- إن الواقعة الأدبية، في ضمّها لذلك التسلسل أو النسق للعناصر - سواء كانت ديونيزوسية أو أبولونية- كما أشرنا إلى ذلك في الهامش (11) - تحمل و عيا ما من أجل إرادة تأسيس ما بفضل فعل المخيلة الذي يبرز وفق قراءة خاصة لعلاقة الكلمات بالوجود الذي يؤثر فيها و عليها . فيتم بذلك ذلك التأثيرالسلطوي للنص مع ذلك التأثير السلطوي بدوره للعالم الخارجي: و المماِرسُ للنقد هو حتما طرف ينتمي إلى السلطة الثانية ، مهما إدعى الحياد!. فيصبح بذلك التعامل تعامل سلطة ضد سلطة. السلطة الأدبية في توشيها لحلي المخيلة و الفن و الجمال ... إلخ، تدافع عن قواها الدلالية بذلك ، و تحاول من وراء هذا " التمويه" الملاص من النقد - السلطة الخارجية - الذي لا يتقن قراءتها - و ذلك إذا ما أراد التطرف في تأويله أو تفسيره للنص-. و أما السلطة الناقدة، فهي بدورها - و نحصر هنا الحديث عن الجانب التفكيكي - تدافع عن سلطانها ضد الإنجراف الحاد لوسائل التموييه التي تستعملها سلطة النص و المذكورة أعلاه . هذا الإنجراف الذي يقود القراء إلى مايعرف بالتأثر: " أن يتأثر الإنسان هو أن يكون متناهيا" (12) . وعليه فإن العلاقة بين النص و القارئ هي علاقة إفناء حتمي، من أجل مواصلة فرض السلطة، و بالتالي التحكم في نوعية مسار حياة ما . و هذا ما عبّر عنه أنتونان أرتو- Antonin ARTE AUD في مسرح القسوة Le théâtre de la cruauté " إن الوعي، هو الذي يمنح لممارسة كل فعل حياتي لونه الدموي و ملمحه القاسي، مادام بديهيا أن الحياة هي دائما موت أحد(13).
قراءات التي أحاول إقامتها ليس النقد من الخارج، و إنما الإستقرار أو التموضع في البنية غير المتجانسة للنص، و العثور على توترات أو تناقضات داخلية، يُقْرأ النص من خلالها نفسه و يفكك نفسه بنفسه" (15) .
" -3 - يمكن أن يظهر في الأدب ...فكر، إن لم نقل فلسفة -حال مالارميه - Mallarmé - لا يسمح بإحتوائه من قبل الفلسفة أو التأويلية النقدية أو الشعرية" (16).
"-4 -المخيلة هي القدرة على التوسط أو التركيب بين الروح و النص" (17) "هناك للكاتب موقفين أو سلوكين ... هناك أولا حركة داخل - ميتافيزيقية، و حركة أخرى تشكل نقضها أو على الأقل تجاوزها" (18) .
"5- - كتب كانط Kant في " نقد العقل الخالص" : يمكن أن ندعو الفكرة الجمالية تمثلا غير قابل للعرض- للمخيلة (في حرية " لعبها") : المخيلة هي الحرية التي لا تسمح برؤيتها إلاّ في آثارها. هذه الآثار ليست في الطبيعية، إلاّ أنها لا تسكن عالما آخر غير عالمنا ..." في الواقع إن للمخيلة ( باعتبارها قدرة على المعرفة، منتجة ) إمكانات كبيرة لخلق طبيعة ثانية إنطلاقا من المادة التي تمدها بها الطبيعة الفعلية" .." . (19(
6- - " لم تُسَتنطق" طبيعة الواقعة الأدبية" بما فيه الكفاية أبدا. (20) .
{ هــــــوامــش الفصــل التطبيقي الأول }
-1 - جاك دريدا : الكتابة و الإختلاف ، ترجمة كاظم جهاء : دارتوبقال للنشر1988 ص 137 .
-2- IBIDص 134 .
-3- عبد السلام بن عبد العالي - مجلة اليوم السابع - العدد 264 ( 1989) : " إن حياة النص هي ترجماته ..." الترجمات هي ما يشكل تاريخ النص. ذلك أن الترجمة ، كما يشير دريدا هي عملية تحويل ، أي إعادة إنتاج. ترجمة نص ما هي توليده. و هو لن يموت، لن يلغى إلاّ إذا لم يعد قادرا على الإنتاج ، إلاّ إذا لم يعد مصدر تأويل و تفكير، إلاّ لم يعد يطرح أسئلة. و في تلك الحال فإنه لا يترجم فحسب، و إنما لا يتداول و لايؤوَّل ولا يقرأ ، ولا يعود نصا بالمعنى القوي للكلمة."
-4- جاك دريدا، الكتابة و الإختلاف ص (30) من مقدمة المترجم كاظم جهاد، و ص (31): " لتغذية هذه الإستراتجية الشاملة للتفكيك"، إتجه دريدا بالإضافة إلى دراسته، تفكيكيا للنصوص المؤسسة للفلسفة الغربية ( أفلاطون ، روسو ، هوسرل ... إلخ.) إتجه إلى " الأدب" الذي وجد فيه و بخاصة لدى شعراء و كتاب مشغولين هم أنفسهم، كل على شاكلته، و ضمن لغته الخاصة بـ" إستراتجيات تفكيكية ( قبل التسمية ) كـ ملارميه و باتاي و آرتو و جُنيه ، و كافكا، ...إلخ.، وجد وحدات قلقة غير قابلة للحصر، تسكن أفق المقابلة الفلسفية و تصمد أمامه و تعمل على الإخلال بنظامه، مستعيرة كل مرة بعض أدواته و مفهوماتــــــــــــه ."
IBID -5- ص (30) صلي" لايكون أصليا، إلاّ باستناده إلى" النسخة" التالية له التي يسود الزعم أنها تأتي لتنسخه و تكرره، ضامنة له بذلك حيازة تسمية الأصلي" أو " الأصل". لا يكون" الأول" أولاً إلاّ بالإستناد، إستنادا مؤسسا، أي يقيم في جوهر" الأول" نفسه بما هو " أول"... نقول الإستناد إلى " الثاني" الذي يدعم ذلك " الأول" في أوليته ... هذا يعني أنه ليس ثمة من أصل محض، و أن الأصل يبدأ بــ" التلوث"... أو الإبتعاد عن مقام الأصلية، بمجرد أن يتشكل كأصل، فيجد نفسه مجبرا على أن يمهد لمسار تأتي فيه الآثــــار، المتتابعة لتعدّ له في أصليته" .
MICHEL FOUCAULT, L’Archéologie du savoir, Gallimard 1968, p 67: -6-
“En analysant les discours eux -mêmes , en voit se déssérer, et se dégager un ensemble de règles propres a la pratique discursive... c'est le regime des objets, les mots les choses ...c'est la pratique qui forme systématiquement les objets dont ils parlent” .
-7- جاك دريدا : الكتابة و الإختلاف : المقدمة ص 33-34 .
IBID - 8-في الفصل المعنون: في الإستنطاق والتفكيكية ص 51تطيع أن نبقى داخل النص، و لكن هذا لا يعني أن علينا أن نمارس بسذاجة سوسيولوجية النص أو دراسته السيكولوجية أو السياسية أو سيرة المؤلف. أعتقد أن ثمة بينٌ خارج النص و داخله، توزيعا آخر للمجال أو الحيز. و أعتقد أنه سواء في القراءة الباطنية أو التفسيرية للنص عبر مسيرة الكاتب، أو تاريخ الحقبة، يظل شيء ما ناقصا، دائمــــا ."
IBID -9- في الفصل المعنون : قوة الدلالة ص 145:" إن الأثر الأدبي ، في حدود كونه ينبع أولا من إرادة الكتابة : ... إرادة الكتابة، لا مجرد الرغبة بالكتابة، لأن الأمر لا يتعلق بتأثر و إنما بحربة وواجب."
IBID -10- ص 50 .
-11- الإلتحام قد يتم مع النص الديونيزوسي DIONISIAQUE حسب تعبير نيبشه. و لكن النص أبولوني كذلك حسب توكيد جاك دريدا (ص : 40IBID) " أي" : أنه يعني كذلك الجلوس و الحفر في داخلنا، في إتجاه " الآخــــــــر"."
IBID -12- ص145 .
IBID -13- ص 90 .
IBID -14- ص 49 .
IBID -15- ص 49 .
IBID -16- ص 50 .
IBID -17- ص 136 .
IBID -18- ص 50 .
IBID -19- 137 .
IBID -20- ص137.