الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-2009, 11:48 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

ابن قرناس

مسيحية بولس وقسطنطين

منشورات دار الجمل

بسم الله الرحمن الرحيم

لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة:73]


الفهرس

الفهرس 5
مدخل إلى المسيحية 7
يسوع ابن يوسف النجار 15
عيسى ويسوع إسمان مختلفان 17
البحث عن يسوع 19
مخطوطات نجع حمادي 23
كتاب فيليبس 24
كتاب مريم 26
كتاب توماس 27
مخطوطات البحر الميت 28
المؤرخون لم يسمعوا بيسوع 28
شهادة الكتاب المقدس 31
كتاب مرقس 36
كتاب يوحنا 37
كتاب متى 40
شهادة القرآن الحكيم 114
أم عيسى في القرآن 116
أم يسوع في كتب المسيحيين 119
نسب عيسى 121
نسب يسوع 122
حمل وولادة عيسى في القرآن 122
حمل وولادة يسوع في الكتاب المقدس 126
معجزات عيسى 130
معجزات يسوع 130
عيسى رسول برسالة 131
يسوع لا رسول ولا رسالة 133
من هو المسيح 133
صلب يسوع 135
وبقي لدينا دليل آخر لايقل أهمية عما سبق.سورة آل عمران 137
سورة آل عمران 138
مرحلة بولس 142
حنانيا سبب تحول بولس 145
خطة حنانيا 150
مرحلة قسطنطين 160
أهم المناسبات الدينية والأعياد المسيحية وكيف نشأت 166
عيد الميلاد (الكريسماس) 168
سانتا كلوس 169
شجرِة الميلاد 172
قيام يسوع 172
الأطوار التي مرت بها المسيحية عبر المجامع الكنسية 176
المحصلة النهائية 182
المصادر والمراجع 186

.................................................. ...............

سبق وقدمنا للأخ المحترم الباحث ابن قرناس :
كتابه القيّم ( سنّة الآولين ) في بعض المنتديات .
واليوم تفضل الأخ ابن قرناس , بإرسال نسخة من كتابه الجديد ( مسيحية بولس وقسطنطين ) , متمنيا عدم النشر الحرفي للكتاب والاكتفاء بتقديم ملخص لعناوينه واختيار فصل ونشره كاملا حسب ما نختاره ويساهم في توضيح فكرة الكتاب .

والأخ المحترم ابن قرناس , لا يرغب بنشر الكتاب بحرفيته , ليس قبل نشره وتعميمه , بحيث يمكن للقارئ الكريم , العودة الى النص الموثق والمنشور , خوفا من أي تلاعب في النصوص في النت .

ولأن كتابه السابق ( سنّة الآولين ) , كان يعتمد على مرجع شديد الأهمية للدكتور كمال الصليبي ( التوراة جاءت من جزيرة العرب ) , في بعض الفصول , وكنّا قد قدمنا ذلك الكتاب قبل تقديم كتاب ( سنّة الآولين ) , مما ساهم في سهولة تقبّل الفكرة وبقية الأفكار التي حطمت الكثير من المقدس التراثي البشري , وأعادت تقديم (( أبجدية جديدة )) لكتابة التراث الإسلامي , تماما كما سمح كتاب ( التوراة جاءت من جزيرة العرب ) , للباحثين والمهتمين , من العودة الى جغرافية التوراة , والنصوص والتراث اليهودي الديني_الإنساني بكامله , لقراءته وكتابته (( بأبجدية جغرافية لغوية )) جديدة وأكثر دقّة بكثير , بما لا يقبل المقارنة عمليا .


الشايب

21/5/2008






 
رد مع اقتباس
قديم 29-01-2009, 11:49 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

مدخل إلى المسيحية
"كيف بدأت وكيف أضحت"

كانت الدولة التي أسسها داوود أول مملكة مستقلة للإسرائيليين ، والتي ورثها عنه ابنه سليمان، وبعد سليمان حدثت حروب أهلية وانقسامات داخلية، واجتياحات أجنبية. وفي العام (586) قبل الميلاد قضى الملك البابلي نبوخذ نصر على مملكة يهوذا، واستاق آلاف الإسرائيليين إلى بابل كعبيد.
ومنذ ذلك الحين عاش الإسرائيليون وبقية اليهود تحت حكم الغير، مشتتين في بقاع الأرض. فتولدت لديهم أحلام بظهور شخص من بينهم يقيم لهم مملكة مستقلة ويخلصهم من الحكم الأجنبي.
"وقد جرت العادة، كما يقول الصليبي *، لدى بني إسرائيل منذ بداية المُلك عندهم بأن يكرس كل واحد من ملوكهم (نفسه) لخدمة الله عند تبوئه العرش عن طريق مسح رأسه بالدهن، بحيث يصبح مسيحاً للرب. ولذلك أصبح لقب "المسيح" يطلق على ملوك إسرائيل، وخاصة ملوك يهوذا من سلالة داوود. وبعد زوال مملكة يهوذا، أصبح كل واحد من المطالبين بعرش داوود، في نظر أتباعه على الأقل، مسيحاً منتظراَ تعقد حوله الآمال لإحياء المُلك الإسرائيلي الضائع. (البحث عن يسوع: ص 18)
وفيما بين عامي 28 – 30 ميلادية، قدم لفلسطين رجل يهودي اسمه يسوع ابن يوسف من سلالة النبي داوود، وبرفقته إخوته الأربعة، وأمه وخالته وعدد من أقاربه ومعارفه، كمسيح منتظر يهدف إلى إقامة دولة مستقلة تعيد مجد مملكة داوود البائدة، ويجتمع تحتها اليهود من نسل إسرائيلي، دون بقية من اعتنق اليهودية من غير الإسرائيليين. وكان اختياره لفلسطين لأنه يعيش فيها أكبر جالية إسرائيلية في العالم في ذلك الوقت.
ومنذ وصوله لفلسطين شرع بجمع المؤيدين لحملته، وبدأ يطوف القرى والمدن يدعوهم للانضمام إليه ويعدهم بمملكة مستقلة عن الحكم الروماني. وقد لاقت دعوته رواجاَ عند بعض الإسرائيليين البسطاء أملاً في أوضاع أفضل من أوضاعهم المعيشية التي كانوا عليها تحت الحكم الروماني، إلا أن كهنة ورجال دين اليهود من نسل غير إسرائيلي كان لهم رأي مخالف. لأنهم لا يريدون أن يتولى عليهم ملك إسرائيلي أولاً، ولأنهم كانوا مستفيدين من وجود الحكم الروماني في فلسطين ويديرون معبد أورشليم، ثانياً. فوقفوا ضد دعوة يسوع، وحاربوا حملته التحررية، وتتبعوا حركاته حتى استطاعوا القبض عليه في الليلة التي قرر فيها إعلان الثورة وقتل الحاكم الروماني في أورشليم. واقتيد للمثول أمام رئيس كهنة اليهود في أورشليم للمحاكمة على أساس ادعائه بأنه المسيح الداوودي المنتظر. ثم سلم إلى السلطات الرومانية للحكم عليه بالموت بتهمة التخطيط لثورة على الحكم الروماني في البلاد، مما جعل الحاكم بيلاطس يصادق على الحكم ويأمر بتنفيذه صلباَ.
وكان بالإمكان أن يغفوا الزمن على ما حدث ليسوع ويتناسى التاريخ ما صاحب وجوده من أحداث، وإن رويت فستروى باقتضاب عن رجل غير معروف قدم لفلسطين بحثاَ عن استعادة ملك إسرائيلي ولكنه قبض عليه وقتل، لولا أن إخوة يسوع وأتباعه المخلصين قد استمروا في اجتماعاتهم ونشر دعوتهم بسرية على أمل أن تحين لهم الفرصة يوماً ويتمكنوا من تأسيس مملكتهم المنتظرة، عندما تتغير الظروف في فلسطين.
واستمرت السلطات تطارد أتباع تلك الحركة وتلقي القبض على المنتمين إليها. وبعد سنوات من موت يسوع، ظهر شخص يدعى شاؤول، كأشد المتحمسين اليهود للدفاع عن مبادئ الكهنة والفريسيين، والمؤيدين لبقاء الحكم الروماني في فلسطين. فأسرف في محاربة أتباع حركة يسوع، عن طريق ملاحقة كل من ينتمي إلى تجمعهم، وقتلهم أو زجهم بالسجن، ومع ذلك بقيت الحركة.
وبناءً على مشورة من رجل يهودي آخر في دمشق واسمه (حنّانيا) **، تغير موقف ذاك اليهودي المتحمس "شاؤول" من استخدام القوة والعنف ضد حركة أتباع يسوع وإخوته، إلى انتهاج تكتيك مختلف تماماً، ولكنه فعّال في القضاء عليها.
وتمثل التكتيك الجديد بنشر اعتقاد يقول بأن يسوع لم يكن يسعى لتأسيس ملك أرضي، بل جاء لهذا العالم بصورة مخالفة لأي صورة بشرية، لأنه ليس من البشر، ويحمل رسالة خاصة وفريدة، تتمثل بالموت على الصليب ليفتدي ذنوب البشر. فهو مسيح لم يأت ليخلص الإسرائيليين من حكم الرومان، ولكن ليخلص كل الناس من ذنوبهم، ويضمن لهم مملكة سماوية دائمة في الحياة الأخرى.
وقد حارب أتباع وإخوة يسوع أفكار شاؤول - الذي غير اسمه إلى بول "بولس" - بكل ما استطاعوا من قوة. ولكن قوتهم كانت ضعيفة بحيث لم تؤثر على مسار دعوة بولس ولم تمنعها من الانتشار. لأن بولس كان يخدم الرومان، لو اقتنع الناس بمبادئه التي تحبذ البقاء تحت حكمهم. بينما كان إخوة يسوع ومؤيدوهم يعتبرون من المعارضين السياسيين، الذين يعملون بالخفاء ويتبعون حركة تحررية محظورة.
وهكذا ولدت المسيحية لغرض القضاء النهائي على مطالبة الإسرائيليين بحكم اليهود، ولكنها تطورت وانتشرت بصورة أكبر مما رسمه لها المبشر بها - بول نفسه - وأستاذه حنّانيا.
وكان يمكن ألا يكتب للديانة المسيحية التي بشر بها بولس البقاء لولا أن الحاكم الروماني، قسطنطين، قد اعتنقها في أوائل القرن الرابع، وعمل على نشرها في أوروبا والشرق الأوسط بالقوة التي كانت تتمتع بها روما في ذلك الزمن، بعد أن أغناها بمناسبات وأعياد دينية متبناة من الوثنيات الأوروبية. كما أقرت المجامع الكنسية في عهده ما سمي بقانون الإيمان المسيحي الذي يؤكد على أن يسوع ابن لله، وإله. واستمرت هذه العقيدة بالتطور عبر السنين، فتعددت فرقها ومذاهبها مثل اي عقيدة أخرى، ولم يعد يذكر الناس كيف نشأت أو لماذا.
وهكذا ولد بعد يسوع دين إسمه المسيحية، لها أسس تقوم عليها ومنها:
1. الإيمان بأن هناك ثلاثة آلهة هم الأب ويسوع الابن والروح القدس، كما جاء في كتاب متى: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس."(28: 19)
2. وأن يسوع، الإبن الوحيد للأب، قد قتل على الصليب لكي يفتدي ذنوب البشر بدمه، كما جاء في كتاب يوحنا: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلّص به العالم." (3: 16 – 17)
وإذا ما آمن المرء بهاتين العقيدتين فهو مسيحي ولو اقترف كل الموبقات، كما يقول يوحنا: "الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد أدين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد."(3: 18)
3. وأن يسوع قد بعث من الموت بعد أن صلب، وأنه ارتفع للسماء وهو حي يرزق الآن ويجلس على يمين الرب (الأب).
إضافة لمعتقدات أخرى ومناسبات وأعياد وثنية الأصل، مثل: صلاة الأحد وعيد الكريسماس وشجرة الميلاد وسانتا كلوس، والإيستر وغيرها.
وغالبية المسلمون يوافقون المسيحيين حول المسيحية في نقاط كثيرة، منها:
• أن المسيحية دين سماوي، ولكنه بدل وغير وحرف، ظناً منهم أنها ديانة أتباع عيسى الذين ذكروا في القرآن.
• أن كتب المسيحيين هي الإنجيل الذي ذكر في القرآن الكريم ولكن رجال دينهم، غيروا آياته وبدلوها وحرفوها حتى بدت بهذه الصورة التي عليها الآن.
• أن يسوع هو عيسى، والاختلاف في اللفظ هو اختلاف تهجئة خاطئة، وبالتالي فيسوع هو المسيح.
• أن المسيح ولد من عذراء، كما ورد في القرآن:
• فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً [مريم : 17]
• والمفسرون يظنون أن المقصود بالروح في الآية هو الروح القدس، كما يقول المسيحيون، وهو المسئول عن الحمل.
• أن المسيح رفع إلى السماء بجسده، لأن المفسرين يظنون أن عيسى ابن مريم لم يمت ولكنه رفع للسماء، وهو حي يرزق الآن وسيعود للأرض يوما ما. مع أن القرآن يؤكد موته:
• إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [آل عمران : 55]
• وأن رفعه كان بعد موته، أي أن روحه رفعت لبارئها مثل غيره من البشر، ولن يعود للحياة إلا يوم القيامة.
وهذه المفاهيم ترسخت لدى المسلمين، ولذلك فالمسلم عندما يجادله المسيحيون يحاول أن يقنعهم أنه يؤمن بالمسيح مثلهم، ولكن إسمه عيسى وليس يسوع، وأنه ولد من عذراء، ولكنه بشر ورسول لله، وليس إبناً لله، كما يظنون. وأن دين المسيح الحقيقي قد بدل وحرف. وأنه لم يقتل على الصليب ولكن الذي صلب هو شخص آخر، لأن القرآن يقول عن عيسى:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً [النساء : 157]
فهل المسيحية هي فعلاً امتداد لديانة أتباع عيسى ابن مريم؟
وهل عيسى هو يسوع؟
أم أن هذا الكتاب سيجلي، بالبراهين والأدلة، حقائق كثيرة مغيبة تخالف ما عرفه الناس وتوارثوه عن هذه الديانة طوال قرون مضت، وتنفي نفياً قاطعاً أن يكون لها علاقة بديانة عيسى ابن مريم، أو أن يكون ليسوع أي صفة إلوهية، أو صلة بعيسى، لا في المكان ولا في الزمان ولا في الرسالة. بدءاً بالتأكيد على أن عيسى ويسوع اسمان لا علاقة لأحدهما بالآخر، ثم التعرف على شخصية يسوع الفعلية، مستعينين بدراسة متعمقة في نصوص الكتاب المقدس، قام بها الدكتور كمال الصليبي.
يلي ذلك استعراض لبعض ما احتفظ به التاريخ لنا عن أن يسوع كان متزوجاً من مريم المجدلية، وكشفته لفائف مخطوطات أثرية تم العثور عليها في نجع حمادي.
ثم بيان أن مخطوطات البحر الميت التي تتحدث عن العصر الذي عاش فيه يسوع، لم تأت على ذكره أو ذكر حركته، ومثلها تجاهل المؤرخون الذين عاصروا تلك الفترة ذكر يسوع.
وفي القسم الثاني نتوقف عند شهادات من كتاب المسيحيين المقدس. حيث يؤكد لنا مرقس في الشهادة الأولى زواج يسوع، عندما يصف لنا ما حدث في حفل العرس. والشهادة الثانية يقدمها لنا كتاب يوحنا الذي يؤكد أن لغة يسوع الأم ليست مفهومة في فلسطين، مما يعني أنه غريب على فلسطين، ويؤكد أنه قدم لها يافعاً بهدف الثورة على الحكم الروماني. ثم نستعرض كتاب متى لنكتشف كامل الحقيقة عن يسوع. وأنه لم يكن عيسى رسول الله، ولم يولد من عذراء، بل قدم لفلسطين طالباً لملك، ولكن اليهود من غير بني إسرائيل قبضوا عليه وسلموه للسلطات وحوكم بتهمة التخطيط للثورة على الحكم، وحكم عليه بالقتل صلباً، ومات.
وفي القسم الثالث من الكتاب سنستمع لشهادة القرآن الكريم في عيسى ابن مريم، ومقارنة ذلك بما ذكره الكتاب المقدس عن يسوع، لنؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن عيسى لا علاقة له بيسوع، لا في المكان ولا في الزمان ولا في المعتقد.
وفي القسم الرابع سنتبين كيف ولدت فكرة عقيدة ما سمي بالمسيحية: دوافعها وأهدافها، ومن ابتدعها، ومن قام بنشرها.
وفي القسم الخامس سيكون الحديث عن المسيحية بعد أن اعتنقها الإمبراطور الروماني، قسطنطين، وقيامه بالقضاء على أي صورة أخرى ليسوع غير تلك التي رسمتها له روما.
والقسم السادس يتطرق لأهم المناسبات والأعياد الدينية ويتعرف على أصولها الوثنية.
والقسم السابع يتحدث عن تطور المسيحية بعد قسطنطين، من خلال استعراض سريع لأهم ما تمخضت عنه المجامع الكنسية التي استمرت تعقد عبر القرون، من قرارات وتشريعات أضيفت لهذه العقيدة.
قبل أن نورد خاتمة الكتاب التي تظهر استنتاجاتنا العامة باختصار.

الشايب

..

* _ كمال الصليبي، دكتور التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت، والمختص بدراسة الكتاب المقدس، ومن كتبه في هذا المجال: التوراة جاءت من جزيرة العرب، خفايا التوراة، أسرار شعب بني إسرائيل، حروب داوود، والبحث عن يسوع. إضافة إلى كتاب آخر باللغة الإنجليزية بعنوان: The Historicity of Biblical Israel

** _ لقد توصلنا لهذه الحقيقة بعد تدبر لنصوص الكتاب المقدس، ولم نستعن بآراء غيرنا، لأنه لم يسبق – على حد علمنا - أن قال أحد من المختصين بدراسة الكتاب المقدس أو غيرهم، أن حنّانيا هو الملهم لبولس، بل الكل يظن أن بولس هو من ابتدع فكرة المسيحية من عند نفسه، ولكننا نعتقد أن بولس شخص مندفع لا يعتمد على إعمال الفكر بقدر ما يعتمد على تنفيذ ما يقتنع به من آراء يسمعها من الغير، وكما أنه إقتنع بخطورة أتباع حركة يسوع على الحكم الروماني، فقد لاحقهم بضراوة تقتيلا وسجناً. ولما فطن حنانيا أن هذا الأسلوب لم يقضي على الحركة، اقتنع بضرورة هدم مبادئها من الداخل، وذلك بنسبة مبادئ أخرى لها ونشرها بين الناس ليصدقوها عوضاً عن المبادئ الحقيقية، واستغل حماس واندفاع بولس لنشر تلك المبادئ، كما سنرى في القسم الرابع، ويكون بولس أداة فقط استخدمها حنّانيا لتنفيذ خطته الرامية للقضاء على الحركة الإستقلالية لأتباع يسوع. وقد نجح.

...............................







 
رد مع اقتباس
قديم 29-01-2009, 11:55 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

ـــــ 1 ـــــ
يسوع ابن يوسف النجار
"أراد الملك فتحول إلى إله"

في هذا القسم
• عيسى ويسوع اسمان مختلفان وليسا إسما واحداً اختلفت تهجئته.
• يسوع قدم لفلسطين وهو رجل يافع برفقة أمه وإخوته وبعض أقاربه، بهدف الثورة على الحكم الروماني وإقامة دولة لبني إسرائيل مستقلة، ولم يكن نبياً أو رجل دين.
• رجال الدين اليهود في أورشليم، لم يكونوا من نسل إسرائيلي، ولذلك لم يرغبوا في العيش تحت حكم يسوع الإسرائيلي، كما أنهم متنفعين من وجود الحكم الروماني، لذا فقد ترصدوا حركات يسوع حتى أوقعوا به قبل أن ينفذ ثورته، وقدموه للمحاكمة بتهمة محاولة قلب الحكم، وطالبوا بإعدامه، وقد تم لهم ذلك.
• مخطوطات نجع حمادي تؤكد زواج يسوع.
• مخطوطات البحر الميت والمؤرخين المعاصرين ليسوع لم يأتوا على ذكره، لأن حركته كانت غير مؤثرة.




قبل أن نتعرف على شخص يسوع، نود أن نذكر هنا حقيقة أن عيسى اسم يهودي ويسوع إسم يهودي آخر، وليسا إسماً واحداً كما يظن غالبية المسلمين، الذين يقولون أن منادة المسيحيين له بيسوع ناتج عن إختلاف النطق بين العربية والعبرية أو الآرامية.
عيسى ويسوع إسمان مختلفان
لو قرأنا الكتاب المقدس بتمعن لوجدنا أن عيسى ويسوع إسمان يهوديان معروفان، وقد ورد كلا الإسمين في الكتاب المقدس لليهود، والمسمى "كتب العهد القديم".
ومن ذلك، أن إسحاق ابن ابراهيم أول ما رزق باولاد كانا ولدين توأم، سمي الأول منهما عيسو (عيسى) والآخر يعقوب، وهذا نص ما جاء في الكتاب المقدس: فخرج الأول أحمر كله كفروة شعر فدعوا إسمه عيسو. وبعد ذلك خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب.(التكوين: 25:25 – 26).
وعيسو هو عيسى، وكلما هنالك أن عيسو كُتب حسب نطق بني إسرائيل له، حيث كانوا ينطقون الألف المقصورة بما يشبه الواو. ونطق المد أو الألف المقصورة بصوت مشابه لنطق الواو، ينتشر بين أهالي بعض مناطق الجزيرة العربية حتى اليوم، فينطقون الصلاة، مثلاً، بصوت قريب من الصلوة.
وعلاقة اسم عيسى باسم يسوع كالعلاقة بين إسمي مالك وكمال في اللغة العربية، فكلاهما له نفس عدد الحروف ونوعها، ولو أخذ حرف الكاف من آخر إسم مالك ونقل إلى أول الإسم لتحول إلى كمال، تماماً كما لو نقل حرف العين من آخر إسم يسوع إلى أول الإسم فسيتحول إلى عيسو (عيسى) ولكن هذا لا يجعل الإسمين إسماً واحداً.
وقد كتب إسم عيسى (عيسو) في النسخ الإنجليزية من الكتاب المقدس بهذا الشكل (Esau)، ومن ذلك ما ورد في ((Genesis:25:25 بينما يكتب إسم يسوع بهذا الشكل (Jesus).
هذه أول الحقائق أن عيسى لا علاقة له بيسوع.
فمن هو يسوع؟


البحث عن يسوع
لعل أفضل كاتب مسيحي يستطيع تعريفنا بشخص يسوع باللغة العربية هو الدكتور كمال الصليبي، أحد أشهر المختصين بدراسة التاريخ القديم واللغات السامية الذي ألف عدة كتب تناولت الكتاب المقدس وأحدثت ردود فعل عالمية لا زال صداها يتردد، ومن هذه الكتب "البحث عن يسوع" الذي يناقش حقيقة يسوع من واقع نصوص الكتاب المقدس.
وإليكم بعض ما اقتبسناه من ذلك الكتاب:
• يقول الصليبي في الصفحة (48): "أنه ليس في الكتب الأربعة الرئيسية من كتاب المسيحيين المقدس ما يفيد بأن يسوع رجل دين أو مشرع أو رسول: " وليس في (الكتب) الأربعة أي ذكر لطقوس أو مراسم (دينية) معينة كان يسوع يقوم بها كرجل دين. بل إن يوحنا يؤكد على أن يسوع لم يكن يعمّد أتباعه بالماء، مثلاَ، كما صار يفعل تلاميذه من بعده (يوحنا:2:4) وفي ذلك ما يشير إلى أن يسوع لم يكن يسعى إلى إيجاد ديانة خاصة به، بل إن من جاء بعده وعلى رأسهم بولس هم الذين فعلوا ذلك في وقت لاحق."
• في الصفحة الخمسين من الكتاب، أورد المؤلف ما يفيد بأن كتاب متى يقول بأن يسوع ولد في بيت لحم، فقط لكي يتوافق مع نبؤة في سفر ميخا (2:5) تقول بأن المسيح المنتظر سيولد في بيت لحم، ولذلك فإن كتاب يوحنا يناقض متى مفيداً: " بأن من الإسرائيليين من لم يعترف بكون يسوع هو المسيح المنتظر لأنه لم يأت من بيت لحم أرض يهوذا حسب نبؤة ميخا، بل كان مجيئه من " الجليل" (يوحنا:41:7-42).
• ويكون مكان وتاريخ مولد يسوع غير معروف لكل كتبة الكتاب المقدس المسيحي، وهذا ما قد يعني أنه ولد خارج فلسطين، وهو ما سنتأكد منه لاحقاً.
• يوصف يسوع في كل الكتب الأربعة الرئيسية من الكتب المسيحية المقدسة بأنه ناصري، والناصرة في فلسطين لم يكن لها وجود قبل القرن الثالث بعد الميلاد، كما يؤكد ذلك الصليبي فيما كتبه في الفصل الرابع " يسوع الناصري" بقوله: " ولد يسوع المعروف بالنجار أو ابن النجار(بالآرامية " بر نجارا) والملقب "الناصري" في مكان ما خارج أرض اليهودية " بفلسطين" وهو وادي جليل بمنطقة الطائف من الحجاز وكان والده يوسف يعتبر في دياره سليلاَ لزربابل ابن شألتيئيل (أول من تسمى بالمسيح في بابل) ومن ثم (أصبح) صاحب الحق في المطالبة بعرش داوود. ولابد أن يوسف كان على جانب من الثراء، نظراً لرفعة مكانته ."
• ويستمر الصليبي يقول: " ولد له بعد يسوع أربعة بنين هم: يعقوب، سمعان، يوسي، ويهوذا، عدا البنات. وعند وفاته، إنتقل حق المطالبة بعرش إسرائيل إلى بكره يسوع. ويسوع آنذاك في بداية شبابه، علماَ بأنه لم يكن قد تزوج بعد.
وكانت الظروف للمطالبة بعرش إسرائيل تبدوا مؤاتية في حينه بسبب وجود كيان يهودي قائم في فلسطين يحكمه ملوك أو أشباه ملوك من الأسرة الهيرودية غير الإسرائيلية الأصل. ومن اليهود في فلسطين، ومن هؤلاء كبار الفريسيين، من كان متنفعاً من هؤلاء الهيروديين ومتعاوناَ معهم. ومنهم من كان متحفظاً تجاههم نظراَ إلى مسألة أصلهم، أو ناقماَ عليهم بسبب مصانعتهم للرومان وميلهم إلى التكيف مع الحضارة غير اليهودية، وعلى رأس هؤلاء أنصار بيت داوود الآملين بعودة عرش إسرائيل إلى أصحابه الشرعيين. وكان في ذلك، من دون شك، ما شجع يسوع على اعلان نفسه مطالباً بعرش إسرائيل فور وفاة والده. فأخذ يجمع حوله الأنصار لهذه الغاية وإخوته يدعمونه في مسعاه."
• ويقول: " ولعل يسوع كان يأمل في البداية بأن يعترف به ملكاَ على إسرائيل حيث هو (أي في موطنه الأصلي). لكن إخوته أشاروا عليه بغير ذلك، مصرين عليه بأن يذهب إلى "اليهودية" التي بفلسطين ويعلن عن نفسه وريثاَ شرعياَ لعرش داوود هناك. وما لبث يسوع أن اقتنع بذلك، فخرج من دياره في العام 28 أو 29 ميلادي قاصداَ فلسطين، مصطحباَ معه بعض الأنصار، وحاملاَ ما كان قد ورثه من مال عن أبيه لينفق على مسعاه."
ويكون يسوع قد حضر لفلسطين وهو رجل في مقتبل العمر بهدف واضح هو أن يصبح ملكاً على اليهود الإسرائيليين. لذا فمكان ميلاده لم يكن معروفاً لمؤلفي كتب المسيحيين المقدسة عندما كتبوها.
وخلاصة ما توصل إليه الصليبي حول شخصية يسوع الحقيقية ذكرها في آخر فصل من الكتاب ويحمل عنوان " الواقع والصورة" والذي يقول فيه:
• أما بالنسبة ليسوع، فالذي تبين لنا عنه بوضوح هو الآتي:
كان يسوع ابن يوسف النجار المعروف بالناصري أميراً من بيت داوود، اقتدى بجد له اسمه زربابل، فحاول الوصول إلى الملك على إسرائيل، منفقاَ على مسعاه ما كان قد ورثه عن أبيه من مال. ومن الإسرائيليين في زمانه، من غير اليهود، من كان لا يزال ينتظر ظهور " مسيح" من بيت داوود يعيد الملك إلى الشعب الإسرائيلي في شتاته، فاعترف بيسوع على كونه ذلك المسيح، وهب لنصرته. لكن مطالبة يسوع بعرش إسرائيل – وهي التي حدثت في " اليهودية" بفلسطين في زمن الرومان – اصطدمت بمقاومة شديدة من المؤسسة الكهنوتية اليهودية، وهي المؤسسة ذاتها التي سبق لها أن تصدت لمسعى جد يسوع زربابل إلى الملك على إسرائيل قبل خمسة قرون تقريباَ، فأفشلته بطريقة أو بأخرى.
• وحاول الكهنوت اليهودي أن يردع يسوع عن مسعاه في البداية عن طريق التهديد والوعيد، فلم يرتدع. وكانت نهاية الأمر أن قبض عليه، واقتيد أمام رئيس كهنة اليهود في أورشليم للمحاكمة على أساس ادعائه بأنه المسيح الداوودي المنتظر، وليس على أي اساس آخر. فحكم عليه بالموت، ثم سلم إلى السلطات الرومانية لتنفيذ هذا الحكم عليه صلباَ، وقد تم تنفيذ الصلب بيسوع فعلاً.

وفيما يلي شهادات تاريخية تؤكد أن يسوع قد تزوج بامرأة من البشر، وهو ما ينفي عنه صفة الألوهية التي يقول بها قانون الإيمان المسيحي، ويؤكد إنسانيته. وإذا كان يسوع إنسان فإن كل العقيدة المسيحية ستنهار، لأن ألوهيته الأساس الذي تعتمد عليه هذه الديانة.

..

_ يمكن تنزيل نسخة مجانية للكتاب المقدس من الإنترنت
And the first came out red, all over like a hairy garment; and they called his name Esau. (Genesis:25:25)
_ أحد كتب العهد القديم، أو كتب اليهود المقدسة
_ ص 128 البحث عن يسوع

.................................................. .............................

قد يكون من اللافضل ان نتجه الى تقديم تلخيص لكتاب الدكتور الصليبي اولا ..


يتبع ..







 
رد مع اقتباس
قديم 30-01-2009, 10:57 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

التواريخ في معظمها تقريبية وضعناها في جدول مستقل لسهولة العودة إليها وتتتبع تطور وتتالي الأحداث .
.............................
1005 ق.م , الملك داود يؤسس مملكة يهوذا .
........... , الملك داود يؤسس مملكة كل إسرائيل , ويورثها لابنه سليمان .
........... , بعد وفاة سليمان تنقسم المملكة إلى مملكة يهوذا , ومملكة إسرائيل .
721 ق.م , السبي البابلي الأول والقضاء على مملكة إسرائيل .
624 ق.م , العثور على سفر الشريعة في الهيكل .
597 ق.م , ثاني سبي بابلي لمملكة يهوذا .
586 ق.م , قضاء البابليين على مملكة يهوذا وسبي ملوكها .
560 ق.م , العفو عن "ملك" اليهود في بابل , وبقائهم فيها .
........... , قضاء الفرس على مملكة بابل , والطلب إلى "اليهود" العودة إلى مملكة يهوذا وبناء الهيكل من جديد .
520 ق.م , "ملك" اليهود يعينه الفرس "واليا" على يهوذا .
515 ق.م , الانتهاء من بناء الهيكل الثاني في يهوذا , واختفى ذكر "ملك يهوذا" من النصوص .
300 ق.م , اليهود يتفقون على نص نهائي للكتاب المقدس ويوافقون جميعا عليه .

..

البحث عن يسوع

كمال الصليبي

الطبعة العربية الأولى , 1999

دار الشروق للنشر والتوزيع

.................................................. .....

مدخل

يمثّل هذا الكتاب محاولة للوقوف على الحقيقة التاريخية بشأن يسوع الناصري المعروف بالمسيح , وذلك عن طريق قراءة دقيقة لما تقوله النصوص المقدسة لدى المسيحيين بشأنه .
وقد درج علماء "الكتاب المقدس" بين المسيحيين على القراءة النقدية لهذه النصوص منذ أكثر من قرنين . ومن هؤلاء من كان من رجال الدين البارزين . وكانت الكنائس المسيحية في البداية تعارض وبشدّة هذا "النقد الكتابي" (كما يسمّى) . لكن الكبرى منها ما لبثت أن أقرّت بشرعيته , نظرا لاستحالة العكس , فوجدت طريقها للتعايش معه . ومن ذلك الفصل في بعض الكنائس البروتستانتية بين ما يسمى "مسيح التاريخ" و "مسيح الإيمان".

وليس في هذا الكتاب من جديد من حيث الأسلوب الذي يتبعه في "النقد الكتابي" إنّما الجديد فيه هو الأطروحة العامّة التي يتقدم بها , وهي التي تذهب إلى أبعد من الآراء المألوفة بشان يسوع الناصري كشخصية من التاريخ , وبشان الظروف المحيطة بسيرته وما لهذه النصوص من خلفيات . ومن هذه الخلفيات ما يعود إلى زمن سبي إسرائيل في بلاد بابل , أي إلى القرن السادس قبل الميلاد , إن لم يكن إلى زمن أسبق .

........................
........................

1
معلومات عامة

يتألف "الكتاب المقدس" لدى المسيحيين مما يسمونه "العهد القديم" و "العهد الجديد" :
الأول يحتوي على ما يشترك المسيحيين واليهود في تقديسه من أسفار كتبت أصلا باللغة العبرية .
والثاني يحتوي على ما يقدسه المسيحيون دون اليهود من نصوص كتبت أصلا باللغة اليونانية .
"العهد القديم" بالنسبة للمسيحيين , في المفهوم اللاهوتي , هو الميثاق الذي حدّد العلاقة الخاصّة بين الله و "شعبه المختار" الذي هو شعب إسرائيل , وذلك على عكس "العهد الجديد" وهو الذي جرى , في المفهوم اللاهوتي المسيحي , بين الله والعالم أجمع , من خلال موت يسوع المسيح على الصليب ليفتدي البشر.
أمّا "العهد الجديد" الذي هو الجزء الخاص بالمسيحيين من "الكتاب المقدس" فيتألف من أربعة أسفار تسمّى "الأناجيل" ( المفردة اليونانية تعني "الخبر الجيد" أي "البشارة" ) , يليها سفر "أعمال الرسل" ثم "الرسائل" ( ومجموعها 21 رسالة منها 13 بقلم الرسول بولس ) , وأخيرا سفر "رؤيا يوحنا اللاهوتي" الموجّه , هو أيضا , على شكل رسالة من "يوحنا إلى الكنائس السبع التي في آسيا" ( أي في بلاد الأناضول ) .
والأناجيل الأربعة من "العهد الجديد" تحمل أسماء اثنين من تلاميذ يسوع هما متّى ويوحنا , واثنين من معاوني الرسول بولس هما مرقس ولوقا . ( وسوف نفترض أن كلاّ من هؤلاء الأربعة هو الذي كتب الإنجيل المنسوب إليه تسهيلا للأمور , حتى لو لم يكن ذلك صحيحا ) .
يضاف إليه سفر "أعمال الرسل" الذي يتحدث عن أحوال تلاميذ يسوع وأفعالهم من بعده .
الواضح أن سفر "أعمال الرسل" جاء من القلم نفسه الذي صدر عنه إنجيل لوقا ....
والرأي السائد اليوم بين علماء "العهد الجديد" أن كتابة الأناجيل الأربعة ابتدأت قبل العام 70 للميلاد بقليل , وانتهت مع نهاية القرن الأول أو بداية القرن الثاني .
يجمع العلماء اليوم أيضا على كون رسائل بولس _ وهي التي جاءت من قلمه معظمها في الأقل _ هي أقدم من أيّ من الأناجيل , نظرا إلى أن بولس توفي في العام 67 م تقريبا .
......................
.......................
رسائل بولس , إذن , هي أهم المصادر التي لدينا للبحث عن حقيقة يسوع . تأتي بعدها الأناجيل الربعة , أضف إلى ذلك الإشارات العابرة إلى يسوع , أو إلى الأفراد الآخرين من أسرته , أو إلى تلاميذه , في كتابات المؤرخ اليهودي يوسيفس الذي عاصر المتأخرين من الرسل ( توفي 100 م تقريبا ) ....
....................
....................
يبقى أهم ما في الأمر , وهو أن "العهد الجديد" يبشّر بيسوع على انه "المسيح" الذي يرد التنبوء بمجيئه مخلصا لبني إسرائيل في عدد من أسفار "العهد القديم" وخاصّة في أسفار "الأنبياء" .
ومن الأناجيل ما يأتي باقتباسات من "العهد القديم" ليقيم البرهان على أن يسوع ما هو إلا هذا "المسيح" بالذات . والواقع هو أن قصة "المسيح" يسوع لا تبدأ بولادته , أو ببداية دعوته , إذ أن أصولها تعود إلى الزمن الذي كان بنو إسرائيل مسبيين فيه في بابل . ولذلك , فعلينا أن نبدأ بالبحث عن الخلفيات لقصة يسوع في بابل , مما يضطرنا إلى العودة إلى "العهد القديم" فنتفحص ما فيه من مادة بهذا الشأن .
ولا بد من الملاحظة أن البحث في الموضوع الذي نحن بصدده لا يجوز أن يعتمد على نصوص "العهد القديم" و "العهد الجديد" إلا في اللغة الأصلية , العبرية واليونانية .
.................
.................


2
البداية في بابل

قدم نبوخذ ناصر إلى بلاد يهوذا في العام 597 ق.م تقريبا , فخلع ملكها يهوياكين عن عرشه , ونصّب عمّه صدقيا مكانه ثم اقتاد يهوياكين إلى بابل ووضعه في السجن وسبى معه جميع أفراد عائلته , ومعظم أعيان مملكة يهوذا وأرباب الصناعة والمهارات فيها , بحيث لم يبقى في البلاد إلا "مساكين شعب الأرض" ..
في العام 586 ق.م تقريبا , قضى الملك نبوخذ نصر البابلي على مملكة يهوذا ( وفي يقيني أن مركزها كان في سراة عسير , إلى الجنوب من الحجاز ) , فقبض على آخر ملوكها , وهو المدعو صدقيا , وأمر بقتل جميع أبنائه أمامه . ثم قلعت عيناه , وقيّد بالسلاسل , واقتيد أسيرا إلى بابل حيث مات في ارض لا يراها , وهو عديم العقب ..
كان يهوياكين يوم اسر في الثامنة عشر من العمر . وبعد 37 عاما من أسره , أي في العام 560 ق.م تقريبا , توفي نبوخذ ناصر , فبادر خلفه أويل مردوخ إلى إخراج يهوياكين من السجن , وبالغ في إكرامه , جاعلا له مرتبا يوميا بقي يتسلمه حتى آخر حياته ..
بعد وفاة صدقيا في السجن , بقي يهوياكين وحده صاحب الحق في المطالبة بعرش يهوذا . ثم توفي يهوياكين , فصار الذكور من ذريته في بابل يتوارثون هذا الحق بكرا عن بكر , من دون أن يكون لهم منافس .
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن مؤسس مملكة يهوذا هو الملك داود : أسسها في العام 1005 ق.م تقريبا , ثم ضم إليها ما تبقى من بلاد بني إسرائيل حتى جعلها مملكة "كل إسرائيل" , وهي المملكة التي أورثها إلى ابنه سليمان ..
بعد وفاة سليمان قامت سلالات أخرى تتحكم بالأراضي الإسرائيلية التي ضمت إلى مملكة يهوذا في عهد داود , جاعلة من هذه الأراضي مملكة أخرى سمّيت "مملكة إسرائيل" .
وبعد قضاء ملوك آشور على هذه المملكة عام 721 ق.م تقريبا , وتشتيت سكانها , لم يبق لبني إسرائيل إلا مملكة يهوذا , وملوكها من سلالة داود الذين أصبحوا , من ثم , هم وحدهم ملوك إسرائيل . وبذلك , وبعد سبي يهوذا , أصبحت المطالبة بعرش داود لا تقتصر على يهوذا , بل تشمل كامل إسرائيل .
ودرجت العادة لدى بني إسرائيل منذ بداية الملك عندهم بان يكرّس كل واحد من ملوكهم لخدمة (الرب) عند تبوئه العرش عن طريق مسح رأسه بالدهن , بحيث يصبح "مسيحا للرب" ولذلك أصبح لقب "المسيح" يطلق على ملوك إسرائيل , وخاصة ملوك يهوذا من سلالة داود .
وبعد زوال مملكة يهوذا , أصبح كل واحد من المطالبين بعرش داود , في نظر أتباعه على الأقل , مسيحا منتظرا تعقد حوله الآمال لإحياء الملك الإسرائيلي الضائع . وثمة ما يشير إلى أن المطالب بعرش إسرائيل كان يطلق عليه لقب "نسيء" بمعنى رئيس أو أمير ..
وهكذا نشأت في بابل , بعد وفاة الملك يهوياكين , سلالة من "الأمراء" المطالبين بعرش يهوذا , من ذريته , هي أشبه ما تكون بسلالة الأئمة من ذرية علي بن أبي طالب , في تاريخ الإسلام . وقد كان كل واحد من هؤلاء "الأمراء" يعتبر في زمانه , والى حد ما في الأقل , مسيحا منتظرا , ولكل منهم الحق في أن يعتبر نفسه "ابن داود" نسبة إلى جده الأعلى .
وكان أول من اشتهر من هؤلاء في بابل سليل ليهوياكين عرف باسم "زربابل بن شألتيئيل" نسبة إلى حفيد ليهوياكين اسمه شألتيئيل ....
ولعل زربابل ربما بمعنى "سجين بابل" كان لقبا وليس اسما أصليا للمذكور .
وحدث في زمن زربابل أن قضى قورش الثاني ملك فارس على مملكة بابل واحتل أراضيها , بما في ذلك أرض يهوذا فيما أصبح يعرف بولاية "عبر نهرا" (أي عبر نهر الفرات ....) . وما أن تم لقورش هذا الفتح حتى أصدر نداء بالكتابة قائلا : ( الرب أوصاه بأن يبني له بيتا في أورشليم التي في يهوذا ....)
وكان زربابل وهو "الأمير" الداودي المعترف به في صفوف شعب يهوذا في زمانه , أوّل من لبى نداء الملك قورش . ولعله اعتبر هذا النداء فاتحة خير لعودة ملك داود إلى بلاد يهوذا المنكوبة .
_فقام هو وعشرة من معاونيه_ بجمع 42360 فردا من شعب يهوذا المقيم في بابل , فضلا عن العبيد والإماء , وعاد بهم إلى أرض يهوذا مشيا على الأقدام أو ركوبا على الخيل والبغال والجمال والحمير ..
وعند الوصول إلى أورشليم تبرّع الميسورون من رؤساء الأسر العائدة بما يلزم لإعادة بناء "بيت الرب" في مكانه ....
....................
.....................
ويستدرك , بالمناسبة , أنّ الأسر الإسرائيلية التي عادت إلى أرض يهوذا بقيادة زربابل _مثلها مثل الشعب الأصلي لمملكة يهوذا_ كانت تتألف من ثلاثة عناصر , كل منها يمثل سبطا من أسباط بني إسرائيل . فمن العائدين من كان ينتمي إلى سبط يهوذا , الذي منه زربابل وسائر بيت داود . ومنهم من كان ينتمي إلي سبط بنيامين . وبين هؤلاء وبيت داود خلاف قديم ....
أمّا العنصر الثالث من شعب يهوذا العائد إلى وطنه , فكان انتماؤه إلى سبط لاوي الذي منه الكهنة من بيت هارون .
........................
........................
وما لبث الكهنوت في إسرائيل أن أخذ ينحصر في بيت واحد من سبط لاوي , هو بيت هارون ابن عمران , ومن المفترض أن هارون ابن عمران كان أخا لموسى , وأن موسى جعل منه أول كاهن على إسرائيل .
.....................
.....................
بتصرف : ( في عهد الملك داود , خاف الأخير من تعاظم سلطة بيت هارون الدينية , فطور عمل هذه المؤسسة وجعل له كاهنين , الثاني منهما من عامة الناس وأضاف "الأنبياء" لهذه المؤسسة الحساسة , وهم من أوكل إليهم الاهتمام بأمور الناس , في حين اقتصرت مهمات الكاهنين الأعظم على خدمة ورعاية "تابوت العهد" في قدس أقداس الهيكل والخدمة الدينية العامة . وبذلك أصبح الكهنوت خاضعا تماما لمشيئة العرش , ولم يعد له استقلال يذكر في التصرف ) .
بتصرف : ( بعد داود اختلف ولداه على خلافته الأكبر "أدونيا" وناصره الكاهن الهاروني , و "سليمان" وناصره الكاهن الثاني صادوق , وما أن تمت الغلبة لسليمان , حتى قتل أخيه وأنهى الكهنوت الهاروني الأصل في إسرائيل وحل محله الكهنوت الصادوقي ) .
وشرعية الكهنوت الصادوقي مستمدة من العرش الداودي , وليس من أي مصدر آخر .
بتصرف : ( حاول الكهنة الصادوقيين اكتساب المزيد من الشرعية والسلطة , وصولا إلى العام 624 ق.م حيث أعلن الكاهن الأعظم حلقيا العثور على "سفر الشريعة" ( أي صحف موسى) في مخبأ داخل الهيكل , ويعتقد علماء الكتاب المقدس أن سفر الشريعة ما هو إلا سفر التثنية من التوراة , المنسوب إلى موسى , وان هذا السفر , في الواقع , من وضع المؤسسة الكهنوتية الصادوقية ) .
كانت هذه بداية ما يمكن تسميته منذ ذلك الوقت ب "اليهودية" كنظام ديني قائم على شريعة مكتوبة وطقوس ثابتة , خلافا لما كانت عليه العبادة الإسرائيلية التقليدية وغير المنتظمة للإله يهوه في السابق .
............................
............................
وكان الرسول بولس أول من اشتق لفظة "اليهودية" من اسم "اليهود" للدلالة على ديانتهم , على ما يظهر , وذلك في رسالته الشهيرة إلى أهل غلاطية , ولا توجد أيّة إشارة معروفة إلى أسم لهذه الديانة من قبل .
وما كاد العام الثامن والثلاثون من إعلان الكاهن حلقيا عن اكتشاف "سفر الشريعة" يكتمل حتى تم القضاء على مملكة يهوذا والعرش الداودي فيها , ولم يبقى لشعبها من قيادة منظمة إلا قيادة الكهنوت الصادوقي غير الشرعي أصلا , وهو الذي انتقل أربابه آنذاك مع السبي إلى بابل .
وكان في بابل أن أخذ الكهنة من آل صادوق , يغمزون أكثر فأكثر من قناة بيت داود , وهم يسعون جاهدين إلى تنظيم سبي يهوذا على أساس الشريعة , وليس على أي أساس آخر , ليحولوهم من شعب إلى جماعة دينية , أي من "إسرائيليين" إلى "يهود" . ومن جماعة السبي من قبل بذلك , ومنهم من بقي يحلم بعودة الملك الإسرائيلي الضائع إلى الوجود بقيادة "مسيح" من بيت داود .
بتصرف : ( شارك الكاهن الصادوقي , زربابل , في رحلة العودة الإسرائيلية من بابل إلى يهوذا , ولكن الصراع بقي خفيا أثناء العمل في بناء بيت الرب بين الطرفين إلى أن توقف العمل بسبب الوشايات إلى البلاط الفارسي , إلى "السنة الثانية في ملك داريوش ملك فارس" (520 ق.م) .
في ذلك العام استأنف زربابل العمل في إعادة بناء هيكل أورشليم بالتعاون مع الكاهن الصادوقي والأنبياء وجماعتهم .....
وكان زربابل في تلك الأثناء قد تعيّن واليا على يهوذا , ولم يبق إلا أن يعترف له بقدر من الاستقلال ليصبح بالفعل "المسيح" المعيد لمجد بيت داود , كما كان أنصاره ينتظرون .
بتصرف : ( تم في العام 515 ق.م إكمال بناء الهيكل , وفي الاحتفالات لم يعد من وجود لأسم زربابل , واختفى ذكره من أسفار الكتاب المقدس , وحدهم الكهنة الصادوقيين كانوا قادرين على إخفاء نهاية قصة زربابل , الذين دونوا أحداث ذلك الزمن ) .
ومهما كانت الحقيقة بشأن مصير زربابل , فلا شك في أن اختفاءه من الساحة أضعف الآمال في عودة بيت داود إلى ملك إسرائيل .
إذ لم يقم أحد من أبنائه أو أحفاده الكثر _ وهم المدرجة أسماؤهم في سفر الأيام الأول ... _ بأي دور قيادي من بعده , على ما يظهر .
وبذلك خلا الجو للكهنوت الصادوقي , فتمكن أخيرا من تسلم قيادة شعب إسرائيل في ارض السبي , وكذلك في أرضه الأصلية , من دون منافس , محوّلا هذا الشعب تدريجيا إلى جماعة دينية تعتمد الشريعة للحفاظ على هويتها , بدلا من النشاط السياسي أملا بعودة الملك إلى إسرائيل .
وحدث بعد اختفاء زربابل بنصف قرن تقريبا أن ظهر في بابل كاهن من بيت صادوق اسمه عزرا ...
بتصرف : ( نشط عزرا في جمع التراث الديني لبني إسرائيل , وترتيب المدونات الإسرائيلية الموروثة , وإعادة النظر فيها تمشيا مع العرف الصادوقي , وقام بزيارة يهوذا مرتين لإتمام عمله وتعميم النصوص على الشعب .... ) .
ولعل عزرا توفي في يهوذا , كما يقول المؤرخ اليهودي يوسيفس الذي كتب "تاريخ اليهود" في القرن الميلادي الأول .
لكن المرجّح أن عزرا عاد إلى بابل وتوفي هناك , فدفن في ما يعرف اليوم بمقام "النبي عزير" بجنوب العراق . وما زال اليهود يقدسون هذا المزار .
وقام في بابل , بعد عزرا , من استمر في العمل على جمع المدونات الإسرائيلية الموروثة , وإعادة ترتيب محتوياتها , والإضافة إليها , حتى اكتمل هذا العمل في أواخر القرن الرابع أو بداية القرن الثالث قبل الميلاد . وبذلك أصبح لليهود "كتاب مقدس" متفق على مضمونه .
ويبدو أن المؤسسة الصادوقية التي أشرفت على إخراج هذا الكتاب حرصت على أن يأتي هذا الإخراج مقبولا ليس فقط من اليهود التابعين لتعليم عزرا , بل كذلك من الإسرائيليين الذين بقوا يعقدون الآمال على "مسيح" من بيت داود يعيد الملك إلى إسرائيل , وذلك بالبقاء على الأسفار المحببة لدى هؤلاء , ومنها أسفار الأنبياء الذين انتصروا لزربابل في زمانه .

12/9/2008
..







 
رد مع اقتباس
قديم 31-01-2009, 12:14 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

مجموعة الشايب ..

زياد هواش قدّم ..

.............................

3
النقلة إلى فلسطين .. 1 *

في الوقت الذي كان العمل على إخراج الكتاب المقدس العبري يشرف على نهايته في بابل , انطلق الاسكندر الكبير بجيوشه من مقدونيا , فافتتح بلاد الأناضول ( 334_333 ق م ) وسورية ( 333_332 ق م ) ومصر ( 332 ق م ) . ثم تحول شرقا عبر نهر الفرات , فافتتح بابل وبلاد فارس ( 331_330 ق م ) , واصلا إلى أطراف آسيا الوسطى والهند ( 325 ق م ) . وهكذا , وفي اقل من عشر سنوات , انقلبت أوضاع العالم القديم رأسا على عقب , وأصبحت مشارقه ومغاربه خاضع لسيطرة هيلينية واحدة , ومرتبطة ببعضها حضاريا بشكل لم يكن معروفا من قبل .
وبعد وفاة الاسكندر ( 323 ق م ) نشبت الحروب بين ثلاثة من كبار قادة جيوشه , كل منهم يطمح لخلافته , حتى انتهى الأمر إلى اقتسام تركته بين هؤلاء الثلاثة . فتملك أحدهم (وهو المدعو أنتيغونس) على مقدونيا والبلاد الإغريقية , والثاني (وهو المدعو بطليمس) على مصر حيث جعل عاصمته الإسكندرية (وهي المدينة التي أسسها الاسكندر واسماها باسمه) . أما الثالث (وهو المدعو سلوقس) فتملك أول الأمر على بلاد فارس وبابل وما يليها إلى الشمال من البلاد إلى الغرب من الفرات . ولكنه لم يتمكن من الإبقاء على ملكه الأول هذا فتحول غربا إلى سوريا وما يليها إلى الشمال من الأناضول , فجعل مملكته هناك , وأس لها عاصمة على بعد قليل من مصب نهر العاصي أسماها أنطاكية (312 ق م) .
وكانت فتوحات الاسكندر قد أزال الحواجز القائمة سابقا بين مشارق العالم القديم ومغاربه , فما أن انتهت الحروب بين خلفائه حتى انتعشت التجارة , وبشكل لم يسبق له مثيل , بين حوض المحيط الهندي وحوض البحر المتوسط , جاعلة من الإسكندرية , على الساحل المصري , كبرى محطاتها . ومن أهم مسالك هذه التجارة ما كان يعبر الأطراف الغربية من الجزيرة العربية والمياه المحاذية لها وصولا إلى مشارف سوريا , ومنها فلسطين , فازدهرت هذه البلاد على الأثر , وهي التي لم تكن من قبل إلا أريافا ومراع , وتحولت كبرى قراها إلى مدن عامرة تجتذب السكان من كل صوب . ومنهم أعداد كبيرة من اليهود القادمين بأكثريتهم الساحقة على الأرجح , من ارض يهوذا وجوارها بالحجاز . علما بأن مشارف سوريا , من ناحية هيئة الأرض , ما هي إلا امتداد لمرتفعات الحجاز باتجاه الشمال . ومما يذكر بالمناسبة أن النزوح اليهودي في تلك الفترة لم يقتصر على فلسطين وجوارها , بل شمل مناطق أخرى من حوض البحر المتوسط وخاصّة مصر , حيث نشأت جالية يهودية عظيمة الشأن في ظل دولة البطالمة . وكان في الإسكندرية , وبطلب من البطالمة , أن أقام أحبار اليهود في غضون القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد بترجمة أسفارهم المقدسة للمرة الأولى إلى اللغة اليونانية , وهي الترجمة المسماة "السبعونية" نسبة إلى العدد التقريبي للأحبار الذين قاموا بها .
أمّا في فلسطين , فما لبث الوجود اليهودي أن تعاظم إلى حد جعل الإغريق يطلقون على الأجزاء الوسطى من البلاد اسم "اليهودية" , بمعنى "أرض اليهود" , وذلك في وقت لا يمكن تحديده بدقة . وكان المؤرخ الإغريقي هيرودوتس قد زار "الجزء من سورية المسمّى فلسطين" في أواسط القرن الخامس قبل الميلاد , أي في زمن عزرا , حين كان هيكل أورشليم بأرض يهوذا قد أعيد بناؤه , فوجد الأرض مأهولة بمن اسماهم "سوريي فلسطين" وهم شعب يكاد لا يختلف في تقاليده وعاداته (بما فيها ختان الذكور) عن جيرانه الفينيقيين إلى الشمال . ولم يلحظ هيرودوتس وجودا ليهود أو إسرائيليين في البلاد . ولا هو لاحظ وجود مدينة مقدسة في وسطها اسمها "أورشليم" أعيد بناء هيكلها حديثا . **
وفي ذلك ما يشير إلى أن النزوح اليهودي إلى فلسطين لم يكن قد حصل بعد في أيامه إلى حد يلفت النظر . أمّا الجغرافي الإغريقي استرابون (المتوفى بعد العام 23 للميلاد) , فلم يتحدث فقط عن فلسطين مسميا إياها "اليهودية" بل أشار إلى وجود بلدة هناك تحيط بقلعة يقدسها اليهود , وأن البلدة تسمى "أورشليم" . والظاهر أن اليهود النازحين من "يهوذا" إلى ما يسمى "اليهودية" حملوا اسم "أورشليم" معهم ليطلقوه على البلدة الفلسطينية التي اختاروها لإقامة المعبد الأساسي لطائفتهم في ارض اغترابهم , وذلك في وقت ما بين زمن هيرودوتس وزمن استرابون .
ويستفاد من مؤلفي "تاريخ اليهود" و "حروب اليهود" للمؤرخ اليهودي يوسيفس (توفى 100 م تقريبا) أن يهود مصر قاموا بتشييد هيكل لطائفتهم على شاكلة هيكل "أورشليم" وإن بحجم أصغر , على أنقاض معبد وثني قديم , ذلك في عهد بطليمس الثامن (180_145 م تقريبا) , وبإذن منه , وأن الهيكل هذا بقي قائما حتى بداية العهد الروماني . ومما يقوله يوسيفس أيضا إنّ السامريين , وهم طائفة من الإسرائيليين المناهضين لليهود , كانوا قد أقاموا لأنفسهم هيكلا آخر في فلسطين على شاكلة هيكل "أورشليم" في "جريزيم" التي هي اليوم جزء من بلدة نابلس . ولعل هيكل "أورشليم" الذي بني على شاكلته هيكل يهود مصر , وهيكل السامرّيين بفلسطين , لم يكن هيكل "أورشليم اليهودية" بفلسطين , كما يفترض يوسيفس , بل هيكل "أورشليم يهوذا" بسراة عسير . ولعل هيكل "أورشليم اليهودية" بني على شاكلة هذا الهيكل الأصلي ذاته . ***

14/9/2008
..
زياد عقّب ..

*
كان لا بد من التوقف قليلا لإعادة ربط تسلسل الأحداث بسلاسة , فالنص هنا يتحدث عن "الهيكل" , ومن الضروري إضافة تفاصيل على صورة هذا النص الخطير والعلمي ..
لنعود إلى الجدول السابق :


التواريخ في معظمها تقريبية وضعناها في جدول مستقل لسهولة العودة إليها وتتتبع تطور وتتالي الأحداث .
.............................
1005 ق.م , الملك داود يؤسس مملكة يهوذا .
........... , الملك داود يؤسس مملكة كل إسرائيل , ويورثها لابنه سليمان .
........... , بعد وفاة سليمان تنقسم المملكة إلى مملكة يهوذا , ومملكة إسرائيل .
721 ق.م , السبي البابلي الأول والقضاء على مملكة إسرائيل .
624 ق.م , العثور على سفر الشريعة في الهيكل .
597 ق.م , ثاني سبي بابلي لمملكة يهوذا .
586 ق.م , قضاء البابليين على مملكة يهوذا وسبي ملوكها .
560 ق.م , العفو عن "ملك" اليهود في بابل , وبقائهم فيها .
............ , قضاء الفرس على مملكة بابل , والطلب إلى "اليهود" العودة إلى مملكة يهوذا وبناء الهيكل من جديد .
520 ق.م , "ملك" اليهود يعينه الفرس "واليا" على يهوذا .
515 ق.م , الانتهاء من بناء الهيكل الثاني في يهوذا , واختفى ذكر "ملك يهوذا" من النصوص .

في كتابه الهام "التوراة جاءت من جزيرة العرب" , يطرح الدكتور كمال الصليبي , المختص باللغات القديمة , عبرية , آرامية , لاتينية ..
نظريته القائلة : أن بلاد شبه الجزيرة العربية المطلة على البحر الأحمر , سراة عسير , هي الجغرافية التي تدور فيها أحداث الكتاب المقدس لليهود "التوراة" , وليس في ارض فلسطين التاريخية كما يزعمون , ويضع الدكتور الصليبي , مواقع جغرافية في بلاد عسير , محددة بدقة بخطوط طول وعرض , للتنقيب , ويقترح أن تقوم بذلك الأمم المتحدة , لإثبات نظريته أو نفيها .
بالتأكيد حارب اليهود والوهابيين هذه النظرية عبر العالم كله , ولم يتمكن احد من التنقيب في تلك الأماكن , علما أن سكان تلك البلاد يعرفون جيدا أنها غنية بالآثار .
بل لقد حدد الدكتور الصليبي بدقة موقع أورشليم وهيكلها في بلاد عسير .
ثم ذهب الأخ الباحث ابن قرناس , في بعض فصول , في كتابه الهام "سنّة الأولين" , لتدعيم نظرية الدكتور كمال الصليبي , من خلال العودة إلى القرآن الكريم , واثبات أن القرآن الكريم يتحدث عن اليهود في ارض بلاد عسير نفسها وبوضوح .
ثم يعزي الأخ الكريم ابن قرناس الإرباك في التراث الإسلامي , في إشكالية اليهود وتفسير قصصهم القرآنية , إلى التأثر الواضح للإسلاميين المتأخرين , ما بعد مرحلة الصحابة , بتفسيرات اليهود , وقصصهم , وتراثهم , بالرغم من تحذير القرآن الكريم الواضح والمتكرر للمسلمين , من هذه القصص والتفسيرات .
وهنا أيضا نقدم كتاب الدكتور كمال الصليبي أولا , ثم نعود إلى كتاب الأخ ابن قرناس , "مسحية بولس وقسطنطين" , لإلقاء المزيد من الضوء الإسلامي على هذه النظرية الجديدة والخطيرة , وهذه المرة في صلب التراث الديني المسيحي-اليهودي المشترك .

......

**

من الواضح والمتفق عليه تاريخيا , ووفق الجدول السابق , أن اليهود وملوكهم بقوا في بابل ما بعد السبي الثاني , والعفو البابلي عنهم . ثم سمح لهم حوالي (( منتصف القرن الخامس قبل الميلاد )) وبعد سقوط بابل بيد الفرس , بالعودة إلى مملكة يهوذا وإعادة بناء الهيكل "للمرة الثانية" .
وانه حوالي نهاية القرن الخامس قبل الميلاد , كان اليهود قد عادوا إلى مملكة يهوذا "أورشليم" , وبنوا الهيكل بعد توقف العمل فيه لسنوات , وعين ملكهم واليا فارسيا على يهوذا في "أورشليم" .
ولكن الدكتور الصليبي يعود إلى كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوتس , وتجواله في سوريا منتصف القرن الخامس قبل الميلاد , ويلاحظ في كتابات هذا المؤرخ اليوناني المتفق على تاريخه ومصداقيته :
_ عدم وجود أي ذكر "لأورشليم" أو "هيكلها" في ارض فلسطين .
_ عدم وجود أي ذكر ليهود أو إسرائيليين في ارض فلسطين .
_ الأرض مأهولة بشعب سماه "فلسطينيي سوريا" القريبين من الفينيقيين سكان الشمال .

......

***

الهيكل الذي يتحدث عنه المؤرخ اليهودي يوسيفس , في أورشليم فلسطين , هو واحد من عدة هياكل في مصر الإسكندرية , وفلسطين نابلس , وهو ((( الهيكل الثالث ))) , المنسوخ عن الهيكل الثاني الذي بناه اليهود على أنقاض الهيكل الأول في بلاد عسير , وفي أورشليم التي كانت عاصمة مملكتهم يهوذا , في تلك البلاد جنوب غرب جزيرة العرب .
وفي كتابه "التوراة جاءت من جزيرة العرب" يشير الدكتور الصليبي إلى حقيقة مذهلة حيرّة العلماء وحتى التوراتيين منهم :
لا وجود لأي لقى أثرية تعود لليهود في طول البلاد الفلسطينية وعرضها , على الإطلاق , بالرغم من تنقيبها شبرا شبرا .
وهذا واضحة كفاية من التنقيبات العنصرية تحت المسجد الأقصى , حيث لم يتم إلى يومنا هذا العثور على ((( أي أثر ))) , في الأرض التي من المفترض أن اليهود عبر ألف عام تقريبا , أقاموا فيها مملكتين , بمدنهما وقراهما , وبنوا في "أورشليم" الهيكل مرّتين على الأقل , بحسب تاريخهم وديانتهم .

_ ثم أن هناك الإشكالية الأكبر والأكثر تزييفا :
كل النصوص اليهودية والإسرائيلية والتراث والتفسيرات , كله يشير بوضوح وبإجماع اليهود إلى أن (( الهيكل )) , وسنقبل جدلا أنه في القدس الحالية تحت المسجد الأقصى , كان يشرف على أورشليم , وكان اليهود القدماء يصعدون إليه ويطلون على الجهات الأربعة ..!!
إذا أخذنا بعين الاعتبار أنهم حفروا تحت المسجد الأقصى نزولا إلى أعماق مخيفة ولم يظهر لهم شيء حتى تاريخه , هذا يعني أن هذا الهيكل سيكون موجودا ((( أعمق ))) , بحيث سيكون في الموقع الافتراضي المخادع له , اخفض نقطة في (أورشليم) , في قعر حفرة كبيرة , فكيف يبحثون عنه في موقع يخالف تعاليمهم كلها ..!!

القضية صارت ابتزاز وابتذال وتيه وعمى وتزييف وتزوير , لا سابقة حتى شيطانية له , هذا الشعب اليهودي , وهذا الدين اليهودي الحالي , وهذا الإجماع الدولي على مصداقية هؤلاء الضحايا/الجلادين , عهر دولي حقيقي .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 31-01-2009, 12:17 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

3
النقلة إلى فلسطين ..2

بتصرف ..
والمعروف أن يهود فلسطين قاموا بثورة ضد السلوقيين في أواسط القرن الثاني قبل الميلاد , وذلك بقيادة أسرة من الكهنة تسمى الأسرة "المكابية" , والأصح "الحشمونية" . والثورة هذه نتج عنها قيام دولة يهودية اعترف لها السلوقيون بنوع من الاستقلال .
واستمر الحشمونيون يحكمون دولة "اليهودية" في فلسطين بصفتهم كهنة , إلى أن بدا المتأخرون منهم يسمون أنفسهم ملوكا . وصار الأخوة من البيت الواحد يتنافسون على العرش . وكانت مثل هذه المنافسة قائمة عندما دخل الرومان فلسطين عام 63 ق.م , بعد قضائهم على الدولة السلوقية في سورية , فاحتكم المتنافسون من الأسرة الحشمونية إليهم , وانتهوا إلى الخضوع التام لمشيئتهم .
ففقدت الدولة الحشمونية في "اليهودية" استقلالها , وصار الرومان يعينون ولاة بلقب (وكيل) على البلاد , مع الاستمرار في الاعتراف بالحشمونيين ملوكا إلى حين .
وكان أول من عينه الرومان واليا على "اليهودية" في العام 47 ق.م رجل ثري وبارز من عرب "إيدوميا" الحديثي العهد باليهودية , اسمه باليونانية "أنتيباتر" . وزوجته تنتمي هي أيضا إلى أسرة عربية من أعيان دولة الأنباط بالبتراء .
ما لبث أن اغتيل أنتيباتر عام 43 ق.م , فعيّن الرومان ابنه "هيرودس" حاكما على "اليهودية" مكانه , ثم اعترفوا به ملكا على البلاد (37_4 ق.م) .
وحرص هيرودس خلال ملكه على إظهار يهوديته المشكوك في أصالتها وهو الذي كان يعتبر "نصف يهودي" , فجاء بمن يختلق لأسرته نسبا يرجعها إلى يهود السبي في بابل . وربما كان للسب نفسه أن همّ هيرودس في تشييد هيكل عظيم لليهود في أورشليم "اليهودية" جاعلا بذلك من هذه المدينة , وربما للمرة الأولى , قبلة ليهود العالم . وكانت بداية بناء هذا الهيكل عام 19 ق.م واستغرق العمل في بنائه سنة وستة أشهر .
بعد وفاة هيرودس عام 4 ق.م , تقسمت مملكته إلى أربعة "أرباع" ثلاثة منها توزعت بين ثلاثة من أبنائه , والرابعة وهي ربع "اليهودية" , أوكل حكمها إلى ولاة رومانيين . ومن هؤلاء الولاة الرومانيين على "اليهودية" بيلاطس المعروف بالبنطي .
المهم في الأمر لأن دولة "اليهودية" التي أسسها الحشمونيين في فلسطين , وورثها عنهم الهيروديون من بعدهم , كانت الدولة اليهودية الوحيدة في زمانها .
وكان اليهود وغيرهم من الإسرائيليين قد بدأوا يتكلمون الآرامية بدلا من العبرية منذ زمن السبي , سواء في فلسطين أو في بابل وغيرها من بلاد المشرق , بما فيها الجزيرة العربية , خاصة بعد أن اعتمدت الدولة الفارسية اللغة الآرامية لحكم هذه البلاد , بحيث زالت العبرية من الوجود زولا تاما مع الوقت كلغة محكية في أوساط العامة .

بحرفيته ..
تبقى القضية التي لا تتحدث عنها المصادر المتوفرة , بل ربما تتحاشى ذكرها عن قصد , وهي قضية الفريق الإسرائيلي الذي بقي يأمل في ظهور "مسيح" من بيت داود , وربما من سلالة زربابل حصرا , يتبوأ عرش داود ويعيد إلى بني إسرائيل ملكهم الضائع . ولا بد أن هذا الفريق الإسرائيلي "المسيحي" (إذا صح التعبير) بقي له وجود _بل ربما وجود مرموق_ بعد زمن زربابل .
ولو لم يكن الأمر كذلك لما اضطرت المؤسسة الصادوقية , في إخراجها للأسفار اليهودية المقدسة , إلى الإبقاء على أسفار الأنبياء الذين أملوا بعودة الملك إلى بيت داود . ويفترض بان أنصار بيت داود من الإسرائيليين لم يصبحوا يهودا بالمعنى الكامل , أي يهودا معترفين بشرعية القيادة الصادوقية لملتهم , بل جل ما في الأمر أنهم قبلوا بشرعية الأسفار اليهودية المقدسة كما جرى إخراجها على أيدي الصادوقيين وأعوانهم من الكتبة .
ويفترض أيضا أنهم لم يأنسوا لقيام الدولة الحشمونية الكهنوتية وغير الداودية في فلسطين في زمن السلوقيين , كم أنهم لم يأنسوا لحلول الأسرة الهيروديّة غير الإسرائيلية أصلا على رأس هذه الدولة , مكان الأسرة الحشمونية , في بداية العهد الروماني .
هذه الافتراضات عن قدم وجود فريق إسرائيلي "مسيحي" لا يعترف بشرعية الأمر "اليهودي" الواقع لا تدعمها أيّة معلومات ثابتة . لكنها على ذلك , تبقى افتراضات مشروعة .
قد يكون من الممكن , في ضوئها , تفهم النواحي الغامضة من سيرة "يسوع المسيح" . وهو الإسرائيلي الناطق بالآرامية الذي كان يسمى في زمانه "ابن داود" و "ملك إسرائيل" .

15/9/2008
..







 
رد مع اقتباس
قديم 02-02-2009, 10:24 AM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

4
يسوع الناصري

في وقت ما بين العامين 27 و 36 للميلاد , حين كان المدعو بيلاطس البنطي واليا رومانيا على "اليهودية" ظهر في ارض الجليل بفلسطين رجل اسمه يسوع الناصري , من سلالة زربابل ابن شالتيئيل , معلنا عن نفسه بأنه صاحب الحق بالملك على إسرائيل .
والمعلومات الأساسية عن يسوع الناصري تأتي من الأناجيل الأربعة المكتوبة أصلا باليونانية والمنسوبة بالتتابع إلى أربعة ممن يسمون "الرسل" : متى , ومرقس , ولوقا , ويوحنا .
والأناجيل الأربعة هذه هي الأسفار الأولى من "العهد الجديد" الذي أضافه أتباع يسوع _ الذين هم "المسيحيون" _ إلى "العهد القديم" الذي هو الكتاب المقدس العبري الذي يشتركون في تقديسه مع اليهود .
وقد سبق الكلام عن ذلك في الفصل الأول من هذا الكتاب . وما تفيده الأناجيل الأربعة عن سيرة يسوع يضاف إليها ما يقوله "الرسول" بولس عن شخص يسوع في رسائله الثلاث عشر الملحقة بالأناجيل , مع غيرها من الكتابات , في "العهد الجديد" وجميعها مكتوبة باليونانية , كما سبق .
..........................
فما هي المعلومات التي يقدمها بولس عن شخص يسوع ..؟
1_ يقول بولس إن يسوع كان إسرائيليا . وهو لا يعرّفه بأنه كان يهوديا .
2_ يقول بولس إن يسوع كان من نسل داود , وذلك بطريقة عابرة , من دون أي تعليق .
3_ يشير بولس إلى أن يسوع كان في الأصل "غنيّا" ثم "افتقر" من خلال سعيه إلى الخير العام .
4_ قتل يسوع إعداما على الصليب بعد أن "أُسلم" إلى الذين قاموا بصلبه .
5_ مثل يسوع لدى محاكمته أمام بيلاطس البنطي .
6_ يحمّل بولس اليهود مسؤولية قتل يسوع .
7_ التقى بولس بشقيق ليسوع اسمه يعقوب , وذلك من خلال زيارتين قام بهما إلى أورشليم .
ويلاحظ أن بولس لا يتحدث في رسائله عن والد يسوع , ولا يذكر والدته بالاسم في إشارته الوحيدة إليها . أضف أن لا إشارة في رسائل بولس إلى أن يسوع ولد من امرأة عذراء .
ننتقل من رسائل بولس إلى ما تقوله الأناجيل عن يسوع , فنجد أن الأربعة منها تجمع على أن والد يسوع كان يسمى يوسف . أما بالنسبة إلى والدته , فثلاثة من الأناجيل تعرّفها باسم مريم , والإنجيل الرابع _مثله مثل بولس الرسول_ لا يعرفها بأي أسم عند ذكرها , بل يشير إلى أن أختا لها , أي إحدى خالات يسوع , كان اسمها مريم , مما ينفي ضمنا كون مريم اسم والدة يسوع .
أضف أن إنجيلين فقط من الأناجيل الثلاثة التي تسمي والدة يسوع مريم تتحدث عن ولادته منها وهي بعد عذراء ( متى و لوقا ) . علما بأن هذين الإنجيلين هما اللذان يوردان نسب يسوع إلى زربابل , ثم إلى داود , عن طريق الذكور , وان بطريقتين مختلفتين , من دون الملاحظة بان مثل هذا النسب لا يتفق مع القول بولادة يسوع من عذراء .
وكما هو الأمر في رسائل بولس , فلا توجد أيّة إشارة في إنجيلي مرقس ويوحنا إلى ولادة يسوع من عذراء .
أضف أن الأناجيل جميعها تتفق مع ما يقوله بولس عن كون يسوع سليلا لداود . بل يسمى في ثلاثة منها "ابن داود" في مخاطبة الناس له ( متى , مرقس , لوقا ) .
والأناجيل الأربعة , مثلها مثل رسائل بولس , لا تعرّف يسوع بأنه كان يهوديا , بل جل ما في الأمر انه ختن وتربى "حسب شريعة موسى" . ويبدو مما تقوله الأناجيل أن اليهود احتاروا في أمر يسوع من ناحية انتمائه الديني , حتى أن بعضهم اعتبره "سامريّا" (يوحنا) .
وليس في الأناجيل الأربعة أي ذكر لطقوس أو مراسم معيّنة كان يسوع يقوم بها كرجل دين . بل وفي إنجيل يوحنا تأكيد على أن يسوع لم يكن يعمّد أتباعه بالماء , مثلا , كما صار يفعل تلاميذه من بعده .
(( وفي ذلك ما يشير إلى أن يسوع لم يكن يسعى إلى إيجاد ديانة خاصّة به , بل تلاميذه هم الذين فعلوا ذلك في وقت لاحق )) .
أما بالنسبة إلى وضع يسوع المادي , فلا إشارة مباشرة في الأناجيل , كما في رسائل بولس , إلى انه كان في الأصل غنيا . بل جل ما يستفاد من الأربعة منها أن يسوع كان يتحدث عن "الفقراء" وضرورة حسن معاملتهم , وكأنه لم يكن واحدا منهم . والواضح من إنجيل يوحنا أن يسوع كان في حوزته "صندوق" مال أوكله للمدعو يهوذا الاسخريوطي للإنفاق عليه وعلى أتباعه , مما يعني , في الأقل , أنه لم يكن معدما .
ويستفاد من إنجيلي ( متى و مرقس ) أن يسوع لم يكن له أخ واحد فحسب (يعقوب) , بل كان له ما لا يقل عن أربعة أخوة هم : يعقوب , سمعان , يوسي أو يوسف , يهوذا . وذلك عدا عن الأخوات .
وتتفق الأناجيل الأربعة مع ما يقوله بولس عن "تسليم" يسوع , ومثوله أمام الوالي الروماني بيلاطس البنطي , وموته على الصليب , ومسؤولية اليهود عن ذلك , وهي المسؤولية التي يؤكدها المؤرخ اليهودي يوسيفس .
وفي الأناجيل أخبار أخرى عن تحركات يسوع وأقواله وأعماله , منها ما هو متناسق إلى حد ما بين الإنجيل والأخر , ومنها ما هو متضارب أو متضاد . والملاحظ أن جزءا كبيرا من هذه الأخبار ناتج عن محاولات خفيّة أو واضحة للربط بين سيرة يسوع والنبوءات الوارد _ أو المفترض كونها واردة _ في أسفار "العهد القديم" عن المسيح الموعود لبني إسرائيل .
((علما بأن الأناجيل وضعت أساسا لإقامة البرهان على أن يسوع ما هو إلا ذلك المسيح الموعود)) .

بتصرف ..
نأخذ , مثلا , القصة التي يرويها إنجيل متى عن ولادة يسوع , فلا نجد فيها شيئا لا يستند إلى نبوءات "العهد القديم" : يبدأ متى قصته هذه بالقول بان مريم "وجدت حبلى من الروح القدس ..." , لتوافق نص النبوءة في سفر اشعيا "هوّ ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ... " .
ثم يتنقل متى إلى القول بان يسوع " ولد ... في بيت لحم اليهودية ... " ليوافق النبوءة التوراتية في سفر ميخا .
ويلاحظ بالمناسبة أن قول متى بولادة يسوع في "بيت لحم اليهودية" يناقضه يوحنا الذي يفيد بان من الإسرائيليين من لم يعترف بكون يسوع هو المسيح المنتظر لأنه لم يأت من "بيت لحم أرض يهوذا" حسب نبوءة ميخا , بل كان مجيئه من "الجليل" .
وبعد ذلك يأتي الحديث في إنجيل متى عن المجوس _وهم الغرباء عن إسرائيل_ الذين رأوا نجم يسوع في "المشرق" الذي كان بلادهم , فساروا تابعين نور هذا النجم إلى أن وصلوا إلى المكان الذي ولد فيه يسوع في بيت لحم , فخروا أمام الطفل ساجدين , وقدموا له الهدايا .
وما هذه القصة إلا نسيج حول نبوءة من سفر إشعياء .
وفي إنجيل متّى أن ولادة يسوع في "بيت لحم اليهودية" حدثت في عهد هيرودس الكبير , وأن هيرودس هذا , حين علم من المجوس بأن ملكا جديدا لليهود قد ولد في مكان ما في كورة بيت لحم , "أرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وكل تخومها , من ابن السنتين فما دون , بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس" .
والمصادر المتوفرة عن الملك هيرودس , وعن عهده , لا تأتي على أي ذكر لقيامه بقتل جميع الذكور من أطفال "بيت لحم اليهودية" وجوارها في أي وقت .
ويضيف متى هنا أن يوسف هرب بيسوع وأمه إلى مصر خوفا من هيرودس , ثم يقول بان يوسف , عندما عاد بيسوع وأمه من مصر , وسكن في مدينة اسمها الناصرة . وكل ذلك عطفا على نبوءات توراتية بعضها غير موجود في التوراة أصلا ..
يتبين مما سبق أن القصّة المروية في إنجيل متى عن ولادة يسوع ليس فيها شيء من التاريخ , بل هي مستوحاة برمتها من أقوال أنبياء إسرائيل بشان المسيح الذي بشروا بقدومه مخلصا لشعبهم .
ويضرب المؤلف أربع أمثله عن روايات في الأناجيل عن يسوع , مستوحاة كلها من أقوال أنبياء إسرائيل .
ثم يشير الكاتب إلى وقائع متفرقة من الأناجيل تفيد أيضا بالبرهان على أن يسوع ما هو إلا المسيح الموعود لبني إسرائيل .
((ويبدي المؤلف رأيا في أن المكان المسمى الجليل , والي أتى منه يسوع , ليس جليل فلسطين , بل هو وادي جليل بمنطقة الطائف من الحجاز)) .
من هذه الإشارات العابرة الواردة في الأناجيل الأربعة عن يسوع , أضف إليها تلك الواردة في رسائل بولس , وجميعها لا يقدّم ولا يؤخّر في مقولة "العهد الجديد" بشأنه , يصبح بالإمكان طرح تصور عام لسيرة يسوع , تأخذ في الاعتبار ما هو معروف عن الأوضاع في فلسطين وجوارها في أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات من القرن الميلادي الأول , وذلك على الوجه التالي :
ولد يسوع المعروف "بالنجار" أو "ابن النجار" والملقب "بالناصري" , في مكان ما خارج ارض اليهودية بفلسطين , وهو وادي جليل بمنطقة الطائف من الحجاز . وكان والده يوسف يعتبر في دياره سليلا لزربابل بكرا عن بكر , ومن ثم صاحب الحق في المطالبة بعرش داود . ولا بد أن يوسف كان على جانب من الثراء , نظرا لرفعة مكانته . ولد له بعد يسوع أربعة بنين هم يعقوب , وسمعان , ويوسي , ويهوذا , عدا البنات . وعند وفاته , انتقل حق المطالبة بعرش إسرائيل إلى بكره يسوع . ويسوع آنذاك في بداية شبابه , علما بأنه لم يكن قد تزوج بعد .
كانت الظروف للمطالبة بعرش إسرائيل تبدو مؤاتية في حينه بسبب وجود كيان يهودي قائم في فلسطين يحكمه ملوك أو أشباه ملوك من الأسرة الهيرودية غير الإسرائيلية الأصل ....
ما شجع يسوع على الإعلان عن نفسه مطالبا بعرش إسرائيل فور وفاة والده , فأخذ يجمع حوله الأنصار لهذه الغاية , وإخوته يساعدونه في مسعاه .
ولعل يسوع كان يأمل في البداية أن يعترف به ملكا على إسرائيل من حيث هو . ولكن إخوته أشاروا عليه بغير ذلك , مصرين بان عليه أن يذهب إلى "اليهودية" التي بفلسطين ويعلن عن نفسه وريثا شرعيا لعرش داود هناك . وما لبث يسوع أن اقتنع بذلك , فخرج من دياره العام 28_29 ميلادية قاصدا فلسطين , مصطحبا معه بعض انصهاره , وحاملا مع ما قد ورثه من مال عن أبيه لينفقه على مسعاه .
وكان الوالي على "اليهودية" آنذاك بيلاطس البنطي , في حين كان هيرودس انتيباس , وهو ابن الملك هيرودس الكبير حاكما بلقب "رئيس ربع" على منطقة الجليل وجوارها بشمال البلاد .
الأول يحاول النيل من استقلال الثاني وعرقلة مساعيه من دون التعرض لشخصه مباشرة , والثاني يحاول إثبات استقلاله عن الأول قدر الإمكان من دون أن يقطع علاقته معه .
وحدث في ذلك الوقت وجود داعية متنسك في براري "عبر الأردن" يتمتع بشعبية دينية واسعة ويعرف ب "يوحنا المعمدان" لأنه كان يعمد أتباعه بالماء عند التحاقهم به . وهو ينادي بقرب مجيء المسيح المنتظر وضرورة الاستعداد لمجيئه بالتوبة عن الخطايا , والجموع تهرع إليه من "اليهودية" والجليل , معلنة عن توبتها .
وكان يوحنا يوجه الانتقادات المريرة لهيرودس انتيباس لائما إياه على سوء تصرفاته , هو وغيره من أفراد أسرته , ومثيرا بذلك حفيظة هيرودس نفسه .
وكان أول ما فعل يسوع عند وصوله إلى فلسطين أنه قصد يوحنا في "عبر الأردن" وتعمد على يديه , ربما آملا بأن ينال منه الدعم .
وبعد ذلك بدا يتجول مع أصحابه في البلاد , مبتدءا بالجليل , داعيا الناس للاعتراف بكونه "المسيح" من بيت داود الذي كانوا ينتظرون , وصاحب الحق الشرعي في الملك على إسرائيل . وبدأت الجموع من أنصار بيت داود المحليين تلحق به , فتعاظم شانه .
ولعل بيلاطس وجد في تصرفات يوحنا "المعمدان" ويسوع ما يحرج هيرودس وينال من هيبته : الأول يبشر بقرب مجيء "المسيح" ليعيد ملك إسرائيل إلى أصحابه الشرعيين , والثاني يعلن بأنه هو ذلك "المسيح" بالذات .
فلم يتعرض لأي من الرجلين . ويسوع من ناحيته لم يتعرض للحكم الروماني على البلاد , بل هو أبدى الاستعداد للتعاون معه , أو للتقرب منه على الأقل , ربما أملا بأن يقبل به الرومان ملكا على إسرائيل في "اليهودية" بدلا من "رؤساء الربع" من الأسرة الهيرودية .
لم يطل الأمر حتى أمر هيرودس انتيباس بإلقاء القبض على يوحنا "المعمدان" وسجنه , ثم بقتله . وبعد ذلك بدا يرسل في طلب يسوع , مكررا الطلب المرة بعد المرة . ودخل في روع يسوع أن هيرودس ينوي له الشر , هو أيضا , ففر مع المقربين من أنصاره من الجليل إلى مخابئ آمنه في براري "عبر الأردن" و "اليهودية" .
بعد هروبه تردد يسوع في العودة إلى بلاده في الحجاز أو الذهاب إلى أورشليم وإعلان نفسه ملكا على إسرائيل هناك , متكلا على عدم معارضة الرومان .
قرر يسوع أن يجازف بدخول أورشليم وإعلان نفسه ملكا بالرغم من نصح "تلاميذه" له بالتروي . دخل أول مرة متخفيا ثم اخذ يعرض قضيته في الهيكل إلى أن بدا اليهود هناك يهددونه بالقتل فخرج من أورشليم عائدا إلى مخابئه "عبر الأردن" . ولكنه ما لبث أن قام بمجازفة ثانية علنية , فقابله أنصاره بالهتافات . وبعد ذلك دخل الهيكل حيث اصطدم باليهود مواجهة. ونتيجة لذلك , ألقي القبض عليه , ومثل أمام رئيس الكهنة للمحاكمة , فحكم عليه بالموت , وسلم إلى الوالي الروماني بيلاطس البنطي لتنفيذ الحكم .
تردد بيلاطس البنطي في تلبية رغبة اليهود هذه في البداية , لكنه ما لبث أن انصاع لها , ربما خوفا من أن تتحول نقمة اليهود على يسوع إلى نقمة عليه كوالي على "اليهودية" . ولعل بيلاطس اعتبر أن بإمكانه التوصل إلى تسوية سياسية مناسبة له , بينه وبين هيرودس انتيباس على حساب يسوع , إذا هو صدّق على الحكم اليهودي بإعدامه . فسلمه للموت على الصليب .
فهل كانت هذه نهاية قصة يسوع .. ؟
بل , هل لأية قصة من هذا النوع نهاية .. ؟

16/9/2008
..
_________________







 
رد مع اقتباس
قديم 03-02-2009, 12:08 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

5

محاكمة يسوع

قبض على يسوع , واقتيد أمام رئيس كهنة اليهود , فحكم عليه بالموت . ثم سلّم إلى الوالي الروماني بيلاطس البنطي للتصديق على هذا الحكم وتنفيذه . وكانت التهمة الموجهة إلى يسوع ادعاءه بأنه "المسيح" أي صاحب الحق بعرش إسرائيل , وانه من ثم "ابن الله" , حسب الوصف التقليدي للمسيح الداودي الموعود . والأناجيل الأربعة تجمع على ذلك .

يعرض المؤلف لروايات الأناجيل الأربع المتوفرة بشأن محاكمة يسوع , ويخلص إلى النتيجة التالية :
هذه هي الروايات الأربعة المتوفرة بشان محاكمة يسوع . ولا اختلاف بينها إلا في بعض التفاصيل . إذ تتفق كلها على أن الحكم على يسوع بالموت على الصليب جاء من رئيس كهنة اليهود , وأنه هو وجماعته من الكهنة ذاتهم عمدوا إلى تحريض الشعب على مطالبة الوالي الروماني بيلاطس البنطي بصلبه .
والكهنة هؤلاء كانوا من السلالة الصادوقية ذاتها التي جهدت , منذ زمن زربابل , إلى طمس قضية بيت داود وحقه في المطالبة بعرش إسرائيل , ولعل هؤلاء الصدوقيين كانوا قد اطمأنوا إلى أن مطالبة هذا البيت بالعرش الإسرائيلي قد انتهت مع نهاية زربابل , إلى أن فوجئوا بظهور سليل له بعد قرون من الزمن يطالب بالعرش ذاته , فقرروا القضاء عليه بشكل يجعله عبرة لغيره من السلالة الداودية .

6

الشاهدة على الحدث

عندما ألقي القبض على يسوع , تركه جميع تلاميذه وهربوا , وبقوا مختبئين وراء "أبواب مغلقة" لعدة أيام , إن لم يكن لأسبوعين أو أكثر , خوفا من اليهود , ولذلك لم يشهد أي منهم صلبه , على ما يستفاد من إنجيلي مرقس ومتى .

بتصرف ..
إنجيل يوحنا وحده بين الأربعة يذكر وجود أم يسوع بين الجموع التي حضرت صلبه .
وتتفق أناجيل ثلاثة على أمر واحد , وهو كون المسماة مريم المجدلية في جملة النساء اللواتي شهد صلب يسوع .
وإنجيلين من الأربعة يقولان بان مريم المجدلية واحدة من النساء اللواتي كن "يخدمن" يسوع في الجليل وتبعنه إلى أورشليم .
والأناجيل الأربعة تتفق على أن مريم المجدلية قامت في فجر اليوم الثالث بزيارة قبر يسوع لتجده فارغا .

ينتقل المؤلف من قضية مريم المجدلية إلى قضية إنجيل يوحنا .
إنجيل يوحنا منسوب إلى يوحنا ابن زبدي , من "التلاميذ" الربعة الأوائل الذين تبعوا يسوع .
وهم سمعان أو بطرس , وشقيقه اندراوس , والأخوان يعقوب ويوحنا .
ويتضح من المقابلة بين الأناجيل الأربعة أن سمعان بطرس , في الأقل , كان على خلاف مع يعقوب ويوحنا ابني زبدي حول من سيكون المتقدم بين تلاميذ يسوع من بعده .
ويبدو أن يعقوب ابن زبدي كان أول من خلف يسوع كرئيس ل "كنيسته" (أي لجماعته) في أورشليم .
وقد يعني ذلك أن يعقوب كان _ هو وأخوه يوحنا _ من نسل داود , وربما من أقرباء يسوع .
ويصل المؤلف إلى الاستنتاج ... بان إنجيل يوحنا كتبه ليعزز مكانته بين الرسل . وفيه جعل يسوع يقول كل ما يعزز مكانته بين قادة "الكنيسة" الأوائل .
كحضور أم يسوع الصلب مع أختها "مريم" , وحضور وسماع مريم المجدلية لكلمات يسوع لامه ويوحنا , وهو على الصليب قبيل موته .
وان مريم المجدلية كانت الوحيدة التي شهدت بأنها رأت يسوع بعينيها وتكلمت معه بعد قيامته من الموت , وهو بعد عند قبره .وهذا ما يتفرد به إنجيل يوحنا بقوله .
ولعل الواقع هو أن مريم المجدلية نفسها كانت تروي هذه القصة عن مشاهدتها الحية ليسوع قائما من الموت , فكان على أساس ذلك أن بدأ تلاميذ يسوع يقتنعون بقيامته , خاصّة بعد أن صاروا هم أيضا يشاهدونه حيا ويشهدون بذلك .

7

قضية يهوذا الاسخريوطي

في الأناجيل الأربعة إصرار على أن احد التلاميذ المقربين ليسوع _ وهو المدعو يهوذا سمعان الاسخريوطي _ كان هو الذي خانه وسلمه إلى رؤساء الكهنة اليهود الذين حكموا عليه بالموت .
وفي إنجيل متى أن يهوذا المذكور تسلم من رؤساء الكهنة "ثلاثين من الفضة" ثمنا لخيانته .
والواقع هو أن رؤساء الكهنة اليهود لم يكونوا بحاجة إلى خائن من بين تلاميذ يسوع ليتمكنوا من القبض عليه . وهو الذي دخل أورشليم علانية , فلاقته جموع من أنصاره هناك بالهتافات ل "ابن داود" و "ملك إسرائيل" .
يتابع المؤلف قائلا : ... إن خيانة احد تلاميذ يسوع له لم يكن لها أقل ضرورة للامساك به .
_ ويقول : ... فإذا كان يهوذا الاسخريوطي لم يغادر "العشاء الأخير" ليذهب ويأتي بالذين القوا القبض على يسوع , كما يستفاد من الأناجيل , _ وهو الأمر الذي لم تكن له اقل ضرورة أصلا _ فلماذا اختلقت قصة خيانته لمعلمه .
في إنجيل يوحنا إشارتان واضحتان إلى أن يهوذا الاسخريوطي كان مؤتمنا على "الصندوق" الذي كان يسوع ينفق منه على نفسه وعلى تلاميذه .
_ ويقول : ... أن يوحنا وبطرس اجتمعا على بغض يهوذا , وربما بعض التلاميذ شاركهما بذلك أيضا .
وإنجيل يوحنا , في الواقع , هو أكثر الأناجيل إصرارا على تخوين يهوذا . وفيه أنّ يسوع كان عارفا "من البدء" بنية يهوذا في الخيانة . ولو كان الأمر صحيحا , لما أوكل يسوع صندوق ماله إلى يهوذا أصلا , ولما بقي موكلا هذا الصندوق إليه إلى النهاية .
ولو بقي يهوذا الاسخريوطي في أورشليم مع سائر التلاميذ بعد غياب يسوع عنهم , لما تمكن احد منهم من اختلاق قصّة خيانته .
_ ويقول : ... ويتبين من ذلك أن يهوذا كان عالما ببغض سائر التلاميذ له , وخاصة بعض القادة منهم , من أمثال يوحنا وسمعان بطرس .
فعندما صلب يسوع الذي كان يحميه من بغضهم , لم يشأ أن يبقى بينهم . فاخذ الصندوق وهرب عائدا إلى بلاده في الحجاز ...

الإضافة القادمة هامة للغاية ..

17/9/2008
..
_________________







 
رد مع اقتباس
قديم 04-02-2009, 11:43 AM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

8

من هو بولس

تقوم الديانة المسيحية كما نعرفها اليوم على الأسس اللاهوتية التي وضعها لها الرسول بولس بين العامين 40 و 67 ميلادية تقريبا .
إذ إن بولس هو أول من جلّ "المسيح يسوع" أو "يسوع المسيح" عن كونه شخص مطالب بالعرش الإسرائيلي الذي كان لجده داود , بل علم بأنه هو "صورة الله غير المنظور ....
فمن هو هذا الرسول الذي عاصر يسوع من دون أن يكون واحدا من تلاميذه , بل ومن دون أن يلتقي به خلال حياته مرّة واحدة على الأرجح , ثم انتهى إلى الاعتراف به "ابنا" مجسدا لله "الآب" في "جسم بشريته" ..؟
يدقق المؤلف في نصوص أعمال الرسل , وبعض الأناجيل , ورسائل بولس نفسه , ويوضح نقاط تتعلق بتداخل الشخصيات , وإضافة مقاطع في أزمنه متقدمة , وهكذا , ثم يخلص إلى النتائج التالية :
1_ بولس اهتدى إلى يسوع بنفسه , من دون مساعدة أحد من الرسل الذين عايشوا يسوع وكانوا من تلاميذه .
2_ أنه عندما بدا بولس بتبشيره كان يعقوب أخو يسوع يعتبر رئيسا للرسل الذين في أورشليم , من أتباع يسوع الأوائل , يعاونه بطرس في تدبير شؤون جماعته . وبعد ذلك صار يوحنا أيضا واحدا من الثلاثة "المعتبرين" بين هؤلاء الرسل .
3_ أن يعقوب وبطرس ويوحنا كانوا يوجهون تبشيرهم في البداية إلى الإسرائيليين وليس إلا غيرهم , بينما وجه بولس تبشيره منذ البداية إلى "الأمم" التي لم تكن تمارس الختان .
4_ أن بولس كان يزدري بالرسل الذين في أورشليم , وهو الذي قال عن قادتهم "مهما كانوا , لا فرق عندي" ...
5_ أن بولس انتهى إلى إعطاء يعقوب وبطرس ويوحنا مالا ل "الفقراء" (أي لهم ولجماعتهم , بمعنى رشوة) , لكي يكفوا عن مقاومة تبشيره , ولضمان الحد الأدنى من حسن النية تجاهه .
6_ وأهم ما في الأمر : أن بولس يصر على كونه لم يستشر أحدا _لا حنانيا * في دمشق , ولا الرسل الذين بأورشليم _ بعد أن تجلت له الحقيقة بشأن يسوع شخصيا . بل هو ذهب مباشرة إلى "العربية" ( وهو الاسم الجغرافي الذي كان يطلق آنذاك على الأراضي الممتدة من المشارف الجنوبية لدمشق إلى أقصى الجنوب من شبه الجزيرة العربية ) .
ومن العربية هذه عاد إلى دمشق . وهو لم يذهب لمقابلة بطرس ويعقوب أخي يسوع في أورشليم إلا بعد ثلاث سنوات من عودته من "العربية" . هذا ما يقوله بولس بكل وضوح , بل ويقيم القسم عليه .
* (حنانيا رجل تقي التقاه بولس في دمشق وتلقى النصح منه )

وما يقوله بولس شخصيا عن نفسه يتلخص كما يأتي :
1_ كان بولس "عبرانيا" و "إسرائيليا" و "فريسيا" من سبط بنيامين , متقدما في "الديانة اليهودية" على الكثيرين من أقرانه . وكونه من سبط بنيامين قد يفسر عدم اكتراثه بكون يسوع سليلا من سبط يهوذا . وهو الأمر الذي لا يذكره إلا عرضا .
2_ كان بولس رجلا متعلما , ضالعا في عدّة لغات , وذلك على عكس الرسل من تلاميذ يسوع الذين كانوا جليليين بسطاء وعديمي العلم .
3_ اضطهد بولس "كنيسة الله" في البداية , بل أفرط في اضطهادها , إلى أن "سر الله" أن يعلن "ابنه" فيه ليبشر به بين الأمم من البشر , بغض النظر عن أصولهم , وسواء أكانوا يمارسون الختان أم لا يمارسونه .
4_ جرى تحول بولس من مضطهد لأتباع يسوع إلى رسول يبشر به ابنا لله عن طريق رؤيا ...
وكان بعد هذه الرؤيا أن توجه بولس فورا إلى "العربية" ليقف بنفسه , ومن دون وساطة أحد , على حقائق تتعلق بالرؤيا التي خبرها , وربما أيضا للوقوف على سر بشأن يسوع وأتباعه الأوائل الذين قدموا أرض فلسطين , كما سبق , عن طريق "عبر الأردن" من مكان ما لا بد أنه كان من " العربية" .
وبولس لا يفصح في أية من رسائله عن الفائدة التي جناها من زيارته ل "العربية" . لكن لا بد من أنه حصل هناك على معلومات في غاية الأهمية شاء أن يبقيها لنفسه , أو على الأقل أن لا يتحدث عنها في العلن .
ويبقى الواقع , وهو أن بولس لم يبدأ بتبشيره إلا بعد عودته من زيارة "العربية" . فلا بد , إذن , من أنه وجد في "العربية" ما ساعده على تبشيره بالعقيدة في "المسيح يسوع" التي أطلق عليها هو _وليس أحد قبله_ اسم "العهد الجديد" .
فما الذي وجده بولس في "العربية" .

17/9/2008
..

النص التالي هام للغاية ..
_________________







 
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2009, 10:44 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

9

مصادر الأناجيل الأربعة .. 1

يستفاد من "العهد الجديد" بان أتباع يسوع "الناصري" عرفوا في أورشليم ب "شيعة الناصريين" أو "النصارى" قبل أن يتسموا "مسيحيين" للمرة الأولى في إنطاكية.
وكان مذهب النصارى يسمى "الطريق" أو "طريق الرب" , قابل مع التسمية الإسلامية للمذاهب الصوفية ب "الطرق" وبالمفرد "الطريقة" .
ولعل هذا كان اسم المذهب الإسرائيلي المناصر لبيت داود أصلا : مذهب يشترك مع اليهودية في قبول الكتاب المقدس العبري أساسا له , ويختلف عن اليهودية في إعطاء مقاطع مختارة من هذا الكتاب تأويلات باطنية خاصة بالنسبة إلى انتظار "مسيح" من بيت داود يعيد الملك إلى بني إسرائيل .
ومن ذلك الإشارة إلى "النصارى" باليونانية على كونهم يشكلون "مذهب خاص" أو "شيعة" .
ويبدو أن مذهب النصارى الذي هو الطريق كان مركزه أصلا في "العربية" (أي بلاد العرب) قبل أن تنتقل به جماعة يسوع إلى فلسطين . وعندما تبين لبولس _وهو اليهودي المتعلم , والفريسي أصلا_ بأن يسوع هو المسيح بالفعل , لم يشأ أن يتوجه إلى من دمشق إلى أورشليم ليتلقى المعلومات عن مذهبه من أتباعه النصارى الذين بقوا هناك , وهم الذين كانوا "عاميين" و "عديمي العلم" , بل توجه فورا إلى "العربية" ليقف على حقيقة أمر "الطريق" من مصدرها الأصلي .
ويبدو أن ما وجده بولس في "العربية" وعاد به إلى دمشق هو "الرقوق" التي يتحدث عنها في الرسالة الثانية التي بعث بها من سجنه في روما إلى "الأب الحبيب" تيموثاوس , في أواخر حياته ...
يتّضح من الكلام أن بولس كانت لديه "رقوق" مهمة يعتمد عليها كأصول لتبشيره ب "المسيح يسوع" ثم ب "يسوع المسيح" , مهما كان صدر هذه الرقوق .

يذهب المؤلف إلى البحث بتكثيف عن مصادر الأناجيل المشتركة والمستقلة , واللغات المفترضة الأصلية لها , بدقة وعناية ...
ويصل إلى طرح السؤال : ما هو المصدر الذي اخذ عنه لوقا مصدر قصة ولادة يسوع , والذي ربما كان هو ذاته المصدر الآرامي المشترك بينه وبين يوحنا , من دون مرقس ومتى ..؟ , قبل محاولة الإجابة على هذا السؤال , علينا أن نتفحص النقاط الأساسية الواردة في إنجيل لوقا بشان ولادة يسوع :
1_ جاء الملاك جبرائيل إلى كاهن طاعن في السن اسمه زكريا ليبشره بان زوجته العاقر "أليصابات" , وهي المتقدمة في السن أيضا , ستلد له ابنا يسميه يوحنا . وهذا ما حدث .
ويوحنا الذي ولد لزكريا في شيخوخته هو يوحنا المعمدان .
2_ جاء الملاك جبرائيل إلى مدينة تسمّى "ناصرة" في الجليل , حيث بشّر عذراء اسمها مريم بأنها ستلد ابنا تسميه يسوع . وسألت مريم الملاك كيف يكون ذلك وهي لم يدخل عليها رجل بعد , فأجابها "ليس شيء غير ممكن لدى الله" .
3_ عندما حبلت مريم بيسوع "قامت ... وذهبت بسرعة إلى الجبال , إلى مدينة يهوذا " , حيث التقت أليصابات التي كانت نسيبة لها .
4_ كانت مريم مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف , وعلى ذلك ذهبت من الجليل إلى "يهوذا" وليس "اليهودية" بمفرها .
5_ صدر أمر من أوغسطس قيصر بان يجري تعداد عام للسكان في جميع البلاد الرومانية , وأن يسجل كل فرد في مدينته . فذهب يوسف من الجليل ليتسجل مع خطيبته مريم في بيت لحم لكونها مدينة داود في "اليهودية" (وليس في يهوذا) , وولدت مريم ابنها "البكر" يسوع هناك . ( وفي وصف يسوع بأنه الابن "البكر" لمريم ما يفيد ضمنا بأنها ولدت أبناء آخرين من يوسف بعد ولادة يسوع ) .
ونحن إذا استثنينا ما يرد في هذه القصة عن جغرافيتها وظروفها التاريخية العامة , وعن كون يوسف خطيبا لمريم , لم يدخل عليها بعد , عندما ولدت يسوع , وعن كون يسوع ابنها "البكر" مما يعني أنه صار لها وليوسف أبناء آخرون بعده , نجد ما تبقى من القصة مطابقا , في ما عدا التسميات , لما يرد في سورة مريم من القرآن عن مولد عيسى _ وليس المسيح_ ابن مريم .
إذ أن الرواية القرآنية تفيد ما يلي :
1_ كان زكريا ينادي ربه في المحراب عندما بشره الله بغلام اسمه يحيى , وليس يوحنا . وزكريا آنذاك شيخ طاعن في السنّ , وزوجته عاقر .
2_ كانت مريم قد "انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا" عندما أرسل الله ليبشرها بأنها ستلد عيسى .
3_ عندما سالت مريم رسول الله "أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا" أجابها الرسول بان ذلك "هين" على الله .
4_ عندما حملت مريم بعيسى , "انتبذت به مكانا قصيا" حيث "أجاءها المخاض" .
ويتبين من هذا التنسيق بين رواية لوقا لولادة يسوع , ورواية سورة مريم لولادة عيسى , أن المصدر الآرامي الذي اعتمده لوقا لرواية قصته كان يتحدث عن عيسى ابن مريم قائلا عنه ما يقوله القرآن .
وفي سورة النساء (الآية 171) من القرآن أن "المسيح عيسى ابن مريم" كان "كلمة" الله .
والإنجيل الوحيد الذي يعتبر يسوع تجسيدا لل "كلمة" هو إنجيل يوحنا الذي , هو أيضا , يبتدئ بالحديث عن يوحنا (بدلا من يحيى) , ثم ينتقل إلى الحديث عن يسوع (بدلا من عيسى ابن مريم) .
وفي سورة الصفّ من القرآن (الآية 6) أن عيسى ابن مريم بشر بني إسرائيل برسول يأتي من بعده اسمه "أحمد" .
والإنجيل الوحيد الذي يتحدث عما يشبه ذلك هو أيضا إنجيل يوحنا في كلامه عن "معزي" وعد يسوع (وليس عيسى) بمجيئه من بعده , ف "يعلمكم كل شيء ويذكركم بما قلته لكم" .
ويتضح من ذلك بان يوحنا كان مطلعا على المصدر الآرامي ذاته الذي نقل عنه لوقا قصة ولادة يسوع . وكان يوحنا , على ما يبدو , واعيا إلى أن هذا المصدر لا يتحدث عن يسوع الناصري , بكر يوسف النجار , الذي كان له أربعة أخوة أصغر منه معروفون بالاسم , عدا الأخوات , بل عن عيسى ابن مريم التي لم يكن لها رجل ولا أبناء غيره ...
وفي سورة النساء من القرآن (الآية 157) أن الحديث عن قتل اليهود ل "المسيح عيسى ابن مريم" (وليس ل "يسوع") ما هو إلا ظن مشكوك ومختلف فيه , إذ أنهم "ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم " ...
ولعل المصدر الآرامي الذي يتحدث عن عيسى ابن مريم (وليس يسوع بن يوسف النجار) كما يتحدث عنه القرآن ما كان إلا إنجيل "شيعة النصارى" من بني إسرائيل , ومن هذه الشيعة يسوع وأتباعه .
والمعروف عن هؤلاء النصارى أنهم كانوا يتبعون شريعة موسى , مثلهم مثل اليهود ,ولكن كان لهم أيضا إنجيل خاص بهم مكتوب بالآرامية تشير إليه الكتابات المسيحية القديمة . وهو إنجيل لم يعثر عليه إلى اليوم , ربما لان الكنيسة المسيحية "الرسولية" أتلفته في وقت ما .
ولا بد أن ورقة ابن نوفل , وهو القس الآرامي الذي عاصر بداية الإسلام بمكة , كان يعتمد هذا الإنجيل الآرامي بالذات . إذ يرد في صحيح البخاري أن ورقة كان يكتب من الأناجيل ب "العبرانية" بمعنى الآرامية في مفهوم ذلك العصر .
ويبدو مما سبق أن هذا الإنجيل الآرامي كان يقول عن عيسى ابن مريم ما يقوله القرآن تقريبا , أو ربما تماما .
ولذلك صدّق ورقة ابن نوفل على صحة التنزيل القرآني , على ما يقول البخاري وغيره في الحديث عن ورقة .
فإذا كان لنا أن نعرف ما كان عليه عيسى ابن مريم في غياب ما كان يقوله إنجيل "شيعة النصارى" عنه , فلا مصدر لنا إلا القرآن .
وما يفيده القرآن جملة هو أن "المسيح" عيسى ابن مريم أرسل نبيا إلى بني إسرائيل وأوتي "الكتاب" الذي هو الإنجيل (بالمفرد وليس بالجمع) مصدقا للتوراة التي أوتيت لموسى , ومحللا بعض ما حرّم فيها , فقبل به فريق من بني إسرائيل هو فريق النصارى , ورفضه آخرون , ومن هؤلاء اليهود الذين أجلّوا "عزير" (وهو شكل آخر لأسم عزرا مؤسس الديانة اليهودية) بدلا منه ...
ويشير القرآن إلى أن مريم التي ولدت عيسى من دون أن يكون لها رجل كانت بنت عمران , وأخت هارون , وأن مقامها كان ب "المحراب" حيث كان مقام كفيلها زكريا .
وذلك يعني أن مريم كانت تنتمي ليس إلى بيت داود من سبط يهوذا , كما كان الحال بالنسبة إلى يوسف النجار وابنه يسوع , بل إلى سبط لاوي من بني إسرائيل , وتحديدا إلى السلالة الهارونية من هذا السبط الذي كان لها وحدها الكهنوت .
علما بان عمران , حسب التوراة , هو والد موسى وهارون , وان هارون كان أول الكهنة من بني إسرائيل .
ويستفاد أيضا من القرآن بان عيسى ابن مريم كان يأتي بالآيات , أي أنه كانت له قدرة على عمل المعجزات .
وهو لم يقتل ولم يصلب , كما سبق, بل أن الله توفاه ورفعه إلى إليه (آل عمران 55 , النساء 158) .
وهو سيبعث حيا (مريم33) ليكون شاهدا على أهل الكتاب يوم القيامة (النساء 159) .

17/9/2008
..
_________________







 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009, 01:50 AM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
د.مصطفى عطية جمعة
أقلامي
 
إحصائية العضو







د.مصطفى عطية جمعة غير متصل


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

أخي العزيز / زياد
أشكرك وافر الشكر على نشر هذه المقتطفات ، وهذا كتاب يفتح آفاقا جديدة في تاريخ المسيحية ، ويثير الكثير من القضايا التي لم تجد إجابات حاسمة .
جهود رائعة منك
أشركك بحجم السماء .
أخوك
د. مصطفى عطية







 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009, 11:13 AM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: مسيحية بولس وقسطنطين .. ابن قرناس .

9

مصادر الأناجيل الأربعة .. 2

ولا بد من استدراك هنا بشان تعريف القرآن لعيسى ابن مريم بأنه "المسيح" , على كونه من أصل هاروني , وليس من أصل داودي .
فمن المعروف لدى أهل الاختصاص أن من بني إسرائيل من كان ينتظر مجيء مسيح داودي يخلص شعبه عن طريق (إعادة الملك إليه) , ومنهم من كان ينتظر مجيء مسيح هاروني (يعيد الكرامة لشعبه) عن طريق ((تقويم ديانته)) .

( الأقواس أعلاه , تدخل من الشايب )

ولا بد أن الإسرائيليين الذين كانوا ينتظرون مجيء مسيح كهنوتي كانوا يأملون بان يكون هذا المسيح عالويّا من نسل هارون , وليس من ألأسرة الصادوقية غير الهارونية الأصل التي أخذت الكهنوت الإسرائيلي عن بيت عالي من دون أن يكون لها حق في ذلك .
والقرآن يدل على هذا الأمر حيث يشير إلى تقديس النصارى لعيسى ابن مريم , وهو المسيح الهاروني النسب , خلافا لليهود الذين قدّسوا "عزير" (التوبة 30) , وهو الكاهن الصادوقي غير الهاروني الأصل .
ولا بد من أن عيسى وأمه مريم التي كانت تقيم في "المحراب" , وكذلك يحيى وأباه زكريا الذي كان كفيل مريم في "المحراب" ذاته (على ما يذكر القرآن) , كانوا ينتمون إلى السلالة العالوية ذاتها .
والظاهر أن أنصار الكهنوت العالوي من بني إسرائيل كانوا يشتركون مع أنصار بيت داود في عدائهم لليهود . وفي ذلك ما يفسر إتبّاع يسوع وجماعته لمذهب "النصارى" الذي اعترف بصدق نبوّة عيسى ابن مريم .
وفي القرآن إشارتان إلى فريق من غلاة النصارى كان يعتبر عيسى إلها , ويقول "الله هو المسيح ابن مريم" (المائدة 17,72) , فهل كان بين "الرقوق" التي عثر عليها بولس ما يمكن أنّه كان كتابا خاصّا (أو كتب خاصة) بهذا الفريق ..؟
لا يوجد في الأناجيل الثلاثة "المتناسقة" ما يدل على ذلك , إذ إن الكلام المنسوب إلى يسوع في جميع هذه الأناجيل لا يشير إلى مصدر غير بشري له .
غير أن هذا الأمر لا ينطبق على ما يسميه المختصون "مقاطع أنا" من إنجيل يوحنا ...
لعل مصدرها كان الكتاب الخاص بذلك الفريق من النصارى الذي اعتبر أن الله هو المسيح عيسى ابن مريم , كما هو وارد في القرآن .
وفي رسائل بولس اقتباسات غير معروفة المصدر ربما اقتبسها من هذا الكتاب , أو من كتب أخرى لتلك الجماعة من النصارى التي كانت تؤله عيسى ابن مريم , عثر عليها خلال زيارته إلى "العربية" .
ليس في رسائل بولس ما يشير إلى انه أعار اهتماما خاصا لما يمكن اعتباره أنجيل عيسى ابن مريم الخاص بالنصارى , من بين "الرقوق" التي حصل عليها خلال الزيارة التي قام بها إلى "العربية" .
ولكنه لا بد من انه اطلع على هذا الإنجيل , ولذلك أحجم عن ذكر والدة يسوع بالاسم على أنها مريم , تماما كما فعل يوحنا من بعده . أما الكتاب الخاص بالنصارى الذين كانوا يؤلهون عيسى , فيبدو انه كان المصدر الأساسي لتبشير بولس بكون يسوع هو "المسيح" ليس بمعنى المطالب بعرش داود , بل بمعنى الإله الواحد الأزلي الذي "ظهر في الجسد" . وكذلك فعل يوحنا ...
والتبشير هذا عن يسوع لم يكن تبشير أتباعه الأوائل في أورشليم الذين بقوا على شريعة موسى , يفرضون الختان على كل ذكر يطلب الالتحاق بهم إذا صدف كونه غير إسرائيلي الأصل , وغير مختون .
بل بولس هو الذي بدا بهذا التبشير , فأخذه عنه الذين وضعوا الأناجيل الربعة وغيرهم من "الرسل" حتى طغى على تبشير "النصارى" وأصبح التبشير "المسيحي" السائد .
والدليل على أن بولس وجد ما وجده من رقوق "شيعة النصارى"والجماعة منهم التي كانت تؤله عيسى ابن مريم , في مكان ما من "العربية" , هو دليل ظرفي لا قطعي . ولا يجوز الجزم في الموضوع على أساس هذا الدليل الظرفي وحده . فهل ثمة من دلائل أخرى تشير إلى هذا الأمر ..؟
يقول محمد بن عبد المنعم الحميري في حديثه عن نصارى منطقة نجران بالجزيرة العربية , في كتابه "الروض المعطار في أخبار الأقطار" (بيروت 1984 , ص 573) , "وكان أصل ذلك الدين بنجران " . ( ويلاحظ بالمناسبة كون نجران أقرب مناطق الجزيرة العربية إلى منطقة جيزان, حيث قرية عنطوطة التي هي في رأيي عناثوث , مركز اللاهوت الإسرائيلي "العالوي" ) .
ومن ميزات الديانة المسيحية القول "بالثالوث" . ( الآب , والابن , والروح القدس ) .
ومن المستبعد أن يكون إنجيل النصارى ( وهو الذي يقر القرآن بصحة تنزيله ) مصدر هذا القول .
بل لعل مصدره هو الإنجيل الخاص بالنصارى الذين اعتبروا عيسى ابن مريم إلها .
ومن غريب الأمر وجود ثلاث قرى متجاورة في منطقة محايل من تهامة عسير , إلى الغرب من منطقة نجران والشمال من منطقة جيزان , تحمل الأسماء الآتية " "المروة آل عيسى" , و "الخيال آل عيسى" , و "مشباح آل عيسى" . علما بأن عبارة "آل عيسى" قد تعني "بيت عيسى" أو "قوم" عيسى , وقد تكون لفظة "آل" في أسماء هذه الأماكن الثلاثة هي تعريب للفظة العبرية والآرامية "أيل" بمعنى "الإله" . أما "المروة" و "الخيال" و "المشباح" وهي التي تحير العقول في الأسماء المركبة لهذه القرى الثلاث , فلا بد من كونها تعريبا لما كان في الأصل الآرامي "ماروت" أي "سيادة" بمعنى "المُلك" فأصبحت "مروة" , "حيلا" بمعنى "الحيل" أي "القدرة" أو "القوة" فأصبحت "الخيال" (بقلب الحروف) , و "مشبح" بمعنى "التسبيح" أو "التمجيد" التي أصبحت "مشباح" .
وهكذا تكون هذه القرى الثلاث من "العربية" قد احتفظت بصفات الثالوث المنسوب أصلا إلى عيسى ابن مريم من ذلك الفريق من النصارى الذي اعتبره ليس مسيحا نبيا فحسب بل إلها , على ما يقوله القرآن بهذا الشأن .
فجاء من نسب هذا "الثالوث" من الصفات (الملكوت والقوة والمجد) إلى الله , ملحقا إياها "بالصلاة الربانية" التي أوردها متى في إنجيله .
ثم أتى ثالوث "الآب والابن والروح القدس" الذي جاء به بولس أول الأمر , على ما يظهر , فحل مكان ثالوث (الملكوت والقوة والمجد) الذي هو الثالوث الأقدم .
هذا هو تصوري لبدايات العقيدة المسيحية من الناحية التاريخية ...


18/9/2008
..
_________________







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:50 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط