|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
![]() |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 181 | |||||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) فضل العلم: وأما الأثار فمن وجوه: 1) قال سعيد بن المسيب - رحمه الله -: ليسـتْ عبادة الله بالصَّوم والصلاة، ولكن بالفِقْه في دينه. 2) وقال وهب بن منَبِّه: يتشَـعَّب من العلمِ الشـرَفُ، وإن كان صاحبه دنيًّا، والعز وإن كان مهِينًا، والقرْب وإن كان قصيًّا، والغِنَى وإنْ كان فقيرًا، والمهابة وإن كان وضِيعًا. 3) وقال سفيان بن عيينة: أرْفعُ الناس عند الله منْزلة مَن كان بين الله وبين عباده، وهم الأنبياءُ والعلماء. وقال أيضًا: لَم يُعطَ أحَدٌ في الدنيا شيئًا أفضل منَ النبوة، وما بعد النبوة شيء أفْضل من العلم والفقه، فقيل: عمَّن هذا؟ قال: عن الفُقهاء كلهم. 4) وعن سفيان الثَّوْري والشافعي - رحمهما الله - قالا: ليس بعد الفرائض أفضل مِن طلَب العِلْم. 5) وقال الشافعي وأبو حنيفة - رحمهما الله -: إن لَم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله، فليس لله وليّ. 6) وقال أبو مسلم الخولاني: العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا بدت للناس اهتدوا بها وإذا خفيت عليهم تحيروا. 7) قِيلَ لِبَعْضِ الحُكَماءِ: لا تَنْظُرْ، فَأغْمَضَ عَيْنَيْهِ، فَقِيلَ: لا تَسْمَعْ، فَسَدَّ أُذُنَيْهِ، فَقِيلَ: لا تَتَكَلَّمْ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلى فِيهِ، فَقِيلَ لَهُ: لا تَعْلَمْ، فَقالَ: لا أقْدِرُ عَلَيْهِ. 8) وقالَ بَعْضُهم: أحْيُوا قُلُوبَ إخْوانِكم بِبَصائِرِ بَيانِكم كَما تُحْيُونَ المَواتَ بِالنَّباتِ والنَّواةِ، فَإنَّ نَفْسًا تَبْعُدُ مِنَ الشَّهَواتِ والشُّبُهاتِ أفْضَلُ مِن أرْضٍ تَصْلُحُ لِلنَّباتِ. 9) وقالَ الشّاعِرُ: وفِي الجَهْلِ قَبْلَ المَوْتِ مَوْتٌ لِأهْلِهِ وأجْسامُهم قَبْلَ القُبُورِ قُبُورُ وإنَّ امْرَأً لَمْ يَحْيَ بِالعِلْمِ مَيِّتٌ *** ولَيْسَ لَهُ حَتّى النُّشُورِ نُشُورُ
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 182 | |||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) فضل العلم: وأما الأثار فمن وجوه: 10) وقالَ حَكِيمٌ: القَلْبُ مَيِّتٌ وحَياتُهُ بِالعِلْمِ، والعِلْمُ مَيِّتٌ وحَياتُهُ بِالطَّلَبِ، والطَّلَبُ ضَعِيفٌ وقُوَّتُهُ بِالمُدارَسَةِ، فَإذا قَوِيَ بِالمُدارَسَةِ فَهو مُحْتَجِبٌ وإظْهارُهُ بِالمُناظَرَةِ، وإذا ظَهَرَ بِالمُناظَرَةِ فَهو عَقِيمٌ ونِتاجُهُ بِالعَمَلِ، فَإذا زُوِّجَ العِلْمُ بِالعَمَلِ تَوالَدَ وتَناسَـلَ مُلْكًا أبَدِيًّا لا آخِرَ لَهُ. 11) وقالوا: الدنيا بستان زينت بخمسة أشياء: علم العلماء وعدل الأمراء وعبادة العباد وأمانة التجار ونصيحة المحترفين. فجاء إبليس بخمسة أعلام فأقامها بجنب هذه الخمس جاء بالحسد فركزه في جنب العلم، وجاء بالجور فركزه بجنب العدل، وجاء بالرياء فركزه بجنب العبادة، وجاء بالخيانة فركزها بجنب الأمانة، وجاء بالغش فركزه بجنب النصيحة. 12) وقالوا: فضل الحسن البصري على التابعين بخمسة أشياء: أولها: لم يأمر أحداً بشيء حتى عمله، والثاني: لم ينه أحداً عن شيء حتى انتهى عنه، والثالث: كل من طلب منه شيئاً مما رزقه الله تعالى لم يبخل به من العلم والمال. والرابع: كان يستغني بعلمه عن الناس، والخامس: كانت سريرته وعلانيته سواء. 13) وقيل: لا تتم أربعة أشياء إلا بأربعة أشياء: ...- لا يتم الدين إلا بالتقوى، ...- ولا يتم القول إلا بالفعل، ...- ولا تتم المروءة إلا بالتواضع، ...- ولا يتم العلم إلا بالعمل، فالدين بلا تقوى على الخطر، والقول بلا فعل كالهدر، والمروءة بلا تواضع كشجر بلا ثمر، والعلم بلا عمل كغيث بلا مطر. 14) قال ابن المبارك ما جاء فساد هذه الأمة إلا من قبل الخواص وهم خمسة: العلماء، والغزاة، والزهاد: والتجار، والولاة. أما العلماء فهم ورثة الأنبياء، وأما الزهاد فعماد أهل الأرض، وأما الغزاة فجند الله في الأرض، وأما التجار فأمناء الله في أرضه، وأما الولاة فهم الرعاة فإذا كان العالم للدين واضعاً وللمال رافعاً فبمن يقتدي الجاهل، وإذا كان الزاهد في الدنيا راغباً فبمن يقتدي التائب، وإذا كان الغازي طامعاً مرائياً فكيف يظفر بالعدو. وإذا كان التاجر خائنا فكيف تحصل الأمانة، وإذا كان الراعي ذئباً فكيف تحصل الرعاية؟! 15) إن الله علم سبعة نفر سبعة أشياء: ...1. عَلَّمَ آدم الأسماء: (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا)، فكان سبباً له في حصول السجدة والتحية. ...2. وعَلَّمَ العبد الصالح الفراسة: (وَعَلَّمۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلۡمٗا 65) الكهف، فكان سبباً لأن يُعّلِّم نبياً رسولاً. ...3. وعَلَّمَ يوسف علم التعبير: (رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ) يوسف 101، فكان سبباً للنجاة والعزة. ...4. وعَلَّمَ داود صنعة الدروع: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ) الأنبياء 80، فكان سبباً لوجدان الرياسة والدرجة. ...5. وعَلَّمَ سليمان منطق الطير: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ) النمل 16، فكان سبباً للحكمة والملك. ...6. وعَلَّمَ عيسى عِلْمَ التوراة والإنجيل: (وَيُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ 48) آل عمران، فكان سبباً للرسالة وبقاء الذِكْرِ. ...7. وعَلَّمَ محمداً الشرع والتوحيد: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) النساء 113، فكان سبباً لختم النبوة به. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 183 | |||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) مرادفات العلم: هذه ألفاظ يظن بها أنها مرادفة للعلم: 1) الإدراك: هو اللقاء والوصول. يقال: أدرك الغلام وأدركت الثمرة. قال تعالى: (قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ 61) الشعراء، فالقوة العاقلة إذا وصلت إلى ماهية المعقول وحصلتها كان ذلك إدراكاً من هذه الجهة. 2) الشعور: هو إدراك عقلي بغير اسـتثبات، وهو أول مراتب وصول المعلوم إلى القوة العاقلة وكأنه إدراك متزلزل. 3) التصور: هو لفظ مشتق من الصورة ولفظ الصورة حيث وضع فإنما وضع للهيئة الجسـمانية الحاصلة في الجسم المتشكل إلا أن الناس لما تخيلوا أن حقائق المعلومات تصير حالة في القوة العاقلة كما أن الشكل والهيئة يحلان في المادة الجسـمانية أطلقوا لفظ التصور عليه بهذا التأويل. وهو في علم المنطق: إدراك الشيء بالعبارات المفردة، كإدراك المعنى المراد بلفظ الجسـم، والحجر، والشـجر، والروح، والكرم، وإنسان ذي عيون ثلاث، وأمثاله. 4) الحفظ: إذا حصلت الصورة في العقل وتأكدت واستحكمت وصارت بحيث لو زالت لتمكنت القوة العاقلة من استرجاعها واستعادتها، سميت تلك الحالة حفظاً. 5) التذكر: هو أن الصورة المحفوظة إذا زالت عن القوة العاقلة فإذا حاول الذهن استرجاعها فتلك المحاولة هي التذكر؛ فالتذكر عبارة عن طلب رجوع تلك الصورة الممحية الزائلة. 6) الذكر: إذا حاول العقل استرجاع الصورة الزائلة، فعادت وحضرت بعد ذلك الطلب سمي ذلك الوجدان ذكراً فإن لم يكن هذا الإدراك مسبوقاً بالزوال لم يسم ذلك الإدراك ذكراً ولهذا قال الشاعر: اللَهُ يَعلَمُ أَنّي لَستُ أَذكُرُهُ .... وَكَيفَ أَذكُرُهُ إِذ لَستُ أَنساهُ 7) المعرفة: اختُلف في تفسير هذه اللفظة، فمن قائل: المعرفة إدراك الجزئيات والعلم إدراك الكليات، وآخر قال: المعرفة التصور والعلم هو التصديق. وهؤلاء جعلوا العرفان أعظم درجة من العلم. 8) الفهم: هو تصور الشيء من لفظ المخاطِب. والإفهام هو اتصال المعنى باللفظ إلى فهم السامع. 9) الفقه: هو العلم بغرض المخاطب من خطابه يقال فقهت كلامك أي وقفت على غرضك من هذا الخطاب ثم إن كفار قريش لما كانوا أرباب الشبهات والشهوات، فما كانوا يقفون على ما في تكاليف الله تعالى من المنافع العظيمة لا جرم، قال تعالى: (لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا 93) الكهف، أي لا يقفون ما يخاطبون به، والغرض منه. 10) العقل: هو العلم بصفات الأشياء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها. فإنك متى علمت ما فيها من المضار والمنافع صار علمك بما في الشيء من النفع داعياً لك إلى الفعل وعلمك بما فيه من الضرر داعياً لك إلى الترك فصار ذلك العلم مانعاً من الفعل مرة ومن الترك أخرى فيجري ذلك العلم مجرى عقال الناقة. ولهذا لما سئل بعض الصالحين عن العقل، قال: هو العلم بخير الخيرين وشر الشرين. ولما سئل عن العاقل قال: العاقل من عقل عن الله أمره ونهيه. ..... |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 184 | |||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) مرادفات العلم: هذه ألفاظ يظن بها أنها مرادفة للعلم: 11) الدراية: هي المعرفة الحاصلة بتقديم المقدمات واسـتعمال الروية، وأصله من: دريت الصيد؛ فالرامي يصيدُ ولا يَدْري أي: لا يسـتتر ولا يَتَخفى. وقيل: دِراية الشيء: التوصُّل إلى علمه. وقيل: الدراية بمعنى الفهم، وهو لنفي السهو عما يرد على الانسان فيدريه أي: يفهمه. وقيل: الدراية علم يشـتمل على المعلوم من جميع وجوهه، ولذلك جاء أكثر أسماء الصناعات على فعالة نحو: القصارة والحياكة والخياطة والنجارة. وتكون بمعنى: الاستيلاء كالخلافة والامارة، فتفارق العلم من هذه الجهة. 12) الحكمة: هي اسم لكل علم حسن، وعمل صالح وهو بالعلم العملي أخص منه بالعلم النظري، وفي العمل أكثر استعمالاً منه في العلم. ومنها يقال: أحكم العمل إحكاماً إذا أتقنه، وحكم بكذا حكماً. والحكمة من الله - تعالى - خلق ما فيه منفعة العباد ومصلحتهم في الحال وفي المآل. ومن العباد: معرفة الأشياء بحقائقها. 13) اليقين: هو العلم الجازم الذي لا يشوبه شك ولا تردد، وهو نقيض الشك. 14) الذهن: هـو قـوة النفس على اكتسـاب العلـوم. بمعنى أنـه الاسـتعداد التـام للحواس الظاهرة والباطنة لإدراك العلوم والمعارف بالفكر. فالحاصل أن استعداد النفس لتحصيل هذه المعارف هو الذهن. 15) الفكر: هو إعمال العقل وإمعانُ النظر؛ فهو أداة مُمكِّنة للعقل مِن زاده، ومُوجَّهة في الوقت نفسه بمخزون ما ترسَّب في الذهن والذاكرة من أفكار بفعل الفكر، وإعمال العقل فيها باستمرار هو إعمال لأدوات المعرفة الثلاث: السمع، والبصر، والفؤاد، وهو السبيل لبلوغ الحكمة. 16) الحدس: هو عمليةٌ غريزيةٌ وبديهيةٌ، تجعلك تَخْبَر بالأشياء من حولك بدون وعيٍّ، أي ليس لها علاقةٌ بالتعلّم والتفكير. تستطيع من خلال حدسك أن تحلِّل المعلومات، وتكون حاسمًا وسريعًا بأن تجد حلولاً لمواقفَ معينةٍ عن طريق الإحساس. 17) الذَّكاء: هو سرعة الإدراك، وحِدَّة الفهم. أو هو شدة الحدس وكماله وبلوغه الغاية القصوى، وذلك لأن الذكاء هو المضاء في الأمر وسرعة القطع بالحق وأصله من ذكت النار وذكت الريح وشاة مذكاة أي مدرك ذبحها بحدة السكين. 18) البديهة: هي سرعة الخاطر دون إعمال الفكر. والبُداهة والبَدِيهَةُ: أوّل جَري الفرس. وتقول :بَدَهَهُ أمرٌ يَبْدَهُهُ بَدْهاً إذا فاجأه به. وهما يَتَبادَهانِ بالشِعر: أي: يَتَجاريانِ. والفرق بينها وبين الذكاء أنها حسن التصرف في المواقف المُفاجِئة وغير المتوقَّعة، ولكنها تحتاج إلى الدراية والذكاء والحكمة للتخلص دون توتر أو انفعال. 19) الفِطْنَة: أصل هذه المادة يدلُّ على ذكاءٍ وعلم بشيء. والفِطْنَة والفَطَانَة كالفهم، وهي ضِدُّ الغَباوة. ورجل فَطِنٌ: بَيِّنُ الفِطْنَة، وفَطُنَ - بالضم - إذا صارت الفَطَانَة له سجيَّة. 20) الخاطر: هو مَا يرد على الْقَلْبِ من معنى. أي إنَّ الخاطر شيء بين الفكر والذكر؛ لأن الذكر علم والفكر جنس من النظر الذي هو سبب العلم. ومنزلة الخاطر منزلة التخيل في أنه بين العلم والظن. وقيل: هو كلام يحدثه الله - تعالى - في سمع الانسان، أو يحدثه الشيطان، فإذا كان من الشيطان سمي وسواساً. ..... |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 185 | |||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) مرادفات العلم: هذه ألفاظ يظن بها أنها مرادفة للعلم: 21) الوهم: هو الاعتقاد المرجوح. وتوهّم الشّيء: تخيّله وتمثّله، كان في الوجود أو لم يكن. وقيل: توهّمت الشّيء وتفرّسـته وتوسّـمته وتبيّنته بمعنى واحد، ويقال: وهمت في كذا وكذا أي غلطت. قال زهير: وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً ..... فَـلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ 22) الظن: هو الاعتقاد الراجح. ولما كان قبول الاعتقاد للقوة والضعف غير مضبوط فكذا مراتب الظن غير مضبوطة؛ فلهذا قيل إنه عبارة عن ترجيح أحد طرفي المعتقد في القلب على الآخر مع تجويز الطرف الآخر. ثم إن الظن المتناهي في القوة قد يطلق عليه اسم العلم فلا جرم قد يطلق أيضاً على العلم اسم الظن كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى: (ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا رَبّهِمْ) البقرة 46، إنما أطلق لفظ الظن على العلم ههنا لوجهين: أحدهما: التنبيه على أن علم أكثر الناس في الدنيا بالإضافة إلى علمه في الآخرة كالظن في جنب العلم. والثاني: أن العلم الحقيقي في الدنيا لا يكاد يحصل إلا للنبيين والصديقين الذين ذكرهم الله - تعالى - في قوله: (ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ) الحجرات 15. واعلم أن الظن إن كان عن أمارة قوية قُبِلَ ومُدِحَ، وعليه مدار أكثر أحوال هذا العلم. وإن كان عن أمارة ضعيفة ذم كقوله تعالى: (إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّۖ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡٔٗا 28) النجم، وقوله: (إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ) الحجرات 12. 23) الخيال: هو عبارة من الصورة الباقية عن المحسوس بعد غيبته. ومنه الطيف الوارد من صورة المحبوب خيالاً. والخيال قد يقال لتلك الصورة في المنام وفي اليقظة، والطيف لا يقال إلا فيما كان في حال النوم. 24) الأوليات: هي البديهيات بعينها والسبب في هذه التسمية أن الذهن يلحق محمول القضية بموضوعها أولاً لا بتوسط شيء آخر فأما الذي يكون بتوسط شيء آخر فذاك المتوسط هو المحمول أولاً. 25) الرَوِيَّة: هي من روى، وهي إشباع الرأي والاستقصاء في النظر. تقول: روأت في الأمر إذا تأنيت فيه. وهي بخلاف البَديهة. ويقال: البديهة أول النظر، والروية آخره. 26) الكياسة: هي تمكن النفس من استنباط ما هو أنفع. وأصل الكَيْسُ: الخفَّة والتوقُّد، كاس كَيْساً، وهو كَيْسٌ وكَيِّسٌ والجمع أَكْياس، قال الحطيئة: واللَّه ما مَعْشَرٌ لامُوا امْرأً جُنُباً ..... في آلِ لأْيِ بنِ شَمَّاسٍ، بأَكْياس * خلاصة حكم المحدث :صحيح أخرجه الترمذي (2459)، وأحمد (17164) مختصراً، وابن ماجه (4260) باختلاف يسير، والديلمي في ((الفردوس)) (4930) واللفظ له. 27) الخِبْرَةُ: هي العِلْمُ بِالشَّيْءِ ومَعْرِفَتُهُ على حَقِيقَتِهِ. تقول: خَبَرْتُ بِالشَّيْءِ إذا عرفت حقيقة خبره. والخَبِيرُ بِالشَّيْءِ: العالِمُ والعارِفُ بِهِ. والله هو الخبير؛ لأنه هو المطلع على كل خلقه، عارف بكل دقائق الكائنات في ملكوته. 28) الرأي: هو إحاطة الخاطر في المقدمات التي يرجى منها إنتاج المطلوب. وقد يقال للقضية المستنتجة من الرأي: رأي، والرأي للفكر كالآلة للصانع، ولهذا كان عامر بن الظرب حكيم العرب يقول: دعوا الرأي يغبّ حتى يختمر، وإياكم والرأي الفطير. يريد الأناة في الرأي والتثبّت فيه. وكان المهلّب يقول: إن من البليّة أن يكون الرأي بيد من يملكه دون من يبصره. ومن أمثالهم في هذا قولهم :لا رأي لمن لا يطاع. وقيل في ذم الرأي الفاسد: دع الرأي تُصِبْ. وفي العقد الفريد عن الاسترشاد بآراء العقلاء: الــرأيُّ كَالَّليــلِ مُسْـــوَدٌّ جَـوانِـبـهُ ..... والَّـليــلُ لا يَنْجَـلــِيْ إلا بـإصْبَـــاحِ فاضمُمْ مَصَابِيحَ آرَاءِ الرِّجَالِ إلى ..... مِصْبَاحَ رأيَكَ تَزْدَدْ ضَوْءَ مِصْبَاح 30) الاسْتِدْلال: هو نَصْبُ الحجَّة والإتيان بالبيِّنة والدَّليل. يقول تعالى: (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مّنْهُ) هود 17، فالبَيِّنَة - وهي الحجَّة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة - هو القسم الأول وهو إشارة إلى صفاء جوهر الروح والشاهد هو القسم الثاني وهو الاستدلال بالأشكال على الأحوال. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 186 | |||||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) ﴿قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ﴾: جَرَّدَ ﴿قَالُواْ﴾ من الفاء لأنه محاورة كما تقدم عند قوله تعالى: ﴿قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا﴾. وافتتاح كلامهم بالتسبيح إيماء إلى الاعتذار عن مراجعتهم بقولهم: (أَتَجۡعَلُ فِيهَا)؛ فهو افتتاح من قبيل براعة الاستهلال عن الاعتذار، وقوفاً في مقام الأدب والتعظيم لذي العظمة المطلقة. و ﴿سُبۡحَٰنَكَ﴾: اسمُ مصدرٍ "سَبَّحَ" المضاعف، وقيل: بل هو مصدر الفعل الثلاثي: "سَبَحَ" - مخففاً - بمعنى نزه فيكون كالغفران والشكران والكفران من: غفر وشكر وكفر. وإضافتُه هنا إلى المفعولِ لأنَّ المعنى: نُسَبِّحُك نحنُ. وقيل: بل إضافتُه للفاعل، والمعنى: تنزَّهْتَ وتباعَدْتَ من السوء وسبحانَك.
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 187 | |||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) ﴿لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ﴾: ﴿إلاَّ﴾: حرفُ استثناء، و ﴿مَا﴾: موصولةٌ، و ﴿عَلَّمۡتَنَآ﴾: صلتُها، وعائدُها محذوفٌ، على أن يكونَ: (عِلْم) بمعنى مَعْلُوم، وهي في محلِّ نصب على الاستثناءِ. وقول الملائكة ﴿لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ﴾ خبر مراد منه الاعتراف بالعجز لا الإخبار عن حالهم، لأنهم يوقنون أن الله يعلم ما تضمنه كلامهم. ما دلالة قولهم: ﴿لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ)؟: - إن كلامهم هذا يدل على أن علومهم محدودة غير قابلة للزيادة فهي مقصورة على ما ألهمهم الله - تعالى - وما يأمرهم، فللملائكة علم قبول المعاني لا علم استنباطها. - والاعتذار وإن كان يحصل بقولهم: ﴿لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ﴾ لكن حصول ذلك منه بطريق الكناية دون التصريح. - ويحصل آخراً لا ابتداء، فكان افتتاح كلامهم بالتنزيه تعجيلاً بما يدل على ملازمة جانب الأدب العظيم. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 188 | |||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) ﴿إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ﴾: ﴿ٱلۡعَلِيمُ﴾ من صفات المبالغة التامة في العلم. والمبالغة التامة لا تتحقق إلا عند الإحاطة بكل المعلومات، وما ذاك إلا هو - سبحانه وتعالى -، فلا جرم ليس العليم المطلق إلا هو، فلذلك قال: ﴿إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ) على سبيل الحصر. والحُكْم لغةً: الإِتقانُ والمَنْع من الخروجِ عن الإِرادة، ومنه حَكَمَةُ الدابَّة وقال جرير: أَبَني حُنَيْفَةَ أَحْكِموا سُفَهاءَكُمْ ..... إني أَخَافُ عَليكُمُ أَنْ أَغْضَبَا وقَدَّم ﴿ٱلۡعَلِيمُ﴾ على ﴿ٱلۡحَكِيمُ﴾ لأنه هو المتصل بقولِه: ﴿وَعَلَّمَ﴾ وقولِه: ﴿لَا عِلۡمَ لَنَآ﴾. ولأنَّ الحِكْمَةَ ناشئةٌ عن العِلْمِ وأثرٌ له، وكثيراً ما تُقَدَّمُ صفةُ العِلْم عليها. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 189 | |||||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) لِمَ قالت الملائكة: ﴿إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ﴾؟: سـاقوه مسـاق التعليل لقولهم: ﴿لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ﴾ لأن المحيط علمه بكل شيء المحكم لكل خلق إذا لم يجعل لبعض مخلوقاته سبيلاً إلى علم شيء لم يكن لهم قِبَل بعلمه، إذ الحصول بقدر القبول والاستعداد، أي: فلا مطمع لنا في تجاوز العلم إلى ما لم تهيىء لنا علمه بحسب فطرتنا. والذي دل على أن هذا القول مسوق للتعليل وليس مجرد ثناء هو تصديره بـ "إنَّ" في غير مقام رد إنكار ولا تردد؛ فمن شأن "إنَّ" إذا جاءت إثر كلام وتكون لمجرد الاهتمام أن تغني غناء الفاء العاطفة - مثلاً - وأن تفيد من ربط الجملة بما قبلها، فأنت ترى الكلام بها مقطوعاً موصولاً، كما في قول بشار: بَكِّرا صاحِبَيَّ قَبْلَ الهَجِيرِ .....إنَّ ذاكَ النَّجاحَ في التَّبْكِيرِ
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 190 | |||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) حول مضمون الآيتين: تبين في بيان معنى الخليفة أنّ علم الإنسان وعمله غير محدودين؛ إذ يتميز بالقدرة على الاستنباط والموائمة بين مختلف وجوه الرأي، والإرادة في الاختيار بين الأبيض والأسود، وبهذا يفضل الملائكة. لكن هذا لا يعني أنه كانت ثمة للملائكة رغبة في القيام بدور الإنسان، بل هم يعلمون طبيعتهم، ويدركون جبلتهم، ولا يفضلون على أدوارهم التي كتبها لهم الله شيئاً. وقول بعض المفسرين بأن الملائكة أرادوا بقولهم: (وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ) منافسة الإنسان في استعمار الأرض قول مردود، تدحضه طبيعة خلقة الملائكة ووظائفهم التي خلقهم الله لها. وإن نزهنا الملائكة عن السقوط في درك الحسد هذا، لا ننزه إبليس، ذلك الذي أخرجه عصيانه لله استكباراً، عن رحمة رب العالمين. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 191 | |||||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) حول مضمون الآيتين: ولما أراد الله - تبارك اسمه - دمغ الملائكة بالحجة، وضعهم في اختبار ليبين لهم محدودية علمهم، فعلم آدم (ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا). والمراد بالأسماء المسميّات، بدليل عرضهم على الملائكة، وقوله - تعالى - للملائكة: (أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ). وما نرتاح إليه أنه - سبحانه - ألهم آدم مسميات كل أجناس الخلق بلغة منطوقة، لتكون هي أول لسان ينطق به بنو آدم. ولا يفيدنا هنا كثيراً تحديد كنه هذا اللسان، أهو اللسان العربي أم غيره، بل إن ما نقرره هو افتراض أن يكون أصل كل لسان على وجه الأرض حتى اليوم. وأبحاث أصل اللغة تجري في الغرب على قدم وساق. على أننا يجب أن نفرق في هذا المجال بين فترتين: عصر الإنسان الأول، وعصر الخليفة الذي بدأ ببني آدم. ويبدو أن الغربيين لا يرون فرقاً بين العصرين، وتُصْرِفُ أنظارهم وجهة الإنسان القديم الذي وجد على الأرض منذ عدة ملايين من الأعوام، وتفترض بدء اللغة عنده، ثم تطورها من بَعْدُ حتى عصرنا الحالي. لكن للإنصاف نجد بعضهم - ومنهم نعوم تشومسكي - وضعوا "نظرية الانقطاع" التي ترى أن ثمة تحول عرضي واحد في مكون من مكونات الدماغ حدث لفرد منذ مائة ألف سنة تقريباً، أثار الظهور الفوري للقدرة على اكتساب اللغة بصورة "مثالية" أو "قريبة من المثالية"، ثم انتقل هذا المكون بالوراثة لنسله. ويرى تشومسكي أن هذا التغيير الجيني الذي منح عقل الإنسان ميزة "اللانهائية المتمايزة"*. وقد نُشِرت في مجلة Nature عام 2009 دراسة تدعم هذه النظرية، كشفت عن الجين الأساسي لتطور اللغة والكلام، وأسمته FOXP2، والذي يظهر اختلافًا كبيرًا بين الإنسان والشمبانزي. قال الدكتور دانيال جيشويند من كلية ديفيد جيفن للطب في جامعة كاليفورنيا: "تُشير الأبحاث إلى أن تركيبة الأحماض الأمينية لـ FOXP2 البشري تغيرت بسرعة في نفس الوقت الذي ظهرت فيه اللغة في البشر المعاصرين". وهذا الاختلاف يعني أن دماغ الإنسان كان مصمماً لتطوير اللغة، بينما لم يكن دماغ الشمبانزي كذلك. هل يمكن أن تكون الطفرة المبكرة لهذا الجين الفردي هي ما يفصلنا في النهاية عن كل أشكال الحياة الأخرى على الأرض؟. ويترتب على هذه التأكيدات أن تطور القدرة البشرية على اكتساب اللغة هي قدرة فجائية حيث أنه من رؤية منطقية لا توجد وسيلة للانتقال التدريجي من عقل قادر على العد حتى رقم ثابت إلى عقل قادر على العد إلى ما لانهاية. * "اللانهائية المتمايزة" هي القدرة المعرفية لبناء وتجهيز المعطيات المتكررة في العقل، وهي ما ينفرد بها العقل الإنساني عن غيره من الكائنات كالقرود العليا. هو قادر من وجهة نظر حسابية على الانتقال السريع من رقم ثابت إلى ما لا نهاية من الأرقام بناءً على دالة الخلف، وهو يرى لكل رقم معنى، بينما كانت القرود التي خضعت للتجربة ترى الأرقام مجرد رموز عشوائية. إذا أخذنا بهذه الدراسات، لنا أن نفترض أن الإنسان الأول طور لغة شبيهة بلغة الحيوان، ألزمته به احتياجاته الغريزية، وضرورات بيئته. ولا نشك في مقولة: "منذ خُلق اللسان خُلقت الأصوات"؛ فاللسان هو آلة الصوت، كما أن اللغة بنت الاجتماع. إنَّ البحث في أصل اللغة شغل علماء اللغويات لعدة قرون. وما جعل الغوص فيه عسيراً أنه يستحيل العثور على دليل لأي فرضية من خلال الحفريات، مثلما يعمل علماء الآثار أو الأنثروبولوجيا. وبناءً على ذلك يجب على كل من ينوي دراسة أصل اللغة أن يستخلص الاستنتاجات من أنواع أخرى من الأدلة كسجل الأحافير والأدلة الأثرية وأيضاً من التنوع اللغوي المعاصر ومن دراسات اكتساب اللغة أو المقارنات بين لغات البشر ونظم التواصل بين الحيوانات، خصوصاً الثدييات العليا.
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 192 | |||||
|
![]() (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ 31 قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ 32) حول مضمون الآيتين: وقد أدت محدودية الأدلة التجريبية للبحث عام 1866 لأن حَظَرَتْ جمعية باريس اللغوية (Linguistic Society of Paris) المناقشة في هذا الموضوع، بدعوى أنه غير صالح للدراسة الجادة. واستمر هذا النهج حتى نشـر تشارلز داروين نظريته حول التطور بواسطة الانتقاء الطبيعي، فبرز موضوع أصل اللغة على السطح. ومنذ بداية التسعينيات من القرن العشرين تكثف الاهتمام حول المسـألة، فأثيرت موجة من التكهنات حول موضوع اللغة، خاصة بعد محاولة العديد من اللغويين وعلماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا استخدام أساليب جديدة لما قد يكون "أصعب مشكلة في العلم". والعلماء بتتبع طفولة اللغة، إنما يتتبعون - بالتالي - طفولة البشرية. وإذا علمنا أن أقدم الهياكل العظمية التي اكتشفتها الحفريات للإنسان أثبتت أنه وجد على الأرض منذ أكثر من مليون عام، ثار هنا تساؤل عن نشأة اللغة وتطورها. كيف كان الصوت الأول؟. ثمة من بحث في تطور اللغة عند الطفل ليطبق مرئياته على الإنسان الأول. إن الطفل يبدأ النطق بمحض أصوات غير مفهومة، لكنها مصبوغة بصبغة من الشعور تكون هي حقيقة الدلالة المعنوية فيها، فيكون كأنما يُلهْمُ النطق بهذه الأصوات التي هي لغة روحه، ثم يدرك معاني تلك الدلالة ويميز بين وجوهها المختلفة، ثم ينتهي إلى الفهم فيقلد من حوله في طريقة البيان عنها بالألفاظ، متوسعًا في ذلك على حسب ما يتسع له من معاني الحياة، إلى أن تنقاد له اللغة التي يحكيها؛ ولولا التقليد الذي فطر عليه ما بلغ من ذلك شيئًا .وعلى هذا القياس رجع العلماء إلى طفولة التاريخ، فمنهم من رأى أن الإنسان كان محاطًا بالسكوت المطلق، فذهب إلى أن اللغة وحي وتوفيق من الله في الوضع أو الموضوع، وهو مذهب أفلاطون من القدماء، به أخذ ابن فارس والأشعري وأتباعه من علماء العرب، وفريق آخر ذهب إلى أن الإنسان طفل تاريخي، فاللغة درس تقليدي طويل مداره على التواطؤ والاصطلاح؛ وهذا هو المذهب الوضعي، وبه قال ديودورس وشيشرون، وإليه ذهب أبو علي الفارسي وتلميذه ابن جني وطائفة من المعتزلة. وبالجملة فإنه لم يبق من أصول الاستدلال على تحقق هذا الرأي إلا تتبع منطق الحيوان الذي يسرح في حضيض الإنسانية، وتبيُّن وجوه الدلالة في أموره، واستقراء مثل ذلك في الأمم المتوحشة التي لا تزال من نوع الإنسان الأدنى؛ وقد رأوا أن الحيوان يفهم بضروب الحركات والإشـارات والشمائل وتباين الأصوات باختلاف معاني الدلالة، وهذا أمر تحققه رُوَّاض الدواب وسوَّاسها وأصحاب القنص بالكلاب والفهود ونحوها، فإنهم يدركون ما في أنفسـها الحيوانية باختلاف الأصوات والهيئات والتشـوف واستحالة البصر والاضطراب وأشباه ذلك. ومن ثم قيل إن أول النطق المعقول في الإنسان كان بدلالة الإشـارة كما يصنع الخرس؛ فكأن معاني الحياة لما لم تجد منصرفًا من اللسان فاضت على أعضاء البدن؛ وترى أثر ذلك لا يزال باقيًا في الدلالة على المعاني الطبيعية الموروثة من أول الدهر: كالتقطيب وتزوية بعض عضلات الوجه واسـتحالة البصر في الغضب؛ ثم انبساط الأسارير واستقرار النظر في الرضا والسرور، ونحو ذلك مما تراه لغة طبيعية في الخليقة الإنسانية.
|
|||||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|