الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتدى القصة القصيرة > قسم الرواية

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-09-2024, 07:55 AM   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020


مرض فهمان

عاد فهمان من القصر الرئاسيّ إلى المصادم مباشرة، واختلى بنفسه يُفكّر في أمر قنابل الثقوب السوداء.
حدق بجهة الغرب، وطفق يرددَ على مسامعه محادثته مع جاك، ولاسيما تحذيراته بشأن خطورة كاجيتا على العالم، وما نسي أنه أمره بإغلاق المصادم (FFC-2) من شدة خطورته، وإلا يفعل فسيحمله ما يحدث للعالم على إثر تمكن كاجيتا من صنع قنابل الثقوب السوداء.
وضع كلتا يديه على رأسه وتوعد نفسه بالويل والثبور، ثم أخفضهما باسطي كلتيهما تلقاء عينيه، ينظر لإحداها تارة، ثم ينظر إلى الأخرى ويحادث نفسه: يا ويلي بما قدمت يداي.
نظر إلى مقصلة كانت معلقة في الحجرة، وأقدم عليها، أنزلها. توقف لحظة وتذكر توسل الرئيس مهدي -الذي يحبه- إليه بأن يتغدى بكاجيتا قبل أن يتعشى هو به، وقال همسا والدموع تنهمر من محجري عينيه: ثمة فرصة نجاة، أصنع القنبلة وأهديها للرئيس مهدي فيجنبنا حقد كاجيتا وجنون رئيس وزراء اليابان.
صمت لحظة يتدبر أمر ما قال ثم همس مجددا: لا لا، إن مهدي قال: فهمان اصنع قنابل الثقوب السوداء وسلمها لي وأنا على استعداد أن أطأ دولة مثل أمريكا تحت قدميّ.
عاد ونظر إلى المقصلة مرة أخرى ورفعها في الهواء وهو يقول: لابد أن تودع العلم وتنساه، فأنت يا فهمان الذي سعى بكل جوارحه لإنقاذ البشرية هو من سيكون السبب في هلاكها.
ولما همّ بقطع كلتا يديه خُيّل إليه بأن أباه يدق أذنيه بقوله: يا فهمان يا ولدي، لابد أن تعبر الجسر، كيف تعبر مبتور اليدين!
فألقى بالمقصلة وهو ينادي صارخا: أبتِ، أين أنت؟
أبتِ العالم سوف يفنى بسببي، أين أنت؟ كم أنا محتاج إليك يا فطين المصري.
واستدار فجأة وهو يقول: الجواب، الجواب.
وظل يبحث عنه في حجرته مع أنه يعرف مكانه، لكن عقله قد طار في رياح عاتية.
فلما يئس من العثور عليه، اندفع نحو الباب راكضا، تعثرت إحدى قدميه في ركن من أركان الجدران فوقع وشجّ رأسه، لم يضع يده على موضع الشج كما يفعل أي إنسان وإنما ركض ولم ير الدماء التي تنزف من رأسه.
ظل راكضا حتى استقل المصعد الكهربائي وهبط به، فتح باب المصعد وركض حتى وصل إلى الموضع الذي تُجرى فيه تجارب المصادم وظل يحدق به.
رآه بعض العاملين بالمختبر (FFC-2) فسعوا إليه هلعين ولاسيما حرسه الخاص، ولكنه نهرهم ودفعهم بكلتا يديه وهو يصرخ بهم: دعوني، لابد أن أسحقْ بدلا من البروتونات التي تتصادم.
فهمان سيتسبب في دمار العالم، فدمروني، دمروني ليستريح العالم من شري.
وبكى صارخا واضعا كلتا يديه على وجهه التي تسربلت بدماء رأسه.
أنزل يديه ونظر إلى الكاشف الذي تمكن من رؤية الجرافيتون، فخيّل له أنه (الجرافيتون) يأخذ الناس ويخفيهم خلف بوابة بُعدية، وهي بوابة الجحيم، هكذا رأت عيناه ما خُيّل له. كما تخيّل كاجيتا وهو يخرج لعابه له ويضحك ضحكاته المعهودة عنه وهو يقول له: لا تلعب أيها الغلام مع الكبار.
شعر فهمان بالعجز، ولم يطق المشهد ففر من المكان واستقل أحد المصاعد ليخرج من المصادم ويذهب إلى أبيه، آنذاك كان حرسه يتبعونه خوفا عليه.
فور أن خرج من المصعد ركض نحو تمثال أبيه المجنح.
ظل ينظر إليه -بينما حرسه آثر أن يرمقوه عن كثب- وجناحا أبيه يرفرفان في كافة ربوع المكان، ومع ذلك خُيّل إليه أنهما انفصلا عن جسده وخرا على الأرض.
فأحدثا صوتا كالصواعق، فجعل أصابعه في أذنيه حذر الموت.
فتدمرت نفسيته تماما لأنه أحس بأنه فقدَ السند الذي لطالما يقف بجانبه، في حياته، وبعد مماته بأثر أقواله التي جعلته بطلا خلد ذكراه التاريخ تخليدا فاق زعماءً كبارا في مصر كسعد زغلول وأحمد عرابي.
فأحسّ بألمٍ مفاجئ في الظهر، وتنميل في أطراف الجسد، و سدمتْ عيناه فأصبح يرى كلّ ما حوله كالضباب، وتصبب العرق من رأسه وجبينه وامتزج ببعض دماء رأسه، ولم تعد قدماه تحمله فخرّ مغشيًا عليه نتيجة حالة شلل نفسيّة أخرى كالتي جاءته من قبل حال العرض التقديميّ لرسالة الماجستير بجنيف.
لم يتمكن حرسه من إسناده قبل الوقوع، وسرعان ما حملوه إلى أكبر مستشفى بالوادي الجديد وأُجريت عليه الفحوصات وتبيّن منها أنّها النوبة القديمة قد عاودته تحت تأثير نفسي هائل جدًا.
***
جاء خبر فهمان إلى كاجيتا وهو في مرقده فقال في نفسه: يبدو أن الفتى عرف أكثر مما ينبغي له أن يعرف، فتبول على نفسه، لكن لا بأس يا فهمان، سترى أينا أسبق من الآخر، عبورك المزعوم أم خسف أمريكا بكلتا يدي هاتين (وظل يحدق بهما).
لن تصدقني لو قلت لك إني أريد أن تعيش وتتعافى لترى أينا أشد علما وأحسن مقيلا وأرفع يدا.
وفجأة نادى على رفاقه، فأقبلوا يردف بعضهم بعضا، فلما انتصبوا تلقاء وجهه قال لهم: «غدا نبدأ عملنا، غدا نحكم قبضتنا على هذا العالم فتأهبوا، فقد بوأت لكم منازل تليق بكم.»
***
انتشرَ خبر مرض فهمان على الفور عبر الصحف ووكالات الأنباء، وتضاربتْ الأنباء حول إمكانيّة شفائه، لدرجة أنّ صحيفة من الصحف العالميّة قالت: لو مات هذا الفتى فسوف يعود الشعب المصريّ ليحيا في الجحور والكهوف والخيام من جديد.

***
بينما الرئيس مهديّ قال في نفسه لما وصله الخبر: رحماك يا رب بولدي، لقد طُحن بين المطرقة والسندان، ما كان يجب علي أن أطلب منه صناعة قنابل الثقوب السوداء ونفسه تتوجس شرا من كاجيتا الشيطان بسبب تلك القنابل.

***

وصل الخبر إلى جاك وهو قائم على تصميم جهازه الشامل ومحطات الليزر القمرية في وكالة ناسا، فخر على الكرسي منهدا، بل مندكا كالجبل، وشعرَ أنّ نصفه قد انفصلَ عن جسده، وهمس: يلطف بك الرب يا صديقي وكل أهلي، سوف يتعثر العالم بدونك، ويتخبط بلا هدى بدونك، فأنت دليلهم يا معجزة الفيزياء النووية. وايم الله لم يجد الزمان بمثلك أبدا، فأنت حالة لن تتكرر.
وظلت يداه ترتعشان. وفجأة تلفت نحو هاتفه، تناوله واتصل برقم فهمان، الهاتف مغلق.
فخرج من وكالة ناسا متوجها نحو المطار وحرسه في إثره.
قابله رئيس ناسا وهو يعلم مسبقا بالخبر فقال له: «لن يفيده ذهابك إليه، فابق حيث أنت فالعالم في أشد الحاجة إليك.»
فدفعه جاك وهو يقول له: «بدون فهمان لن يستطيع العالم أن يعيش بأمان، فلابد أن أكون بجانبه لأن العالم في أشد الحاجة إليه كما قلت يا سيادة الرئيس.»

***



فرصة ذهبية
من رواية قنابل الثقوب السوداء
إبراهيم أمين مؤمن-مصر
لم يجد كاجيتا فرصة سانحة أفضل من هذا الوقت الذي يقبع فيه فهمان في المستشفى ما بين الحياة والموت لا حول له ولا قوة.
لذلك هب منتفضا وتواصل مع فريق عمله -آنذاك، كل واحد منهم يقيم في حجرة منفصلة من حجرات المصادم الكائنة فوقه- ليستنفرهم على التأهب لخوض التجارب على المصادم FFC-2 . فلما تلاقوا داخل المصادم وهم على أهبة الاستعداد نهض منهم ناكامورا -وهو أبرز أعضاء فريقه- وقال: «نفسي فداء لليابان، ولن أترك حق بني وطني ولو مر عليه ألف عام، فإن لم أستطع الثأر ففي ظهري نسمات تخرج منه تعرف كيف تثأر لأجدادهم.»
قال كاجيتا في نفسه: لم أخش على مستقبل اليابان أكثر منك يا ناكامورا، فأنا أعرف حجم تطلعاتك التي كادت تلامس السحاب.
واصطفوا صفا، وكاجيتا واقف أمامهم، وطفقوا يزفرون ويشهقون بأريحية تامة؛ بينما خبراء الفيزياء يرمقونهم عن كثب.
ولج كاجيتا باب المصادم الرئيس، استقر في مكان ما وأمر كل واحد من فريقه بالوقوف في مكان مناسب.
وفجأة جاء واحد يبدو أنه مصري وقال: «سيدي كاجيتا، رئيسك يخبرك أن المصادم ملغم بأفراد المخابرات المصرية والأمريكية والروسية والموساد، فضلا عن أن هذه الدول أرسلت فيزيائيهم أيضا ليسلطوا أنظارهم عليك. يقول لك خذ حذرك.»
قال كاجيتا له: «اذهب أنت، فإن كاجيتا لا يعجزه شيء، لا في مكاننا هذا ولا من يسكنون خلف ثقب سحابة أورط.»
وظل يسترق النظر فيمن حوله، وقال همسا وهو يتأفف: تبا للخيانة والعمالة، كيف يخون هذا المصري وطنه من أجل حفنة دولارات! يبدو أن رئيس وزرائنا أغراه من أجل بناء إمبراطوريته الكبرى، عامة لا شأن لي بهذا الأمر؛ فشأني هو ثأر أجدادي.
صمت لحظة ثم عاود وقال همسا وهو ينظر إلى الخبراء الذين ينتظرونه لإجراء التجارب: سأعرف كيف أجعلكم تفرون من الصياد أيها الهداهيد، لكن في الوقت المناسب، أنتم بالنسبة لي كالذباب إلا فهمان الذي يصارع الموت.
توقف فجأة عن الهمس وتسمر مكانه وهو ينظر تارة تلقاء مدخل المصادم الرئيس مع أنه لا يراه، وتارة أخرى إلى صحيفة ملقاة على الأرض. ذهبت الدماء من وجهه، بعد لحظات قال همسا: «جاك.»
ورفع صوته بها شيئا فشيئا حتى وصل حد الصراخ الذي ينم عن الغضب الممزوج بالخوف.
والسبب أنه قرأ في الصحيفة خبرا يقول: فهمان المصري بين الحياة والموت، فهل يدركه جاك الأمريكي قبل أن يودع الحياة؟»
وأسفل الخبر لم يكن ظاهرا بسبب وجود صحيفة أخرى تغشاه.
فدهش الحاضرون حتى إنهم نظروا تلقاء ما ينظر كاجيتا ما بين النظر في الصحيفة ووجهة الباب.
فأقبل إليهم واحد من جهة ما ينظرون لكن وجهة الباب فقط، نظر إليه ناكامورا بحنق وهو يتمتم وجسده يرتعش: «جاك، لماذا جئت هنا؟»
فانتفض جسد كاجيتا، وهو إذ ذاك كان يركز نظره على العنوان المخط في الصحيفة، أما بقية الحاضرين فقد ألجمتهم الدهشة بسبب رعب كاجيتا وتفجع ناكامورا بدون سبب.
أقبل كاجيتا على الصحيفة، ورفعها من الأرض، ونظر أسفل الخبر وقرأ فيما قرأ أن جاك سيصل مصر خلال 24 ساعة.
فتنفس الصعداء ولاسيما بعد أن سمع -دون أن يرى- الحاضرين وهم يرحبون بالخبير الذي ظنه ناكامورا أنه جاك، وكان يقول في نفسه قبل لحظات من الترحيب: لو أدركني جاك وأنا هنا فلن أستطيع أن أصنع قنابل الثقوب السوداء.
أقدم عليه ناكامورا وهمس في إحدى أذنيه: «سيدي كاجيتا، هل يعلمون بأمر الثقوب السوداء؟»
أجابه بصوت لا يسمعه إلا هو بعد أن ازدرد ريقه بصعوبة بالغة منذ لحظات: «لا أظن أن أحدا يعلم بالأمر إلا الرئيس مهدي وجاك، لذلك أرسل مخابراته وعلماءه من أجل القبض عليّ حال الوصول إلى شيء، أما المخابرات الأمريكية أولئك الأنجاس فقد جاءوا ليحموني.»
قال كاجيتا وهو ينظر إلي فريقه: «هيا إلى موضع إجراء تجارب التصادمات.»
قال أحد أفراد فريقه: «سيدي، نعمل أمامهم فيفتضح أمرنا، ألم تقل منذ قليل بأنهم هداهيد ويجب أن يفروا مذعورين؟»
أجابه: «يا أبله، إن أمرنا مفضوح من مشارق الأرض حتى مغاربها، وما حان الوقت لتفر تلك الهداهيد مذعورة.»

التجربة الأولى لكاجيتا:
انضم أكبر خبراء الفيزياء النظرية إلى كاجيتا وفريقه لرصد تحليلات كاجيتا.
دُفع بحزمتي البروتونات من المسرع ليناك (4)، وتصادمتْ كالعادة بعد عشرين دقيقة من تسارعها في مجريي أنبوبي المصادم، ورصدتْ الكواشف المتطورة تفكْك البروتونات من كواركات وبوزونات وبقيّة الجسيمات المتحللة قبل أن تلتحم مرّة أخرى في جسيمات مستقرة.
وأُرسلت البيانات عبر شبكة الحوسبة إلى معظم أنحاء العالم، وقام كاجيتا بنفسه من تحليل بيانات المصادم على أهمّ الكواشف المتطورة من بينها أطلس ومتعقّب الألياف الضوئية SciFi.
التف الخبراء حول كاجيتا عند إقباله على رصد بيانات المجسات، قال كاجيتا: «هذه جسيمات جديدة يا سادة لم تُكتشف من قبل بفضل طاقة المصادم الخرافية (500 تيرا إلكترون فولت، والمصادم الحالي في سرن لا يمكنه استخدام عُشر معشار هذه الطاقة) ويجب علينا دراستها وتحديد كامل خواصها الفيزيائية والكيميائية.»
قال أبرز الخبراء له: «أكثر هذه الجسيمات رصدها فهمان من قبل ونحن عاكفون على تحليلها منذ هذا الحين.»
حدق كاجيتا به وقال ممتعضا: «ولماذا لم يحللها هو؟ أيها البلهاء، كاجيتا ليس كفهمان ذلك الغر المغرور.»
أظهروا ملامح الامتعاض من قوله بسبب إنكارهم لأقواله.
كره كاجيتا ما رمقه في وجوههم، صمت لحظات ثم قال: «دعونا من تلك الجسيمات، كل ما يعنينا منها هو إن كان الجرافيتون منها أم لا.»
قال أحد الخبراء: «فهمان رصده من قبل، لكنه لم يشأ أن يمسكه.»
قال كاجيتا منتفخا كالطاووس: «قل لم يعرف طريقة لأسره، وأنا سأسترقه.»
ثم ما لبث أن عزم على إجراء خوارزميات متعددة ليصل إلى الجرافيتون.
وبتطبيقها تـأكد من وجود الجرافيتونات من خلال إحصائه قبل هروبها.
قال كاجيتا: «الآن يا ناكامورا تأكدت أنه كان في التجربة السابقة، ذاك الملعون الذي حيّر خبراء الفيزياء منذ عقود طوال.»
حدق الخبراء به، قال أحدهم: «هل لنا أن تخبرنا كيف طبقت هذه الخوارزميات؟»
قال كاجيتا بامتعاض وهو يمكر بهم: «سأخبركم فيما بعد، لكن اعلموا أن الجسيمات كلّها بلا استثناء تتحلّل من نتيجة ارتطامات البروتونات ثمّ تستقر بعد ذلك بتجميع نفسها من جديد إلّا الجرافيتون، فالجرافيتون يتحلل من البروتون لكنّه لا يتجمع في جسيمات مستقرة أخرى، بل يهرب من غشائنا الكونيّ ليدخل غشاءً آخر له أبعاد وسمات أخرى.»
انفجر ناكامورا من الضحك بعد أن حاول أن يسيطر على نفسه مرارا فلم يستطع.
نظروا إليه جميعا وعلى وجوههم علامات الاستياء.
قطع أحد الخبراء الضحك على ناكامورا بسؤال: «يا كاجيتا نسألك عن الخوازمية ولا نسألك عما أخبرتنا به لأنه معلوم بالبداهة.»
وأفراد المخابرات يتابعون من بعيد، بل إن أحد أفراد المخابرات المصرية اندس بين الخبراء لكنه لم يفقه شيئا من الحوار الدائر.
قال كاجيتا لهم بامتعاض: «ما حاجاتكم للخوارزمية، إنها أسلوب نظري، الآن سأثبت لكم عمليا أن الشبح (يقصد الجرافيتون) كان موجودا بيننا ثم لاذ بالفرار، لكن عليكم أن تجازفوا بحياتكم؛ فقد يأخذ الجرافيتون أحدكم ويهرب به إلى أحد الأكوان الأخرى.»
ولقد ارتاب كاجيتا في أمر فرد المخابرات المتنكر، فملامح وجهه لا تتفاعل مع الأحداث كتفاعل الخبراء، فتبين له أن هذا جاسوس.
نظر إليه كاجيتا وقال له: «وأنت أيها الهدهد الكبير، سوف أجعل الجرافيتون يأخذك معه إلى بوابة الجحيم، فما رأيك؟»
فور أن أنهى كاجيتا كلمته التاع فرد المخابرات وكاد لا يستطيع أن يزدرد ريقه، فضلا عن ذهاب الدماء من وجهه.
فضحك كاجيتا. ثم ما لبث أن قال: «سنعيد التجربة وسأجعلكم الآن تمسكون بالجرافيتون، ولكن يجب على كل واحد منكم أن يمسك في يد أمه حتى لا يتوه في الوادي الجديد (يقصد كاجيتا أن الجرافيتون قد يأخذ أحدهم معه).»
ازداد فرد المخابرات خوفا، وظل ينظر فيما حوله لعله يستطيع أن يسلسل نفسه في جدار حتى لا يُسحب ويلقيه الجرافيتون في بوابة جهنم.»







 
رد مع اقتباس
قديم 01-10-2024, 05:51 AM   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020

أعاد كاجيتا التجربة بالفعل، وفي موضع التصادمات وضعَ برادة حديد رقيقة جدًا عند كاشف أطلس وأجرى حزم البروتونات في مجري الأنبوبين، وكرّر نفس الطريقة بوضع البرادة عند متعقّب الألياف الضوئيّة SciFi في تصادم آخر.
وبالفعل كما توقّع، برادة الحديد اختفتْ بعد التصادمات بعد واحد فيمتو ثانية كما رصدتها شبكة الحوسبة.
قال ناكامورا بعد اختفاء البرادة بدهشة: «لقد جذب الجرافيتون البرادة وألقى بها حيث لا يعلم إلا بوذا، إنه موجود بالفعل.»
أما فرد المخابرات فقد تنفس الصعداء ولاسيما بعد أن أصابه وأصاب الحاضرين حالة اختناق لحظية لأن الجرافيتون سحب البرادة والهواء معا.
تلاشت حالات الاختناق اللحظية فور هروب الجرافيتون وإغلاق الثقب الأسود المجهري الذي تولد من عملية الارتطام بالطاقة الفائقة.
قال ناكامورا: «شعرت بأنه ازداد ثقلي أثناء التجربة، فهل حدث لكم ذلك أم إنه مجرد وهم؟»
حدقوا به ولم يدروا بماذا يجيبوه بيد أن كاجيتا قرعه على رأسه، ثم سحب يده وضربه على ظهرها وهو يقول: «كيف تعمل مع كاجيتا وأنت تسأل عن أمر بديهي كهذا؟!»
الغريب في قول كاجيتا أن الخبراء الذين يعملون معه ومنهم أساتذة جامعات من أجناس مختلفة ليس لديهم جواب عن سؤال ناكامورا.
أجاب كاجيتا ناكامورا وهو ينظر إليه متجاهلا باقي الموجودين: «ألا تعلم أن الجرافيتون كان موجودا منذ لحظات أيها التلميذ الفاشل!»
ضرب ناكامورا جبهته وفقه أخيرا إجابة كاجيتا وهو يقول: «لقد زادت الجاذبية الأرضية بفعل وجود الجرافيتون فزادت أوزاننا. معلمي اغفر لي.»
قال واحد من الحاضرين: «طبعًا هذا التثاقل عبارة عن زيادة الجاذبيّة الأرضيّة لحظة تخليق الجرافيتون مما يعني أنّ أوزاننا قد زادتْ.»
تولى كاجيتا وفريقه وهو يقول: «إلى اللقاء يا سادة في تجربة أخرى.»
قال أحدهم بمكر: «ولم لا تجريها الآن.»
صاح به كاجيتا وهو يقول: «مرهق، عقلي فصل، أريد أن أستريح.»

***
ظل فهمان في غرفة العمليات يصارع الموت، يلتف حوله أعظم أطباء العالم، أما الرئيس مهدي فينتظر بالخارج وهو في قمة الاضطراب، فهو أشد الناس حرصا على حياة فهمان، لأنه يرى فيه حلما طال انتظاره بعد أن اتخذ اليهودُ ظهور الأمريكان مطايا ليتمكنوا من الوصول إلى حلمهم الكبير، وهو الإعلان عن إسرائيل الكبرى ووضع دستور جديد في الأرض يخصهم هم بعد أن يلغوا جميع الأديان والمذاهب الخاصة بغيرهم.
وهو في غيبوبة تامة، لكن نفسه النقية كانت يقظة، إذ ظل يهلوس باسم كاجيتا والشيطان والجرافيتون. وكاد القلب أن يتوقف في اللحظة التي أثبت فيها كاجيتا عمليا وجود الجرافيتون. ففهمان هو الوحيد في الكون الذي يعلم بحركة الجرافيتون، بل ويعلم كيف يأسره في حين أن كاجيتا سيحاول إمساكه في التجربة الثانية (سيأتي ذكرها في النص القادم) ويعلم أن إثبات وجوده عمليا سيفتح المجال لإمساكه فيما بعد؛ ومن ثم يتمكن من صنع قنابل الثقوب السوداء.

***

القبض على الجارفيتون «التجربة الثانية لكاجيتا» ج1
استراح كاجيتا بعض الوقت، ولما استحضر في مخيلته قدوم جاك هب منتفضا ودعى فريقه للذهاب إلى أحد المعامل الملحقة بالمصادم.
قال لهم بغل المحاربين: «هيا إلى المعمل لنعدّ السلاسل التي سوف تأسر الجرافيتون.»
وفور خروجه رأى الخبراء في انتظاره، ويندس من بينهم المخبر المصري، فقال في نفسه: لاصقة بغراء لا تنفك عني حتى تنزع جلدي، ويلي من هؤلاء المتطفلين، دولهم تريد حكم العالم بقنابل الثقوب السوداء، شأنهم شأن رئيسي المتغطرس.
فلما دنا منهم قالوا له وهم يبتسمون ابتسامة الماكرين: «نرجو أن تكون بخير وعافية.»
نظر إليهم باستياء ولم يرد عليهم.
دلف بفريقه وهم من خلفه نحو باب أحد المعامل الملحقة بالمصادم.
فلما دخلوا شرع في إعداد التجربة.
برّد الرابيديوم (أحد العناصر الكيميائيّة) إلى درجة حرارة الصفر المطلق، وذلك بإرسال حزمة هائلة من جهاز ليزر يعمل بطاقة هائلة (سحب الطاقة من الذرات يجعلها في حالة تبريد).
وضع بعد ذلك ذرات الرابيديوم تحت المجهر وانصرف.
قالوا له: «ألا تكمل التجربة؟»
قال: «أريد أن أتبول، أتريدون أن تجروا معي هذه التجربة أيضا؟»
فانفجر ناكامورا من الضحك، نظروا إلى ناكامورا بامتعاض ولم ينبسوا بكلمة.
قال كاجيتا: «أريد أن أحتسي بعضا من القهوة، انظروا أنتم إلى الذرات.»
نظروا إليها من المجهر، فوجدوا كراسي موسيقية في تنسيق بديع.
فارتسم على وجوههم الدهشة والإعجاب، حتى قال ناكامورا: «إنّ الليزر جعلها في حالة عزف موسيقي يفوق الخيال.»
داهمهم كاجيتا بعد أن احتسى القهوة وهو يقول: «هل شاهدتم النوتة الموسيقية؟»
قالوا: «وطربت آذاننا بعزفها.»
قال: «أتدرون ما حدث؟»
قالوا: «نحب أن نسمع منك.»
دعى كاجيتا ناكامورا لإحضار مغناطيس ثنائي القطب.
فلما تناوله قال: «كلّ ذرة تعمل كمغناطيس له خاصية كوانتيميّة تسمى اللف المغزلى spin، وأنا الآن سأتحكم في ذاك اللف المغزلي من خلال هذا المغناطيس (ويشير إلى المغناطيس الذي بيده).»
بعد أن تحكم في اللف المغزلي بالمغناطيس دعاهم للنظر في المجهر. فرأوا دوامات إعصارية رهيبة داخل ذرات الرابيديوم، سرعان ما تشكلت نهايات هذه الدوامات الإعصارية على هيئة مغناطيس.
فتساءلوا عن هذه الهيئة الغريبة.
قال كاجيتا: «إنه محاكاة لمغناطيس وحيد القطب يا سادة.»
فصعقوا من وقع الكلمات وتمتموا بكلمات كاجيتا، قال أحدهم متمتما: «أتقصد مغناطيس أحادي القطب بالفعل؟»
نظر إليه ولم ينبس بكلمة.
وأجرى كاجيتا بعض التجارب ليحول عملية المحاكاة إلى حقيقة كائنة، وفي النهاية صنع كاجيتا لأول مرة في تاريخ البشرية مغناطيس أحادي القطب، ذاك الحالم الذي لطالما طال انتظاره من عقود طوال فائتة.
قال كاجيتا لهم : «هأنذا أمتلك مغناطيس تبلغ طاقته مليارات المليارات طاقة المغناطيس العادي.»
همس لنفسه: والآن أستطيع أن أمسك الجرافيتون اللعين.
ثم قال لهم مستدركا رغبة في صرف أنظارهم عن مراده: «هيا ليذهب كل واحد منكم إلى بلده عله يفيدكم (يقصد المغناطيس) في دفع المركبات الفضائية.»
وما لبث أن ضحك ضحكات سخرية وقال: «لكن لا تنسوا أن تخبروهم أن الحرب على الأرض وليست في الفضاء.»

***
كل الصحف العالمية والعربية ولاسيما المصرية منهم صورت جاك وهو خارج من المطار القريب من محافظة الوادي الجديد. وحاولوا بشتى الطرق أن يعرفوا عما إذا كان سيخوض بعض التجارب على المصادم FFC-2 بيد أنه رفض الإجابة واكتفى بقوله أنه جاء للاطمئنان على صديقه فهمان ابن الزعيم الوطني الراحل فطين المصري.
وفور تخلصه من الصحفيين، وكذلك الجمهور المحتشد من الشعب المصري -المحب لفهمان وأبيه- الذي حضر لملاقاته لأنه صديق حبيبهم فهمان همس قائلا: صبرا علي أيها الكاجيتا الملعون، اطمئن على صديقي أولا ثم أذهب إلى المصادم لأدق عنقك قبل أن تدق أعناقنا بقنابلك اللعينة.

***

اجتمع كاجيتا بفريقه سرا، قال لهم: «الآن سنمسك بالجرافيتون، ولن نفعل ذلك إلا بمفردنا، يجب علينا أن نسرع في إمساكه وصناعة قنابل الثقوب السوداء قبل أن يُقبض علينا.»
ذهل الفريق، قال أحدهم: «كيف يقبضون علينا؟ أنحن نقترف إثما؟»
قال كاجيتا: «طبعا أنتم لا تعرفون أن أحد الجواسيس المصرية مندس بينهم، وقد علمت ذلك لأني أعرف كل خبراء الفيزياء البارزين على مستوى العالم. فور أن نبتكر القنابل سيقبض علينا الرئيس مهدي فورا. كما أن هؤلاء الخبراء الذين بالخارج يريدون أن يعرفوا عما أبتكره من سلاح على المصادم ليخبروا دولهم فترجح كفتهم إذا ما قامت الحرب من جديد، فالهدوء الذي فرضته أمريكا بسبب ثقب سحابة أورط.»
سكت برهة وانتفض جسده ثم هب قائلا: «هيا قبل أن يأتينا ذاك الجاك فيفسد علينا خطتنا هو ودولته اللعينة، مهلا أيتها الأمريكا؛ سأمحوك من خريطة العالم ثأرا لأجدادي، سأريكم أينا أشد بأسا وتنكيلا، قنبلتا هيروشيما وناجازاكي اللتان قتلتا أجدادي أم قنبلة الثقوب السوداء التي ستزيلكم عن الوجود كما أزالت دول أوروبا أجدادكم القدامى (يقصد كاجيتا الهنود الحمر "سكان أمريكا الأصليين" الذي أبيدوا عن آخرهم.»

***
فلما حضر أمام موضع التجارب وجد الخبراء منتظرين، نظر كاجيتا بعيدا فوجد وجوها غريبة ترمقهم، فقال في نفسه: هؤلاء رجال مخابرات لو علموا أني نجحت في ابتكار أي سلاح فلن أعود إلى بلدي.
علي الآن أن أتدارك الأمر، لابد أن أرسل لهم مخالبي ليفر كل هؤلاء الفئران حتى أستطيع أن أنجز مهمتي، فأرواح أجدادي ينتظروني على أحر من الجمر. أو أكشر عن أنيابي كالأسد حتى أراكم كالحمر المستنفرة تفر مذعورة.
ثم نظر إلى ناكامورا وأشار إليه برأسه، فبادله ناكامورا نفس الإشارة.
إشاراتان تنم على تنفيذهما لخطة سبق أن اتفقا عليها من قبل.
قال كاجيتا في نفسه: لابد أن ينتهي كل شيء بسرعة.
ثم قال للجمع: «حان الآن يا سادة لحظة الجدّ، سوف نُخلق ثقبا أسود من خلال المغناطيس الأحادي، فإما أن نحيا معا، أو نموت معا.»
قالها وهو يسارقهم النظر، فوجدهم ينظرون إليه نظر المغشي عليه من الموت، وقلوبهم بلغت حناجرهم، وكل واحد منهم يحاول أن يزدرد ريقه من شدة الخوف الذي تملكهم جميعا.
قال كاجيتا: «تالله لقد وهبت نفسي للعلم، ولا بأس أن أموت من أجله، هكذا تعلمت.»
وظل يتكلم حتى انصرفت عين مهدي عنه خوفا وهلعا، ثم تبعه بعض الخبراء، بينما ظل الباقون واقفين ما بين مصدق لما يقوله كاجيتا ويمنعه الحياء أو الخزي أو التضحية للوطن ومكذب لما لديه من علم في أن الثقوب السوداء التي تتولد من التجارب تتلاشى فور تكونها.
وهم في غمرات الخوف تسلل ناكامورا من بين أظهرهم حتى وقف عند أجراس الخطر منتظرا إشارة من كاجيتا.
رمقه كاجيتا ثم قال للخبراء: «لقد حانت لحظة الصفر، لنبدأ التجربة التاريخية.»
وفور أن تصادمت البروتونات وتكون ثقب أسود مجهري أشعل ناكامورا نيرانا حول المكان المتواجدين فيه ثم ضغط على أزرار أبواق الإنذار فلاذوا بالفرار بينما الأبواق تكاد تثقب الآذان.
ولم يكتف ناكامورا بهذا بل لحظة تكون الثقب الأسود قام بتشغيل صوت ثقب أسود من هاتفه وضخمه حتى كاد يفسد أذن من بالمكان، بل اهتزت بعض أعضائهم الداخلية.
هذا الجو المرعب كان له كلمة الفصل في فرار كل من بالمكان.
عاد ناكامورا من جديد.
أمسك كاجيتا بالمغانط أحادية ووضعها في الأماكن المخصصة لها ألا وهي الأماكن التي يمر عليها الجرافيتون للهروب إلى أحد الأكوان الأخرى، قبل وهو يكاد لا يأخذ نفسه من سرعة الحركة، وقال: «هيا ناكامورا، افصل شبكة حوسبة المصادم حتى لا تصل نتائج التجارب حول العالم، فيفتضح أمرنا، بسرعة. بسرعة.»
ثم نظر إلى واحد ممن يعملون معه، وقال: «أما أنت فضع برادة الحديد في موضع هروب الجرافيتونات ولا تنس أن تعزلها بعازل حتى لا تجذبها المغانط الأحادية.»
ولم تمر إلا بضع لحظات حتى أجرى كاجيتا البروتونات في أنابيب المصادم FFC-2 من أجل تصادم آخر.
وبالفعل، تفكّكتِ البروتونات وظلّتْ برادة الحديد كما هي. فصفق كاجيتا وتهلل وجهه، وصاح وكلتا يديه آخذة في الرفع والخفض رأسيا: «لقد نجحت، لقد نجحت، المغانظ قد أسرت الجرافيتونات، انظروا، برادة الحديد كما هي، برادة الحديد كما هي.»
وظل يردد الكلمة وهو يتراقص فرحا ونشوة.


***


القبض على الجرافيتون «التجربة الثالثة لكاجيتا» ج2

سأل كاجيتا: «والآن يا سادة سنقوم بتحويل الطاقة إلى مادة.»
نظروا له بدهشة، بيد أن أقلهم دهشة ناكامورا، حيث علم مراده، وفور أن فكر فيما يقصده كاجيتا فاقت دهشته دهشتهم جميعا، حيث قال: «الجرفيتونات العالقة في المغانط مجرد طاقة، ستحولها إلى مادة سيدي، كيف؟ الطاقة شيء غير مرئي، أما المادة فشيء مرئي نراها بأعيننا (يشير بإبهاميه إلى كلتا عينيه) ونتلمسه بأيدينا (يمرر كلتا يديه في الهواء رأسيا وأنامله صوب السماء)، فكيف تحول غير المرئي إلى مرئي؟ كيف؟»
قال كاجيتا: «لو تعلم عدد الجرافيتونات التي علقت بالمغانط لما قلت هذا القول يا ناكامورا، إنها جرافيتونات لا حصر لها.»
أدار عينيه على فريقه، ثم قال: «والآن علينا اتباع المكر والخديعة، لذلك اذهب يا ناكامورا ووصل شبكة الحوسبة بالمصادم حتى لا يرتابوا في أمر ما نفعل.»
قال أحد فريقه: «كيف سيدي؟ سيعلمون بما نفعله.»
قطب كاجيتا باستياء وقال: «لن نجري أي ارتطامات على المصادم في الخطوات القادمة، والآن بدل أن تتكلم بهذا الهراء أحضر لي جهاز الليزر.»
قال الباحث: «تقصد الليزر الذي كان يمسك به ناكامورا منذ بضع ساعات؟»
نظر إليه كاجيتا بحنق، ثم ما لبث أن هرول الباحث نحو الليزر وأحضره له.
قال كاجيتا: «أيها السادة، الآن سنحتاج إلى ألبرت أينشتاين، اذهبوا وأحضروه.»
نظر بعضهم لبعض، وهم في قمة الدهشة، بل ما اعتادوا أن يعصوا له أمرا؛ لذلك كان الواحد منهم ينظر إلى زملائه لواذا لعله يجيبه بما يطلب فيخرج هو من هذا المأزق.
أدار كاجيتا عينيه عليهم ثم قهقه -رافعا رأسه إلى أعلى قليلا- بسبب دهشتهم.
سكت فجأة، وساد الصمت لحظات، ثم تكلم وقد ارتسم على وجهه ملامح الضجر والانتقام: «ألا تدرون أين تجدون هذا الملعون الآن؟ والملعون الآخر الذي قتل البشرية؛ ذاك الروبرت أوبنهايمر الذي قتل أجدادي؛ بل قتل البشرية جميعا.»
قال ناكامورا: «وما علاقة أينشتاين بقنبلتي هيروشيما وناجازاكي سيدي كاجيتا؟»
أقبل إليه كاجيتا، فَلَهَدَه فِي صَدْرِه لَهْدَةً أوجعته، ثم قال: «ألم يكتب إلى الرئيس فرانكلين روزفلت بأنه يجب على الولايات المتحدة تطوير القنبلة الذرية! وطوروها لتسقط على رءوسنا.»
وأشار بيده إليهم جميعا وهو يدعوهم إلى الانصراف بقوله: «هيا، هيا، انصرفوا أريدهما خلال 24 ساعة على الأكثر، أريدهما مكبلين بالسلاسل في الأيادي والأعناق، أريد أن تطرب أذني لرسف قيودهما، هيا.»
قال أحدهم متمتما: «سيدي كاجيتا أخبرنا أين هما وأنا أحضرهما لك حالا.»







 
رد مع اقتباس
قديم 07-10-2024, 02:18 AM   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020

قال كاجيتا: «في مختبر لوس ألاموس بمنهاتن يا حمار.»
عاد الصمت مرة أخرى، ولقد قال ناكامورا في نفسه: يبدو أن كاجيتا قد ذهب عقله.
أما كاجيتا فأراد أن يبث فيهم روح الوطنية والشغف بالعلم، لذلك قال: «هيا إلى المصادم، لنجري الارتطام على المصادم لنستحضر روحي هذين الملعونين.»
جن جنونهم، بل أغشي على أحدهم.
في هذه اللحظة فاجأه ناكامورا بما لا يخطر على بال أحد، حتى كاجيتا نفسه، حيث قال: «ما رأيك سيدي كاجيتا أن نجري الارتطام ونتمكن من فتح الثقب الأسود المجهري بطريقة ما ثم نعبر جسر أينشتاين، وتلتقي هناك بأجدادك الذين راحوا ضحية قنبلتي هيروشيما وناجازاكي؟»
فور أن انتهى ناكامورا من كلامه حتى خر على الكرسي صعقا، وظل صامتا لحظات يفكر فيها في كلام ناكامورا، بعدها بدأت الدموع تفر من محجري عينيه وتخضل صدره، وقال: «مستحيل يا ناكامورا أن نراهم أحياء في بعد آخر بعبور ثقب أسود مجهري، لكن ما يبرأ سقمي ويشفي غليلي أني سأنتقم منهم وأقتّل أولئك الملاعين شر قتلة (يقصد أمريكا).»
***
نهض كاجيتا وتماسك، ثم قال مستاء: «للأسف سأضطر لأن أجري تجربة قائمة على معادلة آينشتاين التي تحدّد العلاقة بين الكتلة والطاقة وسرعة الضوء.»
قال ناكامورا: «المعادلة هي: الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء، لكن المعادلة يراد بها تحويل الكتلة إلى طاقة كالقنبلة الذرية، فهل من الممكن تحويل الطاقة إلى كتلة؟»
أجاب كاجيتا: «الجرافيتونات عديمة الكتلة لكنّها تحمل طاقة، فلو استطعنا تحويل الطاقة إلى كتلة فقد أنجزنا عملا عجز عنه الفيزيائيّون على مرّ عقود طِوال، الفيزيائيّون استطاعوا منذ سنين تحويل فوتونات الضوء التي تحمل طاقة إلى مادة، فعندما حدث تصادم بين الفوتونات عن طريق الليزر تمّ إنتاج أزواج من الإلكترونات والبوزيترونات وهم عبارة عن مادة، أمّا مسألة تحويل الجرافيتونات التي تحمل طاقة إلى مادة فهذا هو التحدّي الأكبر لنا وعلينا بعمل التجارب لإتمام المهمة.»
قال ناكامورا همسا: والآن سيجري كاجيتا تصادما بين الجرافيتونات العالقة بالمغانط الأحادية، يا له من عبقري!
سلط كاجيتا بالفعل الليزر الخارق على الجرافيتونات العالقة في مجال المغناطيس الأحادي القطب، فلم تنفصل عن المغانط.
انتفض جسد كاجيتا، وكاد لا يتمالك نفسه من الهلع. أعاد تسليط الليزر وجسده يرتجف ويده اليسرى يمسك به قلبه بعدما أصابه ألم فيه، فلم تنفصل أيضا الجرافيتونات العالقة.
أعاد وكرر، وزاد جسده ارتجافا.
قال كاجيتا صارخا: «لازم تنفصل، لازم، أيتها المغانط الملعونة أتركي لي أصدقائي.»
وظل يهذي ويتمتم حتى خر على الكرسي منهدا.
نظر بعضهم إلى بعض وكاد الألم يعتصر قلوبهم. أما ناكامورا فهب منتفضا وهرول إلى الليزر وكرر ما فعله كاجيتا. لكن للأسف ما زالت
الجرافيتونات عالقة.
قال ناكامورا: «إن لم تنفصل الجرافيتونات فلن نتمكن من صناعة قنابل الثقوب السوداء.»
مرت لحظات، بعدها تصارعت دقات قلب كاجيتا، ثم أمسك بقلبه وصرخ ألما، ثم ما لبث أن أغشي عليه، دنوا منه وحملوه في أحد مصاعد المختبر قاصدين أحد أطباء المصادم القاطن في أحد المباني الكائنة فوق المصادم.
***
وصل جاك أخيرا، على مدار الرحلة وهو يفكر في أمرين اثنين لا ثالث لهما، الأول هو رجاؤه بالشفاء العاجل لفهمان، أما الآخر فإدراك كاجيتا قبل أن يتمكن من صنع قنابل الثقوب السوداء فيركع العالم كله تحت أقدام اليابان، وتطرق بفكره بعيدا حيث قال: وما المانع أن ينتقم كاجيتا من دولتي لو امتلك هذه القنابل؟ ما المانع أن يُعاد التاريخ القديم كله عندما يحدث تغيير في موازين القوى العالمية؟
وقال مستدركا: فالدولة عندما تضعف وتزول حضارتها تظهر جميع مثالبها التاريخية وتطفو على السطح بعد أن كانت غريقة في بحر لجي، بل وتهبط محاسنها إلى القاع وبذلك يظهر فيها كل سوء، ويحدث العكس مع الدولة التي تزدهر حضارتها بعد تخلفها.
صادف لحظة دخوله نفس اللحظة التي كان فريق كاجيتا يحملونه إلى الطبيب.
فسأل ناكامورا: «ماذا حدث لعالمنا الجليل يا ناكامورا؟»
أجابه بوجه أصفر وبأنفس متلاحقة: «لقد كاد الثقب الأسود أن يلتهمه لولا أن أمسكنا بيده وجذبناه حتى تلاشى الثقب.»
وكذب عليه ناكامورا، فهو يعلم أن جاك لو علم بنجاحهم في القبض على الجرافيتونات ربما حدث ما لا يحمد عقباه لهم.
ظل ينظر جاك إلى كاجيتا المحمول على الأكتاف بعد أن اجتازوه وولوا. قال: أنت تكذب يا ناكامورا، ولقد أصيب أستاذكم الملعون لأنه أخفق في شيء كبير وهو يمارس التجارب على المصادم، على كل حال أحمد الرب أنه لم ينجح في صناعة القنابل.
انتبه جاك لنفسه، وقال: فهمان، فهمان.
وهرول مسرعا نحو غرفة العناية المركزة بمباني المصادم. فلما وصل سأل في الاستقبال عن فهمان فقيل له أنه في غيبوبة منذ ثلاثة أيام.
انتظر ودمعه لا ينقطع من الانهمار. وقع نظره على صحيفة بيد الممرضة التي بالخارج، فخطفها منها في غرابة شديدة، لأنه لمح خبرا عن فهمان.
الخبر: جاك الولايات المتحدة الأمريكية بمصر.
أسفل الخبر يتساءل المحرر: هل يا ترى زيارة لصديقه أم أنه اتخذ زيارة صديقه حجة لكي يجري تجارب على مصادم الوادي الجديد فيحصل لدولته على سلاح يقضي به على أسطورتي القنابل النووية والهيدروجينية؟
امتعض جاك وقال غاضبا بصوت مسموع: السلام هو مرادي أيها السفلة.
قلب الصحيفة فقرأ خبرا آخر: هل تزول الحضارة المصرية بموت الفتى فهمان المصري؟
انهمرت دموعه ثانية على إثر هذا الخبر بعدما قاومها غضبه منذ لحظات. قرأ من ضمن تفاصيل الخبر: الفتى في العناية المركزة منذ ثلاثة أيام، فهل مات والإدارة المصرية لا تريد إعلان خبر وفاته؟
حق لمصر أن تصدم وألا تمتلك الشجاعة لإعلان خبر وفاته، حق لمصر أن تحزن وتقيم حدادا أبديا إذا مات هذا الفتى.
وفجأة وهو يقرأ إذ خرج أحد الأطباء مسرعا وهو يطلب أكسجين. فأسرع إليه جاك وهو متفجع.
قال جاك: «طمأني يا دكتور على فهمان.»
قال الطبيب: «أخشى أن يموت، حالة صديقك هذه عجيبة، توقف القلب منا بضع مرات ثم يعود وينبض من جديد.»
قالها الطبيب وأخذ الأكسجين ودخل سريعا. انتفض جسد جاك وفي لحظة انهار فيها تمام الانهيار وهو يقول: أنا الوحيد الذي أعرف سبب هذه المعجزة، تموت وتحيى تموت وتحيى، رباه كيف له أن يمتلك كل هذه العزيمة في حب البقاء؟ أرغبتك في إنقاذ العالم من الشياطين استطاعت أن تحييك بعد موتك؟ أيها الرب ألطف به.







 
رد مع اقتباس
قديم 21-10-2024, 03:45 AM   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020

***
وفي حجرة أخرى (الأولى لفهمان) يرقد كاجيتا طريحا على سرير العناية المركزة -فور أن وصل به فريقه- بعد أن صُدم في عدم قدرة الليزر في تحرير الجرفيتونات العالقة من أجل تحويلها فيما بعد إلى مادة من أجل صناعة قنابل الثقوب السوداء.
ينتظره بالخارج ناكامورا يتلو صلواته ويدعو لشفائه. وقال في نفسه: أرجو أن تحيى يا كاجيتا كي أحقق هدفي، فهدفي هو السيطرة على العالم ولا يكون لهذا الكون ربا سواي.
وآخر يعض في أظافره بأسنانه، ويده لا تكاد تثبت على حال بسبب رعشة كاملة تكهرب كل جسده وقال: يا ليتني أرى تلك المعجزة الكونية على يديك يا معلمي يا أغلى الناس، يا سيدي كاجيتا. قالها وانفجر في البكاء.
نظر إليه ناكامورا وقال في نفسه سخرية منه وغضبا: تراك تريد أن تسيطر على العالم مثلي يا عاضّ الأظافر.
أما كاجيتا فطريح على طاولة غرفة العناية المركزة، يفحصون قلبه، قال أحد الأطباء: «إنه مصاب بذبحة صدرية باغتته فجأة، فشراينه سليمة وقد ضاقت فجأة.»
قال طبيب آخر: «تقصد أنها ذبحة صدرية نجمت عن تأثير معنوي خارجي؟»
أجابه بنعم.
***
أما كاجيتا فله شأن آخر؛ فعقله الباطن في اللاوعي تمكن من التواصل مع كون الآلات، ذاك الكون الموجود في كوكب خلف ثقب سحابة أورط مباشرة.
سأله الآلي باستياء في اقتضاب: «أين إيريكا 300 أيها الأرضي؟»
أجابه كاجيتا: «لم تعلن ناسا للعالم بعد عن رحلة جاك حتى يأتيهم الدعم وينتهوا من إعدادات الرحلة، فالعالم قد ينقلب رأسا على عقب بسبب قنابل الثقوب السوداء.»
- «ما شأني أنا بقنابل الثقوب السوداء يا أحمق؟ اعمل على إعداد الرحلة حتى تأتينا إيريكا 300 وتكون دليلنا إليكم، فمنذ الأزل ونحن نحاول أن نأتيكم فلم نستطع، وبالتحديد يوم أن قتل قابيل أخاه هابيل.»
- «لك كل الشأن، فقدرتكم تفوق قدرة السلاح النووي ولكنها لن تستطيع أن تصمد أمام قنابل الثقوب السوداء، يجب علي أن أحوزها كي أمهد لكم الطريق لتعودوا بإيريكا لحكم الأرض.»
- «وما يمنعك أيها الأحمق؟»
قال له وهو يشعر بالعجز والشلل التامين: «الجرفيتونات عالقة بالمغانط ولا تنفك عنه، وبدونها يستحيل أن أتحصل على قنابل الثقوب السوداء.(لقد لاحظ أحد الأطباء في هذه اللحظة أن كاجيتا يهمس بشفتيه والدموع تنفجر من كلتا عينيه).»
- «استمع لعالمنا الفيزيائي يا كاجيتا.»
تقدم من الكون الآخر العالم الفيزيائي الكبير وكلمه بشأن الجرفيتونات. فقص عليه كاجيتا كل ملابسات التجارب.
قال له العالم الفيزيائي الآلي: «عليك بأسطوانة أحادية بشرط أن تكون مصنوعة من الياقوت المطعم بالنيوديميوم.»
وانتهى الحلم والتواصل اللاإرادي في البعد الكوني، ذاك التواصل الذي تغذية رغبة جامحة من لدن كاجيتا.

***
وأفاق كاجيتا، وأدار عينيه على الملتفون حوله من الأطباء يلتفون حوله.
نهض كأنّ ما به شيء، وانطلق مستندا على الجدار.
أمسكه الأطباء فنهرهم، وظل يصرخ على ناكامورا.
سمعه ناكامورا من الخارج، فظن أنه يستغيث، فضرب الباب ودخل عنوة.
وجد كاجيتا بجانب الجدار والأطباء يحاولون استعادته على الطاولة بيد أنه رفض.
نهرهم ناكامورا بقوله: «دعوه أيها الحمقى، إنه بصحة جيدة.»
قال كاجيتا: «خذني من هنا يا ناكامورا.»
فكر ناكامورا قليلا حيث قال في نفسه: يبدو أنك حصلت على طريقة تحرر بها الجرفيتونات العالقة. لا بأس لا يعنيني صحتك أيها الأحمق المهم أن تبتكر قنابل الثقوب السوداء ثم تودع الحياة لأنك إن لم تودعها فسأجبرك على توديعها بيدي.
سحبه ناكامورا من يده بعدما نهرهم جميعا.
قالوا له: «حالته خطيرة وقد يموت، أنت المسئول عما قد يحدث له.»
قال كاجيتا: «أنا المسئول عن نفسي، فدعوني.»
وأخذه ناكامورا، حتى إذا عبر الباب حملوه على الأكتاف.
قال كاجيتا: «امضوا بي إلى المختبر.»
نظر إلى عاضّ أظافره الذي كاد ينزعها كلها غيظا وحسرة على معلمه. ودعاه للاقتراب وهمس في أذنه بأن يحضر له أسطوانة مصنوعة من الياقوت المطعم بالنيوديميوم، وبيّن له كاجيتا أبعادها ومواصفاتها بالتحديد.


***

صنع الثقب الدودي (التجربة الرابعة لكاجيتا)ج3
إبراهيم أمين مؤمن-مصر
فور أن جاءته الأسطوانة نظر إليها بتأمل، ثم مرر يده اليمنى عليها ويناغيها كمناغة الأم لرضيعها، أما يده اليسرى فكان يمسك بها قلبه.
قال كاجيتا لفريقه وهو لا يكاد لا يستطيع التنفس: «الجرفيتونات العالقة لم تتحرر بسبب أن قوة تماسكها بالمغانط أكبر بكثير من قوة الليزر، وهذه الأسطوانة سوف توفر لنا الطاقة اللازمة لفصل تلك الجرفيتونات.»
وأشار إلى ناكامورا بتسليط الضوء على الأسطوانة بيد أن الباحث الذي قضم أظافره من قبل انتفض قائلا: «دعني أنا أشاركك هذه التجربة.»
قال كاجيتا وهو يشير إليه: «ما ينفك عنك شغفك بالعلم حتى يقتلك (يقصد العلم).»
وحقق له كاجيتا أمنيته.
هرول نحو مصدر يشع ضوءا رهيبا، وسلط هذا الضوء على الأسطوانة.
كان في الجهة المقابلة ينصب ناكامورا مجموعة من العدسات والمرايا لصناعة الليزر، مر الضوء خلالها فحصل كاجيتا على ليزر هائل.
وبقياس قوة هذا الليزر من خلال جهاز خاص صُعق كاجيتا.
فأشار إليهم دون أن يتكلم ليقرءوا ما على ذلك الجهاز الخاص. فصعق ناكامورا أيضا وكاد يطير عقله. أما قاضم أظافره فترك جهاز الضوء وأقبل على الجهاز الذي دون قوة الليزر ونظر في القراءة وقال: «ليزر بقوة 5.3 بيتا وات.»
فور أن قال ذلك نظر إلى كاجيتا الذي صاح بهم كي يحضروا له ورقة وقلم. أما ناكامورا فطفق يعد على أصابعه محاولة منه لإحصاء قوة الليزر المتولد.
قال ناكامورا: «سيدي كاجيتا، إن قوة أشعة الليزر المتولدة بهذه الطريقة تعادل 1000 مرة قوة جميع محطات الكهرباء حول العالم مجتمعة.»
قال كاجيتا: «وربما أكثر.» وسرعان ما همس إلى نفسه: يا للغرابة! كيف توصل هذا الآلي خلف الثقب الأسود أن يبتكر هذه الطريقة! ولم تستغرب يا كاجيتا وقد استطاعوا تحويل نجم صغير إلى ثقب أسود ليخلقوا خلاله معبرا يعبرون إلينا من خلاله؟! ملاعين.
***
أمسك كاجيتا بجهاز الليزر ذي الطاقة الخارقة، وأمر ناكامورا بالوقوف في الاتجاه المقابل ومعه جهاز ليزر يحمل نفس القوة.
قال له: «الآن سأحرر الجرفيتونات العالقة من المغانط، ثم استمر على الدوام في دفعها إليك، سوف تستقبلها أنتَ بتسليط الليزر من الجهاز الذي معك في الاتجاه المضاد قبل أن تهرب إلى كونها المجهول، ستعود الجرفيتونات مرتدة بتسليطك يا ناكامورا لتجد أمامها دفقات أخرى متحررة من المغانط، ويحدث بينهما ارتطام رهيب سوف يؤدي في النهاية إلى ضغطها جميعا لتتحول تلك الطاقة غير المرئية إلى مادة حجمها قدر حجم سن الدبوس؟ أفهمت يا ناكامورا؟ هيا لنبدأ.»
وسلط أشعته على الجرفيتونات العالقة بالمغانط، فلم تتحرر الجرفيتونات.
نظر بعضهم إلى بعض في قلق وتوتر، أما كاجيتا فلم يظهر على وجهه التوتر وإنما المرض قد فكك أوصاله، وما عادت يداه تثبت على حال من شدة الارتعاش.
ركز قاضم أظافره على معلمه فوجد أن المرض بلغ منه مبلغا، أسرع إليه وطلب منه يستريح، قال كاجيتا له: «لا بأس، سلط الليزر واستمر حتى تتحرر هذه الجرفيتونات العالقة، وأنت يا ناكامورا استمر على الدوام في إطلاق حزم الليزر ولا تتوقف أبدا حتى لا تهرب الجاذبية (يقصد الجرفيتونات) إلى كونها اللعين.»
مضى نحو ساعة، وبدأت الجرفيتونات تتحرر بالفعل، فأدركها ناكامورا وهو يقول: «أتظنين أيتها الجرفيتونات أن تهربي وأنا معي مثل هذا الليزر، عليك بالعودة لتصطدمي مرة أخرى بأخواتك الذين تحرروا من أسر المغانط.»
فلما رأى كاجيتا الجرفيتونات تتحرر وتتصادم مع بعضها نهض كالحصان، دفع قاضم أظافره بقوة حتى وقع على الأرض رغبة في تسليط الليزر بدلا منه.
وبتصادم الجرفيتونات بتسليط الليزر عليها في اتجاهين متضادين انضغطت جميعها حتى بدأ يظهر أمام الجميع وكأن بيض برغوت يتحرك أمامهم.
هنا صاح كاجيتا وقال: «لقد نجحت، لقد نجحت، لقد حولت الطاقة إلى كتلة، هذا هو سن الدبوس الذي سأنكئ به أدبار الأمريكيين.»
وظل هذا الرجل العجوز -الذي منذ ساعتين كان في غرفة العناية المركزة- يتراقص ويغني.
وفجأة توقف وأخذ يطأ بقدمه اليمنى الأرض، ويضغط بها بقوة ويحركها جهة اليمين وكأنه يريد أن يسحق شيئا تحت قدمه، أما وجهه فقد قطب وفتح ثغره على مصراعيه وهو يكز على أسنانه ويقول: «ها هي أعناق الأمريكيين تحت قدمي.»
***

التجربة الرابعة:
قال كاجيتا: «والآن علينا الآن ثقب سن الدبوس حتى نخلّق ممرا لانتقال أي مادة يجذبها ومن ثم ينقلها إلى بُعد آخر.»
قال ناكامورا: «تقصد عمل ثقب دودي سيدي كاجيتا، لكن كيف؟»
أجابه: «ليس ثقبا دوديا عاديا يا ناكامورا، إنه ثقب سالب، والآن أحضر لي يا ناكامورا بعضا من ذرات الرابيديوم.»
نظر بعضهم إلى بعض في دهشة لم تزايلهم أبدا.
قال قاضم أظافره متمتما: «إن الثقب الدودي السالب عندما يسلط عليه الليزر يظل ينفتح إلى ما لانهاية ما دامت تلك الأشعة مسلطة عليه، أهذا معناه أن سن الدبوس هذا يتحول إلى طاقة تغطي مساحة كبيرة؟»
قال كاجيتا: «كلامك صحيح، بل أستطيع أن أحول حجم سن الدبوس هذا إلى حجم ولاية كاليفورنيا في بضعة شهور دون أن يعلموا بمكاني.»
فور أن قال كاجيتا ذلك وضعوا أياديهم على ثغورهم، بينما عيونهم كادت تنفجر من شدة التوسيع دهشة.
تناول كاجيتا ذرات الرابيديوم من ناكامورا.
سلّط حِزم الليزر باستمرار على ذرات الرابيديوم.
قال: «والآن تحولت ذرات الرابيديوم إلى "تكاثف بوز آينشتاين" وهي حالة خامسة من حالات المادة بخلاف الحالات المعروفة.»
نظر إليها كاجيتا من خلال المجهر، ثم قال وهو لا يزال ينظر: «ذرات رابيديوم خاملة بعد سحب الطاقة منها، ذرات ثابتة، إلكتروناتها بلغت من الكبر عتيا، الآن سأغير اتجاه لفها المغزلي حتى تتحول إلى كتلة سالبة.»
وظل كاجيتا يغيّر في اتجاهها بالفعل بوساطة الليزر وهو يقول: «هيا يا أحبائي، هيا، ها قد انتهيت وحصلت على الثقب الدودي.»
ثم صاح كاجيتا بالجميع: «أجمعوا لي أكبر كمية من ذرات الرابيديوم السالبة، هيا.»
وبعد أن أمسكها قال: «المفاجأة يا سادة أن هذه الذرات متماثلة تماما، كل ذرة تماثل الأخرى تمام التماثل، أي أن كل ذرة ترتبط بالأخرى من خلال حبل مشيمة سري يسمى التابع الموجي، أي ما يربط الذرة بالذرة الأخرى هو التابع الموجي الذي حدثتنا عنه النظرية الموجية لشرودنجر.»
ضرب ناكامورا وهو يقول: «أيها البوذا العظيم، بينهم تواصل كمومي.»
قال كاجيتا: «نعم يا ناكامورا، بينهم تواصل كمومي، والآن سوف نزرع نصف هذه الذرات في مركز هذه البيضة (الطاقة التي حولوها إلى كتلة منذ قليل) والنصف الآخر سوف أحتفظ به، وحدي أنا دونكم جميعا، فهي محرمة، عند تسليط الليزر على هذه التي بيدي سوف ينتقل الفعل إلى ذرات الرابيديوم المتمركزة كثقب دودي في بيضة البرغوت حتى لو بين تلك التي بيدي وبين التي في البيضة ملايين السنوات الضوئية بشرط ألا يفصلنا عنها ثقب أسود، ومع استمرار التسليط يتوسع الثقب الدودي وتعمل الجرافيتونات بعد أن تتحول إلى طاقة على جذب المادة من حولها، ولن يتوقف التوسع إلا عندما يتوقف تسليط الليزر، وبذلك نكون قد انتهينا تماما من صناعة قنابل الثقوب السوداء. وما بقي سوى تجربتها، سوف نجربها تحت معادلة لأول مرة تدون في تاريخ الفيزياء وقد أسميتها معادلة كاجيتا للثقوب السوداء، وهي: «كلّ ساعة تسليط ليزر بقوّة جيجا وات تقوم بتوسعة الثقب واحد كيلومتر».»
***
تجربة القنبلة:
خرج كاجيتا وفريقه إلى الصحراء تقلهم سيارتان، ومعه خمس قنابل من قنابل الثقوب السوداء، توقفت السيارتان، صرّ كاجيتا أربع قنابل ووضعها في جيبه، أما الخامسة فقبض عليها بيده.
نزل كاجيتا ونزلوا خلفه، كان على مقربة منهم بعض الأشجار الصحراوية وبحيرة صغيرة، نظر إليهم كاجيتا وقال: «أشد ما يؤلمني أن يكون أول ما يلتهم في هذه القنبلة (ينظر إلى القنبلة التي بيده) تلك الأشجار البريئة وماء الحياة ولم تكن أجساد الأمريكان الآثمة.»
وضع كاجيتا القنبلة التي بيده على الأرض حتى لا تطير، ووضع عليها حجرا، نظر جيدا، بعد أن تأكد أنها أسفل الثقل ابتعد واستقل السيارة وأمر بقية الفريق بأن يتبعوه.
كل واحد منهم ينتظر نتيجة تجربة قنبلة الثقب الأسود في ترقب وشغف إلا قاضم أظافره، فجسده يرتعش، وعيناه يكادا ينخلعان من محجريهما صوب الحجر.
أمرهم بالتوقف بعد أن ابتعدوا عن القنبلة الملقاة على الأرض مسافة 2كم وبضعة أمتار ثم نظر حوله فوجد حجرا مسننا، فرفعه عن الأرض وخط به خطا أمامهم وقال: «إياكم أن تعبروا هذا الخط فتقعوا تحت جاذبية الثقب الأسود.»
وبسرعة، أمر ناكامورا بإحضار مقاريب من السيارة وأعطى كل واحد منهم مقرابا وهو يقول: «سترصدون عمل القنبلة بهذه المقاريب ثم تخبروني بالأحداث.»
وأعطى ناكامورا كاميرا تصوير يمكنها التصوير عن بُعد.
هرول قاضم أظافره وخطفها من ناكامورا خطفا. فنهاه كاجيتا قائلا: «لا تحزن، أعلم مقدار شغفك بالعلم، وسوف تشاهد كل شيء بالمقراب.»
فابتعد عنه قاضم أظافره مفكك الأوصال مكسور القلب ذليل النفس.
وتوجه كاجيتا إلى السيارة، كل واحد منهم ينظر إليه ويدعوا له بالتوفيق إلا ناكامورا، فقد كانت عيناه مسلتطان على الصرة التي تحتوي على القنابل وهو يقول في نفسه: «لولا هؤلاء (يقصد بقية الفريق) لانقضضت عليك وقتلتك لأمتلك تلك القنابل (وناكامورا يعلم أن القنابل ليس لها قيمة بدون ذرات الرابيديوم الموجودة مع كاجيتا).»
***

توجه كاجيتا إلى الليزر مباشرة، ومعه خمس مجموعات من ذرات الرابيديوم، كان يقبض عليها بحرص شديد لأنه لا يمكن تفعيل عمل القنبلة بدون تلك الذرات.
وضعها بطريقة مناسبة وسلّط عليها نبضات الليزر لمدة ساعتين، وقوة النبضة الواحدة واحد جيجا وات، وانتقل الفعل تماما إلى ذرات الرابيديوم الموجودة في القنبلة التي بالصحراء. ما بقي له سوى تحويل تلك الذرات إلى كتلة سالبة حتى يتمكن من فتح الثقب الدودي (ذرات الرابييوم) المتمركزة بالقنبلة (متمركزة وسط مجموعة لا تحصى ولا تعد من الجرافيتونات المضغوطة).
وبالفعل، تمكن من تحويلها من مادة عادية إلى مادة سالبة بالتحكم في لفها المغزلي.
***
قبل أن ينتهي كاجيتا من تحويل ذرات الرابيديوم إلى مادة سالبة ببضع ثوان كان قاضم أظافره ينظر صوب القنبلة من خلال المنظار، وجسده يرتجف بشدة، فجأة ألقى بالمقراب واتجه نحو السيارة.
نظروا إليه وأيقنوا أنه يود ركوب السيارة والنظر فيما سوف تفعله القنبلة عن قرب، فسعوا خلفه ليدركوه بيد أنه كان أسبق منهم، أدار السيارة قاصدا النظر إلى القنبلة عن كثب.
نادوا عليه في هلع، تخطى بعضهم الخط بيد أن ناكامورا نهاهم بقوله: «ارجعوا يا مجانين ستموتون.»
فعادوا أدراجهم، ونادى على قاضم أظافره: «ارجع يا زميلي، لا تكن مجنونا.»
لم يبلغ الصوت أذني قاضم أظافره بالطبع، حتى لو كان الصوت في محيط سماع أذنيه فلن يسمع أيضا، فقاضم أظافره لا يسمع إلا نداء واحدا يطرق أذنيه بشدة، هو صوت الشغف بالعلم.
بعد لحظات من تجاوز قاضم أظافره خط كاجيتا قد انتهى كما قلنا من تفعيل عمل القنبلة.
نظر فريق كاجيتا إلى القنبلة فوجدوا الأشجار والبحيرة وكل ما حولها في محيط 2كم طولا وعرضا وعمقا (أي أسفل سطح الأرض) قد انجذبوا تباعا تباعا وسط هالة كبيرة تمتد في كل الاتجاهات لمسافة 2كم من جميع الجهات.
أما قاضم أظافره فلأنه واقع في هذا المحيط فقد جذبه أفق حدث القنبلة والتهمته لتلقي به في كون آخر لا يعلمه أحد.
فور انتهاء عمل القنبلة ركضوا متوجهين إلى هناك، فلما وصلوا رأوا حفرة عميقة.
قال ناكامورا مذهولا: «هذه الحفرة عمقها بالضبط 2 كم، لن تزيد سنتيمترا واحدا.»
هاتفهم كاجيتا ليطمئن على عمل القنبلة، فقصوا عليه ما حدث. فأسرع نحو المكان والتقيا فيه.
قال كاجيتا وهو ينظر إلى الحفرة: «لأول مرة في تاريخ البشرية تنقص المساحة الكلية لكوكب الأرض ثمانية أمتار مكعبة، والآن حانت لحظة الانتقام.»
وأشار إلى كل واحد منهم وهو يقول: «إياكم أن يعلم أحد بأمر تلك القنابل.»
وتنبه إلى غياب قاضم أظافره فسأل عنه، فأخبروه ما حدث.
فتألم لذلك ألما شديدا وتأسف كثيرا.
في الصباح الباكر حزم كاجيتا وفريقه أمتعتهم متوجهين إلى بلادهم.



فهمانُ يرى الشيطانَ باستخدام الفيزياء النووية ج1

زالت الخطورة عن فهمان، وأول من علم بزوالها هو الرئيس مهدي الذي كان يتابع حالته من قصر الاتحادية لحظة بلحظة، وقرر فريق الأطباء إخراجه على إثر ذلك.
على مدار الفترة الفائتة كان جاك يتابع ما يفعله كاجيتا في ffc-2 بطريقته الخاصة منذ لحظة وصوله فيما عدا لحظة خروج كاجيتا من حجرة العناية المركزة لأنه بالأساس لم يره لحظتها، ولم يكن بوسعه فعل أكثر من ذلك (المتابعة) لأنه واقف على باب حجرة العناية المركزة ترقبا لخروج فهمان، ولم يجلس قط.
لذلك أول ما وصله الخبر بأن كاجيتا عاد مجددا للعمل على المصادم ذُهل، ولأول مرة يترك باب الغرفة ويركض كالعدّاء -مفكك الأوصال، ووجهه تحوّل من اللون الأصفر إلى الأحمر في غمضة عين- حتى وصل إلى غرفة العناية المركزة التي دخلها كاجيتا فلم يجده بالفعل.
فعاد سائرا مهزوما مكسور النفس ولزم باب فهمان مجددا، وجل فكره منصب ما بين الخوف على فهمان وما سيحدث للعالم لو تمكن كاجيتا من صنع قنابل الثقوب السوداء (لحظتها كان كاجيتا يحاول تحويل الطاقة إلى مادة كما أخبرتكم سابقا).

***
وبعد مرور بضع ساعات جاءه الخبر عبر الهاتف أن كاجيتا وفريقه حزموا أمتعتهم قاصدين اليابان. فأنزل الهاتف وانتفض جسده بشدة، وأخذ يتمتم بقوله: أكيد تمكن الملعون من صنع قنابل الثقوب السوداء. ولم يدر ما يدور حوله لحظتها، ولم يقطع عنه عدم إدراكه بما يدور حوله إلا عندما اصطدم "الترول" الذي يحمل فهمان به. عندئذ نسي كل شيء والتفت كل جوارحه إلى فهمان، وانتفض جسده بشدة عندما رأى كامل جسده مسجى.
فسأل أحد الأطباء بجسد يرتعش خوفا: «إياك أن تقول لي إنه ...»
رفع المسئول الكمامة عن وجهه وقال: «إنه بخير فلا تخش دكتور جاك، لكنه في حالة غيبوبة.»
فور أن سمع منه ذلك كأن الروح التي انتزعت من جسده منذ لحظات قد عادت إليه وقال: الحمد للرب.

***
يرقد فهمان على سرير المستشفى وبجانبه جاك الذي لم يرفع عينيه عنه قط، كل همسة وكل لمسة وكل نفس يصدر عن فهمان تجد لها في جوارح جاك خنوع العبودية والخشوع لفهمان.
أما فهمان فهو في شأن آخر، فقد أتاه أبوه وهو نائم وقال له مستاء والغضب يتجول في ملامح وجهه: «لماذا أنت نائم؟ قم يا ولد فالعالم يحترق وهو بحاجة إليك، أدركْ فلسطين، أدركْ الأقصى.»
استيقظ فهمان على نداء أبيه، وشهق شهقة أفزعت جاك كثيرا، ثم ما لبث أن رفع يده اليسرى بشق الأنفس وهو يشير جهة الجدار الذي كان أبوه يقف فيه ويصرخ صراخا مكتوما: أبتِ، أبتِ لا تتركني. ثم داهمته الغيبوبة مرة أخرى.
انكب عليه جاك هلعا، يمسح جبينه الذي أغرق عرقه الوسادةَ في لحظات وقال: «لا بأس عليك يا صديقي، لا بأس، أنت بخير.»
قال جاك في نفسه: عزيمتك قوية يا فهمان، وعندما أزكاها أبوك لك ستبلغ عنان السماء، وايم الله إن هذا العرق الذي نز من جبينك كأنه المرض الذي غادر جسدك توا.
ولقد صدق حدس جاك، فقد استيقظ فهمان وقد شعر بتحسن غريب.
قبله جاك وحمد الرب على سلامته، لكن فهمان لم يقل له شيئا وإنما أخذ يفكر بعمق عن كيفية الوصول إلى الوتر الناري المهتز الذي يوصله للجسر الذي يعبره ويصل إلى الشيطان بعد دق بوابتهم.
فجأة التفت إلى جاك وقال: «جاك، جاك.»
نهض جاك وامتدت عنقه إليه وهو يربت بيده على كتفه ويقول: «لبيك، لبيك يا فهمان.»
- «هل من أخبار عن كاجيتا؟»
- «رحل عن مصر منذ بضع ساعات.»
- «بهذه السرعة!»
نظر فهمان في الجهة المقابلة لجاك، وتأسف قائلا والدمع على خديه: «رحيله بهذه السرعة يؤكد أنه قد أحدث أمرا، أخشى أن يكون قد تمكن من صنع قنابل الثقوب السوداء.»
لم يعلق جاك واكتفى بالسكوت.
بعد لحظات قال فهمان بعد أن أدار وجهه مرة أخرى: «لابد أن أدرك كاجيتا قبل أن يفعل شيئا بهذا العالم، سوف تلتف حوله الشياطين وتوسوس له بفعل شيء به.»
قالها وأجهش ببكاء دموعه حارة كاللهيب، وقال بصوت متقطع: «جاك، لابد أن أدك الشياطين قبل أن يغووا كاجيتا. أرجوك ساعدني في الوصول إليهم.»
وظل يتوسل وجاك صامت لا يتكلم وإنما كان يحادث نفسه بقوله: هو صنعها بالفعل، وكم حذرتك يا فهمان أكثر من مرة بأن تمنع كاجيتا عن العمل على المصادم أو حتى تغلقه فلم تمتثل. أما سفرك إلى إبليس فلا أجد أي جدوى منه فضلا عن صعوبة الوصول إليه ومجابهته.
ترفق به جاك وقال والدمع يتفجر هو الآخر من محجري عينيه: «سأساعدك، حاضر، سأساعدك.»
نهض فهمان كالحصان وانطلقا معا إلى النفق لإجراء تجارب العبور إلى الشيطان.
***
جاء الخبر إلى يعقوب إسحاق بأن فهمان وجاك متواجدان أمام المصادم فتوجس شرا، قال أحد أعضاء المنظمة الماسونية له: «إني أرى أن تصدر أمرا باغتيال الاثنين معا خشية أن يحدث بينهما وفاق كما حدث بين بروفيسور بيتر والعالم المصري المغتال من قبل.»
قال يعقوب: «أختلف معك يا صديقي، أعتقد أن المنظمة لن توافقك الرأي، فرغم حب جاك لفهمان إلا أنه يدين بكامل الولاء للولايات المتحدة الأمريكية، بروفيسور بيتر نزل مصر من أجل مناصرة القضية الفلسطينية لذلك كان لابد من اغتيال العالم المصري والقبض على بروفيسور بيتر ورده إلى بلده، أما جاك فليس همه سوى الخلاص من الثقب الأسود المتواجد في مقدمة سحابة أورط.»
سكت لحظة ثم قال مستدركا: «كما أن الخلاص من جاك يفسح المجال للثقب الأسود بأن ينهي على العالم كله.»
قال العضو: «إذن لا جدوى من عرض الأمر على المنظمة.»
قال يعقوب: «سأكلف المخابرات الإسرائيلية بكافة أجهزته بأن يكثف جهوده في مراقبة فهمان وجاك، وسنخبركم بالتطورات لتقولوا فيه رأيكم الأخير.»
***
وقبل أن يشرعا في إجراء التجارب لخلق المعبر نحو بُعد الجنّ ناول فهمانُ جاك ورقة مكتوب فيها معادلة صنع قنابل الثقوب السوداء؛ تلك التي توصل إليها كاجيتا بعد جهد مضن وباستعانة آلي من كون آخر، وقال له وكلتا عينيه تتفجران دمعا: «أتظن أن كاجيتا توصل إلى هذه المعادلة أثناء فترة عمله على مصادمي؟»
قالها فهمان له وكان يرجو أن يجيبه جاك ب "لا" مع تأكده بأن كاجيتا قد توصل إلى المعادلة، لكنه كان يبحث عن بصيص من أمل، أي أمل يقلب الحقيقة.
نظر إليه جاك وقال: «لا جدوى من هذا الكلام الآن، علينا فقط بالبحث عن المعبر لأودعك الوداع الأخير.»
نكس فهمان رأسه في الأرض ولم ينبس بكلمة، أما جاك فرغم خوفه الشديد بتمكن كاجيتا من صنع القنبلة إلا أنه انتبه لقدرة فهمان الأسطورية في الوصول إلى معادلة قنابل الثقوب السوداء دون أن يجري أي تجارب حتى قال في نفسه: أعلم أنك معجزة في إتقان الفيزياء النووية يا فهمان.
لم يجد فهمان أي بارقة أمل في أن يكون كاجيتا لم يتوصل إلى صنع القنابل، رفع رأسه من النظر إلى الأرض وقال: «إذن علينا بإنجاز التجارب حتى أمنع إبليس من تسخير الجان لأذني كاجيتا فيحدث أمرا بهذا العالم المسكين.»
طأطأ جاك رأسه إعجابا بعزيمته وإخلاصه ومع ذلك قال في نفسه: علي أن أحاول معه محاولة أخيرة قبل تلبية رغبته.
لذلك قال جاك: «فهمان، أعاود وأكرر، لا أجد جدوى من السفر إلى الشيطان، وإن كنت كما قلتَ تودّ السفر إليهم من أجل فضّ النزاعات بين القوى المتشاركة في الحرب النوويّة فإنّي أقول لك دعهمْ فلن يثنيهم عن حربهم شيء من هذا القبيل حتى لو قتلت الشياطين جميعًا، لأن نفس الإنسان هي المتحكمة في أفعاله وليست الشياطين. ولن يردع النفس عن غيها سوى ذل الأعناق، وثقب سحابة أورط سوف يأخذ بنواصيهم فيخضعون.»
قال فهمان: «يا جاك، وساوس الشيطان تعاضد النفس في غيها، وتردعها في خيرها، يا جاك، أريد للناس الهداية من غير الحاجة إلى ذل أعناقهم، لا أريد أن أسمع عن الحروب مرة أخرى، لذلك لابد من قتل إبليس.»
- «لو افترضنا أن كلامك صحيح، فهل تستطيع أن تقتل إبليس إذا نجحت في اجتياز جسر الشيطان؟ إني أرى أن المعركة غير متكافئة وقتْلك محتم ولا ريب.»
بُهت فهمان، وأنزل رأسه خزيا، وأخذ يتمتم بكلام غير مفهوم تعبر عن عجزه وضعفه؛ فهو يعلم قدرة إبليس الخارقة.
أما جاك فقد فرت الدموع من عينيه وهو يخاطب نفسه: تعلم أن ذهابك إليه فيها خطورة شديدة عليك ومع ذلك تود أن تقاتله، ما أعظم إخلاصك وتضحيتك يا فهمان!
رفع فهمان رأسه بسرعة مع رفع يده أيضا: «فور طرق البوابة ربما يفتح لي الملك محرز، ملك الجان الأحمر، عدو إبليس اللدود.»
أعجزه جاك مرة أخرى بقوله: «ربما يكون الملك محرز نفسه وأتباعه مكبلين بأغلال النار، ولم لا! ألا ترى أن إغواء إبليس لهذا العالم بلغ المشرق والمغرب!»
بُهت فهمان مرة أخرى، وقال لنفسه: ما قيمة الحياة في عالم كهذا؟ لابد أن أحاول حتى لو نسبة نجاح العملية 1%.
ترصد جاك ملامح وجه فهمان وأيقن أنه لا جدوى من الحديث معه في هذا الأمر، لذلك قال: «أعلم أنّ وترنا لابدّ أن يكون نارياً، لا هو طيني ولا نوراني.»
رفع فهمان رأسه مع رفع يده لأعلى مرة أخرى وبادره بالتفاعل فيما قال توا: «بالضبط، وسنضطر نبحث عنه من بين ملايين الثقوب المجهرية وهنا مصدر الصعوبة، فالبُعد الذي أود طرقه لأحلّ به واحد من هؤلاء، وبطبيعة الحال يا جاك فإنّ البُعد مرتبط بخصائص الثقب وشكله.
قال جاك: «إذن حانت ساعة الصفر، لنبدأ التجارب.»

***







 
رد مع اقتباس
قديم 13-11-2024, 07:59 AM   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020

***

فهمانُ يرى الشيطانَ باستخدام الفيزياء النووية ج2

قبل أن يتشارك جاك التجارب مع فهمان نظر في الورقة التي دون فيها فهمان المعادلة الخاصة بصناعة قنابل الثقوب السوداء دون أن يجري أي تجارب، ولو تجربة واحدة، وقال له: «لولا تأكدي بأن الأفكار والتجارب تتبلور في ذهنك بسرعة وبدقة مذهلة كالتي بين يدي هذه (يشير إلى معادلة صناعة قنابل الثقوب السوداء) لِمَا وافقت على العمل معك، وقلت لك ليس لدي وقت لأهدره، ويجب علي أن أدرك ثقب سحابة أورط وأحطمه قبل أن يلتهمنا جميعا، ورغم عبقريتك التي طغت على عبقريات كل الموجودات فإني أرى أن احتمال نجاح عبورك إلى كوكب الجن احتمال ضعيف، لذلك أقول لك للمرة الأخيرة اصرف نظر عن هذا الموضوع.»
امتعض فهمان من قوله وآثر ألا يحاول إقناعه مجددا، لذلك اندفع نحوه وألقى كلماته كالقذائف شارحا له الأساس العلمي المبني على فكرة العبور دون الدخول في تفاصيل التجارب سواء كيفيتها أو ماهيتها.
فقهها جاك سريعا وقال: «أسأل الرب التوفيق لك.»
قال فهمان: «لابد من تخليق فقاعة دائرية أولا.»
قال جاك العبقري: «لعلك تريد تخليقها عن طريق ذرات الرابيديوم.»
- «هو كذلك يا صديقي، ولا بد أن تكون دائرية كالكرة، أي مغلقة تماما..» وذكر له فهمان قطرا مناسبا.
- «لا بأس، وما هي الخطوة التالية؟»
- «سأتمركز في وسطها.»
دهش جاك، وحدق به بكامل اتساع عينيه وقال: «فقاعة مغلقة تماما! ستحجب عنك الهواء، ستموت! ولن يحميك سوى ب..»
قاطعه فهمان وطلب منه الصمت، ثم أمره بأن ينظر خلفه.
فنظر بالفعل، فرأى شيئا مغطى، فأسرع إليه وأزاح الستار عنه، وقال دهشا: «بذلة فضائية!»
نظر فيها وقرأ "صُنع في أمريكا بوساطة جامعة بركلي".
استدار جاك مرة أخرى وقبل أن يقول شيئا رن هاتفه، نظر، إنه رئيس جامعة بركلي.
فلما أراد أن يكلم فهمان قال فهمان: «رُد على الهاتف أولا.»
وبالفعل فتح الهاتف، قال له رئيس جامعة بركلي: «لست أنت فحسب ولدنا، ففهمان ولدنا أيضا، وهو إنسان طيب محب للسلام؛ لذلك أهدت له جامعة بركلي الذي تعلّم فيها هذه البذلة، واعلم أنه طلبها منا؛ وليس ذلك فحسب بل أرسل إلينا كيفية تصميمها.»
وأغلق الخط، ونظر إلى فهمان بدهشة. وقبل أن يقول شيئا قال فهمان: «يا صديقي، لنترك الدهشة جانبا، فوقتكَ ثمين، فإنه لا يزال لديك الكثير لتعد شراعك الشمسي وسائر تجهيزات رحلتك.»
فترك الهاتف جانبا.
قال جاك له: «أنا واثق من دقة تصميمك الذي أرسلته إلى جامعة بركلي، طبعا ستوفر لك الأكسجين وتجعل الجو المحيط بك مناسبا.»
- «بالطبع.»
وجاءا معا بذرات الرابيديوم ونزعا منها الطاقة بعد تبريدها إلى درجة الصفر المئوي.
قال جاك: «والآن معنا ذرات خاملة، ماذا تفعل بعد ذلك؟»
أجابه: «ستصيبها يا جاك بالجنون، ستضربها بالليزر لتحولها إلى ذرات مجنونة من مادة سالبة.»
قال جاك: «إذن سأتحكم في لفها المغزلي. لا بأس، جار العمل.»
قال فهمان: «بعد تحويلها من مادة عادية إلى مادة سالبة ستسلط عليها الليزر كي تشكلها على هيئة كرة، لكن ليس قبل أن أقف في وسطها بالضبط.»
ورفع جاك البذلة من الأرض وألبسها إياه، ثم علم له على مكان تمركزه، فتمركز فهمان بالفعل ولكن لاحظ جاك أنه ممسك بشيء عجيب.
قال جاك: «ما تلك التي بيمينك يا فهمان؟»
قال فهمان: «هذا أحدث ما ابتكرته، إنه منظار ملحق به مجس حساس.»
قال جاك دهشا: «مجس! منظار!» تمتم جاك ثم ما لبث أن صمت لحظات، فقد جال بفكره بعيدا وتذكر الخلية الصمامية التي صممها فهمان وهو طالب في الفرقة الثانية وغدت الطريقة المفضلة التي تستخدمها الدول في إطفاء الحرائق الهائلة.
قال جاك: «أكيد المجس لرصد الأبعاد الكونية التي سوف تظهر خلف الثقوب السوداء، والمنظار لرؤية تلك الأبعاد.»
صمت برهة ثم ضحك ضحكات بدموع حارة، تلك هي ضحكات الألم، وقال: «من المفارقات العجيبة أن رؤية تلك المعجزة يعني لحظة الوداع.»
بادله فهمان نفس الشعور وقال: «يجب أن نضحي من أجل أن يحيا العالم بسلام يا جاك.»
قال جاك دامعا: «حسنا، حسنا، تمركز بمعجزتك وأنا سوف أعزف لك سيمفونية رائعة.»
ولما همّ جاك بالعمل رن هاتفه، إنه رئيس ناسا.
قال رئيس ناسا: «....»
قال جاك: «أنا في مهمة، وفور أن أنتهي منها سوف آتيك لأنظر في تجهيزات الرحلة.» وأغلق الخط على الفور وألقى الهاتف.
تمتم جاك مجددا، وأقبل إلى فهمان، وقال: «ممكن ألقي نظرة على تلك التي بيمينك؟»
فناوله فهمان إياها، نظر بها جاك وقال: «أيها الداهية، كيف صنعت تلك الكاميرا؟» يقولها وهو يقلبها رأسا على عقب، ثم نظر بها فرأي أنها تضخم حجم الأشياء إلى مليارات المرات.
نظر في جانب من الحجرة فرأى دبوسا، فسلط الكاميرا على سنه فقط فتحول السن إلى حجم هائل كحجم قرص الشمس.
فقال: «إنها حقا معجزة!»
وناولها إياها، ثم عاد، ولما همّ بمسك جهاز الليزر لمحت عيناه شخصا ينظر إليهما خلسة.
أدار عينيه الحادتين كالصقر فرأى أكثر من عين ترصده، فتلون وجهه، ثم ترك المكان وأمسك بواحد منهم وقال: «من أنت أيها الرجل؟»
أجابه بأنه باحث.
فسأله جاك عن مسألة بسيطة في علم الفيزياء من منهج الثانوي، فلم يستطع الإجابة عليها، حيث تهته وسكت على الفور.
فأمسكه من كرافتة بذلته وهو يكز على أسنانه وقال له: «أتعلم من أنا؟»
رغم علم الرجل به فإنه أنكر عدم معرفته به.
قال جاك وعيناه تقدحان شررا: «أنا متأكد أنك تعلم من أنا، اذهب لمن أرسلك للتجسس علينا، وأخبره بأني أنا جاك الولايات المتحدة الأمريكية لو رأيته لأهدرت كرامته أمام الجميع.»
أوجعته الكلمة، فقال غاضبا مستكبرا: «أتعلم من أنا يا جاك؟»
أجابه: «كلب، ومن أرسلك كلب مثلك، اذهب من هنا ولملم بقية كلابك وخذهم معك، وأخبر يعقوب إسحاق أن جاك لا يُعامل هكذا.»
ودفعه بقوة.
وانفضوا بالفعل جميعا وذهبوا.
عاد جاك مجددا إلى فهمان. قال فهمان: «كنتُ أخشى عليك منهم، وكدت أموت خوفا عليك.»
قال جاك: «يريدون أن يعرفوا ماذا نفعل يا فهمان، فدعك منهم إنهم لا يساوون عندي جناح بعوضة.»
قال فهمان: «ماذا يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي يا جاك؟»
قال جاك مستاء: «يريد سلاحا يسيطر به على العالم ويعلن حكم دولة إسرائيل.»

***
بداية قال فهمان: «يا جاك، لو ولدت الثقوب السوداء -بشرط أن تكون دوّارة- وأنا في تلك الفقاعة السالبة لن تبتلعني الثقوب كما تعلم، وإنما سوف تدفعني بقوة بنفس مقدار قوة الجذب لو كنتُ خارج الدائرة.»
قال جاك دهشا: «وهذا يعني أنها ستدفعك حتى ترتطم بالجدار وربما تموت. وهذه معضلة ولا أجد لها حلا.»
- «لها حل، ولكن اعلم أن حياتي بين يديك.»
- «ونفسي فداء لك.»
- «سأظل ثابتا ولن تضيرني الثقوب.»
- «كيف ذلك بحق السماء؟»
- «يا جاك، عليك بتخليق عدد من الثقوب السوداء، على أن يتوفر فيها شرطان: الأول أن نجعل الثقوب السوداء المتولدة من الارتطام في حالة دوران كدائرة خارجية تستدير على دائرة ذرات الرابيديوم الداخلية، أما الآخر فهو أن تكون تلك الثقوب ذات طاقة واحدة. وبذلك أثبت مكاني بقانون نيوتن الثالث.»
أطرق جاك رأسه وقال: «فهمت، فقاعة ذرات الرابيديوم مادة سالبة، وبدلا من أن تجذبك الثقوب تدفعك بقوة مساوية تماما لقوة الجذب المفترضة لو كانت ذرات الرابيديوم التي تحيط بك مادة عادية.»
سكت جاك هنيهة ثم قال: «ولكن أخبرني، كيف ترى ما خلف الثقوب بالضبط؟»
قال فهمان: «سأقف أنا كما قلت لك في مركز الدائرتين (الأولى فقاعة ذرات الرابيديوم، والثانية الثقوب الدوارة التي تلتف حول الفقاعة)
ومعي هذا (يشير إلى المنظار الذي بيده)، بعد ذلك تضرب أنت بحزم الليزر جانبا من تلك الفقاعة لتندفع بدورها إلى مركز أحد تلك الثقوب السوداء و..»
بادره جاك بقوله: «وتعمل ذرات الرابيديوم السالبة على فتح معبر في الثقب الأسود المجهري بمنزلة ثقب دودي، يا للروعة! يا للمعجزة!»
قال فهمان: «وبذلك أتمكن من رؤية الثقوب بهذا (يشير إلى المنظار الذي بيده).»
قال جاك: «لنبدأ يا فهمان، لنبدأ.»
قال فهمان: «سنجري الارتطامات بطاقة 300 تيرا إلكترون فولت كتجربة أولى لنرى ماذا تهدي لنا الثقوب السوداء المجهرية من أكوان خلفية.»
والموقف الآن أيها القرّاء: فهمان واقف في مركز دائرة من ذرات الرابيديوم ذات المادة السالبة وممسك بيده منظار يضخم الحجم لمليارات المرات، ويحتوي المنظار على مجس لرصد الأبعاد الكونية المتواجدة خلف الثقوب السوداء المجهرية.
أجرى جاك حزمتي البروتونات في مجريي أنبوبي المصادم ffc-2 بطاقة 300 تيرا إلكترون فولت، وبعد ثلث ساعة وصلت البروتونات إلى أقصى سرعتها وارتطمتْ مولّدة عدد من الثقوب السوداء، وبوساطة حاسوب مدون عليه برنامج خاص بتنسيق الثقوب تمكن من تموضع تلك الثقوب في حلقة دائريّة حول الفقاعة الرابيديوميّة.
ولقد أحدثت الثقوب بضعة اهتزازات في الحلقة الرابيديومية نتيجة للقوى الجاذبة لتلك الثقوب الدوارة التي تحولت بفعل ذرات الرابيديوم السالبة إلى قوة نافرة متساوية تماما مع قوة الجذب وذلك حسب قانون نيوتن الثالث كما ذكرت.
في نفس لحظة استدارة الثقوب كدائرة خارجية ضرب جاك بحزم الليزر مجموعة من ذرات الرابيديوم الملتفة حول فهمان من أجل الالتحام بقلب أحد الثقوب السوداء لتوليد ثقب دودي بمثابة ممر أو كوة ينظر فيها فهمان من خلال المنظار على الأكوان الخلفية.
توسعت الثقوب لحظيا في لحظة تسليط حزم الليزر على جزء من الفقاعة الرابيديومية، وخلّق جاك ثقبا دوديا ظهر من خلفه أكوان أخرى.
تمكن فهمان من رؤية ما خلفه بالفعل، وسقط مغشيا عليه على الفور.
***
أوقف جاك التجربة هلعا، وأخرجه من الفقاعة وكلتا يديه ترتعشان. أسرع جاك بنزع البذلة، ولما لامست يده فهمانَ رفعها سريعا وهو يتوجع.
أسرع نحو الثلاجة لعمل كمادات على جبينه وهو يقول: إن جبينه قطعة من نار. ترى ماذا حدث له؟ ماذا رأيت خلف الثقب يا فهمان؟
أقبل إليه ووضع الكمادات على جبينه وشرع في تفويقه.
أفاق فهمان أخيرا، وقال بصوت لا يكاد يُسمع لأن لسانه جاف تماما: «ماء، أريد ماء.»
فناوله الكوب، فشرب فهمان حتى ارتشف آخر قطرة ماء منه.
قال فهمان: «الحمد لله لقد نجاني الله بأعجوبة، كدت أصعق يا جاك، كدت أصعق.»
وألقى بنفسه في صدر جاك وعاود البكاء؛ بل واشتد أكثر.
قال جاك في نفسه: الحمد للرب أن نجاك، يبدو أنك رأيت شبحا لا نظير له.
سأله جاك وهو يربت على ظهره: «ماذا رأيت؟»
قال: «يبدو أني سافرت عبر الزمان، ورأيت، رأيت...» تمتم ثم صرخ متوجعا.
بادره جاك بشغف بالغ بسؤاله المعتاد: «ماذا رأيت يا فهمان؟ قل لي، هل رأيت وجه إبليس الحقيقي؟»
أجابه: «لقد سافرت عبر الزمن، سافرت إلى المستقبل، لا أدري كم عاما على وجه التحديد وإنما أنا متأكد أني رأيت النار.»
توسعت عينا جاك، وانتبه له جيدا يحدق به، وما لبث أن سأله على الفور: «أي نار؟ ربما تكون نيران الجن، أو ربما تكون..»
تمتم جاك وسكت. قال فهمان: «رأيت الجحيم يا جاك رأيت الجحيم، تخيل أني رأيت كاجيتا في الدرك الأسفل من النار.»
قال جاك في نفسه: لقد بلغت ذنوب هذا الملعون الآفاق، ترى ماذا سوف يفعل بالعالم بعد أن توصل إلى صناعة قنابل الثقوب السوداء؟
تنويه: يتبقى لنا الجزء الثالث، ففهمان لم يسافر بعد إلى إبليس.
================================================== ================================================== ================================================== ================================================== ==============================================

فهمانُ يرى الشيطانَ باستخدام الفيزياء النووية ج3

بعد أن برأ فهمان تماما من الصاعقة التي أصابته بعد أن سافر إلى المستقبل وشاهد بنفسه أهل النار يعذبون -وقد كان منهم كاجيتا- دعا جاك مجددا لاستئناف التجارب قائلا: «جرّب التصادم هذه المرة على 350 تيرا إلكترون فولت.»
ابتسم جاك له وهو يقول: «300 تيرا إلكترون فولت سفّرتك إلى المستقبل حيث انتهت الحياة الأرضية، فما بالك ب 350!»
بادله فهمان الابتسامة، ثم قال حزينا: «هل تصدقني لو قلت لك إني أفضل السفر إلى إبليس في وقتنا الحاضر عن السفر إلى المستقبل لرؤية أهل الجنة؟»
تقلصت ملامح جاك بعد الابتسامات العريضة التي كانت تبسط وجهه بسطا بسبب إخلاص فهمان الذي لم يعهد بمثله في الحياة، وقال بتأثر وهو يهز رأسه: «أصدقك.»
- «ما دمت تصدقني فعلام الانتظار، هيا نجري الارتطام.»
***
توجه جاك على الفور إلى ليناك 64 (هو من يدفع حزم البروتونات) لوضع حزمتي البروتونات، ووقف فهمان مجددا داخل الفقاعة الرابيديومية بعد أن ارتدى البذلة الفضائية وأمسك بالمجس.
كانت يدا جاك تضطرب بشدة خوفا على صديقه من أن يحدث له مكروه مرة أخرى.
أطلق جاك حزمتي البروتونات وتصادمت بعد ثلث ساعة، وتولدت الثقوب السوداء المجهرية، وبوساطة برنامج حاسوب تمكن جاك من جعلها في صورة دائرية كما كان سابقا في التجربة الأولى (تجربة 300 تيرا إلكترون فولت).
أمسك فهمان بالمنظار في انتظار أن يضرب جاك جانبا من ذرات الرابيديوم السالبة في أحد قلوب الثقوب السوداء -التي تحيط به في شكل دائرة- لتخليق الثقب الدودي ليرى به ما خلفه (الثقب الأسود) من أكوان. لكنه لم يتمكن إذ حدثت كارثة!
حدث خلل في جهاز الليزر، فأحدث تفاوتا في قوى حزم الليزر المنطلقة؛ مما تسبب في تفاوت قوى أفق أحداث الثقوب الجاذبة، وهذا التفاوت في القوى تسبب في وجود قوى تنافر في جزء من الفقاعة لم يقابلها نفس قوى التنافر في الجزء المقابل فدفعت فهمان قوى التنافر الأكبر الناجمة عن الثقب الأسود فوقع المنظار من يده على الفور، وارتطم بالجدار بتأثير قوى جذب الثقب (طبعا التي تحولت إلى قوى تنافر بسبب الفقاعة ذات المادة السالبة التي تحيط بفهمان) فشج رأسه، بعد أن كُسرت خوذة البذلة وأغمي عليه على الفور، فسكن أمام عيني جاك بلا حراك.
أوقف جاك كل شيء وهو في قمة الهلع، وقد ألجمت الكارثة أوصاله فصرخ، وحين توجه نحوه سقط على الأرض، حاول النهوض فلم يستطع، لم يكترث جاك بما حدث له وإنما وصل إلى فهمان زحفا.
صرخ به: «فهمان، فهمان، فداك روحي وكل ما أملك، يا ليتني كنتُ مكانك.»
مد كلتا يديه إليه وهما لا تكادا تستقران من شدة الرعشة التي ضربتهما، نزع عنه خوذة البذلة الفضائية التي تهشمت تماما، مد إحدى أذنيه إلى قلبه فسمع دقاته تتصاعد فتنفس الصعداء وتمالك نفسه وقال: الحمد للرب.
وكما دبت الكارثة في قدميه فأعجزتهما عن الوقوف استنهضت أيضا عزيمةُ إنقاذه فرد الله الروح إليهما، فحمله جاك على الفور وهو يحاول جاهدا وقف نزيف الرأس بكل السبل، واستدعى له طبيبا.
***
بينما جاك يحاول وقف نزيف الرأس ودموعه الحارة كالجمر تتساقط، دخل الطبيب.
أسعفه، كما أوقف النزيف تماما من خلال عملية جراحية، وجلس ينظر إلى جاك دهشا من شدة هلعه وحزنه على الرغم من أن الطبيب يعلم أن جاك أمريكي الجنسية.
أفاق فهمان بعد لحظات، وقبل أن يهمس بكلمة هبّ الطبيب من جلسته وقال له: «لابد من الراحة بضعة أيام دكتور فهمان فجراحك غائر وواسع.»
سأله جاك عن حالته فقال الطبيب: «كما سمعت دكتور جاك، الجرح غائر وواسع، ولقد أصيب أيضا بكدمات حادة في بعض الأجزاء من جسده، لذلك سوف يحتاج إلى علاج طبيعي.» ورحل الطبيب.
فور رحيل الطبيب حاول فهمان النهوض فلم يستطع، فالجرح أصابه بالدوخة، والكدمات آلمته.
قال جاك: «أتريد أن تذهب لدورة المياه يا فهمان؟ حسنا، سأتصرف.»
قال فهمان بصوت فيه حسرة: «ألا نستكمل التجارب؟»
ذهل جاك وقال: «تجارب! ألم تسمع قول الطبيب؟ قال بضعة أيام.»
- «وهل يمهلني إبليس وحزبه بضعة أيام حتى آتيه، أكيد هو وحزبه يلتفون حول كاجيتا ويتناوبون عليه الوسوسة حتى يدمر العالم.»
قال جاك دامعا: «يا فهمان، إن كان لي خاطر عندك فلا تفكر في هذا الأمر قبل أن تتعافى، أرجوك وأتوسل إليك.»
نظر إليه فهمان نظرة حب وإجلال وقد قرر أن يمتثل لرغبة جاك، بعد لحظات غلبه الإعياء فنام رغما عن أنفه.
***
فور وصول كاجيتا وفريقه أرض مطار طوكيو الدولي كان في استقباله سيارة طائرة من أجل أن تقوده إلى "كانتيه".
أمر كاجيتا فريقه بالذهاب إلى أهليهم، كل واحد منهم لم يجد في نفسه غضاضة من أمر كاجيتا إلا ناكامورا فقد امتعض، ودارى امتعاضه ببسمة عريضة، حدق كاجيتا بتلك البسمة واستقرأها جيدا، فقال في نفسه: ويلك يا ناكامورا ماذا تريد أن تفعل بي؟ بل ماذا تريد أن تفعل بقنابل الثقوب السوداء إذا حزتها؟
ورفع كاجيتا يده نحو الصرة التي تحوي القنابل الخمسة وذرات الرابيديوم، يتحسسها ليتأكد أنها ما زالت في حوزته ولم يسرقها منها ناكامورا، وناكامورا ينظر إلى يده ويتمنى لو تنسلخ الصرة من جيبه وتطير في الهواء وتذهب إليه.
***
دخل القصر، فهب رئيس الوزراء واقفا، وعلى وجهه ارتسمت علامات الحرص فألجمت لسانه عن التعبير عما بداخله، فأشار بيده إليه إشارة تساؤل عن نتائج رحلته.
فتهلل وجه كاجيتا، فانفرجت أسارير الرئيس وأسرع إليه واحتضنه في غبطة غامرة وهو يقول: «نجحت، نجحت، صح؟»
قال كاجيتا: «إن كاجيتا لا يعجزه شيء يا سيادة الرئيس.»
ابتعد عنه رئيس الوزراء قليلا ويداه تربتان على كتفيه، أما عيناه فتمتلآن طمعا وسروروا.
قال كاجيتا: «أخيرا سيادة الرئيس، أخيرا سآخذ العزاء في أهلي الذين ماتوا في هيروشيما.»
تركه الرئيس وجلس على كرسي العرش الذي لا يحب أن يفارقه بتاتا، وقال: «بل قل آن الأوان لتحكم اليابان العالم.»
استاء كاجيتا قليلا، وجلس على الفور ثم ما لبث أن قال: «قبل أن نقيم سرادقات العزاء علينا بتطهير خريطة العالم.»
وفتح هاتفه، وأخذ يقلب في بضع صور، فلما عثر على الصورة التي يريدها ثبتها على الهاتف.
قال وهو يشير على جزء منها وهي مساحة الولايات المتحدة: «سيادة الرئيس، هذه خريطة العالم، رجاء، انظر إلى هذه المساحة.»
حدق الرئيس على الجزء المشار إليه وقال: «هذه الولايات المتحدة الأمريكية، ما شأنك بها؟»
- «أريد محوها من الخريطة.»
وقبض على يده ثم بسطها ونفخ فيها كأنما يريد أن يزيل ما علق بها من قاذورات وقال مستدركا: «هكذا أنفخ فيهم فيكونون كالهشيم تذروه الرياح.»
دهش الرئيس وقال ممتعضا: «أنا لا أريد استئصال شأفتهم وإنما حكمهم، ثم من يسكنها فيما بعد إنْ أنا وافقتك على ذلك؟»
قال كاجيتا في نفسه: أيها الأحمق، جنون العظمة سوف يضيع علينا حقنا في طلب أجساد أهلينا التي ذابت وذرتها الرياح مع الغبار النووي.
وأراد أن ينتصر لرأيه، فقال: «سيادة الرئيس، لقد فرضتْ عليك أمريكا بأن تكون حليفا لهم وعليك الانتقام منهم من أجل ذلك.»
- «كان يجب أن أساورهم حتى لا أفقد مكانتي، فتاريخ الانقلابات العسكرية على مر العصور كان بيد أمريكية، وهذه الانقلابات لا تخفى على أحد، ولا يرتاب في أمرها أحد.»
- «لكني أريد الانتقام.»
وقف فور أن قال كاجيتا كلمته، ووقف له كاجيتا احتراما لشخصه، ثم ما لبث أن مرر الرئيس يده على لحيته وهو يسير الهوينى وأخذ يفكر بعمق، ولما اهتدى لحل قال: «اسمع يا كاجيتا، سنهلك أساطيلهم البحرية التي يتفاخرون بها، لكن اعلم أني سأفعل ذلك من أجل إرضائك، فمسألة الانتقام هذه لا أكترث لها.»
سكت كاجيتا حزنا، أما الرئيس فسكت يتدبر أمرا آخر، قال بعدها: «قل لي يا كاجيتا، كيف لهذا البيض المتناهي في الصغر (يقصد طبعا قنابل الثقوب السوداء) أن تفعل ما لم تستطع فعله القنابل الهيدروجينية، أو حتى الذرية؟ قرّب لي الفكرة.»
زفر كاجيتا زفرة طويلة وقال له: «سيدي الرئيس، الانفجار الذي حدث لنا من انشطار أنوية النيوترونات واليورانيوم، وهذه أيضا ذرات (يشير في هذه اللحظة إلى الصرة) ولكنها تتحول إلى ثقوب سوداء فور ضرب ذرات الرابيديوم الموجودة في وسطها بالليزر.»
عاود الرئيس وسأله مجددا: «لم تجبني يا كاجيتا عن سؤال سابق، من يسكنها إذا وافقتك على هلاكهم جميعا؟»
أجابه: «سيادة الرئيس، ستجذبهم الثقوب السوداء وترمي بهم في كون لا يعرفه أحد، أما مساحة أراضيهم فستنقص من مساحة الكرة الأرضية، لأن القنابل ستجذب ما حولها من مادة وترميها في كون آخر.»
دهش الرئيس، ولم يستسغ الأمر لشدة الدهشة.
فاستطرد كاجيتا: «مساحة الكرة الأرضية 510 مليون كم2 ويطرح منها مساحة أمريكا 9,826,675 كم²، هذه هي مساحة الكرة الأرضية الجديدة سيادة الرئيس.»
***
أقبل إليه، فلما دنا منه بسط يده إليه وقال: «القنابل.»
فأومأ كاجيتا برأسه إيماءة استفهام ودهشة.
قال الرئيس: «ما بك؟ لم تندهش؟ أريدها.» وبسط كلتا يديه.
أمسك كاجيتا نفسه عن الضحك وهو يسرع بإخراج القنابل المصرورة بورق لين، قال كاجيتا: «ها هي.»
احمرّ وجه الرئيس وقال له ناهرا وفي نيته أن يبطش به ويجعله أحدوثة تلوكها الألسن: «أتستغباني أيها الحمار! أين القنابل؟»
يعلم كاجيتا مقدار الصلف الذي يملأ كيان الرئيس، لذلك باغته قولٌ تردد على سمعه: لا تثريب عليك، فلولا صلفك ما أرسلتني إلى مصر لصناعة القنابل.
أجابه كاجيتا: «انظر سيادة الرئيس، حدق بهؤلاء جيدا، حدق.» يكلمه وهو يشير بإصبعه نحو الخمس قنابل التي بحوزته.
قال الرئيس وهو يمد يده نحو الصرة: «هاتها، هاتها، رويدا رويدا.»
لم يتمالك كاجيتا نفسه وانفجر في الضحك هذه المرة، وقال وهو يخرج من جيبه صرة أخرى ويشير إليها: «لا تخش سيادة الرئيس فإنها لا تُفعّل إلا بضرب ذرات الرابيديوم هذه بالليزر.»
فتمالك الرئيس أعصابه، أخذها وحدق بها جيدا وقال: «إنها أحدّ من شفرة الموس بيد أنها أدق من بيض البرغوت، كيف تعمل هذه الملعونة؟»


فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج4

وأخبره كاجيتا بطريقة عملها، وأعطاه ثلاث مجموعات من ذرات الرابيديوم واحتفظ بالمجموعتين الأخريين دون علم الرئيس.
خرج كاجيتا من القصر بعد أن صرفه الرئيس على أن يلتقيه في اليوم التالي.
تمتم كاجيتا وهو في طريقه للخروج: مع الرئيس خمس قنابل، بينهما اثنان لن يعملا (يقولها وهو يقذف بالمجموعتين المصرورتين إلى أعلى بيده اليمنى ثم يتلقفها بها مرة أخرى).
***
لم يهدأ فريق كاجيتا منذ أن فارقوا أرض الوادي الجديد، وفور أن وطأت أقدامهم أرض اليابان ذهب كل واحد منهم إلى أهله وقلوبهم تتأجج نارا وحسرة على تلك القنابل التي صنعوها بأيديهم ولم تكن بحوزتهم.
وبدل من إطفاء لهيب الوحشة التي غمرت أرواحهم -بفراقهم للأهل والأحباب- بالاستئناس بالأهل والأحباب هجروهم وانعزلوا تماما عنهم لأن قنابل الثقوب السوداء التي شاركوا في صنعها قد أخذت بلب قلوبهم، ولقد حركت قدراتها الرهيبة مشاعرَهم فتولد من رحمها أجنة العظمة التي بدأت تنمو وتنمو طوال الليل حتى تمنى كل واحد منهم أن يمتلكها ليدعو إلى نفسه إلها.
ورغم تلك المشاعر المتأججة التي استعمرت أرواحهم إلا أن الأمر لا يخلو لبعض من ملامة النفس، فهم يعلمون ما لا يخفى على أحد من شعب اليابان منزلة المعلم الذي بات عند بعض طوائفهم -إن لم يكن جلهم- في منزلة إله. وفي نهاية الصراع الدائر على حلبة أنفسهم فتك الشر بلوم النفس فأجهز عليها.
أما ناكامورا فقد أكل الحقد قلبه، واشتعل قلبه غيظا وحسرة ألا يمتلك تلك القنابل.
قضى ليلته عاضا في أنامله، ويكز على أسنانه بين الفينة والأخرى ويزوم ويزمجر كالرعد. ولقد توغل الغضب في أوصاله وتدفق الدم إلى رأسه حتى تحول إلى جمرة من نار لو سلطت على شيء لأكلت منه اليابس قبل الأخضر.
ولقد أكره نفسه كي تلتزم السكينة وتتلبس بالحكمة والتعقل حتى يجد طريقة تمكنه من الحصول على القنابل.
وبعد تدبر تراءى له إنه لم يكن أمامه سوى وسيلتين، الأولى الذهاب إلى الوادي الجديد والنزول بالمختبر وصنعها بيد أنه قال: ربما لا أستطيع صنعها؛ ثم لابد من تصريح من رئيس دولتي لأدخل المصادم، وهذا مستحيل.
إذن فلا يوجد سوى الوسيلة الأخرى. وقد عزم على تنفيذها. وهي قتل كاجيتا.
وظل يضرب كلتا يديه بعضهما ببعض، وهو يزفر متوجعا، وينظر من النافذة لعل خيوط الفجر تبكر هذا اليوم ويتنفس الصبح، بيد أن حرقة الانتظار حولت تلك الخيوط إلى سياط من نار تجلد ظهره، وتنفس الصبح المنتظر تحول إلى لفح من جحيم الآخرة.
وفور أن تنفس الصبح خرج من منزله واستقل سيارته وهاتف زملاءه.
اجتمع بهم بعد بضع ساعات وفاتحهم في الأمر، فانقسموا إلى فريقين، الأول يرى سرقتها فحسب والثاني يفضل قتله ليفسح لهم المجال في السيطرة على الكون.
واستقروا على قتله، بل قتل فهمان وجاك أيضا لأن أولئك الثلاثة سيمثلون لهم مصدر تهديد إن بقوا على قيد الحياة.
***
توجه كاجيتا نحو قصر الرئاسة في الساعات الأولى من الصباح.
فلما دخل عليه بادره الرئيس بقوله: «يا كاجيتا، متى نبدأ تنفيذ الخطة بالضبط؟»
أجابه: «سيادة الرئيس، ثمة مسائل تقنية تخصكم، فعليك الانتهاء منها أولا قبل الشروع في خطة الهلاك.»
قال الرئيس مستاء: «كيف؟»
قال كاجيتا: «وضع القنابل ليس بالأمر الهين، فلابد من تسلل الرجال الثلاثة ليرموا بالقنابل الثلاثة بالقرب من الأماكن التي تتجمع فيها سفنهم.»
قال الرئيس: «إذن سأحتاج إلى وزير دفاعي ليكلف خبيرا في فنون القتال البحرية بمهمة إلقاء القنابل بالقرب من سفنهم.»
وهاتف الرئيس بالفعل الوزير، فجاء وبصحبته الخبير على الفور، وبعد أن علم الخبير تقنية عمل تلك القنابل حدد كيفية وضعها بجانب تلك الأساطيل الثلاثة.
ومما قال: «سنأتي بثلاثة صياديين.»
دهش الرئيس وسأله: «كيف ذلك؟»
أجابه: «لم أقصد صياديين بالفعل، وإنما رجالنا سيمتهنون مهنة الصيد حتى ينتهوا من مهمتهم. سنغلف تلك القنابل بطعام لا تأكله الأسماك ثم نضعها في شص (أداة صلبة معكوفة تعلق فيها السنارة) صيد السمك ويلقونها في السواحل، ويتركون العنان للخيط ليقترب من تلك السفن، ويتابعون عن بعد ثم ينصرفون في الوقت المناسب.»
بعد أن حدد كاجيتا الوقت المناسب له قال: «خطة لا بأس بها.»
قال الرئيس: «أيها المحترف، ابدأ التنفيذ.»
ولما انصرفا (الوزير والخبير) قال كاجيتا: «لا بأس بوسيلة الخبير، فهي سوف تمكننا من نقل نحو ربع مليون فرد، وهم أفراد طواقم السفن.»
قاطعه الرئيس دهشا وقال متمتما: «نقل، نقل! ألن يهلكوا؟»
أجابه كاجيتا: «للأسف مصيرهم مجهول، فمصير اليابان في عام 1945 معلوم، أما مصير أمريكا بعد بلعهم بقنابل الثقوب السوداء فمجهول.»
قال الرئيس غاضبا دهشا: «يا كاجيتا، كثرة مفاجآتك التي تقذفني بها الواحدة تلو الأخرى سوف تصيبني بالجنون، كيف يكون مصيرهم مجهول؟»







 
رد مع اقتباس
قديم 01-12-2024, 12:34 PM   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020

قال متوجعا بعد أن زفر زفرة ضيق طويلة: «للأسف، قد يحيون في بُعد آخر ويصبحون ملوكا في بُعدهم.»
رفع الرئيس يده إليه لا يلوي على شيء سوى العجز عن الكلام، وتمتم ببضع كلمات غير مفهومة، وغمغم بصوت مسموع، وأخيرا سكت ثم قذفه بقوله وهو يشير بأنامل يده اليمنى إشارة انصراف: «كاجيتا، لا أريد أن أعرف شيئا عن تلك القنابل الملعونة، فقط نفذ خطتك.»
قال كاجيتا: «ثمة تعديل طفيف في الخطة، سوف ننقل أساطيل ثلاثة، ونعدم الرابع المتمركز في بلدنا بالرصاص لأننا لن نستطيع استخدام القنابل على أراضينا حتى لا يصاب أي مواطن ياباني بسوء.»
قال الرئيس وهو يقهقه: «أي رصاص يا كاجيتا! سوف نضربهم بالطوربيدات.»
- «حسنا، سوف أجلس في معملي، وانتظر إشارة انتهاء مهمة الرجال الثلاثة، فور أن تأتيني الإشارة سوف أفعّل عمل القنابل.»
- «سأخبرك فور انتهاء عملهم واجتماعي بحكومتي، هيا امض إلى مختبرك.»
بسط كاجيتا يده ولم يتكلم.
قال الرئيس دهشا: «ماذا تريد؟»
- أريد القنبلتين.»
قال الرئيس وهو لا يعي ما يقول: «سأحتفظ أنا بها، وآمرك أيضا بألا تنزل بالوادي الجديد إلا بأذني.»
فانصرف كاجيتا غاضبا.
***
فور رحيل كاجيتا أرسل إلى الحكومة وعقد معهم جلسة سرية للغاية.
وأخبرهم بما يريد.
لم يمانع أو يتردد منهم أحد بل باركوا خطته ودعوا لكاجيتا بالتوفيق.
ولم يمانعوا في اختيار الثلاثة أساطيل التي انتقاهم رئيس الوزراء سابقا وهم: أسطول مدينة سان دييغو، والأسطول الرابع في مدينة جاكسونفيل فلوريدا، والعاشر بولاية ماريلان بأمريكا. كما لم يمانعوا أيضا في محاصرة الأسطول الرابع المتمركز على سواحل كاناغاوا اليابانيّة ومن ثم رميهم بمجموعة من الطوربيدات التي سوف تنطلق من السفن المقاتلة اليابانية المتاخمة لهم.
وثمة معضلة لابد من إيجاد حل لها، وهي تداخل بعض القوات اليابانية مع الأساطيل البحرية الأمريكية لأنهما يحاربان معا كتحالف ضد الجانب الشرقي بقيادة الروس والصين.
وقد اتفقوا أيضا من أجل حل هذه المعضلة وهو الإعلان عن انسحاب اليابان من الحرب الدائرة متعللين بأن رامسفيلد رفض عرضا سخيا من الروس دون مبرر، ومن ثم فإن رفضه قد يودي بالعالم على حافة الهلاك.
واستكمالا للخطة قرروا قتل جاك وفهمان معا، لذلك حددوا فرقة مقاتلة من فرق الساموراي لإرسالهم إلى الوادي الجديد لقتلهما هناك، فوجود جاك مع فهمان في المختبر ffc-2 غير خاف على أحد.
وبتلك الخطة المحكمة تحكم العالم كما تنهي على آخر أمل لأي دولة تشاركها حكمها إذا ما تمكنت من صنع قنابل الثقوب السوداء أو الحصول عليها بأي طريقة ما.
***
وتم لهم ما أرادوا، حيث انسحبت القوات اليابانية المشاركة في الحرب العالمية ولاسيما البحرية منها، وكان الرجال الثلاثة في هذا الوقت على أهبة الاستعداد حيث الأساطيل منشغلة بأمر انفصال الأساطيل اليابانية عنها؛ وألقوا السنارات الثلاث بنفس الطريقة التي حددها لهم المتخصص في فنون القتال البحرية.
وسبحت السنارات الثلاث في اتجاه السفن، تلك السفن التي تسبح في سواحل المحيط الأطلسي والهادي وعليها مدمرات وطرادات وطوربيدات فضلا عن حاملات الطائرات التي تحلق فوقها مباشرة لتمدها بما تريد وتكون لها بمنزلة غطاء جوي لحمايتها، كما أنها مأهولة بطواقم يبلغ قوام أفرادها 250 ألف فرد.
***
ودخل كاجيتا المعمل ونصب ذرات الرابيديوم الثلاث بطريقة تمكنه من ضربها جيدا. وقال: الآن أفعل ما أشاء دون أن يصل إليّ أحد لأنه لا يمكن تتبع مصدر الضرب.
وظل ينظر إليها نظرة الضبع الجائع لإحدى فرائسه، كل أوصاله ترتعد، وعيناه ترميان بشرر كأنه يتأجج من لهيب الجحيم.
بعد بضع لحظات أمسك هاتفه، ونصبه تلقاء وجهه، وظل يحدق به لأكثر من عشر ساعات، وهو واقف لم يجلس قط، وأخيرا همس: هيا، اتصل أيها الداعر الماجن.
وفور أن انتهى من قوله رأى اسم رئيس الوزراء على هاتفه، وطرق جرس الهاتف أذنيه كأجمل لحن في الوجود.
وما لبث أن رمى الهاتف كأنه قطعة من جمر بعد أن فتح الاتصال، وأمسك جهاز الليزر بكلتا يديه يضرب في ذرات الرابيديوم رغم أنه لم يسمع قول الرئيس.
أما الهاتف فملقى على الأرض تسمع منه قول رئيس الوزراء وهو يردد قوله: كاجينا نفذ، كاجيتا ألم تسمعني! نفذ.
***
فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج5
ودخل كاجيتا المعملَ ونصب ذرات الرابيديوم الثلاث بطريقة تمكنه من ضربها جيدا، وقال: الآن أفعل ما أشاء دون أن يصل إليّ أحد لأنه لا يمكن تتبع مصدر الضرب.
وظل ينظر إليها نظرة الضبع الجائع لإحدى فرائسه، كل أوصاله ترتعد، وعيناه ترميان بشرر كأنه يتأجج من لهيب الجحيم.
بعد بضع لحظات أمسك هاتفه، ونصبه تلقاء وجهه، وظل يحدق به لأكثر من عشر ساعات، وهو واقف لم يجلس قط، وأخيرا همس: هيا، اتصل أيها الداعر الماجن.
وفور أن انتهى من قوله رأى اسم رئيس الوزراء على هاتفه، وكان شعر بنشوة من رنة الجرس، حتى قال: أروع ما سمعت في حياتي.
وما لبث أن رمى الهاتف كأنه قطعة من جمر بعد أن فتح الاتصال، وأمسك جهاز الليزر بكلتا يديه يضرب في ذرات الرابيديوم رغم أنه لم يسمع أمر التنفيذ منه.
أما الهاتف فملقى على الأرض تسمع منه قول رئيس الوزراء وهو يردد قوله: كاجينا نفذ، كاجيتا ألم تسمعني! نفذ.
ضربها بحزم الليزر من ثلاثة أجهزة لمدة ثمان ساعات بقوّة واحد جيجا وات لكلٍ منهما، انتقل الفعل مباشرة إلى باقي العائلة المتمرّكزة في القنابل الثلاثة بخاصية التواصل الكمومي لشرودنجر ففعّلت القنابل وجذبتْ الأساطيل الثلاثة.
وبحسب معادلة قنابل الثقوب السوداء التي وضعها كاجيتا فإنه بعد تحولهم إلى قنابل ثقوب سوداء ثلاث جذبت مياها حجمها ثمان كيلومتر مكعب وقعت في أفق أحداثهم الثلاثة على مدار الثماني ساعات.
**
بعد فترة وجيزة من تفعيل القنابل الثلاثة انقطعتْ وسائل الاتصال بالأساطيل الثلاثة، فظنّ المتصلون أن شبكات الاتصال فيها عطب وتحتاج لإصلاح وصيانة، فاتصل بعضُ القيادات من غرفة عمليات بقادة الأساطيل الثلاثة وربان سفنها بيد أن الهواتف لا تعطي أيّ إشارة.
فأصاب الجميع الحيرة والدهشة والهلع، على الفور تمّ نقل الحالة إلى القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية.
***

أرسلت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية طائرة استطلاع من أحد حاملات الطائرات القريبة إلى تلك المواقع، فلم يجدوا أي أثر للأساطيل الثلاثة.
فحلقت عند موضع أحد الأساطيل الثلاثة، فلم تجد الطائرة أي أثر للأسطول.
شاهد رائد طيار سفينة فرنسية على بعد من موقع الأسطول المختفي فنزل بالبراشوت على متنها.
لم يكد يلامس جسده متن السفينة إلا وكر عليه حرس السفينة، شهروا الأسلحة في وجهه، قال قائد الحرس: «انبطح أرضا وضع يديك خلف ظهرك وتكلم من أنت.»
فرفع يديه إلى الوراء وقال: «أنا رائد من القوات الجوية الأمريكية.»
قال قائد الحرس بحزم: «ولم نزلت على متن سفينتنا بلا إذن؟ ألم تر العلم الفرنسي يرفرف عليها؟»
قال الضابط: «أهلا بكم، نزلت عليها لأنكم حلفاؤنا، جئت لأستكشف عن الأسطول البحري الذي كان على بعد بضع كيلومترات منكم.»
كبلوه وساقوه إلى العميد الفرنسي البحري، وهو ربان السفينة.
عندما رآه عرف سبب هبوطه على متن السفينة، ومع ذلك سأله في غضب وحزم: «كيف تنزل على متن سفينة حربية بلا إذن أيها الرائد؟»
أجابه: «أنا رائد كما ترى في القوات الجوية الأمريكية، وجئت أستكشف عن أسطولنا البحري الذي كان على مقربة منكم سيادة العميد.»
هزّ العميد رأسه وقال: «اِئْتُوني بكشافة السفينة ليسمع بأذنيه عما حدث لسفينتهم الحربية، ويعلم ماذا حدث لنا أيضا؟»
جاء رئيس الكشافة المسئول عن رصد ما حول السفينة من خلال رادارات السفينة فقال له: «لقد رصد لنا الرادار اختفاء الأسطول بالكامل وما حوله في حجم قدره ثماني كيلو متر مكعب على مدار ثماني ساعات، ولدينا جهاز لقياس تسارع الجاذبية الأرضية، وقد سجل لنا مقدارا من الجاذبية من الموقع الذي اختفى منه الأسطول، كنا نراقب الأسطول عن كثب وكلما زادت الجاذبية كنا نبعد بسفينتنا إلى الوراء، ولما انقضت الثماني ساعات اختفى كل شيء، الأسطول وما حوله في المساحة وزالت الجاذبية، كانت المياه حول السفن والفرقاطات وحاملات الطائرات الخاصة بكم تنقص شيئا فشيئا وكأن ثمة مجموعة كبيرة من الحيتان كانوا يبلعون ذاك الماء.»
صعد الرائد إلى طائرته، أصابته الدهشة وسيطر عليه الفضول الذي كان يدفعه نحو معرفة سبب ذلك.
استقل الطائرة مجددا وذهب إلى الموقعين الآخرين لكن لم يجد أحد يمكن أن يزوده بأي معلومات.
كتب تقريره حول المواقع الثلاثة إلى القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية.
***

بعد وصول تقرير رائد طيار أرسلت الإدارة الأمريكية إلى وحدة تكنولوجيا الفضاء لاستكشاف الأمر عن الأساطيل الثلاثة المختفية.
بعد بضع ساعات فقط جاءتهم صور الأقمار الاصطناعية بملفين فيديو عن أسطولين فقط، أما الأسطول الثالث فقد كان خارج نطاق الأقمار الصناعية أثناء عملية الاختفاء.
وجلس قادة وزارة الدفاع مع قادة القيادة المركزية للقوات البحرية، وشاهدوا على مدار ثماني ساعات اختفاء الأسطولين شيئا فشيئا والماء يُسحب إلى أسفل.
حاملات طائرات عملاقة وسفن حربية وفرقاطات وغواصات، كل هذا اختفى في ثلاث حوادث مجهولة.
وكان ثمة مساحة من اليابسة بجانب الشاطئ تقع تحت تأثير أفق الحدث (هو جزء من المساحة 8 كم مكعب) عليها بعض الأطفال يلهون بالرمال فاختفوا أيضا، ابتلعتهم الأرض، لكن تساءلوا أين الأرض نفسها؟
والإجابة أن تلك المساحة من الأرض اختفت معهم، وكأنّ قطعة أرض نقصت من مساحة الكرة الأرضية.
وهذا من أعجب ما شاهدوه.
وتساءلوا فيما بينهم: أنقيد الحوادث الثلاث ضد مجهول؟!.
وتساءلوا: لماذا لم يهرب الأطفال عندما شاهدوا ما يحدث في البحر؟
وقرروا عرض الأمر على الاختصاصيين لحل هذه الألغاز.

***



فلما عرض الأمر على العلماء ولاسيما علماء الفيزياء النووية وعلماء مختبر سيرن بسويسرا اجتمعوا على أن ما يفعل ذلك إلا ثقب أسود.
لكن الثقوب السوداء في السماء، وأكثرها قريبة من مركز ثقل درب التبانة، فحاروا أيضا. فعرضوا الأمر على وكالة الناسا.
فجاءهم رئيس الناسا بصحبة بك، وشاهدا الصور، هنا تفجع رئيس ناسا على الفور وهو يقول بأنها قنابل الثقوب السوداء.
سألوه مرة أخرى.
قال: «هي قنابل الثقوب السوداء.»
قال بكْ : «إذن قد صنعها كلب اليابان كاجيتا أثناء وجوده في مختبر فهمان بالوادي الجديد، وأمريكا كلها في خطر.»
قال رئيس ناسا: «إذن أمريكا كلها في خطر.»
سألوه عن شأن الأطفال فأجابهم: «لأنهم كانوا واقعين تحت جاذبية الثقوب السوداء، كانوا يحاولون الهرب لكن أفق حدث قنبلة الثقب الأسود كانت تشدهم نحو مركزها.»
ثم استطرد رئيس ناسا: «ولن يخلصنا مما نحن فيه إلا جاك، ومن المؤكد أنه في خطر.»
واتصل فورا بجاك وأعلمه بالأمر.
كما اتصلوا بجورج رامسفيلد من أجل إعلامه بتلك الأمور.

***

اجتمع الرئيس الأمريكي جورج رامسفيلد بحكومته كاملة لأنها مسألة تخص وجود أمريكا نفسها في هذا العالم.
واستقروا بعد مناقشات عديدة على النزول الكامل لكلمة رئيس ناسا الذي حدد حجم الكارثة بقوله: «هذه هي قنابل الثقوب السوداء، هو كاجيتا، وقد يستطيع أن ينقص من الكرة الأرضية مساحة الولايات المتحدة الأمريكية في بضعة أشهر.»
وقد وضع لهم الحل بقوله: «لا يمكن لأحد دفع هذا الشرّ عنا سوى اثنين بحسب علمي، جاك ولدنا وصديقه فهمان، ومن لطف الله بنا أنّه الآن في أرض الوادي الجديد بمصر مع صديقه فهمان صاحب اكتشاف الجرافيتون الملعون.»
قال الرئيس عندئذ: «إذن نتصل به ونرسل فرقة من المارينز لحمايته فربما بعد هذه الكارثة يكون من مخطط اليابان قتل جاك، وليس جاك فحسب بل فهمان أيضا.»
وقبل فض الاجتماع جاء الرئيس الأمريكي اتصال، نظر في الهاتف فاضطربت عيناه، قال عندئذ متلعثما: «إنه رئيس وزراء اليابان.»
وظل ينظر إليه بضع ثوان كأنما يساق إلى الموت وهو ينظر، أما الوزراء فطفقوا يزدردون ريقهم، بعضهم استطاع والبعض الآخر توقف الريق على أبواب حناجرهم.
وبيد مرتعشة امتدت إلى الهاتف وفتحه.
قال رئيس وزراء اليابان: «يا عزيزي واحدة بواحدة، ولقد رفقت بكم واكتفيت بثلاثة أساطيل، وأسطول رابع سوف يضرب بالرصاص.»
قال الرئيس الأمريكي: «أي واحدة تقصد؟»
قال رئيس وزراء اليابان وهو يقهقه: «واضح أن عندك زهايمر، هو انتقام لما حدث في عام 1945، الحرب العالمية الثانية، أنسيت قنبلة ناجازاكي وهيروشيما؟»
قال الرئيس الأمريكي: «تكلمني عن ثأر مضى عليه أكثر من مائة عام؟»
أجابه: «حجم الكارثة يجعلها كأنما حدثت من ساعات، اسمع أيها الرئيس الأمريكي، لا أحب أن أسمع نشاز أصواتكم من بعد اليوم، عيشوا في بالوعات المجاري كالجرذان حتى لا أرى وجوهكم مرة أخرى .»
***«»

فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج6
إبراهيم أمين مؤمن/مصر

وأرسل الجيش الأمريكي على الفور فرقة من المارينز هي أكفأ رجال الجيش الأمريكي في الفنون القتالية على الإطلاق، ومهمتها الرئيسة حماية جاك من أجل أن يصنع لهم قنابل الثقوب السوداء.
واتصل الرئيس الأمريكي بالرئيس المصري وأعلمه بأن فهمان في خطر، وأن خطة اليابان تقتضي بقتل كل من لديه قدرة على صناعة القنابل السوداء.
وطلب منه السماح لفرقة المارينز التي في الطريق إلى الوادي الجديد بالسماح لها بالدخول، ولم يجد الرئيس مهدي مانعا في ذلك إذ إن جاك ملازم لفهمان، وهذا يعني أن فهمان هو الآخر في مأمن من الاغتيال.
***
اكتفى مهدي بأن أرسل فرقة من قوات الصاعقة حماية لحياة فهمان، وهذا لم يكفِ مطلقا لتقدير الموقف؛ فالموضوع أكبر بكثير من ذلك، رغم أنه يسمع الآن ويشاهد البث الياباني بشان ما أحدثته اليابان بأمريكا. ومما سمع نقلا عن وزارة الخارجية اليابانية: «إنّ اليابان أعظم إمبراطورية في العالم، وإنّ الجنس اليابانيّ أرقى جنس فيه، وما كان لها أن تسكت عن ثأرها طوال كلّ هذه العقود الماضيّة.»
وقيل أيضًا: «إنّ رئيس وزراء اليابان يحذّر أمريكا من أيّ عمل متهوّر، وسيكون الردّ عنيفًا بقدرٍ لم يتصوره عقل، وردّنا إزاء أيّ عمل متهوّر هو حذفهم من الخريطة الجغرافية.»
تساءل مهدي عندئذ: من أين لهم بتلك القوة؟ تمحي أمريكا كلها!
وقرر في نفسه شيئا وقال: عندما يأتي وقته سأنجزه.
***







 
رد مع اقتباس
قديم 25-02-2025, 08:52 AM   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020

وجاء نفس الاتصال ليعقوب إسحاق، فجلس يفكر. وفتح هاتفه فسمع ما سمعه مهدي، فاجتمع بإدارته على الفور، فالموقف جد خطير، بل أنه
قدر حجم الأمور جيدا، وتأكد أنها قد تكون لحظة فارقة في حياة دولة إسرائيل.
وتمخض الاجتماع عن عدة قرارات منها هو وجوب التحرك للحصول على ذاك السلاح المدمر بأي طريقة، لأنه تراءى لكل من في الاجتماع أن الحصول على ذلك السلام المدمر سينهي الصراع العربي الإسرائيلي، إذ إن العرب جميعا سيدركون أن إسرائيل قادرة على محوهم من الخريطة إذا ما شمخوا بأنوفهم لها.
كما قرروا إذا حصلوا على تلك القنابل بأن ينتزعوها من اليابان بأي طريقة، وأن يحولوا فيما بعد دون إيصالها لأي دولة غيرهم.
ومن ضمن القرارات هو السيطرة على المصادم ffc-2 وتسخير كفاءتي جاك وفهمان لصالح إسرائيل، فإن فشلوا في تسخيرهما وجب قتلهم على الفور.
***
وكان صدى الأخبار التي تبثها اليابان على آذان الشعب الفلسطيني من أعزب الأصوات على الإطلاق، فأمريكا هي التي تسعى دائما بتثبيت اليهود على أراضيهم بالطرق المشروعة وغير المشروعة.
وسقوط أمريكا المدوي بهذه الطريقة يعتبرونها بمنزلة أول طريق للتحرير.
فاجتمعت كافة الفصائل الفلسطينية ليضربوا ضربتهم من أجل أن يحرروا فلسطين.
***

فتح جاك الخط ليستقبل مكالمة رئيس ناسا، بالطبع لم يصل الخبر إلى مسمع جاك بعد ولاسيما أنه مستغرق في التجارب مع فهمان.
قال رئيس ناسا بصوت متهدج: «ضاعت أمريكا يا جاك، ضاعت يا جاك الولايات المتحدة الأمريكية.»
قال جاك في هلع: «ضاعت! كلنا سوف نضيع وليست أمريكا فحسب، فعلها ثقب سحابة أورط إذن، يا للكارثة!»
- «بل فعلتها ثقوب كاجيتا يا جاك.»
وقع في روع جاك بأن شرا مستطيرا حاق بدولته فسأله بصوت غضوب مرتفع: «ماذا حدث بالضبط ؟»
- «الذي حدث أكبر من أن يُروى، شاهده أفضل من وسائل الإعلام، ولاسيما وسائل إعلام اليابان منها.»
طرح جاك بالهاتف أرضا وهو في قمة الغضب، وظل يزمجر ويتوقد، حتى مد يده إلى الهاتف مرة أخرى ليشاهد الأخبار، فرأى شاشة الهاتف قد تهشمت، فأسرع نحو الشاشة وفتحها.
وفور أن شاهد وسمع الأخبار أدرك أن كاجيتا قد تمكن من صنع قنابل الثقوب السوداء عندما كان فهمان مريضا في غرفة العناية المركزة يصارع الموت.
انتفض جسده، وتشنّجتْ كلّ أعضائه، وتدلى رأسه وارتجف رجفة الزلزلة، عبثًا حاول فكّ أعضائه لكنه ما استطاع.
حاول أن يستنهض مصادر قواه الداخليّة لكنّها نائمة تغطّ غطيط السكارى، فأيقظها بعزيمة لا تُقهر فنهضت.
عندها أدرك ما حوله فتذكّر تحذيره لفهمان بإغلاق ffc-2، ثمّ صرخ مناديًا: فهمان، فهمان، مهديّ، فهمااااااان.
فأسرع فهمان لتلبيته، ولم يكد يرى ملامح وجهه -التي تحول كل ما فيه إلى اللون الأحمر- حيث انقض عليه جاك كالانقضاض على الفريسة، بدأ بجندلته فوقع على الأرض، ثمّ قفز فوقه وبدون وعي منه أخذ يكيل له اللكمات، وفهمان يتلقى الضربات التي سرعان ما تسببت في فقد الوعي بعد إحداث إصابات بالغة في وجهه، ورغم ذلك لم يكف جاك عن لكمه، لأنه فاقد الوعي هو الآخر.
وتوقف عن الضرب، ليس لشيء سوى أنه انهار تماما بسبب ما حدث لأمريكا، نظر إلى فهمان الذي لم يبد أي حراك فتفككت أوصاله على الفور، وتفجع فجيعة الأم على ولدها عندما قتلته بدون قصد.
مد جاك أذنه -فارغ القلب- إلى صدر فهمان ليتسمع دقات قلبه، فوجده بخير.
نظر إليه فرأى سقوط بعض أسنانه، وتحطم أرنبة أنفه، والدم ينساب من فكيه وشدقيه على وجنتيه، بل لامس الأرض من غزارته.
هزه بكلتا يديه من كتفيه هزات رقيقة وهو يقول بصوت منخفض فيه هلع وألم: فهمان، أفق، أفق يا فهمان.
فلما يأس منه رفعه من الأرض بيدين مرتعشتين ووضعه في مضجعه بتؤدة ثم اتصل بطبيب على الفور.
بعد ذلك جلس بجانبه ودموعه تنهمر خوفا عليه، يمسح عنه دمه المسال، وينظف في وجهه، فامتزجتْ دموعه بدمائه فغدا يمسح دموعه بدمائه ودماؤه بدموعه.
جاء الطبيب وطمأنه على حاله ثم غادر.
فحمد الله، ثم انزوى في الحجرة ونظر إلى أعلى وهو يحدق بسقف الحجرة الذي لم ير منه سوى خياله وحديث نفسه وقال: إن كانت أمريكا ذُلّت فلا يجب أن أخسر كلّ شيء، علىّ بالانتقام من كاجيتا أوّلاً ثمّ من مهديّ.
اعتدلت رأسه ونظر إلى فهمان يحدق بملامحه البريئة وهو يقول: أمّا هذا المسكين فلا ذنب له ولا جريرة.
وظل جاك مع حديث النفس إلى أن أفاق فهمان، فانكب عليه جاك مستعطفا إياه أن يسامحه ويغفر له.
قال فهمان في فراسة: «أو فعل كاجيتا شيئا أثناء مرضي؟»
هز جاك رأسه بكل حزن وأسف وحسرة.
قال فهمان وهو يحاول النهوض: «إذن علينا بتدارك الأمر قبل أن يقدم على فعل كارثة.»
قال جاك: «استرح، قد فعل الكارثة بالفعل، لقد أنهى على أمريكا وألبسها ثياب العار.»
قال فهمان: «ماذا فعل بالضبط؟»
نهض جاك وفتح شاشة الحجرة وهو يقول له: «رَ.»
لقد شعر فهمان بالذنب بعد أن سمع وشاهد كل شيء، وانفجر في البكاء وهو يلوم نفسه على صنع هذا الجبار العنيد ffc-2 الذي شيده من أجل أن تحيى البشرية وها هي البشرية معرضة للانقراض بسببه.
وظل يصرخ صرخات كتمها ألمه وهو يقول: «رباه ماذا قدمت يداي؟»
ثم نظر في جاك وقال: «وما الحل إذن؟»
قال جاك: «الحل أن تصنع لي تلك القنابل الملعونة لندرك ما تبقى من جسد أمريكا ونحفظ العالم من فناء محقق.»
نظر إليه فهمان نظرات دهشة ضالعة في اليأس ولم ينبس بكلمة بسبب عجزه عن إيجاد حل لتلك الكارثة.
نظر إليه جاك نظرة عتاب: «ما بك لا تتكلم؟ أريد تلك القنابل.»
لم يرد عليه فهمان، فلما همّ بإمساكه ليهزه هزا اعتراضا منه على موقفه المخزي تجاه بلده تذكر أنه مريض فكتم عاطفته بداخله وسكت.
أراد فهمان أن يخرج من المأزق فقال بذكاء: «أظن أن حياتنا في خطر.»
سكت جاك ليعطي لنفسه برهة للتفكير ثم قال: «أكيد، فكل قوى العالم تتربص بكلينا بعد انكشاف سر تلك القنابل، ولابد من أخذ احتياطاتنا، فلن تترك اليابان أحدا يمكنه صناعتها حتى تظل سيدة العالم.»
سكت برهة ثم قال مستدركا: «لكن لا أكترث لحياتي، كذلك الذي يحميني ويحميك هي أن نملك تلك القنابل، عندئذ لن يستطيع أحد أن يمسنا بسوء، أي سوء.»
ثم نظر إليه مجددا وقال: «فهمان، صدقني يا صديقي، لابد أن نصنعها.»
صرف فهمان بصره عنه ولم ينبس بكلمة.
وفجأة، دخل حارس ffc-2 العام القائم على إشراف كل حرسه وقال: «دكتور فهمان، حياتك في خطر وقد أرسل الرئيس مهدي لك فرقة من الصاعقة تتمركز الآن في أماكن إستيراتيجية.»
ثم نظر إلى جاك وقال: «وأنت دكتور فهمان، فرقة من المارينز نزلت بالوادي الجديد وهي في الطريق إليك.»
رفع سبابته وهو يشير إلى كليهما: «المهم لا يتحرك أيّ منكما حتى يأتي الحرس المكلف به، فخط سير الأحداث يقول إنكما هدفان لليابان وإسرائيل، وربما يكون قد وصل بعض المقاتلين الساموراي وبعض من فرق الاغتيال من الموساد الإسرائيلي ودخلوا جميعا متنكرين.»
نظر إليه جاك في استياء: «أنا أعرف كيف أحمي نفسي جيدا ولا حاجة لي من حماية أحد لي.»
ولم يكد يكمل جملته حتى دخل الروبوت الخاص بحماية جاك وقال لرئيس الحرس: «معذرة سيدي، لن يستطيع أحد مس سيدي جاك وأنا موجود، تفضل.»
وأشار بيده الآلية إليه وقال: «والآن اخرج.»
***


================================================== ================================================== ======================
فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج7

ومضى على رحيل رئيس الحرس نحو ساعتين، كان فهمان خلالها يتصنع النوم خشية أن يكلمه جاك في شأن القنابل، أما جاك يعلم بتصنعه ولكنه آثر الانتظار رغم أنه يعلم جيدا أن كل لحظة تمر فيها خطورة على حياتيهما فضلا عن اعتلاء اليابان لزعامة للعالم بدلا من دولته.
ولم يكترث جاك كثيرا لزعامة اليابان وإنما البث التلفزيوني ليل نهار يؤرقه كثيرا ويشعره بالعار، وهذا طبيعي؛ فأي إنسان لديه ذرة واحدة من الكرامة يشعر بالعار أيضا.
وفجأة سمعا صوت جلبة، أشبه بصوت اصطكاك السيوف، وأزيز أشبه بالصعقات الكهربائيّة، يصدر عن بُعد عشرات الأمتار من الحجرة الموجوديْن فيها -وهي من إحدى المباني فوق المصادم مباشرة والممتدة من أحد البوابات الرئيسة لتلك المباني-.
فخرج جاك مسرعا ومن خلفه فهمان، فرأيا مقاتلين من الساموراي تبارز حرس المصادم باقتدار ولا يلبث أن يسقط منهم العشرات ما بين قتيل وجريح.
فلما همّ جاك بالالتحام أعزلا أمسكه فهمان بكل قوة وقال: «اثبت يا مجنون، أنت أعزل، وهم مقاتلون مهرة.»
وخلال لحظات إمساكه يحفزه على الثبات ويردد على مسامعه: «تريد أن تقاتل الساموراي وأنت أعزل؟ العالم يحتاج إليك، من يدمر الثقب الأسود غيرك يا جاك، أفضل أن تهرب للرسالة التي كلفك الله بها.»
أما الروبوت فقد كان يكلم جاك ويقول: «أتريد أن تنهي عليهم سيدي جاك؟»
لم يرد عليه جاك ولا يسمع لاستغاثات فهمان، وظلت عيناه اللتان باتتا كلون حمرة الدم تدوران على إدارة المعركة، وبين استغاثات فهمان وإلحاح الروبوت بالالتحام ظهرت قوات الصاعقة المصرية، عرفهم جاك من خلال زيهم العسكري.
أما فهمان فقد دهش، إذ كان يجب على الرئيس مهدي أن يرسل الألوف. وعلى ذلك هاتف الرئيس مهدي ليرسل له قوات مدججة بالسلاح لخطورة الموقف -رغم علمه بأن قوانين المصادم صارمة وهو عدم دخول أسلحة نارية تحت أي ظروف لإنهاء هذا الأمر- بيد أن الهاتف مغلق، هنا نظر الروبوت إلى فهمان وقال له: «أعرف أنك تتصل لجلب أسلحة نارية، وبرمجتي تؤكد أن دخول أسلحة نارية في مباني المصادم قد تتسبب في إحداث تلف به قد لا يمكن إعادة إصلاحه، لذلك ليس في جعبتي أنا الآخر السلاح الناري، فور أن جئت هنا قام عالم الروبوت المصري بتغيير برمجتي حتى لا يمكنني من استخدام السلاح الناري.»
لم ينظر إليه فهمان وإنما واصل محاولات اتصاله.
تبادلوا التحام السيوف الشعاعية واصطدامها مع قوات الساموراي، ولم يمض سوى دقائق وظهر التفوق الواضح للساموراي رغم أن بقية الحرس تقاتل بجانب قوات الصاعقة كثيرة العدد.
وأثناء القتال لمح بعض قوات الساموراي جاك وفهمان والروبوت عن بعد، فقذف ثلاثة منهم بسيوفهم الشعاعية التي طفقت تحف كحفيف الرياح وهي تدور في الهواء، بيد أن الروبوت تصدى لها قبل أن تصل إليهم ورمى بها نحو الثلاثة الذين سرعان ما أخرجوا غيرها وتصدوا لها وأسقطوها أرضا.
ولا يزال فهمان يحاول سحب جاك والهروب لأن مجريات المعركة ليست في صالحهم بتاتا، بينما جاك يتوقد يريد أن يلتحم مع اليابانيين بيد أنه يخشى أن يخسر معركته فيترك وراءه الكارثة الكونية التي لم يعلم بها أحد غيره وبعض العلماء المقربين له من وكالة الناسا.
وبين سقوط عشرات القتلى وصراخ القتلى والمصابين، واصطكاك السيوف الذي زادت حدته ظهرت قوات المارينز، كانت كثرة كاثرة فقد كانوا نحو مائة، وانضموا فورا إلى بقية حرس المصادم والعشرات من قوات الصاعقة المصرية.
عندما رأى قوات الساموراي ذلك أحسّوا بأنهم قد يخسرون معركتهم بسبب قلة عددهم رغم أنه لم يسقط منهم غير واحد وهم أكثر من خمسين ساموريا، أخرجوا من جعبتهم بودرة وألقوها في المكان، فبدأت تحجب الرؤية عن المقاتلين إلا هم لأنهم يرتدون نظارات تلتف حول عيونهم التفافا محكما.
وأعملوا فيهم السيف وأسقطوا منهم الكثير فقتلوهم تقتيلا.
لم يعجب جاك المشهد وأحسّ بدنو نهاية المعركة وحسمها للساموراي بيد أن قوات المارينز فاجأته بأنهم استعادوا الرؤية سريعا بوساطة بعض المواد وضعوها على أعينهم.
وظل الالتحام مستمرا ساعات يتساقط القتلى من كلا الجانبين، والمقاتل الماهر ذو النفس الطويل وقوي التحمل هو الذي لا يزال يقاتل.
والمعركة حتى الآن لصالح الساموراي، فقد كانت الكلمة العليا للبودرة التي تسببت في قتل نحو ثلث قوات المارينز وغالبية أفراد قوات الصاعقة.
قرر جاك الدفع بالروبوت نحو المعركة لعل الكفة تعود إلى التأرجح من جديد.
ولم يكد يتحرك من مكانه حتى استطاع ثلاثة من مقاتلي الساموراي التسلل من المعركة من أجل الخلاص من جاك وفهمان، وهنا تصدى لهم الروبوت في منتصف الطريق، كانت حركات أفراد الساموراي الثلاثة تدون عبر شريحة الروبوت بسرعة منقطعة النظير، ومما سجلت الشريحة: أسلحة ضوئية مصنوعة من خلايا من بلازما تتدفق من مقبض السيف حتى نهايته قادرة على قطع الفولاذ، تنصهر البلازما بفعل بطاريّة صغيرة ذات طاقة عاليّة جدًا مثبتة في باطن السيف.
أما عن صفة مقاتلي الساموراي فقد وصفتهم شبكة المعلومات في شريحة الروبوت بأنهم يتميزون بخفّة الحركة وقوّة التسديد وطول النَفَس.
وبعد أن قرأت الشريحة (عقل الروبوت) صفة الأسلحة وصفة مقاتيلها أصدرت الأوامر الميكانيكية لبقية أجزائه بالتحرك في الجهات المطلوبة وفي الوقت المناسب، فتمّ تبديل ذراعيه إلى سيفين ضوئيين، وتمّ إرسال إشارة تحذيريّة أخرى بتجنب لمس أيّ جزء من جسده من السيوف الضوئيّة وخاصة الجزء الخاص بشريحة الإدخال وموضع بطاريّة الطاقة.
وقد أحدث فيهم إصابات بالغة في تلك الجبهة الجديدة من القتال، إذ إن شريحة الإدخال يمكنها تحريك كل جسد الروبوت في كل الاتجاهات وبسرعة كسرعة المروحة، فكان يقفز ويدور في الهواء ويسير فيه وكأنه سائر على الأرض، وكاد أن يظفر بهم لكن للأسف قد أدرك بقية مقاتلي الساموراي زملائهم بعد أن أنهوا تماما على قوات الصاعقة والمارينز وحرس المصادم، وسرعان ما التفوا حوله.
هنا حدث جاك نفسه: طاقة المقاتلين ستتفوق على شريحة الروبوت (وحدة البرمجة).
وهنا صرخ، وظل يصرخ محاولا إسكاتهم بيد أن اصطكاك السيوف وصليلها كان أعلى صوتا.
صرخ مناديا الروبوت وكان اسمه حارس: «لن تصمد، يا حارس، ولم يكن في وحدة برمجتك إمكانية خروج الأسلحة النارية.»
قال الروبوت وهو يقاتل: «هو كذلك سيدي جاك.»
قال جاك في نفسه: «لا مفر من المغامرة والقتال.»
هنا أمسك به فهمان مجددا وقال: «الهروب أسلم حل يا جاك.»
بيد أن شجاعة جاك تأبى الفرار، ولذلك رمى ببصره بعيدا فوجد سيفين ضوئيين ملقين على الأرض، فحاول الوصول إليهما بيد أن أحد أفراد مقاتلي الساموراي خرج من الدائرة وقطع عليه الطريق ثم همّ بضربه بالسيف في قدمه، ولكن جاك استطاع أن يتحاشى ضربة السيف بالوثوب إلى أعلى، وكانت يده مجهزة للكم وهو في الهواء، فوقع المقاتل على الأرض ونهض سريعا يحاول إدراك جاك قبل أن يمسك بالسيفين؛ لكن جاك أمسك بالسيفين وقتله ثم فقز من بعيد حتى سقط في وسط الدائرة بحيث كان ظهره ملاصقا للروبوت بينما وجهاهما تلقاء الدائرة السامورية وعيناهما تدوران عليهم.
أدرك فهمان في هذه اللحظة أن جاك سيموت رغم علمه بقوته المنقطعة النظير في القتل، وركض وتمكن من الخروج وهو يصرخ: « أدركوا جاك، ستموتون بدونه، أدركوا جاك.»
فلم يجد مجيبا، فجميع من بالخارج في هلع وخوف.
أما جاك وحارس فكانا يقاتلان بمهارة وشجاعة ليس لها نظير، كان حارس يرفع بجسد جاك لأعلى، حتى إذا وصل إلى أقصى ارتفاع قفز على اثنين من مقاتلي الساموراي فأرداهما قتيلين.
أما حارس فقد كان سيفيه الأشبه بالمروحة يقطفان في رؤوس قوات الساموراي قطفا.
هنا تراءى لقوات الساموراي أن يغيروا من الخطة، فقرروا الاصطفاف مجددا والانقضاض على الروبوت بدلا من مقاتلة الاثنين معا حتى يتسنى لهم إنهاء المعركة لصالحهم، وهم يعلمون أن ذلك سيفسح المجال لجاك بإعمال لقتل فيهم بأريحية تامة، ومع ذلك فمقاتل الساموري لا يعبأ بالموت كل ما يعنيه أن ينهي المعركة لصالحه، ومن عاداته أنه يفضل الموت عن الأسر، ولا يستسلم، وإن تركه خصمه عفوا بعد هزيمته يقتل نفسه.
توقفتْ المعركة لحظات، بعدها بدأ الالتحام من جديد، لم يكن بوسع حارس التصدي لكل هذه الضربات التي تسقط عليه من كل جانب فقرر الهروب بجاك.
لم يجد جاك مانعا من الهروب في هذه اللحظة، فركب حارس كما يركب الفارس الخيل وطار في الهواء، فضربا كل منهما سيفيه في الجدار محاولا ثقبه، وبدأت السيوف الأربعة في ثقب الجدار بالفعل وكاد أن يثقب لولا أن قوات الساموراي عاجلوا حارس فطاروا برأسه ثم غرس أحد منهم سيفه في صدره فاستشاط وتعطل محدثا أزيزا عاليا، بينما ورائحة الأسلاك المحترقة تعج بالمكان.
وقال كلمته الأخيرة قبل أن تودع شريحته تكنولوجيا الروبوتات: «وداعا صديقي جاك، اتحادهم وشدة بأسهم كانت أكبر من أي آلة مهما بلغت قوتها، فالعزيمة قوة لا تقهر.»
ولم يكد ينتهي من كلامه حتى وجد السيوف تسقط فوق رأسه، فتحاشاها ثم قفز بعيدا وقال: «ماذا تريدون؟ أتظنون أن اتحادكم وسعيكم نحو دمار العالم سيمكنكم من الظفر بي؟ أنتم واهمون، فأنا لا أقاتل وحدي، بل يقاتل العالم كله معي الآن من أجل بقائهم، أم أنكم لا تعرفون أن الموت ينتظركم أنتم أيضا بعد موتي؟»
لقد سمعوا كلماته، ولقد فتت كلماته في عضدهم وصرفتهم عن رسالتهم، فنظر بعضهم إلى بعض رغبة في سماع مراده بالضبط ولاسيما الكلمة
التي قالها: "أم أنكم لا تعرفون أن الموت ينتظركم أنتم أيضا بعد موتي؟"
وبعضهم سمع رسالة الماجستير الخاصة به.
في تلك اللحظات انقض عليهم جاك وحده، لا، الحقيقة أنه لم يكن وحده، فقد استنهض بداخله رغبته في الحفاظ على ما يناهز من تسعة مليار نسمة من ثقب أسود يتربص بهم في مقدمة سحابة أورط، نسمة فضاعفت قواه واستحضرت قواهم أيضا فظفر بهم في لمح البصر وكأنهم صعقوا بماس كهربائي شديد الجهد.
عاد فهمان رغبة في حمل جثة صديقه لأنه لن يجد ما يسعفه بيد أنه رأى جاك قد تخلص منهم.
فسأله عن ذلك دهشا فأجاب: «وهل تظن أن مطفئ حريق الجامعة ومسعف اثنين من وسط نيران بركان متفجر ينهزم يا فهمان؟»
ولقد انتهتْ المعركة وهبّ أحدهم ومعه نصل سكين، هجم على جاك فرآه فهمان فتعرّض له فانغرس النصل في كتفه، فأجهزَ عليه جاك وفصل رأسه عن جسده.
***
أما ما أرسله يعقوب إسحاق فتواءم مع ما خطط له، حيث أرسل بعض العلماء البارزين في الفيزياء النظرية وكذلك أولئك الذين كانوا يعملون في مصادم سرن بالإضافة إلى بعض أعضاء من الحركة الماسونية التي كانت تحتفل كثيرا عند مصادم سيرن بسويسرا الذي يعتبرونه بوابة العالم السفلي، والذي منه لابد من نشر التعاليم الشيطانية.
وكانت مهمتها هو نقل بوابة العالم السفلي إلى مصادم فهمان بالوادي الجديد ffc-2.
ولم ينس يعقوب إسحاق أن ما يدبره من تخطيط وهو مبني على أساس الحصول على قنابل الثقوب السوداء يحتاج إلى القوة ولذلك أرسل مع كل هؤلاء فرقة من مخابرات الموساد القتالية.
ووصل الوفد الإسرائيلي المتنكر أخيرا، وقد وصله خبر المعركة التي دارت في مباني المصادم.
قدّموا بطاقة هويّاتهم، فنظر الحارس الجديد فيها وأدخلهم على الفور، وركبوا المصاعد الكهربائيّة متّجهين نحو المناطق التي تجرى فيها التجارب، حيث يتم فيها دفع دفقات البروتونات عبر أنبوبي المصادم.
***

في الوقت الذي تسعى فيه اليابان للخلاص من فهمان وجاك استكمالا لمخططهم، وكذلك سعي اليهود للحصول على قنابل الثقوب السوداء للسيطرة على العالم من خلال فهمان وجاك، كان فريق ميتشو كاجيتا يفكر هو الآخر في صناعتها بما لديه من مهارات اكتسبها من معلمهم رغبة في السيطرة على العالم أجمع.
استقل الفريق سيارة من أرض المطار القريب من الوادي الجديد وقد وصلتهم أخبار تمكن جاك من قتال فريق الساموراي وحده من خلال أحد الخبراء اليابانيين الذي يعمل في المصادم. فقرروا العمل متنكرين حال تمنعهم من إجراء التجارب على المصادم تحت أي ذريعة.
في السيارة كانوا يتهامسون سِرًا حول السيطرة على العالم، وتبدو على ملامح وجوههم التوحّش والمكر، وظلّ النبس يدور من ألسنتهم ونظرات عيونهم وملامح وجوههم، بينما السائق يتابع أخبار قنابل الثقوب السوداء وما فعلته في أمريكا أعظم وأقوى دولة تكنولوجيّة في العالم على مدى عقود طوال، كان حزينًا بائسًا بسبب توحّش اليابان، ثمّ دعا على كلّ مَن أراد أن يحرق العالم أن يحرقه الله.
فنهروه، وكادوا يبطشون به وهو يقارعهم ويتهمهم بالجبروت، وفجأة اصطدمت السيارة على إثر هذه المشاجرة الحادة بعامود إنارة ضخم، وانفجرتْ السيارة واحترق كلُّ فريق كاجيتا، بينما أسرع السائق بالخروج من السيارة قبل الانفجار بلحظات، وهو يقول: لا بأس عليك يا سيارتي، فشركة التأمين سوف تعوضني، أما هؤلاء الصعاليك فأحرقهم الله بما في قلوبهم.

================================================== ================================================== ========================

فهمان يرى الشيطان باستخدام الفيزياء النووية ج8 «»

أخذ فهمان وولجا إلى الداخل، اتصلَ بطبيب على الفور ثمّ فتح الحاسوب وبحث عن بريد ميتشو كاجيتا، ثمّ أرسل له هذه الكلمات: «اخسأْ حيث أنت يا ابن الملعونة يا كلب اليابان، قبل أن يصل إليّ الساموراي كانت قنابل الثقوب السوداء في مواقعكم، بأمري أنا أستطيع أن أرسل اليابان إلى البُعد الذي أريده أنا، أنت أرسلت أساطيلنا الثلاثة ولم تعرف أين ذهبوا، لأن هذه قدراتك العلمية ولن تتجاوزها، لكني أستطيع وفهمان أن نرسلهم إلى جحيم الآخرة بعد أن حاسب ربنا خلائقه، وسأملي عيني تمتعا عندما أراك في الدرك الأسفل من النار، والنار تأكل جسدك.»



وتلاها مباشرة الرسالة الثانية، أرسل رسالة إلى الرئيس الأمريكي، ورئيس المخابرات، ووزير الدفاع، ورئيس ناسا: «سوف تصلكم قنابل الثقوب السوداء خلال يوم على الأكثر، لكن لأن الأمر خطير حيث قد تُقدم اليابان على عمل متهور، فأعلنوا عن خبر ثقب سحابة أورط، قولوا لهم بأن أمريكا الجريحة قد رصدت ثقبًا أسود في أوّل سحابة أورط، وأنّها فضّلت أن تزيل الهموم مِن على كواهل العالم وتضعه على كاهلها رغبة في الحفاظ على حياة الناس من الذعر الذي قد يصيبهم بالموت، وأنّ تقنياتها التكنولوجيّة قادرة على التخلص منه، وأخبروهم أن جاك الولايات المتحدة الأمريكية فتى البركان الملثم ومطفئ حريق جامعة بيركلي وحده هو القادر على القضاء على الثقب، قولوا لهم إن كل لحظة تمر فيها خطورة على كوكب الأرض، لذلك أخبروهم بأن يسخروا كامل مصاعدهم الفضائية لحِمل المزيد من الخامات اللازمة لعمل أجهزة ليزر عملاقة تتمركز على سطح القمر، ليزرات تبلغ آلاف الأميال من أجل عمل شراع شمسي.»



بعد أن انتهى من رسالته تنفس الصعداء وهو يقول: والآن أمريكا في مأمن من اليابان، لكن هذا لا يكفي، فرئيس وزراء اليابان مجنون، لذلك لابد من الحصول على القنابل. فهمان، لازم يغير رأيه.
لا لا، الآن فقط لا يستطيع الاقتراب مني أو من أمريكا فالعالم كله يعلم أنني أنا الوحيد القادر على إبقائهم على قيد الحياة.
آه يا جاك، نسيت كثيرا، نسيت أن الثقب سيجعل أعداء الأمس أصدقاء اليوم، جميعهم سيزيلون أقنعتهم من على وجوههم وسيدسونها في التراب دعاء إلى الله للنجاة من الموت.
****


فتح كاجيتا بريده الإلكترونيّ وقرأ رسالة جاك، عندئذ قال: الآن حصنت بلدك مني.
ثمّ أبلغ الإمبراطوريّة اليابانيّة على الفور، والذي بدورها قررت على الفور تهدئة الأمور بينها وبين أمريكا.
ثم قرر متابعة الرسائل فجاءه خبران، الأول وفاة كل أعضاء فريقه البحثي إثر حادث تصادم على طريق الوادي الجديد.
عندها قال دهشا وفي غضب حاد: كلاب، الموت هو عقابكم الوحيد.
والخبر الآخر هو إعلان وكالة ناسا منذ دقائق عن وجود ثقب أسود قد يلتهم المجموعة الشمسية كلها في غضون شهور.
قال كاجيتا: أخيرا انكشف السرّ الذي أخفيته عن اليابان كي أشفي غليلي بالانتقام أولا، والآن يجب على هذا العالم أن يخضع لمن صنعوه، يجب أن يخضع اللحم والعظم والروح للآلة، فالآلة أرقى منزلة منهم بعد أن توحشت البشرية.
لم يكد ينهي كلامه حتى تخشب مكانه ونظر في سقف الحجرة، وغفا غفوة سمع فيها رئيس كون الآلات يسأله: «متى تأتينا إيريكا 300؟»
وعندما أراد أن يجيبهم أفاق من غفوته، وقال: إن كنتَ يا جاك الوحيد القادر على الوصول إلى الثقب من خلال شراعك الشمسي فأنا الوحيد الذي استطاع أن يوحَى ويوحِي إليه من خلال بُعد كوني آخر.







 
رد مع اقتباس
قديم 03-04-2025, 04:09 AM   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020

***

كان جرح فهمان سطحيًا بحيث ضمد له الطبيب جراحه وزال الألم عنه على الفور.
ظل جاك يفكر كيف يقنع فهمان بصناعة قنابل الثقوب السوداء له، فلم يجد وسيلة أفضل من أن يؤكد له أن ذهابه لإبليس لا جدوى منه ما دامت حياته في خطر لأنه هو الوحيد القادر على الوصول إلى ثقب سحابة أورط.
لما أفاق فهمان -وهو في الفراش- فاتحه بذلك بالفعل، فقال فهمان: «أرسل إلى اليابان أنها بحوزتك.»
قال جاك: «إذن ستصنعها لي.»
قال فهمان بعد أن وارى وجهه ناحية الشمال وقال: «لا أستطيع أن أشارك في دمار العالم.»
تلبدت ملامح جاك، بينما عاد فهمان بوجهه إليه وقال كالمستدرك: «أخبرهم بأمر ثقب سحابة أورط وأنك الوحيد القادر على خلاص البشرية كلها من موت محقق.»
لقد أفحمه فهمان لذلك قرر أن ينتقل لتحفيز آخر يستحثه من خلاله على القبول بصنع القنابل، لذلك قال: «ما قلته لا يكفي، إن أمريكا معرضة للفناء في أي لحظة، أكثر من مليون جنديّ راحوا بسببك، ثم لا تنس يا دكتور فهمان أنها هي التي ربتك وعلمتك وأوصلتك لهذا العلم، حتى هذا المصادم لولا أمريكا ما كان ولن يكون، ألم يحن الوقت لتردّ لها الجميل؟»
لقد وطأ جاك على جرح انفتح في قلب فهمان وقد لا يندمل بسهولة، ولذلك تشنج جسده، وارتعش وجهه كارتعاش ورق الشجر في يوم عاصف،
وهو يصيح بكلمات لا تكاد تخرج من فيه: «لا، لا أستطيع.»
نظر إليه جاك نظرات ازدراء ولم يعبأ بوجيعته ثم انصرف وقال: «أنا أستطيع، سأصنعها بنفسي يا فهمان.»
فناداه بصوت متقطع كصوت الطفل الباكي: «لا تخشَ صديقي، خبر الثقب سيثني العالم عن مجرد التفكير في الحرب أو الثأر أو حتى السعي وراء الطعام والشراب، كلّ ما يشغلهم الآن التأكد من وجوده، فإن تأكدوا سيتّحدون للخلاص منه.»

***
مضى جاك وهو يقول لنفسه: لا بأس يجب أن أحاول رغم أن الفيزياء النظرية لم تكن تخصصي.
ونزل إلى المصادم ودعا بعض خبراء الفيزياء النووية للانضمام إليه، وأعلمهم أنه يريد صنْع قنابل الثقوب السوداء من أجل الحفاظ على وجود أمريكا كجنس بشري.
وشرعوا في التجارب بالفعل، ومضت أيام كان جاك لا ينام إلا غفوات، بينما ينسق الخبراء مواعيد العمل معه من أجل أن يرتاح البعض الآخر ولو ثلاث ساعات.
وأخيرا تمكن جاك من صنعها، وهي نفس الطرق التي اتبعها كاجيتا بالضبط إلا خطوة واحدة تبقى لجاك ولم يعلم بها.
قال جاك بعد تمكنه من صنعها وهو ينظر إليها وهي بحجم بيض البرغوت: «والآن معي خمس قنابل، علي بتجربتها لأتأكد أنها تعمل على أكمل وجه.»
فخرج بها مع الخبراء إلى صحراء الوادي الجديد، وحمل معه جهاز الليزر المعجزة الذي لديه القدرة على تخليق الطاقة المناسبة لفتح الثقب الدودي.
فلما نصب الجهاز ومرْكز إحدى قنابل الثقوب السوداء وهمّ بضربها ارتعش وسقط مغشيا عليه.
التفوا حوله مسرعين، وحاولوا بشتى الطرق إفاقته بيد أن الصدمة كانت قاسية عليه فغيبته تماما.
حتى قال أحد الخبراء: «أخشى أن يكون أصيب بشيء.»
قال آخر:«انظروا جيدا لعل لدغه عقرب.»
فأجيب عليه: «إنه مصدوم من شيء ما.»
بعد مرور فترة استطاعوا إفاقته، وفور أن أفاق أسرع نحو السيارة ولم يكلم أحدا منهم وداس بنزين حتى وصل إلى المصادم.
دخل على فهمان في حجرته فلم يجده.
خرج مسرعا وهبط إلى النفق بأحد المصاعد، فوجده يجري بعض التجارب على المصادم كي لا يضيع أي وقت من أجل الحفاظ على أمن العالم، ولم يلحظ الإعياء الشديد عليه، فأمسكه من مجامع ثوبه ودفعه، فوقع على الأرض، قال جاك هو في قمة الغضب: «أخبرني كيف تعمل هذه القنابل وإلا قتلتك.»
كان فهمان مطروحا على الأرض آنذاك، فنظر في الأرض ولم يرد عليه.
انكب عليه جاك بعد أن خارت قواه النفسية، وقال له في رجاء: «أخبرني كيف.»
قال فهمان: «إن كنتَ بحاجة إليها من قبل فالآن لست بحاجة إليها، فلن يستطيع أحد قتلك بعد أن علم العالم كله بأمر ثقب سحابة أورط، وأنك الوحيد القادر على الوصول بهم إلى بر الأمان.»
قال جاك معنفا إياه: «فهمان، أخبرني كيف أضربها بالليزر وتصيب الهدف، لن أستطيع أن آمن على بلدي وفيها أولئك الأوغاد (يقصد اليابان).»
قال فهمان: «وأنا لن أستطيع أن آمن على العالم وتلك القنابل بين يدي مجموعة من الدول، وأنت تعرف أنها أخطر من الأسلحة النووية لأنها تصيب العدو ولم يعرف من أصابه.»
لم يمل جاك من طلبه حيث قال: «أعدك بأني لن أصنع منها سوى خمسة، ولن أعطي الإدارة الأمريكية سوى واحدة، فما رأيك؟»
- «وعد؟»
- «وعد.»
قال متبسما: «ماذا فعلت في الصحراء يا جاك؟»
- «فهمان، لقد وعدتك.»
- «سأخبرك بالحلقة المفقودة رغم أني لم أمارس التجارب، أنت طبعا لم تستطع أن تضربها بالليزر لأنها سوف تبلع المنطقة التي حولك فحسب، وأنت منهم، وضربات الليزر لابد أن تكون قريبة من القنابل.»
- «نعم، نعم.»
-«أين القنابل التي صنعتها؟»
بسط يده وأعطاها لها قائلا: «ها هي.»
-«ارمها، لا منفعة منها.»
فدهش جاك وقال: «اعتبرني رميتها.»
قال فهمان: «صديقي كلّ خطوات تجاربك سليمة إلّا أنّك تحتاج إلى خطوة تأليف قلوب ذرات الرابيديوم بحيث تكون في تناغم تام تام، حتى إذا اهتزّ إحداها اهتزتْ كلُّ العائلة معها.»
فردّ جاك: «فهمتك صديقي، تقصد عمل القنابل بالاحتفاظ بنصف ذرات الرابيديوم والتي تتصل بأخواتها الموجودة في القنابل وترتبط معها بحبل غير مرئيّ أشبه بالحبل السري، إنّها نظريّة شرودنجر اسمها التواصل الكموميّ، فإذا ما تمّ تسليط الليزر على النصف الذي معي تمّ نقل الفعل مباشرة إلى النصف الموجود في القنابل، شكرًا صديقي .»

***

فور أن علم جاك من فهمان الخطوة المفقودة قام وفريقه بعمل خمسة قنابل، أرسل منها ثلاثة طمرت في أماكن هامة من أرض اليابان، أمّا ذرات الرابيديوم المتصلة بذرات القنابل فقد أرسلها إلى ناسا وأعلمهم بطريقة تفعيل القنابل، كما أرسل إليهم القنبلتين الأخريين واحتفظ َ هو بذرات رابيديومهما لشيء في نفسه، تلك التي ترتبط ارتباطًا موجيًا مع الذرات الموجودة في الثقوب السوداء.

***

بمجرد دفن الثلاث قنابل أعلنت أمريكا حيازتها للقنابل وأنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة قامتْ بزرعها في جميع أنحاء اليابان، وأيّ عدوان يابانيّ عليها سيكون نتيجته فناء الجنس اليابانيّ كلّه من على وجه الأرض .
وقد قالوا فيما قالوا إنّ إعلاننا الأوّل قبل ستة عشر ساعة تقريبًا غير صحيح لأنّ القنابل لم تصل إلى المواقع اليابانيّة بالفعل، أمّا الإعلان الثاني فهو الصحيح، فقد وصلت القنابل إليها.
وقد ردت اليابان على إعلان أمريكا بغطرسة حيث أعلنت إنه لا يزال لديها الكثير، وإن قنابلها مدفونة في جميع ولايات أمريكا
وبذلك هدأ تمامًا الصراع اليابانيّ الأمريكيّ.
وما عادت تهتم أمريكا ولا اليابان ولا العالم بالنزاعات وتصفية الحسابات إلّا اليهود وبعض التيارات الإسلاميّة المتطرّفة، كلّ ما يعنيه أن ينجو من الموت منذ إعلان وكالة ناسا خبر الثقب الأسود، وبدأ العالم يتوحّد ضده على اختلاف دياناتهم وألوانهم ومذاهبهم.


***
ومذ أعلنت ناسا خبر الثقب توجّهتْ كلّ مراصد العالم نحوه وما عادوا يهتمون بأمر الحرب، لا المشتركين فيها ولا المتابعين لها، لا المنتصررين ولا المنهزمين، واتّجهتْ كلّ اهتمامات العالم نحو عزرائيل الذي يقف الآن على مقربة من الثقب تأهّبًا لخطف الأرواح.
ولقد عرف الأسيويون أخيرًا لِم كانت ناسا تصنع شراعًا ضوئيًا، ولِمَ ترسل روبوتات وخبراء بكثرة إلى القمر، ولِمَ ترسل ملايين المرايا الخاصة بعمل الليزر، والروس بصفة عامة عباقرة في الرحلات الفضائيّة ولذلك قالتْ وكالتهم الفضائيّة إنّ الأمريكان يريدون دفع الشراع الضوئيّ بمحطات ليزر من على القمر، وقالوا بأنه لابدّ أن يكون لهم دور في هذه الرحلة حتى لا تستأثر أمريكا بهذا المجد وحدها.

***

بعد أن انتهى جاك من المهمة الرئيسة اجتمع بفهمان لاستكمال تجارب العبور إلى الشيطان.
لم يشعر جاك بالخزي في قرارة نفسه إذ راوغ فهمان وأعطاه عهدا لم يوفّ به، لأنه يرى أن فهمان لم يقدر الأمور حق قدرها، فهو لا يعلم شيئا سوى العلم والخلق الرفيع الذي يتربع في زمرة قلبه، بعيدا عن دهاليز السياسة وحياة الأمم وتاريخها المليء بالحروب والغدر والخيانة.


بداية اقترحَ جاك على فهمان بتوليد هذه الثقوب الدائريّة التي تلتف على هيئة دائرة حول فقاعة الرابيديوم وإلقاء طعام لها غير الذي يحوطها من الطاقة السلبيّة التي لا تؤكل.
قال فهمان عندئذٍ: «هكذا الحياة يا جاك، لا تجد خيرا في كل ما هو سلبي.»
قال جاك: «صدقت يا فهمان.»
ثم قال مستدركا: «الشيطان من الطاقة، وهو يحب الطاقة لا المادة، لأنه لا يستطيع أن يحوّل المادة إلى طاقة، لنرصده من خلال إمداد يدنا له بالطاقة، لتكن هي القرابين، قرابين الثقوب السوداء.»
قال فهمان: «لا بأس، كل شيء نريده من الحياة يحتاج إلى قربان نتزلف به من مالكه، سترصده المراصد عندما يمد يده إلى الطاقة، علينا بتقديم قربان آخر، أريد إهداء النور أيضا.»
قال جاك: «تأمل في أن ترى الملائكة يا فهمان من خلف الثقوب، سبحان الله! كل عالم له خصائصه، فقد يكون الشيء البالغ الثمن لدينا ليس له قيمة في عوالم أخرى.»
قال فهمان: «لنبدأ.»


وضعت البروتونات، ووقف فهمان داخل الفقاعة بالتلسكوب ليرى أيّ قربان يُقبل وأيّهما يُرفض، وسُلطتْ الكواشف على مواضع تموضع الثقوب السوداء، وتمّ حساب طاقة البروتونات المستخدمة في التجربة.
وُضِع الطعام من المادة كما وُضِع طعام من الطاقة أمام الثقوب واستعد الحاسوب للعمل.
بعد ثلث ساعة من دوران البروتونات في الأنبوبين وصلتْ إلى سرعة الضوء تقريبًا وحدث الارتطام وتشكّلتْ الثقوب السوداء في هالة دائريّة حول فقاعة فهمان الرابيديوميّة، وظلّتْ تدور حول نفسها وفهمان يرصد بالتلسكوب في وجل وشغف وجاك يدفع بحزم الليزر الخارقة حول الفقاعة وفي مركز الثقوب -بكل قوة وحذر- كي يتحكم في سبيانتها ليتحاشى بلعه أو سحقه من أحد الثقوب.
بدأت الثقوب تقوم بعملها الأساسيّ وهو أكل المواد التي حولها، كل الثقوب التهمت الطعام الذي حولها فيما عدا واحدا أنِفَ من الطين (المادة) واحتقره وأقبل على الطاقة والتهمها في لذاذة مبتسم الثغر، وبذلك تُقبل قربان فهمان ولم يُتقبل لأي أحد آخر غيره، فعلمه وخلقه مكناه من المكر بأخبث الخلائق ليجهز عليه وتحيا البشرية في سلام بحسب معتقده.
أما النور فظل كما هو، فتعجب جاك وسأله عن ذلك.
قال فهمان: «أرادت الملائكة الحضور لكن الشيطان كان أسبق منها، وهي لا تجتمع مع الشيطان في مكان واحد أبدا.»
رصد فهمانُ الشيطان وهو يتقبل القربان، فعلم أنّ خلف هذا الثقب يسكن الجنّ ويعيش على أرضه حيث إنّ هذا ثقبهم الممتدّ من بُعدهم إلى بُعدنا، ثقب مصنوع فقط من الطاقة ولا تدخله المادة كما أنّ الجنّ ليست مواد بل مخلوقة من نار والنار طاقة، النار لا تتحوّل إلى مادة لأنّ هذا مستحيل.
يتحوّل الفوتون، يتحوّل الجرافيتون، لكن النار لا تتحوّل إلى مادة.
وتقبّل الله قُربانَهما لأنهما صالحان، تقبّله من المسلم والمسيحيّ عندما صدقت القلوب.
خرج فهمان من الفقاعة، قال: «عرفنا الآن بعده، علينا بإجراء آخر خطوة للعبور.»
قال جاك: «ليس النجاح في العبور فحسب، بل أثبتنا صحة نظرية الأوتار الفائقة التي لطالما حيرت العلماء على مدار قرون طوال.»
قال فهمان:«ما وصلنا إليه هو الوتر الناري المهتز، أحد الأوتار الفائقة، وقد طرقنا بوابة الجن، وأكيد رصدونا.»
قال جاك: «المهم أن تتمكن من العبور بأمان، فأنا متأكد أن ملوك الجان رصدونا وهم بانتظار اختراقك، أسأل الله نجاتك يا فهمان.»







 
رد مع اقتباس
قديم 15-04-2025, 03:18 AM   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
ابراهيم امين مؤمن
أقلامي
 
إحصائية العضو







ابراهيم امين مؤمن غير متصل


افتراضي رد: رواية قنابل الثقوب السوداء - أبواق إسرافيل "الرواية المشاركة في كتارا 2019-2020


***
قال تعالى : {وَما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلاّ أمم أمثالكم} صدق الله العظيم

القصة

لقد لحظ مخابرات الجانّ للملوك السبعة محاولة تسلُل أحد البشريين إلي عالمهم من البوابة الرئيسة التي يدخل ويخرج منها بنو جنسهم إلى البشر، فهرعوا جميعا لإخبار ملوكهم.
وكانت مخابرات إبليس الأسرع على الإطلاق في نقل الخبر المدوي الذي لم يحدث منذ موت سليمان ابن داوود -عليهما السلام-.
دخل رئيس المخابرات على إبليس، قال في دهشة: «سيدي الإله، ثمة خبر عجيب.»
رفع إبليس رأسه وقال بصوت خفيض: «ما هو؟»
أجابه: «يحاول أحد بني البشر الحقراء الدخول إلينا.»
هبّ إبليس -من فوق عرشه الذي يطفو على الماء- فزعا: «ماذا تقول؟ هل أرسل الله سليمان آخر إلينا؟»
قال رئيس المخابرات: «لا أدري، لكن في كل الأحوال علينا بتوخي الحذر.»
- «كيف عرفت ذلك؟»
- «يحاول فتح الانطواء المعكوف ليلج بوابتنا من خلال ثقبٍ ناريّ، وقد ألقى طعاما لبعض من بني جنسنا فأكلوه، لكنه لم يفلح في العبور حتى الآن.»
سكت إبليس لحظات يتدبر فيها الأمر، ولما تفحصه جيدا وأمعن التفكير فيه تبين له أن هذا البشري لن يكون نبيا على كل حال، وإنما هو عالم من علماء بني آدم له حظوة من العلم لم يصل إليها أحد من قبل، أو قد يكون له حظوة علم الخضر في زمان موسى.
وقال وهو يهمس بصوت يكاد لا يخرج من فيه: «النبي يعبر بكلمة من الله ولا نبي بعد محمد، أما هذا الآدمي يعبر من خلال علمه، يريد أن يعبر خط التماس المنطوي المعكوف الذي يفصل بيننا وبينه من خلال علمه.»
رفع سبابته في حالة غضب وقال: «من هو هذا الطيني يارئيس مخابراتنا؟»
أجابه متمتما: «لم أسأل رئيس الحرس، وإنما جئت أخبرك كي تدبر أمرك، فلعل الله أحيا سليمان ليقبض عليك ويسلسلك، أو أنه أرسل نبيا جديدا ليجعل الجن تحت سخرته.»
قال إبليس في حالة غضب وزمجرة: «أيها الأبله، لا نبي بعد محمد بن عبد الله، على الأرجح إنه عالم من علمائهم لا نظير له، أريد أن أعرف من هو، ومن قرينه من الجن؟»
أرسل رئيس المخابرات إلى رئيس الحرس فأتاه في الحال، كلمه بضع ثوان ثم صرفه.
قال رئيس المخابرات: «أخبرني رئيس الحرس أنهم تمكنوا من التواصل مع قرينه، اسمه هادر.»
قال إبليس: «ماذا قال لهم هادر؟»
قال رئيس المخابرات: «أخبرهم هادر بأن قرينه البشري يدعى فهمان فطين المصري، وقد تمكن من ابتكار مختبر رهيب تحت الأرض يبلغ طوله قرابة 100 كيلومتر وقد أسماه مصادم الهادرنات المستقبلي الثاني ffc-2، ومن خلاله تمكن من طرق البوابة، وأنه لا نظير له في العلم.»
فكر إبليس قليلا وقال: «وليكن، لا يمكن أن يخترقنا وحده، ربما أحد الجان يساعده على الاختراق، أريد أن أعرف من هو هذا المرتد المارق العاق الذي ساعد البشريين علينا.»
قال رئيس المخابرات: «هو كذلك بالفعل أيها الإله، يساعده آدمي آخر يدعى جاك، بلغ من علم الفلك ما لم يبلغه غيره.»
قال إبليس: «كيف عرفت؟»
أجابه: «أخبر أحد الجان الذي يحاول إغواء هذا الجاك رئيسَ حرس البوابة بأنه شاب مسيحي، قويّ لا يخاف أحدًا ولا يهاب أحدًا، يكافئ فهمان في العلم، يحمل همّ إنقاذ العالم من الثقب الأسود الذي نصبه كون الآلات لاتخاذه معبرا لحكم كوكب الأرض.»
قال إبليس: «سيتمكن من العبور ما دام اتحد المسيحي مع المسلم للنيل منا.»
وأخذ يفكر إبليس تفكيرا عميقا ورئيس المخابرات يرقبه ويحدث نفسه: تُرى في ماذا يفكر هذا المجنون؟
قال إبليس: هل وصل الخبر إلى محرز ملك الجان الأحمر؟»
قال رئيس المخابرات: «أكيد أيها الإله.»
قال إبليس: «اسمع يارئيس مخابراتنا، خذ فرقة من جنودنا الخلّص، ومن بينهم ابني سارخ، يتسللون عند مكان البوابة حتى لا تراهم مخابرات الجان الآخرين، فإذا عبر فاقبضوا عليه وأتوني به على الفور، ولا يمسه أحد منكم بسوء.»
سكت برهة ثم قال: «وليكن سارخ على رأس هذه الفرقة.»

***

وقد دار حوار بين ملك الجان الأحمر الملك محرز -الذي يدعى الملك الصالح وهو عدو إبليس اللدود- ورئيس مخابراته أشبه بحوار إبليس مع رئيس مخابراته.
وقد أصدر الملك محرز أمرا إلى قادة جيوشه بأن ينتظروا فهمان عند البوابة المعكوفة، ويظفروا بإحضاره قبل أن يظفر به إبليس.
وعلل الملك محرز ذلك بأن فهمان قد بلغ من العلم قدرا قد يحتاجه في حروبه الدائرة بينه وبين إبليس.
وبعد أن أصدر أمره رجع إلى نفسه وقال: الأمر شورى فلم إذن أصدر أمرا دون أن أشاور بطانتي الصالحة.
لذلك التفت إلى شمهروش قاضي القضاة وقال: «أتظنني جانبت الثواب؟»
أجابه: «أصبت ولا ريب أيها الملك العادل، وليوفقك الله في سعيك.»
قال محرز وهو يهز رأسه بصوت غير مسموع: هذا رأي الدين، فما رأي العلم إذن؟
لذلك التفت إلى وزير العلوم والتكنولوجيا وقال: «وما رأيك أنت؟»
فردّ عليه الوزير: «سيدي الملك المعظم، بعد الاطّلاع على ملف الآدميّ فهمان أرى أنّه إذا انضمتْ علومنا إلى علومه فقد نبتكر أسلحة جديدة تكون لها الكلمة العليا في حروبنا الدائرة ضد إبليس الملعون.»
قال محرز: «إذن قُضي الأمر، اذهبوا بالجيش هناك، ولتكن معركة من أجل إحضار ابن الرجل الصالح فطين المصري.»

***

ذهب رئيس ناسا إلى المرصد ليتابع تطورات الثقب.
فور أن وصل أرسل في طلب بعض الطعام، ثم جلس يفكر لحظات في شأن القنابل.
قال: لقد هدأ الصراع بين أمريكا واليابان، لكني لن أترك اليابان دون عقاب.
وأحمد الرب أيضا أن الصراع بيننا وبين الكتلة الشرقية انتهى، وأتمنى أن يتحقق حلمي وحلم جاك في إنهاء الصراع على حكم العالم بعد أن لطمهم هذا الرابض في السماء لطمة إفاقة أعلمتهم حجم قدراتهم رغم ترسانات النووي الضخم التي يمتلكونها.
ووصل الطعام، ومد يده ليلتهم أول ساندويتش وهو يقول: والآن لننظر في الثقب.
ومضغ أول لقمة دخلت فمه، وبينما هي في طريقها إلى البلعوم وقفت، ثم لفظها في فزع بالغ وقال: رباه ماذا أرى؟!
وأخذ يسعل سعلا شديدا، فمد يده إلى كوب الماء بيد مرتعشة وهو لا يزال ينظر إلى الثقب، فضربت الكوب فانسكب على الماء فلم يكترث لذلك، حيث إن الفزع أنساه من هو.
قال: أهذا ثقب سحابة أورط أم لا؟ يا للمسيح.
أرسل يستدعي صور الأقمار الصناعيّة الموجّهة عليه لرصده وكذلك المراصد الموجودة على المركبات الفضائيّة.
ثم هاتف بك ليحضر بسرعة.
وجاء بك بصور الأقمار الصناعية.
قال بك: «إنه هو ثقب سحابة أورط.»
قال رئيس ناسا: «لكن حجم الثقب كان أصغر بكثير من قبل.»
نظر بك إلى الصور وقال له: «انظر ماذا رصد القمر الصناعي، إلتهم الثقب جرما كبيرا، جذبه الثقب عندما وقع في أفق حدثه.»
سكت بك لحظة يزفر زفرات ضيق، ثم قال: «وهذا التضخم قد يحدث تغيرا في نسق المجموعة الشمسية.»
قال رئيس ناسا: «حلل بقية صور الأقمار الصناعية.»
نظر بك في أكثر من صورة، قال: «هو بالفعل أحدث خللا في نسق المجموعة الشمسية، كوكب، كوكب بلوتو بدأ يتأثر بجاذبية الثقب نتيجة لتوسع أفق حدثه فقلت سرعته بمقدار واحد من ألف، وبالتالي قل عدد دورانه، ولم يسلم أيضا من جاذبيته كوكب نبتون، ولو تضخم فقد يمزق كلا الكوكبين.»
نكس بك رأسه في الأرض، أما رئيس ناسا فزفر غاضبا وهو يقول: «وأين ابن الكلب الآن؟ تركنا وراح يتنطع مع هذا الفهمان.»
ورفع سماعته وهاتف جاك وطلب منه العودة بالأمر بعد أن أخبره بأمر الثقب.
بعدها قال: «يا بك، لتسلط كل تلسكوباتنا ومراصدنا نحو الثقب والكواكب الشمسية، أريد تقريرا كل ساعة عن التطورات التي أحدثها ذاك الملعون الرابض في السحابة.»

***

حزن جاك حزنا شديدا بعد سماع خبر تضخم الثقب الأسود، وكتم حزنه بداخله وآلى على نفسه أن يتحمل ذلك دون مشاركة فهمان في مشاعره الحزينة حتى لا يؤثر على حالته النفسية فلا يتمكن من العبور.

***
اِستأنفا التجارب بعد مكالمة رئيس ناسا مباشرة، وكرّرا التجربة هي هي لتحديد موضع ثقب البعد الشيطانيّ، وتمّ حساب الطاقة اللازمة لتوليده من خلال خوارزميّات معقّدة جدًا وتبيّن أنّه يحتاج إلى طاقة 411 تيرا إلكترون فولت بالضبط.
تمّ إنجاز التجربة على هذه الطاقة لتوليد ثقب الشيطان.
قام جاك بتوسعته بضرب ذرات الرابيديوم المبرّدة المتمركزة في وسطه بوساطة حزم الليزر، وتقدّم فهمان واجتاز حتى عبر، وقبل العبور مباشرة قال له جاك: «هذه هي رسالة الربّ يا فهمان، هذا هو تفسير الحلم الذي كنتَ تراه في حياتك، هذا هو سمّ الخياط، هذه هي حضارة النار، وسوف تنجّيك لفافة النّور من جآنٍ صالح ، سوف تحيا بعد عشر سنين ،، سوف تموت عشر سنين، سوف تحيا بعد عشر، تموت وتحيا، تموت وتحيا.»
رفع جاك يده اليمنى، ظهرها في مواجهة وجهه، يحرّكها يمنة ويسرة ببطء شديد كأنّه لا يقوى على تحريكها ويقول والدمع ينهمر من عينيه: وداعًا إلى الأبد يا أغلى الناس، وداعًا إلى حين نلتقي في جنّة الربّ يا أطيب الناس، وداعًا يا فهمان.
وشعر جاك بأنّ نصف جسده قد انسلخ عن النصف الآخر وأنّه واقف على قدم واحدة، انكبّ على وجهه بعد أن وهنت قدماه، ثم انتفض عندما تذكر كارثة الثقب، فخرج في التو متوجها إلى ناسا.

***
خرج فهمان من الفتحة المقابلة للثقب الدوديّ، وفور أن فتح عينيه أغلقهما على الفور من قبح ما رأى، حتى أصابه دوار وتقيأ، ثم ما لبث أن فتح عينه فوجد نفسه بين كفي رحى عفريت من عفاريت إبليس.
يرى أمامه آلاف من هذه المناظر القبيحة، بينما يرى أيضا تموجات كتموجات الجاذبية، فأدرك عندها أن هذه مجموعة من الجان في تتحرك بسرعة تقارب سرعة الضوء، ولا يكاد يرى لعفريت إلا لحظة سكونه أو يتحرك حركة بطيئة.
وسمع أصوات مختلطة، ما بين اصطكاك السيوف وصوت الذبذبات وتصفير الرياح.
ورغم أنه يعلم أنه قطع ملايين الكيلومترات وهو في كف العفريت إلا أنه لم يشعر بأنه يتحرك، فعلم أن سرعة العفريت فائقة قد تصل إلى سرعة الضوء، وهذا بمنزلة مؤشر له أن مساحة أرض الجان قد تبلغ مساحة المجموعة الشمسية بمئات المرات، وربما آلاف المرات.


الحرب...
أخذه العفريت وطار به في الهواء قاصدًا إبليس، بينما الوالي برقان (أحد ولاة الملك محرز على بعض المناطق) يحاول أن يدركه قبل الفرار، وبالفعل أدركه وبتر يده الممسكة بفهمان ثم التقفه وطار به هو الآخر قاصدا الملك محرز.
ولم يكن الصراع حول الظفر بفهمان فحسب بل تقاتل الجيشان وسقط منهم الكثير، ما بين قتيل وجريح، لكن غرض القتال هو أيضا الظفر بفهمان.
وظل الوالي برقان يطير بفهمان في جزء من الفيمتوثانية، عندها ظن أنه ظفر بفهما بسبب طول المدة التي لم يدركه فيها أحد فنادى على الوالي ميمون أبانوخ بأن ينادي في الجيش بالرجوع. وفجأة
نادى برقان على الملك ميمون أبانوخ بعد أن حاز فهمانَ أنِ ارجعْ بالجيش كي نذهب إلى حصوننا عند الملك محرز .
رمق ساروخ ابن إبليس الملكَ برقانَ وهو يرحل من المعركة بفهمان ، فترك موقع قتاله وطار خلفه ليدركه ، فتقاتلا ، وكان برقان يقاتله بيدٍ واحدة لأنّ الأخرى ممسكٌ بها فهمان ، طالت المبارزة طويلاً .
سارع الجمعان نحو الملكيْن برقان وساروخ ، أي نحو الهدف ، فدعّم أحدهما برقان والآخر ساروخ من أجل الظفر بفهمان .
استطاع أحد العفاريت العمالقة العتاة خطف الهدف من يد برقان المنشغل بقتال ساروخ وطار به قاصدًا إبليس ، وإبليس يصفق مشجّعًا عفريته ، طار خلفه ميمون أبانوخ وناوره مناورة كبيرة ، فلمّا وجد العفريت العملاق أنّه لن يستطيع مجاراة أبانوخ بيدٍ واحدة ألقاه إلى أخيه العملاق الآخر ، وظلا يتقاتلان ولم يتغلبْ أيّ منهما على الآخر .
سعى خلف العفريت العملاق الآخر كهيال وتبعه هلال وهياكل وأتباعهم فتغلب عليهم جميعًا وقتلهم ، فترحّم عليهم محرز متوجعًا ، بينما نجد إبليس يحتفل بأداء طقوس رقصته الرائعة .
ترك أبانوخ مبارزة العفريت العملاق سعيًا خلف الفتى بعد أن استطاع أخيه قتْل بعض جنوده الكِفَاء ، ظلّ يطير خلفه وتبعه بالطبع العفريت العملاق .
أدركه أبانوخ وقتله ، وطار بفهمان ، نظر أخوه العفريت إلى أخيه المقتول فصرخ تفجّعًا عليه ، ثمّ هبّ وقلبه مملوء بغلّ الثأر وسعى خلف أبانوخ لكنّه لم يدركه ، نظر إبليس إلى المشهد وأيقن أنّه خسر المعركة فهبّ منتفضًا وطار قاصدًا ميدانها .
وكاد الجيشان بفضّ الاشتباك لظفر أبانوخ به حتى ظهر في الأفق إبليس ، جاء مسرعًا يحمل سيفًا بتّارًا وهجم على أبانوخ وكاد أن يقتله لولا أن تداركه على الفور بعض ملوك جنّ الأرياح وزميله برقان واجتمعوا على إبليس فأسقط الكثير منهم على الأرض صرعى واستطاع أن يخطف فهمان من يد أبانوخ .
لم يتمالك محرز نفسه ، وآثر المغامرة بحياته قبل أن يقتل إبليسُ خيرة رجاله ، وطار يقاتل مع الجمْع ومن خلفه العجوز شمهورش ، قطع محرز يد إبليس اليسرى وأخذ الفتى وتمْت التغطيه عليه من أمامه حتى لا يدركه إبليس أو أتباعه ، وبفضل هذه التغطيّة الكبرى والذي ضاع فيه رقاب كثير من أتباع محرز الملك الأحمر استطاع الفكاك بفهمان والذهاب به إلى معاقلهم .
انفضّ الاشتباك فلا جدوى من القتال لإنّ الهدف ولّى ، ومضى كلاهما إلى معاقله غير العفريت العملاق الذي مات أخوه ، ظلّ يندب ويحثو على وجهه النار متحسرًا على أخيه الهالك ويتوعّد أبانوخ ويقول لن أترك ثأر أخي يا أبانوخ ، سأقتلك .
غرفة التخليق الجنيّة..
أجلسه الملك محرز ودار بينهما حوار طويل يخصّ مسالة الإيمان والكفر والإنس والجان ودوري الجنّ والنفس في إغواء البشر .
وكان النقاش محتدمًا حول قدرات الجنّ الخارقة إزاء قدرة البشر المتواضعة إلَا أنّ فهمان حاول أن يقنعه أنّ العلم أقوى من القوى الجسدية .
لكن الملك محرز كان أكثر منه حكمة وإدراكًا ، وعليه قرّر دخوله في سُبات عشر سنوات بالغرفة الثلجيّة الخاصة بهم لحين إعادة تشكيل خلقه ليكون نصفه الأيسر الرأسيّ جان والنصف الآخر إنسان .
وعلى ذلك يكون باستطاعة فهمان الانضمام إلى جيوش الملك محرز لنصرته ضد إبليس وأعوانه .
فقال له فهمان ..ماذا قلت ؟ سبات عشر سنوات !
ردّ محرز ..ما العجب في ذلك ؟
ردّ فهمان ..تكنولوجياتنا لم تصل إلى ذلك مطلقًا.
ردّ محرز ..يا فتى هذا أحدث ما وصلتْ إليه علومُ الجان منذ بدْء الخليقة .







 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط