الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-09-2007, 12:51 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حافظ عليوي
أقلامي
 
الصورة الرمزية حافظ عليوي
 

 

 
إحصائية العضو







حافظ عليوي غير متصل


افتراضي قراءات في ازمة اليسار الفلسطيني

موقف اليسار الفلسطيني من البرجوازية العربية والفلسطينية

في محاولتنا تشخيص جوهر الخطأ الذي وقع فيه اليسار الفلسطيني لم نجد تحليلا افضل من الذي قدمته " الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين " في بحثها اخطاء اليسار العربي . ورد في هذا التحليل في التقرير النظري الذي صدر عن المؤتمر الوطني الثاني للجبهة الديمقراطية عام 1981 ، في كتاب بعنوان " حركة التحرر الوطني في مواجهة التحالف الامبريالي - الصهيوني الرجعي " .

في وثيقتها القيمة وصلت الجبهة الى حد اتهام البرجوازية الوطنية في معظم الدول العربية بالخيانة وكان هذا في العصر الذهبي للاتحاد السوفيتي : " وهكذا فان البرجوازية التي نمت بفضل الاجراءات التقدمية ، لم تلبث ان اصبحت تجد في تلك الاجراءات قيودا تحدّ من نشاطها الطفيلي والكومبرادوري ، وتضيّق على مصالحها الجديدة التي اصبحت تتطلب العودة الى الانفتاح الكامل على السوق الرأسمالية العالمية ، بما تعنيه من انفتاح على الامبريالية والرجعية ، وتصفية او اضعاف قطاع الدولة ، واطلاق العنان لحرية النشاط الرأسمالي دون قيود . وشكلت هذه المصالح الجديدة أساسا للتدهور اليميني الذي بلغ نهايته في مصر والعراق والسودان والصومال واليمن الشمالي ، باستكمال التحول الرجعي للبرجوازية الجديدة والعودة الى الارتماء في احضان الامبريالية والرجعية ، والخروج من حركة التحرر الوطني العربية وخيانتها " . (ص 138 )

واسهبت الوثيقة في تحليل اخطاء الاحزاب العربية اليسارية في علاقتها بالبرجوازية الوطنية . وتطرقت للحزب الشيوعي المصري الذي حل نفسه وانضم للتحاد الاشتراكي في اواسط الستينات . وكانت خطوة الحزب مسبوقة بقيام عبد الناصر باطلاق سراح لشيوعيين من السجون في اواسط الستينات ، بعد وصول مشروعه التنموي الى طريق مسدود ، جراء الفساد وسوء الادارة في نظامه البيروقراطي .

ووضعت الوثيقة حدا لكل النظريات التي تتبناها الاحزاب الشيوعية ، وابرزها نظرية " الطريق اللارأسمالي للاشتراكية " وجوهرها : انه بامكان البرجوازية الوطنية العربية " الثورية " قيادة البلاد نحو الاشتراكية بشكل سلمي ودون الحاجة الى ثورة عمالية . سادت هذه النظرية في مطلع الستينات ، عندما كانت الانظمة البرجوازية مدفوعة نحو تحقيق التحولات التقدمية . وكان من اخطر انعكاساتها انها اثارت اسئلة في صفوف اليسار العربي حول ضرورة وجود احزاب مستقلة للطبقة العاملة ، وحول امكانية دمج هذه الاحزاب في اطار الاحزاب القومية البرجوازية .

وقد تمتعت البرجوازية الوطنية العربية في عصرها الذهبي بدعم جماهيري عريض ، شمل الشرائح الوسطى والفلاحين وسكان الريف الذين استفادوا بشكل مباشر من الاصلاحات الاقتصادية التي ادخلتها . وتميزت هذه البرجوازية بالخطاب القومي المتطرف الذي كان غرضه التغطية على الغزل بينهما وبين الغرب من جهة ، وعلى قمعها الشديد لمنظمات الطبقة العاملة واحزابها من جهة اخرى . وأدى الالتفاف الجماهيري حولها الى تردد اليسار في كيفية التعامل مع النظام الحاكم .

وازاء هذه الظاهرة حذّرت وثيقة الجبهة ، وبحق ، الاحزاب اليسارية العربية من الانجرار وراء القيادة البرجوازية ، ولفتت انتباهها الى ان التناقض بين البرجوازية الوطنية وبين الاستعمار تناقض محدود ، وحذّرتها من مغبة تسليم البرجوازية قيادة حركة التحرر الوطني والتنازل عن البرنامج الطبقي ، واكدت على ضرورة وجود حزب مستقل للطبقة العاملة .

استراتيجية الجبهة غير واقعية

وكانت المساهمة النظرية لمؤتمر الجبهة (1981) ، تحديد الدور الطليعي للطبقة العاملة في حركة التحرر الوطني : " ان مصير ومستقبل حركة التحرر العربية ، وقدرتها على النجاح في التصدي للمخطط الامبريالي ودحر العدوان الاسرائيلي ، وعلى متابعة المسيرة الوطنية الديمقراطية هي وحدها التي تكفل لها شروط الظفر والانتصار " ( الحرية 164 ).
كما نلاحظ فقد حدد المؤتمر مهمة استراتيجية جديدة لليسار ، وهي ان ينتزع من البرجوازية قيادة حركة التحرر الوطني . وكان لهذه المهمة اساسان ، الاول يتعلق بافلاس القيادة البرجوازية ، والثاني نابع من التقديرات بأن الفترة التاريخية ، مطلع الثمانينات ، مهدت الطريق للوصول للاشتراكية . ففي تلك الفترة انتصرت حركات التحرر الوطني في العالم على الامبريالية في نيكاراغوا وحتى انغولا واثيوبيا ، كما ساد اعتقاد راسخ بانتصار الاشتراكية على الرأسمالية التي دخلت ، حسب المفهوم الماركسي اللينيني ، آخر مراحلها التاريخية .
ولكن رغم تحديد مهمة تولي الطبقة العاملة قيادة الحركة الوطنية ، فقد وقع في وثيقة الجبهة خلل برنامجي جوهري في تشخيص طبيعة التحالف الوطني المطلوب . وبدل ان تعتبر الوثيقة الطبقة العاملة والفلاحين عناصر التحالف الوطني العريض ، فقد حددت " ان البرجوازية يمكن وينبغي ان تبقى جزءا من التحالف الوطني " ( الحرية 163 ) ، وذلك عندما طرحت السؤال :
" هل يعني هذا ان الثورة العربية في مرحلتها الراهنة قد فقدت سمتها الوطنية الديمقراطية وان التحالف مع البرجوازية الوطنية لم يعد ضروريا واصبح مطلوبا فكه والاستغناء عنه ؟ الجواب هو ايضا كلا . ولكن انفرادها بموقع القيادة في هذا التحالف لم يعد ينسجم مع المتطلبات الموضوعية لنهوض وتقدم حركة التحرر والثورة الوطنية الديمقراطية ، وهذا هو بالضبط ما عنيناه بتفاقم ازمة القيادة البرجوازية لحركة التحرر الوطني العربية " . ( الحرية 163 ) ان المهمة الاستراتيجية التي حددتها الجبهة الديمقراطية لنفسها لم تتحقق لانها لم تكن واقعية . ويتضح انه فيما يتعلق بالموقف من البرجوازية الفلسطينية ، وقعت الجبهة في نفس الخطأ الذي حذرت منه اليسار العربي مرارا . وقد لجأت الوثيقة الى اختراع ذهني لم يكن سوى انحراف عن الماركسية اللينينية عندما حددت نوعين من التناقضات : التناقض الرئيسي بين الشعب ( بكل طبقاته بما فيه الطبقة العاملة والبرجوازية ) من جهة اخرى ، والتناقض الثانوي بين الطبقة العاملة والبرجوازية داخل الشعب الفلسطيني نفسه .
والحقيقة ان المصلحة المشتركة بين طبقات الشعب في مواجهة الاضهاد كانت موجودة دائما . فالبرجوازية الفرنسية مثلا ، نجحت في اسقاط النظام الاقطاعي بفضل مشاركة العمال والفقراء ، وكذا كان الوضع في روسيا . ولكن ماركس ولينين حذرا العمال دائما من هذا التعاون مع البرجوازية لانها لا تتوانى عن ذبح العمال بعد ان اوصلوها للسلطة على اكتافهم ، لمجرد مطالبتهم بحقوقهم . والنماذج العربية على ذلك عديدة ، منها مافعله نظام محمد نجيب بعمال مصر بعد انتهاء ثورة الضباط الاحرار في 1952 ، وحزب البعث العراقي بعد استلامه مقاليد الحكم .
في كتابه " خطتا الاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية " لخص لينين موقفه من مسألة التحالفات في مرحلة الثورة البرجوازية الديمقراطية في روسيا على خلفية تجربة ثورة 1905. وحدد ان البرجوازية ليست حليفا للطبقة العاملة ، واعتبر الفلاحين الاجراء حلفائها الاستراتيجيين في الثورة الديمقراطية .
نموذج آخر في الاتجاه نفسه نجده في تحديد الحزب الشيوعي الفيتنامي مهمات ثورته الوطنية ضد الاستعنار الفرنسي ، في البرنامج الاساسي للحزب عام 1930 : " القيام بثورة برجوازية ديمقراطية تشمل كذلك الثورة الزراعية ، وذلك بغية قلب الامبرياليين الفرنسيين والحكام الاقطاعيين ، وتحقيق الاستقلال الكامل وقيادة فيتنام نحو الاشتراكية والشيوعية . وكان من الضروري لضمان نجاح هذا الخط السياسي تأسيس حزب الطبقة العاملة ، وانشاء جيش عمالي وفلاحي ، واقامة تحالف عمالي فلاحي ، وخلق جبهة وطنية متحدة ... وثمة ترابط وثيق بين النضال المعادي للامبريالية والنضال المعادي للاقطاعية ، فالقوى الرئيسية للثورة تتألف من الفلاحين والعمال ، وعلى الحزب ان يقيم التحالف العمالي والفلاحي ويستخدم العنف الثوري الجماهيري للقيام بالانتفاضة واستلام السلطة " . ( " موجز تاريخ حزب العمال الفيتنامي 1930 - 1970 " ، اصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 1973 ) .
يتبين من هذا ان اجتهاد اليسار الفلسطيني للتوفيق بين مصالح البرجوازية الوطنية وبين مصالح الطبقة العاملة ، هو اختراع برنامجي ليس له ركيزة او سابقة في تاريخ الثورة الاشتراكية . فالحزب العمالي لايمكن ان يقود الطبقة البرجوازية لان البرجوازية ، ببساطة ، لا يمكن ان تقبل بأن تقودها الطبقة العاملة ، فهي مربوطة برأس المال الأجنبي ، ومصالحها الخاصة توجهها نحو التحالف مع الرجعية والاستعمار ضد الطبقة العاملة . هذا ماحدث مع البرجوازية المصرية والعراقية والسودانية ، واخيرا ايضا مع البرجوازية الفلسطينية التي دخلت فلك الاستعمار من ابواب اوسلو . ان استعداد اليسار العربي والفلسطيني ان يكون جزءا من حركة تحرر تقودها البرجوازية ، لايوازيه استعداد مماثل لدى البرجوازية . وقد اثبت التاريخ انه اذا كان على البرجوازية ان تختار بين الاخلاص لمصلحة الوطن او لمصلحتها الطبيقية ،فانها تختار مصالحها ، حتى لو تطلب ذلك التحالف مع معسكر العدو . وفي اتفاق اوسلو تحطمت الاسطورة التي نسجها اليسار وبالغ فيها حول الطبيعة الثورية للبرجوازية الفلسطينية . فقد التزمت هذه البرجوازية بعلاقات امنية واقتصادية مع الكيان الصهيوني هي اعمق واخطر من تلك التي التزم بها انور السادات الذي اتهمته وثيقة الجبهة المذكورة بالخيانة .

امراض اليسار العربي اصابت اليسار الفلسطيني

ان ماحدث مع الجبهة الديمقراطية في اعقاب اوسلو كان تعبيرا عن الخلل البرنامجي الوارد في تلك الوثيقة . ففي المرحلة الاولى التي اعقبت اتفاق اوسلو ، شنت الاحزاب اليسارية حملة واسعة لمقاطعة اوسلو والسلطة الفلسطينية ، وكان هدفها انقاذ القيادة البرجوازية من شرك اوسلو واعادتها للخندق الوطني . ولكن بعد فشلها الذريع بتحقيق هذا الهدف ، قررت الاعتراف باوسلو امرا واقعا ، وبدأت تدعو للوحدة الوطنية ، ولكن هذه المرة على اساس " تجاوز اوسلو " . وبدل محاربة السلطة البرجوازية الساعية للانخراط في المخطط الاستعماري وعزلها عن الجماهير ، بذل اليسار الفلسطيني جهوده في البحث عن قواسم وطنية مشتركة معها . هذا مع ان البرجوازية لم تلتزم يوما بهذه القواسم ، بل كانت بالنسبة لها مجرد وسيلة للتغطية على استسلامها للعدو ، وبالتالي إحكام سيطرتها على الجماهير . الوحدة الوطنية بين كافة طبقات الشعب خدمت مصالح البرجوازية ، وعرقلت امكانية اليسار تطبيق مهمته الاستراتيجية وطرح نفسه بديلا للبرجوازية الفاسدة .

ان النزعات اليمينية في اليسار العربي التي انتقدتها الجبهة بشدة في وثيقتها المذكورة ، قد اصابتها هي ايضا الآن . تقول الجبهة في وثيقتها : " ان الافكار والنظريات اليمينية والسياسات الذليلة في العلاقة مع البرجوازية الوطنية واسس التحالف معها ، وفي فهم دورها في الثورة الوطنية الديمقراطية ، شكلت على امتداد الفترة الماضية احدى العقبات الرئيسية على طريق اضطلاع الطبقة العاملة بدورها القيادي في حركة التحرر الوطني العربية ، واضعفت جناحها اليساري . انها عطلت انخراط احزاب الطبقة العاملة في نضال منهجي ودؤوب من اجل كسب الالتفاف الجماهيري حول سياساتها وبرامجها ، كبديل للنهج المتذبذب الذي سلكته القيادا البرجوازية ، ومن اجل احداث تغيير تراكمي في نسبة القوى الطبقية داخل الحركة الوطنية ، بما يسمح بتصدي الطبقة العاملة ، واليسار عموما ، لمهمة قيادتها .

" والاكثر من ذلك ان هذه الافكار والنظريات قد قادت الى ضياع عدد من الفرص الثمينة التي توفرت فيها فعلا موازين قوى تسمح بتقدم الطبقة العاملة لاحتلال موقعها القيادي ، والى الإحجام بقرار ذاتي عن المبادرة لارتياد الآفاق التي فتحتها تلك الفرص " . ( ص 188 - 189 )

فعلا ، كانت هناك فرص ثمينة ضاعت ، وكانت آخرها الانتفاضة المجيدة في المناطق المحتلة ، والتي كان للجبهة الديمقراطية الدور الريادي في تفجيرها من خلال اول بيان للقيادة الوطنية الموحدة . ولكنها بدل ان تستغل الفرصة التاريخية لشق طريقها المستقل في قيادة الشعب الفلسطيني وعزل البرجوازية الفلسطينية ، استمرت الجبهة بالتزامها المطلق بالوحدة الوطنية مع حركة فتح ، حتى بعد اعلان عرفات تنازله عن الميثاق الوطني وبدء الحوار مع امريكا .

وسرعان ما تحولت القيادة الموحدة للانتفاضة الى اداة بيد البرجوازية الفاسدة في تونس ، استخدمتها لتحدقيق اهدافها الطبقية الخاصة ، على حساب الطبقة العاملة الفلسطينية والجماهير اللاجئة .

ان البرهان على فشل السياسة التي اتبعتها الجبهة هو الانشقاق العميق الذي وقع في صفوفها في اواخر عام 1988 . وكانت هذه عبارة عن الثمن الذي دفعته على تسليمها مقاليد الانتفاضة لعرفات بدل عزل نفوذه بين الجماهير ، فمكّنته بذلك من ضربها واحداث انشقاق عميق داخلها .

ان المفارقة التاريخية هي ان الانتفاضة التي تعتبر اكبر انفجار ثوري قام به الشعب الفلسطيني في تاريخه ، والتي كان المفروض ان تكون القاعدة لتنبؤ حزب الطبقة العاملة مركزه القيادي في حركة التحرر ، تحولت الى حافز للانشقاق الداخلي وبداية النهاية لنفوذ اليسار بين الجماهير .

يعود السبب الرئيسي لهذا التراجع الى موقف الجبهة المائع من البرجوازية ، والذي افسح المجال واسعا لتغلغل الموقف البرجوازي الاستسلامي حتى وصل الى اعلى هيئاتها القيادية ، ودفع بالكثير من كوادرها القيادية الى معسكر عرفات .

ولا يمكن بالطبع تجاهل الظروف الموضوعية التي ساعدت البرجوازية في نشر نفوذها بين الجماهير وفي صفوف اليسار . فمما لا شك فيه ان التراجع الكبير الذي طرأ على الاتحاد السوفيتي مع صعود ميخائيل غورباتشوف للحكم ، وما تبعه من انهيار المعسكر الاشتراكي وانفراد امريكا بحكم العالم ، كانا من العوامل القوية التي دفعت العناصر اليمينية الانتهازية داخل الجبهة للانشقاق عن التنظيم .

غير ان النفوذ الكبير الذي كان لهذه العناصر داخل التنظيم لم يكن وليد الصدفة ، ولا تشكل بين ليلة وضحاها ، بل جاء بفعل سنوا طويلة من تعاون الجبهة المطلق مع البرجوازية الوطنية الفلسطينية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية . وفي حين كان اليسار غارفا في اعتقاده الوهمي بان البرجوازية الفلسطينية لايمكن ان تخون برنامجها الوطني ، كانت البرجوازية منهمكة بالتخطيط لشق اليسار حفاظا على موقعها القيادي .

يمكن الاستنتاج بان مهمة الجبهة الاستراتيجية التي دعت الى تولي الطبقة العاملة قيادة حركة التحرر الوطني بالتعاون مع البرجوازية الوطنية ، كانت في الحقيقة محاولة للتهرب من مواجهة هذه البرجوازية . ان اغتيالات قادة بارزين في منظمة التحرير الفلسطينية اثناء الثورة ، والنظام القمعي الذي اسسته السلطة الفلسطينية لاحقا في المناطق المحتلة بالتعاون مع اسرائيل بعد اوسلو ، تبطل اية امكانية لبناء حركة تحرر مشتركة بين الطبقة العاملة والبرجوازية الخائنة التي لا تختلف بطبيعتها عن البرجوازية العربية .

والسؤال اليوم بعد ان انتقلت البرجوازية الفلسطينية الى خندق العدو كغيرها من الانظمة العربية ، اين يقف اليسار الفلسطيني وماهو برنامجه الاستراتيجي ؟ وهل مازال متمسكا بمهمته الرئيسية المتعلقة بقيادة حركة التحرر ؟ ويبدو ان هذه الاسئلة لا تستوقف اليسار اصلا ، وكل ما يفعله اليوم هو الانهماك في لقاءات الحوار الوطني مع السلطة لاقنعها بالتراجع عن التزامها باتفاقات اوسلو .

اما فيما يتعلق بعلاقة اليسار بالسلطة ، فيلخصها احد الرموز البارزة في الجبهة الديمقراطية بالقول التالي : " ليس ثمة في صفوف المعارضة من يطرح ، او ينوي ، او يدعو الى ، اقامة سلطة بديلة او سلطة موازية . وبهذا المعنى ، فان الاقرار بوحدانية السلطة قائم ومفروغ منه . اما ان تُطالب المعارضة ، اشتقاقا من ذلك ، باحترام الالتزامات المجحفة المُملاة على السلطة بموجب الاتفاقات ، فان هذا يعني افراغ المعارضة من مضمونها ". ( صحيفة " المسار " ، اواسط نيسان 1999 )

هنا اذن بيت القصيد . فقد تنازل اليسار تماما عن طرحه ، او حتى نيته استبدال البرجوازية ، وينحصر كل مطلبه في الاعتراف بنشاطه كمعارضة سلمية تعبر عن رأيها دون ان تمسّ بشرعية السلطة .

والخلاصة انه مثلما حذت البرجوازية الفلسطينية حذو مثيلاتها في العالم العربي ، وتحولت الى نظام فاسد وقمعي كبقية الانظمة العربية ، دخل اليسار الفلسطيني ايضا في نفس المحنة التي حذّر منها اليسار العربي سابقا ، وتحول بذلك الى جزء لا يتجزأ من ازمة اليسار المستفحلة .

حافظ عليوي كاتب فلسطيني مقيم بمدينة نابلس






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أوراق من ذاكرة الفن التشكيلي الفلسطيني: الناقد العربي الكبير عبد الله أبو راشد( منقول سعاد شهاب منتدى الفنون والتصميم والتصوير الفوتوجرافي 12 15-07-2009 02:02 PM
حماس وفتح وجهان لعملة واحدة سامي السعدي منتدى الحوار الفكري العام 18 06-11-2007 10:13 AM
الانتفاضة في الأدب الفلسطيني د.رشا محمد منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول 0 16-01-2007 03:17 PM
قراءة انطباعية .. في المشهد الشعري الفلسطيني : لطفي زغلول لطفي زغلول منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 2 10-11-2006 07:50 PM
الكاتب والباحث الفلسطيني الدكتور إبراهيم الحمامي في حوار مفتوح مع الأقلاميين د.سامر سكيك منتدى الحوارات مع المبدعين الأقلاميين 28 27-07-2006 01:01 PM

الساعة الآن 11:09 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط