الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > منتدى العلوم الإنسانية والصحة > مكتبة أقلام

مكتبة أقلام قسم وليد يهتم بنقاشات الكتب وأخبار المؤلفين والأصدرات ودور النشر

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-03-2010, 01:12 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د. حسين علي محمد
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. حسين علي محمد غير متصل


افتراضي رد: قراءة في رواية «عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي» لمحمد عبد الله الهادي

قراءة في رواية «عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي» (4 ـ 4)
لمحمد عبد الله الهادي

بقلم: أ.د. حسين علي محمد

(4) من عناصر الإبداع الفني في الرواية:
أ-العنوان:
كان السفرُ إلى بلاد الخليج ـ ولا زال ـ حُلماً يراودُ كثيراً من المصريين، ومنهم «إبراهيم العثماني» بطل رواية «عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي»، ولكن النهاية المفجعة التي واجهها "آدم" الشامي، وخوف إبراهيم من نهايةٍ مماثلةٍ لما جرى "لآدم" (الخوزقة) تجعل إبراهيم يستعجل العودة إلي جزيرة مطاوع دون أن يحقق حلمه في الثراء المرجو، ويعود إلى مصر فرحاً، دون أن يُفارقه إحساسه بالفشل في تحقيق حلم الثراء، ومن ثم فهو حينما يركب الحافلة من فاقوس عائداً إلى قريته «جزيرة مطاوع» يحرص علي إخفاء نفسه، وعلى ألا يراه أحد من معارفه، يقول السارد: «صعـد من الباب الخلفي وهو يتمنى ألاَّ يراه أحد يعرفه كي لا يسأله بحكم العادة عن سبب عودته الآن، ماذا يكون جوابه؟».
والـ «عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي» فيها دلالة على الثراء، والغنى، والمكانة، والقيمة! (التي يريد المغترب أن يُحققها باغترابه) ولكن المفارقة هنا أنها من خلال العنوان ـ بعد تلقي النص ـ سيدرك المتلقي أن فيها رمزاً لافتاً إلى الحلم الذي انتهى إلى ما يشبه الخيبة (التي جاءت بطعم الموت وانتهاك الحرمات)، حينما استقرت في أحشاء «آدم»، لأنه آثر أن يقول الحقيقة، ويواجه كفيله، بأنه يريد أن يغتصب حقوق الجار، وأنه ـ أي آدم ـ لن يجاريه في لعبة اغتصاب حقوق الآخرين، فتغتصبه هذه العصا، التي يحملها العنوان ـ بإشارةٍ من الكفيل!
«كان "إبراهيم" يرتجف وتصطك أسنانه وهو يرى"آدم" العاري كما ولدته أمه منزوع السروال، الأشداء يكملون المهمة. كان "آدم" يتلوى بين أيديهم. التقت عينيه في لحظة خاطفة بعيني "آدم"، كانتا تشعان بنفس البريق الذي رآه في مكتبه، عندما صارحه بالحقيقة. كان صوته يجاهد في الوصول للشيخ الهائج كثور برّي:
"الأرض ما هي أرضك يا شيخ".
خيل لـ "إبراهيم" أن عصا الشيخ تغوص في مؤخرته هو، وسمع استغاثات " آدم"، وأحس بجيوش النمل الصحراوي تزحف عليه وتغزو بدنه ، وخدر غريب يستولي علي جسده كله. كانت عيناه متسعتين، تحدقان في المنظر البشع أمامه».
وهكذا استطاع العنوان أن يُكمل النصَّ الروائي بإشارات لا تخفى دلالاتها، عن خيبة مشروع بطله في السفر والاغتراب، بحثاً عن الثراء!
ب-الموروث الشعبي:
تشيع في مفردات الرواية بين حين وآخر بعض مفردات اللغة المحكية، بحثاً عن الصدق الفني، كما يرى الروائي.
وقد أشار إشارة لافتةً إلى التغير الذي تحدثه الوسائط الأخرى في نقل اللغة؛ فنرى السارد يصف إحساس إبراهيم العثماني وهو يسمع صوت أبيه في المسجل:
«النبرات مهتزَّة، الصوت ليس هو صوته الذي اعتاد سماعه منه، صوته الفلاحي الهادئ بعباراته ومفرداته التي يكررها، كأن يقسم للتأكيد علي شيء: "والقرآن المجيد أو ورب الكعبة"، كأن الأب لا يخاطب ابنه الذي من صلبه، بل يخاطب جهاز المسجل معه، كأنه يعتـقد أن الناس عندما تسجل صوتها علي هذه الآلات، فإنهم يتحدثون بطريقة أخرى، تماما كطريقة كتابة خطابات الفلاحين بالفصحى، عندما تتوه المعاني الحقيقية للرسالة أو تهتز أو تنقص، فلا تحمل في ثناياها ذلك القدر الهائل من الحنين والحب والافتقاد والوحشة الموجودة في العامية. لكن الفلاحين اعتادوا الرضوخ لكتّاب الخطابات من المتعلمين، لكنهم أحياناً يبتسمون أو يضحكون عندما تُلوى أعناق عباراتهم البسيطة والساذجة وتعوج وتبطط وتعـدل لتصير عبارات موازية وفصيحة ..».
وحتى لا يتحدّث السارد بطريقة أخرى (تُباين الصدق (الواقعي) كما يرى)، فإننا نرى الرواية تشيع فيها بعضُ التعبيرات التي يستخدمها الشعب في حديثه جيلاً بعد جيل، وهو ينقلها هنا من باب الصدق الفني، ومن هذا الموروث، نجد:
«كانوا مطمئنين تماما، واضعين في بطونهم أحمالاً من البطيخ الصيفي». وهذا للتعبير عن وجوب الاطمئنان والسكينة.
ومنه قوله عن عطية الأشرم الذي أخذ البطل (إبراهيم العثماني) معه للعمل في الخليج، عن كفيله: «أنت الأستاذ إبراهيم العثماني المحاسب المصري .. لست واحداً من هؤلاء العمَّال الكثيرين الذين يعملون تحت إمرتي .. هؤلاء الذين إذا طلبت من الواحد منهم أن يخوض البحر أو يفوت في الحديد لفعل هذا عن طيب خاطر .. أنت تعرف أن الشيخ يقدرني .. ولو طلب لبن العصفور لجعلت هؤلاء العمال يحضرونه له من متاهات الصحراء»، ولبن العصفور هذا يفيد عمل المستحيل في اللغة المحكية.
ويُشير إلى المثل الشعبي صراحة هذه الفقرة التي تتحدث عن إبراهيم بعد زواجه: «كان "إبراهيم" يؤمن بالمثل الشعبي : جعْ سنة تشبع العمر كله. وأن القناعة في السنوات الأولى سوف يعقبها بالتأكيد سنوات للرخاء، سوف تعود عليهما وعلي أبنائهما في المستقبل بالخير الوافر: بطن الإنسان لا تشبع ولا تشكر صاحبها يا "فوزية" .. البني آدم مخلوق عينه فارغة لا يملؤها إلاّ التراب».
ويشير إلى عدم إقبال أخيه حسين على العمل بعد عودته الخائبة من ليبيا:
«يتناول آخر شريط وصله من مصر، يضعه في المسجل، صوت أمه الصريح الذي لم يعد قادراً علي التخفّي والمداراة ، ينشج وينهنه بالعياط بين كلامها المتقطع. هل مازالت تشعر بأنها المسئولة عن غربة أولادها الذين هجروها للمنافي البعيدة؟. عرف أن "حسـين" قد عاد خالي الوفاض من ليبيا بعـد أن احتجز الجنود حقائبه وأغراضه وأمواله علي الحدود. عاد ليلوذ بالصمت والجلوس طوال النهار بجوار الجدار كالمرأة الخائبة:
"يعبي الشمس في قزايز".. ».
وهذا مثل يقال للذي فرّغ نفسه من العمل، ومال إلى الفراغ، وأنس به.
ويقول عن نصيحة قدمها «عطية» لإبراهيم عند قدومه «النصيحة الغالية التي تعلمها من "عطية" وعلقها حلقة في أذنه حتى لا ينساها أبداً: أنه جاء إلي هذه البلاد من أجل العمل وجمع المال فقط أما غير ذلك فهو لا يرى لا يسمع لا يتكلم»، وتعبير «علقها حلقة في أذنه» تعني في الموروث الشعبي واللغة المحكية: الاهتمام بها، وحفظها، وعدم التفريط فيها.
ج-تقنية الحلم:
ويستخدم السارد تقنية الحلم لتُشير إلى الواقع المعيش، في مثل قوله: «آخر شريط وصله أفاده بأن حبَّات مسبحة أبيه "صالح العثماني" تتساقط واحدة تلو الأخرى، وتضيع في الرمال، ولا يعثر لها علي أثر». وحبات المسبحة هذه هي أولاده، الذين يشكر الله على إنعامه عليه بهم، والتساقط هنا ـ يشير في رمز لافت ـ إلى تفرقهم في أرض الله، وعدم قدرة والدهم على الإفادة منهم، أو التنعم برؤيتهم، أو وجودهم معه حينما يحلُّ به مكروه؛ فقد سقطوا في فخاخ الغربة؛ مثل حبات المسبحة.
د-تقنية الأغنية:
يتحدث السارد عن مسيرة زواج البطل (إبراهيم العثماني) من (فوزية الجمال) فيقول: «رغم هذا، فقد بذل "إبراهيم" جهداً مثمراً في أن تظل مركب زواجه مبحرةً في بحار تاه فيها الملاّح والمجداف».
وهو هنا يتناص مع شعر أغنية تشدو بها أم كلثوم.
هـ-رواية توثيقية:
رواية «عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي» رواية سياسية، ولأنها كذلك نجد إشارات للبيئة الزمانية التي تُصاحب الأحداث، وتعمق من دلالاتها. وتُشير بعض الإشارات السياسية لأحداث جرت في النصف الثاني من عقد السبعينيات في القرن الماضي:
«هناك، في الأمسيات الطويلة، كان يقلب مؤشر مذياعه، لم يعد يتوقف عند الإذاعات المصرية فقط، لكنه كان يتنقل ما بين بغداد وبيروت وطرابلس والرياض وعمان وتونس ولندن وإسرائيل. موجز الأنباء، تفاصيل النشرة، التعليق السياسي علي آخر الأحداث، ما يطلبه المستمعون، تمثيلية السهرة، أمجاد يا عرب أمجاد .. في بلادنا كرام أسياد، مباراة القمة بين الأهلي والزمالك ، تستمعون الآن لأغنيتين: كلمني عن بكرة .. لنجاة الصغيرة ، وموعود .. لعبد الحليم حافظ، أشعار البادية ، قرآن الختام والسلام الوطني ، إذاعات وإذاعات وإذاعات ..
مواجهات عسكرية علي الحدود بين مصر وليبيا قرب مركز السلوم الحدودي المصري وتبادل الاتهامات ببدء الاشتباكات ، واعتبرت مصر أن النزاع يدور في إطار مكافحة التغلغل السوفيتي في أفريقيا، وأن ليبيا تشكل مع أنجولا وأثيوبيا أدوات لتنفيذ السياسة السوفيتية واتهمت ليبيا بنشاطات تخريبية في السودان وتشاد وتقديم المساعدات لجماعة التكفير والهجرة الإسلامية المتشددة التي كانت قد خطفت وزير الأوقاف السابق الشيخ محمد حسين الذهبي الذي عرف بمعارضته للتعصب الديني من منزله بحلوان، وطلبت الإفراج عن ستين من أعضائها، وفدية تبلغ مائتي ألف جنيه لإطلاق سراحه. ثم أعدم وعثر علي جثته في طريق الأهرامات، واعتقلت الشرطة عدداً من أعضاء الجماعة وعلي رأسهم زعيمهم شكري مصطفى: أمير الأمراء وخليفة الله علي الأرض. ثم أعدمته مع أربعة آخرين.
لم يعد الراديو يؤنسه، اكتشف أنه في نهاية الأمر ينام محزوناً ومكروباً، وأن الكوابيس صارت تزوره كثيراً وتفزعه».
.............
وبعد هذه الرحلة مع رواية «عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي»، نرى أنها رواية سياسية، تشهد على هذه المرحلة، وتصور الفلاح المصري في غربته، وأحلامه الصغيرة، وإحباطاته المروعة، ونرى أنها من واحدة من الروايات الشاهدة على معاناة الفلاح، ويمكن أن نسلكها مع الروايات التي قدمت صوراً من معاناة الفلاحين، ومنها «زينب» لمحمد حسين هيكل، و«الأرض» و«الفلاح» لعبد الرحمن الشرقاوي، و«الحرام» ليوسف إدريس ...






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط