|
|
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
26-08-2014, 10:41 PM | رقم المشاركة : 37 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الرابع من 07 : القسم الأول من 05 . ترامى إلى سمعي صوت يشبھ النحيب الخافت من غرفة سلمى...إنھا تبكي في صمت ...بل ھي تموت في صمت كما أظن ...وشعرت بانقلاب مفاجئ في المزاج ...يبدو أن مكيدتي على وشك أن تحطم ضحيتھا ... ولمحت طيف أبي في الشرفة وقد انعكس الضوء العمومي على اهابه فبدا شبحا وسط النحيب والظلام ... وتضمخت حواسي كلھا بسواد مفاجئ ...وسمعت والدي يناديني ھامسا : - طارق ... طارق واقتربت منھ وقلبي اخذ في الخفقان : - مساء الخير يا أبي ... رد علي بنبرة غير معھودة : - ما تفعلھ ليس خيرا يا طارق. .- ماذا تقصد يا أبي ؟ .- ألا تسمع معي ؟ ... إنھا تبكي عليك أيھا الجلف ... ھذه ھي الحقيقة التي نعرفھا جميعا ... وشعرت بالحياء الشديد ينتابني لولا أن ظلام المكان قد خفف من ذلك قليلا ... وأضاف : - إذا تركتھا ھكذا ستدمر حياتھا وتضيع حياتك لاحقا ... ثم قال بصوت رخيم : - ستضيع حياتك كما ضاعت حياتي ... ثم سكت على مضض وقد صدمتني مفاجأة ما يقول عن ضياع حياتھ فقلت مستزيدا قبل أن يقفل صدره : .- كيف ضاعت حياتك يا أبي ؟ ماذا تقصد ؟ ... أرجوك ... أريد أن افھم .. قال :- لو علمت أن الفھم يفيدك لأفھمتك ولكن سيضرك ... سيحطمك ... ھكذا ... ھكذا خرج الوالد العتيق من عصره الجليدي خطوة أو خطوتين ... إن السر الكبير الذي توقعت طيلة عمري انھ يخفيھ لم يكن وھما إذن ... إن بحياتھ سرا اكبر مني ومنا بكثير واراه يعود إلى كھفھ ليقبع بھ دھرا آخر فبادرتھ متشجعا بالظلام : - سكوتك ھو الذي سيحطمني يا أبي ... أريد الحقيقة مھما كانت مريرة ... قال كأنھ يھددني : - إذا لم تتزوج سلمى ... سأحطمك بالحقيقة ... وقام ثم استدار إلى غرفتھ وقد سمعت حركة أمامھ خمنت أنھا خالتي ربيعة كانت تسترق السمع وقد بدا صوت سلمى يميل للفتور رغم أنھ بقي مسموعا وسط سكون الليل ... ودخلت غرفتي ضائعا بين الھواجس والاستفزازات والمطامع ... إن علي أن أواصل مساندتي لزواج خالد المتعثر وعلي أن أستعد لاعتراف أبي الذي سيكون مدمرا، وعلي أن أستمر في الطريق الذي بدأ مع سعاد ... واستلقيت في فراشي منھكا وأشعلت سيجارتي وأخرجت ھاتفي لأضبطھ على السادسة صباحا وقد كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .... وفجأة تذكرت ...تذكرت أن في قائمة ھاتفي رقما أغلى من الذھب ...إنھ رقم سعاد ...لقد أعطتني إياه أيام كانت نوميديا مريضة لأطمئنھا أو أسألھا عن مصير ملفھا الطبي ... وخفق فؤادي بالفرح فجأة ... نسيت أبي ووعيده و سلمى ونحيبھا وذكرت فقط خالد وسعادتھ وإذا بالعدوى تسري إلى نفسي فاشعر بشيء يطوف بضفاف صدري محاولا الدخول ... انھ مزيج من الإعجاب والحرص والجشع واللھفة والحنين ...وتذكرت أن الوقت غير مناسب على الإطلاق ولكن الجيشان الذي كان يكويني بدا اكبر مني فضغطت على الزر الأخضر للھاتف فجاءني الصوت العذب الشفاف من ھناك : - الو ... طارق . قلت : - مساء الخير يا سعاد... قالت : - بل صباح الخير يا طارق ... وأصابني ما يشبھ الخجل ولكني مضيت : - أردت فقط أن أخبرك بأمور ھامة ... قالت : - بعد الواحدة صباحا ؟ ... ابتلعت ريقي فيما يشبھ الضيق وقلت : - لقد خطب خالد سلمى ووافقت ... قالت : - كنت أظنھا تريد شخصا آخر ... قلت : - لكن الشخص الآخر يريدك أنت ... وصمتت صمتا مريبا ... انھ اعتراف صريح مني برغبتي فيھا ولكني لم أتوقع أن يفاجئھا إلى درجة الخرس ... - سعاد ... الست معي ؟ - نعم ... نعم ... ھذا ھو الأمر الأول فما ھو الثاني ؟ وجاء دوري ليصيبني الخرس المؤقت حتى سمعتھا تقول : - طارق ... أأنت على الخط ؟ وشعرت بحلاوة اسمي يخرج من صوتھا عذبا رخيما فقلت : - سأمر عليك غدا مساء بالمدرسة لأمر ھام .... صمتت قليلا كأنھا تفكر ثم قالت : - ألا تستطيع أن تقولھ في الھاتف ؟ قلت : - أخاف عليھ من الاحتراق أو من الشلل ... وسمعت ضحكتھا الرائعة وھي تقول : - تصبح على خير ... وعجبت من ھذا الشيء العجيب الذي تحرك في صدري فكاد ينطقني شعرا ... لقد بدأت أفھم صديقي خالد قليلا كما أكاد أفھم بأسف شديد سلمى وھي تنتحب ... ونمت ما بين الثانية والسادسة في مھب الأحلام والكوابيس ... وبعدما نزلت في الصباح بساعتين سمعت في بيتنا جلبة وضجيجا فاقتربت من الباب وقد كان المحل خاليا ... كان ھناك حوار بدأ منخفضا ثم بدأ يعلو ويعلو ...وتبينت الأصوات جيدا ...كان صوت سلمى واضحا جليا وھي تقول : - لقد جئت شامتة لا مھنئة... وسمعت صوتا يحدثھا في خفوت فترد سلمى : - الأخت لا تسرق أحلام أختھا ... ويعود الصوت الخافت يقول شيئا غير أن سلمى تصيح : - قلت لك أن تنسي أنك عرفتني أو تعرفينني ... وإذا كان لك علي جميل فاسحبيھ واخرجي من ھنا حالا ... ھيا اخرجي اخرجي ... لم تكن سلمى تصرخ أو تصيح بل كانت تعوي كالحيوان البري الجريح واقترب الشخص الآخر من الباب فھرولت إلى المحل ونظرت من خلف الزجاج... وكانت مفاجأتي كبيرة ... إنھا سعاد ... |
|||
28-08-2014, 02:44 AM | رقم المشاركة : 38 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
حتدم الصراع ما بين سلمى وسعاد ،وما زال السر ينحبس في صدر الاب ليته ينبجس ونستريح، رغبات السارد الانانية تفتك بمن احبوه وتزيد الامهم |
|||
30-08-2014, 09:47 PM | رقم المشاركة : 39 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الرابع من 07 : |
|||
03-09-2014, 03:48 AM | رقم المشاركة : 40 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الرابع من 07 |
|||
10-09-2014, 03:27 AM | رقم المشاركة : 41 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الرابع من 07 |
|||
10-09-2014, 08:26 PM | رقم المشاركة : 42 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
أهنئك على العنوان ...روعة روعة ممتاز |
|||
12-09-2014, 11:43 PM | رقم المشاركة : 43 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الرابع من 07 |
|||
20-09-2014, 04:15 AM | رقم المشاركة : 44 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الخامس من 07 : القسم الأول من 04 ... وفتحت المحل متأخرا عن عادتي بعدما جاء خالد وأيقظني من الغيبوبة التي كنت غارقا فيھا ... تحول خالد إلى شعلة من النشاط وقد صرت قطعة من الخمود ... وراودتني فكرة البوح والاعتراف لأستريح منذ اليوم الأول ولكني تراجعت لكي لا افسد أفراح الآخرين ... وسرني قليلا ھذا الشعور الوافد الجديد ... شعور الخوف على أفراح الآخرين . وعندما صادفت سلمى في البھو وھي تعد بعض أغراضھا أشاحت بوجھھا عني ... ورغم أني ألقيت عليھا تحية الصباح إلا أنھا لم تجبني بشيء ... إن جرحھا عميق مؤلم وإن ديني تجاھھا ضخم كبير ولا بد من سداده ... ھذه ھي مھمتي التالية ... أن أسدد ديوني تجاه سلمى وخالد وخالتي قبل أن أتزوج ... لن اسكت ثلاثين عاما كما سكت والدي فضاع عمره بين الحسرات والندم . سأبوح بالحقيقة في أقرب فرصة كي أستريح ولأسدد كل ديوني وديون والدي ... ولم استطع أن أكمل الصبيحة في المحل فخرجت في السيارة قاصدا إحدى الضواحي المريحة ... كنت أبحث عن الراحة بأي ثمن ولم يكن في حياتي ما يبعث على الأمل وقد أخرج والدي أثقال الماضي فغطى بھا حياتنا حاضرا ومستقبلا ... لم يبق في أيامي سوى سعاد أملا بعيدا خافتا في الأفق ... نعم سعاد ... إنھا سعاد ولا احد سواھا ... إني أراھا جالسة في الجھة المقابلة من الاستراحة ... وھممت أن أناديھا أو أقوم إليھا ... وفجأة أرى شيئا غريبا ... أرى شابا وسيما أنيقا يقصد طاولتھا وھي تقوم لتستقبلھ بحفاوة وحرارة ... ھاھما يجلسان متقاربين يتھامسان ... ماذا يحدث ؟ ومددت يدي إلى ھاتفي كالعادة والتقطت صورة للمشھد المشئوم ... إن الشاب أكثر مني وسامة وأناقة وأفخم مني سيارة وھي الحسيبة الثرية تبدو ملائمة لھ تمام الملاءمة ... معھا ألف حق أن تفضلھ علي ... من أكون حتى تمتد مطامعي إليھا ؟ إن صيت والدھا يملأ المدينة والمدن المجاورة ... أما صيت أبي فلو عرفھ أحد فسيدفنھ حيا ... إنھ الانتقام الإلھي العادل ... إن كان ھذا حبيب سعاد فلا ألومھا لأنني تركت سلمى لأجل مالھا ومكانتھا وھي الآن تتركني لأجل مال ھذا الوسيم وأناقته فلا فرق بيني وبينك أيتھا المتسلقة ... إنھ الجزاء من جنس العمل ... وقمت من مجلسي دون أن أتناول شيئا وقد تحول كل شيء في عيني إلى لون الرماد والخريف والسحاب ... إنھا وطأة الاكتئاب تنھال علي شيئا فشيئا وقريبا سأحتاج إلى طبيب نفسي إذا لم أسرع بالاعتراف ... وعندما رجعت إلى البيت في المساء كان خالد قد حضر لوازم عرسھ تقريبا ... لقد اشترى للبيت أثاثا جديدا وأواني جديدة بعدما أزاح السابقة جانبا وطبع دعوات بأسماء المدعوين من أصدقائنا ومعارفنا وقدم طلبا لأفخر المطاعم لإعداد وجبات الحفلة ... بدا سعيدا على وشك التحليق ... وامتلأ بيتنا بالنسوة المدعوات للحفلة حيث بدت الحركة غير عادية وكنت أنقل مع العمال أغراض العرس حين لمحت سلمى بين النسوة في صدر البھو... |
|||
25-09-2014, 11:45 PM | رقم المشاركة : 45 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الخامس من 07 . القسم الثاني من 04 . كانت شاردة كأن الأمر لا يعنيھا ولما رأتني تفجر في عينيھا غضب جنوني ... ووجدت نفسي أعذرھا وأنا أتذكر سعاد جالسة إلى جوار فتاھا وأنا أتمزق من بعيد ... إنني في ھذه اللحظة أقف مع سلمى في خندق واحد ... لا أحد يشعر بك أكثر من جلادك أيتھا الضحية المسكينة ... وتحرك الھاتف في جيبي فإذا ھي الخائنة تطلبني ... … إنھا سعاد ... وفتحت الخط وجاءني الصوت الخائن يقطر نعومة وزيفا : - مساء الخير طارق... – مساء الخير – سمعت في المدرسة أن عرس سلمى ھذا اليوم ... ھل ھذا صحيح ؟ - ستزف عما قريب إلى زوجھا ... - – لماذا لم تخبرني ؟ لقد كانت صديقتي على كل حال ... وأقفلت الخط ... وقفز إلى ذھني خاطر ... لقد كان الھاتف لا زال بيدي حين سألني خالد في خضم فرحتھ : - ھل ھي سعاد ؟ - نعم ھي ... – ھل ستجيء ؟ - نعم - - أھلا وسھلا... - اسمع يا خالد ... وفتحت ألوم صور الھاتف وأظھرت صورة سعاد وفتاھا ... - أترى ھذه الصورة ؟ - من ھذا الذي يجلس مع سعاد ؟ - ھذا ما أريد أن تعرفھ لي من سلمى ؟ وأرسلت لھ الصورة إلى ھاتفھ ... وانتظرتھ على أحر من الجمر ... وجاءني بعد دقائق قائلا : - قالت لي سلمى إنھ أحد أقارب سعاد... وقطعت سلمى قول كل خطيب ... إنھ قريبھا وحبيبھا الثري الوسيم ... ھو الرجل المناسب في الوقت المناسب ... وبدأت السيارات المزينة تصطف بقرب بيتنا ... وقامت سلمى وقد لبست ثوبا أبيض ناصعا وإلى جوارھا خالد يتھاديان نحو سيارة فاخرة... وبينما الموكب على وشك الانطلاق توقفت سعاد بسيارتھا ذات الطراز الرفيع الذي لفت انتباه جميع الحاضرين وركبت مع سلمى في المقعد الخلفي وإلى جوارھا الآخر جلس خالد فيما جلس في المقعد الأمامي ذلك الخائن المدعو والدي إلى جوار صاحب السيارة ... وسار الموكب يجوب شوارع المدينة ... وشعرت بأننا كنا ننزف ... كان أبي ينزف وأنا أنزف و سلمى تنزف وخالد ينزف وسعاد تنزف ... علي أن أعترف لكي يتوقف كل ھذا ... ھذا ھو قراري النھائي الذي سأنفذه فور أن يعود العروسان من رحلة الزواج التي أوصى بھا الطبيب سلمى ...رحلة العسل … وطالت علي أيام الانتظار … وحدثت بيني وببن والدي وخالتي جفوة قاسية ... لقد نما بيني ويبنھما جدار لا يكسره إلا الاعتراف وسداد كل الديون ... إني مدين لخالتي التي ربتني كأمي بزوجھا الذي قتلھ والدي في السجن ومدين لابنتھا التي تزوجت زيجة تعيسة بالرجل الذي رباھا كابنتھ ومدين لزوجھا وصديق عمري بأبيھ الذي حرم منھ بسبب إحسانھ إلينا … كنت أشعر بالضآلة والحقارة والخزي حين أنتبھ أني وأبي نتقطع الأيدي التي تمتد إلينا بالجميل … كنت أغوص في ھذه الأوحال حين توقفتت سعاد بسارتھا أمام باب المحل ... دخلت بمنتھى الثقة والإقدام … حيتني باقتضاب فيھ مزاح وأخذت تدير ناظريھا بين الرفوف ... لقد لاحظت عدم انسجام المواد المعروضة في المحل لأني أبيع المواد الغذائية المصبرة والحبوب والخضر والفواكھ والخبز والمشروبات ومواد النظافة والتجميل والخردوات والأدوات المدرسة والأواني والتحف وأشياء أخرى ليس لھا تصنيف … قالت ضاحكة : - حانوتك يشبھ السوق الحرة ... ولم أعلق … ولاحظت انحطاط معنوياتي فخمنت السبب : - لاشك أنك تفتقد أخويك المتزوجين وتشعر بفراغ حياتك دونھما … ولم أجبھا بشيء لأني كنت أشعر بملل أخرس لساني وأعجزني حتى عن المجاملة والكذب والمراوغة والمداراة ... قالت : - لدي مفاجأة سارة ستزيل عنك ھذا الشعور بالوحدة ... ھيا أغلق المحل وتعال معي ... وأصابني ما يشھ الإحراج ... لم يكن لدي الخيار وھي تلح بھذه الثقة والجرأة أن أذھب معھا ... لن أخسر أكثر مما خسرت ... وانطلقت بنا السيارة صوب وسط المدينة حيث ودعتھا آخر مرة ... |
|||
10-10-2014, 09:45 PM | رقم المشاركة : 46 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الخامس من 07 |
|||
17-10-2014, 09:56 PM | رقم المشاركة : 47 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل الخامس من 07 : |
|||
30-10-2014, 04:59 AM | رقم المشاركة : 48 | |||
|
رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...
الفصل السادس من 07 : القسم الأول من 04 : ولم نشعر إلا و سلمى ومعھا خالد يقفان بالباب ...قمنا لاستقبالھما بالحرارة اللائقة ... أقبل خالد علي يقبلني ويقول : - كم افتقدتك يا صديقي فيما بدت سلمى متضايقة رغم تظاھرھا بالسعادة والرضي ... واستأذنت (خالد) بالخروج ولحقت بي سعاد ... وامتطينا السيارة على غير ھدى ... كانت سعادصامتة صمتا مريبا فالتفت إليھا فإذا دموعھا تسيل ... وسرت عدوى البكاء الصامت نحوي ... نزلت دموعي غزيرة حارة وأنا أرتب الأحداث ترتيبا جديدا ... لقد دفعت الحاجة أبي قديما إلى القدوم من الريف فجاء إلى المدينة باحثا عما يريد ...لقد سعى إلى الزواج ولما وقف الفقر دون أغراضھ مد يده واستدان من عمي بلقاسم الذي دفعھ حبھ لخالتي أن يتزوجھا مطالبا والدي الفقير بالسداد وھو يعلم أنھ لايملك المبلغ المطلوب , وتصادمت الرغبتان , فإما أن يدفع والدي ديونھ وإما أن يدخل السجن ... وقد اختار أن ينتصر لذاتھ ... لم يكن أمامھ إلا أن يتخلص من صديقھ فدبر لھ المكيدة التي قتلتھ في السجن... لقد كان مضطرا أن يدافع عن بقائھ وقد دفع ثمن ذلك أضعافا مضاعفة من راحتھ وعمره المديد بعد ذلك ... الكل دائن والكل مدين... الكل جان والكل مجني عليھ ... إنھما مثلنا أنا وخالد وكل أبناء جيلنا ... لقد أنجبني الفقير فقيرا فكان لا بد لي أن أثور على واقعي ... لم يكن أمامي سوى أخت خالد فتزوجتھا رغم أنھا أرملة وكانت فعلا بحاجة للزواج ... إنھا مصالح متبادلة أو ضرورات مترتبة عن تلك المصالح والأھواء وعندما ماتت ما كان علي أن أعود إلى الوراء لذلك اخترت سعاد وتركت سلمى ... لم أخدع سعاد ولم أظلم سلمى ... إني رجل نشيط طموح صاحب أملاك ... لقد صرت ملائما لسعاد تمام الملاءمة ولم أظلم سلمى حين تركتھا لخالد لأنھ يحبھا وھو فوق ھذا ثري أو يكاد ... فأين الخديعة في كل ھذه الأحداث العاقلة ؟ إن ما نسميھ خديعة أو نذالة أو حقارة ما ھو إلا ذلك الصدام الذي يحدث حين لا تتفق المصالح والمنافع والرغبات ... إنھا حوادث اضطرارية لابد منھا لكي تتحقق المصالح والمطامع التي إذا لم تتحقق ترتب عن ذلك صدامات أخرى وخسائر أخرى في أماكن أخرى ... فلو لم يفعل أبي ما فعلھ بصديقھ لقضى عمره في السجن وتشردت أنا بعد ذلك ... ولو لم أتزوج من نوميدياولم أسع إلى سعاد لحكمت على نفسي وعلى سلمى وعلى أبنائنا من بعدنا بالفقر المزمن والبؤس المؤبد ... إن طلب المصلحة الشخصية مصلحة غيرية بطريقة ما ووقوع الصدام والخسارة واقع لا محالة لھذا الطرف أو ذاك ... ھذا ھو منطق الأشياء... بل ھذا ھو منطق الحياة كما عرفناھا... وإذا أردنا مصلحة دون خسائر فأظن أننا نطلب المستحيل أو شيئا يشبھ المستحيل ... وشعرت أني سأجد كنز الكنوز لو استطعت أن أستمر في التفكير دقيقة أخرى ولكن صداعا فظيعا ھبط على رأسي فأحجمت عن ھذا الاستغراق ... ونظرت إلى سعاد فرأيت دموعھا لا تزال تنزل في صمت... وانتبھت إلى زجاج النافذة أمامي فإذا قطرات المطر قد كادت تحجب الرؤية فأدرت مساحات الزجاج وقد أخذت القطرات تزداد تسارعا وغزارة ... وقلت لسعاد وسط ھذا الجو الرمادي الكئيب : - ما رأيك فيما قالت خالتي ؟ - لا ذنب لك على كل حال ... - – وھل ھو ذنب عمي بلقاسم ؟ وسكتت دون تعليق ... قلت : - أظنھ كان ضحية ظروفھ ھو الآخر ... وتحركت في مكانھا كأنھا تحتج دون أن تنس ... فقلت : - الصراع سنة الحياة ولولاه لتوقف العالم منذ زمن بعيد ... ثم واصلت شارحا : - لو كان أبي مكان عمي بلقاسم لفعل مثلھ ولكنھ فارق الوضعيات والأماكن ليس إلا ... وساد بيننا صمت قصير بدت لي أنھا تفكر في كلامي وردت : - إنك ھكذا ستسوي بين الجاني والمجني عليھ ... قلت مستفزا : - تقريبا ... قالت : - لن يكون إذن أي داع للقانون وللعقاب... قلت وقد أعجبني توقد ذكائھا : - إلا إذا تساوت الوضعيات واتحدت المصالح ... قالت : - عدنا إلى البداية ... إلى صراع المصالح . قلت : - إذا تمكنا من توحيد المصالح قضينا على الصراع ... وسكتت قليلا فأضافت : - وإذا قضينا على الصراع فقد حلت أكبر معضلة عرفھا الإنسان ... وكدت أطير من خلف مقودي ... لقد وضعنا معا خلال ھذه الجولة الرمادية يدنا على الجرح النازف لمدينتنا ... بل نحن على وشك أن نوقف ذلك النزيف المزمن للإنسانية كلها !!! ... |
|||
|
|