما داوَمَ عليه صاحبُه، ثم حذَّرهمُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِنَ الغلوِّ والابتعادِ عَن سنَّتِه في العبادةِ، فقال لهم:"فمَن رغِبَ عَن سنَّتي فليس مِنِّي"، أي: فمَن أعرَضَ عَن نَهجي وطريقتي فإنَّه بعيدٌ كلَّ البُعدِ عَن متابعتِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.
رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
|
أشكرك أخي عبدالسلام ..
نعم ( لا تنطعوا فتهلكوا ) ..
وفيما أوردت يا أخي مسائل وفوائد ..
روي عن جابر مرفوعا : إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله، فإن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى.
وأيضا روي مرفوعا عن عبدالله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكر ( المنبت ) في تمام حديث أوله : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولاتبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت لاسفرا قطع ولاظهرا أبقى فأعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدا ......الخ
ولكنه ( المنبت ) حديث ضعيف اختلفوا في إرساله ووصله وفي رفعه ووقفه، ثم في الصحابي أهو جابر أم عائشة أم عمر رضوان ربي عليهم وقال الدارقطني: ليس فيها حديث ثابت..
لكن في رواية مسلم ( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ) دون زيادة في هذا اللفظ ..
وحديث المنبت رغم ضعفه صحيح المعنى فقد جاء في الحديث الصحيح برواية البخاري
(سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاغْدُوا وَرُوحُوا وَشَيْءٌ مِنْ الدُّلْجَةِ وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا)
( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ) البخاري.
وهذاالاعتدال والسير في طريق مستقيم كما شرعه لنا الشارع ليس بالأمر اليسير فهناك شعرة فقط بين الفعل ومتشابهه ..
فإكرام الضيف من تمام الإيمان ، والتكلف له منهي عنه كما جاء في حديث سلمان رضي الله تعالى عنه وهكذا في مسائل كثيرة ..
يقول الله تعالى ( فاستقم كما أمرت )
ونحن في صلواتنا نردد ( اهدنا الصراط المستقيم )
وهذا الاستقامة وسط بين الإفراط والتفريط ..
وروي عن الرسول الكريم صلوات ربي عليه وسلامه ( شيبتني هود واخواتها )
ومع أن بعضهم ضعفه لإرساله واضطراب أبي إسحاق السبيعي فيه ..
إلا أنه روي بطرق عديدة وكل طرقه متكلم فيها .. فمنهم من حسنه ..
ولا يصح إلا مرسلاً: كما ذهب إليه أبو حاتم الرازي في العلل ، ولأن له أكثر من وجه مرسل تؤيد ثبوته ويقوي بعضه بعضا بحسب ابن سعد في طبقاته ..
وقيل إنما قوله ( شيبتني هود ) لأن فيها ( فاستقم كما أمرت )
لأن التباعد بين طرفي الإفراط والتفريط في غاية العسر لذا كانت آية ( فاستقم كما أمرت ) من أشد وأشق آية نزلت عليه صلى الله عليه وسلم كما جاء عن ابن عباس ..
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه..
اللهم وفقنا لما تحبه منا وبما يرضيك عنا ..
منك التوفيق في القول والعمل ومنك نطلب الإخلاص وتخليص أعمالنا وأقوالنا من شوائب الرياء وجعله لك خالصة .. أنت المستعان وعليك التكلان ..