تحية لك عبلة ولسؤالك ..
اسمحي لي بمحاولة الإجابة ..واتمنى ان أوصل الفكرة بما يفي بالغرض .
بدأت إرهاصات الشعر الحرّ .. الأولى منذ مطلع القرن الماضي تحت اسم " الشعر المرسل " " والنظم المرسل المنطلق " ranning blank veres ومن ثم اخ بعد الأربعينيان مسميات متعددة " الشعر الجديد " و " شعر التفعيلة " أما بعد الخمسينيات فقد أطلق عليه مسمى " الشعر الحر " ومن أغرب المسميات التي اقترحها بعض النقاد ما اقترحه الدكتور إحسان عباس بأن يسمي
" بالغصن " مستوحيا هذه التسمية من عالم الطبيعة وليس من عالم الفن ، لأن هذا الشعر يحوى في حد ذاته تفاوتا في الطول طبيعيا كما هي الحال في أغصان الشجرة وأن للشجرة دورا هاما في الرموز والطقوس والمواقف الإنسانية والمشابه الفنية .
أما أنماطه فهي أيضا كثيرة وقد حصرها ( س . مورية ) في دراسته لحركات التجديد في موسيقى الشعر العربي الحديث في خمسة أنماط من النظم أطلق عليها جميعا مصطلح الشعر الحر فيما بين عامي 1926 م ـ 1946 م وها هي بتصرف .
النمط الأول :استخدام البحور المتعددة التي تربط بينها بعض أوجه الشبه في القصيدة الواحدة ، ونادرا ما تنقسم الأبيات في هذا النمط إلى شطرين . ووحدة التفعيلة فيه هي الجملة التي قد تستغرق العدد المعتاد من التفعيلات في البحر الواحد أو قد يضاعف هذا العدد وقد اتبع هذه الطريقة كل من أبى شادي ومحمد فريد أبي حديد .
النمط الثاني : وهو استخدام البحر تاما ومجزوءا دون أن يختلط ببحر آخر في مجموعة واحدة مع استعمال البيت ذي الشطرين ، وقد ظهرت هذه التجربة في مسرحيات شوقي .
النمط الثالث : وهو النمط الذي تختفي فيه القافية وتنقسم فيه الأبيات إلى شطرين كما يوجد شيء من عدم الانتظار في استخدام البحور ، وقد اتبع هذه الطريقة عدد من الشعراء .
النمط الرابع : وهو النمط الذي يختفي فيه القافية أيضا من القصيدة وتختلط فيه التفعيلات من عدة بحور ، وهو أقرب الأنماط إلى النمط المريكي الجاف والتقني ، وقد استخدمه بعض المتاثرين بالنموذج الأمريكي .
النمط الخامس : ويقوم على استخدام الشاعر لبحر واحد في أبيات غير منتظمة الطول ونظام التفعيلة غير منتظم كذلك ، وقد استخدم هذه الطريقة كل من علي أحمد باكثير وغنام والخشن .
وهذا النمط الأخير من أنماط الشعر الحر التي توصل إليها موريه هو فقط الذي ينطبق عليه مسمى الشعر الحر بمفهومه بعد الخمسينيات ، والذي نشأت أولياته على يد باكثير ـ كما ذكر موريه ـ ومن ثم أصبحت ريادته الفعلية لنازك الملائكة ومن جاء بعدها ، ولتأكيد هذا الرأي نوجز مفهوم الشعر الحر في أوائل الخمسينيات وجوهره ونشأته ودوافعه وأقوال بعض النقاد والباحثين حوله .
مفهوم الشعر المرسل :
الشعر المرسل هو ذلك النمط الشعري الذي سبق الشعر الحر والمسميات الأخرى ... وجاء مع مطلع القرن الماضي ..العشرين .. وهو باختصار ... يعرف بانه شعر موزون دون قافية .
- أولاً : إن أول من أبدع الشعر المرسل هو جميل صدقي الزهاوي في جريدة المؤيد القاهرية. وله قصيدة من الشعر المرسل في ديوانه (الكلم المنظوم) نشرت سنة 1908م. إذن ثبت- يقول المحرر- أنه لم يسبق أحد الأستاذ الزهاوي في ابداع الشعر المرسل). أمام هذه الوثيقة- المقال نتأكد أن أمين الريحاني كتب في مجموعته (هتاف الأودية)- الشعر المرسل والشعر المنثور. أما الزهاوي فقد كتب الشعر المرسل (وزن بلا قافية) عام 1908,
- ثانيا: الشعر المرسل هو شعر عمودي لا تلتزم فيه القوافي كما كتبه الزهاوي, ومعنى ذلك أن مرجعية الزهاوي عربية أما مرجعية أمين الريحاني فهي أورو أمريكية, لأن التحديث الشكلي في الشعر المرسل جاء من داخله, أما الشعر المنثور فهو تفاعل مع الآخر, مع هذا تعرض- الشعر المرسل- للانقراض.
يقول لويس عوض : (الشعر المرسل منتظم الموسيقى لكنه يخلو من القافية, أما الشعر المنثور فهو حر الموسيقى وخال من القافية معا)
=========
ربما يطول المقام في الحديث عن الشعر المرسل كونه يستدعي كافة أشكال الشعر الحديث ...وما آلت اليه القصيدة العربية .. منذ مطلع القرن الماضي .. وحتلى بداية الشعر الحرّ مع منتصف القرن .. وليس انتهاءً بالشعر المنثور ان جازت التسمية " قصيدة النثر " التي أفضل شخصياً أن اطلق عليها مصطلح " النصّ " بدلاً من قصيدة النثر .. كونها تخلط بين النثر والشعر .. في محاولة لرفع النثر الى المستوى الشعري من ناحية أو تقليص الشعر للمستوى النثري . مع ان خصوصية كل منهما .. الشعر والنثر .. كافية للدلالة على ابداع الكاتب .
أرجو ان اكون قد أضأت لك بعض ملامح الشعر المرسل .
كل التحية والتقدير .
يوسف الديك