حيث أننى اخذت قرار بعدم كتابة اى مقال او قصة مرة أخرى ، فأسمحوا لى ان أنشر لكم قصصى العشرة ، هأبدأ بأول قصة ان نالت أعجابكم سأنشر الباقى بالتابعية ، ارجوا النقد والبعد عن المجاملة ، سأبدأ بالنقد لنفسى : حيث ان كتابتى للقصة تغيب عنها البلاغة وحسن استخدام الكلمات الصحيحة للغة العربية الفصحى ، حيث اننى أهتم أكثر بالفكرة او القصة ، أعتبروها أخوانى قصة بدون سيناريو ، أى قصة خام ..... وشكرا مقدما لكل من سيقرأ قصتى الاولى هنا ..... مع تحياتى للجميع
الغربة فى ثلاث قصص مختلفة ، جميعهم مشتركون بالغربة بكل أشكالها ، سنطرح نوعين من انواع الغربة ( غربة النفس – غربة المكان ) ، فهناك الذى يعيش فى غربة رغم وجوده بوسط كل اهله ومن يحبونه وانعزل عنهم ليعيش فى غربته .
وهناك من يختار غربة المكان سعيا للرزق لكنه عرف غربة النفس ، كما هناك من يعيش غربة النفس ليختار بنفسه غربة المكان هاربا من المواجهة .
سنتطرق للثلاث قصص لنعلم عن غربتهم ونعيش ما يعيشونه أبطال هذه القصص الثلاث
القصة الاولى .......... غربة النفس
كان هناك شابا وحيد أسرته مفعما بالحياة ، ويحب الضحك والسعادة التى تجدهم دائما فى وجوده ، كان مثال للشاب السعيد ، بل كان يحسدونه كل أصحابه فهو منعم بنعم عديدة ، ليس عنده أية مشاكل بالمرة ......... كان هذا الحال لعدة سنوات الى ان احب فتاة تشبهه فى كل شىء فأدرك انها حب عمره فهى توأم روحه ، بدأت الحياة معه تأخذ شكلا أخر حيث انه عرف الحب وعاش فيه وليته كان حبا عاديا بل كان حب عنيفا لدرجة انه حارب كل من وقف أمام هذا الحب حيث ان كان والده يعارض زواجه من هذه الفتاة دون ابداء أية أسباب وعند سؤاله لما تعارض هذا الزواج يقول لا أعرف أنه مجرد أحساس بان أبنى وحيدى سيتعب كثيرا من وراء هذه الزيجة ..... مما أدى الى ان الجميع أتخذوا موقفا من الوالد المعارض لزواج أبنه بدون أسباب فهو فى نظرهم أنانى لا يريد لابنه ان يتركه ويعيش سعيدا ، للاسف صدق الابن هذا الكلام وأعتقد بالفعل ان أبيه يريده بجانبه دائما نظرا لانه وحيده ، لكن كل محاولات الاب فى أقناع ابنه ان يعزف عن هذا الزواج باتت بالفشل بل زاده التصميم أكثر لان يتم الزواج سريعا دون الاهتمام بأى اراء حتى ان كان رأى والده .
بالفعل تم الزواج وعاش هذا الشاب فى نعيم الحب ، كان يطير من الفرحة والبهجة التى ينعم بها
ورزقوا بطفلين توأم قبل مرور العام من زواجهما ، فقرر الزوج السعيد ان يسعد زوجته الحبيبة باعادة شهر العسل من جديد مترجما حبه لها فى هذه الرحلة التى رتب لها لتكون مفاجأة للزوجة
بالفعل قضوا أحلى ايام عمرهم فى هذه الرحلة وكان معهم توأم من الملائكة حيث كان عمرهم لا يزيد عن شهر واحد ، أتى موعد الرجوع من هذه الرحلة الذى كان رجوعا من السعادة الى بداية الشقاء والعذاب ، كانت الزوجة تطالب زوجها الحبيب ان يسوق بهما بنهار اليوم التالى حيث انها تحس بانقباض من السفر ليلا ، لكن الزوج صمم على ان يسافروا ليلا ليرتاح من شمس النهار بالسفر ، ونفذ ما قرر وفى سواقته ليلا حدث ما كان يؤرق الزوجة ،، حادثة ، بسبب السرعة أنفجر الاطار وحدث الحادث ففقد الزوج عروسته وأبن واحد من التوأم ليبقى هو والابن الاخر على قيد الحياة ، الصعب فى هذا الحادث انه مر عليه وقت طويل وهو يشاهد زوجته وأبنه الصغير يموتون أمام عينيه وهو مكسور بجانبهم وصراخ الطفل الثانى يدوى فى أذنيه ، ولا يقوى على الحركة ولا يقوى على فعل أى شىء لهما ، فكان الليل طامسا ولم يحس بهم أحدا الا بعد مرور ساعات كثيرة سمعوا صراخ الطفل الصغير وهو يبكى فتم انقاذ الاب وهذا الطفل ، البعض يعتقد ان الزوج نجا من هذا الحادث ، لكنه بالفعل لم ينجو منه حيث انه أصاب بلوسة فى عقله أسفر عن دخوله بمستشفى خاص للامراض النفسية ليتعالج من الصدمة وان يتعدى الاحساس بالذنب ، مضى ستة شهور مريضا لا يعرف من حوله ، مرددا اسم زوجته وابنه يناديهم ......... حزن الاب حزنا شديدا على أبنه وعلم ان هذا هو الشىء السىء الذى كان يحس به قبل زواج ابنه ، ولم يعرف وقتها ان يترجمه لهم ، كان مجرد أحساس بان هناك سوء سيصيب أبنه من هذه الزيجة ، من جراء حزن الاب على أبنه وقع مريضا بجلطة ادت الى شلل نصفى وابنه مازال بمستشفى الامراض النفسية ، والذى أفاقه بالفعل من هذه الهلوسة مرض أبيه ، لكن اضاف عنده الاحساس الثانى بالذنب فهو يلوم نفسه على الحادث وعلى مرض أبيه ، خرج الابن من المرض ليعتنى بأبيه وبأبنه الباقى له من هذه الزيجة ، وعاد الى الحياة مرة اخرى لهدف واحد ان يعتنى بأثنين فقط فى حياته ابيه وأبنه الصغير لكن كان يعيش فى غربة شديدة رغم كل من يحيطونه لكنه كان دائم الشعور بالوحدة والحزن الشديد ولا يجد نفسه الا عند اختلاؤه بنفسه ممسكا صورة زوجته وأبنهما ليبكى بحرقة عليهم ويطلب بالنهاية ان يسامحوه
عاش هذا الرجل على ذكرى زوجته رافضا اى حياة اخرى سوى حياة واحدة زوجته وابنائه ووالده فجميعهم يعيشون فى عالمه ، لا أحد مات فى نظره حتى بعد مرور عدة سنوات ، مازال على عهده بحبيبته توأم روحه ............. لن يجد نفسه الا وقت الخلوة فقط وكأنه يأخذ جرعته من المسكن ليستأنف الحياة الخارجية مرة اخرى ......... هذه هى حياته وعيشته بالغربة عن من حواليه .
القصة الثانية .......... غربة المكان
قصة مكررة لكن الغربة كانت فى جميع افراد العائلة ، فهناك اب اسرة مكونة من ولدين لكن كانوا يعانون من ضيق الحال فقرر الاب السفر ليحسن من دخلهم ، وكان الاتفاق قبل سفر الاب ان يقضى سنة واحدة ثم يرسل اليهم ليعيشوا معه بالبلد التى سافر اليها ، وقد كان وسافر الاب بالفعل سنة وسنتين الى الثالثة ولم يرسل الاب الا الشيكات النقدية فقط لهم ، كلما يراسلونه ليأتى او ليذهبوا هما اليه لا يوافق الاب على ذلك حيث ان المعيشة هناك للاسرة مكلفة جدا ، غير معيشة الفرد ، فكان يقنعهم بانها هانت وكلها كام سنة اخرى ويرجع لهم ، عام وراء عامين وراء خمسة أعوام الى ان أصبحوا خمس وعشرون عاما وهو بالغربة تاركا زوجته وأبنائه ، وكل صلته بهم الشيكات النقدية مع عدة خطابات ............. أدى هذا لكره الابناء للاب حيث انه ليس موجودا بحياتهم ، فأعتبروه مات ، نعم كانت قسوة لكنها ليست قسوة الابناء على الاب فقط بل قسوة الاب عليهم ايضا ، والغريب ان الابن الاكبر علم بعد ذلك انها قسوة الحياة ، كيف هذا ؟ عندما مر الابن الكبير بتلك الظروف فهو شاب بطبيعة الحال يريد الزواج ، وعندما تقدم لمن يحبها كانت الطلبات كثيرة جدا عليه وهو لم يملك منها اى شىء ، ارسلت والدته لابيه لان يرى حلا لابنه ، كان الابن يعارض بشدة والدته لان ترسل لابيه لطلب المساعدة حيث انه يلومه دوما على تركهم وبقائه بالغربة معتقدا انه يريد ذلك الوضع ، لم يجد الاب حلا لديه سوى ان يرسل لابنه الكبير بعقد عمل بالبلد التى بها غربته ، كان الاتفاق على ان هذا السفر حالة طارئة ، سيقضى سنتين بالكثير تعينه على طلبات عروسته ، سافر الابن الى والده وأقام معه العام الاول ، كان لاول مرة يقيم مع والده حيث انه تركه وهو صغيرا ، فكانت غربته من ناحية أبيه ، بل كان لا يعرف كيفية التعامل معه ، فكان صامتا طوال وقت جمعهما سويا ، الى ان طلب الابن ان يسكن بعيدا عن والده متحججا بان يتكفل هو مصاريف سكنه ، كان الاب يشعر ببعد أبنه عنه فوافقه على طلبه هذا بل ساعده فى ايجاد سكن مع مغتربين مثله ، الغريب ان الابن وافق على هذا فوضح للاب انه كان رافضا ان يقيم معه ، لكن الشىء المفيد فى هذا ان الابن علم انه ظلم ابيه حيث ان الحياة غالية جدا مثل ما كان يقول لهم الاب بخطاباته ، سامح الابن أبيه وعلم انها قسوة الحياة وليست قسوة أبيه ، صحيح انهما تصالحا لكن الخسارة هنا فى عدم التعود حيث ان كلا منهما يشعر مع الاخر بالغربة ، فالاب لا يعرف ابنه ولا الابن يعرف أبيه ......... وحدث مع الابن كيفما حدث مع الاب عام يجر عام الى ان اصبح بالغربة ثمانية أعوام ، حيث انه يريد ان يرجع لبلده مرتاحا ولا يضطر بعد ذلك لان يسافر مرة اخرى بحثا عن الرزق ،،، ومازال بالسفر الاب والابن الى ان تقدم اخيه الصغير بالزواج من زميلته بالعمل ، وكانت تقريبا نفس الطلبات أولها الشقة مما جعل الابن الصغير يبحث عن عقد عمل باى بلد عربى ليقدر على طلبات عروسته ، ووجد فرصة عمل بالخارج من عمله فأصبح هو الاخر بغربة عن وطنه وأمه وايضا أبيه وأخيه لانه ببلد عربى غير البلد الذى فيه الاب والاخ .......... فكانت غربة المكان تلعب الدور الاساسى فى حياتهم بل كانت حياتهم بالفعل كلها عبارة عن غربة .
القصة الثالثة ........... غربة النفس الى غربة المكان
كان هناك شابا ترتيبه بالعائلة الاول حيث انه كان الابن الاكبر لوالديه ، وكانت هذه مشكلته عند أبيه انه الاكبر ، حيث كان الاب قاسيا عليه معتقدا انه بقسوته هذه سيعلمه ان يتحمل المسئولية من بعده ، لكن زادت قسوته عليه مما أدى الى دخول هذا الابن الى الغربة برجليه ، حيث انه اعتقد هذا الشاب ان والده يكرهه ، فدخل فى غربة النفس فكان انطوائيا جدا مع عائلته ، يكاد ان يراهم عند النوم ، حيث انه كان يهرب من الوجود مع أبيه الذى يقسو عليه ولا يحبه .......... بغربته هذه كان يقضى معظم حياته مع الاصدقاء خارج المنزل مما أدى الى تعلمه كل شىء سىء ، من السجائر الى الشيشة الى المخدرات ، كل هذا هربا من كره أبيه له ، بالفعل كان قرب ضياع هذا الشاب فى طريق المخدرات ، الى ان علم الاب بمصيبة أبنه ، فتمت المواجهة بينهم ، لم ينكر الابن ادمانه بل واجه والده بانه السبب فى ذلك ، حيث انه كان دائم الهروب من مشكلته معه بالادمان ، نكر الاب قسوته على أبنه بل علل انه يعامله بهذا الشكل ليتحمل مسئولية أخوته من بعده ، لكن الابن لم يقتنع ولم يسامح أبيه ، وحس بهذا الاب مما جعله يقسو مرة أخرى على أبنه فى تلك المواجهة بقوله له انه فاشل ويرمى فشله عليه ، كان هذا الكلام وقع على الابن مفيدا حيث انه قرر ان يتحدى الاب ويعرفه انه ليس فاشلا ، وانه سينجح ان اراد ذلك ، بل كان يريد ان يثبت له انه هو السبب ، حيث انه بجانبه لا يتجرع الا الفشل فلابد من البعد عنه لينجح ............. من تحدى الابن لابيه قرر لان يترك الادمان ويثبت له انه ناجح من غيره وبعيدا عنه ، فقرر السفر وكانت غربة المكان بارادته حيث انها تحقق له الهروب من قسوة وكره أبيه ، ترك الابن الادمان وتم شفاؤه ليثبت لابيه قوته وارادته عندما يريد ، وبالفعل جاهد فى الحصول على عقد عمل بالخارج وسافر الابن معتقدا بان غربته انتهت حيث كانت غربة نفس مع ابيه ، لكن بدأت غربة من نوع أخر غربة المكان فهو غريب عن وطنه
بالبداية كان يعتقد ان هذا الحل وفيه راحته ، لكن بمرور السنين تزداد غربته بكل انواعها ، فهو وحيد صحيح بارادته لكنه مرغما عليها ايضا فهى تعتبر ملاذه بهروبه من أبيه ........ الى ان توفى ذاك الاب ولم يرتاح الابن لذلك بل بعد وفاته أحس بانه كان يحتاجه ، بانه كان يحتاج لحبه الذى حرمه منه ، ولم يقوى على الرجوع ، والسبب ان والده الذى هرب منه ليس موجودا ، فكان يحبه دون ان يشعر ويكأنه هرب من حبه فى قلبه متظاهرا بهروبه من قسوته ، سبحان الله هناك من يحب ولم يجد الحب وهناك لا يحب ويجد الحب ، لما !! لما لا ندرك الحب الا بعد فوات الاوان ، لما لا نشعر من يحبونا بالحب ونحن بالحياة ، أكان صعبا على الاب ان يحب أبنه ، هذا الابن الذى شعر بحب أبيه الشديد داخل قلبه بل وسامحه على عدم حبه له ، لكنه اصبح مدمنا مرة أخرى بنوع أخر من الادمان ، مدمنا الغربة فهى حياته التى اختارها بارادته .
كانت هذه قصص من يشعر بالغربة ومن يعيش فيها ..............وكانت العامل المشترك فى الثلاث قصص ، ترى هل نحن لم نشعر بالغربة حقا ؟ أم نشعر بها ونعيش فيها حتى ان كان هناك من يحيطون بنا فهى بداخلنا تسكن قلوبنا ، فهى أصبحت الان سمة هذا العصر .