يراودني الغثيان مرة أخرى. يتنقل نظري بين الأشياء المُسقطة على طاولتي فيلتمس الفراغ و يعانق السأم من الحياة. لم أعتقد أن أصابعي اليوم ستقبِّل أزرار الحاسوب لترقن هاته الكلمات و لعل ذلك سبب هاته الرجفة التي تتملكني في هاته اللحظة. تواجهنى الصفحة البيضاء مشمئزة : قد طال غيابي و بان خوفي منها. أشتكي من الحمّى. قد بلغت درجة حرارة جسدي ثلاثا و سبعين درجة و اختنقنِ هواء النافذة. ينسدل الستار من السماء. أكاد لا أدري إن لم يكن ذلك إلا غشاوة فوق عيني. و لكن الظلم أخّاذ و باهر، يحيط بي من كل جانب. حتّى استسلمت له علّه يريحني من ألم لم أعد أعرف من أين آت.
بينما تموت الفصول الواحدة تلو الأخرى، أجد نفسي قد تغيرت. بات وجهي شاحبا و اشتدّت ملامحي. بات قلبي أكثر رحمة بغيري و سعي في الحياة أشد عزما. إلا ان احلامي لم تمت. مثل رحلة أوراق الشجر بين السماء و الأرض، مازالت تطفو في الأفق. يعذبني الأمل. في نهاية الأمر، تغرب الشمس وراء البحر و كذلك ستنتهي أحلامي. ما أستطيع فعله هو أن أستيقظ مع فجر اليوم الجديد و أشتق في ضباب الصباح طريقا قصد رؤية شمس يوم جديد...علّ أحلامي تولد من بعيد.
زالت الحمّى من دون دواء. كذلك في العيش حياة لمن يستقي نهر الرُشد. سأقاوم. لن أستسلم أمام ظلمة نفسي. إن غنّيت للحياة، هل ستنقشع السحب؟