الرجل السائل...
لم أعد أملك قهوة
فقدت الصباح
لم أعد اكتب غير الامنيات
في زمن الريح
حان وقت اعتزال الغناء
كنت أعتقد
أنه أخيرا غادر القصر في ذلك التابوت
لم أكن أعتقد
أنه سيحكم البلاد من قبر
وهو في حالة الموت
ما كنت لأتخيل حتى
أنه سيبقى حيّا
في المرايا
في الصورة المعلقة على حائط الخوف
لإنسان الزوايا
صوته كان أكثر من صوت
موته كان أكثر من موت
من بقي في القصر
من خرج في التابوت
البلاد في قبضة الوهم
كلاب الحراسة رأت النور
ذئاب العتمة رأت علامات على وجه القمر
غادر كثيفه القصر
بقي لطيفه على العرش
شمسا وبدر
نجمة سطعت في الشرق
دلت الحفاة
جاؤوا على عجل
تجسّد الذي رحل
من أنا لأسأل المتجلي من أنت
تتغير الوجوه
والقلب هو القلب
والناب والمخلب
لا شيء يتغير
فقط الاستفهام المنحني يستقيم الى تعجب
الكرامات لأصحاب الكرامات
والكراسي لأهل الكراسي
المقاهي لأحاديث الثُقاة
والحقيقة العارية أبدا
تنسكب فصاحة عل لسان الحافيات
المولود بذاته من رحم الخوف
المنبثق عن نفسه كشعاع الشمس
أحرق البلاد من شدة الضياء
ثم انسكب في وعاء
فتضرجت البلاد خجلا بالدماء
لام اطلال خولة ببرقد
كاف الكينونة الأولى المتأخرة
وباء الأبواب المقفلة
اعتلى ورفع الباء وتبول
جلس وابتسم لمن حوله
للذئاب طباع الذئاب
للأفاعي الألوان الثقيلة
شبهة الوفاء للكلاب
التماسيح تغسل عيونها بما يشبه البكاء
والأسود تحدد برائحة بولها المكان
الغابة العذراء يمزق صمتها الذئب
البلاد العذراء يمزق احشاءها الكلب
الأسد الجائع الغاضب
تمساح يبكي وافعى تنتحب
في الغابة والبلاد لا أحد يعرفه العيب
الرجل السائل في الوعاء المطاطي
لا يخاف من الزلازل
يخاف من النار
يختار الدمار لا الحرائق
يقطع كل أشجار الغابات
الوحوش سكنت المدن الخرائب
الناس سكنت ضمير الغائب
غاب نهار العويل
وجاء ليل العواء
البلاد الان في حضرة المستحيل
الرجل السائل ينتقل
عبر انابيب متصلة
من وعاء الى وعاء
يأخذ شكل قطرميز أحيانا
ومكعبا وفي أغلب الأحيان مستطيل
تسقط فيه ذبابة فتموت
وتصيّره قطرة دم ثورة
تلونه نقطة حبر فلا يصير محبرة
ينقل الصوت
ويرتجف على شكل دوائر
حين يخالطه أحيانا شعور
يتخثرَ
يوضع في دولاب يدور
فينفصل عنه الضررَ
هو الان زئبق في مختبر في حوجلة
الرجل السائل ما أنقاه
الرجل السائل ما أجملهْ
حين تجالسه كالمرآة هو وأنت بداخله
تلقي فيه حصى لتسأله وتسُائِلهْ
تتشوه على صفحات صمته ملامحك الخجولة
سكبوه مرّة في بدلة
وربطوه بربطة العنق من الأعلى
وشدوا عليه رباط الحذاء
ووضعوه على منصة أمام الناس
خرجت فقاعات من الماء
يُنقل أحيانا في حالة غاز
يحفظ أحيانا صلبا بالتجميد
للرجل السائل ثلاث حالات
لطيف وكثيف وعنيد
لا شيء يفنى ولا شيء يولد في البعيد
سأشرب قهوة غريبة هذا الصباح
لأعود الى خوفي
هذا الخوف هو سقفي
كيف تعيش في هكذا بلاد
كيف تقتل الرجل السائل بالسيف
23/11/2019
زياد هواش/صافيتا
..