آذان صاغية
ذَكَروا أنَّ مِنَ الأخطاءِ الشَّائعةِ قَولَهُمْ: (آذان صاغِيَة)، وأنَّ الصَّوابَ أن يُقالَ: (آذان مُصْغِية)، وعلَّلوا لذلكَ بأنَّ (مُصْغِية) اسمُ فاعلٍ مشتقٌّ من الفِعْلِ الرُّباعيِّ (أَصْغَى)؛ بمعنَى: (استَمَعَ)، أمَّا (صاغِيَة)؛ فهو اسمُ فاعلٍ مشتقٌّ من الفعلِ الثُّلاثيِّ (صَغَا)، أو (صَغِيَ)؛ بمعنَى: (مَالَ)، والأُذُنُ تُوصَفُ بالاستماعِ، لا بالمَيْلِ.
وفي هذه التَّخطئةِ نَظَرٌ؛ فالأفعالُ (صَغَا)، و(صَغِيَ)، و(أَصْغَى): جميعُها من مادَّةٍ تدلُّ علَى المَيْلِ؛ قال ابنُ فارسٍ في مُعجَم «مقاييس اللُّغة»: (الصَّادُ، والغَيْنُ، والحَرْفُ المعتلُّ: أصلٌ صحيحٌ، يَدُلُّ على المَيْل). فإذا قِيلَ: (صَغَا إلَيْهِ سَمْعِي، وصَغِيَ)؛ كانَ معناهُ: مالَ إليهِ سَمْعِي، وإذا قِيلَ: (أصْغَيْتُ إليهِ سَمْعِي)؛ كانَ معناهُ: أمَلْتُ إليه سَمْعي؛ قال ابنُ سِيدَهْ في «المُحْكَم»: (وَصَغَا إلَيْهِ سَمْعِي يَصْغُو صُغُوًّا، وصَغِيَ صَغًا: مَالَ. وأَصْغَى إِلَيْه سَمْعَهُ: أمَالَهُ). والسَّمْعُ يُطْلَقُ -في اللُّغةِ- علَى حِسِّ الأُذُنِ، وعلَى الأُذُنِ نَفْسِها.
بَلْ ذَكَرَ صاحِبُ «القاموسِ» بأنَّ الفِعْلَ (صَغِيَ) يأتي بمعنَى: استمَعَ؛ يقولُ: (صَغِيَ -كَرَضِيَ- صَغْيًا وصُغِيًّا: مالَ، واسْتَمَع)، وقالَ في (أَصْغَى): (وأَصْغَى: استمَع، و~ إليهِ: مالَ بسَمْعِهِ)؛ فهُما عنده بمعنًى.
وجاءَ الزَّبيديُّ بالفِعْلَ (صَغَا) مَعَ الأُذُنِ -صراحة-؛ يقولُ في «تاجِ العَروسِ»: (ومِنْهُ: صَغَتْ إليهِ أُذُنُه؛ إذا مالَتْ).
ومِمَّا رَوَوْا عَن أكثم بن صَيْفِيٍّ أنَّه قالَ: (فَتَلَقَّوْهَا بأَسْماعٍ صاغِيَةٍ، وقُلوبٍ واعِيةٍ)؛ حَكَى ذلكَ أبو حيَّان التَّوحيديُّ في «البصائرِ والذَّخائر 1 /154»، وقالَ: (الَّذي رَوَيْتُهُ وحَكَيْتُهُ عَنْ أَكثم: رواه أبو بكر بنُ دُرَيْدٍ، عن أبي حاتمٍ، عن الأصمعيِّ).
وبذلك: يتبيَّن صحَّة قولهم: (آذان صاغية)، وأنَّه لا وَجْهَ لتخطئتِهِ.واللهُ تعالَى أعلمُ.
---------
الميل عامة هو بدء الحركة فى اتجاه ما مال الشيء إليه
وهذا ليس المعنى فى الآية " وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ " الأنعام 113 ، ولا فى الآية " إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا .."
وفى السماع
لا تكون أذن صاغية بمجرد أنها مائلة ..
إن الأذن الصاغية هى التى ضبطت موجة استقبالها على موجة هذا الذى صغت إليه فلا تسمع غيره ، أو أن له الأولوية على كل ما غيره..
"صغت قلوبكما " بعد التوبة فلا تستقبل إلا الحق
" وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ ..." فقد أصبحت فى توافقية تامة مع الباطل ... كأنها مستقبل ضبط موجته على تلك القناة الفضائية فلا يغيرها .
....
وهى أذن صاغية ... لأنها هى الفاعلة
أما " أذن مصغية " فهى الباحثة عن الصوت الذى تحبه وتتوافق معه ... فلو فرضت 100 خيمة فى كل منها مطرب ووقفت هذه الأذن بينها تتنصت على أصواتهم لتلتقط صوت أم كلثوم الذى تحبه منها ... فهى مصغية ... فإذا التقطته لن تسمع غيره وتهمل باقى الأصوات رغم تداخلها معه فقد أصبحت " صاغية "
...
والفعل صغى ليس خاصا بالسماع ... فقد رأيناه ورد فى القرآن مع الأفئدة والقلوب
ونحن نستعمله مع الأذن
ونظريا .... لاشيء يمنع من استعماله مع العين .. إذا كانت لاترى إلا طولا موجيا واحدا ، أو شيء واحدا
والله أعلم
--------
هناك فرق بين الفعل صغا يصغو ويصغى ، والفعل أصغى يُصغي.
أما الأول فمعناه الميل المادي والمعنوي ، كميل المرء على المرء أو إليه ، وكميل العبد أمام سيده تأدباً ومهابة.
وفي القرآن الكريم : "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما" أي مالت القلوب برضاها.
وأما الثاني فهو استمع باهتمام وإنصات أي جعل كل حواسه في أذنه ليسمع القول ويعيه.
قال تعالى : "ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة".
أما في معنى الاستماع فيستعمل الرباعي : أصغى يصغي إصغاء.
واسم الفاعل من صغا يصغى هو صاغٍ وصاغية ، ومن أصغى هو مصغٍ ومصغية.
وعليه فإن الأصوب أن نقول: كلي أذن مصغية
ويُسْــتحسَـنُ استِبــدالُهـــا بصِفَـــةِ ( واعِيَـــة ) تَــأسِيّـــا بالقُــرآن ِ الكَــريــم (( لِـتَعـِـيَهـا أذُنٌ واعِــيَــة ))
----
قل: لا يلقى هذا الكلام أذن مصغية
ولا تقل: لا يلقى هذا الكلام أذنٌ صاغية
وكتب عبد الهادي بوطالب: “وشاع تعبير “لا يلقى أُذناً صاغية” والصواب مُصْغِية. فعل صغا الثلاثي المجرد يعني مال إلى. وفي القرآن الكريم: “إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا” أي مالت القلوب برضاها.كما جاء بصيغة صَغِيَ يَصْغَى في قوله تعالى: “وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ “.
أما في معنى الاستماع فيُستعمَل الرباعي: أَصْغَى يُصْغِي إصغاءً. واسم الفاعل المذكر “مُصْغٍ” والمؤنث مُصْغِية (أذُن مُصْغِية). وأصغى لا يعني مجرد الاستماع، ولكن حسن الاستماع والاهتمام يما يُسمَع. وجاء في بعض المعاجم العربية الحديثة تعبير : “كلنا آذان صاغية”. وذلك تَبَنٍّ لخطأ شائع.” انتهى
وكتب إبن منظور في لسان العرب: “صَغا إليه يَصْغى ويَصْغُو صَغْواً وصُغُوّاً وصَغاً: مال، وكذلك صَغِيَ، بالكسر، يَصْغى صَغىً وصُغِيّاً…… وصاغِيةُ الرجل: الذين يميلونَ إليه ويأْتونه ويَطْلُبون ما عنده ويَغْشَوْنَه؛ ومنه قولهم: أَكرِموا فلاناً في صاغَيتِه…. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: كان إذا خلا مع صاغيته وزافِرتهِ انْبَسط”.
ويبدو أن من استعمل عبارة “أذن صاغية” قاس في ذلك على قوله تعالى “وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ”. لكنه غاب عنه أن كلمة واعية مشتقة من الفعل الثلاثي “وعى” وقد عرفه لسان العرب بقوله:” وعَى الشيء والحديث يَعِيه وَعْياً وأَوْعاه: حَفِظَه وفَهِمَه وقَبِلَه، فهو واعٍ”، وليس من الفعل “أوعى”، كما هو الحال في الفرق بين إستعمال “صغا” و “أصغى” والذي بينه بو طالب أعلاه.
القول المأثور .. في إحياء الصواب المهجور
مصغية .. صاغية
عبد الله آيت الأعشير
مفتش منسق جهوي لمادة اللغة العربية - المغرب
«يا ليت هذا القول يجد آذانا صاغية».
هذه عبارة تتردد في أثناء الترويج لبرنامج ديني في إحدى القنوات الدينية المشهورة، وفي غيرها من القنوات الفضائية؛ ولقد تكررت حتى تَكَرَّجتْ وتقررت وسيطرت على الألسنة، وظن أغلب الذين تقرع أسماعهم، أن ما تقوله هذه العبارة هو أن المتكلم يتمنى أن يصادف قوله آذانا تستمع إليه وتُحْسن الإصغاء.
وهذا عند الإمعان في النظر خلاف المراد، مرجعه أن المتكم لا يفرق بين لفظتي
«صغى - وأصغى».
جاء في الصحاح: «صغا يصغو ويُصغي صُغُوًّا، أي: مال.
وكذلك صَغِيَ بالكسر يصْغَى صَغىً وصُغِيًّا. وصغَتِ النجوم، إذا مالت للغروب... وقولهم أكرموا فلانا في صاغيته، وهم القوم الذين يميلون إليه، ويأتونه ويطلبون ما عنده.
وأصغيت إلى فلان، إذا ملتَ بسمعك نحوه...»(1) وأحسنت الاستماع إليه.
القول الفصل إذن أن «صغى» تعني مال، فهو صاغ وهي صاغية. قال تعالى من سورة التحريم آية رقم 4 {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} أي: مالت عن الحق فهي صاغية.
أما «أصغى» فتعني أحسن الاستماع، فهو مُصْغٍ، وهي مصغية.
قال ذو الرمة يصف ناقته بالفطانة وسرعة الحركة:
تُصْغي إذا شَدَّها بالكور جانحةً *** حتى إذا ما استوى في غرْزِها تَثِبُ
إذا اتضح أن الهمزة زيدت لإفادة سلب المعنى، كما في الأفعال الآتية:
قسط = جار. قال تعالى من سورة الجن آية 15: {وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}،
وأقسط = عدل. قال تعالى من سورة الحجرات آية 9 {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ}.
ترب = افتقر. قال تعالى من سورة البلد آية 16: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}
وأترب = استغنى، كأنه صار له من المال بقدر التراب.
خفى = أخرج. وأخفى = ستر وأضمر.
قال تعالى من سورة الممتحنة آية 1: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ}.
جاء = أتى. قال تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} (يوسف: 58).
وأجاء = ألجأ. قال تعالى: {فَأَجَاءَهَا المَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ...} (مريم: 23).
فإن العبارة الفصيحة السليمة المعبرة عن حسن الإصغاء والإنصات هي:
«يا ليت هذا القول يجد آذانا مُصْغِية»
حيث إن صياغة اسم الفاعل من الرباعي بإبدال ياء مضارعه ميما مضمومة وكسر ما قبل آخره. أما عبارة «ياليت هذا القول يجد آذانا صاغية» فهي من السوأة الصلعاء التي تقلب المعنى إلى الضد، فكأن المتكلم يتمنى ألا يسمعه أحد، وأن يطويَ الناس كَشْحَهُم عمَّا يقول. وهذا محال .
الهوامش:
1- الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبدالغفور عطار. الجزء السادس، باب الألف، فصل الصاد، ص 2400 و 2401. ط4 – 1990.
شكراً جزيلاً أستاذتنا الكريمة خديجة ، لهذه الرؤية التي فتحت علينا نافذة آخرى ، نعرض من خلالها أراء تباينت واختلفت ..
في أدلتها ، فمنها من جاء بتخطئتها بهذه الصيغة ،ومنهم من أجازها ، كل وفقة أدلة تسنده ..ونحن نتعلم منكم ومنهم ..
وفقك الله مودتي ..