الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > منتديات اللغة العربية والآداب الإنسانية > منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي

منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي هنا توضع الإبداعات الأدبية تحت المجهر لاستكناه جمالياته وتسليط الضوء على جودة الأدوات الفنية المستخدمة.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-10-2007, 11:51 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
اشرف خالد
أقلامي
 
إحصائية العضو







اشرف خالد غير متصل


افتراضي قصيدة النثر في عيون مبدعيها و عيون الاخر( مدخلات و وجهات نظر )

قصيدة النثر في عيون مبدعيها و عيون الأخر
تفاسير و وجهات نظر و مداخلات مع كبار الكتاب

· هناك من يُعرف الحداثة بتعريف شمولي فضفاض و عندما تراجعه تفاجئ بأنك تقرأ تعريفا عاما للإبداع نفسه لا للحداثة خاصة
( راجع تعريفات ا د/ جابر عصفور- للحداثة )

· ومنهم من يعرفها علي أنها تطور في حركة الإبداع الأدبي و أنها ولدت من رغبة في التحرر والانعتاق من تمرد على التقاليد المسماة "شعرية"
و إنها ضرورة فُرضت على الواقع الأدبي العربي و يجب التواصل معها من خلال النسخة العربية للحداثة و التي يؤرخون نشأتها و نسبها للأدب العربي منذ الجذور الأولى للأدب العربي و المواكبةً للأدب العالمي
(مشيل خوري , حكمت الخطيب , عصمت النمر و غيرهم من كبار الكُتاب و النقاد و المبدعين )

· ربما يكون ادعاءا و افتراءا أن أقول أن المدعين / وبعض المبدعين من كُتاب الحداثة لم يتركوا منبراً أدبي إلا صعدوه لا بالتعالي فقط ولا بالتبجح أيضا ولكن باتهام الأخر في ثقافة و ذائقته الأدبية.
و أقول لهم ما قاله ا/سيد جودة حين تحدث عن فن الاختلاف قائلا:-
(أقول لشعراء قصيدة النثر وفروا طاقاتكم, وبدلاً من تفريغها في مهاجمة هذا وسب ذاك, استثمروها في كتابة شيء ذي قيمة يكون هو أفضل ردٍّ على خصومكم. اكسبوهم لصفوفكم بالإبداع الذي يلزمهم باحترام ما تكتبون وليس بإرهابهم فكراً وكأننا في قتال شوارع صرتم فيه ميليشيات لا مبدعين! )
بقلم سيد جودة
إن المدعين و قليلو الخبرة بالقصيدة النثرية و غير النثرية فهم على السوء كالذين لم تفتحوا نوافذهم إلا يدخل منها الذباب و الحشرات الضرة و غير الضارة فقط دون الاهتمام بكيفية تجديد الهواء و جو الغرفة أو كيفية دخول الضوء لها .

أما المبدعون الحقيقون ذوى الخبرة و الثقافة و الإطلاع الجيد هم الذين وضعوا على نوافذهم حائلا من السلك يحول دون دخول أي حشرات إلي غرفتهم فهم بذلك يجددون دائما من جو غرفهم و يسمحون للضوء بدخولها وقت ما يشاءون .

· ( لقد جاء العصر الذي لابد أن نتهم فيه أذواقنا بالفساد‏,‏ وانعدام قدرتنا علي الاستجابة لهذا الذي يحدث من حولنا بالتخلف والجمود‏,‏ حتى لو كان هذا الذي تطالعه وتقروه وتتأمله باعثا علي النفور والتقزز‏,‏ عاريا من كل سمات الفن الجميل‏,‏ واللغة الصحيحة المعبرة‏..‏ ولابد أن نسرع بتوجيه هذه الاتهامات لأنفسنا قبل أن يتهمنا بها هؤلاء الذين يروجون الآن في الساحة الأدبية والثقافية لسلعة مغشوشة‏,‏ وكتابات فاقده لأوليات شروط الكتابة)‏..‏
ا/ فاروق شوشة

· و الأمر اخطر من هذه الحدود و أعظم من الإنعتاق من تكبيل أي قيود كما ذكر بعض الكتاب عن الحدثة
· و لدت قصيدة النثر من رغبة في التحرر والانعتاق من تمرد على التقاليد المسماة "شعرية"
(ا/ عصمت النمر) الندوة الأدبية


و أن أردت أن تعطي للأمر شأنه يمكنك أن ترجع إلى ما كتبة


الأستاذ/ فاروق شوشه في مقالة


(هل هي موامره ثقافيه؟)


حيث انه يقول متهكما و ساخرا في مطلعة

· ( إذا أوقعك حظك في ديوان شعري من بين ما يصدر في هذه الأيام وفوجئت بأنك قد قرأت فلم تفهم‏,‏ وانك قد أعدت القراءة مره ومرات فلم يزدك الأمر إلا إلغازا وتعميه‏,‏ فإياك أن تسارع باتهام ما تقروه‏,‏ وإلقاء التبعة في انعدام الفهم عليه‏,‏ وإنما عليك أن تلوم نفسك‏,‏ وتتهم ذائقتك‏.‏ فلابد أن إدراكك قاصر‏,‏ وحساسيتك منعدمة‏,‏ واستيعابك محدود‏,‏ وخبرتك بالشعر غير كافيه‏!‏)
وإذا أثار انتباهك أن واحدا من نقاد هذا الزمان الجهير الصوت والنبرة قد وجد في هذا الكلام الذي لم تفهمه ولم تتذوقه إبداعا مدهشا ومغامرة رائعة وشعرا يفوق السابق واللاحق‏,‏ فإياك أن تتهم هذا الناقد بالشعوذة‏,‏ أو بالترويج لبضاعة فاسدة عن عمد وسبق إصرار فلابد أن هذه هي آية العصر‏,‏ ولابد انك قد تخلفت وتحجرت‏,‏ وأصبحت من القاعدين‏!‏ اجل‏..‏
ا/ فاروق شوشه

وهكذا فان الشعر ضاق ذرعا بكُتاب الحداثة م بين الادعاء و الإبداع
بل أن الحداثيون الحقيقيون أنفسهم نفوا علاقتهم بتلك الادعاءات التي تلتصق بقصيدة النثر من ازدراء الأخر/ و تهميش التراث العربي للشعر

فيقول ادونيس مثلا في الندوة المعدة في المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة :-

و هو يتحدث عن كثير ممن يكتبون الآن قصيده النثر بالرغم من أنهم يزعمون أنهم محسوبين علي قصيدة ادونيس,‏ وإنهم يمشون في غباره وكيف تخلو كتاباتهم من الجدة والتوجع و الأصاله وحقيقة الشعر‏,‏ وهو يَعْجَبْ كثيرا لمناداتهم بالانقطاع عن المورث الشعري‏,‏
إذ لا يمكن لشاعر في رأيه أن يبدع بلغة يجهل جمالياتها وتاريخ
هذه الجماليات‏,‏ لان دوره الحقيقي أن يجدد العلاقات بين الكلمات والأشياء‏,‏ لا أن يجهل موروثة الثقافي‏,‏ والذي يحير ادونيس حقا كما يقول هو هؤلاء المنادون بالقطيعة مع التراث الشعري‏,‏ وعندما يكتبون نصوصهم‏.‏
معلنين أن قصيده النثر هي الأعلى والأسمى‏,‏ فإنهم يقعون في كلام تقليدي محض وموقف تقليدي محض يسيء إلى التجربة الشعرية‏,‏ ويبرهنون علي أن بنية العقلية التقليدية يمكن أن تكون في الحداثيين كما تكون في التقليديين‏!‏
هذا الكلام الواضح والصريح سيغضب كثيرين كانوا يظنون
أن ادونيس بدعوى الحداثة والاختلاف يمكن أن يتستر علي ما يكتبونه ويقعون فيه من ركاكة وسطحيه وهشاشة وفقدان لجوهر الشعرية‏.‏


· أما عن موقف الرافضين للقصيدة النثرية كسمة من سِمات الحداثة في الشعر العربي .
فإنني أقول :- إن كان ليست قصيدة شعرية لها كل مقومات القصيدة العربية المتوارثة .
و كانت خالية من الركاكة و الإسهاب و التعمية المبالغ فيها و لا تصل إلى حد طمس المعنى للقصيدة فهي عمل أدبي جيد يجب على الأقل النظر إليه بطريقة محترمة لا بنظرة ازدراء كما يفعل بعض شعراء الحداثة في قصائد غير كُتاب القصيدة النثرية و اتهامهم بالجمود.
بل يجب النظر نظرة أدبية معتدلة تجاه أي عملي جيد أيان كان ولا يهضم حقه في المناقشة الجادة له .
حيث انه من الممكن لتجربة ادونيس ومحمد ماغوط وانسي الحاج غيرهم من القامات الشعرية في قصيدة النثر أن تتكرر مرات و مرات في حداثة النص الشعري الحداثي ومن الممكن أن يحقق الشعراء الحداثيون للقصائد العربية نتاجا شعريا جيدا نفخر به جميعا .

· (وهذة الكلمات بقلم الشاعر و الكتب / فاروق شوشة )*
أنا شخصيا من اشد المؤمنين بحريه الإبداع وحرية التجريب‏,‏ وبأنه لا وصاية علي الإبداع مهما كانت الحجة أو الأسباب‏.‏ وبان من حق أي مبدع أن يقول كلمته بالصورة التي يريدها ويتخيرها لنفسه‏,‏ بشرط أن يقنعنا ويدهشنا ويستثير فضولنا ومخزون خبراتنا وتجاربنا ويضعنا في حاله الفعل الشعوري الموازي لفعل الإبداع وحميا النشوة التي يحدثها الفن الراقي الجميل‏.‏

و أقول أنا أيضا للمدعين الذين يختبئون في حظائر القصيدة النثرية مثل ما قال أستاذنا الشاعر المبدع / فاروق شوشة
· أين انتم أيها المدعون من مثل هذه الكتابات التي قدمها أمثال هؤلاء المبدعين ادونيس و محمد الماغوط وغيرهم من المبدعين الحقيقيين لقصيدة النثر إن الحداثة الحقيقية التي تختبئون في حظيرتها كشفتكم أيها المدعون حين قدمت نماذجها الطليعية الدالة على منجزاتها ذات الوهج الحقيقي لقصيده النثر إذ أن في نماذجها الرفيعة وتجلياتها الكبرى‏,‏ رافد من روافد حركه الشعر العربي

· انتم أيها الأدعياء الذين لا تعرفون قديما ولا جديدا‏,‏ ولا تبدعون قصيدة شعر ولا قصيدة نثر‏ ,‏.
و لكنكم والحق يقال تمتلكون الجرأة علي مهاجمه الآخرين الذين يضعونكم في حجمكم الحقيقية ويكشفون لكم عن ضحالتكم وضالتكم‏,‏ والصفاقة التي تجعلكم يزاحمون بالمناكب الشعراء الحقيقيين‏,‏.
حتى لو كان الأمر بالإرهاب‏,‏ أو رفع البعض منكم شعار الحداثة المظلومة‏!‏ فما كانت الحداثة إن تعترف بهذا المسخ المشوه الذي تكتبونه وتسمونه قصيدة نثر‏,‏ .
· أما الكاتب الأستاذ / حلمي سالم
فيقول في وجهة نظرة عن القصائد النثرية و التقليدية ذات البناء/ القوالب القديمة كما ذكر في "معنى"
العمود التقليدي: الصورة تسبق المادة
هو بإيجاز يفسر و ثم يشرح في سبعة نقاط عدم صلاحية النظام التقليدي لبناء القصيدة العربية الحديثة ( الأوزان العروضية الخليليه للشعر العربي ) و عدم مواكبته للفكر الأدبي العربي الحديث و يُلخَصْ هذا الموضوع في شرح لنظرية في أيديولوجية الشعر و تشبيهه للعمود التقليدي في الشعر بالأواني القديمة التي لا تصلح لإعادة التعبئة فيها إلا في حالة السوائل التي تتشكل بسهول مع شكل الإناء المستخدم في ذلك مؤكدا على تبعية الشكل بالمضمون و أن الأواني القديمة لا تصلح لإعادة استخدامها إلا في حالة الزيت و الماء و ما شابه ذلك أما الشعر ليس كذلك فهو ليس بزيت ولا بماء يصلح أن يصب في أوني قديمة (العمود العروضي) . فالشكل و المضمون شيئان لا يفترقان .
و أنا أقول له يا أستاذ/ حلمي كما أن الشعر ليس بزيت ولا ماء كذلك النظام التفعيلي لنص ليس بأواني صماء لكنها طيعه يمكن ثشكيلها هي حسب المحتوي لا كقالب لا يستخدم إلا للصب فيه فقط و إنه مازال حتى الآن يوجد من يبدع نتاج شعري جديد مواكبا للفكر العربي الحديث يستخدم فيه العمود الشعري و الأوزان الخليليه و له فاعليته واصلاته و تواصلا ته العريضة مع القارئ العربي المثقف و المثقف جدا الذي يعي تماما ما يقرأ . , . و الإشكالية ليست في ماهية الشعر و كيف يكتب و هذا يجب و هذا لا يجب و لكنها في كيفية خلق مناخ إبداعي جيد يستطيع الشاعر فيه من خلق منبرا للتواصل مع الناس صفوتهم و غير صفوتهم و هنالك سترقى و جهة النظر العامة للأدب العربي مرة أخري حيث لا إهمال حضور ولا تعتيم لقنوات لتواصل سواء إعلاميا أو نشرا مطبوع أو غيرها ..... حيث أن انتشار الركاكة و الإسفاف هو مسئولية تلقي على عاتق الأدباء و الشعراء قبل الجمهور فالمسئول الأول عن تسمم الذائقة الأدبية و الفنية للإنسان المصري و أحيانا الكاتب نفسه هو الموقف الثقافي للمبدعين أنفسهم من الإبداع
هذا العمود الذي تذكره يا سيدي يذكرني بكل ما هو أصيل في ذاكرتي فان أردت أن انتهك العادة فالأولى ألا أنازل أبائي و أجدادي في معركة غير متكافئة , . ولا تغفل يا سيدي و أنت تتحدث عن القصيدة العربية انك تتحدث عن تيري ايغلتون وعندما تتحدث عن العمود التقليدي تحدثت عن صندوق "بروكست" و الأساطير اليونانية اعلم جيدا مع من أتحدث و عن مكانته الأدبية في الحقل الأدبي ولكن هو لفت نظر بسيط فأنت تتحدث عن أدب عربي له سماته و خصوصيته و هناك ثراءً عريض في التراث العربي يمكن الحديث عنه و الاستشهاد به .
و أخيرا يا سيدي أنا ممن يؤمنون جيدا بحركة التجديد في القصيدة العربية و أحب كثيرا القصيدة النثرية الحقيقية و الجادة اُجل ادونيس و أعجب جدا بمحمد الماغوط و مغرم بالقراءة لأنسي الحاج و غيرهم من المبدعين الجيدين . ,. و مؤمنٌ بالتحديث و الحداثة و بالحداثيّن و أعي جيدا ما قلته عن علاقة الشكل بالمضمون ولكن التطور في أشكال كتابة الشعر العربي شيء ملموس من زمان إلى زمان و لكنك لا تشعر بذلك لأنه لم يفقد جوهرة عبر أحداث التطور و عبر العصور المختلفة , . فالشعر العربي مر بمراحل كثير من التطور و كان طيِّعا في كل عصر و لكن التجديد في حد ذاته شيء جدير بالاهتمام فلماذا التحرش و الحرب إذن بين التطور و شكل ما من أشكال كتابة قصيدة الشعر العربي القائم فعلا ولما المبالغة و الإسهاب في نفي الأهمية الشعرية عن عمودٍ راسخ في تراث امة لا يجب زعزعته و لكن . , . إفعل ما شئت ليس معنى انك يا سيدي على الصواب يصبح الأخر على الخطأ فكلاكنا على الصواب و لك اجتهادك الذي تحمد عليه و له تمسكه الذي يتحمل هو معاناته لا احد أخر فله الثناء و لك الشكر .
أما عن مثالك الذي ضربته لنا لشرح نظريتك في عدم احتواء الأشكال القديمة للمضامين الحديثة أقول لك أيضا الإنسان مثلا ككائن يظل طيلة حياته إنسان ذات شكل ثابت لا يتغير لاسيما هو التطور الطبيعي للنمو من طفل إلي.. إلي ..ثم المؤثرات الخارجية من حالة اجتماعية و نفسية و عوامل التعرية الزمنية الجسدية و الصحية و الشعر كذلك فهو يحي بداخلنا جمعيا كاتب و متلاقي . لا علاقة له بصندوق "بروكست" ولا بكتابات تيري ايغلتون ولا إشكالية له في تبعية الشكل بالمضمون و لا طواعية الشكل للمضمون . فانه شيء بديهي لا خلاف فيه نعم الشكل يتبع المضمون وإن كل مضمون له شكله الذي يتبعه ذلك منذ القدم ولا علاقة للعمود التقليدي في ذلك سوي ان يخضع للتطور و لكن يا سيدي تحكم عليه من خلال صندوق "بروكست" و بكتابات تيري ايغلتون و بعض الكتاب الغرب لا العرب بالعدم و نفذ الصلاحية ( كخيل الحكومة الذي يجب إعدامه لانقضاء سنة القانوني في الخدمة العسكرية توفيرا لطعامه و مأواه ) .
و رغم إيماني المطلق بالتجديد إلا إنني لا أقف في خندق المعادين و المستهزئين و المقللين من شأن تراثنا العربي و إعدام قيمته و الحكم بعدم قيمة في هذه الأيام .
وأرفق لسيادتكم المقال كما قرأته علَّني أسئت الفهم
في "معنى" العمود التقليدي: الصورة تسبق المادة
بقلم: حلمي سالم - مصركل شعر هو أيديولوجي أكثر من مرة: فمرة، من حيث أن الفن كله - كنشاط إنساني - هو صانع معرفة (وإن كان علماء الجمال يسمونها معرفة جمالية نوعية) ومجسد خبرة بشر، وعلامة نزوع إلى سد ثغرة في الحياة والكون والنفس الإنسانية• ومرة، من حيث ما تقوله الألفاظ مباشرة من معان ورؤى وانتماءات وآراء، أي من حيث الطبقة الأولى من طبقات الدلالة، المحمولة عبر المستوى الإشاري للغة ومرة بما تدل عليه التقنيات الفنية والطرائق الجمالية من مغزى فكري واجتماعي وحضاري على أن ما أود أن أقف عنده برهة - الآن - هو هذا الوجه الأخير من وجوه "إيديولوجية الشعر"، ذلك أن الكثيرين درجوا على استخلاص الموقف الفكري للشاعر من الوجه الثاني لأيديولوجية الشعر: منطوق الألفاظ ومحمولها المباشر الإشاري، في الوقت الذي لم يلتفتوا كثيراً إلى أن الأشكال الفنية والأساليب الجمالية هي نفسها معبرة عن رؤى اجتماعية وفكرية وفلسفية، ربما على نحو أكثر جذرية وصدقية من الرؤى التي يحملها - أو يوهمنا بحملها - المنطوق اللفظي التقريري نفسه. فـ"التطورات المهمة في الشكل الأدبي تنتج من تغيرات مهمة في الأيديولوجيا، وتجسد طرائق جديدة في إدراك الواقع الاجتماعي وعلاقات جديدة بسيرة الفنان والمتلقي" كما يقول تيري ايغلتون• وهو ما يعني أن الشكل ليس مجرد زينة أو محض زخرف (حتى مجرد الزينة ومحض الزخرف ليسا خاليين من الدلالة) وليس "توقيفاً" أبدياً لا يصح تغييره أو تجاوزه أو نفيه•
الأشكال، إذاً، "زمانية" لا "سرمدية" إنما هي تتغير بتغير العصور والمجتمعات والحاجات البشرية• فكل مرحلة تاريخية حينما تصعد على مرحلة سابقة، إنما تقدم للحياة أبنيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الوقت نفسه الذي تقدم أبنيتها الفكرية وصيغها الفنية والجمالية• ولقد علمنا علماء الاجتماع والجمال والتاريخ والانثربولوجيا أن من الممكن استنباط طبيعة الحياة الاجتماعية والعقائدية والسياسية (بل والاقتصادية) لمجتمع معين، من أنماط العمارة فيه ومن أشكال الملبس والحلي وأدوات الاتصال والتنقل وهيئة المقابر وغير ذلك•
ليس من العبث، إذاً، الاهتمام بـ"فلسفة الشكل" في كل منشط بشري، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالفن، حيث "ماهية" العمل الفني غير متحصلة في غير "هيئته"•
وإذا كان ذلك كذلك، فإنه تقديم أفكار جديدة في صيغ فنية قديمة، أو تقديم مضمون متقدم في شكل تقليدي (كما يدعو إلى ذلك مفكرون كثيرون، بعضهم تقدمي) ليس عبثاً من العبث فحسب، بل هو أيضاً منتج لا محالة نتيجة مضادة حيث يتغلب الشكل القديم على المضمون المتقدم (التقدمي) المصبوب فيه، وبقهره على الوصول إلى محصلة فاسدة تخون الهدف الطيب الذي كان وراء هذه المعادلة الخاسرة• ويرجع ذلك إلى أن الأشكال هي الأقوى، لأنها ليست مجرد أوعية محايدة سلبية، بل هي أشكال/ مضامين (أو أشكال بمضامين) في آن واحد•
إن صب الزيت في القوارير القديمة يصلح فقط في حال الزيت والماء والدواء، لكنه لا يصلح - قط - في الفن• فالأشكال الفنية ليست "قوارير زجاجية" مصمتة يظل الماء فيها ماء، والزيت زيتاً أو يخالطه أو يتخلله وليس كذلك الشكل الفني، المحمل - عبر صياغته وطرائقه وأساليبه - بخبرة اجتماعية وحضارية وثقافية لمرحلة تاريخية معينة• على ذلك، فإن دعوة بعض المفكرين والنقاد إلى ان نستفيد من الشكل العمودي التقليدي، بأن نضع فيه آراء ورؤى وأفكاراً متقدمة (أو ثورية)، مستخدمين ما لهذا الشكل من قابلية ورواج عند الذوق العالم، فنكسب الهدفين معاً: نسوق فكرنا التغييري من ناحية، وعبر الإطار الذي استساغه الناس من غير أن نصدمهم بأطر ليست مألوفة من ناحية ثانية• نقول إن هذه الدعوة تحتاج إلى مراجعة شديدة تبين تناقضها واستحالتها، فضلاً عن نفعيتها البراغماتية الظاهرة•
ذلك أنها تكشف عن أن القائلين بها ينطلقون - حتى لو كان بينهم تقليديون - من المنطلق المثالي السلفي نفسه الذي يؤيد الشكل ويعلقه في السماء عالياً فوق العصور والتطورات والمجتمعات• في هذه الدعوة، فإن الشكل العمودي شرط "طبيعي" للشعر، لا صيغة تاريخية• وهو وعاء زجاجي دائم يحتوي - على مر العصور - على فكر كل مرحلة ورؤى كل تطور• أما وجه الاستحالة في هذه الدعوة، فناجم عن التعارض بين الفكر الجديد الذي سنصبه في العمود القديم وبين دلالة شكل هذا العمود التقليدي القديم• إن شكل هذا العمود التقليدي نفسه هو "فكر":
أ - هذا العمود القديم يدل على أنه ابن مجتمع ثنائي: السماء والأرض، الشمس والقمر، شطرا البيت الشعري، الملاك والشيطان، الليل والنهار، اللاهوت والناسوت، رحلتا الشتاء والصيف، الجنة والنار، الصدر والعجز، وسواها من ثنائيات أوجدتها أرض منبسطة لا تقطعات أو تداخلات فيها، تواجه سماء واضحة تتجلى فيها الشمس نهاراً ويسطع فيها القمر ليلاً•
ب - هذا العمود يدل على أن مجتمعه ضيق محدود، يجتمع جل ناسه دائماً في محفل أو ندوة أو سوق يتبادلون منافع الحياة ومصالحها المباشرة، ويتناقلون الشعر والأخبار والروايات•
ج - هذا العمود يدل على التراص الأفقي، الذي لا تقاطعات رأسية فيه، حيث كل بيت شعري وحدة مستقلة لا تتجادل مع غيرها إلا في النادر، بل تتراصف في تجاور لا تداخل فيه ولهذا فهو مجتمع ذو بنية تجزيئية وتشييئية لا تربطه سوى علامات خارجية (شبيهة بوحدة القافية في كل القصيدة، مع انعزال كل بيت بذاته عن سواه)•
د - هذا العمود يدل على أن مجتمعه ذو حضارة شفهية• إذ هم مجتمعون في السوق، يقدم فيه الشاعر قصيدته إلى جمع الحاضرين، ولذا تكثر فيها الظواهر الخطابية والسماعية، والنداءات إلى الصحب والمخاطبين (بخاصة الخليلين) وتنتشر فيه حالات البدء بألفاظ شد انتباه المستمعين وصيغ لفت الحاضرين، قبل الدخول في صلب الكلام (ألا يا أيها، الا يا ليت شعري، لعمري•••)•
هـ - هذا العمود يدل على أن المعرفة في المجتمع الذي نشأ فيه معرفة فوقية، يلقيها الشاعر (الواحد) على المتلقين (المجموع) مقفلة نهائية• مجتمع سيادي لا حوار فيه، المجتمع إذاً هو مجتمع التلقي والتلقين، لا المشاركة والتعدد•
و- هذا العمود يعني أن الزمن عند مجتمعه كان زمناً بطيئاً متطاولاً متكرراً عرضياً، تتوالي وحداتة من غير أن تتصاعد، وهو لذلك مجتمع الثبات والنمط والنمذجة والوصف الخارجي•
ز - على أن أخطر ما يدل عليه هذا العمود هو أن المجتمع الذي جسده مجتمع "يقدس" الشكل وينطلق من أولية الإطار على ما في داخل ذلك الشكل أو هذا الإطار من محتوى أو مضمون• إن هذا المجتمع هو التجسيد الاجتماعي العملي لصندوق "بروكست" في الأسطورة اليونانية القديمة، حيث يوضع الجسد في الصندوق، فإذا جاء أصغر من حجم الصندوق مطّوا أطراف الجسد مطاً ليصل إلى حجم الصندوق وإذا جاء الجسد أكبر من حجم الصندوق قطعوا ليصبح بحجم الصندوق• وهكذا دواليك• لا أهمية للجسد نفسه، المهم هو الصندوق• ولنكيف الجسد على مقاس الصندوق• وهذا ما يقوله العمود الشعري التقليدي: إذا جاء المعنى أقصر من البيت، مططناه وحشوناه حتى نبلغ تمام عدد تفعيلات البيت الثابتة وقافيته وإذا طال المعنى وزاد عن المساحة الحجمية للبيت بترنا المعنى بتراً•
الصندوق هو الأصل: لا توجه إلى تعديل الإطار إذا تعارض مع الجسد، وإنما التوجه هو تعديل الجسد (بتقطيع أوصاله أو بتفسخها) ليبقى الشكل متعالياً سابقاً خالداً•
هذا العمود، اذاً - بالتعبير الفكري - هو تجسيد لأسبقية الصورة على المادة، وهو بالتالي عمود يعبر عن عقل مثالي•
هل يستقيم، بعد ذلك، أن نصب رؤانا الجديدة في هذا الإطار القديم؟ هل يمكن أن نقول التغير بالجمود، أو نقول التعدد بالنمط، أو نقول الجدل بالثنائية، أو نقول الثورة بالقيود؟
(نقلاً عن الحياة 2005/02/1)
و للموضوع بقية








 
رد مع اقتباس
قديم 28-10-2007, 03:01 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
خالد جوده
أقلامي
 
إحصائية العضو






خالد جوده غير متصل


افتراضي رد: قصيدة النثر في عيون مبدعيها و عيون الاخر( مدخلات و وجهات نظر )

الموضوع قيم بالفعل ، ونحترم ما بذل فيه من جهد ضخم ، ورؤية تحليلية مستفيضة وننتظر البقية







 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إشكاليات التمييز بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة لدى الأدباء الشباب: نماذج وطروحات إباء اسماعيل منتدى الأدب العام والنقاشات وروائع المنقول 187 13-11-2011 02:00 AM
ولادة تفكك فلسفي جديد في لغة الشعر دراسة نقدية رحاب حسين الصائغ منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 1 18-08-2007 01:22 PM
الشعر العربي المعاصر .....دعوه للحوار عيسى عدوي منتــدى الشــعر الفصيح الموزون 58 10-04-2007 11:52 PM
هل أفتح النافذة ؟! عبدالجواد خفاجى منتـدى الشعـر المنثور 6 01-04-2007 10:44 PM
الشاعرة السورية إباء إسماعيل في حوار مفتوح مع أقلام د.سامر سكيك منتدى الحوارات مع المبدعين الأقلاميين 144 12-10-2006 05:31 PM

الساعة الآن 07:34 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط