الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-10-2009, 11:13 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

كمال الصليبي

خفايا التوراة
وأسرار شعب إسرائيل

دار الساقي

الطبعة الخامسة / 2002

مقدّمة الطبعة العربية

لعل أكثرية المسيحيين واليهود اليوم ما زالت تتمسّك بحرفية الكتاب المقدّس وتجلّ نصوصه عن النقد والتحليل. لكن الكثيرين منهم, ومنذ أكثر من قرن من الزمن, اعتادوا على قبول المعالجة العلمية لهذه النصوص كتراث إنساني قابل للبحث والنظر. وهؤلاء لم يكونوا من العلمانيين فقط, ففي جملتهم عدد كبير من رجال الدين وكبار الكهنة.
والكتاب المقدس عند اليهود يقتصر على الأسفار العبرانية مما يسمى بالتوراة والأنبياء والكتب. والمسيحيون يعتبرون هذه الأسفار "العهد القديم" من الكتاب, ويعتمدونها دينيا على هذا الأساس. أما "العهد الجديد" الذي يختصّ بالمسيحيين وحدهم, فيتألف من مجموعة من الكتابات اليونانية الأصل, وهي الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل والرسائل. ولعلّ المسيحيين تجرأوا على نقد نصوص الكتاب المقدس برمّته أكثر مما فعل اليهود بالنسبة إلى الجزء العبراني منه الذي يختصّ بهم. ولكن من اليهود أيضا من قام وما زال يقوم بمثل هذا العمل.
وما الكتاب الحالي إلا محاولة جديدة في هذا الحقل. وموضوعه هو نصوص التوراة وحدها مما يسميه المسيحيون بالعهد القديم. وهذه تتألف من خمسة أسفار منسوبة جميعها إلى موسى, وهي "سفر التكوين" و "سفر الخروج" و "سفر اللاويين" و "سفر العدد" و "سفر التثنية". ويسود الرأي بين العلماء بان الأجزاء القصصية من التوراة _ومعظمها محصور بأسفار التكوين والخروج والعدد_ هي في الواقع مزيج من التاريخ الشعبي والأساطير والخرافات, تمّ جمعها ثم تنسيقها فضبطها في زمن متأخر نسبيا من تاريخ بني إسرائيل. والكتاب الحالي ينطلق من هذا الرأي السائد بين أهل الاختصاص في موضوع التوراة. وما الجديد فيه إلا طريقة التحليل التي ربما تنجلي عن طريقها غوامض كثيرة من تفاصيل القصص التوراتية لم يتوصل الباحثون إلى إدراك الحقائق الكامنة في مضمونها من قبل بالوسائل النقدية التي اعتمدت حتى اليوم. وللقارئ أن يحكم لنفسه إذا كان ذلك صحيحا.

وقد حصل في أوائل عهد النقد التوراتي, بين القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين, أن جملة من العلماء أبدوا شكّا في كون أبطال القصص التوراتية _من آدم إلى موسى_ شخصيات تاريخية بالمعنى الكامل. ومنهم من لاحظ أن هؤلاء الأبطال من يبدو وكأن شخصيته, وبالطريقة التي تبرزها نصوص التوراة, هي في الواقع شخصية مركبة من عدّة عناصر تاريخية وغير تاريخية. ولكن هؤلاء العلماء لم يتمكنوا من إقامة الدليل والبرهان الكافي على ما لاحظوه. ثم جاء جيل جديد من الباحثين يطعن في ملاحظات هؤلاء الباحثين الأوائل ويشدّد على وحدة الشخصية التاريخية أو الأسطورية أو الخرافية لكل من أبطال التوراة. غير أن هؤلاء, هم أيضا, لم يتمكّنوا من الوصول إلى نتائج واضحة, على ادّعائهم عكس ذلك وإصرارهم على كونهم هم, وليس من سبقهم في الحقل, على المسلك العلمي الصحيح. والواقع هو أن الانفتاح الذهني بين العلماء التوراتيين في الغرب في القرن التاسع عشر كان أوسع بكثير مما هو عليه اليوم. وفي الكتاب الحالي إلى حدّ ما عودة إلى منظورهم مع فارق واحد, وهو أن الدليل المتوفر اليوم على ما كانوا يقولونه لم يكن قد توفر بعد في زمانهم.

وقد كان هؤلاء العلماء يقولون في وقتهم أن النقد العلمي للتوراة لا يضيرها كجزء من تراثهم الديني, بل يقوّي قيمة هذا التراث الذي لا بدّ من أن يرفض يوما ما إذا ما استمر الأخذ به على سطحيته, لكونه يحتوي على أشياء كثيرة لا يقبلها العقل.
والكتاب الحالي يأخذ من الموضوع الموقف نفسه.
فمهما قيل في أمر التوراة, فإنها تبقى جزءا لا يتجزأ من التراث الذي تقدّسه المسيحية, وعن حقّ, لأن جذور التعليم المسيحي تعود في أساسها إلى التوراة, وان كان فيها ما يذهب إلى أبعد من تعاليم التوراة دون أن ينقض المبادئ التي تقوم عليها. وقصص التوراة _كما لا بدّ وأن يتضح للقارئ_ لا علاقة لها بهذه المبادئ. بل هي صور احتفظت بها نصوص الكتاب المقدس من غابر العصور. وفي الاطلاع عليها والتحقيق بأمرها متعة ذهنية وفهم لحقائق من الماضي القديم مغمورة لآلاف السنين.
والكتاب الحالي وضع أصلا بالانكليزية, ونشرته دار الساقي تحت عنوان :
( Secrets of the Bible People ) .
والذي في متناول القارئ العربي اليوم ليس مترجما عن الانكليزية بل هو إعادة كتابة للموضوع ذاته بالعربية من قبل المؤّلف.

كمال سليمان الصليبي

..

مقدّمة

التوراة جاءت من جزيرة العرب: كان هذا عنوان كتابي السابق حول الجغرافيا التاريخية للتوراة, وهو يختصر القناعة التي توصّلت إليها في هذا الشأن, أكثر ما يكون عن طريق المقابلة اللغوية بين أسماء الأماكن الواردة في التوراة, وتلك التي موجودة في جنوبي الحجاز وبلاد عسير.
وقد حاولت في ذلك الكتاب إقامة البرهان, بمجموعة من الأمثلة, على أن مضمون التوراة لا يستقيم إلا إذا أعيد النظر فيه جغرافيا على هذا الأساس.
وعبثا حاول ويحاول علماء التوراة فهم مضمونها, من الناحية التاريخية, باعتبار أنها جاءت من فلسطين, حسب المفهوم التقليدي لجغرافيتها. فالأكثرية الساحقة من أسماء الأماكن التوراتية لا وجود لها في فلسطين. والأقلية الموجودة منها هناك لا تتطابق من ناحية الحدث مع تلك المذكورة بالأسماء ذاتها في التوراة.
وما زال علماء الآثار يبحثون في فلسطين عن دليل واحد قاطع على أن البلاد التوراتية كانت هناك, فلا يجدونه.
والأمر ذاته ينطبق على العراق والشام وسيناء ومصر, أي على الأرض "من النيل إلى الفرات" التي يفترض بان التاريخ التوراتي كان له شان مباشر بها.
هذا ما فصلته في كتابي السابق.
وما القصد من الكتاب الحالي إلا وضع نظريتي الجديدة حول الجغرافيا التاريخية للتوراة على المحك للتأكد من صحتها على وجه العموم, ولتصحيح ما ورد من أخطاء تفصيلية في الكتاب السابق على وجه الخصوص, وذلك عن طريق إعادة النظر في مجموعة من القصص التوراتية المألوفة على ضوء جغرافية جزيرة العرب.
وقد اخترت لهذه الغاية القصص التي ترويها الأسفار الخمسة الأولى من التوراة, أي كتب "التوراة" بالذات (التكوين, الخروج, اللاويين, العدد, التثنية), وأضفت إليها قصة واحدة من أسفار "الأنبياء" وهي قصّة النبي يونان التي يرويها سفر يونان.
وسوف اعتمد في البحث, كما في كتابي السابق, على النصّ العبري الأصلي للتوراة, بغضّ النظر عن التحريك التقليدي لهذا النص الذي يحوّر المعاني المقصودة أصلا في أحيان كثيرة. وهذا ما يقرّه أهل الاختصاص بشكل عام.
على أن هذا التحريك التقليدي المشكوك فيه ما زال معتمدا على وجه العموم في الترجمات الحديثة للتوراة, كما في الترجمات القديمة, ومنها الترجمة العربية المعتمدة من قبل الكنائس الإنجيلية التي أشير إليها عند الحاجة للمقابلة بين المقصود في الأصل والمفهوم في العرف السائد.
ولا بدّ في البداية من كلمة على طبيعة النصوص التوراتية التي سأعالج مضمونها في هذا الكتاب. فهناك إجماع بين أهل الاختصاص على أن سفر يونان هو من الأسفار التوراتية المتأخرة التي وضعت بعد السبي البابلي لشعب إسرائيل.
ومن هؤلاء من يبالغ في ذلك, فيقول أن هذا السفر وضع قرابة عام 350, وربما 250 قبل الميلاد. أمّا بشأن الأسفار الخمسة الأولى من التوراة, فيسود الرأي بشأن ثلاثة منها (التكوين, الخروج, العدد) أنها جمعت ونسقت في وقت متأخر, ربما بعد السبي البابلي, من أصول مختلفة. وكان علماء التوراة في السابق يسمّون هذه الأصول المفترضة "نصوصا".
وهم اليوم يفضلون الإشارة إليها على أنها "تقاليد" تعرّف اليوم على الوجه الآتي:
1 _ التقليد "اليهوي", وقد سمّي بذلك لأنه يتحدث عن الذات الالهية باسم "يهوه" (وفي الترجمات العربية المعتمدة "الرب").
والتقليد "اليهوي" هذا هو تقليد قصصي صرف يتميز بروعة الإيجاز وقوة العبارة, على بعض الاختلاف في الأسلوب, مما جعل أهل الاختصاص في النقد النصّي للتوراة يفرقون بين أكثر من تقليد "يهوي" واحد .
2 _ التقليد "الإلوهيمي", وقد سمي بذلك لأنه يطلق على الذات الالهية اسم "إلوهيم" (بالعبرية ءلهيم), أي "الله".
والتقليد "الإلوهيمي" هذا هو أيضا تقليد قصصي, على قدر من التأمل والذهاب إلى ما هو أبعد من الرواية الصرفة.
أضف إلى ذلك الفرق بين الشخصية المعطاة للرب "يهوه" في التقليد "اليهوي", وتلك المعطاة لله في التقليد "الإلوهيمي".
فالرّب "يهوه" في القصص "اليهوية" يتصرّف تماما كما يتصرف البشر, يحب ويكره, يعف ويجهل, يأنس ويغضب, الخ.
أما الله في الروايات "الإلوهيمية", فهو أكثر تعاليا عن عالم البشر.
3 _ التقليد "الكهنوتي", وهو يختلف عن التقليدين السابقين بكونه تعليميا, وليس قصصيا.
ويتميز هذا التقليد باهتمامه بالتشريعات والطقوس, وكذلك باهتمامه الخاص بالأنساب.
ويلاحظ تداخل التقليد "الكهنوتي" في التقليدين "اليهوي" و "الإلوهيمي" حيث يروي هذان التقليدان قصصا عن شخصيات معينة, فيأتي التقليد "الكهنوتي" ويعطي هذه الشخصيات أنسابها بأسلوب يختلف تماما عن أسلوب القصة.
وكثيرا ما يأتي التدخل "الكهنوتي" معكرا لصفو الأسلوب القصصي ومشوّها له في الروايات "اليهوية" و "الإلوهيمية".
وهناك شبه إجماع بين أهل الاختصاص على أن صاحب أو أصحاب التقليد "الكهنوتي" هم الذين قاموا بجمع الروايات "اليهوية" و "الإلوهيمية" في أسفار "التكوين" و "الخروج" و "العدد" أوّل الأمر, فأضافوا إليها ما أضافوا من تقليدهم.
وربما كان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد.
ويعتبر سفر "اللاويين" سفرا "كهنوتيا" صرفا, علما بان هذا السفر يقتصر على الأمور الطقسية والتشريعية, وهو السفر الوحيد بين الأسفار الخمسة الأولى من التوراة الذي لا يأتي على أية رواية قصصية.
بالإضافة إلى هذه التقاليد الثلاثة , "اليهوي" و "الإلوهيمي" و "الكهنوتي", يلاحظ وجود تقليد رابع لا اثر له في أسفار "التكوين" و "الخروج" و "العدد" ولا في سفر "اللاويين", وهو التقليد المتمثل بنص سفر التثنية دون غيره من الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.
ويتميز تقليد "التثنية" هذا بتشديده على مكانة بني إسرائيل كشعب خاص بالرب "يهوه" وعلى دور الرب "يهوه" الأساسي في تاريخ هذا الشعب.
ويسود الاعتقاد بان أصحاب تقليد "التثنية" هذا هم الذين قاموا بتدوين سفر "يشوع", وسفر "القضاة", وسفري "صموئيل" الأول والثاني, وسفري "الملوك" الأول والثاني, من بين الأسفار التوراتية التي تتناول تاريخ بني إسرائيل.
ويلاحظ أن هؤلاء "التثنويّين" كانت لديهم مصادر تاريخية استقوا منها المعلومات وصاغوا منها روايتهم "التثنوية" لتاريخ بني إسرائيل.

المهم في الأمر أن الأسفار الخمسة الأولى من التوراة, وهي الأسفار التي يطلق عليها أساسا اسم "التوراة", لم تكتب أصلا بقلم واحد.
وما هذه الأسفار إلا مجموعات من الأقاصيص الصادرة أصلا عن تقاليد مختلفة ربما كان بعضها مكتوبا, وقد تم جمعها وتنسيقها في وقت متأخر نسبيا, وأضيف إليها ما أضيف, فصارت جزءا لا يتجزأ من تصور بني إسرائيل لبداياتهم التاريخية.
هناك, بالطبع, نظريات أخرى بالنسبة إلى التركيب النصي للتوراة..
منه النظرية التي تشدد على أهمية المقابلة بين مضمون القصص التوراتية من جهة, ومضمون المدونات العراقية والشامية والمصرية القديمة من جهة أخرى, وعلى أهمية الربط بين روايات التوراة والمكتشفات الأثرية ما بين الفرات والنيل.
هذه النظرية مرفوضة مني بطبيعة الحال, علما باني لا اعتبر أن هناك أي علاقة حقيقية بين التوراة وتلك البلاد.
استثني من ذلك, طبعا, المدونات المصرية والعراقية القديمة التي تتحدث عن جزيرة العرب, وهي كثيرة.
وقد أسيء فهم مضمونها حتى الآن من قبل الباحثين, فاعتبرت أنها تتحدث عن فلسطين وبلاد الشام.

على الباحث في القصص التي ترويها أسفار "التكوين" و "الخروج" و "العدد" أن يأخذ كل قصة على حدة, فيحلل العناصر المختلفة التي تتكون منها لكي يقف على حقيقة أمرها.
وجل ما في الأمر أني سآخذ كل قصة من هذه القصص كما هي مروية في نصّها التوراتي بالأصل العبري, فأعيد قراءة هذا النص بأحرفه الساكنة دون الالتفات إلى تحريكها المسوري (أي التقليدي), وأحلل عناصرها على هذا الأساس في ضوء جغرافية جزيرة العرب, أي في ضوء ما اعتبره إطارها الجغرافي الصحيح.
وهذا ما سأفعله بعد ذلك بشان قصة النبي يونان.

وأهم ما في الأمر أن القصص التوراتية التي سأقوم بتحليلها في هذا الكتاب قد مُحّص فيها من قبل بناء على أن موقعها هو في بلاد ما بين الفرات والنيل فلم يتضح سرها على هذا الأساس.

الباب الأول

قصص التوراة

..






 
رد مع اقتباس
قديم 08-11-2009, 12:27 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي


كمال الصليبي

خفايا التوراة / وأسرار شعب إسرائيل
( Secrets of the Bible People ) .

اكتفينا بهذا المقدار من الاقتباس من مقدمتي الكتاب , نظرا لتعذر حصولنا على موافقة من دار الساقي , الجهة الناشرة والمالكة للحقوق , لتقديم فصوله بما يفيد حوارنا مع الدكتور الصليبي .
وبما يساعدنا على تعميم رؤية الدكتور الصليبي لأكثر الحقائق التي لا تزال تُقلق العقل البشري , قصص الأديان التوحيدية , وأعماقها التاريخية , وجغرافيتها الصحيحة , وأصولها القديمة .
من ضمن قراءة علمية ومختصة لتلك القصص في أصولها اللغوية القديمة , وهو عمل لا يملك أبجديته إلا قلّة قليلة ونادرة من علماء دراسات الكتاب المقدس , يتقدم عليهم الدكتور الصليبي علما وشجاعة , وأصالة إيمانية وإنسانية عليا .
وكل ذلك من ضمن صدق وصلابة إيمان الدكتور الصليبي , وإيماننا أيضا , بالأديان السماوية التي ننتمي إراديا لها , ونؤمن بمقدسها . وإصرارنا على نشر وتعميم ونقاش كل ما يساعد في جلاء مكامن الالتباس فيها .
بمقدار ما ترتقي الأديان السماوية بالعقل الإنساني في مدارج الأخلاق والاجتماع , واللقاء مع الإنساني الآخر .
بمقدار ما تتعرض للتهديم من قِبل تجار الهيكل من الداخل .
ففي كل بيت توحيدي منازل كثيرة , عندما تعجز عن الالتقاء في البيت الإبراهيمي التوحيدي الأول , من المؤسف أن نراها تتجه إلى فلسفة الإلغاء وثقافة الطبقات المذهبية السلبية .
كأن هذا المقدس السماوي الذي يستطيع الإنسان أن يَرِد مناهله العذبة بسهولة , ليس أكثر من هوية قبلية , وليس هوية الإنسان الجامعة والعليا .
بانتظار زمن قادم يخرج فيه المقدس السماوي التوحيدي الإبراهيمي الأول من أيدي تجار الهيكل .
وزمن يخرج فيه الفكر الإنساني الراقي من أيدي تجار الفكر .
سنحاول بدفء وسلاسة أن نُعيد صياغة هذه الفصول الاستثنائية , بمعنى إذابة ذهبها وإعادة صبه في قوالب طرية ولينة .
.
.
قصص التوراة
قضيّة آدم وذويه
وهي القصة الأولى في المقدس التوحيدي , تتحدث عن الخلق وبدايته , تتراكم في طبقاتها الأسطورة والخرافة بالتاريخ والخيال , واللغة الجافة بالشاعرية والرمز .
فالأسطورة هي معالجة شعرية خيالية لمادّة التاريخ . أمّا الخرافة , فالمادة فيها ليست تاريخية بقدر ما هي فلسفية تأملية .
هذا التراكم الأثري الفكري عبر الزمن الذي يرتب الحقائق بأناقة وأمانة لأنه لا يملك القدرة على العودة إلى الوراء .
الحقيقة التاريخية للمقدس التوحيدي تتوضع في بلاد اليمن وعسير في جنوب غرب جزيرة العرب , في تلال أثرية في جغرافية تلك الأرض العتيقة ولا تزال تنتظر التنقيب والكشف والتوثيق .
وفي تلال أثرية في ذاكرة وتراث قبائل تلك البلاد , في حلها وترحالها , عبر آلاف جليلة من السنين .
لنتابع مع الدكتور الصليبي التنقيب في (تل آدم وذويه الأثري) , طبقة تتلو طبقة , وحقيقة تتلوها الحقيقة .
في جغرافية سفر التكوين , جغرافية الخرافة والأسطورة , الأسطورة التي تختلف عن القصة بارتباطها كالتاريخ بجغرافيتها , وخدمتها كالتاريخ الغرض نفسه في راوية الأحداث والتغيرات والتحولات عبر الزمن .
في الطبقة الأقدم من (تل آدم وذويه الأثري) نجد قصة "الإنسان" أي "الآدم" الذي خلقه الرّب يهوه , وهو "الإنسان الأول" , جدّ جميع البشر .
1 _ قصّة الإنسان الأول :
التي تجري في جنة عدن , وهي واحة الجنينة بأسفل وادي بيشه , إلى الشرق من سراة عسير , وهي آخر النخيل والعمران في ذلك الصوب .
في صراع الآلهة , ليس أقل من ستة آلهة , بمعنى أنهم كانوا في الحقيقة التاريخية يعتبرون مجموعة قبلية , مثلهم مثل قبائل البشر , كـ "بني إسرائيل" وغيرهم .
خلق الرّب يهوه احد هذه الآلهة , الإنسان الأول في وادي أدَمَة من روافد وادي بيشه , ثم جنة عدن , ثم وضعه فيها ومنعه من الاقتراب من شجرتي الحياة / الخلود والمعرفة , أقدم شجرتين / أقدم إلهين .
حواء في القصة ليست زوجة "الإنسان الأول , الآدم" , بل الإلهة "أم كل شيء حي" , أي "أم جميع المخلوقات الحيّة" .
أكل الإنسان الأول من شجرة المعرفة ولم يأكل من شجرة الخلود فاستحق لوحده الطرد من جنة عدن لأنه الوحيد من غير طينة الآلهة الباقين جميعا بمن فيهم "الحنش" , الحيّة .
2 _ قصّة قايين وهابيل :
في الطبقة الثانية نجد قصة "الإنسان" الذي أنجب قايين وهابيل , بل نجد قصة قايين وهابيل لوحدهما .
عند التدقيق في اللقى اللغوية في الطبقة الثانية من (تل آدم وذويه الأثري) يفصل الدكتور الصليبي نهائيا بين "الإنسان الأول" , وبين قايين وهابيل , فقايين كانت له زوجة أنجبت له ابنه "حنوك" , ويعيش في عالم مسكون , وابتنى لنفسه مدينة , إذا هو ليس البكر "للإنسان الأول" الذي لم يكن في وقته إنسان آخر على الأرض !
والجدير بالملاحظة أن "الإنسان الأول , الآدم" وزوجته حوّاء , لا يلعبان أي دور في قصة خلاف قايين وهابيل .
وهذه القصة تتضمن قصتين متداخلتين , الأولى خرافة تعالج مسألة الخصام بين البشر , والثانية أسطورة تصوّر الأصول القبلية لشعب معين من شعوب جزيرة العرب في القدم .
تقول القصة أن حوّاء والإنسان تم بينهما الجماع فولدت له قايين ثم هابيل , ثم يختفي الإنسان وزوجته حواء من القصة .
هابيل راعي غنم , وقايين عامل في الأرض .
قدّم هابيل للرّب يهوه قربانا من أبكار أغنامه ومن سمانها . فقبل الرب قربان هابيل .
قدم قايين للرب قربانا من أثمار الأرض , فلم ينظر إليه , ولم يشرح له سبب رفضه لقربانه .
قتل قايين هابيل , وأنكر صنيعة يديه أمام الرّب يهوه فانزل الرّب يهوه عليه اللعنة وجعله تائها في الأرض .
أقر قايين بعظيم ذنبه أمام الرّب يهوه , وطلب منه أن يخفف عنه العقاب حتى لا يقتله في التيه أحد , فجعل له الرّب يهوه علامة "لكي لا يقتله كل من وجده" .
هذه هي الخرافة في قصة هابيل وقايين , وفي نهايتها بداية الأسطورة .
فتخوف قايين من سائر البشر في التيه الذي صار إليه يشير بوضوح إلى انه ليس الابن البكر "للإنسان الأول" بل يعيش في عالم مليء بالبشر .
ثم أن القصة لا تشير إلى حزن حواء على ابنها القتيل أو غضب الآدم من ابنه القاتل !
إذا هي قصة تعالج مسألة الخصام بين البشر , وقد رأى فيها بعض الباحثين محاولة لتفسير ظاهرة العداء بين المزارعين والرعاة على مر التاريخ .
ويرى الدكتور الصليبي في القصة ما هو أعمق من ذلك , يرى فيها لغزا خفيا يشير إلى نوعين من العبادات القديمة في جزيرة العرب : نوع يجيز لأتباعه أكل اللحوم , ونوع نباتي لا يجيز ذلك .
والقصة في أصلها لم تكن تتحدث عن دور للرّب يهوه في الخصام الذي قام بين قايين وهابيل , ثم أدخله في وقت لاحق أصحاب العبادة اليهوية , ليجعلوا منها جزءا من تراثهم .
وقد كانت هذه القصة جزءا من تراث ديني أقدم في الأصل مختصّا بعبادة الإله هُبَل , ولا تزال هناك قرية في وادي بيشه تحمل اسمه .
وهي العبادة التي بقيت موجودة في الجزيرة العربية حتى ظهور الإسلام . وهي عبادة تستند على أكل اللحم وضرورة تقديم القرابين منها .
صار من الضروري الآن البحث عن قايين جيدا في تفاصيل القصة , قبل أن تبدأ الأسطورة بالظهور فيها .
في اسم قايين ما يشير إلى أنه كان يعتبر الجدّ الأعلى لقبيلة "القين" في شمال جغرافية بلاد اليمن وهناك قريتين ما زالتا تعرفان باسم "النْودَة" ولعلهم كانوا يسكنون قبلا في جنوب اليمن بناحية مدينة عدن الساحلية .
وقد كانت قبيلة "القين" وضيعة الحال بين القبائل (شأنها في ذلك شأن الصلبة في الوقت الحاضر) , وتعتبر من العرب البائدة , وكانوا نباتيين .
وتشير العلامة في القصة إلى أنهم شعب يتميز عن غيره من شعوب البادية , ولا يُقاتل أو يقَاتل .
وتستمر الأسطورة في القصة فتتحدث ببعض الإسهاب عن ذّرّية قايين , أي عن تفرعات شعب "القين" والانتشار الجغرافي لأهمّ القبائل التي كان يتكوّن منها , في غربي جزيرة العرب على الأقل .
3 _ أدم وذريته
في الطبقة الثالثة نجد قصة الرجل المدعو "آدم" الذي أنجب "شيت" فصارت له منه الذرية التي تعتمدها التوراة كأساس لأنسابها , حسب التقليد "الكهنوتي" .
أسطورة آدم وذريته وأولهم ابنه "شيت" ثم حفيده "أنوش" , وافترض الباحثون أن "آدم" هو نفسه "الإنسان الأول" , متجاهلين أن اسم "آدم" هنا لا {يحمل أداة التعريف} .
افتراض الباحثين كان بسبب ما قام به أصحاب التقليد "الكهنوتي" , أو من عمل "المحققين" , في إضافة روابط على النص التوراتي القديم .
أما أسطورة آدم , فالغرض منها هو شرح علاقة النسب بين مجموعة من القبائل اليمنية الأصل , وعلى رأسها قبيلة "ثات" وقبيلة "أنس" المعروفة باسم "أنس الله" .
وقد استمر وجودهما في جنوب اليمن حتى العصور الإسلامية , ولكليهما ذكر في "صفة جزيرة العرب" للهمداني .
أما شخصية آدم في هذه الأسطورة , فهي ترمز بلا شك إلى منطقة جبل أَدِم باليمن إلى الجنوب من صنعاء , بين بلدتي إبّ و يَرِيم .
ويبدو أن هذه المنطقة كانت تعتبر في القدم الموطن الأصلي لقبيلة "الثات" التي تفرعت عنها قبيلة "أنس الله" .
وأهم ما يجب ملاحظته في أسطورة "آدم" و "قايين" والذرية التي كانت لكل منهما , هو مادّة تاريخية هامة تتعلق بأنساب بعض القبائل القديمة في جزيرة العرب , والتي طالما طواها النسيان

من الضروري ملاحظة :
أن {رابطا وحيدا افتراضيا} , يمتد بين هذه الطبقات القصصية الخرافية الأسطورية الثلاث , وهو شخصية "حواء" .
في القصة الأولى هي المرأة التي خلقها الرّب يهوه من ضلع الرجل , الإنسان الأول .
وهي في القصة الثانية الزوجة التي جامعها الإنسان , فولدت له قايين وهابيل .
أما في القصة الثالثة فهي في سفر التكوين "وعرف آدم امرأته أيضا فولدت ابنا ودعت اسمه شيتا" .

لا بد من الإشارة إلى أن :
علماء التوراة في السابق كانوا يسمّون هذه الأصول المفترضة "نصوصا" .
وهم اليوم يفضلون الإشارة إليها على أنها "تقاليد" تعرّف اليوم على الوجه الآتي:
1 _ التقليد "اليهوي", وقد سمّي بذلك لأنه يتحدث عن الذات الالهية باسم "يهوه" (وفي الترجمات العربية المعتمدة "الرب") .
2 _ التقليد "الإلوهيمي", وقد سمي بذلك لأنه يطلق على الذات الالهية اسم "إلوهيم" أي "الله" .
3 _ التقليد "الكهنوتي", وهو يختلف عن التقليدين السابقين بكونه تعليميا, وليس قصصيا.

ويلاحظ تداخل التقليد "الكهنوتي" في التقليدين "اليهوي" و "الإلوهيمي" حيث يروي هذان التقليدان قصصا عن شخصيات معينة, فيأتي التقليد "الكهنوتي" ويعطي هذه الشخصيات أنسابها بأسلوب يختلف تماما عن أسلوب القصة.
وكثيرا ما يأتي التدخل "الكهنوتي" معكرا لصفو الأسلوب القصصي ومشوّها له في الروايات "اليهوية" و "الإلوهيمية".
.
.






 
رد مع اقتباس
قديم 08-11-2009, 12:29 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي


.
.
خفايا التوراة ..
قضية آدم وذويه / الأسئلة .

دكتور ..

قصة آدم وذويه , تتكون من ثلاث عناصر على الأقل:
_ قصة الإنسان الأول .
_ قصة الإنسان الذي أنجب قايين وهابيل.
_ قصة الرجل المدعو أدم الذي أنجب شيت.
الحقيقة التاريخية والأسطورة وإعادتهما إلى جغرافيتهما الطبيعية وبيئتهما القبلية الصحيحة , تستمر في الكتاب كنظرية علمية تاريخية صلبة ومتكاملة وتراكمية في أبحاثكم كلها.
وننتظر كبقية المؤمنين والمهتمين بالتاريخ كملك جماعي إنساني وكأرضية مبدئية للتقارب بين جميع البشر , علم الآثار لتثبيت النظرية وجلاء تفاصيلها.

الخرافة أو الميثولوجيا هي ما نرغب في طرح بعض الأسئلة والاستفسارات حوله:

س1_ هل نستطيع القول أن التقليد "اليهوي" , هو جمع قصصي لكل أساطير بلاد عسير واليمن وجوارهما الجغرافي ..؟؟
س2_ هل نستطيع القول أن التقليد" الإلوهيمي" , هو الأكثر تعبيرا عن الفكر الفلسفي لشعب إسرائيل وتطور تجربتهم الدينية ..؟؟
س3- هل نستطيع القول أن التقليد "الكهنوتي" هو بداية صياغة وتحويل التقليدين السابقين إلى ديانة يهودية خاصة "بشعب إسرائيل" في أواخر زمن ملكهم في بلاد عسير ..؟؟
س4_ هل نستطيع القول أن عمل "المحقق" والتقليد "التثنوي" , هو الصياغة النهائية "للديانة اليهودية" وإحكام ربطها بالتراث الخرافي والأسطوري لجغرافية بلاد عسير وبلاد اليمن ..؟؟
س5_ من أي مصادر تعتقدون أن أصحاب التقليد "التثنوي" قد استقوا معلوماتهم التاريخية ..؟؟

ج (1-5): سوف أسمح لنفسي أن أجيب على الأسئلة الخمسة الأولى معاً، لكون هذه الأسئلة مترابطة. وعليّ أن أقول، بداية، بأني مقتنع، شخصياً، بالنظرية القائلة بأن الأسفار التوراتية التي تعالج أساطير بني اسرائيل وتاريخهم وصلتنا نتيجة لعمل تراكمي في التدوين ابتدأ، حسب رأيي، في (عهد الملك سليمان بن داوود القرن العاشر ق.م.)، وانتهى بين القرنين الخامس والثالث ق.م.
وكان سبق عملية التدوين، على ما يبدو، تواتر شفهي للقصص عن بني اسرائيل بين أجيال من رواتهم، أروعها القصص المنسوبة إلى التقليد اليهوي (أو، في الأصح، التقاليد المسماة اليهوية)، حيث يطلق على إله بني اسرائيل اسم "يهوه" (وفي الترجمات العربية، "الرب"). يلي ذلك القصص المنسوبة إلى التقليد "الإلوهيمي" (أو بالأحرى التقاليد الألوهيمية) حيث يسمى الإله ذاته "إلوهيم" (قابل مع العربية "اللهمّ"، على ما أعتقد، أو "هما- إلوهيم"، أي "الآلهة" (في صيغة جمع التفخيم pluralis excellentiae ).
هذان التقليدان بدأ تدوينهما معاً، على ما أعتقد، على أيدي كتبة يعملون تحت إشراف كهنوتي، بعد أن أصبح لبني اسرائيل مملكة وشأن، وبعد أن أصبحت لديهم تقاليد دينية توحّد صفوفهم في ظل مملكة "كل إسرائيل"، ثم ملوك مملكة "يهوذا" من سلالة سليمان. ولذلك جاء هذا التقليد يشدّد على خصوصيّة العلاقة بين بني اسرائيل والربّ يهوه الذي هو الإلوهيم بالنسبة إليهم. هذا التقليد الثالث (وهو التقليد التدويني الأول، أو بالأحرى التقاليد التدوينية الأولى) هو المسمى "التثنوي"، نسبة إلى سفر التثنية. وقد جاء هذا التقليد بحد ذاته تراكمياً، بحيث تتالت أجيال من الكتبة بين القرنين العاشر والسادس ق.م. في العمل على المادة ذاتها. كل جيل يتعامل مع هذه المادة بدوره، ويتلاعب بها أحياناً حسب أهوائه.
ولعل جذور التقليد المسمى "الكهنوتي"، أو بعضها، يعود إلى زمن المتأخرين من ملوك يهوذا، عندما قويت شوكة الكهنة الصادوقيين في المملكة. لكني أرجّح ان البداية الحقيقية لهذا التقليد جاءت بعد السبي البابلي (586 ق.م.)، بل وسقوط مملكة بابل في أيدي الفرس (535 ق.م.). كان الكهنوت الصادوقي في ذلك الوقت حل محل السلالة الداودية/السليمانية في قيادة بني إسرائيل في شتاتهم، فأخذ هؤلاء الكهنة يعملون، مع أنصارهم، على تحويل بني إسرائيل الشتات من شعب تاريخي إلى طائفة دينية ما لبثت أن تسمّت باليهودية (نسبة إلى مملكة يهوذا البائدة، علماً بأن الذال هي لغة في الدال). وابتداءاً من أواسط القرن الخامس ق.م. أي بعد الفتح الفارسي لبلاد بابل بقرن تقريباً، ظهر بين بني صادوق كاهن اسمه عزرا (في القرآن عُزير) كان هو، على الأرجح، الذي بدأ بالعمل على مراجعة ما وصله من المدونات الإسرائيلية القديمة وإعادة النظر فيها. والعملية هذه التي استمرت أجيالاً، مثل سابقاتها، هي ما يسمى التقليد الكهنوتي. وما الظاهرة التي تسمى "المحقّق" إلا كناية عن المراجعات الكهنوتية الأخيرة لنصوص الكتاب المقدس العبري الذي نطلق عليه اسم "التوراة". وهذا في الأصل اسم الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس.

س6_ هل نستطيع القول أن حصول "الإنسان الأول" على المعرفة قاده إلى (معرفة أنه سيموت , بمعنى "الأضحية" الطقسية) لأنه ثانوي في استمرارية الحياة الإنسانية , فاستحق الطرد من الجنة , بعكس "الأنثى الأولى" الرئيسية في استمرارية الحياة , بما يعنيه ذلك من شرح لإلوهية المرأة كديانة بدائية سبقت كل الديانات , قبل أن يظهر لاحقا الإله الذكر يهوه في الخلفية كمهيمن جزئيا على مشهد الخلق والسابق لظهوره بكثير ..؟؟
ج6- في هذا السؤال اجتهاد لطيف لم يخطر على بالي من قبل.

س7_ هل تتضمن قصة الإنسان الأول "تورية" لعبادة الأنثى / الأم الكبرى_الأرض , وهي الديانة التي كان يقدم فيها الذكر كقربان, (أضحية بشرية) .؟؟
ج7- في تحليلي لقصة الإنسان الأول، بدا لي أن المرأة التي أعطاها يهوه للرجل كانت إلاهة- وإلهة "أم كل حي" تحديداً. لكني لم ألحظ في القصة إشارة إلى أن الذكر كان يقدم قرباناً لهذه الإلهة.

س8_ هل تتضمن القصة تقديسا متأخرا لدور الكهنة تمت إضافته على عجل ..؟؟
ج8- يبدو لي أن لا تقديس في القصة لدور الكهنة، بل أن فيها محاولة واضحة للنيل من مكانتهم. وذلك بجعل مهمتهم ليست مساعدة الانسان على الرب يهوه، بل مساعدة الرب يهوه على الإنسان. مما يجعل من الكهنة أصدقاء للرب يهوه وأعداءاً للإنسان. ويبدو لي أن في هذا الجانب سخرية مقصودة.

س9_ هل كانت عبادة الأنثى / الأم شكلا دينيا بدائيا , عاد إلى الظهور لاحقا كديانة سماوية كما وردت في قصة عيسى ابن مريم القرآنية في نفس الجغرافية القديمة لهما في بلاد عسير ..؟؟
ج9- عبادة المرأة- الأم، الأخت والحبيبة/الزوجة في آن أحياناً- ظاهرة معروفة، وكذلك عبادة المرأة الأم البتول. وقد انتقلت هذه الظاهرة بقناع أو آخر إلى بعض الديانات التوحيدية المتطورة، أو إلى مذاهب من هذه الديانات. النص القرآني يشير إلى أن بعض قدماء النصارى كانوا يعتبرون مريم، والدة عيسى، إلهة، ويعتبر ذلك خروجاً من قبلهم عن الدين القويم. والأناجيل والرسائل، من ناحيتها، لا تأمر بتقديس أم يسوع أو تأليهها. أضف أن دساتير الإيمان الأصلية التي تقرأ في الكنائس، وأهمها دستور الإيمان المسمى النيقاوي (325م) لا يقر لمريم بمكانة لاهوتية خاصة، بل جل ما يقوله هذا الدستور بشأنها، في كلامه عن "الله الإبن": "وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء". لكن التقليد الموروث، بين عامة المسيحيين، كان أقوى من النصوص في إصراره على تقديس أم يسوع، بل ومخاطبتها مباشرة في الصلاة وطلب شفاعتها.
النساطرة، في العصور المسيحية الأولى، لم يجيزوا تسمية مريم "أم الله" لاعتبارهم إياها فقط أم "المسيح الانسان". وعلى هذا الأساس افترقوا عن اليعاقبة، وعن سائر المسيحيين جملة. والبروتستانت، في العصور الحديثة كان وما زال لديهم تحفظ شديد تجاه تقديس مريم ومخاطبتها في الصلاة وكأنها إلهة. لكن معظم المسيحيين في العالم ما زالوا متمسكين، وبشدة، بالتقليد المريمي، واعتبارهم إياه من أساس الدين. ولا بد أنهم قادرون، من خلال هذا التقليد، أن يروا في مريم صورة لواقع وجودي عميق المعني يتعذر على أمثالي من البروتستانت تفهمه.

س10_ هل تتضمن قصة قايين وهابيل , جلاء حقيقة الحاجة إلى أضحية بشرية ..؟؟
ج10- لا أظن ذلك.

س11_ وهل كانت قصة إبراهيم وإسماعيل نهاية هذا النوع من "الديانات الطبيعية" ذات الأضحية البشرية ..؟؟
ج11- لا يمكنني أن أجزم في المجهول.

س12_ هل كانت عادة وأد البنات استمرار لطقوس الأضحية البشرية البدائية إلى وقت ظهور الإسلام . بحيث صارت الضحية_المقدسة هي أنثى ..؟؟
ج12- لا معرفة خاصة لدي في الموضوع للبت في الأمر.

س13_ هل قصة الرجل المدعو آدم تتضمن صراعا بين نوعين من العبادات بين القبائل ..؟؟
ج13- هذا الأمر ينطبق على قصة قايين وهابيل. قايين كان نباتياً، على ما يبدو، ففضّل الرب يهوه أخاه الأصغر هابيل عليه لأنه كان مثل يهوه، يحب اللحوم ويهوى رائحة شيّها.

س14_هل نتوقع الكشف الأثري عن الإنسان البدائي الأقدم في جغرافية بلاد عسير , وربما في جوار "واحة الجنينة" , أسفل قرية العدنة , بوادي بيشه ..؟؟
ج14- جوابي الجديد عليه (وقد أجبت عليه سابقاً): لا معرفة خاصة لي بعلم الآثار. أضف أني، على وجه العموم، أتحفظ تجاه ما يُعلن عن نتاج علم الآثار إلا إذا جاء هذا النتاج مقترناً بنقوش على الموقع تؤكد ماهيته.

الحواشي :
_ شعب إسرائيل : ليس المقصود بهذا المصطلح لدى الدكتور الصليبي "إسرائيل الحالية" وهي التي سرقت هذه التسمية من الكتاب المقدس وألصقتها بالدولة العبرية التي تأسست عام 1948م .
بل المقصود ذلك الفرع من العرب البائدة الذي عاش في بلاد عسير والذي أضاء عليه القرآن الكريم في العديد من آياته , ويعود الفضل إلى الدكتور الصليبي في الكشف عن عملية التزوير التاريخية الضخمة التي ارتكبها الصهاينة عند سرقتهم لهذا الاسم ووصمِهم له عند استعماله اسما لدولتهم .
_ الديانة اليهودية : وهي السلف للديانة اليهودية الحالية , وهي تختلف تمام الاختلاف كما يقول الدكتور الصليبي عن الديانة الأصلية التي تديّن بها بنو إسرائيل من العرب البائدة .
مع العلم أن معتنقي الديانة اليهودية الحالية هم بأغلبيتهم المطلقة من غير الأصول السامية.
_ قصة عيسى ابن مريم القرآنية : حيث يمكن لنا أنَ نتلمس عودة ديانة الأنثى / الأم إلى الظهور في قصة عيسى ابن مريم القرآنية ونتلمس مضمونها أيضا في عقيدة الكنيسة الشرقية حين تعتبر السيدة مريم العذراء "حوّاء الأولى الجديدة" وأيضا تعتبر السيد المسيح "آدم الأول الجديد" .

خاص بوهيميا

..






 
آخر تعديل زياد هواش يوم 09-11-2009 في 04:42 PM.
رد مع اقتباس
قديم 12-11-2009, 05:33 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
دمون باسحيم
أقلامي
 
إحصائية العضو







دمون باسحيم غير متصل


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

قايين/قابيل: هو اسم بطل قصة جريمة القتل الأولى في البشرية
قايين: الاسم التوراتي
قابيل:الاسم القرآني
وهنا لدي ملاحظة
اللفظة( قابيل) اقرب لان تكون الاسم الحقيقي لذلك الشخص
انطلاقا من ان

قابيل :على وزن اسم هابيل

قابيل: اسم ادمي/انساني قديم يمكن فهم معناه اذا قسم الى مقطعين:قاب+ايل
قاب:1مقدار, قدر,2 قرب
والقَبُّ: رئيسُ القوم وسَيِّدُهم؛ وقيل: هو الـمَلِكُ؛ وقيل: الخَليفة؛ وقيل: هو الرَّأْسُ الأَكْبر
والقُبَّةُ من البناء: معروفة، وقيل هي البناء من الأَدَم خاصَّةً، مشتقٌّ من ذلك، والجمع قُبَبٌ وقِـبابٌ
وقابَ الرجل إِذا قَرُبَ ( لسان العرب) لذا يمكن ان نقول ان كلمة قابيل تعني:تقرب لله\القريب لله
كما ان هابيل تعني:هاب الله\ المهيب لله
وكذلك هو الامر لجبريل: جبروت الله


قابيل: بمعنى القريب لله يمكن ان نجد اسماء تاريخية تحمل نفس هذاالمعنى فهناك الملك اليمني السبئي( بالقرن السابع قبل الميلاد) كرب ايل= قرب ايل
اي: المقرب لله حيث ان ملوك اليمن قديما كانوا يلقبون انفسهم مكرب/مقرب
ذلك لأن الملك أنذاك لابد ان يكون كبير للكهنة
.
المصدر:< مقتبس من احد الابحاث التي اقوم بها والتي ستكون جزء من الكناب الذي اقوم بتأليفه حاليا>. دمون باسحيم






 
رد مع اقتباس
قديم 12-11-2009, 09:58 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دمون باسحيم مشاهدة المشاركة
قايين/قابيل: هو اسم بطل قصة جريمة القتل الأولى في البشرية

قايين: الاسم التوراتي
قابيل:الاسم القرآني
وهنا لدي ملاحظة
اللفظة( قابيل) اقرب لان تكون الاسم الحقيقي لذلك الشخص
انطلاقا من ان

قابيل :على وزن اسم هابيل

قابيل: اسم ادمي/انساني قديم يمكن فهم معناه اذا قسم الى مقطعين:قاب+ايل
قاب:1مقدار, قدر,2 قرب
والقَبُّ: رئيسُ القوم وسَيِّدُهم؛ وقيل: هو الـمَلِكُ؛ وقيل: الخَليفة؛ وقيل: هو الرَّأْسُ الأَكْبر
والقُبَّةُ من البناء: معروفة، وقيل هي البناء من الأَدَم خاصَّةً، مشتقٌّ من ذلك، والجمع قُبَبٌ وقِـبابٌ
وقابَ الرجل إِذا قَرُبَ ( لسان العرب) لذا يمكن ان نقول ان كلمة قابيل تعني:تقرب لله\القريب لله
كما ان هابيل تعني:هاب الله\ المهيب لله
وكذلك هو الامر لجبريل: جبروت الله


قابيل: بمعنى القريب لله يمكن ان نجد اسماء تاريخية تحمل نفس هذاالمعنى فهناك الملك اليمني السبئي( بالقرن السابع قبل الميلاد) كرب ايل= قرب ايل
اي: المقرب لله حيث ان ملوك اليمن قديما كانوا يلقبون انفسهم مكرب/مقرب
ذلك لأن الملك أنذاك لابد ان يكون كبير للكهنة
.

المصدر:< مقتبس من احد الابحاث التي اقوم بها والتي ستكون جزء من الكناب الذي اقوم بتأليفه حاليا>. دمون باسحيم
يمكننا توجيه هذا الطرح للدكتور الصليبي , وتحديدا عن مقدار ما يمكن ان تقدمه الترجمة العربية للاسماء التوراتية من دلالات وحقائق .
هل نستطيع ان نعتبر الاسماء اليمنية تعريبا ..!!

..






 
رد مع اقتباس
قديم 15-11-2009, 09:57 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
دمون باسحيم
أقلامي
 
إحصائية العضو







دمون باسحيم غير متصل


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

اذا كانت جغرافية التوراة تنطبق على جغرافية جنوب الجزيرة
فلابد ان تتطابق اسماء شخصيات قصص التوراة مع الاسماء الدارجة للقدماء في تلك المنطقة ايضا
فبغض النظر عن مدى مصداقية التوراة
فأن تلك الاسماء(سواء كانت لمناطق او لاشخاص) لم تاتي من فراغ
كما ان تاريخ تلك المنطقة اقدم من تاريخ التوراة الحقيقية التي كتبت على الالواح

ففي تاريخ اليمن القديم كان هناك ملوك و قلاع حملوا اسماء مثل:
يدع ايل- زيديل-وداديل-شراحيل-يأزيل....
ولا اقصد ان المح ان هذه الاسماء عبرية أو انني عندما احاول ان ابرر معناها فأنني اقوم بتعريبها
فانه لم يكن هناك اصلا لغةعربية شمالية ولغة عربية جنوبية و لغة عبرية واخرى ارامية وسريانية
بل كانت هناك لهجات عربية شأنها شأن اللهجات العربية اليوم
فلابد ان لاننسى ان امرئ القيس اعظم و افصح شاعر عربي كان جنوبيا يمانيا اصيلا

كما لابد ان لا ننسى ان المستشرقين و علماء اللغة الغربيين هم الذين صنفوا اللغات وكتبوا الكثير من النظريات وظنوا ان اختلاف و تنوع الخطوط في شبه الجزيرة العربية معناه وجود الكثير من اللغات العربية واطلقوا عليها اسم اللغات السامية
ولا نعرف ان كانوا قد زعموا ذلك عمدا لغرض في نفس يعقوب او انه بسبب جهلهم فكونهم ليس عربا فقد افتقروا للحدس و الحس العربي لفهم الكلمات و معانيها







 
رد مع اقتباس
قديم 15-11-2009, 11:10 AM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

بالتأكيد تطابق الأسماء الجغرافية مع الأسماء التوراتية هو أساس نظريات الدكتور الصليبي وغيره من الباحثين .

ولكن تثبيت النظرية يجب أن يستند إلى ما يقدمه علم الآثار الأكاديمي الأمين على اللقى الأثرية .

انتشار الدين اليهودي في جغرافية اليمن وجنوب غرب جزيرة العرب حقائق تاريخية ثبتها القرآن الكريم , ولا جدال في ذلك .

ما جاء من أسماء قرآنية تتعلق بجغرافية القصص التي تتحدث عن بني إسرائيل وعيسى ابن مريم , جاء بحقائق جغرافية وربط كل ذلك بجغرافية البيت العتيق وارض بكة وجوارها امتدادا إلى الجنوب إلى بلاد اليمن .

القرآن الكريم ثبت الحقيقة الجغرافية , وربطها بعلم الآثار , فالآية الكريمة التي تتحدث عن داود وصناعة الدروع من الحديد تشير إلى زمن استخدام البرونز وهو محدد علميا بالقرن الثاني عشر قبل الميلاد ويتطابق تماما مع تاريخ الملك داود والملك سليمان من ملوك بني إسرائيل , تماما كما جاء في الآية الكريمة .

ما نحتاج إليه فعلا هو إحداث قسم إسلامي تاريخي في جامعة عربية أو غربية محايدة , للقيام بتوثيق وأرشفة وبحث بعنوان (بني إسرائيل في القرآن والتفاسير) , لنجد أمامنا الحقائق كلها , مع قليل من التصويبات .

لنتذكر دائما أن التوراة برأي الدكتور الصليبي والكثير من المؤرخين العلميين , تعود إلى زمن داود وسليمان واستمر تجميعها وإعادة صياغتها إلى زمن السبي البابلي وبعد ذلك .
لتأخذ شكلها النهائي كمجموعة من الخرافات والأساطير والتاريخ الحقيقي والأدب الإنساني القديم .
في حين يعيد القرآن الكريم بدقة تلك القصص إلى أصولها الصحيحة , فبعضها قصص بني إسرائيل وبعضها قصص اليهود وبعضها قصص النبيين .

بنو إسرائيل من العرب البائدة , وهو ما يشير إليه القرآن أيضا , بل علينا أن ندرس بدقة كبيرة , الديانة الإبراهيمية في القران وأنبيائها الذين تحولوا إلى أنبياء للدين اليهودي في التوراة الموضوعة في بابل , واخذ المفسر الإسلامي ذلك من الربابنة اليهود في عصور لاحقة للرسالة النبوية وفي خارج جغرافية مكة في بلاد الشام والعراق كتكرار غريب لما حدث سابقا مع التوراة .

اللغة العبرية الحالية صناعة حديثة في مختبرات لغوية ألمانية في القرن التاسع عشر .
اللغة العبرية التوراتية , من سلالة اللغة العربية , وهي لغة بعض قبائل العرب البائدة .
البحث اللغوي , قضية مختلفة , وأنا من دعاة تسميته بالفقه اللغوي , وهنا يجب علينا , أن نستحدث علما جديدا نحتاجه لغويا وإسلاميا سماه الباحث الكبير يوسف سامي اليوسف , "فقه اللغة" .
دراسة اللغة العربية يجب أن تكون من هذه الزاوية , ومن النص القرآني يجب علينا أن نبدأ كأول وأهم نص مكتوب في اللغة العربية .

ما قبل ذلك كانت اللهجات التي تعود إلى فروع من (اللغة العربية البدائية) إذا جاز لنا التعبير , وهنا ينحصر البحث العلمي بعلم التاريخ والعلوم المساعدة كالآثار والأسماء الجغرافية والتراثية والأسطورية والخرافية .

بغض النظر عن كل ما قدمه الاستشراق من دراسات , وبغض النظر عن الخلفيات , العودة إلى كتاب الاستشراق لادوارد سعيد كافية لتقديم صورة واضحة ونهائية وكافية عن مقدار العبث والخداع في كل ذلك .

يوسف سامي اليوسف يحذر بشدة من الأخذ بالدراسات الغربية ومناهج البحث اللغوي الغربي , لدراسة اللغة العربية , وأنا أؤمن انه مصيب في ذلك تماما .
وأحاول هنا أن انقل واحدا من أهم ما كتبه في هذا المجال .
كما سبق ووضعت هنا قراءة متأنية لكتاب ادوار سعيد الاستشراق لأهميته .

من الممكن أن نستند في البحوث اللغوية العربية على المعاجم , ولكنها لوحدها لا تكفي , نحتاج لإطلاق علم فقه اللغة .
ونحتاج للبدء بدراسة بني إسرائيل في القرآن والتفاسير .

اعتقد بان جغرافية اليمن وبلاد عسير تختزن الفكر التوحيدي الإنساني الأول , لذلك هي تختزن اللغة الإنسانية الأكثر تقدما ومنها جاءت العبرية والعربية والتي بلغة في درجة اكتمالها حدا يشير إلى عظمة ما سبقها , وخصوصا إذا تأملنا بهدوء ودعة بحروف اللغة العربية وأشكالها ورمزيتها وهو موضوع لأبحاث لا تزال جنينية أيضا , علم حرف اللغة , وخصوصا عندما نحرره قليلا من الرؤية الصوفية , ونطلقه في ساحات الفلسفة وعلم النفس البشرية كما حاول أن يفعل يوسف سامي اليوسف .
وضعت هنا قراءات بدائية لرؤية الحرف العربية , وقسمت أشكال الحروف إلى مجموعات , في محاولة لتقديم تصور مبدئي من زاوية أدبية إذا جاز لي التعبير , فانا لست مختصا باللغة لأتمكن من تطوير الأفكار .
وعندما انتهي من نص يوسف سامي اليوسف , سأضع نصا عن الرازي فيلسوفا ثم أعود لتقديم ما سبق وكتبته بالاستناد إلى هذه الأبحاث الاحترافية .

اعتقد انك قادرة عل تقديم دراسات ممتازة في التراث اللغوي لجغرافية اليمن , جغرافية الفكر التوحيدي الإنساني الأول وارض الديانات السماوية الثلاث كلها , بل وما سبقها كذلك .
وأتمنى أن ينصرف اهتمامك في أبحاثك على فلسفة وفقه وحروف اللغة العربية .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 18-11-2009, 01:12 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
دمون باسحيم
أقلامي
 
إحصائية العضو







دمون باسحيم غير متصل


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

شكرا استاذي الفاضل
ولازلت انتظر المزيد من مواضيعك ومشاركاتك الرائعة







 
رد مع اقتباس
قديم 23-01-2010, 09:43 AM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

كمال الصليبي

خفايا التوراة / وأسرار شعب إسرائيل

Secrets of the Bible People

قصص التوراة
مَسأَلَـةُ نـوح

في رواية سفر التكوين لقصة نوح يلاحظ أنها تتحدّث أحيانا عن الرّب "يهوه" , وأحيانا أخرى عن "الله" .
وفي ذلك ما يوضح بأنها مزيج من قصتين , واحدة مأخوذة من التقليد "اليهوي" , وهي الخرافة , والثانية من التقليد "الإلوهيمي" , وهي الأسطورة .
ثم جاء التقليد "الكهنوتي" , فمزج بين الخرافة والأسطورة وأدخل عليها معلومات إضافية , منها الأنساب والتقويم الزمني .
ثم جاء "المحقق" , فوضع اللمسات الأخيرة لإضفاء صفة الوحدة على القصة المركبة أصلا .

عبر الجغرافيا القديمة للحضارات المختلفة هناك دائما قصة الطوفان (خرافة الطوفان) الذي قضى على الأشرار من البشر ولم ينج منه إلا قلّة من الصالحين .
الخرافة الصينية تعزوه إلى ارتفاع منسوب مياه الأنهار , وشعوب جزر المحيط الهادئ تعزو سببه إلى ارتفاع عظيم لأمواج البحر .
أما الرواية التوراتية للقصة / الخرافة فتتحدث عن "سيل عرم" أحدثه سقوط غزير للأمطار دام أربعين يوما بلياليها .

يعكس الدكتور الصليبي الاعتقاد السائد والقائل بأن الرواية التوراتية مأخوذة من قصة الطوفان الواردة في ملحمة جلجامش , ليقول بأن قصة ملحمة جلجامش مأخوذة عن القصة التوراتية للطوفان , لان القصة التوراتية تتحدث عن "سيل عرم" .
ولو كانت قصة الطوفان في ملحمة جلجامش هي الأقدم , لكانت عزت سبب الطوفان إلى ارتفاع منسوب الأنهار في ارض العراق وليس إلى "سيل عرم" ناتج عن مطر عظيم على ما هو مألوف في المناطق الغربية من شبه الجزيرة العربية .
ويقول الدكتور الصليبي أن هناك كل ما يبرر القول أن القصة العراقية هي القصة المنقولة لا الأصلية . وقد أخذت عن القصة الأقدم منها التي كانت رائجة في شبه الجزيرة العربية قبل أن تنتشر من هناك إلى العراق .
ولم تكن هذه القصة آنذاك مدونة حتى تم تدوينها في العراق , وادخل إليها ما ادخل من تعديلا مأخوذة عن التراث الشعبي المحلي ثم تم تدوين القصة ذاتها في نص التوراة في وقت لاحق , فبقيت هناك محافظة على شكلها الأصلي لان تدوينها في نص التوراة حصل في البيئة الأصلية للقصة .

بالتنقيب في النص التوراتي لقصة نوح في سفر التكوين هناك الكثير من النقاط المتعلقة بنوح تختصر بما يلي :
_ نوح هو من سلالة آدم , من الجيل العاشر من بعده .
_ أنجب نوح ثلاثة أبناء هم _ سام وحام ويافت _ بعد أن أتم المئة الخامسة .
_ حدث الطوفان عندما كان نوح قد أتمّ المئة السادسة .
_ كان نوح رجلا صالحا .
_ أقام الله ميثاقا مع نوح ومع نسله من بعده بعد الطوفان وجعل من قوس قزح علامة لهذا الميثاق , واحل لهم أكل الحيوان بالإضافة إلى النبات , ووضع لهم شريعة مقتضبة تقوم على قتل القاتل .
_ كان نوح "رجل الأدمة" , غرس كرما وصنع خمرا من عنبه .
شرب من خمرته فسكر وانكشفت عورته أمام بنيه .

من الممكن أن تكون الشخصية المسماة نوحا في التوراة هي في الواقع أربع شخصيات مختلفة:
_ الأولى للجد الأعلى المفترض لقبيلة نوح تفرعت عنها مع الزمن قبائل في ثلاث مجموعات (سام وحام ويافت) .
_ الثانية لبطل قصة الطوفان .
_ الثالثة لطائفة دينية لها شريعتها الخاصة .
_ الرابعة لرجل من مكان اسمه الأدمة كان يصنع الخمر وتروى عنه الفكاهات .
وبناء على ها الافتراض , يمكننا أن ننطلق منه إلى التحليل لامتحان صحته .

_ قبيلة نوح
وككل القبائل , تأخذ أسماءها من أوطانها الأصلية , من جغرافيتها , وليس من أجدادها الأسطوريين .
ولذلك تأخذ قبائل مختلفة أسماء متشابهة من جغرافية واحدة عبرت فيها واستوطنتها فترة من الزمن .
فنوح التوراتي الذي عاش 950 سنة , لم يكن شخصا فردا بل قبيلة مشخصة بجدّ أعلى أو بطل أطلق عليه اسمها .
وكذلك أسلاف نوح التسعة الذين تسميهم التوراة وتبالغ في أعمارهم , كانوا هم بدورهم قبائل _ آدم , شيت , أنوش , قينان , مَهْلَلئيل , يارد , أخنوخ , متوشالح , لامك ( وهو غير لامك سليل قايين) _ .
ومن هذه الأسماء الستة الأخيرة , ما زالت أسماء ثلاثة موجودة في المناطق الوسطى من اليمن كأسماء لقبائل _ الوُرْد , حِناك , مالك _ .
واسم قينان لا يزال هو ذاته اسم بلدة قينان باليمن , بناحية جبل أَدِم .
ولعل اسم متوشالح هو في الواقع اسم "السليح" , من القبائل اليمنية التاريخية التي "تشاءمت" أي نزحت شمالا زمن الرومان إلى الشام .
ولا بد أن مهللئيل هو الشكل الأصلي لاسم بني مُهَلْهِل , وهو اسم ما زال يطلق على مجموعة من القرى باليمن بناحية صنعاء .
وبالتالي لا بد أن تكون قبيلة نوح بدورها , في الأصل , من قبائل اليمن .
ويستمر اسمها "بشكله التوراتي" تماما في منطقة حضرموت بجنوبي اليمن , وكذلك في منطقة المدينة من الحجاز بناحية خيبر .
إذن قبيلة نوح كانت في الأصل من قبائل اليمن , وبعد المئة الخامسة من تاريخها تفرعت عنها ثلاث قبائل أخرى , سام وحام ويافت .
وإضافة إلى وجود هذه الأسماء في جغرافية بلاد اليمن هناك تقاليد يمنية قديمة تصرّ على اعتبار نوح وبنيه من أبناء البلاد , وتعزو إلى أحد أبناء نوح , وهو سام , بناء مدينة صنعاء .
ويبدو أن طوفانا كبيرا حدث في بلاد اليمن عندما كانت قبيلة نوح في العام 600 من تاريخها , فاجبر هذا الطوفان الفرع الأساسي من بني نوح على النزوح شمالا إلى منطقة المدينة بالحجاز , حيث استقروا , بينما بقيت الفروع الثلاثة من القبيلة مستقرة في اليمن .
وقد حدث طوفان آخر في اليمن في وقت لاحق أجبر عددا كبيرا من القبائل اليمنية على النزوح شمالا إلى بلاد الحجاز والشام , على ما تقوله التقارير , وما هذا الطوفان إلا "السيل العرم" الذي أحدثه انفجار سد مأرب في زمن دولة حمير .

_ قضية الطوفان
الطوفان حدث حقيقي حصل بالفعل في وقت ما قبل التاريخ .
وكان حدوثه في وادي نجران , وهو من الأودية المعرّضة طبيعيا للسيول , حيث كان الموطن الأصلي لقبيلة نوح على أطرافه .
وبعد السيل اضطرت القبيلة إلى النزوح إلى مكان آخر , حتى استقرت أخيرا في ناحية خيبر بالحجاز .
ولا بد من الإشارة إلى أن ما يفترض أنه في التوراة (الفلك المصنوع من "خشب جفر") , هو في الواقع اسم موقع في المرتفعات الشمالية الشرقية لليمن حيث يبتدئ سيل وادي نجران , والموقع لا يزال يعرف إلى اليوم باسم "جَفَر" .
من التحديدات الدقيقة في سفر التكوين لقصة الطوفان , يتضح أننا بصدد تقويم خاص يبتدئ مع بداية حياة نوح (القبيلة) , وربما كان هذا التقويم معتمدا في بلاد اليمن وقت كانت فيه هذه القبيلة محورا لمجتمع أوسع مُنتَظِم على شكل دولة هناك , وهذا ما حدث في وقت لاحق في دولة حمير .
وتقويم قبيلة نوح أو "دولة نوح" إذا جاز التعبير , كان تقويما شمسيا .
بعملية حسابية بسيطة , يكون نوح وذووه قضوا في الفلك 370 يوما , هو المدة التي قضتها قبيلة نوح في الانتقال من منطقة نجران المنكوبة بالطوفان إلى أن استقرت بجوار "نحا" , في ناحية خيبر , شمال المدينة , بالحجاز .
وهو التفسير المعقول , غير تفسير سفر التكوين , للمدة الطويلة التي قضاها نوح وذووه في الفلك , على ما تقوله القصة .
والمسلك الطبيعي لهذا الرحيل لا بدّ من أنه كان طريق اليمامة التي تتجه من وادي نجران شمالا , ثم تنحرف إلى الشرق حتى تصل مرتفعات جبل طُويْق في أواسط الجزيرة , ومن هناك تتفرع إلى مختلف الاتجاهات .
وربما كانت مرتفعات جبل طُويْق في أواسط الجزيرة , تعرف في الأزمنة الغابرة باسمها التوراتي [ ءررط ] , نسبة إلى واحة هناك ما زالت تعرف إلى اليوم باسم أُرط .
وبالتأكيد القصة التوراتية لا يمكن أن تشير إلى جبل أراراط الحالي بأرمينية .
جدير بالملاحظة أن مسافة الطريق من وادي نجران إلى جوار أراط بجبل طُويْق تبلغ 750 كم تقريبا .
وهي مسافة يمكن لقبيلة أن تقطعها , في مدة 150 يوما , بمعدل 5 كم يوميا .
ويلاحظ أيضا أن سفر التكوين لا يذكر "جبل أراراط" بالمفرد بل يتحدث عن "جبال أراراط" , بالجمع .
وجبل أراراط في أرمينيا جبل وحيد , أمّا جبل طويق بالجزيرة العربية , فهو سلسلة من المرتفعات .
وتضيف القصة بأن مياه الطوفان نشفت بعد 163 يوما من وصول الفلك إلى جبال أراراط .
وبعد 57 يوما من ذلك , خرج نوح وذووه من الفلك وأقاموا ذبائح الشكر على نجاتهم .
هذا يقود إلى الاستنتاج أن مدة 163 يوما هي المدة التي قضتها قبيلة نوح للانتقال من أراط بجبل طويق إلى الطابة بجبل سلمى في شمال نجد .
والمدة الإضافية التي مرّت بين جفاف الأرض وخروج نوح وذويه من الفلك حسب القصة , وهي 57 يوما , هي المدة التي قطعت فيها القبيلة مسافة الـ 500 كم الفاصلة بين الطابة إلى نحا بشمال الحجاز حيث استقرت أخيرا .
ونحا هو ذاته اسم نوح [ نح ] , وهناك قبيلة في الجوار من الحجاز لا زال أهلها يعرفون بالنحايين .

_ ديانة نوح وسرّ قوس قزح
من هنا ننتقل من الأسطورة المرتبطة حتما بالجغرافيا كالتاريخ تماما , إلى الخرافة في قصة نوح كما ترويها التوراة .
فالقصة ليست سجلا لانتقال قبيلة نوح من اليمن إلى الحجاز بسبب كارثة الطوفان , بل تتضمن معاني دينية خفية تتعلّق بأنواع العبادات التي كانت رائجة في شبه الجزيرة العربية في الأزمنة المنسية من تاريخها .
وهذه المعاني الدينية تشكّل مضمون "خرافة نوح" . وشخصياتها الأساسية تبدو للوهلة الأولى أربعا وهي الرب يهوه , ونوح , والفلك , وقوس قزح .
ونحن أمام ميثولوجيا أين منها الميوثولوجيا اليونانية , وهي تتضمن أسرارا كانت في زمنها وقفا على طبقة الكهنة وخاصة العارفين .
ولا تزال أسماء الآلهة الواردة فيها لاماكن مختلفة في جزيرة العرب .
وجميع الشخصيات البشرية وغير البشرية في هذه الميثولوجيا كانت آلهة :
_ الربّ يهوه .
_ نوح , وهو في الخرافة غير نوح القبيلة , "إله الاستقرار" .
_ الفلك , "إله الثبات والتوازن والصمود" .
_ البشر , أو "ذو الجسد" , وهناك إلها اسمه "بشر" وجد اسمه على نقش يمني قديم . وربّما تمثل على شكل ثور ويرمز إلى المخلوقات ذات الأجساد الحيّة عموما , وخصوصا إلى لحمها .
_ القوس , أي قوس قزح , والإله قوس , أو "قيس" , كان من أكثر الآلهة في الجزيرة العربية شهرة في القدم , ويبدو أن عبادته لم تنتهي إلا بمجيء الإسلام .
_ السحاب , ويبدو أن القدماء في جزيرة العرب كانوا يعبدون إلها للسحاب .
هذه الأسماء لا تزال قائمة جميعها في الجزيرة العربية إلى اليوم , وبمواقعها حيث هي ضمن حيز جغرافي متقارب في منطقتين رئيسيتين الأولى هي في جوار واحد من مرتفعات عسير بالنسبة للآلهة (يهوه , نوح , الفلك , السحاب , قيس) . والثانية في جوار منطقة اليمامة بالنسبة للآلهة (آل ثابت , آل بشر "ذي الجسد") , توّفر لنا المدخل إلى السرّ الدفين في خرافة نوح , ما كان يتوارثه العارفون من القيّمين على ديانة نوح في القدم , وذلك قبل زمن التوراة بأجيال كثيرة .
وربما كانت هذه الخرافة تفسر في زمنها على الوجه الآتي :
يبدو أن عبادة الإله بشر , آل بشر , نباتيه , ومنتشرة بين قبائل بلاد اليمن , ومنها قبيلة نوح .
تحالف الرب يهوه والذي كان يحبذ أكل اللحوم ويأنس رائحة المحرقات الحيوانية وكانت علاقته بالغة السوء مع الإله بشر .
تحالف مع بقية الآلهة للقضاء على الإله آل بشر الذي يحبذ التقدمات النباتية , عبر الطوفان الذي صنعوه مجتمعين .
واتسعت عبادة الرب يهوه وانتهت عبادة الإله آل بشر , وسمح الرب يهوه بأكل اللحم المصفى من دمه بالإضافة إلى تشريع ثاني يقضي بقتل القاتل .
هذا هو السر الديني الذي نسجت حوله خرافة نوح . ويبدو أن هذا السر كان مرتبطا , من الناحية الجغرافية بثلاث مناطق من الجزيرة العربية , وهي جوار وادي نجران , ومرتفعات عسير , ومنطقة جبل الطويق .
وقد يأتي علم الآثار في يوم من الأيام فيلقي مزيدا من الضوء على طبيعة هذه الديانات القديمة والتصارع فيما بينها .

_ نوح وكرمه
وهي قصة رجل من اليمن , من القرية التي لا تزال تعرف بالأدمة في جوار بلدة ذَمار , إلى الجنوب من صنعاء . والمنطقة هذه مشهورة بجودة عنبها .
وقصة نوح رجل الأدمة ما هي إلا فكاهة من نوع مألوف في مختلف الحضارات والأزمنة عن رجل شديد الميل إلى صناعة وشرب الخمر .
ولكن التقليد "الكهنوتي" المهتم بالأنساب , أخذ القصة بعد أن افترض أن نوحا رجل الأدمة الضعيف الإرادة هو نفسه نوح بطل قصة الطوفان , ثم أدخل عليها ما أدخل لتبرير واقع تاريخي يتعلق بقبيلة كنعان من المتفرعات الأربعة لقبيلة حام ابن نوح , وهو السيطرة التي صارت لبني إسرائيل على أرض كنعان في تهامة عسير , واستعباد بني إسرائيل للقبائل الكنعانية التي كانت أصلا هناك بعد أن تمت لهم السيطرة على أراضيها .
وكذلك يشير التقليد "الكهنوتي" إلى التداخل الجغرافي بين مواطن قبيلتي يافت وسام .
ويمكن الجزم أن جغرافية قبيلتي يافت وسام هي اليوم في جبل "وفيت" , من بلاد اليمن , وقرية "شُمّ" في الجوار المباشر له .


قصص التوراة
البُرج الذي لم يكن في بابل
ينتهي سفر التكوين من سيرة نوح , فيروي بعدها قصّة "برج بابل" .
يعيد الدكتور الصليبي في هذا الفصل ترجمة الأصل العبري إلى العربية لإظهار حقيقة أن القصة وضعت في أصلها نظما وليس نثرا .
{وهنا لا بد لنا من التذكير دائما بأهمية , و "تميز وفرادة" , دراسات وأبحاث ونظريات الدكتور الصليبي , الذي يمتلك (أدواته اللغوية الضرورية) والوحيدة للقيام بالتنقيب الأفقي والعمودي في النص والتراث العبري لغويا أولا وقل كل شيء , وجغرافيا أيضا} .
والقصة هي في الواقع حياكة متقنة من قصّتين , كل واحدة منهما من مصدر مختلف .
لعل أهم ما يشير إلى ذلك , هو الخطأ اللغوي الفاضح في آخر النص التوراتي , حيث يفسر اسم "بابل" [ ببل ] على أنه مشتق من الفعل [ بلل ] الذي يفيد بالعبرية معنى "البلبلة" .
ولا يخفى على أحد أن اسم مدينة بابل التاريخية (باللغة الأكادية باب ءيلي أي بب ءل) يعني ببساطة "باب الله" .
وإذا كان هناك مدينة تحمل اسما مشتقّا من الجذر [ بلل ] , فلا بدّ أن يكون اسم هذه المدينة "بلال" , وليس "بابل" .
ولا بد أن نتذكر دائما أن بابل العراق كانت في القدم , والى ما بعد زمن التوراة , مدينة عظيمة , بل من أعظم مدن العالم .
فكيف يعقل أن يكون قد أتى أحد بأسطورة , في أي وقت , يتحدّث عن بابل هذه بالذات على أنها مدينة تبدد شعبها قبل أن يكتمل بناؤها ؟
كما هو حال القصة التوراتية الواضحة المعاني والدلالات .

لنستمر في البحث على أساس أن النص يتكون من قصتين , وننظر في كل من القصتين على حدة , مبتدئين بما يعتبره الدكتور الصليبي القصّة التاريخية .

_ الهجرة إلى "شنعار"
يرفض الدكتور الصليبي افتراضا سائدا بأن (شنعر) هو ذاته الاسم السومري (شنجر) أو الاسم الأكادي (شنخر) , وهو ما يعرف اليوم باسم جبل "سنجر" بشمال العراق .
ويقول بأن البحث عن أرض (شنعر) لا يجب أن يكون في ارض كلها سهل كجنوب العراق حيث لا معنى لذلك , بل في أرض جبلية وعرة .

لنعود مع الدكتور الصليبي إلى النص العبري .
يقول النص العبري للقصة إن الهجرة إلى أرض "شنعار" كانت ارتحالا من الشرق , وليس "شرقا" كما في الترجمات المألوفة , ومنها الترجمة العربية .
والاعتقاد السائد هو في اعتبار ارض "شنعار" هي بلاد العراق .
والصحيح أن البلاد التي وفد المهاجرين منها (وليس البلاد التي وفد المهاجرين إليها) كانت في جنوب العراق .
وبالتالي يكون اتجاه هذه الهجرة إلى الغرب من جنوب العراق إلى "أرض شنعار" التي انتهت إليها هذه الهجرة .

يعيد الدكتور الصليبي النظر في جغرافية بلاد الشام والعراق والحجاز , فيشير إلى أنه تاريخيا ومنذ الأزمنة القديمة كان هناك اتصال طبيعي مباشر بين جنوب العراق والحجاز عن طريق وادي الباطن ووادي الرّمة , وكان له أثره التاريخي على مرّ العصور .
لنتذكر أحداث نقل مقرّ الخلافة في عهد علي من مكة إلى الكوفة , وأحداث كربلاء , وثورة عبد الله بن الزبير .
وقد كانت هناك دائما , وعلى مرّ العصور , كما يبدو , صلة بشرية قائمة دوما بين المنطقتين عن طريق الهجرات المستمرة للقبائل (من الواحدة إلى الأخرى) .

وهذا ما يجلي الغموض حول أمور كثيرة تتعلّق بتاريخ العراق في العصور القديمة .
ومن هذه قضية سرجون ملك ( ءجد ) الذي أسس الدولة البابلية الأولى في العراق . والذي لم يتوصل علماء الآثار والمؤرخين حتى الآن إلى تحديد موقع ( ءجد أو ءكد ) .
الدكتور الصليبي يستبعد أن يكون اسم ( ءجد ) هو نفسه ( ءكد ) , ويطرح نظرية جديدة تقول أن سرجون كان ملكا على ما هو جغرافيا اليوم قرية "الوقيد" في منطقة حائل , بشمال نجد .
أمّا ( ءكد ) فهي باعتقاده قرية "الواكد" بالحجاز , في منطقة الطائف .
ولا بد من الحفريات في كلّ من القريتين للتأكّد من جليّة الأمر .
وكذلك نحن في حاجة إلى علم الآثار في جوار الطائف , بجنوب الحجاز , في قرية تعرف "بكلاداء" التي يعتقد الدكتور الصليبي أن أصل "الكلدانيين" العراقيين منها , وهم من أسس الدولة البابلية الثانية في العراق .

ويجزم الدكتور الصليبي بان "شنعار" لم يكن في وقت من الأوقات اسما يطلق على بلاد العراق , كما هو الاعتقاد السائد .
بل إن ( شنعر ) ما هو إلا اسم القرية المعروفة اليوم باسم "الشراعِن" , وهي من قرى الوادي الخصب المعروف بوادي كلاخ , بمنطقة الطائف من الحجاز , حيث "الكلاداء" التي تسمى "الكلدانيون" التاريخيون باسمها .
وتصبح القصة الأولى في النص العبري تتحدث عن هجرة من الشرق من جنوب العراق إلى سهل "البقعة" في "أرض شنعر" , ومحاولتهم بناء مدينة من اللبن والحمر كما كانت عادتهم في جنوب العراق وكانوا ينوون تسميتها "بابل" , على اسم بابل العراقية التي قدموا من جوارها .
ولكن القصة التوراتية تؤكد أن هذه المدينة لم يتم بناؤها .
ومن المحتمل أن الإشارة إلى عمل الرب يهوه الذي قام بتبديد أهلها وهي في طور البناء ترمز إلى ما قام به فريق من سكان تلك المنطقة , الذين كانوا يتعبدون للرّب يهوه , تجاه المستوطنين الجدد الوافدين إلى وادي كلاخ من العراق .
ومن غريب الأمر أن هناك في مرتفعات بني مالك حيث قرية "الهواء" , أي إلى الجنوب من الشراعن ووادي كلاخ , قرية تحمل اسم "آل بلال" ( ءل بلل ) .
والاسم هذا باللغة الكنعانية (ومنها العبرية) يعني بكلّ بساطة "إله البلبلة" .
وفي قصة "برج بابل" , إشارة إلى الجذر بلل للدلالة على "بلبلة الألسنة" , في محاولة فاشلة لتفسير اشتقاق اسم "بابل" [ ببل ] .
وهنا يبتدئ الاختلاط في القصة بين الناحية التاريخية منها والخرافة التي كانت قصّة مستقلة قائمة بذاتها في الأصل .

_ خرافة تعدّد الألسنة
يفترض الدكتور الصليبي في تقديمه للقصة الخرافية المُتَضَمنة في قصة برج بابل التوراتية , أن قدماء جزيرة العرب , كانوا يعترفون بإله خاص بالبلبلة واسمه "آل بلال" , وإله ثاني خاص باللغة والكلام واسمه تبسيطا "آل لسان" .
ويستند كدليل جغرافي على استمرار الاسمين في قريتين في مرتفعات عسير إلى الجنوب من بلاد بني مالك من منطقة الطائف هما قريتي آل شافي و آل لسان والى الجوار منهما قرية آل بلال , بالإضافة إلى أكثر من قرية تشير إلى الإله يهوه .
وبوجود الآلهة الثلاثة تكتمل شخصيات الخرافة التي كان يتداولها قدماء جزيرة العرب , لتفسير ظاهرة تعدد اللغات فيما بينهم , وفي العالم القديم على وجه العموم , على شكل صراع انتهى كالعادة , لصالح الإله يهوه الذي تخوف من أبعاد وحدة اللغة بين الناس , بما يمكنهم من كسب قدرات لا حدّ لها عن طريق التفاهم والتعاون فيما بينهم , فيصبح بإمكانهم الاستقلال عن إرادته , فقام بما يلزم ليمنع ذلك , متحالفا مع آل بلال لتحقيق هذه الغاية .
المسرح المفترض لأحداث القصة هو منطقة الطائف بالحجاز , التي كانت تمثل ذروة تقاطع المسالك البرية المكملة للمسالك البحرية الواصلة بين حضارات وبالتالي ثقافات ولغات العالم القديم .
وكل ذلك يستمر إلى يومنا هذا في تعدد أسماء الأماكن والقبائل في تلك الأزمنة الغابرة , ومنها أسماء أكادية , أو مصرية قديمة , أو يمنية قديمة , أو حبشية , إلى ما هنالك .







 
رد مع اقتباس
قديم 23-01-2010, 09:47 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

.
.
خفايا التوراة ..
مَسأَلَـةُ نـوح
البُرج الذي لم يكن في بابل / الأسئلة

دكتور ..

ورد في المزمور 50 , " ... حينئذ تُسر بذبيحة العدل قربانا ومحرقات حينئذ يقربون على مذابحك العجول ... " .
كما ورد " ... فالذبيحة لله روح منسحق القلب المتخشع المتواضع لا يرذله الله ... " .
حيث يظهر في هذا المزمور نوعين من القرابين هما العجول كقربان مادي و قربان "الروح المنسحق" كقربان روحي .
س 1- هل استمر زمنياً الصراع بين عبادة الإله يهوه الذي تُقدم له العجول كقرابين و عبادة الإله بُشر الذي (تًُقدم له القرابين النباتية) حتى زمن كتابة المزامير وأهمها هذا المزمور رقم 50 , الذي يبدو فيه تباين الخطين المتوازيين "يهوه و بُشر" واضحا .
ج1- ما زال للديانات النباتية التي تحرّم أكل اللحوم وجود في العالم حتى اليوم. الهندوس، مثلاً، نباتيّون. عبادة الإله يهوه أمرت بأكل اللحوم وتقديم القرابين منها، شرط أن تكون مذبوحة وصافية تماماً من الدم.


وهل نستطيع القول أن "الروح المنسحق" قد ترجمت خطأ في الترجمة السبعونية , وهل هي اسم لنبات ما كان يقدم كقربان ..؟؟
- عبارة "الروح المنسحق" في الترجمة السبعونية هي ترجمة دقيقة تماماً للأصل العبري، وليست لإسم نبات كان يقدّم كقربان.


س2 _ هل ما سمي "بالزبور" هو أقدم عهدا من ما سمي "بالمزامير" , وهل يمكننا نسبته إلى زمن كتابة الأسفار الخمسة الأولى "التوراة" , والصراع بين التقليد الإسرائيلي والتقليد اليهوي في جزيرة العرب .
ج2- "الزبور" بمعنى "الكتابات"، هي اللفظة القرآنية التي تفيد معنى "المزامير"، حسب التعبير التوراتي. نقطة على السطر، حسب علمي.

س 3_ بين قايين و قابيل , قايين: الاسم التوراتي , قابيل: الاسم القرآني؟.
ج3- يقال بالعربية العامية "أقبل الزرع" أي أتى بغلّة كبيرة. ومن العاميّة ما يحفظ معاني قديمة لجذور اللغة. ولعل اسم "قابيل" الذي يطلقه القرآن على الشخص المسمّى في التوراة "قايين" يعني "صاحب الغلال الكثيرة من الزرع". علماً بأن قايين التوراتي كان صاحب زراعة. هذا مجرّد اجتهاد.


س4 _ الى أي مدى تساعدنا اللغة العربية في فهم اللغة العبرية , والى أي عمق ..؟؟
ج4- العربية الفصحى هي بمثابة اللغة السامية الأصل، والعبرية من الفروع المتشعبة عنها. هذا هو الرأي الذي ساد بين علماء اللغات الساميّة أصلاً، والذي يعتمد عليه كتاب Gesenius في الصرف والنحو العبري Gesenius Hebrew Grammar.


س5 _ هل نستطيع القول أن اللغة العربية هي اللغة السامية الوحيدة الباقية على قيد الحياة , وأنها تتضمن مفاتيح شقيقاتها البائدة , وتحديدا اللغة العبرية ..؟؟
ج5- نعم، بكل تأكيد.

س6 _ هل نستطيع الاستناد إلى القصص القرآنية لكشف بعض خفايا ورموز والغاز الطبقات المتراكمة في النص التوراتي ..؟؟
ج6- نعم، وقد اعتمادت مراراً على القرآن لفهم خفايا النص التوراتي.


س7 _ هل تصلح أدوات التفكيك العلمي للنص التوراتي , في البحث والتنقيب لغويا في التراث الإسلامي ..؟؟
ج7- التعامل مع اللغة في قراءة النصوص وتحديد معانيها هو نفسه في عبرية التوراة وعربية القرآن فيما عدا أمر واحد، وهو أن العبرية التوراتية لغة ميتة، بينما عربية القرآن لغة حيّة.


س8 _ ما هي برأيكم الأدوات الضرورية للتنقيب اللغوي في التراث الإسلامي ..؟؟
ج8- القدرة على القراءة و "فكّ الحرف"، والتمكن من اللغة العربية، والاستعانة بالقواميس وكتب الاشتقاق وفقه اللغة عند الحاجة.


س9 _ هل نستطيع أن نقول عن القصص التوراتية أنها "ذاكرة الجغرافيا" الممتدة من اليمن إلى العراق ..؟؟
ج9- أتصوّر ذلك.


س10 _ هل نستطيع أن نقول أن الأسماء الجغرافية "واحات الذاكرة اللغوية" ..؟؟
ج10- أسماء الأماكن هي الآثار التي تخلّفها لنا اللغات التي انتهى وجودها الحيّ.



س11 _ هل نستطيع أن نقول أن الجغرافيا هي الصفحة البيضاء التي تركت عليها اللغة آثارها في سيرها الأفقي الانتقالي , والعمودي الارتقائي ..؟؟
ج11- هذه معادلة رياضية يصعب عليّ فهمها لأنني كنت منذ صغري وما زلت ضعيفاً في الرياضيات.

خاص بوهيميا .

..








 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2010, 12:31 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

لا بد لنا من العودة إلى التوسع في قراءة هذا الكتاب الهام للغاية للدكتور كمال الصليبي .

لذلك عدنا إلى النص الذي قدمنا فيه عبر مجلة بوهيميا الالكترونية لحوارنا مع الدكتور الصليبي وتوسعنا في عرض مادته العلمية .

وهي نصوص تتم صياغتها لملتقى علماء وطلاب الآثار بالوطن العربي .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2010, 12:33 PM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

قصص التوراة

قضيّة آدم وذويه

وهي القصة الأولى في المقدس التوحيدي , تتحدث عن الخلق وبدايته , "تتراكم" في طبقاتها الأسطورة والخرافة بالتاريخ والخيال , واللغة الجافة بالشاعرية والرمز .

هناك حقيقة التاريخ , وهناك حقيقة الأسطورة , وفي كلتيهما تصوير للواقع وان اختلفت طبيعة هذا التصوير .

فالأسطورة هي معالجة شعرية خيالية لمادّة التاريخ .
تطلق العنان للخيال , فتأخذ مادّة التاريخ وتنسج منها ما تنسج من أقاصيص دون المس بجوهرها .

حقيقة التاريخ حقيقة واقعية جافة .
أمّا تلك التي للأسطورة فهي شعرية , تصوّر الواقع بالألغاز والرموز .

التاريخ من عمل العلماء الأفراد , أما الأسطورة فهي نتاج من نتائج مخيّلة الشعوب .

الأسطورة تخدم الغرض نفسه الذي يخدمه التاريخ .
فهي تمثل محاولة لتصوير الواقع عن طريق ربط الحاضر بماضيه .
الأسطورة على عكس القصة , لا تختلق أسماء أبطالها , بل تأخذها كما هي من مادتها التاريخية .
والأسطورة لا تختلق جغرافيتها .

والأسطورة كالتاريخ , لا يمكن أن تخدم غرضها والذي هو غرض التاريخ , إلا إذا كانت جغرافيتها صحيحة .

يقول الدكتور الصليبي :
يمكننا أن ننطلق في رحلة البحث عن الحقائق التاريخية الكامنة في الأساطير التوراتية , وفي اليد مفتاح لفكّ رموزها وحلّ ألغازها .
وما هذا المفتاح إلا الجغرافية التي لا ريب فيها لهذه الأساطير
.

أمّا الخرافة , فالمادة فيها ليست تاريخية بقدر ما هي فلسفية تأملية .

"التراكم" الأثري الفكري عبر الزمن , هو الذي يرتب الحقائق التاريخية , بأناقة وأمانة , لأنه لا يملك القدرة على العودة إلى الوراء .

الحقيقة التاريخية للمقدس التوحيدي تتوضع في بلاد اليمن وعسير في جنوب غرب جزيرة العرب , في تلال أثرية في جغرافية تلك الأرض العتيقة , لا تزال تنتظر التنقيب والكشف والتوثيق .

وفي تلال أثرية في ذاكرة وتراث قبائل تلك البلاد , في حلها وترحالها , عبر آلاف جليلة من السنين .

لنتابع مع الدكتور الصليبي التنقيب في (تل آدم وذويه الأثري) , طبقة تتلو طبقة , وحقيقة تتلوها الحقيقة .

في جغرافية سفر التكوين , وما سفر التكوين إلا مجموعة من الأساطير التي يتعدى قدمها قدم اليهودية ونصوصها المكتوبة بأجيال وأجيال .

وكل أسطورة في سفر التكوين , يجب إرجاعها إلى عناصرها الأصلية قبل الإقدام على المحاولة لفك ألغازها , مما يتطلب القراءة الدقيقة لكل أسطورة في نصها العبري الأصلي , وملاحظة كل تغير في اللغة والأسلوب , وكل شائبة في سلاسة النص أو في منطق الرواية .


لا بد من الإشارة إلى أن :

علماء التوراة في السابق كانوا يسمّون هذه الأصول المفترضة "نصوصا" .

وهم اليوم يفضلون الإشارة إليها على أنها "تقاليد" تعرّف اليوم على الوجه الآتي:

1 _ التقليد "اليهوي", وقد سمّي بذلك لأنه يتحدث عن الذات الالهية باسم "يهوه" (وفي الترجمات العربية المعتمدة "الرب") .
وهو تقليد قصصي صرف يتميز بروعة الإيجاز وقوّة العبارة , على بعض الاختلاف في الأسلوب , مما جعل أهل الاختصاص في النقد النصّي للتوراة يفرّقون بين أكثر من تقليد "يهوي" واحد .
ويكنّى عن هذا التقليد في اللغات الأوروبية بحرف j .

2 _ التقليد "الإلوهيمي", وقد سمي بذلك لأنه يطلق على الذات الالهية اسم "إلوهيم" أي "الله" .
وهو أيضا تقليد قصصي , على قدر من التأمل والذهاب إلى ما هو أبعد من الرواية الصرفة .

الرب يهوه في القصص اليهوية يتصرّف تماما كما يتصرف البشر , يحب ويكره , يعفّ ويجهل , يأنس ويغضب , الخ .
أما الله في الروايات الإلوهيمية , فهو أكثر تعاليا عن البشر . ويكنّى عن التقليد الإلوهيمي في اللغات الأوربية بحرف e .

وعندما يختلط الأمر ويصعب التفريق بين التقليدين , يلجا أهل الاختصاص إلى عبارة je .

3 _ التقليد "الكهنوتي", وهو يختلف عن التقليدين السابقين بكونه تعليميا, وليس قصصيا.
ويتميز هذا التقليد باهتمامه بالتشريعات والطقوس , وكذلك باهتمامه الخاص بالأنساب .

ويلاحظ تداخل التقليد الكهنوتي في التقليدين اليهوي والإلوهيمي , حيث يروي هذان التقليدان قصصا عن شخصيات معينة , فيأتي التقليد الكهنوتي ويعطي هذه الشخصيات أنسابها بأسلوب يختلف تماما عن أسلوب القصة .

وكثيرا ما يأتي التداخل الكهنوتي معكرا لصفو الأسلوب القصصي ومشوّها له في الروايات اليهوية والإلوهيمية .

وهناك شبه إجماع بين أهل الاختصاص على أن صاحب أو أصحاب التقليد الكهنوتي هم الذين قاموا بجمع الروايات اليهوية والإلوهيمية في أسفار التكوين والخروج والعدد أول الأمر , فأضافوا إليها ما أضافوا من تقليدهم .
وربّما كان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد .

ويعتبر سفر اللاويين سفرا كهنوتيا صرفا , علما بأن هذا السفر يقتصر على الأمور الطقسية والتشريعية , وهو السفر الوحيد بين الأسفار الخمسة الأولى من التوراة الذي لا يأتي على أية رواية قصصية .
ويكنى عن التقليد الكهنوتي في اللغات الأوروبية بحرف p .

ويعتقد علماء التوراة بان هناك تعديلات أدخلت على نصوص أسفار التكوين والخروج والعدد بعد أن جمعت للمرّة الأولى على أيدي أصحاب التقليد الكهنوتي .

وهم ينسبون هذه التعديلات إلى ما يسمونه "المحقق" المكنّى عنه بحرف r , مع الاعتبار بأن هذا المحقق ربما لم يكن شخصا واحدا نشط في زمن واحد .

وبالإضافة إلى هذه التقاليد الثلاثة , اليهوي والإلوهيمي والكهنوتي , يلاحظ وجود تقليد رابع لا أثر له في أسفار التكوين والخروج والعدد ولا في سفر اللاويين , وهو التقليد المتمثل بنص سفر التثنية دون غيره من الأسفار الخمسة الأولى من التوراة .

يتميز تقليد التثنية هذا بتشديده على مكانة بني إسرائيل كشعب خاص بالرب يهوه , وعلى دور الرب يهوه الأساسي في تاريخ هذا الشعب .

ويلاحظ أن هؤلاء "التثنويين" كانت لديهم مصادر تاريخية استقوا منها المعلومات وصاغوا منها روايتهم "التثنوية" لتاريخ بني إسرائيل .

ويكنى عن هذا التقليد في اللغات الأوروبية بحرف d .
من مصطلح يوناني ترجمته "الناموس الثاني" , ومنه اسم سفر "التثنية" بالعربية .

في رأي الدكتور الصليبي أن المهم في الأمر أن الأسفار الخمسة الأولى من التوراة , وهي الأسفار التي يطلق عليها أساسا اسم التوراة , لم تكتب أصلا بقلم واحد .

ويؤكد الدكتور الصليبي أن أهم ما في أمر القصص التوراتية التي سيقوم بتحليلها , انه قد مُحّص فيها من قبل بناءً على أن موقعها هو في بلاد ما بين الفرات والنيل , فلم يتضح سرّها على هذا الأساس .

..







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط