السر في جيوب المرضي!!!

[هارون غزي المحامي]

السر في جيوب المرضي!!!
زيارة اللواء جمال إمبابى محافظ الإسماعيلية المفاجئة لمستشفي التل الكبير المركزي، واكتشافه التقصير في أداء الواجبات الوظيفية

لما قرأت علي صديقي المسن هذا الخبر سرح في ذكريات وظيفته- أيام أن كان مفتشا علي المستشفيات الحكومية- ثُم استدعي هذا التقرير من تلافيف ذاكرته ،وأوصاني برفعه لوزير الصحة:
"لا يقوم بتشغيل أي مستشفي حكومي سوي العمال والفنيين والممرضات.
أما الأطباء فلن تجد منهم حاضرا سوي أطباء الإمتياز.
أما الطبيب المقيم فتجده قابعا في السكن يحل الكلمات المتقاطعة بملابس النوم.
وإذا طلبوه لطارئ لا ينزل إلا بعد الحمام ، ويحلق دقنه ويلبس ملابسه ،و يفطر.
وبعد أن يكون تكرر طلبه عشرات المرات، وربما يصعد إليه أهل المريض لينزل معهم وهو قرفان ،ليجد المريض صعدت روحه لرحمة الله فرارا من ملائكة الرحمة الصحية .فيحطم أهل المريض المستشفي ويبهدلوا الطبيب الذي يفر طالبا بوليس النجدة ولا من منجد.
أما أطباء الأسنان فيوزعون أيام العمل بينهم واللي عليه الدور لا يحضر إلا العاشرة والنصف وكل عمله ينحصر في الخلع .
والذي ليس عليه الدور وهم الكثيرون فلا يحضرون إطلاقا ويكفي أن الحاضر يوقع لهم بالحضور- مجدعة وشهامة منه قال.
ويستحيل أن تجد في قسم أسنان حكومي حشو ضرس أو علاج عصب أو عمل تلبيسة أو تركيبة.
أما سائر الأخصائين ورؤساء الأقسام الداخلية والإستشاريين فهؤلاء تحت الإستدعاء لا يحضرون إلا للضرورة المميتة.
ويتكرر استدعاؤهم من منازلهم وديا مرار ا وأحيانا لا يحضرون إلا بعد الإستعانة ببوليس النجدة لإحضارهم بعد فوات الأوان.
أما لجنة استلام الأغذية فلا تحضر في أحسن الأحوال قبل التاسعة صباحا لتجد المتعهد تعمد الحضور مبكرا قبلهم ليترك في المطبخ أسوأ أنواع الأغذية من لحوم وجبنة وبيض نصه ممشش وخلافه.
وتجد اللجنة أن الطباخ هو الذي قام منفردا بعمل كل لجنة الأغذية : فاستلم متواطئا مع المتعهد ،وليداري علي خيانته يسرع بالطبخ والتقطيع بل والتوزيع بعد أن يكون استأثر هو ومن معه بما لذ وطاب!!!
أما شغل أسرة المرض بالقسم الداخلي للعلاج الداخلي أو عمل عملية ، فلا يتم إلا بعد ذهاب المريض لكشف خصوصي بالعيادة الخاصة للطبيب المسئول عن إدخال مريض للداخلي، ويدفع له المريض ما يتفق عليه من أتعاب العملية التي ستجري في القسم الداخلي بالمستشفي الحكومي"
قلت: ونظرا لفقر الناس وشدة الإفلاس وجد سيادة المحافظ نسبة الإشغال للأسرة متدنية لا لأن أحدا ليس مريضا ولكن لأن جيوب المرضي فارغة.