الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 4.00. انواع عرض الموضوع
قديم 18-08-2007, 08:19 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مريم محمد
أقلامي
 
الصورة الرمزية مريم محمد
 

 

 
إحصائية العضو







مريم محمد غير متصل


افتراضي تتمة - ما بين ثقافة الإنسان وحضارة الآلة

تتمة -
وما من شك في أن كل تقدم علمي يصل إليه الإنسان إنما هو ثمرةٌ مدينٌ به للآلة التي أبدعته، إذ بغير الآلة وبغير التقنيات لا يتقدم العلم ولا يتسع آفاق العلم. فبغير المجهر ما كان لعلم الفلك أن يصل إلى ما قد وصل إليه من تقدم. وبغير الميكروسكوب ما كان لعلم الأحياء، البيولوجيا، أن يكتشف البكتيريا وأن يقوم بما قام به من خدمة في سبيل تقدم علوم الأحياء والطب. بل أن أكثر العلوم تجريداً وعقلانية مدينة بتقدمها للآلة. فعلوم الرياضيات والطبيعة قد قفزت قفزات هائلة بفضل الآلات الحاسبة التي أمكن باستخدامها الوصول إلى المسائل والمعادلات التي لم يكن يُتاح للعقل البشري أن يصل إليها إلا بعد مجهود قد يدوم آلاف السنين.
وإذا كانت الأرقام العربية التي أدخلت النظام العشري في لغة الحساب قد يس{ذرت على الإنسان العمليات الحسابية التي لم يكن بمقدوره أن يقوم بها عندما كان يستخدم الأرقام الرومانية، فإن إدخال الحاسبات الالكترونية في علوم الحضارة الحديثة إنما يمثل حلقة جديدة من تاريخ العلم الإنساني لم تكن تتم لولا ما سبقها من اكتشافات واختراعات. إن تاريخ العلم كتاريخ الحضارة حلقات مرتبطة بعضها ببعض وتقدمها مرهون بهذا الارتباط إذ لا يمكن لحضارة من الحضارات مهما ارتقت أن تنكر فضل الحضارات السابقة عليها. فحضارة قدماء اليونان مدينة لحضارة قدماء المصريين بقدر ما تدين لها ولحضارة العرب في العصور الوسطى الحضارة الأوروبية الحديثة.
إن الحضارة بآثارها العلمية والتكنولوجي، وإن ترعرعت ونمت في ظل أمة ومجتمع معين، إلا أنها عالمية في طبيعتها لأنها ملكٌ للإنسانية، وانتقال العلم والتكنولوجيا سريع الحدوث، ومن المستحيل على الإنسان في أي مجتمع كان أن يرفض تطبيقاً معينا لاكتشاف يحرره من مرضه أو يحقق له معيشة أفضل أو أسهل وليس هناك مجتمع من المجتمعات متحضرٌ أو فطري أو بدائي يمانع في أن ينعم بثمار الصناعة الحديثة أو يرفض ما هيأّته له هذه الصناعة من اختراعات توفر عليه مجهوده. إذ من الطبيعي أن يفضل الإنسان ضوء الكهرباء على ضوء الشموع، وأن يمتلك السيارة التي تقطع الطريق في ساعات بدلاً من أن يقضي الأيام على ظهر حصان أو جمل.
غير أن الحضارة العلمية وتطبيقاتها التكنولوجية لا تسود بغير أن تسود معها الثقافة الفكرية المواكبة لها. إذ من الطبيعي أن تنعكس آثار الحضارة المادية على سلوك وعقائد ومشاعر أهل المجتمع الذي يحياها وهي تتمثل في آثاره الفنية وقيمه الأخلاقية. ولو طبقنا ذلك على موقف المجتمعات الشرقية من الحضارة التكنولوجية الأوروبية فسوف يتضح كم يُرحَّب باستخدام اختراعاتها التكنولوجية ولكنه كثيراً ما يتردد عندما يواجه القيم الأخلاقية والبدع الفنية والأفكار والمعتقدات التي لم يألفها والتي تصدم أحياناً معتقداته وتقاليده وعاداته.
ولكن المفارقة تظهر لو تساءلنا: هل يمكن أن نتعامل مع الآلة وألا نقبل أخلاقياتها؟ هل يمكن لراكب السيارة أن يستمر على عادة راكب الحصان؟ وهل يمكن للمرأة العاملة أن تعيش بنفس تصورات عصر الحريم؟
إن التكنولوجيا الحديثة التي أمدّت الإنسان المعاصر بسيلٍ وافر من المعلومات والتي فتحت أمامه آفاقاً شاسعة من المعرفة هي أيضاً التي فرضت عليه أساليب جديدة في السلوك وقيماً أخلاقية جديدة وغمرته بمشاعر وانفعالات لم يكن يألفها في ظل حياته في القرون الماضية. ولذلك فليس من السهل على أمة أو مجتمع معين أن يتقبل ثقافة غريبة عنه بغير صراع مصدره تمسكه بقيمه التقليدية ورغبته في مسايرة العصر ومقتضيات التطور والتجديد.
إننا لو تتبعنا ظواهر الثقافة لوجدنا أكثر المفكرين قد التقوا على أنهل تظهر في حب الحقيقة الذي يثمر العلم والمعرفة، وفي الفن الذي يعبّر عن الجانب الشعوري والوجداني لأمة معينة. ولكن هنالك جانباً هاماً لا تخلو منه حضارة أو ثقافة من حضارات العالم وثقافته الفنية أشاد به الفيلسوف الإنجليزي ألفرد نورث وايتهد، وهو روح المغامرة على "أنها الدافع الحقيقي وراء قيام كل حضارة وكل ثقافة". والمغامرة التي يقصدها ليست مجرد الاندفاع في أعمال لا تتطلب سوى الشجاعة البدنية والتورط في ما يفوق الاتزان، ولكنها القدرة على التجديد والتغيير والابتكار. إنها بمعنى آخر، نبذ المحاكاة والتقليد والركون إلى الأساليب المعتادة المتكررة.
فإذا صح لنا أن نكرر اكتشافاً علمياً أو ننقل اختراعاً صناعياً مما تحفل به الحضارة التكنولوجية الغربية فليس من الجائز أن ننقل نفس القيم الأخلاقية أو نفس أساليب السلوك أو نحيا نفس الوجدانات والمشاعر ذلك لأن هذه القيم الثقافية يمكن أن نصوغها بأشكال وفي صور وبرموز مختلفة. إننا لا نستطيع أن نقضي على الحب والكراهية أو على الشجاعة والخوف، ولكننا نستطيع أن نصوغها بأشكال وصور متعددة ولا يلزم أن ننقلها عن الغير بنفس الأشكال ونفس الصور الني عبروا بها عن مشاعرهم ذلك أن المشاعر قد تكون واحدة والأفكار قد تلتقي ولكن أسلوب الصياغة وشكل التعبير يختلف من امة لأخرى كما يختلف من فرد إلى آخر.
لقد انتهى البحث في الحضارة الإنسانية عند الفيلسوف الألماني أرنست كاسيير إلى القول بأن الأساطير والفن واللغة والدين ليست في الواقع سوى صور وأشكال رمزية يصوغ بها الإنسان مشاعره وانفعالاته. إن الأسطورة في رأيه لا تصدر عن تفسير عقلاني لحادثة أو قصة خيالية ولكنها تفسر وتعبر عما يسود حياة المجتمع من مشاعر وانفعالات. إنها تصدر عن أفعال وطقوس تقوم بها الجماعة. إنها ليست الانفعال نفسه، ولكن أسلوب وصورة تحوّل بها الانفعال إلى موضوع يمكن فهمه. وفي هذا التحول الذي تتموضع بع استجابة الإنسان تنشأ الحضارة الإنسانية، إنما العامل الأساسي في قيام الحضارة الإنسانية إنما يتلخص في أن الإنسان لا يكتفي بالتعبير المباشر عن انفعاله وإنما يحوّل انفعاله كما يحوّل مدركاته الحسية إلى رموز يتأملها. إنه يحوّل مدركاته الحسية إلى رموز اللغة ويحول رغباته وآماله إلى رموز دينية ويحول مشاعره وانفعالاته إلى أساطير.
لذلك، إن جاز تفسير الحضارة العلمية بأنها المضمون الثابت، فالثقافة القومية الخاصة بأمة معينة هي الشكل الذي يكشف عن صدى هذه الحضارة على حياة أفرادها.
فالمحاكاة والتقليد وإن جازا على ظواهر الحضارة من صناعات أو طرق بناء أو مواصفات إنتاج صناعية، فإنه لا يجوز أن نصطنع نفس الشكل الذي صاغوا به هذه المصنوعات، فقد تكون لنا طريقة أخرى في الاستعمال وقد يكون لنا ذوقنا الخاص في العمران الذي يتلاءم وبيئتنا الجغرافية وعاداتنا المحلية.
إننا قد ننقل مواصفات إنتاج مادة ولكن لنا أن نشكلها بما يتناسب مع عاداتنا. وقديماً تشابهت حضارات بابل وكنعان والهند ومصر في أساسها المادي، فكانت الزراعة هي عماد حياتها ولكن ثقافة قدماء بابل وعقائدهم الدينية وفنونهم تشكلت بحسب بيئتهم واختلفت عن ثقافة مصر القديمة وثقافة الهند وكنعان، فكان لكل من هذه الثقافات أساطيرها وفنونها وسلوكها وعاداتها الخاصة.
لقد كانت ظاهرة الفيضان مثلاً ظاهرةً عرفتها حضارة نهر النيل كما عرفتها حضارة ما بين النهرين. ولكن فيضان النيل محسوبٌ ومنظم على دورات. أما فيضان دجلة، فكانت عواصف هوجاء وطوفان عنيف. لذلك شعر إنسان الحضارة البابلية بعنف الطبيعة وبأنه لعبة في يد الأقدار والقوى الجبارة. ومن هنا كان الصراع في الطبيعة عنده أشد مما هو لدى المصري القديم.
كذلك أيضاً قد تتشابه ظواهر الحياة التكنولوجية وصور الحضارة الحديثة في أمم مختلفة ولكنها تفجر أشكالاً مختلفة من الفنون والقيم وأساليب السلوك والحياة متنوعة. فقد وصل الإتحاد السوفييتي سابقاً إلى استخدام الأقمار الاصطناعية وسفن الفضاء مثلما توصلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية ولكن لكل منهما ثقافته التي تتشكل بحسب أسلوب حياة أفراده وقيمه ومشاعره.
لا ينبغي لنا أن نعتمد إلى التقليد، كما لا ينبغي أن نقف عند حد الترديد لما توصل إليه الأسلاف فنلبس نفس ثيابهم ونردد نفس أقوالهم ولكن علينا أن نعرف كيف كانوا يتغلبون على مشاكل عصرهم وكيف كانوا يبدعون ما يعبّر عن مواقف حياتهم ذلك لأن الحاضر يفشل إذا ما ترك الماضي يسوده ويفشل أيضاً إن لم يستفد من الماضي لأن من لا يستفيد من الماضي قد يقع في تكرار خطأ القدماء، كما قال الأديب الروسي غوغول:"من يحاول أن ينسى الماضي، فإن المستقبل سيطلق الرصاص مدافعاً عنه".
إن خير ما يوضح لنا اتصال الثقافة القومية بمشاعر الأمة وأحلامها ما يُرْوَى في مسرحية فاوست لجوتيه. إذ يصور مشهداً يظهر فيه فاوست يشرب من شراب الساحرة ليعيد إليه شبابه ثم ينظر إلى المرأة المسحورة فتتم له رؤية عجيبة. لقد رأى وجه امرأةٍ ذو جمال أخّاذ، فدُهِش وأخذ بهذه الرؤية، ولكن الشيطان مفيستو كان واقفاً بجانبه، فسخر من حماسته ذلك لأنه كان يعرف أكثر من أن ما قد رآه فاوست لم يكن صورة امرأة حقيقية بل مجرد وهم من خياله.
كذلك أيضاً، نحن نسقط على أشكال الحضارة وظواهر ثقافتنا المختلفة من قيمأخلاقية وفنون وأساليب في الفكر والعمل هي الجانب المشترك بين أفراد أمة ومجتمعمعين، أو هذه هي مهمة الثقافة أن تقرّب من وجدان الأمة وأن تموضع لهم قيمهمومعاييرهم وأحاسيسهم وهي الشكل الخاص بهم والذي لا يجب أن يكون مكرراً أو منقولاًولكن يكوم شكلاً مؤصلاً عندما ينبع عن هذه المشاعر والقيم الأصلية وهو الشكل الذيتفجره الحضارة. ولا يلزم أن تفجر الحضارة شكلاً واحداً ولكنها تفجر أشكالاً تتناسبوحياة الإنسان الذي يحياها ذلك أن علاقة الإنسان بالآلة والتكنولوجيا هي في نهايةالمطاف علاقة تبادل وتفاعل. والإنسان تشكله التكنولوجيا وتوجهه الآلة إلا أنهيستطيع أن يستجيب ويعبر عن استجابته بأصداء مختلفة يشكلها بإرادته وقدرته على الخلقوالإبداع، وبهذا تتكون الثقافة فتكون شكلاً له تلك الحضارة بآثارها الماديةواختراعاتها العلمية، ذلك لأن من الواضح أنه لا يمكن أن توجد الحضارة العلميةالحديثة في مجتمع ما بغير أن تؤثر في قيمه ووجدانه وفكره. ولكن ليس من الضروري أنيتخذ هذا التأثير شكلاً واحداً أو نمطاً ثابتاً في الأمم والمجتمعات المختلفة لأنثمة عوامل ثقافية محلية كالمناخ الجغرافي والتراث الموروث وطبيعة الجنس الإنسانيتتفاعل ونتاج الحضارة العلمية المادية لينتج عن هذا التفاعل ثقافة لها لونها الخاصوسماتها المميزة لها دون غيرها.







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإسلام وحقوق الإنسان...!! (منقول) نايف ذوابه المنتدى الإسلامي 4 25-03-2011 05:06 PM
وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ جمال الشرباتي المنتدى الإسلامي 2 02-06-2007 08:42 AM
الدين والاخلاق عبر العصور عادل الامين منتدى الحوار الفكري العام 71 02-11-2006 01:21 PM
تكوين ثقافة الطفل د.أسد محمد منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول 2 08-03-2006 11:27 PM

الساعة الآن 11:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط