الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-06-2009, 06:05 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

نقلا عن مجلة بوهيميا الثقافية ..

http://www.bohemea.com/mag/index.php?option=com_content&task=view&id=259&Item id=1

.
.

دكتور صليبي، نود أولا أن نشكرك على منحنا مساحة وقتك الصباحي، واستضافتك الكريمة.


س _ هل يمكننا معرفة الاعتراضات الأساسية لعلماء التوراة على كتاب التوراة جاءت من جزيرة العرب ..؟؟


ج _ الاعتراضات الأساسية على النظرية كانت :


أولا, لم آخذ في الاعتبار النظرية السائدة التي تقول بان أحداث التوراة جرت في جغرافية فلسطين كما هو سائد، ولم آخذ بالقراءة التقليدية للتوراة، وهذان هما الاعتراضان الأساسيّان .


ثانيا، الاعتماد الكثيف على أسماء الأماكن، اعتباراً بأن أسماء الأماكن ليست بأساس صحيح ويعتمد عليه لبحث في الجغرافيا التاريخية، على الأقل ليس بالاعتماد على الأسماء لوحدها .



وثالثا , بأنني لم احترم ما يعتبرونه الاكتشافات الأثرية التي تمت في فلسطين .



هذه هي أهم الاعتراضات .


س _ هل هناك هيمنة توراتية ثقافية على المشهد الأكاديمي الغربي، وما هي حدودها ..؟؟


ج _ سيطرة الغرب هو ما لمسته شخصيا. أول كتاب كتبته بالانكليزية، أخذه ناشرون ألمان (ROWOHLT) تابعين لمجلة "دير شبيغل"، ليقوموا بنشره .


وكان هناك اعتراض عليهم لأخذهم هذا الكتاب، لذلك جمعوا علماء توراة في مدينة "كولوني"، ودعوني للذهاب ومقابلتهم. أفهموني بصراحة إني لست أوروبيا، ولذلك لا شأن لي بالموضوع .


وكوني مسيحي لا يبرر تدخلي فيه، لأني كما وصوفوني بالحرف "مسيحي من شذاذ الآفاق" (Christian of the diaspora)، أي مسيحي غير شرعي , لأنني لست غربيا .


تسيطر في الغرب فكرة أن المسيحية هي دين غربي، وان المسيحيين "غير الغربيين" ليس لهم شأن في البحث في أمور لا تخصهم، وطبعا كان جوابي لهم، سواء أرادوا أو لم يرٍدوا، سأبحث واستمر في البحث مهما كان موقفهم.


س _ ألا تعتقد أن الغرب لا يزال يرفض إعادة النظر بالتوراة، لأنها أساس بناء الحضارة الغربية ..؟؟


ج _ التوراة كما هي مفهومة، تعتبر في الغرب من أهم أسس الحضارة الغربية، والغريب أنهم يعتبرونها أنها من نتاجهم، ولا ادري على أي اساس يعتقدون ذلك !


للمصادفة الغرب أصبح مسيحياً في وقت معين , وللمصادفة أيضا أن المسيحية لها علاقة بالعهد القديم "التوراة"، أو الكتاب المقدس العبري، فاعتبروا هذه الأشياء هي من تراثهم، وبالتالي الحق في دراسة هذا الموضوع محصور بالعلماء الغربيين .


السؤال يجاوب نفسه، والجواب الذي يأتي به السؤال صحيح .


س _ هل نستطيع القول أن الهيمنة الغربية على الدراسات التوراتية هي ما عطل الاهتمام بنظريتكم الثورية ومنع انتشارها واستكمالها بالتنقيب والبحث ..؟؟


ج _ طبعا، ولكن الغرب الذي فيه ناحية مظلمة، كذلك فيه ناحية ايجابية مشرقة.


فمن الغرب ظهر الانترنت، وعن طريق الانترنت استطعت أنا شخصيا التغلب على تجبّر الغرب في هذا المضمار. الانترنت افسحت لي الوصول إلى القارىْ الغربي العادي فوق رؤوس علماء التوراة الغربيين. .


لا انتظر من وراء هذا المشروع الثقافي ربحا ماديا لأنني لست بحاجة. أنا طرحت الموضوع على الانترنت، والأشخاص المؤيدين لي طرحوه أيضا على الانترنت، وبهذه الطريقة وصل لأشخاص كان من غير الممكن أن يصل إليهم، فعندما كتبنا الكتاب كانت طباعته "ورقية"، والذي يريد أن يقرأه يجب أن يكون مهتما بالموضوع كفاية حتى يدفع المال ويشتري الكتاب، فصار بالإمكان الوصول الى الشخص الذي في الأساس لم يكن ربما يفكر أن يقرأ، أو أن يدفع ثمن الكتاب، وصله مجانا عن طريق الانترنت .


عن طريق الغرب تستطيع التغلب على الناحية المظلمة فيه، وهناك نواحي مظلمة جدا في الغرب .


هناك نظريات كثيرة شبيهة بنظريتي لكنها ليست مطابقة لها تماما، وذلك حتى يبقى لأصحابها حقوق النشر والملكية الفكرية. لا ُذكر لي في تلك النظريات، وهذا لا يهمني حقاً. ففي النهاية كل ما عليها فان، وكل هذه أمجاد باطلة .


ولكن النية انه لا يراد أن يذكر شخص "غير غربي"، وبالأخص وتحديدا، ابن عرب "مسيحي شرقي"، أتى بفكرة لها مداليلها. طبعا لا يريدون. ولهذا السبب أصبح هناك "تعتيم" مخيف على طروحاتي.


وآخر كتب طبعتها كانت في دور نشر متوسطة أو مغمورة حتى، في حين كتبي الأولى نشرت في دور نشر بارزة. طبعا هذا لا ينطبق على صعيد النشر في العالم العربي .


س _ هل كان للحملة المضادة على الكتاب، على خلفية الدعوة لاحتلال بلد عربي آخر، أي اثر في تعطيل الاهتمام الأكاديمي العربي أيضا، في طروحات النظرية، وضرورة استكمالها ..؟؟


ج _ لا، ردة الفعل العربية على الكتاب كانت مشجعة جدا على وجه العموم، فيما عدا بعض المأجورين، الذين يشتغلون لأغراض معينة، ولكن ردة الفعل العربية. كانت مشجعة جدا، العربية والإسلامية .


س _ ألا يقود هذا إلى إعادة النظر بكل التاريخ الذي استند على حركة بني إسرائيل عبر جغرافيا الشرق القديم ..؟؟


ج _ مؤكد. الاهتمام بتاريخ ما يسمونه بالشرق الأدنى أو الشرق الأوسط الحديث (وهي ليست من مصطلحنا على أية حال)، هذا التاريخ دُرس لسبب واحد هو فهم التوراة، بمعنى أن سبب الاهتمام بدراسة الأشوريين أو البابليين هو ذكرهم بالتوراة، والحثيين سبب الاهتمام بدراستهم هو أنهم مذكورين في التوراة (هذا إذا كانوا هم المقصودين فعلا في التوراة) .


أما مصر القديمة فهي أمر آخر ومختلف لأنها تحتوي على آثار بارزة وجذابة عبر الزمن، وسواء كانت مذكور في التوراة أو لم تذكر (هذا إذا كانت مصر وادي النيل، هي المذكورة في التوراة)، ولكن على افتراض أنها هي المذكورة في التوراة فقد زاد الاهتمام بها .


هذا الاهتمام لم يكن موجودا خارج مصر. مصر تختلف، مصر شيء مهم بحد ذاته، بغض النظر عن الاهتمام التوراتي بها .


حتى أن اللغات السامية دُرست لفهم التوراة، اللغة العربية دُرست لفهم التوراة، لان اللغة العربية هي أم اللغات السامية، بالنسبة للغرب.


أما في العالم العربي فالاهتمام والدراسة لأنها لغتنا .


هناك في الغرب ناس صاروا علماء ضالعين باللغة العربية، من اجل فهم التوراة .


عندما تأتي نظرية بهذا الاختلاف للتاريخ المتصور للشرق الأوسط، أو كما أفضل تسميتها "منطقتنا" أو "بلادنا"، هذا كله صار يحتاج ليس إلى إعادة نظر بل ودراسة من جديد لأنه بات مرشحا لان يكون غلط بغلط، كأنه تاريخ ساقط عسكريا، وهذا هو الواقع .


والسؤال يحتوي الجواب، بنعم .


كل تاريخ المنطقة، وكل ما يتعلق بلغاتها، وكل موضوع اللغات السامية واصلها واصل اللغة العربية إلى آخره، كله يحتاج لإعادة نظر من جديد، بسبب انك جئت وتساءلت :


س _ ألا يبدو المشهد التاريخي هنا وكأن الأحداث التوراتية قد ضخمت جغرافيا بما يفوق عشرات المرات حجمها الطبيعي، مما شوه ملامحها الإنسانية والاجتماعية والدينية وحتى رمزيتها المقدسة، عبر تضخيم مفرط للجغرافيا ..؟؟


ج _ عملي هو التاريخ والجغرافيا التاريخية واللغويات , لا اشتغل بالسياسة أو بالدين، وبالتالي بالمقدس، فالمقدس يبقى شخصيا وقلبيا، وهو لا يدخل بالعمل الأكاديمي أو العمل في حقل علم التوراة.


التوراة بالنسبة لي كتاب احترمه جدا وتقليديا، لأنني ولدت في عائلة تقدس التوراة .


ولكن التوراة في نفس الوقت مصدر معلومات غامضة وتحتاج إلى تفسير، وأحب أن أفسرها، وعندي من الفضول ما يدفعني إلى تفسيرها .


أولا حتى اروي فضولي، وثانيا إذا عثرت على ما قد يجذب اهتمام الآخرين فمن واجبي أن أقوم بإعلانه، لأنه لا يوجد احد في العالم قاصر، والفكرة أن هناك أناس في العالم قاصرين لا تستطيع قول شيء تعرفه أمامهم، غلط، لأنه لا يوجد احد قاصر .


هنا نعود الى السؤال المطروح. الفهم التقليدي لجغرافية التوراة لا يحصرها بحدود تتراوح بين 200 كم إلى 600 كم، بل يحصرها ب 35 كم إلى 200 كم، والذي هو حجم فلسطين .


القصص التوراتية تروي أحيانا عن مسير سبعة أيام أو عشرة أيام بدون العثور على نقطة ماء، ولا تحتمل جغرافية فلسطين هكذا روايات، بل هي تحتاج إلى جغرافيا أوسع. إذن هناك تشويه لأنه حصر لتاريخ كبير نسبيا في غرفة صغيرة بل بالغة الصغر .


وجغرافية هذه القصص التوراتية ترتاح في جغرافيا غرب شبه الجزيرة العربية في مساحة تمتد بعرض 200 كم وطول 600 كم .


الآن، التفسير أو الفهم التقليدي للتوراة لا يمدها من فلسطين إلى غرب شبه الجزيرة العربية بل يحصرها في فلسطين .


وأنا اعتقد انه لا ذكر لفلسطين في النصوص التوراتية، ولم اعثر على أي ذكر لفلسطين فيها .


ولكن في حال كان هناك أي ذكر، فذلك يكون في العبارة التي استخدموها في اللغات الأوروبية (hinterland)، بمعنى الأرض التابعة، أو البادية، أو الأرض خارج خط المدن، وهي ليست الأرض الأصلية، أو صلب الأرض. هي ما يسمى بالعربية "الأطراف" .


إذا كانت هناك أي علاقة بين فلسطين وارض بني إسرائيل،ففلسطين تكون من أطراف هذه الأرض.


إذن هناك علاقة ولكنها ليست علاقة أساسية، بل بمعنى انتقال للأشخاص بين الأرض الأساس وأطرافها.


سؤال مختلف في السياق البيئي للتوراة :


س _ هل نستطيع القول بأن اللغة العبرية , ترتبط ارتباطا وثيقا باللغة العربية التالية لها في الظهور ..؟؟


وكيف يمكننا توصيف هذه العلاقة اللغوية برأيكم ..؟؟






ج _ الآن , مسألة ظهور اللغة العبرية كما نسميها , وهي تسمى في التوراة لسان كنعان أو شفة كنعان , أو كما يسميها العلماء اللغة الكنعانية , ومنها لغة رأس شمرا , ومنها لغة الفينيقيين وكذا ...


هذه اللغة التي كُتب فيها قبل الكتابة بالعربية. ولكن اللغويين يقدّرون، ومنذ حوالي 200 عام، انه من حيث التركيب , فاللغة العربية الفصحى هي أقدم اللغات السامية المعروفة , وان جاء زمن تدوينها لأول مرة متأخراً. هي اللغة السامية الأقدم من حيث التركيب وقِدم ضروب التركيب من حيث الصرف والنحو وضروب التعبير.


كمثال بسيط , اللغة العبرية فيها نوعين من الجمع , مؤنث سالم ومذكر سالم , بينما في اللغة العربية هناك النوعين السابقين والى جانبهما عدد كبير جدا من حالات جمع التكسير .


وقد تم الاستغناء عنها مع الوقت لصعوبة إيجاد قوانين لغوية لها تسهيل تعلمها .


ولذلك، فاللغة العبرية من هذه الناحية، والآرامية التي هي السريانية، والحبشية تصبح وكأنها لغات عربية مُسهلة , أو بعبارة أخرى لغات فقدت جزءاً من أصالتها كما هي الحال بالنسبة إلى "العربي الدارج".





فاللغة العربية الفصحى هي اللغة الساميّة الأصيلة بالرغم من تأخر وقت تدوينها , وأنا اعتقد انك إذا استطعت تصور جغرافية العراق والشام واليمن والجزيرة العربية , خارج الحدود السياسية التي لم يخلقها الله , بل انظر إليها كما خلقها الله جغرافيا واحدة .



هي مكونة , وتسهيلا , من بادية الشام والبادية العربية , وهي كلها واحدة: البادية العربية , وأطراف هذه البادية .


هذه الأطراف هي إما سواحل أو انهار كبيرة كالفرات ودجلة والنيل .


وداخل هذه الجغرافيا وبأطرافها هناك واحات أو ينابيع أو جداول أو انهار صغيرة , تجعل الحياة الزراعية ممكنة .


الآن , الإنسان الذي يعيش في البادية على الرعي والتنقل , يطمح ويتجه إلى حياة أسهل , إلى حياة الزراعة والأكواخ الثابتة , في الحواضر .


ولذلك وقبل الوصول إلى هذه الحياة , يقوم بإلغاء القائم من هذا النوع من الحياة وتدميره , دافعا بالمزارعين إلى المدن , ليعود ويحل محلهم ويتحول هو بدوره إلى مزارع .


ثم يأتي رعوي أو بدوي آخر ويكرر الفعل نفسه , وهكذا دواليك.


بالإضافة إلى التجارة المتركزة في المدن والتي يتجه إليها المزارعون، إلى آخر الصورة...


أخيرا انتهى الأمر , بان آخر من خرج من الوسط من هذه البادية هم الناس الناطقين باللغة العربية الفصحى. بطريقة ما حافظوا على فصاحتها .


هذا، على كل حال، هو تصوري لما حصل. وصارت اللغة العربية الفصحى بالتالي، وبعد أن صارت تُدوّن، هي اللغة السامية الأكثر انتشارا. وهذا هو رأي العلماء الغربيين الذين اشتغلوا على اللغات السامية من 200 سنة .


_ من ضمن البيئة اللغوية السابقة :


انتم تؤكدون أن اليهود الحاليين لا يرتبطون مع بني إسرائيل بأكثر من الدين .


وتنفون نهائيا الارتباط العرقي , أو نظرية السلالة المستمرة .


س _ هل ينطبق ذلك على اللغة العبرية القديمة والحديثة ..؟؟


ج _ اللغة العبرية القديمة ومهما قالوا بشأنها، مثلها مثل الفينيقية، زالت من الاستعمال العادي بعد سنة 500 ق.م. تقريبا. لم يعد ينطق بها أحد، وماتت .


بقي يعرفها بشكل غير صحيح تماما الناس الذين استمروا في قراءة النصوص التوراتية أي الكهنة وأعوانهم.


اللغة العبرية الحديثة أُخترعت في المختبرات اللغوية الألمانية في القرن التاسع عشر، من قبل اليهود الذين أخذوا يفكرون آنذاك في إعادة بناء كيانهم كشعب , وليس كجماعة دينية .


من يقول أن اليهود شعب وله حقوق الشعوب يسمّى صهيونياً .


من يقول أن اليهود جماعة دينية , ليس صهيونيا .


هناك فرق مهم .


جزء من عمل اليهود الصهيونيين كان إحياء هذه اللغة العبرية, وتحويلها إلى لغة قابلة للاستعمال في الكلام , حتى لو كانوا يلفظونها غلط , أو كانت معانيها غلط .


عندما تأتي لتدرس التوراة تجد الكثير الكثير من الكلمات غير مفهومة معانيها , وتحتاج لإعادة نظر .


هم اشتغلوا تقديريا أو سماعيا , ومنها اشتقوا كلمات يستعملونها اليوم , وهي لذلك لغة مصطنعة تماما , جعلوها سهلة ويمكن تعلمها بسرعة.


يقول الناطقون باللغة العبرية , أن من يستعملها لا يستطيع أن يقول فيها نكتة , أو يشتم , كفعل إنساني طبيعي تلقائي .


بل يحتاج إلى قول ذلك باللغة الانكليزية أو اليديشية أو العربية (ولغتنا غنية بقاموس الشتائم). وحتى انك لا تستطيع التعبير عن حالة الحب بها , فالعبرانية الحديثة تبقى إلى حد بعيد على ما كانت عليه أصلاً لغة مصطنعة لا تستطيع بواسطتها التعبير عن المشاعر الطبيعية المتدفقة , وقس على ذلك .


س _ هل نستطيع القول بان الجملة السابقة تفترض الزوال بفعل التغيرات التاريخية الطبيعية في سياق حركة الشعوب في الجغرافية عبر زمن صيرورتها؟


ج _ للإجابة على هذا السؤال , نحتاج كما يقول ديكارت إلى تقسيمه لكي تتضّح جلية الأمر بشأنه.


اليهودية شيء معين جدا , ففي كتابي الأول ارتكبت غلطة كبيرة , ولم اعد إلى استعمالها تاليا , وذلك عندما استعملت كلمة اليهودية للدلالة على بني إسرائيل , وقمت بذلك تسهيلا على الناس الذين يخلطون عادة بين الاثنين.


الآن , القرآن يذكر اليهود كثيرا , ويذكر بني إسرائيل كثيرا , ولا يخلط بين الاثنين أبداّ. فلا يقول أن اليهود كانوا بني إسرائيل أو من بني إسرائيل بالضرورة, أو أن موسى كان يهودياً او قائداً يهوديا. موسى في القرآن هو من بني اسرائيل.


وكذلك القرآن لا يقول أن عيسى ابن مريم كان يهودياً، بل يقول أن عيسى ابن مريم كان من بني إسرائيل , وهذا شيء مهم جدا .


فمجرد أن يقول القرآن أن عيسى ابن مريم كان اسرائيلياً، دون ذكر أية علاقة له باليهودية، شيء مهم للغاية، لأنه يعني أن عيسى ابن مريم ربما لم يكن يهوديا بل على دين آخر من الأديان التي انطلقت من الديانة الاسرائيلية الموسوية الأصلية.


اليهودية هي طائفة دينية معينة انطلقت من بقايا بني إسرائيل في السبي البابلي , واغلبهم بالجزيرة العربية وأقرباؤهم في فلسطين زمن الشتات .


منطلقهم التاريخي هو من بني إسرائيل , كما هو حال المسيحية. منطلقها التاريخي، هي أيضاً، من بني إسرائيل .


الشيء الذي عملته الحركة الصهيونية , وهو لا يغتفر , أنهم اعتبروا بني إسرائيل وتاريخ بني إسرائيل ونصوصهم الأدبية وتراثهم الأدبي , هذا كله يخص اليهود كشعب ولا يخص غيرهم من الطوائف الدينية المنبثقة أصلاً عن بني اسرائيل.


ولما أقاموا دولتهم سموها إسرائيل , ولم يسموها الدولة اليهودية الصهيونية، كما هو واقع الأمر.


السرقة بدأت ليس بالأرض , بل بدأت بالاسم: اسم إسرائيل .


المسيحيون العرب , صاروا يخجلون في صلواتهم وفي ترانيمهم من ذكر إسرائيل , حتى لا يكون هناك التباس مع دولة إسرائيل .


نحن في مقدساتنا نقول "الرب إله إسرائيل". يستحيل علينا اليوم أن نقول ذلك.


اليهود عملوا معادلة بين إسرائيل واليهود , واليهود هم في الأساس طائفة إسرائيلية في الأصل. فإسرائيل ليست اسم لدين , بل اسم لشعب. اليهود طائفة دينية , ومن المهم للغاية أن يكون هناك تفريق بين اليهود وإسرائيل .


وهذا الالتباس الذي حصل بسبب الحركة الصهيونية وبروز دولة إسرائيل , هو ما أربك العقول إلى درجة صار من الصعب تفكيكها , وصارت تحتاج إلى إعادة كتابة القواميس العالمية لكي تستطيع الفصل بينهما .


الآن , المحرقة(Holocaust )كلمة تأتي من فعل الحرق ببساطة ومهما كان نوعها.


ولكن اليوم صار معناها هو ما أصاب اليهود في ألمانيا وبولونيا وغيرهما على زمن أدولف هتلر من اضطهاد وحشي لا يقبل به أي شخص متمدن. سُرقت هذه الكلمة وتم تغيير دلالاتها ومعناها , وهذا هو الواقع ببساطة كما سُرق اسم إسرائيل من قبل.


الحركة الصهيونية اعتبرت أولا أن اليهود شعب وليسوا فقط طائفة دينية , وهذا الشعب هو وريث شعب بني إسرائيل التاريخي , ويجب لذلك أن تعود له أرضه ويعود له كيانه السياسي. وهذا لم يكن أصلاً اعتقاد كل اليهود بطبيعة الحال , ولكنه اليوم صار إلزاميا عليهم .


س _ هل يمكننا القول بان دراسات التاريخ التي بين أيدينا , هي نتاج الحقبة الاستعمارية الغربية ..؟؟


ج _ صحيح , وهناك سببين :


أولا , الحقبة الاستعمارية مستمرة وهي لم تنته بعد , ولكنها تغير أشكالها .


ثانيا , في بقية العالم عموما , ولنأخذ أنفسنا نحن العرب كمثال , لا نستعمل قدراتنا التي أعطانا إياها الله , كما يجب .


حتى العقلية منها , لنكتب أشياء تاريخية معقولة , نعرفها , وبدون أن ندخل في جدال مع الغرب .


علينا أن نعرّف أولا التاريخ , ونكتبه وفق ذلك .


أنا كشخص كتب التاريخ وتكلم مع العرب عن طريق كتبه ومؤلفاته , اعرف جيدا أن الشعب العربي يتفاعل فكريا بشدة , ويحب حركية الموقف الجدلي , والدخول فيه , ولو انه أحيانا لا يكون مدربا كفاية لذلك .


القدرة موجودة , ولكنك تحتاج أولا إلى حب التحرك لكي تستطيع الوقوف أولا .


ولا نستطيع القول دائما أن الغرب ظلمنا , وهو من فرض علينا التاريخ كما نتعلمه.


نحن أيضا لم نستعمل عقولنا جيدا , وحتى عندما استعملناها , فبطريقة مغلوطة ينقصنا التدريب.

..






 
رد مع اقتباس
قديم 27-06-2009, 10:40 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ريمه الخاني
أقلامي
 
إحصائية العضو







ريمه الخاني غير متصل


افتراضي رد: مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

ادين لك بالشكر لاطلاعنا على باحث وكاتب كبير يقدم لنا مالم نصل له وعن خبر ة ودراية...
ويبقى السؤال :
متى نخرج من عنق الزجاجة؟
تحبتي وتقديري لكم جميعا







 
رد مع اقتباس
قديم 28-06-2009, 01:13 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
ادين لك بالشكر لاطلاعنا على باحث وكاتب كبير يقدم لنا مالم نصل له وعن خبر ة ودراية...
ويبقى السؤال :
متى نخرج من عنق الزجاجة؟
تحبتي وتقديري لكم جميعا
عندما نتجاوز البنية العقلية القبلية والعشائرية الارادية , الى بنية عقلية مدنية ومؤسساتيه وانسانية ومستقبلية .

عندما نبني دولة القانون .

بكل احترام .

..






 
رد مع اقتباس
قديم 09-07-2009, 07:45 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

http://www.bohemea.com/mag/index.php...d=272&Itemid=1

مقتطفات من الجزء الثاني والأخير من الحوار .

..

حوار خاص مع الدكتور كمال صليبي (2)




بالعودة إلى كتابكم "التوراة جاءت من جزيرة العرب" ..


بنية هذه النظرية تعتمد على "توجيه" علم الآثار إلى الجغرافيا الصحيحة (للتنقيب وحسم النظرية) , في ما يتعلق بالأحداث التاريخية الصحيحة المدونة في النصوص .

س _ انتم لا تزالون تعتقدون بان علم الآثار لم يقدم في جغرافية فلسطين ما يثبت وجودا لبني إسرائيل في زمنهم التاريخي الصحيح ..؟؟

ج _ منذ صدور الكتاب المشار إليه، لم يعد احد يعلن أو يتحدث عن اكتشافات أثرية عبرانية في فلسطين. بالأحرى، صدرت بعد ذلك كتب لعلماء توراة، ومنهم إسرائيليون, قالوا فيها أنهم لم يجدوا في فلسطين أثراً لتاريخ توراتي.

وحتى تحت المسجد الأقصى لم يجدوا شيئا , لأنه لا يوجد شيء. حتى لو هدموه لن يجدوا شيئاً، لأن لا شيء هناك. وهذا ما يعرفه علماؤهم في الأقل، لحسن الحظ. وأتمنى أن لا يوفقوا في هدمه. فهو جزء رائع من التراث الإنساني المشترك .

س _ القول بان نظريتكم قائمة عل مجرد تطابق أسماء هو تسطيح للمضمون وحرفه عن مقصده الصحيح، وهو أن الجغرافيا الصحيحة للتوراة هي الجغرافيا التي يحسمها علم الآثار وليس فقط تطابق الأسماء ..؟؟

ج _ إذا وجد الماء بطل التيمم .

_ لا يمكننا ربط نظريتكم بالقرآن ..

ولكنكم تستندون إلى بعض آيات القرآن للإشارة إلى ما يفيد في تثبيت النظرية .

بمعنى أنها لا تتعارض مع النص القرآني .

هل تعتقدون بان البحث عن أصول بني إسرائيل (العرقية واللغوية) مرتبط بالبحث عن تاريخ العرب البائدة تحديدا ..؟؟

ج _ طبعا. أنا كتبت تاريخ الجزيرة العربية بالانكليزية ((A History ofArabia , وفي الكتاب كلام عن ذلك. وسوف أعيد طباعة هذا الكتاب قريباً. وسابقي الفصل الأول فيه , سيبقى كما هو:

"الجاهلية الأولى" , كما يسميها القرآن , أي فترة ما قبل الجاهلية التي انتهت بمجيء الإسلام.

والجاهلية الثانية التي تستمد اسمها من الجهل الذي هو عكس الحلم , بالإشارة إلى زمن الصراعات القبلية , كما في قول عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلن احد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا

هذا كلام جهل , وعصر جاهلي , عصر حرب البسوس وحرب داحس والغبراء وغير ذلك من الحروب القبلية. ما قبل ذلك كان عصر "الجاهلية الأولى" , وهو العصر الذي كانت فيه منافسة في التبرّج بين النساء، على ما يستفاد من القرآن. النساء كنّ يتبرجن في ذلك العصر، وهذا دليل على نتاج حضارة. لكن المعروف عن زمن الجاهلية الأولى يبقى غامضاً. والتوسع في المعرفة بشأن ذلك العصر يحتاج إلى إعادة نظر جذرية في المسلّمات, والى وقت قد يطول , وإلى العودة إلى دراسة اللغات السامية والتعمق بها، وإعادة النظر بشأنها جذرياً..

بالنسبة إلى موضوع القرآن , أنا وجدت فيه رواية ثانية غير توراتية ومستقلة للقصة التوراتية ذاتها – قصة بني اسرائيل من البداية إلى النهاية.

راجع التوراة. في نصوصها مشاكل كثيرة. أولا، يجب أن تقرأ كلغة عبرية صحيحة , وليس بالطريقة الغلط التي تقرأ بها تقليدياً.

عليك أن تتعلم لغة التوراة وفق أصولها وقواعدها , كما تتعلم اللغة العربية .

اللغة العربية يمكن فهمها من طريق الإعراب: المبتدأ والخبر , النعت والمنعوت , الفعل والفاعل والمفعول به إذا كان الفعل متعدياً , والجار والمجرور المتعلق به إذا كان الفعل لازماً , ... الخ .

قواعد النحو العادي.

القرآن مشكلته محلولة لغويا من هذه الناحية لكون نصه بالعربية , ومن الممكن فهمه كاملا تقريبا. هناك مواضع فيها أخذ ورد , ولكن على وجه العموم القصص القرآنية واضحة , لا تحتاج إلى جهد كبير للفهم , كون نصها بالعربي .

واللغة العربية لغة حيّة , عظيمة الشأن. من أكبر بركات ربنا علينا أننا نستطيع عن طريق مدوّناتها أن نتصل بأجدادنا الذين كتبوا بالعربية قبل حوالي ألفي عام تقريباً. أن نتصل بهم مباشرة ودون وسيط.

لليوم نقرأ امرؤ القيس ونفهمه , ونقرأ طرفة بن العبد ونطرب له , وعمرو بن كلثوم وعنترة وغيرهما. حتى الشنفري في العويص من لاميته نفهم ما يقول. فهو من رهطنا ونحن من رهطه. من أروع ما قاله الشنفري، بالمناسبة، هو وصفه للوحوش الكاسرة التي لجأ إلى صحبتها هرباً من الناس، على الوجه الآتي:

هم الرهط لا مستودع السر ذائع لديهم ولا الجاني بما جر يخذل

واليوم أيضا نقرأ ما ينشر في زماننا ونفهمه. من أقصى القدم في التراث الأدبي العربي إلى أحدث ما ينشر، تبقى اللغة العربية واحدة.

هذه ثروة عظيمة ننعم بها، وعسى أن نقدّرها إلى الحد الذي تستاهله.

يبقى أيضاً أن القرآن يروي باللغة العربية السهلة الفهم علينا رواية موازية للرواية التوراتية، كما سبق وذكرت. كان المسيحيون ينظرون إلى الرواية القرآنية تقليدياً على أنها مختلفة تماما عن الرواية التوراتية .

ولكن في الحقيقة لا يوجد اختلاف .

تأمل بالرواية القرآنية وقارنها بما قاله العبراني , وقارن هل هناك اختلاف أو لا.

الحقيقة انك تقرأ العبراني غلط , والرواية القرآنية العربية لا تختلف عن النص العبراني للقصة ذاتها إذا قرأته بشكل صحيح. عن طريق النص القرآني العربي، يمكننا، علميّاً، ان نصحّح النص العبراني للتوراة، على الأقل في أماكن كثيرة.

لنضرب مثلاً على ذلك:

في النص القرآني آية تقول ما معناه : إن داود جعل لبني إسرائيل لبوسا يحميهم في "بأسهم"، أي في حروبهم. وهذا يشير إلى انه صنع لهم دروع من حديد , أي ان الفولاذ كان مستخدماً في عصره.

هذا يعني أن داود، حسب القرآن، عاش في زمن بداية استخدام الفولاذ أو بعده بقليل , فاستعمله في صناعة الدروع. هذه هي الرواية القرآنية. وما يؤكدها هو ما ورد في القرآن في الكلام عن داود أن "ألنّا له الحديد". والمعنى هنا، بالإشارة إلى الفولاذ، واضح تماماً.

يعود عهد الانسان بالفولاذ إلى حوالي العام الألف قبل الميلاد , حسب تقديرات أهل الإختصاص، وهذا التاريخ يطابق زمن ملك داود .

ما يقوله القرآن، إذن، يتوافق مع ما يقوله العلماء عن قدم الفولاذ.

أضف أن في القرآن إصرار بأن من اليهود أناس "يحرفون الكلم عن مواضعه" في كتبهم المقدسة. والدليل القاطع على ذلك هو الموضع في التوراة الذي توجد فيه الإشارة إلى "أسنّة ودروع حديد وفؤوس حديد" في الحديث عن حروب داود. هذا هو الكلام التوراتي في الموضوع في ترجمته الصحيحة. والأسنّة والفؤوس، مثلها مثل الدروع، تتطلب استخدام الفولاذ. بسبب تغيير موضع الكلام، لم يعد من الممكن ترجمة الأصل العبري منه ترجمة معقولة. فجاءت الترجمة التي لدينا تقول، أن داود، بعد هزيمة أعدائه، "وضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد". الفؤوس وحدها نجت في هذه الترجمة العرجاء، الى جانب الإشارة الواضحة إلى الحديد.

هذا مثال من أمثلة كثيرة تقيم الدليل القاطع أن في القرآن العربي ما لا غنى عنه للمساعدة على فهم النصر التوراتي المكتوب بالعبرية وفك رموزه – إن لم يكن الشيء، فلكون نص القرآن عربياً لا مشكلة في فهمه.

س _ البحث في أصول بني إسرائيل (العرقية واللغوية) هو في جغرافية بلاد عسير وشبه جزيرة العرب تحديدا ..؟؟

ج _ لا يوجد عندي في ذلك أدنى شك .

س _ هل هذه الخلاصة دقيقة :

هل نستطيع القول بأن "الرواية التاريخية" تتحول إلى علم فقط عندما تتلاقى مع جغرافيتها الغنية بالآثار الحاسمة والدالة عليها ..؟؟

ج _ صحيح. وعلى عكس ما قلت لك سابقاً, في عدم وجود الماء , يصح التيمم .

س _ ما هو رأيكم في مدى قدرة المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية على الأخذ بنظريتكم حتى لو تم تثبيتها عبر علم الآثار , وإسقاط أفكار "التوراة جاءت من جزيرة العرب" على التراث والمقدس الديني للديانتين ..؟؟

ج _ الدين ليس له علاقة بالتاريخ والجغرافيا. لا يقوم على ذلك ولا يقعد. هذا شيء وذلك شيء آخر .

ما هو الفرق إذا كان أوّل الناس الذين قالوا بوجود الله عاشوا في فلسطين أو في جزيرة العرب، أو حتى في بلاد الاسكيمو. هل يؤثر ذلك على صحة المعتقد او عدم صحته؟

أنا احترم قدسية النصوص التي نحن بصددها واحترم أتباعها , واسمح لنفسي بحرية النظر التاريخي فيها. أين المشكلة في ذلك؟

س _ هل المؤسسة الدينية قادرة على تقبل نظريتك أو هي لا تستطيع ..!!

ج _ عليك أن تسألهم هم .

س _ انتم ما هو توقعكم ..!!

ج _ عند اليهود (وليس بنو إسرائيل) , بدؤوا بطرح الأسئلة حول النص التوراتي في الأندلس وما هو اليوم فرنسا. لم تقم الدنيا يومها أو تقعد , ولم يتهم أحد المتسائلين بأنهم أفسدوا دين اليهودية. وكان ذلك على خلفية قصة النبي إيليا (مار الياس). وكان أول سؤال أو تساؤل حول النص حيث يقول, انه عندما كان النبي إيليا في الصحراء كان ال "ع ر ب ي م" جمع لكلمة "ع رب" , يأتونه بالطعام صباحا ومساءا. ما قاله الحاخام "قمحي"- وهذا هو اسمه المتسائل اليهودي الأول الذي عاش في القرن الميلادي الثاني عشر، وقد ولد في الأندلس ومات في جنوب فرنسا، على ما أذكر- قال : هذه القصة غير معقولة أن ُتقرأ على أن "الغربان" كانت تأتي للنبي إيليا بالطعام صباحا ومساءا .

الكلمة لا يجب أن تقرأ "عُوربيم" , بمعنى "الغربان" , بل يجب أن تقرأ "عَرَبيم"، بمعني العرب , أي سكان البادية.

النبي إيليا كان مقيماً في البادية , والعَربيم (أي العرب) كانوا أناس يعتقدون به أو يؤمنون به نبياً, فكانوا هم الذين صاروا يأتونه بالطعام صباحا ومساءا.

عندما قال الحاخام ذلك لم يقم احد ويتهمه بأنه خرب الدين. الرجل قرأ النص بشكل صحيح , وكانت هذه بداية إعادة النظر في النص التوراتي عموماً.

وأنا افعل الشيء نفسه , وهو إعادة النظر في النص التوراتي .

عند المسيحيين , أول ما طُرحت نظرية داروين قامت الدنيا ولم تقعد .

الآن , قد يوجد بعض المسيحيين لا يزال يرفض النظرية في أمريكا. ولكن الكنائس قبلت بها: البروتستانتية (المحترمة منها في الأقل) والكاثوليكية. كل الكنائس المحترمة قبلت بها , لأن هذه النظرية هي الأقدر على تصوير واقع التاريخ البيولوجي. وعلى ذلك فقس .

مجرد الفكرة بأن تعرض نصوص التوراة والأناجيل للبحث كانت مرفوضة في البداية لدى المسيحيين رفضا قاطعا .

الآن , لا تستطيع أية كنيسة أن ترفض ذلك. الكنسية قد يكون لها رأي في الموضوع, لكنها في العادة لا ترفض أو تكفّر بقية الآراء .

عند المسلمين، هذه المسألة لم تُحل بعد , بمعنى أن السؤال المتعلق بها لم يطرح، أو أن الإجابة عليه لا تزال غير قاطعة.

س _ هل كتابكم "البحث عن يسوع" هو ترجمة مع التصرف لكتابكم الصادر قبله بالانجليزية : "مؤامرة في أورشليم : الأصل الخفي ليسوع" ..؟؟

ج _ صحيح , هو الشكل العربي أو الحلّة العربية للكتاب نفسه.

س _ لماذا لم تتم ترجمة الكتاب الانجليزي حرفيا إلى اللغة العربية ..؟؟

ج _ أنت عندما تكتب لأناس انكليز , مسيحيين أو يهود يعيشون بين المسيحيين ويعرفون تراثهم جيدا , عندها لا تضطر إلى كتابة بديهيات يعرفونها لكونها لديهم معلومات عامة .

أما عندما تكتب للقارىء العربي فأنت تكتب لأناس أغلبيتهم مسلمون ليسوا مطلعين على بواطن المسيحية أو الأناجيل. العرب المسيحيين يقرأون الأناجيل وما يتبعها من مقدسا خاصة بهم، لكن قليلون هم المسلمون الذين يفعلون ذلك.

لهذا السبب تحتاج إلى شرح أشياء للقارىء العربي عموماً لست بحاجة لشرحها للقارئ الانكليزي , والعكس بالعكس .

هناك، من ناحية أخرى، أشياء الانكليزي يحتاج لشرحها، في حين هي بالنسبة للقارئ العربي شيء مفهوم تلقائياً.

ثم هناك حوالي 12 سنة من الفارق الزمني بين الكتاب الأول (الانكليزي) والثاني (العربي). وفي الثاني، أي كتاب "البحث عن يسوع"، معلومات أكثر من تلك الموجودة في الكتاب الأول لهذا السبب. خلال سنوات الفارق الزمني لم اتوقف عن المزيد من الدراسة.

في كتاب "مؤامرة في أورشليم" , كتبت النص بشكل روائي, خاطبت فيه القارئ بدعوته إلى المشاركة في التحقيق بقضية من هو يسوع المسيح الذي تتحدث عنه الأناجيل: أناجيل متى ومرقس ويوحنا ولوقا. ثم قلت: لنأتي بالقرآن وبالتراث الإسلامي ونطلع على ما يقال فيهما الموضوع. لنستنطق الجميع , ثم نبدأ بعدها بتحري الحقيقة.

هذا الشغل تم على هذا الشكل بقصد أن يأتي الكتاب مثيرا لاهتمام القارىء .

في الكتاب العربي , آثرت أن أتبع طريقة البحت العلمي العادي، لأن هناك اهتمام من قبل القراء العرب في معرفة من هو هذا الرجل المسمى يسوع.

وخصوصا أن هناك دائما سؤال حول الصلب، وهل كان هناك صلب، وإلى ما هنالك.


_ كتبكم السابقة كلها تتعرض للموضوع التوراتي جغرافيا :


(التوراة جاءت من جزيرة العرب , خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل , حروب داود ومآثر الجبرة , .. ) وانتهاءا بكتابكم الهام "البحث عن يسوع" .

س _ هل هي سلسلة كاملة يمكن أن تشكل منظومة معلومات متكاملة , تكون قاعدة لنظرية "نقل مركز الثقل" أو لنقل على الأقل "إعادة مركز الثقل" , للتراث التوحيدي الإنساني والمقدس , إلى موقعه الأصلي "جغرافيا" , وبالتالي لغويا ..؟؟

ج _ صحيح. مؤكد. لقد قمت بذلك , ولم يكن القصد تخريبا أو إزعاجا لأحد. كان شغلا علميا , وعلى أرضية انه لا يوجد إنسان قاصر , وان كل ما يُعلم يجب أن يقال , وان كل ما يقال جاء أوانه وحضر أهله، وليس العكس.

_ قلتم في كتابكم عن التوراة ما ملخصه : يمكن قراءة النص التوراتي بصورة أكثر صحة بكثير من خلال ما يعرف بالقصص القرآنية للتوراة أو (إسرائيليات القرآن) .


س _ هل قصدتم بذلك أن "العلاقة تبادلية" , بمعنى أن التفسيرات الإسلامية للقصص القرآنية في ضوء نظريتكم , تستقيم جغرافيا , ويتضح معناها , وتستكمل دلالاتها , وبالتالي قدسيتها ورمزيتها الدينية , كما هو الحال في التوراة ..؟؟

ج _ صحيح. إلا انه في القرآن والتراث الإسلامي يُفترض أصلا وأساسا أن الإسلام هو الدين الأصلي المقبول من الله دون غيره، وهو أيضاً دين إبراهيم .

الإسلام في القرآن ليس الدين الذي دعا إليه النبي محمد وحده، بل كل من سبقه من الأنبياء دعا به.

كل دين توحيدي، إذن، هو إسلام بحسب التعريف القرآني , شرط ان لا يكون متلاعباً به أي أن آدم كان مسلما وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى ابن مريم، وأخيرا الإسلام الذي نعرفه اليوم بهذا الاسم تحديداً, كله يسمى إسلاما , وهو الاسلام الذي يصفه القرآن بالدين الحنيف .

الدين الحنيف كان موطنه بلاد العرب في الجزيرة العربية، أو بالأحرى الحجاز، وتحديدا مكة، بحسب الفهم الإسلامي المتوارث.

التراث الإسلامي يقول بأن عيسى ابن مريم ظهر في مكة , وفي مكة كان يوجد تابوت العهد الذي يعود إلى بني إسرائيل , وأهل مكة سلموا عيسى بين مريم هذا التابوت اعترافا به كصاحب الحق في الحفاظ عليه.

وفي التراث الإسلامي ايضاً، يذكر المؤرخ الطبري أن عيسى ابن مريم قبره في جبل "جمّاء" جنوب المدينة , وهو جبل معروف بهذا الاسم إلى اليوم.

القصة في القرآن لا تحدد جغرافيا , ولكن التفسيرات القرآنية والتراث عموما وقدامى المؤرخين , واغلبهم من أصول يهودية، مثل وهب ابن منبه الذي كان جده يهوديا اعتنق الإسلام. وحفيد وهب هو ابن هشام، صاحب السيرة النبوية .

هؤلاء كان لديهم الكثير من المعلومات. منها أن سليمان كان ملكا على اليمن، وأن داود بالتالي كان أيضاً ملكه هناك .. الخ .

في التراث الإسلامي هذه الفكرة مقبولة جدا , بل ومعتمدة أيضا .

الآن , تاريخيا عندما كان العلماء المسلمون يشكّون في أمر ما , كانوا يذهبون إلى "الربابنة اليهود" لسؤالهم لكي يشرحوا لهم الأمر, عندما يلتبس عليهم أي موضوع.

العكس لم يحدث (اليهود لم يأخذوا من القرآن، ولا عن المسلمين) , لافتراضهم بأن الاسلام دين طارئ , وان المسيحية واليهودية أقدم عهداً منه بكثير، وهما الأصل.

لذلك لا لزوم لان يذهب اليهود لكي يطلبوا شرحاً لموضوع ما في القرآن أو في التراث الإسلامي أو الأدبيات الإسلامية , بمعنى أن المعادلة كانت باتجاه واحد وليس بالاتجاهين .






 
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2009, 09:51 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

كمال الصليبي بطلاً لرواية بوليسية أميركية
«لغز الإسكندرية»: أرض الميعاد ليست فلسطين
الروائي الأميركي ستيف بيريشُغِف ستيف بيري بنظريّة «التوراة جاءت من جزيرة العرب»، فاستوحى منها عملاً أدبياً اكتسح المبيعات في الغرب... من هو جورج حداد المؤتمن على سرّ عمره قرون؟
أسامة العيسة

قبل سنوات، على مائدة عشاء في كامدن (جنوب كاليفورنيا)، سمع الروائي الأميركي ستيف بيري لأول مرة باسم كمال الصليبي. شُغف بتأويله لجغرافيا الكتاب المقدس، وقرأ أربعة كتب له، وزار بلداناً عدة، ليخرج برواية «لغز الإسكندرية» التي وصلت أخيراً إلى المكتبة العربيّة («دار الكتاب العربي» ـــــ ترجمة حسان بستاني). تعتمد الرواية على نظرية الصليبي بأن فلسطين ليست مسرح أحداث التوراة. ابتكر بيري شخصية جورج حداد، المستوحاة من المؤرخ والباحث اللبناني الشهير. لكنَّ حداد في الرواية هو فلسطيني يصبح على رأس مجموعة سرية مهمّتها الحفاظ على سرّ يُتداول منذ قرون، ويتعلق بمخطوطات في مكتبة الإسكندرية الشهيرة.
يفتتح الكاتب الأميركي روايته بموضوع النكبة الفلسطينية، وينسج رواية بوليسية ـــــ تصدَّرت قوائم أكثر الكتب مبيعاً ـــــ عن وجود مخطوطات لدى حداد، من شأنها سحب البساط من تحت الدعاوى الإسرائيلية بأنّ فلسطين أرض الميعاد. يُلاحق حداد من قوى عدّة، بينها طبعاً إسرائيل، إضافة إلى دول عربية والإدارة الأميركية ومجموعة سريّة تضم نخبة من أصحاب النفوذ في العالم.... ولكل طرف هدفه من تلك الملاحقة. إسرائيل مثلاً لا تريد أن تنشر نظرية تهدِّد وجودها، والإدارة الأميركية تريد وضع يدها على السرّ ليكون مصدر قوتها في الضغط على إسرائيل.
المثير في رواية ستيف بيري أنها تستوحي عقدتها من نظرية الصليبي المثيرة التي وجدت لها جمهوراً في العالم العربي، مع أنّه لا دليل على صحتها. وعلى الرغم من شيوعها، لم يفكر الروائيون العرب في استيحائها أدبيّاً. ويظهر الكاتب اطّلاعاً حسناً على موضوعه، مثل التناقضات التي بيّنها الصليبي في ترجمات القديس جيروم المعتمدة حتى الآن للعهد القديم من العبرية إلى اللاتينية. ولمستلزمات الحبكة الروائية، أضاف مراسلات مخترعة بين جيروم والقديس أوغسطين، وكلاهما من مثقفي السنوات الأولى لنشوء الكنيسة. تكشف الرسائل بين الاثنين، كما وردت في الرواية، أنّ ترجمة جيروم للعهد القديم من العبرية إلى اللاتينية «قد تكون عولجت لخدمة أهداف الكنيسة الناشئة». ويظهر بيري إعجاباً بالصليبي، إذ يقول إنّ التناقضات في ترجمة جيروم التي أشار إليها الباحث اللبناني «تطرح في الواقع أسئلة جذابة».
ويتطرق الروائي الأميركي في فصول كتابه إلى ما سمّاه تناقضات العهد القديم، مشيراً إلى أنها ليست جديدة، «وقد ناقش الباحثون هذه النقاط طيلة قرون. ورغم ذلك، فالتوراة هي مستند مرن على الأقل، ويبدو أنّ كل جيل يترك علامة فارقة في تفسيره له». وهذا ما ينطبق في الغالب على الكتب المقدسة للديانات التوحيدية جميعها. فالقرآن مثلاً «حمّال أوجه».
ويتبنى بيري، من دون أن يذكر، تأويلات الصليبي لمسلّة الملك ميشع التي عثر عليها قرب مدينة مادبا الأردنية، ويطلق عليها تسمية «النقش المؤابي». ويأخذ على الصليبي تطرّفه في تأويل العثور على المسلّة، وهي الوثيقة الأقدم لذكر مملكة السامرة، وذلك لخدمة نظريته. لكنّ الكاتب يستعين بذلك لترسيخ فكرة أنّ أرض الميعاد هي في الحقيقة في مكان غير فلسطين.
الرواية التي صارت الآن في متناول قرّاء الضاد، تستند تماماً إلى نظرية الصليبي (بغض النظر عن صحتها)، فيما يقوم مؤلفها بمناقشة نقديّة لطروحات القديس جيروم الذي أمضى أكثر من ثلاثة عقود في أقبية كنيسة المهد في بيت لحم، ليخرج بترجمته التي يطلق عليها حتى الآن «الترجمة المعتمدة». هذه النظرية العربيّة نالت صدىً أدبياً خلف المحيط البعيد، فيما تجنّب الأدب العربي حتى الآن التطرق إليها، أو طرح أسئلة تعتمد مثلاً على علم الآثار. كأنّ الأدباء العرب (ومواطنيهم) لا يكنون احتراماً كبيراً لهذا العلم، فيعمدون إلى تجاهله أو المشاركة في «نفيه» إلى الخارج. كم هي عديدة الأعمال الفنية الغربيّة التي جعلت من الآثار موضوعاً لها؟ أما في البلاد التي تفاخر بأنّها مهد الحضارات والأديان، فما زال الأدب بعيداً عن هذا الاهتمام...
عدد الخميس ٢١ أيار ٢٠٠٩


جريدة الأخبار اللبنانية

..







 
رد مع اقتباس
قديم 27-07-2009, 02:29 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

طائر على سنديانة

مذكّرات

كمال الصّليبي

دار الشروق _ عمان

الطبعة الأولى – 2002

( طائر حكيم مسنّ حطّ على سنديانة
كلّما رأى أكثر تكلّم أقلّ
كلّما تكلّم أقلّ سمع أكثر
لماذا لا نكون جميعا مثل هذا الطائر الحكيم المسنّ ؟ )

هذا الكتاب هو سجل لأشياء أذكرها ... ودون المزج بين ما أذكر وما صرت أعرف عن أيّ شيء شهدته أو خبرته لاحقا .

.
.

على ضفاف بحيرة عمر هادئة ..

سافر الدكتور الصليبي في مذكّراته خفيفا .

هي في معدنها ذاكرة من ذهب .

الجغرافيا , هي ذلك الذهب الذي لا يفنى , ربما يحتاج إلى التنقيب قليلا , أو ربما تتبع متلهف لمجاري الأنهار , أو مراقبة مغامر لغضب السيول , أو السير الفلسفي في المسالك الخالدة , أو رؤية البريق الذهبي تحت أشعة شمس الحقيقة التي لا ترحم .

الغربة تحول الإنسان إلى دمية خشبية , الغربة كذبة تطيل الأنف .

الوطن هو تلك الجغرافيا التي تمتد عميقا في الذاكرة .

التاريخ , ذاكرة وطن يعيش دائما في تفاصل المكان .

الحقيقة التاريخية , حقيقة المكان , لا تنبعث إلا في زمن , يشبه زمن ولادتها .

رواية التاريخ , رسالة تصوف , ورواة التاريخ معتزلة .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 20-08-2009, 01:30 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

الدكتور كمال الصليبي
يُعيد التاريخ إلى جغرافيته , ويُصالح المقدس معهما

الدكتور الصليبي درس التاريخ واللغات السامية في الجامعة الأمريكية في بيروت , وتخصّص في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة لندن , وهو من أساتذة دائرة التاريخ والآثار في الجامعة الأمريكية في بيروت .

عندما تبحر في أعمال الدكتور كمال الصليبي , كباحث تاريخي يمتلك أدوات البحث العلمي , اللازمة لهكذا فكر متقدم ورؤية جديدة , لعلم قديم وهام ومستمر , لا تزال تستند عليه الكثير من العلوم الإنسانية , بل وحتى هويات الجماعات الإنسانية (الدينية والقومية واللغوية) في جغرافيتها , علم التاريخ .

الغريب في ردود الأفعال عامة , على ما قدمه الدكتور الصليبي من حقائق تاريخية ونظريات مكملة , تُعيد رسم المشهد الجغرافي , للتاريخ الإنساني الديني/الجغرافي لبني إسرائيل , وتاليا للتاريخ الإنساني الديني/الجغرافي للمسيحية , والى التفسير الإسلامي للقصص القرآنية .
أنها "تمسكت" بالحقائق التاريخية (غير الصحيحة جغرافيا) , والتي بقيت تهيمن على تاريخ المنطقة تحديدا , والتاريخ الديني بشكل عام , والتي كانت ولا تزال تعاني من إرباك لغوي ومنطقي هائل , ولا يزال علم الآثار يكرس عدم صحتها في جغرافيتها المفترضة .

والأكثر غرابة في ردود الأفعال المستمرة , أنها تجاوزت المقدمات الواضحة للدكتور الصليبي عبر أبحاثه ونظرياته كلها , في أن الحقائق التاريخية ليست هي محور البحث , بل جغرافية هذه الحقائق التاريخية .
ولذلك يكون المقدس الديني المرتبط بها , هو أيضا ليس موضوع تشكيك أو نفي , بل هو يكتسب عبر ذلك كله المزيد من وضوح معانيه ورموزه ودلالاته , ويعود إلى بيئته الجغرافية وبالتالي اللغوية الطبيعية , يهوديا , وبالتالي مسيحيا وإسلاميا .

والاهم في ردود الأفعال كلها , أن أصحابها (من غير أهل الاختصاص) , بل هم مؤرخو عقائد قومية أو قبلية أو دينية ضيقة , استندت إلى التاريخ لتكريس بُنى سياسية اجتماعية في ظاهرها , ودينية أو قومية دينية انعزالية/الغائية سلطوية وفردية , في باطنها .

الحقيقة أن التاريخ علم , تتبعه علوم مساعدة , تتطور وتتسع ساحاتها وترتبط بالبحث العلمي في مجالات متطورة كونيا بتسارع , تُمكن الباحث العلمي المختص في التاريخ , من تحديد الأعمار بدقة شديدة , للآثار والبقايا الإنسانية , بحيث تقود إلى "تاريخ زمني" شديد الدقة , يشكل العمود الفقري الناظم لكتابة التاريخ كعلم إنساني , وليس كقومية ودين وقبيلة وأفراد .

والحقيقة الأكثر رسوخا , أن المؤرخ لم يعد راوية للأحداث , يمتلك بفطرته حسا تاريخيا , يسمح له بالاستنتاج أو التحليل أو الافتراض أو إطلاق الخيال .
المؤرخ باحث يمتلك أبجدية البحث التاريخي وأدواته العلمية , وليس شاعرا أو أدبيا أو حتى لغويا , وهو بالتأكيد ليس فيلسوفا , ولا يمكن أن يكون لاهوتيا .

يتمحور علم وعمل الدكتور الصليبي , المختص باللغات السامية , بما يتجاوز بالكثير , تقديم نظرية تعتمد على (تشابه الأسماء) , كما اجمع كل من رفض نظرياته أو جادل ضعفه بها , ثم قام بنفيها بكل ثقة القاصر بنفسه :
_ حول حقيقة لغوية , لا خلاف عليها , وهي أن اللغة العبرية الحالية , صُنعت في مختبرات لغوية ألمانية في القرن التاسع عشر , وهي لا تساعد على قراءة التوراة الحالية بعد تصويتها , أو التوراة عند العودة إلى قراءتها بلغتها الأصلية .
ولذلك يجب أن تعاد قراءة التوراة بطريقة تزيل غموضها وضعف معانيا وإرباكها , وعند القيام بذلك , تصل مباشرة إلى صلب المشكلة التي تتجاوز القضية اللغوية الشائكة , إلى القضية الجغرافية , وهي أن التوراة الغنية بالتفاصيل الجغرافية , والمسافات والجهات , لا تقبل بأي حال , أن تكون جغرافية ارض فلسطين .
_ وحول حقيقة علم الآثار , الذي نقّب كل شبر من ارض فلسطين التاريخية , وحتى تحت المسجد الأقصى , ولم يتم العثور على أي دليل علمي يشير إلى وجود لبني إسرائيل هناك في الفترة الممتدة إلى ما بعد السبي البابلي .
_ لذلك من الطبيعي أن يبحث الدكتور الصليبي عن جغرافية التوراة الصحيحة , وخصوصا أن السجلات الفرعونية والآشورية , تقود إلى تأكيد خلو ارض فلسطين التاريخية من وجود لبني إسرائيل فيها , (بل التوراة نفسها لا تذكر ذلك) .
ولان علم الأسماء , هو جزء من علم التاريخ , استند الدكتور الصليبي على تشابه الأسماء , وعلى النص القرآني , وعلى رؤية جديدة لجغرافية النص الإنجيلي , وعلى إشارات في السجلات التاريخية المعتمدة , ليقدم نظريته التي تقول أن التوراة جاءت من جزيرة العرب , من بلاد عسير .
وحدد الدكتور الصليبي , مواقع بعينها للتنقيب واثبات هذه النظرية أو نفيها , ونفيها يقود إلى البحث عن (جغرافيا ثالثة) , لتاريخ بني إسرائيل , ولا يمكن أن يعيد هذا التاريخ إلى ارض فلسطين على أية حال .
بل نفي نظرية الدكتور الصليبي سيقود إلى إرباك حقيقي في تفسير النص القرآني , والقصص القرآنية تحديدا , بأكثر مما هو عليه الحال الآن , بربطها بجغرافية فلسطين .

ما قام به الدكتور الصليبي تحديدا , هو كتابة شهادة وفاة علمية ودقيقة ورصينة , لتاريخ بني إسرائيل (في جغرافية فلسطين) , كما دونها اليهود أنفسهم في بابل زمن السبي الذي لا خلاف عليه .
ثم استكمل ذلك , بتقديم نظرية تستند إلى ما هو بالتأكيد أكثر وأوسع من مجرد تشابه أسماء , لجغرافية تاريخ بني إسرائيل , في بلاد عسير .
ثم قدم رؤية جديدة , للمسيحية المعاصرة , تعيدها إلى جغرافيتها المولدة لها , ولا تمس قداستها أو لاهوتها أو رمزيتها , بل تعيد كل ما سبق إلى جذوره الثابتة , وزمنه الدقيق , ولغته الأولى , واتصاله الطبيعي بما سبقه وما تلاه .

كل ما قدمه الدكتور الصليبي من علم , لا علاقة له بالمقدس كمقدس , بل هو بالتحديد , تنقية كل النصوص المقدسة , من تراكمات الزمن في مسارات التاريخ , وفراغات اللغة , وهيمنة العقل الذكوري الأبيض على الفكر الإنساني , وضياع المعالم , وصولا إلى حدّة التوظيفات المعاصرة , على حساب الحقائق الجليّة .

أعمال الدكتور الصليبي , تتميز بعلميتها ووضوحها ورصانتها , لذلك قابلها الفكر الديني السياسي اليهودي بالكثير من العدائية .
وتجاهلها الفكر الديني المسيحي تجاهلا كاملا .
ووقف منها الفكر القومي والإسلامي العربي , موقفا غامضا مربكا , يكاد يكون غير مصدق .
وتجنبها الفكر الأكاديمي الغربي المرتبط بالنظام السياسي الاستعماري الذي لا يزال يحكم الرؤية الغربية للعلوم الإنسانية .
ولكن الجميع لم يستطيعوا أن يقدموا نفيا علميا لها , ولم يتجرؤوا على الذهاب إلى مواقع بعينها في بلاد عسير جنوب غرب جزيرة العرب , لينقبوا , كما يتوجب على كل صاحب فكر ديني أو سياسي أو اجتماعي , علمي وايجابي وإنساني وخلاق , أن يفعله .

لم يطرح الدكتور الصليبي , نظريات سياسية أو دينية أو اجتماعية , بديلة , لما هو قائم اليوم , بفعل عوامل معقدة .
بل هو وبكل ايجابية , قدم حقائق تصالحية دينيا وتاريخيا وجغرافيا , ليست فقط تعيد التاريخ إلى أسسه وثوابته , بل وتساعد على رؤية مستقبل إنساني يحتاجه الجميع بشدة .
ولكن من الواضح أن الجماعات البشرية , ذات الصلة المباشرة أو غير المباشرة , بذلك التاريخ المتداعي , لا تزال تقودها القبليات والمذهبيات والمقدسات البشرية نفسها , بما يجعل الحقائق على أنواعها , وخصوصا التاريخية منها , (خصما وليس علما) .

من الاستثنائي أن تعاصر الدكتور الصليبي , وان تهتم بأعماله , وان تمتلك من خلال طرحها على النت للنقاش والحوار , إحساسا متزايدا , بأهميتها وصلابتها وقدرتها على إحداث التغيير وتحطيم التقليد والدفع باتجاه البحث , والمزيد من البحث , كما هو الحال في كتابات الباحث الإسلامي ابن قرناس , الذي قدم أعمالا موازية تستحق المزيد من الاهتمام .
ومن الطبيعي أن تشعر بالفراغ الكبير على الساحات الفكرية العربية والإسلامية , الذي ولّده تاريخ من الجمود , بحيث أصاب بنية العقل العربي , بذلك النوع من الاستسلام الخطير والرهيب .

ليس مطلوبا أن تؤمن بنظريات وأعمال الدكتور الصليبي , بل المطلوب أن تؤمن بالبحث العلمي والحقائق التي تستند إليه .
وان تؤمن بالإنسان داخلك , وبضرورة امتلاكك لبنية عقل , تسعى إلى المعرفة الإنسانية الجامعة , في عصر تحول فيه زمن الاتصال الإنساني من مستحيل , إلى بداهة .

في المقابلة التي خص بها الدكتور الصليبي مجلة بوهيميا الثقافية , نتلمس في أجوبته الواضحة , غنى رؤيته للتاريخ الإنساني , وصلابة تمسكه بواجبه العلمي في حقل التاريخ , في البحث عن الحقائق الثابتة , ورفض الاستسلام للسائد , وما يُفترض انه مقدس .
التاريخ وككل العلوم الإنسانية , يتحول إلى قوة ايجابية وخلاقة وجامعة , عندما يكون القائمين عليه , على مثال الدكتور الصليبي , يعتبرون الإنسانية هوية نهائية , والأرض وطن حقيقي , والآثار ملك للبشرية , والتاريخ ذاكرة الجميع .
والتاريخ يتحول إلى قوة سلبية مدمرة وتقسيميه , عندما يكون القائمين عليه , انعزاليين , وفرديين , وذكور بيض عنصريين , وقبليين .


..


http://www.bohemea.com/mag/index.php?option=com_content&task=view&id=283&Item id=1


لا بد من الإشارة دائما إلى مجلة بوهيميا الثقافية , وأسرة تحريرها , وتحديدا السيد الياس جرجوس , الذي يبذل جهدا جبارا في الحصول على الكتب والمراجع اللازمة لانجاز هكذا نصوص .
وعلى الحصول على الموافقات الضرورية من السادة المؤلفين بالإضافة إلى المقابلات والمراجعات التي تسمح لنا بإخراجها وتقديمها بثقة .
وتعود الملكية الأدبية والمعنوية لمجلة بوهيميا الثقافية التي سمحت لنا بالنشر تعميما للفائدة وإيمانا بالشراكة الإنسانية في امتلاك المعرفة وتعميمها .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 25-12-2016, 09:14 AM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش غير متصل


افتراضي رد: مقتطفات من حوار مع د. كمال الصليبي ..

رحمة الله عليه..
لست حتى هاو تاريخ انا فقط انسان يحب الحقيقة او ربما يجب ان أقول أحب الحياة التي يضع حقائقها النبيلة رجال ونساء أصحاب رؤية وقلوب وضمائر وابتسامة.

زرع الدكتور صليبي في حدائق الشرق المعلقة من "نود" شرقا الى "عدن" غربا الكثير من سنديان الحقيقة (هوية هذا الشرق) في ارض بور استباحتها أشواك الخرافات وطفيليات الاساطير وصبار الدجال ولو كان لبعضها طعم او منظر جميل.

لم اقابله، فقط استمعت الى صوته في الحوار الأخير معه عبر الأستاذ الياس جرجوس الذي سجل المقابلة في بيروت والتي قام الأستاذ والمؤرخ بسام القحط بإعداد الأسئلة وكان لي الحظ في مساعدته بذلك وما تبعه من أسئلة عبر ايميل مجلة بوهيميا، واحسست وأسجل هنا للتاريخ أنني اصغيت الى صوت التاريخ نفسه ونبرته الابوية وصدقه ووضوحه وعمقه ورسوخه.

وللتاريخ أيضا أنكر على الأستاذ الياس جرجوس ان ينسب الحوارات الأخيرة مع الراحل الى شخصه وينشرها بكتاب باسمه وهي تعود في ملكيتها الحقيقة للأستاذ بسام القحط وكنت شاهدا عليها سؤال وجوابا على امتداد الايميلات.

ان تحارب رجلا حرّا في الحياة فكريا في ذلك بعض من العلم والفضيلة، وأما أن تسرق بعضا في ظلّ سنديانة عاشت واقفة واستمرت ارثا فكريا خالدا تلك قصة الشرق وحقيقة غربائه وقومييه، قال فيه الراحل الكبير كلمة حق.

25/12/2016

صافيتا/زياد هواش

..







التوقيع

__ لا ترضخ لوطأة الجمهور، مسلما كنت، نصرانيا أو موسويا، أو يقبلوك كما أنت أو يفقدوك. __

 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:31 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط