الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتدى القصة القصيرة > قسم الرواية

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-08-2014, 10:41 PM   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الرابع من 07 :

القسم الأول من 05 .

ترامى إلى سمعي صوت يشبھ النحيب الخافت من غرفة سلمى...إنھا تبكي في صمت ...بل ھي تموت في صمت كما أظن ...وشعرت بانقلاب مفاجئ في المزاج ...يبدو أن مكيدتي على وشك أن تحطم ضحيتھا ...
ولمحت طيف أبي في الشرفة وقد انعكس الضوء العمومي على اهابه فبدا شبحا وسط النحيب والظلام ... وتضمخت حواسي كلھا بسواد مفاجئ ...وسمعت والدي يناديني ھامسا :
- طارق ... طارق
واقتربت منھ وقلبي اخذ في الخفقان :
- مساء الخير يا أبي ...
رد علي بنبرة غير معھودة :
- ما تفعلھ ليس خيرا يا طارق.
.- ماذا تقصد يا أبي ؟
.- ألا تسمع معي ؟ ... إنھا تبكي عليك أيھا الجلف ... ھذه ھي الحقيقة التي نعرفھا جميعا ...
وشعرت بالحياء الشديد ينتابني لولا أن ظلام المكان قد خفف من ذلك قليلا ... وأضاف :
- إذا تركتھا ھكذا ستدمر حياتھا وتضيع حياتك لاحقا ...
ثم قال بصوت رخيم : - ستضيع حياتك كما ضاعت حياتي ...
ثم سكت على مضض وقد صدمتني مفاجأة ما يقول عن ضياع حياتھ فقلت مستزيدا قبل أن يقفل صدره :
.- كيف ضاعت حياتك يا أبي ؟ ماذا تقصد ؟ ... أرجوك ... أريد أن افھم ..
قال :- لو علمت أن الفھم يفيدك لأفھمتك ولكن سيضرك ... سيحطمك ...
ھكذا ... ھكذا خرج الوالد العتيق من عصره الجليدي خطوة أو خطوتين ... إن السر الكبير الذي توقعت طيلة عمري انھ يخفيھ لم يكن وھما إذن ... إن بحياتھ سرا اكبر مني ومنا بكثير واراه يعود إلى كھفھ ليقبع بھ دھرا آخر فبادرتھ متشجعا بالظلام :
- سكوتك ھو الذي سيحطمني يا أبي ... أريد الحقيقة مھما كانت مريرة ...
قال كأنھ يھددني : - إذا لم تتزوج سلمى ... سأحطمك بالحقيقة ...
وقام ثم استدار إلى غرفتھ وقد سمعت حركة أمامھ خمنت أنھا خالتي ربيعة كانت تسترق السمع وقد بدا صوت سلمى يميل للفتور رغم أنھ بقي مسموعا وسط سكون الليل ...
ودخلت غرفتي ضائعا بين الھواجس والاستفزازات والمطامع ... إن علي أن أواصل مساندتي لزواج خالد المتعثر وعلي أن أستعد لاعتراف أبي الذي سيكون مدمرا، وعلي أن أستمر في الطريق الذي بدأ مع سعاد ... واستلقيت في فراشي منھكا وأشعلت سيجارتي وأخرجت ھاتفي لأضبطھ على السادسة صباحا وقد كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .... وفجأة تذكرت ...تذكرت أن في قائمة ھاتفي رقما أغلى من الذھب ...إنھ رقم سعاد ...لقد أعطتني إياه أيام كانت نوميديا مريضة لأطمئنھا أو أسألھا عن مصير ملفھا الطبي ...
وخفق فؤادي بالفرح فجأة ...
نسيت أبي ووعيده و سلمى ونحيبھا وذكرت فقط خالد وسعادتھ وإذا بالعدوى تسري إلى نفسي فاشعر بشيء يطوف بضفاف صدري محاولا الدخول ... انھ مزيج من الإعجاب والحرص والجشع واللھفة والحنين ...وتذكرت أن الوقت غير مناسب على الإطلاق ولكن الجيشان الذي كان يكويني بدا اكبر مني فضغطت على الزر الأخضر للھاتف فجاءني الصوت العذب الشفاف من ھناك :
- الو ... طارق .
قلت : - مساء الخير يا سعاد...
قالت : - بل صباح الخير يا طارق ... وأصابني ما يشبھ الخجل ولكني مضيت : - أردت فقط أن أخبرك بأمور ھامة ...
قالت : - بعد الواحدة صباحا ؟ ...
ابتلعت ريقي فيما يشبھ الضيق وقلت : -
لقد خطب خالد سلمى ووافقت ...
قالت : - كنت أظنھا تريد شخصا آخر ...
قلت : - لكن الشخص الآخر يريدك أنت ... وصمتت صمتا مريبا ... انھ اعتراف صريح مني برغبتي فيھا ولكني لم أتوقع أن يفاجئھا إلى درجة الخرس ...
- سعاد ... الست معي ؟
- نعم ... نعم ... ھذا ھو الأمر الأول فما ھو الثاني ؟
وجاء دوري ليصيبني الخرس المؤقت حتى سمعتھا تقول :
- طارق ... أأنت على الخط ؟
وشعرت بحلاوة اسمي يخرج من صوتھا عذبا رخيما فقلت :
- سأمر عليك غدا مساء بالمدرسة لأمر ھام ....
صمتت قليلا كأنھا تفكر ثم قالت :
- ألا تستطيع أن تقولھ في الھاتف ؟
قلت : - أخاف عليھ من الاحتراق أو من الشلل ...
وسمعت ضحكتھا الرائعة وھي تقول : - تصبح على خير ...
وعجبت من ھذا الشيء العجيب الذي تحرك في صدري فكاد ينطقني شعرا ... لقد بدأت أفھم صديقي خالد قليلا كما أكاد أفھم بأسف شديد سلمى وھي تنتحب ...
ونمت ما بين الثانية والسادسة في مھب الأحلام والكوابيس ...
وبعدما نزلت في الصباح بساعتين سمعت في بيتنا جلبة وضجيجا فاقتربت من الباب وقد كان المحل خاليا ...
كان ھناك حوار بدأ منخفضا ثم بدأ يعلو ويعلو ...وتبينت الأصوات جيدا ...كان صوت سلمى واضحا جليا وھي تقول :
- لقد جئت شامتة لا مھنئة...
وسمعت صوتا يحدثھا في خفوت فترد سلمى :
- الأخت لا تسرق أحلام أختھا ...
ويعود الصوت الخافت يقول شيئا غير أن سلمى تصيح :
- قلت لك أن تنسي أنك عرفتني أو تعرفينني ... وإذا كان لك علي جميل فاسحبيھ واخرجي من ھنا حالا ... ھيا اخرجي اخرجي ...
لم تكن سلمى تصرخ أو تصيح بل كانت تعوي كالحيوان البري الجريح واقترب الشخص الآخر من الباب فھرولت إلى المحل ونظرت من خلف الزجاج... وكانت مفاجأتي كبيرة ...
إنھا سعاد ...






 
رد مع اقتباس
قديم 28-08-2014, 02:44 AM   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
عبدالكريم قاسم
أقلامي
 
الصورة الرمزية عبدالكريم قاسم
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالكريم قاسم متصل الآن


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

حتدم الصراع ما بين سلمى وسعاد ،وما زال السر ينحبس في صدر الاب ليته ينبجس ونستريح، رغبات السارد الانانية تفتك بمن احبوه وتزيد الامهم
ربما يغير ما في صدر الاب شيئا من حياة السارد وقد لا يفعل ،بتنا بشوق اكبر لمعرفة الاحداث ، اسلوب مبهر واستعارات مدهشة استخدمهاالكاتب
، اضفت جمالا خلابا لعين القاريء
معك للنهاية







 
رد مع اقتباس
قديم 30-08-2014, 09:47 PM   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الرابع من 07 :

القسم الثاني من 05 :


نظرت نحوي بعينين ملأھما الغضب والدموع وھرولت دون كلمة وحين ھممت باللحاق بھا فوجئت بخالد يقف أمامي وھو يقول :
- أدرك أختك سلمى لقد أغمي عليھا ...
وأسرعت إلى البيت دون أن أوقف سعاد لأسالھا عما حدث أو أقاسمھا شيئا مما بت أتقلب في نعيمھ ...
كانت سلمى مضطجعة في فراشھا فاقدة وعيھا وقد وقف والدي عند رأسھا يحدق بھا في حزن وألم ...
وتذكرت وعيده الشديد لي ليلة البارحة وكانت خالتي تحاول إيقاظھا بالماء البارد والروائح النفاذة دون جدوى ...وبدا خالد كالمفجوع ...كان حائرا لا يدري ماذا يفعل ...وحملھا والدي كما كان يحملھا منذ ربع قرن أو يزيد ...وأدرت محرك السيارة والى جانبي الأيمن كان يجلس خالد في ذھول ...قصدنا مبنى العمران حيث يوجد طبيب مختص في الأعصاب ...بعدما أيقظھا وفحصھا وحقنھا بحقنة مھدئة وكتب لھا وصفة دواء قال لنا :
- لقد نجت من انھيار عصبي بأعجوبة ولھذا يجب أن تبتعد عن أي انفعال ....
وعندما كنا عائدين قال خالد لوالدي :
- ما رأيك يا عمي إبراھيم لو أعلنا الزواج وذھبنا في رحلة ھذا الأسبوع... سيكون ذلك مناسبا لنا جميعا ...
وھتفت أعماقي بالموافقة على ھذا الاقتراح ولكني قلت مبتسما :
- اسأ ل صاحبة الشأن التي تجلس خلفك ...
التفت إليھا خالد وقال في مودة بالغة :
- ھل تقبلين أن نتزوج ھذا الأسبوع ؟ ... أنا جاھز تماما ولا أريد منك شيئا...
وأعجبني المسار الذي أخذتھ الأحداث إذ لولا زيارة سعاد لما ھاجت سلمى ولما انھارت ولما تقرر التعجيل بزواجھا ... بقي شيء واحد يقف لي بالمرصاد ... إنھ والدي ... ذلك اللغز الكبير في حياتنا ...
إنھ متسمر بقربھا لا ينبس رغم التأثر البالغ الذي بدا عليھ ... وقالت سلمى بعد تردد :
- أنا موافقة إذا وافق بابا إبراھيم ...
ورأيت بابا إبراھيم في المرآة يبتسم كأنھ ينتحب ... وكاد خالد أن يزغرد لولا أن وجود أبي جعلھ يمسك حياء ...ونزلنا من السيارة فرحين أو كالفرحين ...وارتفعت زغرودة خافتة من حنجرة خالتي ربيعة وھي تصطحب سلمى إلى الفراش وانطلق خالد محلقا عبر درجات السلم ليشرع في إعداد لوازم الفرح
أما والدي فقد استوقفني بالباب وقال لي :
- عد إلى البيت مبكرا ... سأبوح لك الليلة بكل شيء ...
وانتابتني قشعريرة رعب ورھبة وانا أفتح المحل واستقبل المشترين ...إني على موعد مخيف مع والدي ھذا المساء ... إنھ موعد يكاد أن ينسيني موعدي مع سعاد الذي انتظرتھ منذ ليلة البارحة محلقا في السماء السابعة.
في تمام الرابعة مساء كنت أمام المدرسة انتظر ...لم يمض وقت طويل حتى كانت سعاد إلى جواري ...
انطلقت بالسيارة متمھلا صامتا ...
لم استطع أن أنسى ما حدث في الصباح ولا ما سيحدث في المساء ...إن الجنة حين تكون بين نارين تتحول إلى نار ثالثة ... شعرت أن سعاد متضايقة لصمتي أو لقلة الحفاوة الظاھرة فقلت مستدركا :
- كيف كان يومك ؟
قالت :
- بدأ سيئا ولا ندري كيف سينتھي ...
قلت :
- ماذا حدث بينك وبين سلمى في الصباح ؟ ...
ترددت قليلا ثم أضافت تقول :- بعدما أخبرتني أنت أنھا وافقت على خالد ذھبت لأھنئھا وأزيل بالمناسبة
ماكان من سوء تفاھم بيننا لكي نستعيد صداقتنا ...
وسكتت قليلا ثم واصلت :
- لقد اتھمتني بأنني أخطط منذ زمن لأخذك منھا وبأنني نفذت خطتي وجئت شامتة بھا وطردتني في الأخير طالبة ألا تراني ثانية ...
وسكتت برھة ثم واصلت :
- أظن أنھا تحبك كثيرا وإلا لما تخيلت كل ھذه المؤامرات ...وقد بدت لي متعبة جدا ..
ثم قالت كالمستدركة:
- لم أرھا في المدرسة صباح اليوم ... ھل ھي بخير ؟
وكان علي أن أجيب :
- لقد أغمي عليھا بعدما انصرفت وحملناھا إلى الطبيب وھي الآن تتماثل للشفاء ...
قالت في ما يشبھ الاستھزاء :
- إنھا تحبك إلى درجة الإغماء ...
وأردت أن أدير اتجاه الحديث الكئيب فقلت :
- وأنت ... إلى أي حد تحبينني ؟
خفضت رأسھا حياء وأنا أوقف السيارة قرب الحديقة العامة التي كانت غاصة بالمتجولين ...






 
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2014, 03:48 AM   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الرابع من 07

القسم الثالث من 05 ...


شعرت بحرارة وضيق يملآن الجو فاشتريت كوبين من الليمون المثلج وجلسنا متجاورين ...بدت الأمسية جميلة بعد ذلك وقد اختلطت فيھا نسمات منعشة بضجيج
الأطفال وأوليائھم ...قلت لھا وأنا اشرب آخر جرعة من الليمون البارد :
- لا شيء في الحياة أفضل من الخطوط المستقيمة ...
قالت متظاھرة بعدم الفھم :
- ماذا تقصد ؟
قلت :
- سأزوركم قريبا لأطلب يدك من أبيك ...
فكرت قليلا وقالت :
- و سلمى ما شعورك نحوھا ؟
قلت :
- متألم بشأنھا كما يتألم أي أخ بشان أختھ ... وعما قريب ... ستتزوج مع خالد ...
بدا ما يشبھ الدھشة على وجھھا ثم قالت :
- إذا كان الأمر كذلك فلنؤجل كل شيء إلى ما بعد زواجھا ...
قلت :
- أما أنا فلن اصبر ...
قالت في كبرياء :
- وماذا ستفعل ؟
قلت :
- سأسعى إلى أبيك وأخيك ...
قالت :
- لماذا ؟
قلت :
- للتعارف ... لمجرد التعارف ...
قالت :
- إذا كان الأمر كذلك فلا باس .
وركبنا السيارة عائدين إلى وسط المدينة ...
وعندما كانت تھم بالنزول في ساحة الأمير عبد القادر انتبھت إلى أنھا تلبس فستانا أنيقا جدا وتضع
عطرا فاخرا جدا كأنھا تقول بعطرھا وفستانھا ما لم تستطع قولھ بلسانھا ....
واقتربت ساعة الوعيد المخيفة التي طالما ترقبتھا .
رغم الموعد الغرامي الرائق لم استطع أن أنسى أن أبي بانتظاري بعد العشاء وبأنھ سيبوح لي بسر قد يحول حياتنا رأسا لظھر ...
واعتصمت بالصمت والصبر والانتظار ...
تناولنا عشاءنا حزانى صامتين كأننا في مأتم .
بدت لي سلمى حزينة حزن الوفاة لا حزن العروس وكذلك كانت خالتي في صمتھا ونظراتھا وھندامھا ...
أما والدي فصمتھ كان شيئا مألوفا لا يثير الانتباه .
تحول مزاجي من النقيض إلى النقيض وأنا أتحرك وسط ذلك الجو المجلل بالحزن والسواد ...
اصطحبت خالتي ابنتھا إلى غرفتھا لتسھر على صحتھا بعد الوعكة التي ألمت بھا فيما بدا والدي صامتا بسحنتھ الجامدة المتجھمة التي أخذت تبدو لي على وشك الذوبان ...
وطلب مني أن التحق بھ إلى حجرتھ ...
أجلسني أمامھ كأني تلميذ سيتلقى درسا في التاريخ وقد شعرت أن قلبي سيقف من فرط الخفقان رغم إني قضيت شطرا كبيرا من عمري انتظر ھذه اللحظة الحاسمة ...
وبدا لي أن لحظة المكاشفة أمامي وجھا لوجھ وان السر المرعب الذي توسمتھ طويلا يقبع بين شفتي والدي الغليظتين وتحت شاربيھ الكثيفين ...ونطق الوالد الصامت أخيرا :
- أريد أن اعترف لك بحقيقة مفزعة ولكنھا ضرورية حتى لا تتكرر أخطائي وتندم طيلة عمرك دون جدوى ...
وشعرت بأنھا مقدمة أثقل من الحقيقة المفزعة نفسھا وتمنيت لو قفز إلى لب الموضوع مباشرة ...
سحب مقعدا ووضعھ قبالتي وجلس عليھ قريبا مني وقال :
- لا أدري من أين أبدا ... أمن الريف ... أم من القرية التي صارت مدينة ...أم من المتجر ...أم من والدتك أو خالتك أو ... من السجن ؟؟؟...
ثم قام وفتح النافذة المطلة على الشارع الذي مال إلى الھدوء ...
كان والدي تائھا وكنت أكثر منھ تيھا وھويقفز بي من محطة إلى محطة حتى أشعرني بالدوار الذي جعلني أخرج سيجارة وأشعلھا لعلي أخنق بدخانھا أطنان القلق التي تستوطن رأسي ... وجعلت أسحب الدخان في شراھة وقلق بالغين فيما واصل والدي :
- ذات عام بعيد جئت من الريف فقيرا معدما بل عاريا حافيا جائعا وسدت أبواب ھذه المدينة التي كانت قرية يومھا وكنت مليئا بالطموح أكثر منك ...لم يفتح لي أحد بابھ سوى عمك بلقاسم والد خالد رحمھ الله ... كان ھذا البيت دكانا صغيرا وسط حي متواضع وقبلني عمك حمالا لديھ أجلب لھ البضائع في عربة يدوية من تجار الجملة ويدفع لي أجرة مقبولة وكنت أسكن في كوخ حقير على حافة القرية بجوار كوخ آخر يملكھ جدك لأمك حيث رأيت أمك لأول مرة وأعجبت بھا وأقرضني عمك بلقاسم مبالغ من المال تزيد عن أجرتي بمرات ... وبدأت أغرف من المحل ما أريد دون أن أسدد شيئا... وتزوجت من والدتك ورزقت بك... وزادت المصاريف وزادت الديون وحان أوان السداد ...
وتنھد تنھيدة حارة كأنھا زفير قادم من جھنم فيما غرقت في سحابة من الدخان ...






 
رد مع اقتباس
قديم 10-09-2014, 03:27 AM   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الرابع من 07

القسم الرابع من 05:


استرجع أنفاسھ وراح يروي :
- حين حان أوان السداد ضاقت بي الأرض وقد أمھلني عمك بلقاسم طويلا ولكنھ احتاج إلى أمواله عندما نوى الزواج من خالتك ربيعة وقد عادت من الريف بسلمى وماتت زوجتھ وتركت لھ خالد ...كان لا بد لھ من أموال ليغطي مصاريف زواجھ من خالتك وينفق فوق ذلك على ابنتھا سلمى وابنھ خالد فطالبني بديونھ ولكني لم استطع الدفع ...وسكت قليلا ثم استدار بعينين حمراوين على وشك الانفجار...
وانتبھت إلى أن السيجارة في يدي...دستھا في عصبية وانفعال ... كنت أغلي وأنا على وشك أن أصل إلى جذوري التي غابت عني عمرا طويلا ...
وبدا لي أن الغيث لم ينھمر بعد ...
عاد أبي إلى المقعد وجلس ثم واصل روايتھ :
- وجدت نفسي ذات يوم محاصرا بين الإنفاق عليك وعلى نفسي وعلى أمك وبين ديون متراكمة وبين صديق أغرقني في إحسانھ ولا يطلب سوى حقھ ... ولم أفق إلا وھو وراء القضبان متھما بالسرقة ثم لم يلبث أن مات حسرة ومرضا ...
قلت مستفھما :
- لقد دفعتھ الحاجة إلى السرقة إذن ؟
قال :
- عندما حضرت إلى الدكان ذات صباح كانت الشرطة تقبض عليھ وفي دكانھ مسروقات تم التبليغ عنھا ...
قلت :
- ھو لص ويستحق الحبس ...
قال :
- أتدري من اللص ؟
قلت : - ھو...
قال : - بل أنا...
وأضاف :
- أتدري من أبلغ عن السرقة ؟ ...
قلت :
- من ؟
قال :
- أنا ... أنا ... أنا ....
وظل يرددھا مرات ومرات ...
ثم قال :
- ومنذ ذلك الحين وأنا لا اعرف طعما للحياة ...
لست حيا ولا ميتا رغم أني حاولت التعويض بتربية ابنھ خالد وتزوجت خالتك ربيعة بعد ذلك وربيت ابنتھا دون جدوى ... ماذا سيقول خالد إذا علم أني قاتل أبيھ ؟ وماذا تقول خالتك حين تعلم أني قاتل زوجھا الذي أحسن إلي حين جئت من الريف صفرا حافيا عاريا ؟؟؟...
ووقف كأنھ يعلمني بانتھاء الجلسة قائلا :
- ھذا ھو مصيرك إذا ألحقت الأذى بسلمى التي أحبتك وأحسنت إلينا ھي وأمھا طوال ھذا العمر المديد ... ھل تضيف إلى إساءتي لزوج خالتك إساءة ثانية لابنة خالتك ... ستفقد طعم الحياة مثلي وتعيش حياتك نادما لا تستطيع البوح ولا الكتمان ...
ستعيش معلقا بين الأرض والسماء ...
أدرك نفسك قبل الأوان ...
وأشار لي بالخروج ...
قمت من موضعي شخصا جديدا لا أعرفني ...
وأبي الغامض الصامت شخص غريب لا علاقة لي بھ ...
ھذا ھو تاريخھ وحياتھ الماضية ... سلسلة من المكائد والكمائن والخيانات العظمى ...






 
رد مع اقتباس
قديم 10-09-2014, 08:26 PM   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
محمد محمد ابو كشك
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد محمد ابو كشك
 

 

 
إحصائية العضو







محمد محمد ابو كشك غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

أهنئك على العنوان ...روعة روعة ممتاز







 
رد مع اقتباس
قديم 12-09-2014, 11:43 PM   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الرابع من 07

القسم الأخير :


لقد سرق صديقھ وولي نعمتھ وقدمھ إلى الموت وحرم زوجتھ وابنھ من الزوج والوالد وحرم اليتيمة سلمى من رعايتھ وحنانھ ... سلسلة من الأخطاء بل من الجرائم التي تستنفد قانون العقوبات كلھ لو قام عليھا الدليل ....
أي والد قدر لي ؟؟؟ ...
كيف سأطيقھ بعد الذي عرفت ؟؟؟
ماذا سأصنع في المشاريع الكثيرة التي فتحتھا ؟؟؟
ھل سأمضي فيھا أم أغير وجھتي لكي لا يمضي عمري ندما وحسرات ؟؟؟
... ولم أستطع أن آوي إلى حجرتي ... لن أجد شيئا أقولھ لنفسي لتھدأ في أي مكان.... كل حكاياتي مرعبة وكل اعترافاتي مزعجة ... فأي مكان سيقبل بي ؟
ووجدت نفسي على قارعة الطريق أسير بلا ھدف ...
منذ ساعات كنت أحلق فوق السحاب وھاأنا الآن خيال شاحب ينكمش تحت الجدران ....
ھذا ھو الأب وھذه هي الجذور .
كذب وغدر وزيف ...
لقد قابل الوالد العتيد إحسان صديقھ بالإساءة والنكران ...
لقد أكل مالھ ودبر له مكيدة وبلغ عنھ وأدخلھ السجن حيث قضى ...
أية سيرة حالكة يا والدي ؟؟
أين أنا منك ومن أفعالك ؟
أنا لم أسرق ولم أسجن ولم أقتل ...
إني فقط أسعى بذكاء نحو مصالحي ...
صحيح أني ورثت ثلث أملاك والد خالد ولكن عن طريق زيجة شرعية وصحيح أني تخليت عن سلمى لخالد ولكن لأن خالد يحبھا ويتمناھا وصحيح أنني أنوي الارتباط بسعاد ولكن لأني بدأت أميل إليھا ميلا شديدا ...
مھلا أيھا الكذاب مھلا ...
صحيح أنك لم تسرق ولم تقتل ولكنك تسعى سعي اللصوص والقتلة ..
أنت لا تسرق أموالا ولا تزھق أرواحا ... إنك تسرق الأفراح وتقتل القلوب ... إنك وأبوك وجھان لعملة واحدة ...
ستندم ...
كما قال لك أبوك ...
ولن ينفعك الندم ...
ھكذا كانت أعماقي تضج بالعويل وتنضح بأسرارھا وأنا أتھادى بين اليقظة والإغماء ...
ومشيت طويلا ...
وعندما كانت قدماي على عتبة الباب بقي في رأسي خاطران ومعنيان ...
لقد صرت أكره والدي كراھية شديدة و لا بد أن أعترف لخالد ولخالتي ولسلمى ولسعاد وللجميع بكل شيء وإلا فسيلاحقني الشعور بالذنب وبالتالي لن أستريح أبدا...






 
رد مع اقتباس
قديم 20-09-2014, 04:15 AM   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الخامس من 07 :

القسم الأول من 04 ...


وفتحت المحل متأخرا عن عادتي بعدما جاء خالد وأيقظني من الغيبوبة التي كنت غارقا فيھا ... تحول خالد إلى شعلة من النشاط وقد صرت قطعة من الخمود ... وراودتني فكرة البوح والاعتراف لأستريح منذ اليوم الأول ولكني تراجعت لكي لا افسد أفراح الآخرين ...
وسرني قليلا ھذا الشعور الوافد الجديد ...
شعور الخوف على أفراح الآخرين .
وعندما صادفت سلمى في البھو وھي تعد بعض أغراضھا أشاحت بوجھھا عني ...
ورغم أني ألقيت عليھا تحية الصباح إلا أنھا لم تجبني بشيء ...
إن جرحھا عميق مؤلم وإن ديني تجاھھا ضخم كبير ولا بد من سداده ...
ھذه ھي مھمتي التالية ...
أن أسدد ديوني تجاه سلمى وخالد وخالتي قبل أن أتزوج ...
لن اسكت ثلاثين عاما كما سكت والدي فضاع عمره بين الحسرات والندم .
سأبوح بالحقيقة في أقرب فرصة كي أستريح ولأسدد كل ديوني وديون والدي ...
ولم استطع أن أكمل الصبيحة في المحل فخرجت في السيارة قاصدا إحدى الضواحي المريحة ...
كنت أبحث عن الراحة بأي ثمن ولم يكن في حياتي ما يبعث على الأمل وقد أخرج والدي أثقال الماضي فغطى بھا حياتنا حاضرا ومستقبلا ...
لم يبق في أيامي سوى سعاد أملا بعيدا خافتا في الأفق ...
نعم سعاد ...
إنھا سعاد ولا احد سواھا ...
إني أراھا جالسة في الجھة المقابلة من الاستراحة ...
وھممت أن أناديھا أو أقوم إليھا ...
وفجأة أرى شيئا غريبا ...
أرى شابا وسيما أنيقا يقصد طاولتھا وھي تقوم لتستقبلھ بحفاوة وحرارة ...
ھاھما يجلسان متقاربين يتھامسان ...
ماذا يحدث ؟
ومددت يدي إلى ھاتفي كالعادة والتقطت صورة للمشھد المشئوم ...
إن الشاب أكثر مني وسامة وأناقة وأفخم مني سيارة وھي الحسيبة الثرية تبدو ملائمة لھ تمام الملاءمة ...
معھا ألف حق أن تفضلھ علي ...
من أكون حتى تمتد مطامعي إليھا ؟
إن صيت والدھا يملأ المدينة والمدن المجاورة ... أما صيت أبي فلو عرفھ أحد فسيدفنھ حيا ...
إنھ الانتقام الإلھي العادل ...
إن كان ھذا حبيب سعاد فلا ألومھا لأنني تركت سلمى لأجل مالھا ومكانتھا وھي الآن تتركني لأجل مال ھذا الوسيم وأناقته فلا فرق بيني وبينك أيتھا المتسلقة ...
إنھ الجزاء من جنس العمل ...
وقمت من مجلسي دون أن أتناول شيئا وقد تحول كل شيء في عيني إلى لون الرماد والخريف والسحاب ...
إنھا وطأة الاكتئاب تنھال علي شيئا فشيئا وقريبا سأحتاج إلى طبيب نفسي إذا لم أسرع بالاعتراف ...
وعندما رجعت إلى البيت في المساء كان خالد قد حضر لوازم عرسھ تقريبا ...
لقد اشترى للبيت أثاثا جديدا وأواني جديدة بعدما أزاح السابقة جانبا وطبع دعوات بأسماء المدعوين من أصدقائنا ومعارفنا وقدم طلبا لأفخر المطاعم لإعداد وجبات الحفلة ...
بدا سعيدا على وشك التحليق ...
وامتلأ بيتنا بالنسوة المدعوات للحفلة حيث بدت الحركة غير عادية وكنت أنقل مع العمال أغراض العرس حين لمحت سلمى بين النسوة في صدر البھو...






 
رد مع اقتباس
قديم 25-09-2014, 11:45 PM   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الخامس من 07 .

القسم الثاني من 04 .

كانت شاردة كأن الأمر لا يعنيھا ولما رأتني تفجر في عينيھا غضب جنوني ... ووجدت نفسي أعذرھا وأنا أتذكر سعاد جالسة إلى جوار فتاھا وأنا أتمزق من بعيد ...
إنني في ھذه اللحظة أقف مع سلمى في خندق واحد ... لا أحد يشعر بك أكثر من جلادك أيتھا الضحية المسكينة ...
وتحرك الھاتف في جيبي فإذا ھي الخائنة تطلبني ... … إنھا سعاد ...
وفتحت الخط وجاءني الصوت الخائن يقطر نعومة وزيفا :
- مساء الخير طارق...
– مساء الخير
– سمعت في المدرسة أن عرس سلمى ھذا اليوم ... ھل ھذا صحيح ؟
- ستزف عما قريب إلى زوجھا ...
- – لماذا لم تخبرني ؟ لقد كانت صديقتي على كل حال ...
وأقفلت الخط ...
وقفز إلى ذھني خاطر ...
لقد كان الھاتف لا زال بيدي حين سألني خالد في خضم فرحتھ :
- ھل ھي سعاد ؟
- نعم ھي ...
– ھل ستجيء ؟
- نعم
- - أھلا وسھلا...
- اسمع يا خالد ...
وفتحت ألوم صور الھاتف وأظھرت صورة سعاد وفتاھا ...
- أترى ھذه الصورة ؟
- من ھذا الذي يجلس مع سعاد ؟
- ھذا ما أريد أن تعرفھ لي من سلمى ؟
وأرسلت لھ الصورة إلى ھاتفھ ... وانتظرتھ على أحر من الجمر ... وجاءني بعد دقائق قائلا :
- قالت لي سلمى إنھ أحد أقارب سعاد...
وقطعت سلمى قول كل خطيب ... إنھ قريبھا وحبيبھا الثري الوسيم ... ھو الرجل المناسب في الوقت المناسب ...
وبدأت السيارات المزينة تصطف بقرب بيتنا ...
وقامت سلمى وقد لبست ثوبا أبيض ناصعا وإلى جوارھا خالد يتھاديان نحو سيارة فاخرة...
وبينما الموكب على وشك الانطلاق توقفت سعاد بسيارتھا ذات الطراز الرفيع الذي لفت انتباه جميع الحاضرين وركبت مع سلمى في المقعد الخلفي وإلى جوارھا الآخر جلس خالد فيما جلس في المقعد الأمامي ذلك الخائن المدعو والدي إلى جوار صاحب السيارة ...
وسار الموكب يجوب شوارع المدينة ...
وشعرت بأننا كنا ننزف ...
كان أبي ينزف وأنا أنزف و سلمى تنزف وخالد ينزف وسعاد تنزف ...
علي أن أعترف لكي يتوقف كل ھذا ...
ھذا ھو قراري النھائي الذي سأنفذه فور أن يعود العروسان من رحلة الزواج التي أوصى بھا الطبيب سلمى ...رحلة العسل …
وطالت علي أيام الانتظار …
وحدثت بيني وببن والدي وخالتي جفوة قاسية ...
لقد نما بيني ويبنھما جدار لا يكسره إلا الاعتراف وسداد كل الديون ... إني مدين لخالتي التي ربتني كأمي بزوجھا الذي قتلھ والدي في السجن ومدين لابنتھا التي تزوجت زيجة تعيسة بالرجل الذي رباھا كابنتھ ومدين لزوجھا وصديق عمري بأبيھ الذي حرم منھ بسبب إحسانھ إلينا …
كنت أشعر بالضآلة والحقارة والخزي حين أنتبھ أني وأبي نتقطع الأيدي التي تمتد إلينا بالجميل …
كنت أغوص في ھذه الأوحال حين توقفتت سعاد بسارتھا أمام باب المحل ...
دخلت بمنتھى الثقة والإقدام … حيتني باقتضاب فيھ مزاح وأخذت تدير ناظريھا بين الرفوف ... لقد لاحظت عدم انسجام المواد المعروضة في المحل لأني أبيع المواد الغذائية المصبرة والحبوب والخضر والفواكھ والخبز والمشروبات ومواد النظافة والتجميل والخردوات والأدوات المدرسة والأواني والتحف وأشياء أخرى ليس لھا تصنيف …
قالت ضاحكة :
- حانوتك يشبھ السوق الحرة ...
ولم أعلق … ولاحظت انحطاط معنوياتي فخمنت السبب :
- لاشك أنك تفتقد أخويك المتزوجين وتشعر بفراغ حياتك دونھما …
ولم أجبھا بشيء لأني كنت أشعر بملل أخرس لساني وأعجزني حتى عن المجاملة والكذب والمراوغة والمداراة ...
قالت :
- لدي مفاجأة سارة ستزيل عنك ھذا الشعور بالوحدة ... ھيا أغلق المحل وتعال معي ...
وأصابني ما يشھ الإحراج ...
لم يكن لدي الخيار وھي تلح بھذه الثقة والجرأة أن أذھب معھا ...
لن أخسر أكثر مما خسرت ...
وانطلقت بنا السيارة صوب وسط المدينة حيث ودعتھا آخر مرة ...






 
رد مع اقتباس
قديم 10-10-2014, 09:45 PM   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الخامس من 07

القسم الثالث من 04 ...


نزلنا معا ودخلت وراءھا مبنى شاھقا ...
رقينا إلى الطابق الخامس بواسطة المصعد ...
كانت البناية جديدة والرواق نظيفا ...ودخلت خلفھا مكتبا فخما كانت تجلس إليھ فتاة في مقتبل العمر وضعت أمامھا جھازا حاسبا ولوحة باسمھا وتحتھا الأمانة العامة ...
ولم أنتبھ لما كتب على الباب من الخارج ...
وابتسمت الفتاتان لبعضھما ... ودخلتا إلى مكتب المسؤول ...
وھالني ما رأيت ...
كانت مفاجأة حقيقية كما قالت ...
انعقد لساني وكدت أصاب بالشلل ...
إنھ الشاب الذي قالت سلمى إنھ قريب لسعاد حين رأت صورتھ على الھاتف ...
لماذا جاءت بي ھذه الماكرة إلى قريبھا .؟؟؟
وبدت سعيدة وھي تقدمني إلى الرجل الشاب :
- الأستاذ طارق ...تاجر من الأثرياء يريد التعرف إليك ...
وحانت الساعة الحاسمة لتقدمھ لي ...
قالت وھي تشير إليھ بملء راحتھا :
- الأستاذ كمال ... رجل أعمال من الأثرياء يريد التعرف إليك ...
وانصرفت كأن وراءھا موعدا ...
الماكرة ...
أصرت أن تعرفني على قريبھا الثري تباھيا واستعلاء ولتريني المقر الذي يتخذه لأقارنھ بالمتجر الذي أعمل فيھ وأعرف حجمي ...
إن العقاب مازال يلاحقني من أفعالك أيھا الوالد النكد ...
ووجدت نفسي مضطرا لأعرف الرجل بنفسي وبأملاكي وبأنشطتي وبمشاريعي الحالية والمستقبلية وعرفني بدوره على أنشطتھ ومشاريعھ التي كانت تفوق مشاريعي بمراحل ...
كان مستوردا ووكيلا بعدة شركات عالمية وموزعا لمواد كثيرة ومساھما في عدة شركات وبنوك ...
لقد وقعت سعاد على كنز لا يقدر بمال فمن حقھا أن تفضلھ علي لأنھ أفضل مني فعلا ...
وقام الشاب يودعني وسلمني بطاقة بھا عنوانھ ومجالاتھ وھواتفھ ...
ولاحظت وأنا بمكتب الأمانة العامة أن الاسم العائلي للسيد كمال ھو نفس الاسم العائلي لسعاد فأيقنت أن سلمى كانت على حق حين قالت لخالد أنھ أحد أقاربھا وشدني الفضول لأعرف المزيد فاستدرت نحو الكاتبة وقلت في لباقة فائقة :
- ھل السيد كمال من أقارب الآنسة سعاد ؟
قالت : نعم .
قلت : - ما نوع القرابة بالضبط ؟
ابتسمت الفتاة ابتسامة ماكرة وقالت :
- أخوھا ...
- أخوھا؟
أفلتت الكلمة من فمي دون وعي ...
– نعم أخوھا ...
قالتھا الكاتبة وقد ازدادت ابتسامتھا الماكرة اتساعا ...
ماذا أسمع ؟؟؟ ھل كان سوء تفاھم أم سوء تقدير أم ماذا ؟؟؟ أخوھا؟؟؟ ...
يا للسخرية وأنا الذي ظننتھ حبيبھا أو خطيبھا وتعذبت لأجل ذلك أياما كالدھور...
ولكن سلمى قالت إنھ قريبھا ...
ألم تكن تدري بأنھ أخوھا أم تعمدت أن تعذبني كما عذبتھا ؟
كل شيء وارد ...
وكل شيء لا يھم وقد أعرفھ في حينھ ...
كل ما يھمني أنھا أختھ وأنھا ما تزال حبيبتي ...
نعم حبيبتي ...
يجب أن أراھا وأراھا وأراھا ...
إنھا البسمة الوحيدة التي بقيت في حياتي بعدما أخبرني لي ذلك الوالد عن مخازيھ ...
إنھا رفيقتي في رحلة الاعتراف ...
ولكن ماذا ستقول حين تعلم أني سليل رجل نذل ناكر للجميل ؟
إنھا رفيقتي الوحيدة التي بقيت لي وقد كدت أفقدھا نتيجة حكاية ملفقة أو غير مفھومة كما يجب ...
لولا أني سألت طرفا آخر لضاعت حقيقة سعاد إلى الأبد ...
وتوقف ذھني عند ھذا الخاطر فجأة ...
إن القصة التي حاكتھا الظروف والملابسات حول سعاد قد تكون نفسھا التي حيكت حول تاريخ أبي وماضيھ ... لا بد أن أسمعھا من طرف آخر غير أبي ...لا بد ...
من ھو ھذا الطرف يا ترى ؟
واھتز الھاتف في جيبي وأنا أمتطي سيارتي ...
إنھا سعاد تنتظرني قرب المدرسة ...
ونظرت إلى الساعة في لوحة القيادة ...
كانت تشير إلى منتصف النھار ...
وطار قلبي إلى المكان الموعود ...
إنھا تريد أن تسألني عما دار بيني وبين أخيھا دون شك .
وركبت إلى جانبي وانطلقنا بدون ھدف وأعماقي تضج بألف سؤال ...
قلت ونحن نقترب من محطة البنزين :
- لماذا أخذتني إلى ذلك المكتب ؟
قالت :
- لأنك طلبت مني ذلك ...
- أنا طلبت ذلك ؟
- ألم تطلب أن تتعرف على أبي وأخي لتطلبني منھما ؟
ودارت عجلات ذاكرتي إلى الوراء قليلا وتذكرت يوم طلبت يدھا فعلا وقالت بأن نؤجل ذلك إلى ما بعد زواج سلمى ... وقد تزوجت سلمى دون أن أتحرك نتيجة ما طرأ فتحركت ھي بدلا عني ...
كيف نسيت شيئا كھذا ؟
وأخرجت الھاتف وفتحت ألبوم الصور على صورتھا وصورة أخيھا وقبل أن تجيب كنت أنقد عامل لمحطة ثمن التعبئة ...
وحين استدرت إليھا لمحت على محياھا علامات استغراب وسرور :
- أنت تراقبني وتصورني متلبسة .
- أريد فقط أن أفھم معنى ھذه الصورة التي أربكت حساباتي .
- أخي وطلبني ليستشيرني في أمر يخصھ على انفراد ... ھذا كل ما في الأمر ...
- وأنا الذي اعتبرت لقاءكما خيانة عظمى ... لولا أني سألت كاتبة أخيك لكنت إلى الآن خائنة في نظري ...
- الحقيقةلا تؤخذ من مصدر واحد ...
- أصبت ... الحقيقة لا تؤخذ من مصدر واحد ...
وداھمتني يقظة مفاجئة ... ونظرت إلى الساعة ونحن لم نتناول وجبة الغداء بعد ... وأدرت المقود فجأة حتى قالت سعاد :
- إلى أين ؟
- - سنتناول الغداء عند خالتك ربيعة !!!






 
رد مع اقتباس
قديم 17-10-2014, 09:56 PM   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل الخامس من 07 :

القسم الأخير ..


استقبلتنا خالتي ربيعة بصمت فيھ طيبة وحذر وقدمت لھا سعاد بشيء من المبالغة : - ھذه سعاد... تعرفينھا جيدا ...إنھا الآن خطيبتي ...
وشعرت بدھشة المرأتين دون أن أھتم ...
كان والدي في المسجد وقد وضعت خالتي الغداء أمامنا وقد عزمت أن أعرف حقيقة والدي من مصدر آخر وأن أشرك سعاد في ھذه الحقيقة كي لا أجن إن كانت الحقيقة تدفع للجنون ...
قلت لخالتي :
- أرجوك يا خالتي العزيزة أن تخبريني عن ماضي والدي الذي أخبرني أشياء كادت تصيبني بالجنون ولم أصدقھا تماما ...
ترددت قليلا وھمت بالقيام فقلت لھا :
– أرجوك يا أمي ... أنت بمثابة أمي ... إذا لم أعرف الحقيقة سأقضي عمري ضائعا مثل أبي ... أخبريني لأسدد الديون التي علي إذا استطعت أو أعتذر إن لم أستطع...
قالت وقد بدا التأثر على وجھھا جليا :
- أريد وعدكما بالكتمان ...
قلنا بكلمة واحدة :
- نعدك بالكتمان ...
قالت :
- كان أبي – جدك - يسكن ھذا البيت مع أمك – أختي - حين كنت أنا متزوجة في الريف الذي جئنا منھ حيث عرفني أبوك ولما مات زوجي والد سلمى عدت ھنا حيث أبي وأختي ... فلحق بي أبوك ليخطبني ولكن والد خالد سبقھ وتزوجني بعد وفاة أم خالد فتزوج أبوك من أمك وكان يسيء معاملتھا حتى أخبرھا أنھ تزوجھا ليبقى قريبا مني فأصيبت بأزمة صحية وماتت وھي تضعك فضمك أبو خالد إلى سلمى وخالد ولكن أباك تزوجني بعدما قبض على والد خالد ومات في السجن ...
- ألا ترى كم ھو كريم... لقد أنقذني وأنقذنا جميعا من التشرد ...
نعم يا خالتي ...
نعم يا أمي إني أرى ...
أرى أنك لا تعرفين من القصة إلا نصفھا الذي رأيت ...
أما أنھ ھو الذي دبر المكيدة لعمي بلقاسم فلا أحد يدري بھا سواي وسواه ...
لقد روى لي ھذه القصة لأكفر عن ذنوبھ تجاه خالد و سلمى وتجاھك ...
فمن يكفر ذنوبھ ھو تجاھي ؟
لقد أحبك وكره أمي ...
لقد ماتت من القھر والكبت ...
إن الحقيقة الثانية إذا ضمت إلى الأولى جعلتنا جميعا ضحايا ...
أنا وخالد و سلمى وأنت يا خالتي ...
وأنت أيضا يا أبي ...
نعم ...
يا للعجب ...
أنت أيضا ضحية أفعالك ...
لقد دفعت عمرك ثمنا لأفعالك ...
قضيت سنينك محروما من الراحة والبسمة والأصدقاء ...
كل شيء في العالم يذكرك بجريمتك ...
لم تجدني إلا أنا لأسدد ھذا الدين ...
إني أجزم الآن أنك أكثرنا دفعا لثمن تلك الجريمة القديمة التي ارتكبتھا في سبيل المال ...
بل في سبيل خالتي ...
فتش عن المرأة في كل زمان ومكان...
فما ھو خلاصنا وخلاصك ؟
ليس الاعتراف خلاصا ولا سدادا ...
إن الاعتراف تنفيس وحسب ... تنفيس مؤقت تعقبھ نيران العداوة والانتقام ...
وستحدث بھذا جرائم أخرى تتطلب اعترافات أخرى ...
الحل يا والدي ويا خالتي ويا صديقي ويا أختي ويا حبيبتي ھو التعويض والتكامل ...
أن نعوض بعضنا يبعضنا ...
ولكن ... كيف ؟ كيف ؟ كيف ؟؟؟






 
رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 04:59 AM   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
جمال خادم
أقلامي
 
إحصائية العضو







جمال خادم غير متصل


افتراضي رد: الهدوء الذي سحق العاصفة ... رواية ...

الفصل السادس من 07 :

القسم الأول من 04 :
ولم نشعر إلا و سلمى ومعھا خالد يقفان بالباب ...
قمنا لاستقبالھما بالحرارة اللائقة ...
أقبل خالد علي يقبلني ويقول :
- كم افتقدتك يا صديقي فيما بدت سلمى متضايقة رغم تظاھرھا بالسعادة والرضي ...
واستأذنت (خالد) بالخروج ولحقت بي سعاد ...
وامتطينا السيارة على غير ھدى ...
كانت سعادصامتة صمتا مريبا فالتفت إليھا فإذا دموعھا تسيل ...
وسرت عدوى البكاء الصامت نحوي ...
نزلت دموعي غزيرة حارة وأنا أرتب الأحداث ترتيبا جديدا ...
لقد دفعت الحاجة أبي قديما إلى القدوم من الريف فجاء إلى المدينة باحثا عما يريد ...لقد سعى إلى الزواج ولما وقف الفقر دون أغراضھ مد يده واستدان من عمي بلقاسم الذي دفعھ حبھ لخالتي أن يتزوجھا مطالبا والدي الفقير بالسداد وھو يعلم أنھ لايملك المبلغ المطلوب , وتصادمت الرغبتان , فإما أن يدفع والدي ديونھ وإما أن يدخل السجن ...
وقد اختار أن ينتصر لذاتھ ...
لم يكن أمامھ إلا أن يتخلص من صديقھ فدبر لھ المكيدة التي قتلتھ في السجن...
لقد كان مضطرا أن يدافع عن بقائھ وقد دفع ثمن ذلك أضعافا مضاعفة من راحتھ وعمره المديد بعد ذلك ... الكل دائن والكل مدين...
الكل جان والكل مجني عليھ ...
إنھما مثلنا أنا وخالد وكل أبناء جيلنا ...
لقد أنجبني الفقير فقيرا فكان لا بد لي أن أثور على واقعي ...
لم يكن أمامي سوى أخت خالد فتزوجتھا رغم أنھا أرملة وكانت فعلا بحاجة للزواج ...
إنھا مصالح متبادلة أو ضرورات مترتبة عن تلك المصالح والأھواء وعندما ماتت ما كان علي أن أعود إلى الوراء لذلك اخترت سعاد وتركت سلمى ...
لم أخدع سعاد ولم أظلم سلمى ...
إني رجل نشيط طموح صاحب أملاك ...
لقد صرت ملائما لسعاد تمام الملاءمة ولم أظلم سلمى حين تركتھا لخالد لأنھ يحبھا وھو فوق ھذا ثري أو يكاد ...
فأين الخديعة في كل ھذه الأحداث العاقلة ؟
إن ما نسميھ خديعة أو نذالة أو حقارة ما ھو إلا ذلك الصدام الذي يحدث حين لا تتفق المصالح والمنافع والرغبات ... إنھا حوادث اضطرارية لابد منھا لكي تتحقق المصالح والمطامع التي إذا لم تتحقق ترتب عن ذلك صدامات أخرى وخسائر أخرى في أماكن أخرى ...
فلو لم يفعل أبي ما فعلھ بصديقھ لقضى عمره في السجن وتشردت أنا بعد ذلك ...
ولو لم أتزوج من نوميدياولم أسع إلى سعاد لحكمت على نفسي وعلى سلمى وعلى أبنائنا من بعدنا بالفقر المزمن والبؤس المؤبد ...
إن طلب المصلحة الشخصية مصلحة غيرية بطريقة ما ووقوع الصدام والخسارة واقع لا محالة لھذا الطرف أو ذاك ...
ھذا ھو منطق الأشياء...
بل ھذا ھو منطق الحياة كما عرفناھا...
وإذا أردنا مصلحة دون خسائر فأظن أننا نطلب المستحيل أو شيئا يشبھ المستحيل ...
وشعرت أني سأجد كنز الكنوز لو استطعت أن أستمر في التفكير دقيقة أخرى ولكن صداعا فظيعا ھبط على رأسي فأحجمت عن ھذا الاستغراق ...
ونظرت إلى سعاد فرأيت دموعھا لا تزال تنزل في صمت...
وانتبھت إلى زجاج النافذة أمامي فإذا قطرات المطر قد كادت تحجب الرؤية فأدرت مساحات الزجاج وقد أخذت القطرات تزداد تسارعا وغزارة ...
وقلت لسعاد وسط ھذا الجو الرمادي الكئيب :
- ما رأيك فيما قالت خالتي ؟
- لا ذنب لك على كل حال ...
- – وھل ھو ذنب عمي بلقاسم ؟
وسكتت دون تعليق ...
قلت : - أظنھ كان ضحية ظروفھ ھو الآخر ...
وتحركت في مكانھا كأنھا تحتج دون أن تنس ...
فقلت :
- الصراع سنة الحياة ولولاه لتوقف العالم منذ زمن بعيد ...
ثم واصلت شارحا :
- لو كان أبي مكان عمي بلقاسم لفعل مثلھ ولكنھ فارق الوضعيات والأماكن ليس إلا ...
وساد بيننا صمت قصير بدت لي أنھا تفكر في كلامي وردت :
- إنك ھكذا ستسوي بين الجاني والمجني عليھ ...
قلت مستفزا :
- تقريبا ...
قالت :
- لن يكون إذن أي داع للقانون وللعقاب...
قلت وقد أعجبني توقد ذكائھا :
- إلا إذا تساوت الوضعيات واتحدت المصالح ...
قالت :
- عدنا إلى البداية ... إلى صراع المصالح .
قلت :
- إذا تمكنا من توحيد المصالح قضينا على الصراع ...
وسكتت قليلا فأضافت :
- وإذا قضينا على الصراع فقد حلت أكبر معضلة عرفھا الإنسان ...
وكدت أطير من خلف مقودي ...
لقد وضعنا معا خلال ھذه الجولة الرمادية يدنا على الجرح النازف لمدينتنا ...
بل نحن على وشك أن نوقف ذلك النزيف المزمن للإنسانية كلها !!! ...






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:44 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط