الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديات الحوارية العامة > منتدى الحوار الفكري العام

منتدى الحوار الفكري العام الثقافة ديوان الأقلاميين..فلنتحاور هنا حول المعرفة..ولنفد المنتدى بكل ما هو جديد ومنوع.

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-02-2010, 12:35 PM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

في الطبقة الأقدم من (تل آدم وذويه الأثري) نجد قصة "الإنسان" أي "الآدم" الذي خلقه الرّب يهوه , وهو "الإنسان الأول" , جدّ جميع البشر .

يقول الدكتور الصليبي :
ومهما كانت حقيقة الأمر بالنسبة إلى الطريقة التي تم فيها جمع هذه القصّة , فمّما لا شك فيه أنّها تتكوّن على الأقل من ثلاثة عناصر كانت تشكّل في الأصل ثلاث قصص مستقلّة :

أولا : قصة "الإنسان" (بالعبرية هـ ءدم , أي "الآدم" بالتعريف) الذي خلقه الرّب يهوه , وهو الإنسان الأوّل , وبالتالي جد جميع البشر .

ثانيا : قصة "الإنسان" (هـ ءدم) الذي أنجب قابيل (قين) وهابيل (هبل) .
والقصة هذه في الواقع هي قصة هذين الأخوين الاثنين , إذ ليس لوالدهما "الإنسان" أي دور فيها .

ثالثا : قصة الرجل المدعو آدم (ءدم , بدون تعريف) الذي أنجب شيت (شت) , فصارت له منه الذرية التي تعتمدها التوراة كأساس لنسبها , حسب التقليد "الكهنوتي" .

من الضروري ملاحظة أن {رابطا وحيدا افتراضيا} , يمتد بين هذه الطبقات القصصية الخرافية والأسطورية الثلاث , وهو شخصية "حواء" .

في القصة الأولى , تظهر حوّاء (حوه) بالاسم , وهي المرأة (هـ ءشه) التي خلقها الرّب يهوه من ضلع (ه_ صلعه) الرجل (هـ ءيش) , وهو (هـ ءدم) الإنسان الأول , لتكون له رفيقة , فلا يبقى وحده .

في القصة الثانية , تظهر أيضا بالاسم , وهي الزوجة التي جامعها الإنسان , فولدت له قايين وهابيل , وليس لها أي ذكر في هذه القصّة بعد ذلك .

أما في القصة الثالثة , تظهر حوّاء بالتلميح , دون تسمية .
يقول النصّ في سفر التكوين (4 : 25) : وعرف آدم امرأته "أيضا" فولدت ابنا ودعت اسمه شيتا .

لنلاحظ مع الدكتور الصليبي , وبدقة , ما يلي :

لولا كلمة "أيضا" (بالعبرية عود , أي مرّة ثانية , أو مرّة أخرى) لما كان هناك سبب لتعريف الرجل المدعو آدم (ءدم) في هذه القصة بأنه "الإنسان" (هـ ءدم) الذي خلقه الرب يهوه في بادئ الأمر , أو بأنه "الإنسان" (هـ ءدم) الذي كان والدا لقايين وهابيل .
ولما كان هناك أي سبب لاعتبار حوّاء والدة شيت , بالإضافة إلى كونها "المرأة" التي خلقها الربّ يهوه لتكون رفيقة للرجل "الإنسان" الأوّل , وزوجة "الإنسان" الذي ولد له قايين وهابيل .
كلمة "أيضا" (عود) إذا , هي الرباط الوحيد بين القصتين الأولى والثانية من جهة , والقصة الثالثة من جهة ثانية .
وقد أدخلت هذه الكلمة "أيضا" (عود) , في نصّ القصة الثالثة عن قصد إما من قبل أصحاب التقليد "الكهنوتي" , أو من قبل "المحقّق" , للربط بين هذه القصة والقصتين السابقتين .

من ناحية ثانية , يرى الدكتور الصليبي :
أن الرابط بين القصتين الأولى والثانية , يقتصر على المقدّمة التي تقول :
وعرف الإنسان (هـ ءدم) حوّاء امرأته فحبلت وولدت قايين ... ثم عادت فولدت أخاه هابيل .

ثم يؤكد الدكتور الصليبي :
أن منطق القصة الثانية لا يستقيم إطلاقا على أساس أن قايين وهابيل هما الابن البكر والثاني للإنسان الأول .

{الواضح من القصة أن قايين , على الأقل , كانت له زوجة أنجبت له ابنه "حنوك" (4 : 17) .
فمن كانت زوجته , افتراضا أن والده كان الإنسان الأول والوحيد في زمانه ؟}

أضف إلى ذلك أن قايين , حسب القصّة ذاتها , كان يعيش في عالم مسكون (4 : 14 _16) , وأنه ابتنى لنفسه مدينة (عير , 4 : 17) , والمدينة لا تكون بدون سكان .

إذا هو ليس البكر "للإنسان الأول" الذي لم يكن في وقته إنسان آخر على الأرض ؟
والصحيح هو أن قصّة قايين وهابيل لا علاقة لها أصلا بقصّة الإنسان الأول .

والجدير بالملاحظة أن "الإنسان الأول" وزوجته حوّاء , لا يلعبان أي دور في قصة خلاف قايين وهابيل , ولا في قصة قايين بعد فتكه بأخيه هابيل (هذا إذا كان قايين الأخير هو نفسه قايين الأول) في القصة الثانية نفسها .

يرى الدكتور الصليبي أن قصة آدم وذويه , كما هي واردة في نص سفر التكوين , تتألف من مزيج من الأساطير والخرافات .
والخرافة هي ما درجنا على تسميته بالميثولوجيا .

والخرافة مادتها ليست تاريخية بمقدار ما هي فلسفية .
وتختص الخرافة بمعالجة المسائل الأساسية التي لا يتعرّض لها التاريخ , ومنها مسألة الكون , والخليقة , وبدايات المجتمع والنظم والمؤسسات الاجتماعية والطقوس والعبادات والأعراف والتصرّفات البشرية وما إلى ذلك , مما يجعل مضمونها أقرب إلى مضمون علم الأنثروبولوجيا منه إلى مضمون علم التاريخ .







 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2010, 12:36 PM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

1 _ قصّة الإنسان الأول :

التي تجري في "جنة عدن" , والجنة هذه هي واحة الجنينة بأسفل وادي بيشه , إلى الشرق من سراة عسير , وهي آخر النخيل والعمران في ذلك الصوب .
وعدن هي اليوم قرية عدنة , بوادي تبالة من روافد بيشه .

الشخصيات التي تتحدث عنهم القصة , هي بالتوالي :
1_ الرّب "يهوه" (يهوه) .
2_ الإنسان (هـ _ ءدم , بالتعريف) .
3_ شجرة "الحياة" (هـ _ حييم) .
4_ شجرة "المعرفة" (هـ _ دعه) .
5_ "المرأة" (هـ _ ءشه) .
6_ "الحنش" (هـ _ نحش) , وفي الترجمات العربية المعهودة "الحيّة" .
7_ "الكروبيم" (هـ _ كربيم) , أي الآلهة .
8_ "لهيب السيف" (لهط هـ _ حرب) .

يدقق الدكتور الصليبي في تسلسل أحداث القصّة .
الرب يهوه يبدأ بخلق الإنسان , ثم يهمّ بغرس "جنة في عدن شرقا" , فينبت فيها "كل شجرة شهية للنظر وجيّدة للأكل" .
النص العبري الأصلي , يشير بغموض مقصود , إلى أن شجرتي الحياة ومعرفة الخير والشر , كانتا قائمتين في وسط الجنّة قبل قيام الرب يهوه بغرس سائر الأشجار فيها .
بعد أن أتم الرب يهوه غرس الجنة , أخذ الإنسان الذي خلقه ووضعه فيها "ليعملها ويحفظها" , وأوصاه أن يأكل من جميع شجر الجنّة إلا من شجرة معرفة الخير والشر , محذرا إيّاه أنه "يوم يأكل منها موتا تموت" .
وهذا التحذير لم يكن صحيحا لان الإنسان أكل آخر الأمر من الشجرة ولم يمت .
ويلاحظ أن الرب يهوه لم يذكر للإنسان في تلك المناسبة أي شيء عن شجرة الحياة .
بعد ذلك أوقع يهوه سباتا على الإنسان , فنام , فأخذ ضلعا من أضلاعه وصنع منه امرأة وأحضرها له .
ثم جاء الحنش , وهو "أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الله يهوه" , فأغرى المرأة بأن تأكل من شجرة المعرفة , "فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل" .
ما لبث الرب يهوه أن علم بالأمر , فاستدعى الإنسان وسأله إن كان أكل من الشجرة التي أوصاه أن لا يأكل منها , فألقى اللوم على الحنش .
عندئذ قال الرب يهوه لكل من الثلاثة ماذا سيكون قصاصه على ما فعل .
عند هذا المنعطف في القصّة يضيف النصّ من باب المداخلة أن الإنسان دعا اسم امرأته حواء (حوه) "لأنها أم كل حيّ" .
وهنا تختفي المرأة ويختفي الحنش من مسرح الأحداث , ويبقى الإنسان مع الرب يهوه وحده .

وكان الإنسان , بعدما أكل من شجرة المعرفة , قد أصبح كواحد من الآلهة , بكلام الرب يهوه , "كواحد منّا" (ك _ ءحد _ م _ م _ نو ) , يعرف الخير من الشر بنفسه .
فقرر الرب يهوه أن يخرجه من الجنة طردا , حتى لا يبقى أمامه مجال للأكل من شجرة الحياة والحصول بالتالي على الحياة الأبدية .
وزيادة في الاحتياط , أقام الرب يهوه "الكروبيم" أي الكهنة , و "لهيب سيف متقد" لحراسة الطريق إلى شجرة الحياة .

هذه هي القصة كما يرويها سفر التكوين .
وأول ما يلاحظ , برأي الدكتور الصليبي , بشأنها , هو أن الرب يهوه ابتدأ بخلق الإنسان , ثم غرس الجنة في أرض عدن شرقا , ثم أخذ الإنسان فأسكنه هناك .

والقصة في الواقع , تذكر هذا المكان بالاسم حيث تقول إن الرب يهوه خلق الإنسان (عفر من هـ ءدمه) , وهذا ما يترجم عادة بأنه "تراب من الأرض" .
ويعتقد الدكتور الصليبي أن المقصود هو "تراب من أدمة" .
وما "أدمة" هذه اليوم إلاّ وادي أدمة , من روافد وادي بيشه .
وموقعه بالتالي هو غرب وادي بيشه , وبالتالي غرب عدنة والجنينة , تماما كما في القصة التوراتية .

وما زالت هناك في مرتفعات عسير قرب النماص قرية تحمل اسم الرب يهوه (اسم الفعل من الجذر هيه) , وهي قرية آل هيه , مما يزيد في مطابقة جغرافية هذه المنطقة مع جغرافية القصّة التي نحن بصددها .

يفترض الدكتور الصليبي أن شجرة المعرفة وشجرة الحياة كانتا تمثلان إلهين قديمين في تلك المنطقة , أحدهما إله المعرفة (بالعبرية دعه) والثاني إله الحياة (بالعبرية حييم) .
والواقع أن هناك قرية إلى الشمال من النماص , قرب رأس وادي أدمة , ما زالت تحمل الشكل الآرامي لاسم "إله المعرفة" , وهو آل دعيا (ءل دعي) .
وهناك أيضا قرية أخرى عند رأس وادي بيشه ما زالت تحمل اسم آل الحياة (ءل حيوت) , وهو اسم اله الحياة في صيغته الآرامية والعبرية .

ويذكرنا الدكتور الصليبي بمقطع آخر من سفر التكوين يتحدّث عن الرب يهوه بكل وضوح على أنه لم يكن إلا واحدا بين آلهة عدّة (6: 1 _ 4) .
والمقطع هذا يتحدث عن "بني الآلهة" (بني هـ _ ءلهيم) , وفي ذلك ما يشير إلى أن هؤلاء الآلهة , ومنهم الرب يهوه , كانوا يعتبرون مجموعة قبلية , مثلهم مثل قبائل البشر , كـ "بني إسرائيل" وغيرهم .
ومما جاء في هذا المقطع أن الرب يهوه لم يختلف عن سائر "بني الآلهة" إلا بميزة واحدة , هي الترفع عن مخالطة البشر , على عكس سائر الآلهة الذين كانوا يتزوجون بنات البشر وينجبون منهم قبائل خاصة من النوافل (هـ نفيليم) والجبابرة (هـ جبوريم) .

في قصة آدم , تظهر ميزة الرب يهوه هذه , عن سائر الآلهة , ولكن بشكل خفي .
فالرب يهوه والإنسان هما الشخصيتين الأساسيتين في القصة , أما المرأة والحنش فكلاهما يختفي من القصة بعد أن يقوم بدوره في إغراء الإنسان بالأكل من شجرة المعرفة .
والقصة لا تذكر إطلاقا أن الرب يهوه قام بطرد المرأة والحنش من جنة عدن مع الإنسان , وفي ذلك ما يشير إلى أن الإنسان كان وحده الذي طرد .

السؤال الرئيسي هنا , لماذا لم يقم الرب يهوه بطرد المرأة مع الإنسان الذي كان زوجها في الجنّة , وقد كان إثمها أعظم من إثمه ؟
وتتفرع عنه أسئلة قد تكون بمثابة الأجوبة , أيضا .
هل كانت حواء في الأصل إلهة ؟
وهل كان الحنش في الأصل إلها مثلها ؟
وبالتالي لم يكن للرب يهوه صلاحية في طرد أي منهما من الجنة , كما فعل بالإنسان !

تقول القصة إن الإنسان أطلق اسم حواء على المرأة قبيل خروجه من الجنة لأنها "أم كل حي" (ءم كل حي) .
ولم تكن المرأة بعد قد ولدت أي مولود للإنسان عندما أطلق عليها هذا الاسم .
وكان الأحرى بالإنسان الأول أن يطلق على زوجته اسما يعني "الإنسانة الأولى" , أو "أم كل البشر" , وليس "أم كل حي" , أي , "أم جميع المخلوقات الحية" .

إذن القصة تعطي لاسم "حواء" تفسيرا يقول أنها آلهة للأمومة المطلقة التي تشمل جميع المخلوقات الحية .

يقدم الدكتور الصليبي استنتاجا جوهريا فيقول :
حواء في القصة , إلهة أم لجميع المخلوقات الحية , وكان مقامها أصلا في الجنة , ولم يكن الإنسان الأول يعي هذا الواقع إلا بعد أن عصى أمر يهوه وأكل من ثمر شجرة المعرفة .
وعندئذ فقط علم اسمها وفهم معناه , فأطلقه عليها لأول مرة .
ويبدو أن الحنش أيضا كان من الآلهة الموجودين أصلا في الجنة , وهو إله "الحكمة" و "الدربة" و "الحيلة" (بالعبرية عرمه) .
وما الحكمة والدبة والحيلة إلا من المعرفة (دعه) .
ويبدو أن الحنش كان إلها مساعدا لآل دعيا , وهو إله المعرفة المتمثل في الجنة بشجرة المعرفة .
وربما كانت حوّاء إلهة للأمومة المطلقة مساعدة لآل حياة , وهو إله الحياة المتمثل في الجنة ذاتها بشجرة الحياة .

إذا , نحن بصدد قصة لا تتحدث عن الرب يهوه والإنسان الذي خلقه فحسب , بل عن وضع الإنسان عند خلقه بين ما لا يقل عن ستة آلهة .

تقول القصة ..
خلق الرّب يهوه الإنسان الأول في وادي أدَمَة من روافد وادي بيشه , ثم قام بغرس أشجار خاصة به في جنة عدن , التي كانت أصلا للإلهين آل دعيا وآل حياة , بمعنى أن الرب يهوه أراد أن يعتدي عليهما , ثم أخذ الإنسان ووضعه في تلك الجنة ليعتني بها ويقوم بحراستها من قِبَلِه .
ومنعه من الاقتراب من شجرتي الحياة والخلود والمعرفة , عارفا بان آل دعيا وآل حياة لا بد من أن يحاولا سلب الإنسان منه عن طريق المعرفة بوجودهما , لذلك حذره من الأكل من شجرة المعرفة حتى لا تصير له قدرة على ذلك .
في حين لم يعلمه بوجود الشجرة الأخرى , وهي شجرة الحياة .

لكن كلام الرب يهوه للإنسان لم يكن صحيحا , لان الأكل من شجرة المعرفة من شأنه أن يعطي الآكل المعرفة بوجود شجرة الحياة .
أما الأكل من شجرة الحياة , فكان من شأنه أن يعطي الآكل ليس الموت الفوري , بل الحياة الأبدية .
إذا , هذا التحذير , كان محاولة من الرب يهوه للاحتفاظ بالإنسان الذي خلقه تابعا له .
وبالفعل استاء آل دعيا وآل حياة من اعتداء الرب يهوه على أرض عدن وجنتها , وحاولا سلب الإنسان منه وجعله واحدا من خواصهما .
وكان الحنش "آل حنيشة" , كما قلنا , معاونا أمينا لآل دعيا , فتقرب إله الحيلة هذا من المرأة وحبب إليها الأكل , هي ورفيقها الإنسان , من شجرة المعرفة , مؤكدا لها أن الأكل من تلك الشجرة لن يجلب الموت , ومضيفا بالحرف : "بل الله عالم انه يوم تأكلان من الشجرة تتفتح أعينكما وتكونان كالآلهة عارفين الخير من الشر" .
وكان كلام آل حنيشة بهذا الشأن صحيحا , على عكس الرب يهوه الذي كان من باب الخديعة .
أكلت المرأة من الشجرة , فلم تمت , بل وجدت "أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وان الشجرة شهية للنظر" .
وأعطت المرأة من ثمرها للإنسان فأكل منه هو أيضا .
وصارت لهما صفة من صفات الآلهة , وهي صفة المعرفة .

ويبدو أن المرأة ذهبت إلى ابعد من ذلك , وأكلت من شجرة الحياة (وهذا ما لا يقوله نص القصة في سفر التكوين) , فتمت فيها صفة الإلوهية وتحوّلت إلى إلهة أم تابعة لآل الحياة , ومختصة بالمخلوقات الحية , وصار اسمها "حواء" , وهو اليوم اسم المكان آل حية .

سارع الرب يهوه إلى طرد الإنسان العارف من جنة عدن قبل أن يتسنى له الأكل من شجرة الحياة , فيصبح إلها كاملا كرفيقته .
لكنه لم يتمكن من طرد المرأة من الجنة بعد أن اكتملت فيها صفة الإلوهية .
ولم يتمكن من طرد الحنش من الجنة , لأنه كان هو أيضا من الآلهة .

لكنه اقتص من المرأة , وان كانت قد صارت آلهة , بإخضاعها للرجل , وبفرض أوجاع المخاض عليها .
أما الحنش , فاقتص منه بتحويله إلى أفعى تسعى على بطنها وتأكل التراب .

شدد الرب يهوه الحراسة على جنة عدن حتى لا يتمكن الإنسان من دخولها ثانية للأكل من شجرة الحياة , وأوكل هذه الحراسة للكروبيم , وما هؤلاء إلا الكهنة .
والواضح أن مهمة الكهنة في الأصل , لم تكن لمساعدة الإنسان على اكتناه أسرار الآلهة والوصول إلى الحياة الأبدية , بل لمنعه من ذلك وإبقائه على وضاعة حاله .

وزاد الرب يهوه في تشديد الحراسة على الطريق إلى شجرة الحياة في وسط الجنة , فأوكل هذه المهمة إلى "لهيب سيف متقلب" .
ويبدو أن "لهيب" السيف هذا كان إلها ثانويا تابعا ليهوه ومعاونا له .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2010, 12:38 PM   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

2 _ قصّة قايين وهابيل :

ينتقل الدكتور الصليبي من قصة الإنسان الأول الذي خلقه الرب يهوه إلى قصة الأخوين قايين وهابيل .

الواضح أن القصة الأولى هي خرافة تعالج مسألة خلق الإنسان وعلاقته الأصلية بالآلهة , وهو المخلوق الذي تمّ له الحصول على واحدة من أهم صفات الإلوهية , وهي صفة المعرفة , دون أن يتمكن من الوصول إلى الحياة الأبدية .


قصة قايين وهابيل تتضمن قصتين متداخلتين :
الأولى خرافة تعالج مسألة الخصام بين البشر .
والثانية أسطورة تصوّر الأصول القبلية لشعب معين من شعوب جزيرة العرب في القدم.

الشخصيات على التوالي في هذه الخرافة هي :
1_ الإنسان (هـ _ ءدم , بالتعريف) .
2_ زوجته حوّاء (حوه) .
3_ ابنهما الأكبر قايين (قين) .
4_ ابنهما الأصغر هابيل (هبل) .
5_ الرب يهوه .

تقول القصة أن حوّاء والإنسان تم بينهما الجماع فولدت له قايين ثم هابيل , ثم يختفي الإنسان وزوجته حواء من القصة .

هابيل راعي غنم , وقايين عامل في الأرض .

قدّم هابيل للرّب يهوه قربانا من أبكار أغنامه ومن سمانها . فقبل الرب قربان هابيل .

قدم قايين للرب قربانا من أثمار الأرض , فلم ينظر إليه , ولم يشرح له سبب رفضه لقربانه .

اغتاظ قايين جدا من ذلك , فأشار الرب يهوه عليه أن يقبل ما حصل وان يعود عن غيظه حتى لا يقع في الخطيّة , وذلك دون أن يشرح له السبب الذي جعله يرفض قربانه ويقبل قربان أخيه .

قتل قايين هابيل , وأنكر صنيعة يديه أمام الرّب يهوه فانزل الرّب يهوه عليه اللعنة وجعله تائها في الأرض .

أقر قايين بعظيم ذنبه أمام الرّب يهوه , وطلب منه أن يخفف عنه العقاب حتى لا يقتله في التيه أحد , فجعل له الرّب يهوه علامة "لكي لا يقتله كل من وجده" .

هذه هي الخرافة في قصة هابيل وقايين , وفي نهايتها بداية الأسطورة .

ولعل هذه الخرافة كانت في الأصل مستقلة تماما عن قصة الإنسان الأول , فألحقت بها عن طريق جعل الأخوين قايين وهابيل من أبناء هذا الإنسان .

فتخوف قايين من سائر البشر في التيه الذي صار إليه يشير بوضوح إلى انه ليس الابن البكر "للإنسان الأول" بل يعيش في عالم مليء بالبشر , هذا يعني انه لم يكن الابن البكر للإنسان الأول .

يعزز هذا الافتراض اختفاء الإنسان الأول وزوجته من القصة بعد إنجابهما المفترض للأخوين .

ثم أن القصة لا تشير إلى حزن حواء على ابنها القتيل أو غضب الآدم من ابنه القاتل !

إذا هي قصة تعالج مسألة الخصام بين البشر , وقد رأى فيها بعض الباحثين محاولة لتفسير ظاهرة العداء بين المزارعين والرعاة على مر التاريخ .

ويرى الدكتور الصليبي في القصة ما هو أعمق من ذلك , يرى فيها لغزا خفيا يشير إلى نوعين من العبادات القديمة في جزيرة العرب : نوع يجيز لأتباعه أكل اللحوم , ونوع نباتي لا يجيز ذلك .
وكانت عبادة الرب يهوه تحبّذ أكل اللحوم , وتشدد على أهمية تقدمة القرابين منها , وتعتبر النباتية في الدين بدعة مكروهة .

ومن المحتمل أن القصة في أصلها لم تكن تتحدث عن دور للرّب يهوه في الخصام الذي قام بين قايين وهابيل , ثم أدخله في وقت لاحق أصحاب العبادة اليهوية , ليجعلوا منها جزءا من تراثهم .

وقد كانت هذه القصة جزءا من تراث ديني أقدم في الأصل مختصّا بعبادة الإله هُبَل , ولا تزال هناك قرية في وادي بيشه تحمل اسمه . وهي العبادة التي بقيت موجودة في الجزيرة العربية حتى ظهور الإسلام .

وعبادة الإله هبل تستند على أكل اللحم وضرورة تقديم القرابين منها , ولم تكن تنظر بعين الرضا إلى العبادات النباتية , بل شددت على ضرورة تقديم القرابين من اللحوم .

ويعتقد الدكتور الصليبي أن قبول الرب يهوه للقربان الحيواني الذي قدمه هابيل , ورفضه للقربان النباتي الذي قدمه قايين , لا يمكن فهمه وتبريره على أي صعيد عدا الصعيد الطقسي المحض .

_ أسطورة قايين

صار من الضروري الآن البحث عن قايين جيدا في تفاصيل القصة , قبل أن تبدأ الأسطورة بالظهور فيها .
فهابيل في القصة هو الإله العربي القديم هُبل , ولا تزال هناك قرية في وادي بيشه تحمل اسمه , وربما لهذا السبب تفترض القصة وقوع أحداثها في ارض جنة عدن .

في اسم قايين ما يشير إلى أنه كان يعتبر الجدّ الأعلى لقبيلة "القين" في شمال جغرافية بلاد اليمن .
ولعلهم كانوا يسكنون قبلا في جنوب اليمن بناحية مدينة عدن الساحلية .

وقد كانت قبيلة "القين" وضيعة الحال بين القبائل (شأنها في ذلك شأن "الصلبة" في الوقت الحاضر) , وتعتبر من العرب البائدة , وكانوا نباتيين يحجمون عن أكل اللحوم وتقديم القرابين منها .

والأسطورة في قصتنا تمثل قايين (قين) , الجد الأعلى لشعب القين , على أنه في الأصل كان أخا للإله هبل , فتخاصم مع أخيه هذا حول قضية أكل اللحم أو عدم أكلها , وحول تقديم القرابين من الحيوان أو من النبات .
وانتهى الخصام بقتل جدّ شعب القين للإله هبل , فحلّ به وبذريته ما حلّ من التيه والتشتت ووضاعة الحال .

ومما يشير إلى أن قايين في هذه القصة ما هو إلا شعب القين , متمثلا بجدّه الأعلى , هو "العلامة" التي جعلها الرب لقايين "لكي لا يقتله كل من وجده" .

ولا بد أن العلامة هذه كانت نوعا من الوشم يتميز به شعب القين عن غيره من شعوب البادية .
ومن تقاليد البادية أن التعدي على الشعوب الوضيعة فيها يعتبر عارا حريا بشديد العقاب .

ويبدو أن شعب القين في زمانه كان شبيها بشعب البادية المعروف بالصلبة , والصلبة هم شعراء البادية , ورواة أخبارها , وأصحاب الصناعة فيها ومن أهم اختصاصاتهم الحدادة .
ولعل اسمهم يأتي من "الصلب" بمعنى "الحديد" .
والواقع هو أن لفظة "قين" , سواء بالعبرية أو العربية , تعني "الحداد" .
وربما أن الصلبة الحاليين كانوا يعرفون باسم "القين" .
ومن مميزات الصلبة المعروفة بين أهل البادية أنهم لا يُقاتِلون ولا يُقَاتلون .
وكذلك كان الحال بالنسبة إلى شعب القين في السابق .

وينتهي الاختلاط بين الخرافة والأسطورة في قصة قايين وهابيل بالجملة التالية : "فخرج قايين من لدن الرب (يهوه) وسكن في ارض نود (نود) شرقي عدن" .

وهناك قريتين في شمالي اليمن ما زالتا تعرفان باسم "النْودَة" , وهو الاسم التوراتي نود بالذات .
ويبدو أن ارض "النودة" هذه من اليمن كانت هي أرض "نود" التوراتية التي انتشر منها شعب القين من سائر أنحاء البادية .
ولم تكن هذه الأرض إطلاقا ارض "التيه" إلى الشرق من عدن وجنتها بوادي بيشة .

وعند هذه النقطة تنتهي الخرافة في قصة قايين وهابيل , وتستمر الأسطورة وحدها في القصة فتتحدث ببعض الإسهاب عن ذّرّية قايين , أي عن تفرعات شعب "القين" والانتشار الجغرافي لأهمّ القبائل التي كان يتكوّن منها .
وكان "القين" من الشعوب المعروفة في غربي الجزيرة العربية إن لم يكن في أماكن أخرى منها في زمن التوراة .

وهم مذكورون باسم "القينيين" (بالعبرية قيني) في أسفار التوراة .
وقد سبق أن قبيلة القين المذكورة في التاريخ العربي تحمل الاسم ذاته , وربما كانت من بقايا "القين" التوراتيين .

تزوج قايين وأنجب ابنا اسمه "حنوك" , ثم بنى مدينة واسماها أيضا "حنوك" .
حنوك أنجب ولدا اسمه "عيراد" .
هذا يعني برأي الدكتور الصليبي أن الانتقال الأول لشعب القين كان من ارض النودة باليمن شمالا إلى مرتفعات عسير : أولا إلى "الحنكة" في منطقة ظهران الجنوب , ثم "آل عراد" , إلى الشمال من ظهران الجنوب , في جوار مدينة أبها .

ثم ولد لعيراد ابن اسمه "محويائيل" , وهذا اليوم هو اسم بلدة "محايل" بأرض تهامة إلى الشمال الغربي من أبها , وبالتالي من قرية آل عراد .

يتابع الدكتور الصليبي تحليله للقصة التوراتية التي تتعلق بأسطورة قايين أو شعب القين , في جغرافية جنوب غرب الجزيرة العربية , وانتشار قبائل هذا الشعب .

من هذا التحليل الجغرافي لأسطورة قايين وذريته , كما يوردها سفر التكوين , يتضح تماما أن المقصود فيها هو تفسير علاقة النسب بين قبائل شعب "القين" في المناطق المختلفة من شبه الجزيرة العربية .

..







 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2010, 12:40 PM   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
زياد هواش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







زياد هواش متصل الآن


افتراضي رد: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل / كمال الصليبي

3 _ أدم وذريته

بعد الانتهاء من سرد أسطورة "قايين" , أي شعب القين , ينتقل سفر التكوين مباشرة إلى رواية أسطورة "آدم" (ءدم) وذريته , وأولهم ابنه "شيت" (شت) , ثم حفيده "أنوش" (ءنوش) .

وافترض الأوائل الذين قاموا بجمع قصص سفر التكوين أن "آدم" المذكور هو نفسه الإنسان الأول (هـ _ ءدم) الذي خلقه الرب يهوه في البداية واسكنه جنّة عدن , متجاهلين أن اسم "آدم" هنا , في هذه القصة الأسطورية , {لا يحمل أداة التعريف} .

وقد ربطوا بين خرافة الإنسان الأول وأسطورة آدم في الجملة الأولى من الأسطورة بإضافة لفظة واحدة إلى هذه الأسطورة , وهي لفظة (عود) , أي "أيضا" .
ويرجح الدكتور الصليبي أن الجملة كانت تقول في الأصل : "وعرف آدم امرأته , فولدت ابنا ودعت اسمه شيتا" .
ثم أضيفت لها لفظة (عود) , فصارت تقول :
"وعرف آدم امرأته أيضا , فولدت ابنا ودعت اسمه شيتا" .

ويبدو أن هناك من أدخل تعديلا إضافيا على هذه الجملة لتثبيت ربطها بقصّة الإنسان الأول , فجعل امرأة آدم تشرح سبب تسمية ابنها شيتا على الوجه التالي : "ودعت اسمه شيتا , قائلة لأن الله قد وضع لي نسلا آخر عوضا عن هابيل , لأن قايين كان قد قتله" .
وبهذه الإضافة البسيطة في الظاهر , تم تعريف امرأة آدم في الأسطورة على أنها حوّاء , زوجة الإنسان الأول , مع العلم بان الأسطورة التي نحن بصددها هنا تذكر امرأة آدم دون أن تطلق عليها أي اسم .

وهكذا وعبر إضافتين , من عمل "المحقق" في إضافة كلمة (عود) , وعمل "التقليد الكهنوتي" الذي أضاف إلى الجملة شرح امرأة آدم للسبب الواهي الذي جعلها تسمي مولودها شيتا .
تم الربط بين خرافة قايين وهابيل , وبين أسطورة قايين المستقلة عن الخرافة , وبين قصة آدم وذريته .

أما أسطورة آدم , فالغرض منها هو شرح علاقة النسب بين مجموعة من القبائل يمنية الأصل , وعلى رأسها قبيلة "ثات" وقبيلة "أنس" المعروفة باسم "أنس الله" .

وقد استمر وجود هاتين القبيلتين في جنوب اليمن بالاسم حتى العصور الإسلامية , ولكليهما ذكر في "صفة جزيرة العرب" للهمداني .
وتحاول الأسطورة أن تشرح السبب الذي جعل قبيلة "الأنس" تعرف باسم "أنس الله" , لان عبادة الله (وهو الرب يهوه بالنسبة إلى التقليد التوراتي) ابتدأت بين ظهرانيها .

أما شخصية آدم (ءدم) في هذه الأسطورة , فهي ترمز بلا شك إلى منطقة جبل أدم (ءدم) باليمن إلى الجنوب من صنعاء , بين بلدتي إبّ ويريم .
ويبدو أن هذه المنطقة كانت تعتبر في القدم الموطن الأصلي لقبيلة "شيت" (أي الثات) التي تفرعت عنها قبيلة "أنوش" (أي أنس الله) .
{وربما كانت هناك في الأصل قبيلة في تلك المنطقة تحمل اسم أدم} , وهو اسم الجبل , فتفرع عنها أولا بنو "ثات" , ثم تفرّع عن هؤلاء بنو "أنس الله" .

يبقى هنا السؤال :
لماذا هذا الربط , في سفر التكوين , بين أسطورة قبائل الأدم والثات وأنس الله ومتفرعاتها , وقصة الإنسان الأول ؟
الإنسان الأول تدور قصته حول "جنة عدن" التي هي اليوم واحة الجنينة , أسفل قرية العدنة , بوادي بيشة , كما سبق وذكرنا .
أما أسطورة آدم (أي قبيلة الأدم ومتفرعاتها) , فموقعها الجغرافي في منطقة أخرى هي باتجاه مدينة عدن الساحلية الشهيرة , بجنوب اليمن .

وفي ما عدا ذلك , وطبعا المطابقة في التهجئة بالأحرف الصحيحة بين الإنسان الأول (هـ _ ءدم) وبين القبيلة التي عرفت في وقت ما باسمه (ءدم) .
وفي ما عدا ذلك , ليس هناك أي علاقة بين القصتين .

والأمر الذي لم يلاحظ سابقا , هو أن في أسطورة آدم وقايين والذرية التي كانت لكل منهما مادّة تاريخية هامة تتعلق بأنساب بعض القبائل القديمة في الجزيرة العربية , وفي ذلك ما يلقي الضوء على جزء من تاريخ العرب طالما طواه النسيان .

..







 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط